(image placeholder)
دفاعا عن ميشيل كيلو
نزار نيوف وسليمان يوسف يوسف GMT 19:45:00 2006 الأربعاء 17 مايو
نزار نيوف: دمه لنا.. ودمه عليهم!ليتوقف كل طعن بميشيل كيلو وكل نقد له طالما أنه خلف القضبان
ذات يوم من شهر أيار / مايو 2001 وقف المهندس الزراعي (م.ا) في صالون منزل أسرتي ليشتم حافظ الأسد وليعري تاريخه القمعي في حضور العشرات من الضيوف الذين جاؤوا مهنئين بإطلاق سراحي من محافظتنا ومن المحافظات الأخرى، حمص وحلب وحماه وغيرها. لم يترك المهندس وهو يتقمص شخصية قيس بن ساعدة الإيادي، لكن دون بلاغته، نعتا إلا ولصقه بحافظ الأسد ؛ فهو الديكتاتور، والقاتل، ورئيس عصابة الجريمة المنظمة في سورية، وبائع الجولان، وعميل الأميركان.. إلى آخر القائمة التي يمكن لأي منا أن يضيف إليها ما يشاء، سواء من تجربته ومشاعره الشخصية أو من تجارب الآخرين ومشاعرهم! بخلاف حالة الهلع والرعب التي يمكن أن ينشرها حديث من هذا النوع في سوريا، لم تستثر خطبة المهندس أي مشاعر خوف أو رهبة في نفوس الحاضرين.فمناخ المنزل كان يسمح بذلك في تلك اللحظة ( وليس الآن بالتأكيد!). وثمة سجين شبه مقعد ومعطوب لمّا تزل آثار الجريمة على أنحاء مختلفة من جسده. والناس الطيبون في بلدنا، كما هم في جميع أنحاء العالم، لا تنقصهم المروءة للتعاطف مع الضحية، أو لغمرها بمشاعرهم الدافقة، خصوصا إذا كانت الضحية من " بني جلدتهم ". وما زاد في تأجيج مشاعر الحضور وعمل على تحطيم جدران الخوف في نفوسهم، ومن ثم مسارعة بعضهم إلى مجاراة المهندس الزراعي في شتائمه، أن من جاؤوا يهنئونه كان آنذاك، وعلى مدى أيام عديدة، ضيف الإذاعات والقنوات الفضائية لعدة مرات يوميا، حيث يسمعون منه الكلام الذي لم يبق ولم يذر، لا بحق حافظ الأسد ولا بحق نظامه أوبطانته. وهو الكلام الذي " سيضطر " وزير الإعلام عدنان عمران بعد أيام قليلة على ذلك إلى نشره بيانَه الرسمي التاريخي الذي يتهمني فيه بالجنون، والذي سيساهم في توزيعه العديد من نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين الذين يرون في أي حديث من هذا النوع خدمة للإمبريالية والصهيونية العالمية، وأذى بالغا لـ " صمود النظام الوطني " في بلدنا، أو ـ على الأقل ـ احتلالا لمساحات الشجاعة التي كانت تنتظر من يشغلها، ولا يستطيعون هم فعل ذلك! والمجنون، عرفا وقانونا، لا يؤخذ بكلامه، سواء في بلادنا أم البلدان الأخرى. أو ليست هي النظرية التي سبقهم ستالين إلى اجتراحها قبل سبعين عاما لـ "حل" مشكلة المتمردين على جبروته وطغيانه، فكان أن أرسل ستة ملايين " مجنون" منهم إلى سيبيريا، فبدا الأمر كما لو أن الاتحاد السوفييتي "عصفورية" مترامية الأطراف!؟ لم أستطع أن أتقبل حديث المهندس الشتام ؛ ليس لأن ما قاله كان مجافيا للحقيقة، فهو لم يجاف الحقيقة في واقع الحال؛ ولكن لأني كنت أعرف تاريخه السياسي والشخصي بدقة، فهو من نظمني ذات يوم من العام 1977 في الحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي، الذي سيعرف لاحقا باسم "جماعة رياض الترك" ؛ وهو الذي سيتركني أذهب إلى الاعتقال وأنا حدث لم أبلغ الثامنة عشرة من العمر أواخر العام 1979، فيما اختار هو الذهاب إلى.. جميل الأسد! دون أي مقدمة، ودون "إحم أو دستور" كما يقال، طلبت من المهندس أن يتوقف فورا عن الحديث بهذه اللغة السوقية عن حافظ الأسد أمامي. وزدت على ذلك بأن أمرته بالخروج من المنزل في الحال إذا لم يكن لديه ما ينشده في سوق عكاظنا إلا معلقاته البذيئة. أصيب الحضور بالذهول من هول المفاجأة. ولم يكن المهندس الزراعي أقل صدمة وذهولا؛ لكن ليس إلى الدرجة التي منعته من التساؤل عن السبب الذي يدعو امرئا مثلي كان قبل دقائق يتهم نظام الأسد على إذاعة الـ BBC وقناة "الجزيرة" بأنه نظام ديكتاتوري وإرهابي، وأن الأسد الأب ليس سوى " ملك المقابر الجماعية الذي لم يزل يحكم سوريا من قبره"! وربما تساءل في نفسه: ما لهذا المعارض الذي يريد أن يحتكر حتى الحقد على السلطة لنفسه ويرفض أن يشاركه به أحد!؟ لم يكن موقفي بسبب هذا الأمر ولا بسبب ذاك. كان الأمر على درجة من البساطة بحيث أن حجم دماغ المهندس، الذي لا يزيد إلا قليلا عن حجم دماغ عصفور، بدا أعجز من أن يستوعب السبب الفعلي الذي دعاني إلى منعه من شتم حافظ الأسد أمامي. كان موقفي ينطلق من مبدأ بسيط جدا لا زلت مقتنعا ومتمسكا به وسأبقى : من لم يتجرأ على قول كلمة واحدة بحق حافظ الأسد وهو حي، لا أقبل منه ولا أسمح له أن يقوم به أمامي بعد مماته. وبصيغة أخرى أكثر شمولا : لا أقبل ممن كان يمارس شهادة الزور سنوات طوالا ونحن نموت يوميا في زنازيننا، وممن كان أجبن من أرنب، أن يمارس شجاعته أمامي أو يزاود على مواقفي ؛ فكيف إذا كان من طينة المهندس ( م.ا) الذي لم يكتف بأن تخلى عن رفاقه وتركهم يذهبون زرافات ووحدانا إلى المعتقلات منذ اللحظة الأولى التي فتحت السلطة النار عليهم وعلى حزبهم، بل، ولكي يزيد الطين بلة، التحق بـ " جمعية الإمام المرتضى " ليصبح خزمتشيا عند جميل الأسد! تأسيسا على هذا الموقف حاولت أن أطور مبدأ عاما ألتزم به كقاعدة سياسية أدعو الجميع إلى التزامها. هذه القاعدة تقول ما يلي : كل من يصبح ( لأسباب تتصل بحرية الرأي والضمير) خلف قضبان هذا النظام الذي أفضل تسميته بـ " نقابة للجريمة المنظمة " وتسمية رئيسه بـ " نقيب للمجرمين"، يتوجب علينا سياسيا أن نقف معه حتى وإن كان خصمنا السياسي قبل اعتقاله. وما لا يقل أهمية عن ذلك هو أن نوقف أي ممارسة نقدية إزاءه طالما أنه مسلوب الإرادة. في الحقيقة، إن الأمر ليس قاعدة سياسية وحسب ؛ إنه قاعدة أخلاقية أيضا وبالدرجة الأولى. فحين يتجرد الصراع السياسي حتى ولو من حد أدنى من الأخلاق، تصبح مرجعيته الأخلاقية الوحيدة هي تلك التي تحكم منطق عصابات قطاع الطرق. ومنطق قطاع الطرق، كما هو معلوم، مبني على مبدأ أخلاقي ـ إجرائي واحد هو " تشليح " الضحية فيما فوهة المسدس تلامس نافوخه، أو بعد أن يتم تقييده إلى جذع شجرة! وما من سوري يدخل السجن في ظل حكم نقابة الجريمة المنظمة في سورية إلا ويتحول تلقائيا إلى ضحية من هذا النوع. لماذا هذه المقدمة المطولة ؟ الأمر بسيط. ثمة من ساءته مقالة كتبها ميشيل كيلو ونشرها في " القدس العربي " قبل يومين من اعتقاله بعنوان " نعوات سورية ". وكل من شعر بالإساءة ( وهم كثر جدا في واقع الحال) هو محق في ذلك تماما. فقد أراد ميشيل أن يعرض لقضية في منتهى الأهمية والخطورة في حياة بلادنا. وكنا نتتظر منه، وهو الماركسي ـ اليساري ـ العلماني والعلمي، أن يعالجها في إطار منهج يمت بصلة قربى للأطر المنهجية التي تربى عليها، ولكنه عرضها بأسوأ منهج يمكن يلجأ إليه حتى شخص خرج للتو من معطف ابن تيمية أو حتى من معطف الإمام الخميني! بل إن أستاذا في السوربون كنت أتحدث معه يوم أمس بشأن اللجنة الدولية التي نعمل عليها منذ شهرين من أجل عارف دليلة، وصف مقال ميشيل بأنه " أجمل وأقوى مقال كتبه في حياته من حيث الشكل، لكنه الأسوأ والأكثر فقرا وضحالة من حيث المضمون"! ليس ثمة شخص واحد في سوريا أو في العالم كله أساء له ميشيل كيلو مثلما أساء لي، بما في ذلك رجال السلطة وجلادوها وأعضاء نقابتها السياسية المتخصصة في الجريمة المنظمة، إذا كنا نعتبر ما كتبه ضدها وضد أعضائها " إساءة "، وهو في واقع الحال ليس كذلك، بل كانوا يستحقون منه أكثر من ذلك بكثير. ولطالما تمنيت أن يضعني ميشيل كيلو حتى بمنزلة " الكاتب الجليل" (!) بهجت سليمان منه. وهو، على أي حال، تمنّ يشبه تمني مواطن سوري في أن يكون كلبا في منزل بريجيت باردو! لقد نشر جلدي وعرضي على حبال غسيل كل النشرات الإلكترونية التي تحركها أصابع السلطة في سوريا، بدءا من " شام برس" وانتهاء بـ "كلنا شركاء" مرورا بالمرحومة "مرآة سورية". ولم يوفر حتى جريدة "النهار" التي طالما اعتبرتها الحصن الذي أنقذني أصحابها يوما ما من موت شبه محقق. فوصفني بـ "المهرج" و "الدجال والنصاب والمجنون والمختل عقليا "، ووصف سياسة المعارضة السورية بأنها " سياسة لا نفع فيها" لمجرد أنها "معارضة نيوفية "! واتهم شخصا آخر أقل ما يقال فيه أنه دفع سبع سنوات من عمره سجنا، مهما كان موقفنا منه، بأنه لم يجد مدرسة أمامه " إلا مدرسة التدجيل النيوفية ". ووصل الأمر به إلى حد أنه حمّلني مصائب سوريا كلها، بل وحتى مسؤولية فشل " الإصلاح السياسي " فيها، حين استفتح مقاله بالتأكيد حرفيا على أن " روح المهرج الكبير نزار نيوف تلعب دورا متزايدا في معادلات سوريا السياسية "! ووصل بتطاوله وإساءاته إلى حرماتي الشخصية. كل هذا رغم أني لم أتعرض له في يوم من الأيام سلبا أو إيجابا، مدحا أو قدحا. وكانت سلسلة المقالات التي دبجها ضدي مفاجأة حتى للأقربين منه والأبعدين عني. كما وأصابتهم بالصدمة والذهول لجهة دوافعها الحقيقية وتوقيتها، خصوصا وأنها ترافقت تماما مع حملة تخوين شعواء كنت أتعرض لها من قبل النظام السوري وأدواته على خلفية موقفي آنذاك مع الاجتياح الأميركي للعراق، وهي أقسى وأبشع حملة قد يكون تعرض لها مواطن سوري منذ الاستقلال حتى الآن. لكن جميع من صدموا بحملة ميشيل ضدي اتفقوا، وإن ضمنا، على أن الدافع الوحيد الذي ساقه إلى ذلك كله هو الحملة التي كنت أديرها آنذاك، ولست نادما عليها، ضد " الكاتب الجليل" بهجت سليمان! ومع هذا، فقد لزمت الصمت وتجنبت الرد، حتى هذه اللحظة، على ما قاله بحقي، رغم أن الصديق وتوأم الروح جبران التويني، المجد لذكراه، قد فتح " النهار" على مصراعيها أمامي لممارسة حقي في الرد. مع ذلك، وبالرغم من كل ما يمكن أن يستثيره هذا من شجون وجروح في نفسي، وبالرغم من كل الأذى والإهانة التي يمكن أن تكون قد لحقت بالبعض جراء مقاله غير الموفق، نقول للجميع : ـ إن ميشيل كيلو اليوم خلف القضبان ؛ـ وميشيل كيلو مسلوب الإرادة حتى إشعار آخر ؛ـ وميشيل كيلو لا يستطيع الدفاع عن موقفه ولا إيضاحه لمن التبس عليه الأمر، لأنه في أسر نقابة الجريمة المنظمة، وحاله كحال من تصلبه عصابة على جذع شجرة تمهيدا لـ " تشليحه " ؛ـ وميشيل كيلو ربما يجلده الآن أحد المهربين من عرفاء المخابرات العامة بمحاضرة عن " دور المثقف الوطني عند المعطفات الحاسمة في تاريخ الأمة "، وعن " دور المثقف الثوري في الدفاع مكتسبات الطبقة العاملة تحت قيادة المناضل النقابي رامي مخلوف". فليتوقف كل طعن بميشيل كيلو وكل نقد له حتى يصبح بيننا مرة أخرى.فحذار أن تشعروا نقابة الجريمة المنظمة ونقيبها بأن دمه علينا. إن دمه لنا وحدنا وملكنا وحدنا.. وإن دمه عليهم وحدهم! " فهل يحتاج دم بهذا الوضوح إلى معجم طبقي لكي يفهمه"!؟
سليمان يوسف يوسف:
ميشيل كيلو ضمير وطن
إلى أين تذهب سوريا..؟ سؤال كبير تركه اعتقال الكاتب والمفكر (ميشيل كيلو)،أحد رموز العمل الديمقراطي في سوريا والناشط البارز في لجان أحياء المجتمع المدني ورئيس مركز (حريات) للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير،وهو من الأسماء المعروفة في (اعلان دمشق) للتغير الديمقراطي في سوريا. السؤال ليس بجديد، فقد سبق أن اختاره ميشيل كيلو نفسه عنواناً لمقال له قبل أشهر، بعد موجة اعتقالات واستجوابات طالت العديد من الكتاب ونشطاء الحراك الديمقراطي وأعضاء ادارة منتدى الاتاسي. عرض ميشيل في ذاك المقال رؤيته لتطورات الحالة السياسية السورية وقد حدد سيناريوهين:سيناريو (الاصلاح السياسي) الذي يحقق المصالحة الوطنية وتطبيع الحياة السياسية في البلاد، ينبثق عن(حوار وطني)بين السلطة والمعارضة.وسيناريو (أمني سلطوي) يقوم على رفض (الإصلاح السياسي الحقيقي)من قبل السلطة والمحافظة على جوهر ما هو قائم وضبط الوضع الداخلي من خلال تشديد (القبضة الأمنية)،وقد أبدى(ميشيل) تخوفه من هذا السيناريو (الأمني)، لأنه قد يجر البلاد الى حرب أهلية.اعتقل ميشيل كيلو يوم الأحد الماضي 14-5، من قبل إدارة أمن الدولة بدمشق، بعد يوم واحد من مقال له بعنوان( نعوات طائفية) نشر في صحيفة (القدس العربي). يصور ميشيل كيلو،بحس وطني صادق وشفاف، في مقاله التمايزات الطائفية التي بدأت تتضح وتفقع ألوانها في قاع وعلى سطح المجتمع السوري، وبالتالي، ليلفت أنظار المعنيين الى مخاطر استمرار هذه الظاهرة، وغيرها من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية السلبية، على التماسك المجتمعي، كذلك محذراً من الانعكاسات السلبية، وربما الخطيرة، على الوحدة الوطنية ،التي قد تنجم من الاكتفاء بالسيناريو الأمني في حل ومعالجة مشكلات الواقع السوري وأزماته المزمنة. نكرر السؤال من جديد: سوريا الى أين..؟ بعد أن زادت مخاوفنا من (الحل الأمني)، الذي حذر (ميشيل كيلو) من مخاطره، مع اتساع دائرة الاعتقالات وتشديد القبضة الأمنية من جديد على المجتمع السوري. ما من شك، بأن اعتقال ميشيل كيلو ضاعفت حالة الإحباط و التشاؤم واليأس لدى مختلف الأوساط السياسية والثقافية في سوريا، لكن هذا التشاؤم رافقه شعور بالتفاؤل، بدأ مع هذا السيل الوطني والإنساني الصادق من، داخل وخارج سوريا، من الرسائل والاحتجاجات والبيانات والمقالات التي تدين وتحتج وتشجب وتستنكر اعتقال ميشيل وتطالب بالإفراج عنه وعن جميع معتقلي الرأي في السجون السورية. لا جدال، على أن اعتقال ميشيل كيلو سيزيده شهرة ، لكن الأهم أنه سيزيد وبأضعاف عدد المؤيدين والمتضامنين مع دعوته للتغير الديمقراطي السلمي في البلاد، فهو شخصية وطنية بامتياز، لا بل أنه يمثل، بأخلاقه الوطنية العالية، (الضمير الوطني الحي). كان ميشيل متميزاً بخطابه وكتاباته وبطريقة تعبيره عن حبه لوطنه، وفي إظهار حرصه وخوفه على هذا الوطن السوري الذي أحبه و نحبه جميعاً. ولهذا يرى الكثير من المراقبين والمتتبعين للشأن السياسي السوري، في اعتقال ميشيل كيلو أشياء كثيرة ورسائل عديدة وبأكثر من اتجاه، في هذا الزمن السوري الصعب،حيث لم يعد للوطن السوري عنوان سوى (الاعتقال والسجن والاستدعاء). فما أصعب من أن يعيش الإنسان منفياً في وطنه،وأن يعتقل الشخص ويهان بسبب حبه لوطنه وخوفه عليه... إذ يبدو أن في سوريا حتى حب الوطن صار جرماً يعاقب عليه القانون... باعتقال ميشيل كيلو، أدركت لماذا انهزم الوطن في كل معاركه القديمة والجديدة، كما أيقنت أن زمن الهزيمة لم ينته بعد، طالما الاستبداد باق ولطالما اعتقال أهل الفكر مستمر من قبل أهل الحكم...باعتقال ميشيل كيلو، أدركت كم يخشى النظام من الكلمة الحرة ومن الديمقراطية ...وباعتقاله، أتتضح حجم الفراق الكبير بين عقلية السلطة القمعية وبين ذهنية المثقف الديمقراطي، بين مفهوم السلطة للوطن وحقوق المواطن وبين مفهوم المواطن للوطن ووظيفة السلطة. ببقاء السجون مفتوحة لاستقبال ميشيل كيلو وغيره من الناشطين السياسيين ومن المدافعين عن حرية الرأي والتعبير وعن حقوق الإنسان السوري، أيقنت بأن (جمهورية الخوف) لم تزل قائمة في سوريا، وما زالت تفصلنا مسافات زمنية وثقافية وسياسية طويلة وشاسعة عن ( دولة مدنية) تحكم بالدستور والقانون، وتقوم على الحق والعدل والمساواة وعلى (روح المواطنة)..باعتقال ميشيل كيلو وغيره من السياسيين والمثقفين تأكدت شكوكي بأن المعاملة الجيدة التي لقيتها في (ادراة أمن الدولة) التي استدعتني للتحقيق في آذار الماضي، لم تكن تعني بأن تحولاً مهماً وجوهرياً قد طرأ على طريقة تعاطي (الأجهزة الأمنية) مع نشطاء المعارضة والمثقفين دعاة التغيير الديمقراطي في البلاد...اعتقال كيلو يدفعنا للتساؤل من جديد: بماذا يفيد الوطن اعتقال الدكتور عارف دليلة ورياض ضرار وعلى العبدلله وولديه وفاتح جاموس ويعقوب شمعون وغيرهم كثر.. هل بهذه الاعتقالات نضمن أمن الوطن ونقوي جبهتنا الداخلية في وجه التهديدات الخارجية ؟ بالطبع لا ! نتساءل من جديد مع ميشيل كيلو: إلى أين تذهب سوريا...؟.
كاتب سوري آشوري shosin@scs-net.org
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق