مجلة فصول تحتفي أكاديميا بنجيب محفوظ
شعيب حليفي
" إن فعل الكتابة عند نجيب محفوظ يرصد العجائبي والمدهش، يرصد حياة تعاش في الواقع وأخرى في السرد والحوار، ولا أظن أن أديبا عربيا شغل عقلنا الأدبي مثلما شغله نجيب محفوظ". بهذه الكلمات التي جاءت في افتتاحية د/هدى وصفي (رئيس التحرير) للعدد الخاص عن نجيب محفوظ، يلتقي القارئ مع ملف كامل وثري بدراسات وبحوث دقيقة تناقش وتحاور وتفكك وتؤول نصوص محفوظ الروائية والقصصية ضمن العدد الأخير من مجلة فصول (مجلة النقد الأدبي،العلمية المحكمة) العدد 69- صيف خريف 2006.
اشتمل العدد على أربعة محاور : دراسات وترجمات ثم متابعات وقراءات في كتب وبيبلوغرافيا.
.في محور المتابعات، عرض ماهر شفيق فريد لأهم ما جاء في ملحق جريدة نيويورك تايمز لمراجعات الكتب وهو عدد خاص بأدب السير والتراجم، كما عرض من ناحية أخرى لعشر رسائل جامعية نوقشت مؤخرا بالجامعة المصرية وتهتم بالدراسات المقارنة والثقافية، والمنهجية.
وفي نفس السياق عرضت زينب حسين محمد لأهم مفاصل رسالتها في الماجستير حول شخصية الأم في روايات نجيب محفوظ، والتي نوقشت بجامعة القاهرة وبإشراف د/ جابر عصفور وسامي سليمان.
وفي ما يخص قراءة الدوريات الفرنسية عرضت ديما الحسيني للعدد 315 من مجلة الأدب المقارن، خصوصا وأنها تضمنت دراسة لبيير برونيل عن طه حسين في فرنسا من خلال نص طريف بعنوان (صلاة في الأكروبول)، كما تضمن العدد نفسه مقالا لصبحي حبشي عن جبران خليل جبران.
وضمن الدوريات الفرنسية المعروض لها في هذا العدد، مجلة (نقد) عدد 703 ومجلة (ترجم) عدد 207. كما حظيت الدوريات العربية، مع ماجد مصطفى بعرض للعدد الخاص عن نجيب محفوظ بمجلة الهلال (دجنبر 2005) ومجلة (الرافد) عدد 99. ثم العدد 26 من مجلة ألف التي تشرف عليها فريال غزول وصدر عددها السنوي في محور (شهوة الترحال : أدب الرحلة في مصر والشرق الأوسط). وختم ماجد عرضه بقراءة في مجلتي نزوى عدد 47 ومجلة الآداب البيروتية.
في محور الكتب والقراءات عاد ماجد مصطفى لقراءة مؤلف سيزا قاسم (بناء الرواية) والذي هو دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ، كما عرض لمؤلف مشترك لمحمد عناني وماهر شفيق فريد بعنوان (نجيب محفوظ في عيون العالم). ومن جهة أخرى قرأ طارق شلبي كتاب هالة فؤاد (طريق نجيب محفوظ بين الأسطورة والتصوف).
وحول دراسة حسن يوسف (المفكر الاشتراكي في أدب نجيب محفوظ) بسط عبد اللطيف همام لأهم محاور هذا الكتاب.
ويقرأ أشرف منصور كتاب عزت قرني (نجيب محفوظ يتدكر) من خلال فعل الإبداع الفني : الإطار والتهيئة للعمليات عند نجيب محفوظ.
وتعزز هذا المحور بمتابعة محمود الضبع عرض عناوين المواقع الإلكترونية ( النت) وخص هذا العدد بعناوين أساسية، للذين يودون الاطلاع على أعمال وحياة نجيب محفوظ.
ووثق سامي سليمان بيبلوغرافيا محفوظ في الثقافة العربية المعاصرة، وفي السياق نفسه جاءت بيبلوغرافيا نجيب محفوظ في الإنجليزية لكريستينا فليب.
.ساهم في محور الترجمات، وهو متمم لمحور الدراسات، كل من بيدرومونثابيت (مستعرب إسباني) بدراسة (ثلاث لقطات من حياة نجيب محفوظ) واندرس هالنكرن (باحث من السويد) حول (نجيب محفوظ ابن حضارتين). أما محمد مصطفى بدوي (مصري وباحث بجامعة أوكسفورد) فقد قارب (القاهرة القديمة وعوالمها الصغيرة). وحول رواية زقاق المدق، كتب ماريوس ديب (لبنان) تحليلا ثقافيا اجتماعيا للرواية. أما الباحثة البريطانية كريستينا فيليب فكتبت عن التشظي والتناص من خلال استراتيجية تمثيل الواقع في رواية المرايا.
ومن الهند تناول شمسون ناهر أصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ من منظور البحث في زمكانية النص والتناص. كما جاءت مساهمة لي تجين تجونغ (الصين- جامعة اللغات ببيكين) لرصد نجيب محفوظ في أعين الصينيين. بينما اختارت ايزابيلا دافيلتو (جامعة روما) تحليل رواية ميرامار.
واختتم مجدي يوسف (مصر) محور الترجمات بدراسة مقارنة في التحولات الاجتماعية والأدبية من خلال عملين روائيين لتوماس مان الألماني ونجيب محفوظ.
ساهم في ترجمة هذه الدراسات : نادية جمال الدين، أحمد هلال، محمد بهنسي، حسام نايل، علاء محمود، جان بدوي وفوزي عيسى.
.جاء المحور الأول الذي افتتحت به المجلة موادها حافلا بتسع دراسات متنوعة في المقاربات واللغة النقدية:
محمد مريني (المغرب) : نجيب محفوظ في النقد الحديث (النقد الاجتماعي نموذجا) : حيث قارب الباحث النقد الذي كتب حول محفوظ، والذي يتأسس على اقتناع راسخ عند الباحث بضرورة تجاوز القراءات القائمة على توظيف تصورات منهجية معينة لدراسة أدب نجيب محفوظ إلى القراءة الإبستمولوجية التي تسائل مختلف هذه القراءات ويعتمد الباحث، في ذلك خطة تأليفية قائمة على ثلاثة مباحث :
-يقدم صورة عن النقد الذي كتب عن أدب نجيب محفوظ، مع التركيز على الطابع الإشكالي لهذا النقد، بالنظر إلى تنوع الأطر المعرفية والمنهجية التي ينطلق منها النقاد.
- يتقصد في المبحث الثاني، خطاباا واحدا من الخطابات المختلفة التي تعرض لها في المستوى الأول وهو الخطاب الاجتماعي، الذي يتناوله ضمن ما يسميه "قراءة أفقية" .
- يصطفى في المبحث الثالث من مجموع النصوص المعروضة في المستوى الثاني، نصا نقديا هو كتاب " مع نجيب محفوظ" لأحمد محمد عطية، يحلله اعتمادا على منهجية محددة، وذلك ضمن ما يسميه قراءة عمودية.
- وينتهي البحث الى خلاصات تكثف معطيات البحث في المستويات الثلاثة المذكورة، وتلائم النتائج مع أهداف البحث.
فاروق مغربي(سوريا) :نجيب محفوظ والمناهج النقدية (القاهرة الجديدة نموذجا)
تناول النقاد، على اختلاف مناهجهم، روايات نجيب محفوظ لما له من أهمية بالغة، ليس على المستوى العربي، بل العالمي أيضا وهذه الدراسة سلطت الضوء حول رواية القاهرة الجديدة.
وقد ركزت الدراسة على أكثر المناهج النقدية تداولا ،فبدأت بالمنهج الانطباعي بشقيه الشرح والتفسير، وثنت بالمنهج الاسقاطي، وذلك عبر الإسقاط الديني والماركسي والنفسي، وأخيرا ختمت بالمنهج الفني، وتجدر الإشارة إلى أننا نحينا جانبا بعض المناهج كالمنهج البنيوي واللغوي والسيميائي، ذلك أن طبيعة هذه الرواية، وهي من البدايات إذا ما استثنينا الروايات الفرعونية، لم تغر النقاد بالدخول إليها عبر هذه المناهج كما أغرتهم روايات المرحلة المتأخرة بدءا من "الطريق"، و" اللص والكلاب" و " ثرثرة فوق النيل" .
أيمن بكر(مصر) : حكاية بلا بداية ولا نهاية تحولات المركز
يتعامل هذا البحث مع رواية نجيب محفوظ القصيرة " حكاية بلا بداية ولا نهاية " بوصفها نموذجا لانقلاب مركزية المركز وتحولها في البيئة الأكثر شهرة واستقرارا ظاهريا، مما يؤدي إلى الشك العميق في ثبات البنية نفسها أيا كان نوعها، و يبدو في هذه الرواية أن هناك بنية ثقافية اجتماعية مستقرة ذات مركز واضح لكن كلا من المركز وعلاقات البنية ينقلب بصورة تدريجية مع حركة الأحداث لصالح الشخصيات والأحداث الأكثر هامشية، ويؤدي هذا الانقلاب إلى انهيار البنية التي كانت تبدو أكثر استقرارا، وإلى انفتاح احتمالات الدلالة على عدد لإنهائي من البنيات المحتملة، وبناء على المنظور السابق فإن تحليل الرواية غير منفصل عن تصور يقدمه النص لإشكالية العلاقة التقليدية التي شغلت المبدعين والمفكرين في النصف الأول من القرن العشرين، حول كيفية نهوض الحضارة العربية، عن طريق التوفيق ببين العلوم الطبيعية الحديثة والتراث الروحي الذي يشكل خصوصية ثقافية.
محمد العبد(مصر) : الفضاءات والشفرات : قراءة "حضرة المحترم"
يقر الباحث أن لحضرة المحترم أهمية خاصة في خطاب نجيب محفوظ الروائي، وذلك أنها- مع التسليم بخصوصية موضوعها- تقع في دائرة الروايات التي أراد بها افتضاح الفساد الإداري والوظيفي والأخلاقي في المجتمع المصري المعاصر، من خلال سرد حركة الشخصية المحورية فيها : عثمان بيومي على السلم الوظيفي الحكومي، وانعكاسات ذلك على سلوكه الشخصي وعلاقاته بالآخرين، وللرواية لغة خاصة مدارها المفارقة اللفظية، وللفضاء موقعية خاصة مدارها السيطرة على حركة خيوط الحبكة والعقدة جميعا، ومما يلفت الانتباه في إنتاج الفضاء معطياته على المستويين الرأسي والأفقي، أي دور الفضاء في موقعه الخاص من خطاب الفصل، ودوره في الحوار بين الفضاءات المختلفة على مستوى خطاب الرواية الكلي، وهذه القراءة الجديدة للرواية تسعى إلى الكشف عن ذلك في ضوء السيميولوجيا والنقد التأويلي.
حسين حمودة(مصر):تلاشي الإيديلا حول متصل الزمن / المكان في روايات نجيب محفوظ
يتناول هذا البحث بعدا واحدا من أبعاد مفهوم ميخائيل باختين حول الكونوتوب متمثلا في فكرة " دمار الإيديلا"، أو " اختراق الدوري" أو " تحطيم دائرية الزمن"، عبر تقصى هذه الفكرة في أربع روايات- على الأقل- من الروايات الكبرى لنجيب محفوظ (زقاق المدق) و (أولاد حارتنا) و (ملحمة الحرافيش) ويكشف البحث فعل الزمن التاريخي الخطي، الطارئ بتغيراته الملحوظة، إذ يدافع أو يزاحم، أو يزحزح- وربما يزيح- زمنا رتيبا، دوريا، قديما راسخا في المكان، ومن المواجهة بين الزمنين، الدوري والتاريخي فوق مكان ثابت، يرصد البحث كيف يتراءى العالم في هذه الروايات الأربع، كيف يواجه- أو كيف يتكيف مع- المتغيرات التي تتحرك به، بين حدود المحنة وحدود الامتحان.
قايد دياب(مصر): المسألة الميتافيزيقية في الحرافيش
تستهدف هذه الدراسة عن المسألة الميتافيزيقية في الحرافيش جلاء هذا الجانب الهام في الرؤية الإبداعية لأديبنا الكبير بعامة وفي الحرافيش بصفة خاصة حيث إنها تعالج قضايا الوجود والموت والشر والقدر في إطار تلك العلاقة المعقدة والشاملة للإنسان بنفسه وبالكون والمسألة الميتافيزيقية في الحرافيش تأتي عبر مجموعة من الرموز من أهمها رمز التكية التي يمكن أن تجسد عالم القيم المطلقة ويتضح الموقع الفريد الذي تحتله التكية في إشكالية الوجود الإنساني بملاحظة المصير الذي تنتهي إليه الشخصيات الأساسية في الرواية فكلما نأى الإنسان بجانبه عن تلك القيم الخيرة منحازا للمطلقات المضادة سقط من حالق وأصابه البوار والعدم، والعكس صحيح كلما تماهى مع المثل العليا "الروحية اتسم سلوكه ظاهرا وباطنا بالعفة والزهد وارتضى حكم الله في العباد وطابت نفسه لإقامة العدل حتى فشل في ذلك امتلأت حناياه بالحكمة والإلهام الجليل وتحقق له ذلك التناغم العذب بينه وبين محيطه الاجتماعي.
جلال أبو زيد: فلسفة الشكل في العائش في الحقيقة
يسعى هذا البحث لأن يحقق توازنا نقديا معرفيا وجماليا بين الدراسة الأيديولوجية الموضوعية، والدراسة الشكلية الجمالية للعمل الأدبي، عبر الإفادة من الاتجاه البنيوي التوليدي الذي ينطلق من التكوينات الشكلية للعمل الأدبي ويخترقها بحثا عن دلالات الأبنية وقيمها الفسلفية دون أن يفقده أهم مزاياه وهي جمالياته الخاصة باعتباره عالما في ذاته ودون تنحية البعد الفكري أو المقصدية الأيديولوجية التي يحملها، وكما ينظر هذا البحث إلى الشكل والمضمون باعتبارهما وحدة واحدة فإنه لا يفصل بين الوحدات النصية الكبرى التي أنتجها محفوظ في تجربته الروائية، لذا نستمد من بعض أعماله السابقة بعض الإشارات أو الأدلة مثل : السراب، والطريق، والشحاذ، وقلب الليل، تلك الروايات التي تدخل في علاقات تناصية مع " العائش في الحقيقة" وتنسج الخيط الرابط بين المكونات الفكرية للحقيقة عند نجيب محفوظ فيلسوف الأدباء في عصرنا الحاضر.
سلمى مبارك: نجيب محفوظ كاتبا سينمائيا
يتناول هذا المقال نجيب محفوظ بوصفه كاتبا مارس كتابة السيناريو والقصة السينمائية، أي تلك التي كتبت خصيصا للسينما والدور الذي لعبه بوصفه أديبا في إدارة دفة التحول في السينما المصرية نحو سينما أدبية أي سينما تستخدم عناصر فنية وفكرية تشكلت في الحقل الأدبي.وقد عرض الباحث أولا لرؤية نجيب محفوظ للفن السينمائي بالمقارنة بالأدب، وللدور الذي لعبته السينما في تشكيل مخيلته الفنية والفكرية للواقعية الأدبية في مجال كتابة السناريو، متخذا من فيلم " إحنا التلامذة" نموذجا للكيفية التي أدار بها نجيب محفوظ الصراع بين رؤاه الواقعية المستمدة من عالمه الأدبي وبين عناصر نمطية مرتبطة بحكي سينمائي تقليدي.
يوشياكي فوكودا: نجيب محفوظ في مرآة الاستشراق الياباني
تقارب هذه الدراسة تلقي كتابات نجيب محفوظ في اليابان، وهي تسبق ذلك التناول بالوقوف عند تلقي الأدب العربي الحديث في اليابان، وترصد في هذا الصدد ثلاث ملامح، وهي : التحيز الشديد للثقافات الأوربية مما يظهر في قلة ترجمات النصوص العربية إلى اليابانية، وقلة عدد المستعربين اليابانيين المختصين في دراسة الأدب مقارنة بالمجالات الأخرى كالتاريخ خاصة، وقلة نصوص الأدب العربي الحديث المترجمة إلى اليابانية، وترصد المقالة الكتابات الأولى التي قدمها بعض المستعربين اليابانيين عن أعمال محفوظ، ثم تأخذ في دراسة الكتابات التي نشرها المتخصصون، بداية من عام 1990، فتناول دراسات كوميكو ياغي التي تركز على تحليل رؤية محفوظ للإسلام، وترى أن محفوظ يرى في التصوف التسامح الديني، ومن تم يأمل أن يؤدي التصوف دورا في قبول الأفكار الغربية وتحويلها داخل الإطار الإسلامي ومن تم تسويغها للشعب المصري.
chouaibhalifi@yahoo.fr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق