تسمية فن أهليل الموسيقى أحد روائع الثراث الإنساني
2005/12/04
أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم فن أهليل الذي طوي في النسيان لمدة طويلة حتى في موطنه الجزائر، إلى قائمة روائع الفن الشفهي غير الملموس. ويمثل هذا النوع الغنائي شكلا من أشكال البلوز الجزائري العريق الذي يعانق العديد من الأنواع الموسيقية مثل الراي الذي استقى منه ألحانه وإيقاعاته.
كتبه نظيم فتحي لموقع مغاربية من الجزائر -04/12/05
(image placeholder)
موسيقى أهليل أصبحت اليوم واحدا من 43 نوع من الأنواع الفنية الشفوية غير الملموسة الجديدة التي أعلن عنها مدير منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونيسكو) كويشرو ماتسورا.
ويرجى من الاعتراف بمثل هذه الروائع على الصعيد العالمي زيادة الوعي لدى الجمهور بقيمة هذا الثراث الذي يحتوي على أشكال التعبير الشعبية والتقليدية التي تواجه خطر الانقراض. ويمثل هذا النوع الموسيقي المتعدد النغمات مزيجا من الشعر والنشيد والموسيقى والرقص ويكمن سماعه عادة في المناسبات الاحتفالية الدينية والأعراس وفي المهرجانات المحلية.
أهليل يتصل اتصالا وثيقا بنمط الحياة لدى قاطني منطقة كورارة التي تبعد بحوالي 1000 كلم جنوب غرب الجزائر الذين يشتغلون أساسا بأنشطة الزراعة في الواحات. وتضم الموسيقى عازفي آلات البنكري الوترية (شبيهة بالعود) ومغني وفرقة ترديد قد تتكون من 100 شخص يقفون مصطفي الأكتاف ويتحركون في شكل دائري. ويصفقون ويتبعون رئيس الفرقة الذي يقف في وسط الدائرة.
ويتمثل عرض أهليل عامة في سلسلة من الأناشيد محددة في نظام يقرره العازف الرئيسي والمغني. وتيبع العرض الذي يتواصل أحيانا ليلة كاملة نمطا عريقا في القدم فيما يتعرف بـ: المسيرة ، أوكروت ثم ترا .
أهليل هو ما يعادل البلوز الجزائري. فقد غناه أولا العبيد الذين اشتغلوا في الأراضي ثم قاوم هذا الشكل التعبيري الشفوي نوازل الدهر وفيما لم يبرح موطنه الأصلي، تجد العديد من مقطوعاته وألحانه وأنغامه قد استعان بها مشاهير المغنيين مثل أمير الراي الشاب مامي وملكه الشاب خالد التي جعلت منهما نجمين لقيا اعترافا دوليا.
أهليل يعني المدح وهو عبارة عن شعر لا يوصل التعبير عن الشكر لله وإشارات إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وإنما رثاءا للحب وصورا من الحياة في واحات الكورارة تلك الصحراء المترامية الأطراف تظاهي مساحتها القطر الفرنسي وتقع في ما يعرف بـ"مثلث النار" الأسخن في العالم. وتشكل القصور التي تجدها في العديد من الواحات في المنطقة والتي يعود تاريخ معظمها إلى مئات السنين، بينة قائمة على الثقافة ونمط الحياة التي تسعى الموسيقى إلى حفظهما.
أول من استوطن المنقطة قبائل زناتة (البربريين) الذين خلّفوا أثارهم فيها ثم أتي اليهود فأعقبهم الشرفة (القبائل الإسلامية الشريفة التي أتت من المغرب) وأخيرا سكنها السواديون الذين أخذوا إلى هناك عبيدا في العديد من القوافل المتاجرة بين شمال أفريقيا وأراضي الساحل.
وأصبحت منطقة كورارة الواقعة في ما يعرف بـ"طريق الملح" من خلال اختلاط الأعراق، ملتقى الثقافات. ويمكن معاينة هذا في الفن المعماري السوداني الجديد القائم في مناطق غاو وأغدس وتمبكتو وفي نظام السقي الوحيد من نوعه في العالم. ولكن يمكن أيضا رؤيته في موسيقى أهليل التي تحكي من جديد تاريخ هذه الواحات الأخّاذ والمضطرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق