هيئة أو لجنة اجتثاث البعث بين الواقع والمطلوب – نظرة قانونية
توطئة :
لا بدلي من ذكر أسباب تناول هذا الموضوع والدوافع لدراسته رغم إنني ضد هذه الهيئات أو المؤسسات التي وفدت إلينا بعد الاحتلال كهيئة اجتثاث البعث و مفوضية النزاهة و مفوضية الانتخابات وغيرها من المؤسسات التي تحتاج إلى وقفة نقدية على ضوء ما قدمته من يوم تأسيسها ولحد ألان .
وأقول إن سبب كتابة هذه الأسطر هو صدور قرار من هيئة اجتثاث البعث أو هكذا سمعت بشطب أسماء عدة مرشحين لمنصب نقيب وعضوية مجلس نقابة المحامين العراقيين وتحديدا من قائمة واحدة ( القائمة الوطنية المهنية المستقلة ) من دون غيرها من القوائم المرشحة وبقية المرشحين في القوائم الأخرى .
بالإضافة إلى ما نسمعه من قرارات غير منطقية من هذه الهيئة أو اللجنة .
السيف المسلط :-
في العهد السابق وكما يحلو للبعض تسميته بالدكتاتورية كان يسيطر ويوجه الاتحادات والنقابات وبقية مؤسسات المجتمع المدني حزب البعث عن طريق المكتب المهني هذا المكتب كان له أشرافاً مباشراً على نشاطات هذه المؤسسات ولا يختلف معي احد إن هذا المكتب كان في استطاعته منع أو ترشيح من يريد من كوادر حزب البعث ولكن للحقيقة نقول إن المكتب المهني كان لا يمنع أي مستقل من الترشيح لانتخابات هذه المؤسسات وحتى المجلس الوطني شريطة توفر الشروط المطلوبة ولكن بالنتجية تكون حظوظمن يرشح نفسه من المستقلين ضعيفة لأبل منعدمة إذا لم يدعم من الحزب وهذا مالا ننكره ولا ينكره احد عاش في تلك الفترة ولنقابة المحامين تجربة سابقة في ذلك عندما رشح المرحوم احمد ألساعدي على منصب نقيب المحامين ضد مرشح الحزب وطعن في نتائج الانتخابات أمام المحكمة المختصةوكان للأمر تدعيات لا مجال لسردها في الوقت الحالي .
بينما في الوقت الراهن أي بعد الاحتلال وإنشاء هيئة اجتثاث البعث أصبحت هذهالهيئة تمارس دورا مشابه لأبل اشد من دور المكتب المهني 0 وكما قلنا في السطور الماضية كان المكتب المهني يمنع أو يقبل ترشيح الحزبيين ولا علاقة له بالمستقلين بينما هيئة اجتثاث البعث الحالية أصبحت في حالة من الانتقائية والتعامل بتعددية وليس بازدواجية مع الأشخاص ولاعتبارات قد تكون طائفية أو عرقية أو قومية وغير ذلك، فواقع الحال افرز أشخاصا كانوا فاعلين في حزب البعث فضلا عن ارتكابهم لجرائم بحق عراقيين ولكنهم لم يجتثوا من قبل هذه اللجنة وحاليا في مناصب حساسة وقيادية رغم اقترافهم أفعالا إجرامية فهل يستوي شخص حاليا وكيل لوزير وزارة تشرف على الملف الأمني وهو منالكادر المتقدم لحزب البعث سابقا ولديه أنواط شجاعة ووسام الاستحقاق العالي لموقفه المشرف في صفحة( الغدر والخيانة ) عام 1991 - تصورا هذا الإنسان الذي صب جامغضبه أيام ( الغدر والخيانة ) يصبح حاليا وكيل لوزير وزارة أمنية حساسة وكادر هذه الوزارة الحالي قد نال ما نال على أيدي أمثال هذا الشخص وأشباهه 0
أقول لماذا لا تلاحق هيئة الاجتثاث هذا الكفوء الانتهازي وأمثاله وتلاحق من ترك حزب البعث منذ عشرة سنوات وأكثر ويمنع من الترشيح لمناصب غير حكومية ولا علاقة لها بسياسة البلد . هذا مثل بسيط ويوجد الكثير منه وفي دوائر الدولة . وأخر يرشح نفسه لمنصب نقيب المحامين وكان سابقا ضابط قانونيا وحقوقيا المعياً في عهد صدام بعدما كان ضابط صف ليس ألا . وكان يفتي ويعطي الاستشارات القانونية الخاصة بقطع الإذن ووشم الجبين لأي شخص يتخلف أو يهرب من الخدمة العسكرية ويرفع أسماء العسكريين الهاربينلغرض تنفيذ حكم الإعدام بهم . أليس من الإنصاف شمول مثل هذه النماذج بالاجتثاث ؟! ولكن دائما الانتهازي يعرف من أين تأكل الكتف .فطوبىلهذه الحكومة الديمقراطية بمثل هذه النماذج 0
الديمقراطية والاجتثاث :-
عندما كان أكثر العراقيين يستمعون إلى كلمة الديمقراطية كمصطلح سياسي يظنون أنها الحل الناجح لكل مشاكل العراق . واليوم نرى العراقيون ينعمون بالديمقراطية الأمريكية المسلفنة ولا ادري أن كان سبب عدم نجاحها في العراق يرجع إلى نوعية الديمقراطية أم إلى الشعب العراقي أم إلى النخب السياسية الحاكمة .
