2006/06/23 | weekly_culture | |
| ||
|
الشعر الأسود خارطة الجرح والتراث والثقافة الأفريقية، تاريخ العسف والعبودية، توثيق الكوابيس والأحلام وتتخلله نوافذ الكلمات المشرعة للضوء والمستقبل.
فهل يصح الحديث عن شعر أسود وأبيض ونقد أسود؟! هذا ما تطرحه نظريات وقصائد الشعوب المعنية بهذه الخارطة القادمة من <خصوصية> تاريخية وثقافية مختلفة. وهذا ما تطرحه أجواء الكلمات، أعماق لوحات المبدعين السود، موسيقاهم المتميزة، طقوسهم المحملة بمختلف الرموز والأقنعة والرقصات والأبخرة والتي تعج بها البيوت والكتب وصالات المعارض حين تفتح أبوابها ونوافذها لتسليط النور على ما بقي مركولا في العتمة، وفي آخر السلم الاجتماعي.
هنا بعض القصائد مختارة من أنطولوجيا خاصة بالشعر الأسود صدرت عام 2002 قام بإعدادها <شارلز هنري راويل> بالرجوع إلى محتويات <كاللالوو> وهي المجلة التي بلغ عمرها 25 سنة نشرت خلالها أفضل ما جاد به الكتّاب السود من شعر وقصة ومقالات. فيها نقع على نصوص لكتّاب وكاتبات، بعضهم حازوا على جوائز مرموقة وعالمية، منها جائزة <بوليتز> والتي فازت بها كل من ريتا دوف، أليس وولكر، ولوسيل كليفتون...
نصوص ينعكس فيها جانب من معاناة المرأة السوداء في بيتها الأسري ومحيطها العام، كما في قصيدة أليس وولكر. كذلك نجد وجه الكلمة مجروحاً بالحزن لدى لوسيل كليفتون وهي تكتب حالة من <الستيريوتايب> التي يحملها الآخرعن أخلاقيات العرق الأسود. ونقف في قصيدة الشاعر تيرانس هايز على مطاردة الطفولة في الحقول التي يمرح فيها الشباب السود. ونقرأ قصيدة <صورة جانبية لأفريقيا> مأخوذة من مجموعة أخرى بعنوان <جمال مستعار> للشاعرة الكندية الأفريقية ماكسين تاينس والتي حازت على جوائز قيمة، وكانت أول أمرأة سوداء تعمل في إذاعة كندا <سي بي سي> وعلى شرفها تمت تسمية إحدى القاعات في المكتبة العامة، في مقاطعة <نوفا سكوتشيا> الكندية. ومن خلال متابعاتي لبعض هذه الفنون والأنشطة في تورنتو وعلى أرض الواقع أستطيع القول إن صوت الجرح في أدبياتهم ما يزال شاخصا، موجعاً، مباشراً ويخدش الأذن <البيضاء> الناعمة كما في بعض هذه القصائد.
قصائد مترجمة:
صورة جانبية لأفريقيا
للشاعرة: ماكسين تاينس
نلبس جلدنا كقماش ناعم
نحن الشعب الملوّن
البني الأسود القهوائي الكريمي الأبنوسي
الجميل، القوي، بصورته الجانبية الاكسوزتيكية
شفاه كالزهرة
سطوح مظللة سوادها صقيل، انحناءات، بنيان
كبعض الموزاييك المظلل
نلبس جلدنا كعلم
نتقاسم جلدنا كملاءات
نلقي جلدنا كالظلال
نلبس جلدنا كخارطة
من صورتي ارسمْ خطاً بيانياً لبدايتي
ارسم خطاً بيانياً لبدايتي من لوني
إقرأ خارطة تراثي في
وجهي
جلدي
في الوميض الأسود للعين
في الصورة الجانبية لأفريقيا.
* * *
في نزع القشور عن ذاتي
للشاعرة: آليس وولكر
(إلى جين، التي قالت إن الأشجار
تموت لهذا السبب)
لأنه من المتوقع من النساء أن يبقين صامتات
من أجل خلاصهن الوشيك، لذلك لن أبقى صامتة
وإذا هلكتُ (شجرة عارية!) أحد ما
سيأتي
ويضع نقطة علاّم في المكان
حيث سقطت وسيعرف أنني لم أستطع العيش
صامتة بين أكاذيبي الشخصية
أسمعهم يقولون <كم طيبة هي!>
هؤلاء الذين أحتقرُ بشدة إعجابهم
بالحركات المهذبة.
لا، لقد أكتفيتُ من العيش
لأجل ما آمنتْ به أمي
لأجل ما دافع عنه أبي وأخي
لأجل ما ثمّنه حبيبي
لأجل ما كانت تخجل منه أختي، وتتنكر له وتهرب من معانقته.
لقد وجدتُ
كياني الصغير
ذاتي الواقفة
في مواجهة العالم
مدركة الرغبات المتكافئة
أخيراً.
بالإضافة إلى هذا:
كان صراعي دوماً مع
العتمة الداخلية: التي أحملها في نفسي
مفتاحاً وحيداً معلوماً
إلى موتي من أجل تحرير الحياة، أو لإغلاقها
إلى الأبد. إمرأة تحب سيقان القمح، اللون
الأصفر
والشمس، سعيدة بمحاربة
كل القتلة المحيطين
إنه واجب كما أرى.
* * *
أزمنة
للشاعرة: لوسيل كليفتون
من الصعب أن تحافظ على إنسانيتك في زمن
ترى فيه فراخ الطيور تدمع
على الأشجار وحين عيون السنجاب
لا تحيد بنظراتها بعيداً عنك، فقط الكلب يفعل ذلك
لوهلة، بشفقة.
طفلٌ آخر قتل طفلاً
أمسكُ نفسي وأنا أتنفس الصعداء
إنهم بيضٌ ويمكنني أن أفهم ذلك إلا أنني
تعبتُ من الفهم.
إذا استطاعت
هذه الأبجدية أن تتحدث بلسانهم
ستكون كلها رموزا بكل تأكيد،
تستطيع القطة أن تتمطى فوق هذه الطاولة العريضة
وسيكون معنى هذا أن الوقت يحين،
والسمكة المغزولة سوف تجري نحو الأرض
ويكون معنى هذا أن النهاية قادمة
وحبيبات الغبار سوف تبلور نفسها
وتنطلق عبر الشوارع لتخبر الحقيقة بالتفصيل
هؤلاء أيضاً أطفالك هذا طفلك أيضاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق