في ندوة حوارية عقدت بمركز دار السلام:
العراقيون في العاصمة واشنطن يناقشون مسودة الدستور
عقد العراقيون في العاصمة الاميركية واشنطن، يوم أمس{الأول من أيلول} ندوة حوارية في مركز دار السلام، ناقشوا فيها مسودة الدستور العراقي.
{في البداية، استذكر الحضور ضحايا الفاجعة الإنسانية المروعة التي حدثت فوق جسر الأئمة بالعاصمة بغداد، في ذكرى استشهاد سابع أئمة أهل بيت النبوة والعصمة الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام في الخامس والعشرين من شهر رجب الأصم، والتي راح ضحيتها أكثر من ألف ضحية، بين شهيد وجريح}.
وقد تركز النقاش في الندوة التي حضرها عدد كبير من الباحثين والسياسيين والمهتمين بالشأن الدستوري، والتي أدارها الأستاذ صفاء الكاتب، حول قضايا الدين والفيدرالية والمرأة في الدستور العراقي الجديد.
كما أبدى عدد من الخبراء، آراءهم ووجهات نظرهم في هذه الأمور الهامة.
عن موضوع موقع الدين في مسودة الدستور العراقي الجديد، قال نــــــزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن؛
لقد ناقش المشرعون العراقيون ذلك، في إطار وجهات النظر التالية؛
فالذين تبنوا وجهة النظر التي ذهبت إلى ضرورة تدوين نص يتم فيه تحديد دور الدين في التشريع في مسودة الدستور، احتجوا بالأدلة والبراهين التالية؛
أولا؛ إن مثل هذا النص، ليس بدعا في الدستور، فهو موجود بالفعل في كل دساتير البلاد العربية والإسلامية، كما انه موجود في كل الدساتير العراقية السابقة، فلماذا لا يكون في الدستور العراقي الجديد؟.
حتى في الدستور الأفغاني الجديد، الذي كتب في ظل ظروف سياسية مشابهة لظروف العراق، نص على مثل ذلك، فلماذا يستثنى دستور العراق الجديد من مثل هذا النص؟.
ثانيا؛ انه يحفظ هوية العراق وتاريخه وواقعه، إذ كما هو معروف، فأن النسبة المطلقة للشعب العراقي هم مسلمون، ولذلك ينبغي التأكيد على هويتهم في الدستور الجديد.
ثالثا؛ الخشية من أن يتحول العراق الجديد، إلى دولة علمانية، في ظل الظروف القاهرة التي صاحبت حرب إسقاط نظام الطاغية صدام، وما رافقها من إصرار أميركي بهذا الصدد، والذي جاء على لسان أكثر من مسؤول، يقف في مقدمتهم الرئيس جورج بوش والحاكم الاميركي السابق في العراق، بول بريمر، بالإضافة إلى الموقف الدولي الذي كان يؤيد تبني مثل هذا التوجه، يسانده في ذلك، موقف عدد من الساسة العراقيين الذين عبروا في أكثر من مناسبة، عن موقف رافض لأي دور للدين في الحياة العامة، لدرجة العداء للدين ولكل ما يمت إليه بصلة، من قريب أو بعيد.
هذه المخاوف، إلى جانب التجربة المرة التي عاشها العراقيون في تاريخهم الحديث على وجه التحديد، دفعت بأغلب المشرعين إلى التمسك بالنص على دور الدين في الحياة العامة، في الدستور الجديد.
فمن أجل أن لا يرمى (القاضي بالنهر) على حد قول أهزوجة اليسار العراقي إبان خمسينيات القرن الماضي، فان ورود مثل هذا النص في الدستور، يحول دون التلاعب بمشاعر الناس.
الرابع؛ إن النص الوارد حاليا في المسودة يتحدث عن ثوابت، من دون الخوض في التفاصيل، وكلنا يعرف جيدا، فان الثوابت الدينية، هي في حقيقتها، ثوابت إنسانية يتفق عليها الناس، بغض النظر عن نوع الانتماء الديني.
حتى في أعرق الدول الديمقراطية والعلمانية، كالولايات المتحدة الاميركية، فان للدين دور كبير جدا في الشأن العام، على صعيد الثوابت الدينية (الإنسانية)، وكلنا يتذكر دور الكنيسة هنا في هذا البلد، في منع تمرير قانون (مثليي الجنس) و(الاجهاض)، في الكونجرس الاميركي العام الفائت، واللذان أثارا جدلا واسعا، حسمته الكنيسة، وليس الزعماء السياسيون.
الخامس؛ حتى لا تتدخل السياسة بالدين، وكلنا يعرف جيدا، فان العراق ابتلي بالتدخل السافر للسياسة في الدين، وليس العكس، من خلال سعي كل الأنظمة والأحزاب السياسية التي تعاقبت في العراق، منذ تأسيسه على الأقل ولحد سقوط الصنم، إلى توظيف الدين لتحقيق أغراض سياسية، أو كلما مرت بأزمة.
والا، فأين (الشيوعيون) من الدين والشعائر الحسينية، عندما كانوا ينظمون مواكب العزاء في ذكرى استشهاد سيد شباب أهل الجنة وسبط رسول الله (ص) الإمام الحسين بن علي(عليه السلام) أيام محرم الحرام؟ إلا السعي لتوظيفها في سبيل تحقيق أهداف سياسية معروفة.
ذات الأمر ينطبق على نظام الطاغية البائد، عندما أعلن عما أسماه بالحملة الإيمانية قبيل سقوطه بسنين معدودة.
فإذا كان ولابد من أن يتم اللجوء إلى الدين عند الأزمات، فيجب أن لا ينبري السياسيون للتصدي لتفسير الدين، فتلك هي مهمة علمائه وفقهائه ومراجعه.
أما الذين عارضوا ذكر النص في مسودة الدستور، فقد احتجوا بالأدلة التالية:
أولا؛ انه قد ينتهي بالعراق إلى نموذج الدولة الدينية، من خلال التفسير الخاطئ للنص، أو سعي البعض لتوظيفه من أجل تحقيق أهداف تنتهي بالعراق إلى نموذج الدولة الدينية.
ثانيا؛ وان أكبر الخشية لدى هؤلاء، هي من قانون الأحوال الشخصية، والتي بددها نص المادة(39) من الفصل الثاني(الحريات)، والذي منح العراقيين حرية اختيار الالتزام بأحوالهم الشخصية.
ثالثا؛ كما أن تعدد التفاسير للدين، يثير لدى الكثيرين، مخاوف من التفسير المرعب للإسلام والمتمثل ببعض الحركات والاتجاهات (الدينية) الإرهابية والتكفيرية والمتخلفة والمتزمتة، كالتفسير الذي تبنته (حركة طالبان) الإرهابية المتخلفة في أفغانستان، إلى جانب بعض التنظيمات الدينية الأخرى هنا وهناك.
وأضاف نـــــزار حيدر، عارضا وجهة نظره بشأن الموضوع، قائلا؛
برأيي، فان المخاوف التي يسوقها المعترضون، فيها الكثير من المبالغة، فمن جانب، يخلو العراق من التفاسير الخاطئة والمتطرفة للإسلام، إذ لا يوجد فيه من يتبنى التفسير السلفي المتخلف للإسلام، فيمنع المرأة، مثلا، من سياقة السيارة، أو مشاركتها في الشأن العام، وان ما نراه اليوم من انتشار هذا التفسير في بعض مناطق العراق، إنما هو وافد على العراق وليس أصل فيه، وان مرده إلى الحقد الطائفي الذي وفد إلى البلاد بعيد سقوط الصنم، والذي تحالف مع أيتام النظام البائد، لأسباب معروفة.
إن التزمت الديني، ليس من طبيعة العراقيين أبدا، كما أن المرجعيات الدينية وفقهاء الإسلام وعلمائه في العراق، معروفون بالوسطية والانفتاح، بعيدا عن التزمت الديني.
كما يعرف الجميع جيدا، بأن ظروف العراق السياسية، إلى جانب تركيبته الاجتماعية والسياسية المتنوعة إلى درجة التعقيد، يضاف إليها، الرؤية السياسية المنفتحة التي تتبناها الأحزاب السياسية (الدينية)، إن كل ذلك يمنع من إقامة نظام ديني في العراق، ولهذا السبب، لم يدع أحد، إلى تطبيق مثل هذا النموذج، ولم يتبناه أحد كمنهج سياسي، بل رفضته حتى الأحزاب الدينية بمختلف اتجاهاتها وانتماءاتها، معتبرة أن الحديث عن مثل هذا النموذج، نوع من ضرب الخيال.
وأضاف حيدر يقول؛
أعتقد أن النص الوارد حاليا في مسودة الدستور، جاء متوازنا إلى درجة كبيرة، ليبدد الكثير من المخاوف، ويطمئن العراقيين من خلال الحفاظ على هويتهم، فالنص حقق مبدأ التوازن والرقابة، أو ما يعرف بالولايات المتحدة (جك أند بالانص) إلى درجة كبيرة، وهو برأيي، أفضل ما يمكن التوافق عليه في هذه المرحلة على وجه التحديد.
إن النص، أضاف نـــزار حيدر، حقق موازنة كبيرة بين (الديني) و(المدني)، وهذا ما يحتاجه العراق اليوم، كما أنه بدد إلى درجة كبيرة مخاوف الأقليات الدينية، عندما نص على ضمان كامل الحقوق الدينية لغير المسلمين، وذلك في (ثانيا) من المادة الثانية من الباب الأول (المبادئ الأساسية).
بشأن مبدأ الفيدرالية الوارد في مسودة الدستور، قال نــــــــــــــــــزار حيدر؛
إن تبني النظام اللامركزي في الدستور العراقي الجديد، والذي تم التعبير عنه بمبدأ الفيدرالية، هو ضمانة أكيدة للحفاظ على وحدة العراق، وليس العكس على الإطلاق، بل أن استمرار أي نوع من أنواع الأنظمة المركزية، بعد كل هذه التجارب المريرة التي مرت بالعراق، هو الذي يعرض وحدة العراق للخطر، ولذلك، حرصا من قبل المشرعين على وحدة العراق وانسجام تكوينه الاجتماعي المتنوع، تم تبني الفيدرالية كأفضل تعبير عن اللامركزية.
وأضاف نــــــــــــــــــــزار حيدر، قائلا؛
إن مما يؤسف له حقا، هو أن بعض الساسة العراقيين، لا يناقشون الفيدرالية {كنوع من أنواع الأنظمة السياسية الإدارية} ما إذا كانت تنفع العراق الجديد، وتساهم في التنمية وتحقيق أوسع مشاركة شعبية في الشأن العام أم لا؟ وإنما يناقشونها فيما إذا كانت أمرا واقعا فيتعاملون معها على هذا الأساس، فيعترفوا بها، أم أنها فكرة بكر لم تختمر بعد، قابلة للنقض، ولذلك رأيناهم يقبلون بها إلى منطقة كردستان (شمال) فقط لأنها أمر واقع لا يقبل النقاش، على حد تعبيرهم ، ويرفضونها لبقية مناطق العراق (جنوب ووسط) لأنها لا زالت في طور التفكير ولم تتحول إلى أمر واقع، ولذلك فان بالامكان اتهامها والطعن فيها وعرقلتها.
إن هذه الطريقة من التفكير خطيرة جدا، إنها الطريقة التي شرعها الاستعمار البريطاني بداية القرن الماضي، عندما رسم حدود البلاد العربية بالشكل الموجود عليه حاليا، فهل سيقبل المعترضون على الفيدرالية لبقية العراق، بها بعد عشر سنوات مثلا، عندما يؤسس الجنوبيون فيدرالية جديدة لهم اليوم؟.
يجب أن نناقش الأمور من منطلق المصلحة والمنفعة، وليس من منطلق الأمر الواقع.
كما اعتبر نــــزار حيدر، إن مسودة الدستور أعادت المرأة العراقية إلى موقعها الطبيعي في العملية السياسية، من خلال مساواتها في الحقوق والواجبات مع الرجل، على اعتبار أن المرأة كمواطن عراقي كامل الأهلية، يحق لها أن تساهم في الشأن العام، وفي عملية البناء والتنمية، من خلال تمتعها بكامل الحقوق المنصوص عليها في الدستور العراقي الجديد، وعلى مختلف الأصعدة، كالسياسي والتعليمي والحقوقي وغير ذلك.
الجدير بالذكر، أن عدة وسائل إعلام عربية كانت قد حضرت الفعالية لتغطية وقائعها، منها القنوات الفضائية، (الحرة) و (العربية) و (العالم) بالإضافة إلى راديو سوا.
وفي تصريحات لقناة (العربية) الفضائية، اعتبر نــــــــــزار حيدر، أن المرأة في العراق الجديد عادت لتحتل مكانها الطبيعي في الحياة العامة، من خلال المشاركة بفاعلية في الشأن العام، معتبرا أن انتشار المؤسسات النسوية في مختلف مناطق العراق، وعلى مختلف الأصعدة، دليل على أن المرأة العراقية بدأت بالفعل تنتزع دورها الحقيقي والطبيعي، بالرغم من كل الظروف القاهرة التي يمر بها العراق، وخاصة المرأة العراقية، لأننا نعرف جيدا، بأن مجتمع من دون دور طبيعي للمرأة، لهو مجتمع ميت، لا يقوى على النهوض وتحقيق التنمية والتقدم.
وفي نهاية الندوة الحوارية التي شارك فيها الحضور بمداخلات متنوعة أظهرت حرصا شديدا على التمسك بمبدأ الحوار كأفضل طريقة إنسانية وحضارية للتعبير عن الرأي والرأي الآخر، أظهرت نتائج الاستطلاع عن مسودة الدستور ما يلي؛
ألف؛ الأغلبية المطلقة مع دور الدين في التشريع، كما ورد في مسودة الدستور.
باء؛ الأغلبية المطلقة اعتبرت أن النص الدستوري الوارد بشأن دور الدين في التشريع، سيعزز من مكانة المرأة في المجتمع العراقي.
جيم؛ الأغلبية المطلقة اعتبرت أن الفيدرالية ليست مشروع تقسيم أبدا، بل إنها ستعزز من وحدة العراق، أرضا وشعبا.
دال؛ وأخيرا، أجمع الحضور، في آخر استطلاع للرأي، على أنهم سيصوتون بكلمة
{نعم} لصالح الدستور، إذا ما أجري الاستفتاء العام على المسودة الآن.
الثاني من أيلول 2005
العراقيون في العاصمة واشنطن يناقشون مسودة الدستور
عقد العراقيون في العاصمة الاميركية واشنطن، يوم أمس{الأول من أيلول} ندوة حوارية في مركز دار السلام، ناقشوا فيها مسودة الدستور العراقي.
{في البداية، استذكر الحضور ضحايا الفاجعة الإنسانية المروعة التي حدثت فوق جسر الأئمة بالعاصمة بغداد، في ذكرى استشهاد سابع أئمة أهل بيت النبوة والعصمة الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام في الخامس والعشرين من شهر رجب الأصم، والتي راح ضحيتها أكثر من ألف ضحية، بين شهيد وجريح}.
وقد تركز النقاش في الندوة التي حضرها عدد كبير من الباحثين والسياسيين والمهتمين بالشأن الدستوري، والتي أدارها الأستاذ صفاء الكاتب، حول قضايا الدين والفيدرالية والمرأة في الدستور العراقي الجديد.
كما أبدى عدد من الخبراء، آراءهم ووجهات نظرهم في هذه الأمور الهامة.
عن موضوع موقع الدين في مسودة الدستور العراقي الجديد، قال نــــــزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن؛
لقد ناقش المشرعون العراقيون ذلك، في إطار وجهات النظر التالية؛
فالذين تبنوا وجهة النظر التي ذهبت إلى ضرورة تدوين نص يتم فيه تحديد دور الدين في التشريع في مسودة الدستور، احتجوا بالأدلة والبراهين التالية؛
أولا؛ إن مثل هذا النص، ليس بدعا في الدستور، فهو موجود بالفعل في كل دساتير البلاد العربية والإسلامية، كما انه موجود في كل الدساتير العراقية السابقة، فلماذا لا يكون في الدستور العراقي الجديد؟.
حتى في الدستور الأفغاني الجديد، الذي كتب في ظل ظروف سياسية مشابهة لظروف العراق، نص على مثل ذلك، فلماذا يستثنى دستور العراق الجديد من مثل هذا النص؟.