وفي اعتقادي أن الديمقراطية لها مفهوم واضح ومحدد سواء أكانت أمريكية أم بريطانية ولكن الخلل لدى من يمارس الديمقراطية فإذا كانت الكلمة الفصل في مسالة الديمقراطية صناديق الاقتراع وحرية المواطن في الترشيح والانتخاب فما جدوى الديمقراطية مع وجود هيئة الاجتثاث بحيث تفتح عيونها على عمرو من الناس وتغمضها عن زيد، وهل من الديمقراطية الصحيحة فوز أشخاص وبعد فوزهم يصار إلى اجتثاثهم من قبل هذه اللجنة فأين صناديق الاقتراع ورأي الشعب بمرشحيهم أليست هذه دكتاتورية مقنعة وما الفرق بين لجنة الاجتثاث والمكتب المهني السابق .
الحل الصحيح :
سبق وجربنا جدوى هذه الهيئات والمفوضيات ونتائج نشاطها ولمس العراقيون ذلك ولغرض عدم الإطالة نذكر الحقائق التالية :
1- مفوضية النزاهة :
هذه المؤسسة عندما أسست وأخذت شكلها القانوني ومنذ تأسيسها ولحد هذه اللحظةومع شديد احترامي لكل العاملين فيها إلا انه للأسف الشديد أصبح العراق في مرتبة متقدمة دوليا في مجال الفساد الإداري و المالي واعتقد أن أسباب ذلك لا تحتاج إلى عناء كبير لمعرفتها طالما الرؤية لم تكتمل بعد فيما يتعلق بأهم أساس ومبدأ ديمقراطي ألا وهو مبدأ الفصل بين السلطات ولا تزال السلطة التي تتمتع بها مفوضية النزاهة تتأثر بالمواقف السياسية للحكومة
2- المفوضية المستقلة العليا للانتخابات 0
واعتقد أن هذه الهيئة لا تحتاج إلى البحث عن أدلة فيإخفاقاتها المتواصلة لإتمام العملية الانتخابية على الوجه الأكمل 0 ويكفي القول أن المفوضية تكاد تكون الوحيدة في العالم على حد معلوماتي المتواضعة تمارس نشاطها ورقابتها على العملية الانتخابية ، ولو تحرينا عن هيكلها الإداري لوجدناه أيضا مؤسس وفق أسس ومعايير غير سليمة وانعكس بالتالي على أداء عملها بما اضر ضررا كبيرا وشوه العملية الديمقراطية ، فالكلام كثير جدا في مسالة تمرير الدستور وكذلك الطعون الألفية على الانتخابات الأخيرة فضلا عن النتائج التي تأخر إعلانها لأكثر من شهر بعدما جرى تنضيمها وبرمجتها تحت الرعاية الأمريكية ومباركتها .
3- هيئة اجتثاث البعث.
أما ثالثة الأثافي فهي هيئة اجتثاث البعث والتي رأينا من خلال حالتين تم عرضهما من اصل مئات الحالات التي تنخر في جسد الدولة من قبل أناس فاسدون مفسدينسواء من حزب البعث أم من غيره من الأحزاب الحالية ممن عاثوا في الأرض الفساد ولا يزالون في أماكنهم فلماذا لا تجتثهم هذه الهيئة في حين يوجد العديد من الحزبيين السابقين وصلوا إلى درجات متقدمة في الحزب والدولة وكانوا يتمتعون بحسن السلوك والإدارة الناجحة وقدموا للعراق والعراقيين خدمات جليلة سواء في المجالات التعليمية والبحثية أو في المجالات التطبيقية ، وحاليا قابعون في مساكنهم تمنعهم مبدايتهم وعزة النفس من الانجرار والانتهازية وعندما تسال احدهم عن موقفه يجيب أنني بعثي ومقتنع بالحزب ، عكس النفر الأول ممن زمروا وطبلوا للنظام السابق وحاليا أصبحوا ممن تضرروا من النظام السابق بعدما قبضوا يوم 7/4/2003 أخر مكرمات وعطايا الرئيس باعتبارهم (أصدقاء للسيد الرئيس) وبعد 9/4/2003 انقلبوا وأصبحوا متضررين بقدرة قادر فهل مثل هؤلاء أهل للاحترام والتقدير ؟؟!! ، ولله في خلقه شؤون.
فالشخص الذي تقلد الأنواط وقدم الوساطات ليمنح نوط الاستحقاق العالي لبلائه الحسن في ما يسمى صفحة الغدر والخيانة والذي ينظم له فرع الحزب حفلا خاصا لمنحه شرف عضوية حزب البعث لوصوليته وانتهازيته لايجتث بل يصبح وكيلا للوزير وربما غدا يصبح وزيرا وغيره ممن اخلصوا لهذا البلد وليس لصدام يحارب بالاجتثاث ولا ندري ما هي الأسس التي تتبعها هذه الهيئة لمعرفة من هو ألبعثي من غيره .
أن الحل الصحيح والسليم هو إناطة مهمة محاسبة كل عراقي بعثي أو غير بعثي ارتكب جرما بحق العراقيين إلى السلطة القضائية لاتخاذ الإجراءات بحق كل من تلوثت يديه بدماء العراقيين أو ارتكب أي فعل يحاسب عليه القانون بعيدا عن المستويات الحزبية والوظيفية لان معالجة هيئة الاجتثاث تبدو سياسية وليس قانونية وهذا هو الخطأ الفاحش ، إذ ربما نجد قيادي في الحزب لم يرتكب جرما بينما نجد عنصر صغير في الحزب أو الأجهزة الأمنية قد ارتكب جرائم وحشية بحق العباد والبلاد وهو لا يزال يمارس نفس هذا الدور وباقي في مؤسسات الدولة . لعدم شمولهم بالاجتثاث .
أذن من الخطأ الفادح أبعاد القضاء وتهميش دوره في مسالة مهمة مثل هذه والأفضل حل جميع هذه المفوضيات والهيئات وإحلال القضاء محلها فجميع دول العالم الديمقراطي يشرف على انتخاباتها القضاء ويراقب العملية الانتخابية ويقوم بفرز الأصوات وإعلان النتائج وكذلك الحال بالنسبة إلى مرتكبي الجرائم التي تمس الدولة الإداري والمالي (جرائم الفساد الإداري والمالي) والقول ينطبق على هيئة اجتثاث البعث أيضا .
وأخيرا من المؤكد أذما أسندت هذه المهام إلى القضاء سينال كل إنسان حقه بالتمام والكمال وعندها نكون في مأمن من الشطط والتعسف والقرارات الارتجالية.
وسؤالنا الذي يحتاج إلى إجابة واضحة وسريعة ما دخل هيئة اجتثاث البعث بانتخابات مؤسسات المجتمع المدني ومنها نقابة المحامين فهل أصبحت هيئة الاجتثاث سيفا مسلط على كل إنسان يتمتع بشئ من الشعبية والاحترام بين أقرانه وسمعته جيدة تمكنه من نيل ثقتهم والفوز بالانتخابات لتقوم باجتثاثه ومنعه من الترشيح أو شطب اسمه ؟؟؟؟ فهل هذه الديمقراطية ؟ اشك في ذلك
faris_albakooa
New Yahoo! Messenger with Voice. Call regular phones from your PC and save big.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق