الاحتفال باليوم العالمي للمرأة
النهوض بالمرأة التونسية وتعزيز مكاسبها خيار حضاري
يكتسي الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي تحييه تونس مع سائر بلدان العالم يوم 8 مارس من هذه السنة بعدا تاريخيا هاما حيث يتزامن مع الاحتفال بخمسينية الاستقلال وبمرور خمسين سنة على صدور مجلة الاحوال الشخصية التي مثلت نقطة تحول حاسمة في حياة المرأة التونسية بما تضمنته من احكام رائدة هدفها تعزيز مكانة المرأة صلب الاسرة والمجتمع .
وقد شكل النهوض باوضاع المرأة وتحريرها من مختلف اشكال التهميش والميز منذ الاستقلال احد ابرز الخيارات الاساسية في المنظومة السياسية التونسية وهي خيارات ما فتئت تتعزز في عهد التحول بفضل الارادة السياسية للرئيس زين العابدين بن علي الذي حرص على توخي منهج اصلاحي شامل وعميق تحتل فيه قضية تكريس حقوق المرأة مكانة هامة ايمانا من سيادته بان المرأة قوة دافعة وبانها جديرة بان تتبوا منزلة رفيعة في المجتمع .
وتجسمت هذه التوجهات من خلال اثراء مجلة الاحوال الشخصية بتعديلات رائدة في جويلية 1993 تنص بالخصوص على حذف واجب الطاعة واستبداله بضرورة الاحترام المتبادل والتعاون بين الزوجين في تصريف شؤون البيت والابناء وذلك فضلا عن التنقيحات التي شملت ايضا عددا من المجلات القانونية كمجلة الجنسية التي منحت المرأة حق اسناد جنسيتها لابنائها والمجلة الجنائية التي نصت على حق المرأة في الحفاظ على حرمتها الجسدية ومجلة الشغل التي كرست مبدإ عدم التمييز بين المرأة والرجل في كافة مجالات العمل .
كما اعتبر التعديل الدستورى لسنة 1997 مبدإ عدم التمييز مبدءا دستوريا اساسيا لكل تنظيم سياسي وطني حيث ينص الفصل 8 من الدستور (جديد) على "ضرورة احترام كل حزب سياسي للمبادىء المتعلقة بمجلة الاحوال الشخصية ورفض كل اشكال التمييز القائمة على اللغة او العرق او الجنس او الدين".
وساهمت جملة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي اصبحت تنعم بها المرأة التونسية اضافة الى مختلف الاليات التشريعية والمؤسساتية والبرامج التي وضعت لفائدتها في تكريس المساواة وتكافؤ الفرص بينها وبين الرجل وفي فتح افاق واعدة امامها بما دعم دورها وعزز مكانتها في مختلف المجالات وعلى كافة الاصعدة .
ذلك ان السياسة الوطنية في مجال النهوض بالمرأة ارتقت الى مستوى الخيار الحضاري الذي يستوجب بالضرورة تشريك كل الفئات الاجتماعية دون استثناء في عملية البناء الوطني بما في ذلك المرأة وتامين انخراطها الناجع في ديناميكية المسار التنموي للبلاد لا سيما بفضل اعتماد تونس في مخططات التنمية منهجية النوع الاجتماعي التي تعد الاداة الانجع لتحقيق التنمية الشاملة والمستديمة والعدالة الاجتماعية.
واصبح مفهوم حقوق المرأة في تونس وتمكينها من ممارسة دورها كاملا في العمل التنموي من ثوابت الخطاب الرسمي ومن القواعد المعتمدة عند رسم مخططات وبرامج التنمية واقرار الاجراءات الاصلاحية وهو ما تجسم في احداث العديد من الاليات التي توصلت الى صياغة جملة من الاهداف والبرامج ساهمت في مزيد الارتقاء باوضاع المرأة وتطوير حقوقها في سياق مجتمعي تشاركي يتماشى واولويات التنمية وما تطمح اليه المرأة من مزيد التقدم والرقي.
ولقد مثل هذا الزخم من الانجازات والمكاسب لفائدة المرأة خير حافز لها لمزيد العمل والانخراط الكلي الى جانب القوى الحية الاخرى في المشروع الحضاري للتغيير والاسهام في رفع التحديات المطروحة فتدعم تواجدها في كل الميادين والقطاعات دون استثناء وتعزز حضورها في الحياة السياسية وفي مختلف مواقع القرار والمسؤولية سواء صلب الحكومة والاحزاب السياسية او في المجالس الدستورية والهيئات المنتخبة او ايضا ضمن مختلف مكونات المجتمع المدني وذلك في كنف المشاركة الفاعلة والكاملة مع الرجل في الحقوق والواجبات.
وتمثل هذه المكاسب والانجازات المتواترة ابرز دليل على نجاح الخيارات المرسومة ونجاعة البرامج المقررة في مجال النهوض بالمرأة في تونس كما تقيم الدليل على تميز وريادة المقاربة الاصلاحية التونسية في مجال النهوض بالمرأة بما ارتقى بها الى مستوى النموذج على المستويين الاقليمي والدولي.
وان ما تضمنه برنامج الرئيس زين العابدين بن علي لتونس الغد من اجراءات تهدف الى مزيد تطوير اوضاع المرأة من خلال تمكينها من حضور اوسع في مواقع القرار والمسؤلية ومن فرص اكبر للتوفيق بين الحياة الاسرية والحياة المهنية وحماية اكبر للرباط الاسرى سيتيح بالتاكيد المضي قدما على درب تعزيز هذه المكاسب وهذه المكانة الهامة التي تحتلها المرأة في المجتمع.
هناك تعليق واحد:
جججج
إرسال تعليق