ثانيا؛ انه يحفظ هوية العراق وتاريخه وواقعه، إذ كما هو معروف، فأن النسبة المطلقة للشعب العراقي هم مسلمون، ولذلك ينبغي التأكيد على هويتهم في الدستور الجديد.
ثالثا؛ الخشية من أن يتحول العراق الجديد، إلى دولة علمانية، في ظل الظروف القاهرة التي صاحبت حرب إسقاط نظام الطاغية صدام، وما رافقها من إصرار أميركي بهذا الصدد، والذي جاء على لسان أكثر من مسؤول، يقف في مقدمتهم الرئيس جورج بوش والحاكم الاميركي السابق في العراق، بول بريمر، بالإضافة إلى الموقف الدولي الذي كان يؤيد تبني مثل هذا التوجه، يسانده في ذلك، موقف عدد من الساسة العراقيين الذين عبروا في أكثر من مناسبة، عن موقف رافض لأي دور للدين في الحياة العامة، لدرجة العداء للدين ولكل ما يمت إليه بصلة، من قريب أو بعيد.
هذه المخاوف، إلى جانب التجربة المرة التي عاشها العراقيون في تاريخهم الحديث على وجه التحديد، دفعت بأغلب المشرعين إلى التمسك بالنص على دور الدين في الحياة العامة، في الدستور الجديد.
فمن أجل أن لا يرمى (القاضي بالنهر) على حد قول أهزوجة اليسار العراقي إبان خمسينيات القرن الماضي، فان ورود مثل هذا النص في الدستور، يحول دون التلاعب بمشاعر الناس.
الرابع؛ إن النص الوارد حاليا في المسودة يتحدث عن ثوابت، من دون الخوض في التفاصيل، وكلنا يعرف جيدا، فان الثوابت الدينية، هي في حقيقتها، ثوابت إنسانية يتفق عليها الناس، بغض النظر عن نوع الانتماء الديني.
حتى في أعرق الدول الديمقراطية والعلمانية، كالولايات المتحدة الاميركية، فان للدين دور كبير جدا في الشأن العام، على صعيد الثوابت الدينية (الإنسانية)، وكلنا يتذكر دور الكنيسة هنا في هذا البلد، في منع تمرير قانون (مثليي الجنس) و(الاجهاض)، في الكونجرس الاميركي العام الفائت، واللذان أثارا جدلا واسعا، حسمته الكنيسة، وليس الزعماء السياسيون.
الخامس؛ حتى لا تتدخل السياسة بالدين، وكلنا يعرف جيدا، فان العراق ابتلي بالتدخل السافر للسياسة في الدين، وليس العكس، من خلال سعي كل الأنظمة والأحزاب السياسية التي تعاقبت في العراق، منذ تأسيسه على الأقل ولحد سقوط الصنم، إلى توظيف الدين لتحقيق أغراض سياسية، أو كلما مرت بأزمة.
والا، فأين (الشيوعيون) من الدين والشعائر الحسينية، عندما كانوا ينظمون مواكب العزاء في ذكرى استشهاد سيد شباب أهل الجنة وسبط رسول الله (ص) الإمام الحسين بن علي(عليه السلام) أيام محرم الحرام؟ إلا السعي لتوظيفها في سبيل تحقيق أهداف سياسية معروفة.
ذات الأمر ينطبق على نظام الطاغية البائد، عندما أعلن عما أسماه بالحملة الإيمانية قبيل سقوطه بسنين معدودة.
فإذا كان ولابد من أن يتم اللجوء إلى الدين عند الأزمات، فيجب أن لا ينبري السياسيون للتصدي لتفسير الدين، فتلك هي مهمة علمائه وفقهائه ومراجعه.
أما الذين عارضوا ذكر النص في مسودة الدستور، فقد احتجوا بالأدلة التالية:
أولا؛ انه قد ينتهي بالعراق إلى نموذج الدولة الدينية، من خلال التفسير الخاطئ للنص، أو سعي البعض لتوظيفه من أجل تحقيق أهداف تنتهي بالعراق إلى نموذج الدولة الدينية.
ثانيا؛ وان أكبر الخشية لدى هؤلاء، هي من قانون الأحوال الشخصية، والتي بددها نص المادة(39) من الفصل الثاني(الحريات)، والذي منح العراقيين حرية اختيار الالتزام بأحوالهم الشخصية.
ثالثا؛ كما أن تعدد التفاسير للدين، يثير لدى الكثيرين، مخاوف من التفسير المرعب للإسلام والمتمثل ببعض الحركات والاتجاهات (الدينية) الإرهابية والتكفيرية والمتخلفة والمتزمتة، كالتفسير الذي تبنته (حركة طالبان) الإرهابية المتخلفة في أفغانستان، إلى جانب بعض التنظيمات الدينية الأخرى هنا وهناك.
وأضاف نـــــزار حيدر، عارضا وجهة نظره بشأن الموضوع، قائلا؛
برأيي، فان المخاوف التي يسوقها المعترضون، فيها الكثير من المبالغة، فمن جانب، يخلو العراق من التفاسير الخاطئة والمتطرفة للإسلام، إذ لا يوجد فيه من يتبنى التفسير السلفي المتخلف للإسلام، فيمنع المرأة، مثلا، من سياقة السيارة، أو مشاركتها في الشأن العام، وان ما نراه اليوم من انتشار هذا التفسير في بعض مناطق العراق، إنما هو وافد على العراق وليس أصل فيه، وان مرده إلى الحقد الطائفي الذي وفد إلى البلاد بعيد سقوط الصنم، والذي تحالف مع أيتام النظام البائد، لأسباب معروفة.
إن التزمت الديني، ليس من طبيعة العراقيين أبدا، كما أن المرجعيات الدينية وفقهاء الإسلام وعلمائه في العراق، معروفون بالوسطية والانفتاح، بعيدا عن التزمت الديني.
كما يعرف الجميع جيدا، بأن ظروف العراق السياسية، إلى جانب تركيبته الاجتماعية والسياسية المتنوعة إلى درجة التعقيد، يضاف إليها، الرؤية السياسية المنفتحة التي تتبناها الأحزاب السياسية (الدينية)، إن كل ذلك يمنع من إقامة نظام ديني في العراق، ولهذا السبب، لم يدع أحد، إلى تطبيق مثل هذا النموذج، ولم يتبناه أحد كمنهج سياسي، بل رفضته حتى الأحزاب الدينية بمختلف اتجاهاتها وانتماءاتها، معتبرة أن الحديث عن مثل هذا النموذج، نوع من ضرب الخيال.
وأضاف حيدر يقول؛
أعتقد أن النص الوارد حاليا في مسودة الدستور، جاء متوازنا إلى درجة كبيرة، ليبدد الكثير من المخاوف، ويطمئن العراقيين من خلال الحفاظ على هويتهم، فالنص حقق مبدأ التوازن والرقابة، أو ما يعرف بالولايات المتحدة (جك أند بالانص) إلى درجة كبيرة، وهو برأيي، أفضل ما يمكن التوافق عليه في هذه المرحلة على وجه التحديد.
إن النص، أضاف نـــزار حيدر، حقق موازنة كبيرة بين (الديني) و(المدني)، وهذا ما يحتاجه العراق اليوم، كما أنه بدد إلى درجة كبيرة مخاوف الأقليات الدينية، عندما نص على ضمان كامل الحقوق الدينية لغير المسلمين، وذلك في (ثانيا) من المادة الثانية من الباب الأول (المبادئ الأساسية).
بشأن مبدأ الفيدرالية الوارد في مسودة الدستور، قال نــــــــــــــــــزار حيدر؛
إن تبني النظام اللامركزي في الدستور العراقي الجديد، والذي تم التعبير عنه بمبدأ الفيدرالية، هو ضمانة أكيدة للحفاظ على وحدة العراق، وليس العكس على الإطلاق، بل أن استمرار أي نوع من أنواع الأنظمة المركزية، بعد كل هذه التجارب المريرة التي مرت بالعراق، هو الذي يعرض وحدة العراق للخطر، ولذلك، حرصا من قبل المشرعين على وحدة العراق وانسجام تكوينه الاجتماعي المتنوع، تم تبني الفيدرالية كأفضل تعبير عن اللامركزية.
وأضاف نــــــــــــــــــــزار حيدر، قائلا؛
إن مما يؤسف له حقا، هو أن بعض الساسة العراقيين، لا يناقشون الفيدرالية {كنوع من أنواع الأنظمة السياسية الإدارية} ما إذا كانت تنفع العراق الجديد، وتساهم في التنمية وتحقيق أوسع مشاركة شعبية في الشأن العام أم لا؟ وإنما يناقشونها فيما إذا كانت أمرا واقعا فيتعاملون معها على هذا الأساس، فيعترفوا بها، أم أنها فكرة بكر لم تختمر بعد، قابلة للنقض، ولذلك رأيناهم يقبلون بها إلى منطقة كردستان (شمال) فقط لأنها أمر واقع لا يقبل النقاش، على حد تعبيرهم ، ويرفضونها لبقية مناطق العراق (جنوب ووسط) لأنها لا زالت في طور التفكير ولم تتحول إلى أمر واقع، ولذلك فان بالامكان اتهامها والطعن فيها وعرقلتها.
إن هذه الطريقة من التفكير خطيرة جدا، إنها الطريقة التي شرعها الاستعمار البريطاني بداية القرن الماضي، عندما رسم حدود البلاد العربية بالشكل الموجود عليه حاليا، فهل سيقبل المعترضون على الفيدرالية لبقية العراق، بها بعد عشر سنوات مثلا، عندما يؤسس الجنوبيون فيدرالية جديدة لهم اليوم؟.
يجب أن نناقش الأمور من منطلق المصلحة والمنفعة، وليس من منطلق الأمر الواقع.
كما اعتبر نــــزار حيدر، إن مسودة الدستور أعادت المرأة العراقية إلى موقعها الطبيعي في العملية السياسية، من خلال مساواتها في الحقوق والواجبات مع الرجل، على اعتبار أن المرأة كمواطن عراقي كامل الأهلية، يحق لها أن تساهم في الشأن العام، وفي عملية البناء والتنمية، من خلال تمتعها بكامل الحقوق المنصوص عليها في الدستور العراقي الجديد، وعلى مختلف الأصعدة، كالسياسي والتعليمي والحقوقي وغير ذلك.
الجدير بالذكر، أن عدة وسائل إعلام عربية كانت قد حضرت الفعالية لتغطية وقائعها، منها القنوات الفضائية، (الحرة) و (العربية) و (العالم) بالإضافة إلى راديو سوا.
وفي تصريحات لقناة (العربية) الفضائية، اعتبر نــــــــــزار حيدر، أن المرأة في العراق الجديد عادت لتحتل مكانها الطبيعي في الحياة العامة، من خلال المشاركة بفاعلية في الشأن العام، معتبرا أن انتشار المؤسسات النسوية في مختلف مناطق العراق، وعلى مختلف الأصعدة، دليل على أن المرأة العراقية بدأت بالفعل تنتزع دورها الحقيقي والطبيعي، بالرغم من كل الظروف القاهرة التي يمر بها العراق، وخاصة المرأة العراقية، لأننا نعرف جيدا، بأن مجتمع من دون دور طبيعي للمرأة، لهو مجتمع ميت، لا يقوى على النهوض وتحقيق التنمية والتقدم.
وفي نهاية الندوة الحوارية التي شارك فيها الحضور بمداخلات متنوعة أظهرت حرصا شديدا على التمسك بمبدأ الحوار كأفضل طريقة إنسانية وحضارية للتعبير عن الرأي والرأي الآخر، أظهرت نتائج الاستطلاع عن مسودة الدستور ما يلي؛
ألف؛ الأغلبية المطلقة مع دور الدين في التشريع، كما ورد في مسودة الدستور.
باء؛ الأغلبية المطلقة اعتبرت أن النص الدستوري الوارد بشأن دور الدين في التشريع، سيعزز من مكانة المرأة في المجتمع العراقي.
جيم؛ الأغلبية المطلقة اعتبرت أن الفيدرالية ليست مشروع تقسيم أبدا، بل إنها ستعزز من وحدة العراق، أرضا وشعبا.
دال؛ وأخيرا، أجمع الحضور، في آخر استطلاع للرأي، على أنهم سيصوتون بكلمة
{نعم} لصالح الدستور، إذا ما أجري الاستفتاء العام على المسودة الآن.
الثاني من أيلول 2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق