الهجرة غير الشرعية بعيون مبدعين عرب وغربيين
"محطة المغرب العربي، حركة الحياة عبر شمال إفريقيا"، عنوان معرض ينظم في جنيف حاليا عن الهجرة غير الشرعية عبر بلدان شمال إفريقيا من وحي فنانين سويسريين وأوروبيين ومغاربة.
المعرض الذي سهرت على تمويله المؤسسة الثقافية السويسرية "بروهيلفيسيا" يعكس لوحات عن مظاهر الهجرة غير الشرعية في حوض البحر البيض المتوسط عبر عدة معابر مثل أغاديس أو لامبيدوزا أو وجدة أو العيون.
ورشة تصنيع قوارب بحرية في عمق الصحراء، فتاة صينية تزاحم الباعة المتجولين في الأحياء الشعبية في القاهرة، جدار واق في الصحراء الغربية، شيد فوق أراضي قبائل الرحّـل التي لم تعرف الحدود في يوم من الأيام، تلك هي اللوحات والصور وعروض الفيديو التي يعرضها مركز الفن المعاصر في جنيف ما بين 24 فبراير إلى 22 ابريل 2007 تحت عنوان "محطة المغرب العربي، حركة الحياة عبر بلدان شمال إفريقيا".
المعرض الذي سبق أن عرض في "تاون هوز غالري" بالقاهرة ما بين 11 ديسمبر 2006 و13 يناير 2007، هو من تمويل المؤسسة الثقافية السويسرية بروهيلفيسيا وتصميم الفنانة السويسرية أورسولا بيمان ومشاركة العديد من الفنانين المغاربة والسويسريين والأوروبيين.
يشتمل المعرض على ثمانية مشاريع، إما على شكل معرض صور أو عرض فيديو او خرائط تعكس، كما تقول صاحبة الفكرة أورسولا بيمان "هياكل الانتقال وسياسات الردع والإحتواء للهجرة غير الشرعية واستقلالية نظم الهجرة في المنطقة".
لوحات الصحراء
لا شك أن أكثر المساهمات الفنية، تعبيرا عن تعقيد وصعوبة مسارات الهجرة غير الشرعية تلك التي عرضتها الفنانة أورسولا بيمان انطلاقا من أرشيف صور قوات الدرك المغربية.
فقد تمثلت في لوحات فنية تعكس عند الوهلة الأولى مناظر ساحرة لكثبان رملية في أقاصي الصحراء، توحي بالهدوء والسكينة والرومانسية، ولكن عندما نمعن النظر، تبدو لنا خيام وتجمعات سكنية متفرقة أقامها الراغبون في الهجرة غير الشرعية في صحاري النيجر ومالي والجزائر وليبيا، في انتظار أن يأذن لهم الساهرون على التهريب بمواصلة المشوار نحو الحلم المنشود، أو اللوحة التي تبدو سريالية، بحيث تظهر تجمعا سكنيا صغيرا في عمق الصحراء وقد انتصبت في ضواحيه ورش لبناء السفن في منطقة لا وجود لبحر فيها، هذه الصورة التي التقطت من قبل قوات الدرك المغربية، تعكس كيف أن الراغبين في الهجرة أصبحوا يحضرون رحلاتهم بعيدا في عمق الصحراء لأن الرقابة على السواحل أصبحت أكثر تشددا.
مضيق" بأتم معنى الكلمة
الصور التي ساهمت بها الفنانة الفرنسية من أصل مغربي يطّـو برّادة، تناولت صور ومفاهيم ومصطلحات الراغبين في الهجرة الشرعية أو من يسمون "بالحراقة".
وقد استخدمت كشعار لمعرض صورها "مشروع المضيق بكل ما تحمله الكلمة من معنى: المضيق كممر جغرافي والمضيق هذه المسافة البحرية التي تفصل الفارين من ضيق الحياة والحالمين بالانفراج عند بلوغ الضفة الأخرى.
بث مباشر من لامبيدوزا
لامبيدوزا شعار مرتبط في أذهان الغالبية بأفواج المهاجرين غير الشرعيين الذين لم يسعفهم الحظ قليلا وسقطوا في شباك قوات خفر السواحل الإيطالية أو من لم يسعفهم الحظ بالمرة والتقطوا جثثا هامدة.
الفيلم الذي أعده رفائل كوكو وماريا أيوريو، يستعرض كيف أن كل مقومات هذه الجزيرة تم تسخيرها لمسايرة هذه الحركة والتنقل الدائمين، من جهة للسياح المتوافدين من الشمال نحو لامبيدوزا للتمتع بجمال الطقس والبحر والطبيعة، ومن جهة أخرى، لمرشحي الهجرة غير الشرعية الذين يرون في لامبيدوزا تحقيق الحلم المنشود بحياة أفضل.
ولاشك أن المشهد المعبر هو ذلك الذي تظهر فيه شابة أوروبية خارجة على التو من مياه البحر لتخضع لاستجواب قناة تلفزيونية في بث مباشر قائلة "كنت أتوقع رؤية مهاجرين غير شرعيين، لكن لا يوجد أي منهم"، وهو التعليق الذي يجيب عنه رجل بملامح إفريقية ممتد فوق الرمال البيضاء تحت شمسية بقوله "لا يمكنك أن ترينهم في أي مكان - كل شيء يبدو طبيعيا بالكامل". عالمان متلازمان جنبا الى جنب، ولكن لكل منهما تطلعاته وهواجسه.
من روما لروما
قصة وسيناريو الرسوم المتحركة للفنانة المصرية هالة القوصي، تعكس حلم شباب القرى المصرية الذي يعيش على حلم الهجرة للغرب بالاستعانة بقريب او صديق أو من يتعلق بسائحة أجنبية على أمل أن تتزوج به وتمكنه من الحصول على تراخيص الإقامة.
وقد انطلقت هالة القوصي من حادث مقتل المصورة السويسرية فيرونيك أودرجون في عام 2004 على يد عشيقها الذي صارحته بأنها لا ترغب في الزواج منه، وحطمت بذلك كل أحلام الهجرة والغد الأفضل والهروب من الواقع المر.
واحد صيني يبيع حاجات
فيلم الفيديو "صيني حلو.. صيني جميل" لدعاء علي، يصور غزو الباعة الصينيين لشوارع القاهرة والمدن المصرية ضمن حركة السياحة الوافدة من الصين، والتي عرفت تردد أكثر من 80 ألف صيني على مصر ما بين عامي 2004 و2005، وهذه العبارة "واحد صيني يبيع حاجات"، هي العبارة التي يرددها الكثير من هؤلاء الباعة عند طرقهم أبواب المنازل.
كثير من هؤلاء السياح الجدد يمكثون في مصر بشكل غير شرعي لممارسة مهنة الباعة المتجولين. وقد حاول الفيلم استكشاف شبكات التوظيف المعقدة التي تسهر على استقدام العاملين والبضاعة بشكل مستمر، وهي ظاهرة لم تعد تقتصر على مصر، بل نجدها في جل البلدان المغاربية والإفريقية.
وقد تم تلخيص محتويات هذا المعرض الفريد من نوعه عن الهجرة غير الشرعية وعن إشكالية حركية التنقل بين ضفتي المتوسط، في كتاب باللغتين، العربية والإنكليزية، يحمل نفس عنوان المعرض.
سويس إنفو – محمد شريف - جنيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق