شاب تونسي يضرم النار في نفسه من اليأس أمام قصر الرئاسة بقرطاج
محمد بن غرسالله هو شاب تونسي من مواليد 1972 بالشراردة، انقطع عن الدراسة في السنة الخامسة من التعليم الثانوي وبقي عاطلا عن العمل لسنوات طويلة. خطب فتاة منذ ثماني (8) سنوات، لكنّه لم يتمكن من الزواج منها بسبب البطالة. أعطاه عمّه قطعة أرض فلاحية بها 100 شجرة زيتون من أجل مساعدته على الخروج من الفاقة. قدّم محمد بن غرسالله مطلب قرض في 100 ألف دينار إلى البنك الوطني الفلاحي من أجل بعث مشروع، إلا أنّ مطلبه قوبل بالرفض بتعلة أنّ المبلغ كبير ولا يناسب قيمة العقار (قطعة الأرض) الذي قدّمه كضمانة للقرض. و لمساعدته على الحصول على القرض أعطاه أبوه قطعة أرض أخرى مساحتها بين 8 و10 هكتارات، فقدّم محمد بن غرسالله مطلب القرض من جديد وبقي ينتظر حتى أعلمه البنك يوم 31 جانفي برفض مطلبه مرة ثانية.
توجّه الشاب يوم الإثنين 12 فيفري 2007 إلى العاصمة حاملا معه ملفه قصد مقابلة وزير الفلاحة ليطرح عليه مشكلته، لكنّه لم يتمكن من مقابلته وكل ما حصل عليه هو مقابلة أحد الموظفين بالوزارة الذي قال له أنّه لا يمكنه مساعدته في شيء. فما كان منه إلا أن توجه في اليوم الموالي، أي الثلاثاء 13 فيفري، إلى قصر قرطاج حيث مكث طيلة اليوم أمام القصر طالبا من الحراس تمكينه من مقابلة الرئيس بن علي دون جدوى. وكان يعود أمام القصر كلما أبعده الحراس، وقد دام ذلك كامل اليوم.
عاد محمد بن غرسالله من الغد أمام قصر قرطاج، وأغلق هاتفه النقال على عكس اليوم الأول حيث تمكن أخوه من مخاطبته عديد المرات. وتفيد المعلومات التي تحصلت عليها عائلته من طرف الشرطة، أن محمد حمل معه يومها قارورة بنزين وهدّد بحرق نفسه إذا لم يستجب الأعوان إلى طلبه. وأمام إصرار هؤلاء على منعه من مقابلة بن علي، شرب نصف القارورة ثم سكب نصفها الآخر على جسمه وأضرم النار في نفسه ممّا أدى إلى وفاته.
وعلى إثر الحادثة اتصل أعوان الأمن بعائلته وأجرت شرطة المرسى بحثا مع شقيقه الأكبر لمعرفة هل أنّ الضحية كان يعاني من أمراض عصبية أو نفسية، فأجابهم بالنفي وأكد أنّ أخاه كان في صحة جيدة، وكل ما كان يعاني منه هو البطالة ورفض مطلب القرض.
تسلمت العائلة جثة ابنها يوم الجمعة الفارط في مستشفى شارل نيكول بالعاصمة، وقد لاحظت أنها تحمل حروقا عديدة. وتم الدفن يوم السبت ظهرا بالشراردة.
لقد أصيبت عائلة الضحية بصدمة كبرى من جراء ما حدث لابنها وهي اليوم تطالب بفتح تحقيق للوقوف على ظروف وفاته.
إن هذه المأساة ليست سوى شهادة إضافية لليأس الذي يعاني منه شبابنا جراء السياسة الاقتصادية الفاشلة والمدمرة التي تتبعها سلطة 7 نوفمبر. وهي ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها مواطن إلى إضرام النار في نفسه من جراء البطالة وانسداد الآفاق، فكلنا يتذكر مأساة علي الورغي الذي أضرم النار في نفسه يوم 13 مارس 2006 أمام معتمدية ماطر ومات هو الآخر متأثرا بحروقه بعدما يئس من الحصول على شغل يمكنه من إعالة أطفاله الأربعة.
مجلة فكرية ثقافية عامة بإشراف حكمت الحاج وتحرير نادية حنظل و لقاء الحر و كاتارينا اسكسون و محمد علي أحمد
٢٦/٢/٢٠٠٧
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق