تونس ومصادرة الصحف
2006/07/05
الضغوط التي تمارسها الحكومة التونسية علي حرية التعبير في بلادها معروفة، ومن ابرز نتائجها حدوث تراجع في المستوي المهني لمعظم وسائل الاعلام التونسية المقروءة والمسموعة.
فاعتقال الصحافيين ومصادرة الصحف وتشديد الرقابة علي المواقع الالكترونية، باتت من الممارسات المعروفة التي طالما وثقتها منظمات حقوق الانسان، والجمعيات المدافعة عن حقوق الصحافيين، ولكن يبدو ان الحكومة التونسية لا تعير اي اهتمام لكل ما يكتب ويقال في هذا الموضوع.
وبسبب كثرة المصادرات والمضايقات غابت العديد من الصحف العربية والعالمية عن الاسواق التونسية، لانها لم تعد تحتمل الخسائر المادية والمعنوية التي تلحق بها.
فاي خبر صغير يتحدث عن احداث لا ترضي الحكومة او بعض اجهزتها يمكن ان يعرض الصحيفة للمصادرة، حتي لو كان هذا الخبر صادرا من تونس نفسها، وبعثه مراسل وكالة محترمة ومسموح لها بالعمل.
في هذه الصحيفة واجهنا الكثير من المضايقات والمصادرات المباشرة وغير المباشرة، وتحملنا بسبب ذلك الكثير من الخسائر، وقد حاولنا ان نوصل شكوانا الي المسؤولين بكل الطرق والوسائل الودية، حرصا منا علي تونس والتواصل مع شعبها وطبقتها المثقفة، ولكن مساعينا كانت تقابل بالوعود والكلام المعسول، وبعد ان نغادر البلاد تعود الامور الي وضعها السابق.
الرقابة التونسية تستخدم اساليب غير مفهومة في تعطيل الصحيفة ومنعها من الوصول الي قرائها، فاحياناً تعطل الافراج عنها لعدة ايام، كنوع من المضايقة، ولمحاصرة التوزيع، ونحن هنا لا نتحدث عن المصادرات، وهي كثيرة وموثقة لدينا.
ندرك جيداً ان الحكومة التونسية حققت انجازات كبيرة علي صعيد التنمية الاقتصادية وخلق الوظائف وتحسين مستوي الانسان التونسي، ولكن ما قيمة كل هذه الانجازات اذا كانت اجهزتها تصادر الحريـــات وتعلـــــن الحرب علي وسائل الاعلام، وتستعدي العاملين فيها، وتحرم البلاد من اي قلم او صحيفة صديقة؟
نعترف باننا صبرنا في هذه الصحيفة طويلاً علي المصادرات والمضايقات التي تمارسها اجهزة الرقابة في تونس ضدنا، ولكن صبرنا بدأ ينفد وبدأنا ندرس فعلياً الانضمام الي العديد من الصحف العربية والعالمية التي قررت الابتعاد عن الاسواق التونسية.
نشعر بالاسف الشديد لاننا اضطررنا للتعبير عن معاناتنا بهذه الصورة العلنية، ونحن الذين نعتز بتونس وشعبها، واحتضانها لمنظمة التحرير ورجال المقاومة وآلاف الفلسطينيين بعد ابعادهم من لبنان، وهو موقف سيظل دائماً محل تقدير واعتزاز، ولكن أعيتنا السبل والوسائل، ونحن الذين لم نهادن اي حكومة عربية، وبح صوتنا من الشكوي في الغرف المغلقة، وباكثر الوسائل تهذيباً. لقد طفح كيلنا.
مجلة فكرية ثقافية عامة بإشراف حكمت الحاج وتحرير نادية حنظل و لقاء الحر و كاتارينا اسكسون و محمد علي أحمد
٦/٧/٢٠٠٦
Alquds Newspaper القدس العربي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق