نـــــــــزار حيدر لصحيفة (راية الحرية) الصادرة في السليمانية:
الانفال واحدة من أبشع جرائم التاريخ
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM
قال نــــــــــــــــــــــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان الانفال واحدة من ابشع جرائم التاريخ ضد الانسانية، وستظل كذلك مهما تقادم عليها الزمن.
واضاف نـــــــزار حيدر، في معرض حواره مع صحيفة (راية الحرية) التي تصدر في محافظة السليمانية بالعراق:
يجب تقديم كل من ساهم في ارتكاب الجرائم بحق العراقيين، الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، لنضمن بذلك تحقيق العدالة بابهى صورها، من دون محاباة او مجاملة، كل حسب حجم مشاركته ونوعيتها، ليكون الجبابرة والطغاة عبرة للآخرين، فلا يفكر احد بارتكاب جرائم مماثلة، ومن اجل ان يأمن الناس على دمائهم واعراضهم واموالهم، فلا يعتدي عليها احد، ولا يتجاوز على حقوقهم احد.
ادناه، نص الحوار:
السؤال الاول:
قراءتكم لقضية الأنفال بعد كل هذه الجلسات المستمرة بشأنها، لا سيما وأن صور الجرائم الفظيعة باتت تتكشف على الملأ، من خلال الشهادت والأدلة التي قدمت للمحكمة ؟.
الجواب:
بالنسبة لنا، نحن العراقيين، فان اثبات جرائم النظام الشمولي البائد لا يحتاج الى دليل، فلقد اكتوينا جميعا بجرائمه، وذقنا الآلام التي تسبب لنا بها.
الا اننا نامل ان تكون مثل هذه المحاكمات دليل اثبات لايتام النظام ولمن لا زال يرفض الاعتراف بجرائم الطاغوت على مدى (35) عاما.
انها دليل اثبات للمغفلين والغافلين، والى المتيمين بالنظام البائد بسبب دراهم معدودة او عدة براميل من النفط، اعمت عيونهم واصابت قلوبهم بمرض حال دون اعترافهم بحقيقة الجرائم التي ارتكبها الطاغية ونظامه الاستبدادي.
اننا نامل ان يساعد الكشف عن تفاصيل الجرائم التي ارتكبها النظام الاستبدادي البائد في مثل هذه المحاكمات العادلة، الرأي العام لتغيير موقفه ورايه لصالح الضحايا فلا يظل يبرر للقاتل جريمته، وللقتيل تضحياته، وان امر من يبقى يصر على موقفه من الطاغوت بعد اماطة اللثام عن الحقيقة، احد اثنين، فاما انه من ايتام النظام، بغض النظر عن محل سكناه واقامته، او انه لا يريد ان يعترف بخطئه لانه يميل لصالح الطاغوت مهما عرف من حقيقته، وكلا الاثنين على خطأ، الا ان المهم في القضية، هو ان يكشف ضحايا النظام عن كل ما في حوزتهم من حقائق ووثائق ليلقوا الحجة على المغفلين او الغافلين.
السؤال الثاني:
إصدار حكم الإعدام بحق صدام حسين ومن ثم تنفيذه على خلفية قضية الدجيل دون غيرها، برأيكم هل أثر ذلك الحكم على التقليل من أهمية قضية الأنفال إقيليماً ودولياً ؟.
الجواب:
لكل جريمة من جرائم النظام البائد، مكانها في سجله الاسود، وستبقى الانفال واحدة من افضع وابشع الجرائم التي ارتكبها النظام ضد الانسانية، وضد شعب هو واحد من اطيب شعوب العالم واكثرها مسالمة وحبا للخير والسلام والامن والاستقرار.
فاذا كان الطاغية قد اعدم وخلد في نار جهنم وبئس المصير، فان ذلك لن يقلل من حجم الجريمة البشعة التي ارتكبها بحق الشعب الكردي الاعزل، وان تقادم الزمن لن يمحو الجريمة من ذاكرة العراقيين وكل محبي السلام والحرية للانسان، لان حجم الجريمة ومدى فضاعة الوسائل التي استخدمها الطاغوت عند ارتكابه الجريمة، لا يمكن ان يمحو اثرها شئ .
لقد خلد الله تعالى بعض جرائم فرعون في آيات قرآنية وسور باكملها، وهي ربما لا تعدل معشار ما فعله الطاغية الذليل صدام حسين بحق الشعب العراقي، وما فعله في الانفال على وجه التحديد، فكيف يريدوننا ان ننسى مثل هذه الجرائم؟ او ان يعفو عليها الزمن؟.
علينا، كعراقيين، ان نظل نعلم الاجيال اللاحقة فضاعة الجريمة التي ارتكبت بحق آبائهم وامهاتهم واخوانهم واخواتهم وجيرانهم واصدقاءهم وبلدهم ومدنهم وقراهم، حتى لا تتكرر الجريمة، ومن اجل ان تعي الاجيال كيف وبأي ثمن حصلوا على الحرية والكرامة التي نامل ان يرفلوا بها بعد كل هذه المعاناة التي مروا بها، ليعضوا عليها بالنواجذ فلا يفرطوا بها، ومن اجل ان ياخذوا على يد كل من يحاول العبث بحريتهم وكرامتهم ايا كان، وفي كل آن، ولقد صدق الله تعالى الذي قال في محكم كتابه الكريم {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الالباب} و {ان في ذلك لعبرة لمن يخشى} .
كذلك، لتكون ذكرى الجريمة عبرة لكل طاغوت وجبار عنيد، فلا يرتكب جريمة بحق الانسان ولا يمارس سلطته خارج اطار القانون، فيقتل كيف يشاء ولمن يشاء ومتى ما شاء؟ والى هذا المعنى تشير الآية القرآنية الكريمة {ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون} فمحاكمة الطاغوت لينال جزاءه العادل، حياة لبقية السيف من الناس.
السؤال الثالث:
بعد صدور الحكم على المدانين، وتنفيذها وإرجاء بعض الأحكام الأخرى ومن ثم استمرار جلسات المحاكمة ، فهل سيكون القانون الدولي رادعاً لمضطهدي الكرد، وحماية للكرد في الأجزاء الأخرى من كردستان التي مازالت تعاني من سياسات الاضطهاد والقوانين الاستثنائية وتطمس حقوقهم امام مرآى القانون الدولي ؟.
الجواب:
للأسف الشديد، فان القانون الدولي يعمل بشكل انتقائي، فيدافع عن حقوق الانسان متى ما تطابق ذلك مع مصالحه الاستراتيجية في بلد ما، ويتجاهلها في بلد آخر اذا كان ذلك يتعارض مع مصالحه الاستراتيجية.
ولذلك نرى كيف ان شعوب عديدة، ومنها من تعيش في منطقتنا، تئن تحت سياط جلاديها من الانظمة الشمولية الاستبدادية، وامام مرآى ومسمع القانون الدولي والمجتمع الدولي، من دون ان يرتجف له جفن، بل ان الكثير من هذه الانظمة التي تمارس السحق المنظم لحقوق الانسان في بلدانهم، يتمتع بدعم وتأييد كبيرين من قبل (الكبار) ويسمونها بالانظمة المعتدلة، كما هو الحال بالنسبة الى نظام آل سعود في الجزيرة العربية والنظام الملكي الوراثي في الاردن والنظام العسكري الاستبدادي في مصر، لماذا؟ لان الحديث عن حقوق الانسان من قبل المجتمع الدولي في مثل هذه البلدان يضر بمصالحه الاستراتيجية، التي تاتي في مثل هذه الحالات على حساب حقوق وحرية وكرامة الشعوب، ولذلك لم ينبس احد ببنت شفة، كما كان الحال بالنسبة للشعب العراقي ولشعبنا المسلم في كردستان العراق ابان النظام الشمولي البائد، وقبل ان يضطر المجتمع الدولي للانصياع الى استغاثات العراقيين، لان مصالحه الاستراتيجية آنئذ كانت مع وجود نظام الطاغية صدام حسين في السلطة، حتى اذا جاء ذلك على حساب حياة العراقيين ودماءهم وحقوقهم وامنهم.
لذلك فانا اعتقد بان افضل طريق لحماية الانسان لحقوقه وانتزاع حريته وحماية كرامته هو النضال بكل الطرق المشروعة.
وبهذه المناسبة، علينا ان نتذكر حقيقة في غاية الاهمية، وهي، ان نضال الشعب العراقي، وشعبنا الكردي الابي في العراق، والتضحيات السخية التي قدمها هذا الشعب سواء في الانفال او حلبجة او المقابر الجماعية او في السجون والمعتقلات او في الشوارع والازقة في عمليات المطاردة من قبل ازلام النظام او في عمليات التهجير القسري، ان كل ذلك هو السبب الاول والمباشر لما يرفل به اليوم العراقيون من نعمة الحرية، خاصة في كردستان التي تعيش وضعا امنيا افضل بكثير من عدد من مناطق العراق، وكلنا امل في ان يتطور هذا الوضع وتستقر الامور اكثر فاكثر جنبا الى جنب بقية مناطق العراق، في ظل نظام سياسي تعددي ديمقراطي دستوري فيدرالي، على قاعدة المساواة وعدم التمييز بين العراقيين على اساس الدين او المذهب او العرق او المنطقة الجغرافية او الانتماء الحزبي او الفكري والثقافي .
السؤال الرابع:
إذا انتهت جلسات المحكمة التي تنظر في قضية الانفال، بعد كل أولئك الضحايا الكورد الذين بلغ تعدادهم مئة وأثنين وثمانين الفاً بين شهيد ومشرد وموؤود ، هل سيكون حكم الإعدام كافياً بحق أولئك المتهمين الستة فقط ، أم أن على العدالة أن تطال مسؤولين وأشخاص آخرين كانوا من أصحاب القرار في تنفيذ جرائم الأنفال ؟.
الجواب:
برأيي، فان كل من ساهم في ارتكاب هذه الجرائم، يجب ان يقدم الى العدالة لينال جزاءه الذي يستحقه، ولنثبت ان القانون، في العراق الجديد، فوق الجميع من دون محاباة او مغازلة، ليكونوا عبرة لمن يعتبر.
لا يعقل ان يتعايش القاتل والضحية في العراق الجديد، ولا يمكن ان نتصور ان من تلطخت يداه الآثمتين بدماء الابرياء، يعود في العراق الجديد حاكما او مسؤولا يمشي متبخترا امام ضحاياه، فان ذلك يثير الضغينة في نفوس الناس، ويثير الاحقاد عند اسر الضحايا واصدقاءهم، كما انه يثير الكثير من الشكوك التي ستظل تحوم حول الحكومة ومؤسساتها، التي تبدو وكأنها تريد مكافأة القاتل على حساب الضحايا، وهذا خطأ افضع، ربما، من الجريمة ذاتها، ولذلك يجب ان ينال كل مجرم جزاءه، كل حسب حجم المشاركة والمساهمة في الجريمة البشعة، لنحقق العدالة بأبهى صورها، فلا نظلم احدا، متهما كان ام ضحية، وفي الآية المباركة اوصى رب العزة عباده بالعدل بقوله {ان الله يامر بالعدل والاحسان} وفي اخرى {لا تظلمون ولا تظلمون}.
نسال الله سبحانه وتعالى المغفرة وجنان الخلد لكل ضحايا النظام الشمولي البائد، وان يفضح الطاغية وزبانيته العتاة المردة، على رؤوس الاشهاد يوم القيامة كما اخزاهم في الدنيا، ويمن على الجرحى والمصابين بالعافية وعلى ذوي الضحايا بالصبر والعزاء الجميل، وان يبصرنا عيوبنا، ويجعلنا ممن يتعض بمصير غيره، فلا نظلم او نعتدي او نتجاوز على حقوق الاخرين، وان يمن على العراق بالعافية وعلى العراقيين بالامن واليمن والخير والبركة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
29 آذار 2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق