بين فستان نانسي وبنطلون هيفا
قامت الدنيا ولم تقعد عندما أطلت علينا فنانتنا المهضومة نانسي عجرم، وما زالت قلوب الملايين مهتاجة على هزات تلك الأرداف العجرمية المحتجبة خلف ذلك الفستان المكشوف والمسكوب سكبا على جسدها الفتان .وما أن اتجهت تلك العاصفة العجرمية رويدا رويدا نحو السكون حتى هبت علينا عاصفة روبية أكثر سكسية ، فزلزلت أحاسيس الملايين مع كل هزة أطلقتها من بين ثنايا بذة عملها المثقوبة، وأصبحنا عندها وبعدها عرضة في كل لحظة إلى عاصفة من نوع آخر تطلقها حسناء أتقنت فن الإغراء وهز الأثداء والأرداف،وغلفت نفسها بشرشف ما أو بنطلون ملتصق بجسدها يظهر أكثر من ما يستر من مفاتنها وهكذا تحولت جميع القنوات الفضائية والأرضية ، خاصة وعامة ، مشفره ومفتوحة إلى سوق لعرض لحم طري يتلوى على ألحان غنائه.
ولكن ليست الإثارة في الفيديو كليبات هي محور حديثنا بل على العكس تماما ، فما شدني واستوقفني _ كما استوقف الكثيرين هو ذلك الفيديو كليب الجديد الذي أقل ما يوصف به أنه فيديو كليب ملتزم . فقد ظهرت مؤخرا آخر صرعات الفيديو كليب على القنوات الفضائية الغنائية، وهو شكل صدمة الموسم بالنسبة لعشاق الكليبات ومبغضيها على حد سواء ،حيث فوجئوا بأغنية صورت على كورنيش النيل في القاهرة لمشترك «سوبر
ستار 1» هيثم سعيد، عنوانها «هم مالهم بينا يا ليل». وقد تمثلت تلك الصدمة في عدم اعتماده على هزة أرداف موديلات وراقصات جميلات شبه عاريات اللواتي ينعشنا أغاني الفيديو كليب، واللواتي يشكلن مع أجسادهن عاملاً رئيسياً من عوامل الجذب لهذه المحطة أو لتلك... لكن في هذا الكليب انقلبت المعادلة وأطلت علينا الموديل مرتدية الحجاب مع
ملابس عصرية عبارة عن بنطلون جينز و" تي شيرت " رياضية وتكتفي بهز رقبتها على أنغام الأغنية الهادئة نسبياً، وهي جالسة على سور الكورنيش. ولعل القاسم المشترك الوحيد بينه وبين أي فيديو كليب لروبي هو المخرج شريف صبري الذي له الفضل في انتشارهما بالرغم من الاختلاف في المحتوى بين الاثنين إلا أن الغاية واحدة وهي ربح وفير
وشهرة أكبر.وبالرغم من الاختلاف الجوهري والأساسي بينه وبين كل الفيديو الكليبات الأخرى ، إلا أن صداه جاوز أصداءها كلها . فكما هاجت الجماهير وانتصبت أقلام المناضلين من أجل العفة والطاهرة والقيم والمناهضين لتسليع المرأة والمدافعين عن تسترها وإخفاء مفاتنها، عادت هذه الأوركسترا لينتصب أعضائها من جديد ويتصدون للهجمة الجديدة
التي تتعرض لها _ حسب رأيهم _ نساء أمتنا ، معلنين استماتتهم من أجل الدفاع عن حقوق إسلامنا وكل ذلك لمجرد أن أطلت فتاة مصرية محجبة، تتنعم برومانسية حبيبها وهو يغني لها. ما العيب في ذلك؟
لقد ثارت ثائرتهم وسال حبر أقلامهم ليلطخ ذلك الفيديو كليب ، حتى أن
معظمهم لم يسمع كلمات الأغنية فيه، أو حتى أنه يفقه شيئا عن الألحان، إنما استشاطوا غضبا لمجرد رؤيتهم فتاة محجبة فيه . لو سلمنا معهم جدلا أن فيديوهات نانسي وهيفا وروبي وغيرهن من المثيرات يحملن الكثير من الإسفاف والإثارة لدرجة خدش الحياء
العام ، ولكن كيف لنا أن نفهم موقفهم الرافض لوجود تلك المحجبة؟ هل يتساوى عندهم الإحتشام والتعري ؟ وهل تختلف تلك الفتاة الموديل المحجبة عن غيرها من الفتيات العربيات إن لم نقل المسلمات اللاتي يتخذن من كورنيش ما أو شاطئ ما متنزهاً لهن؟
أهي مختلفة عن اللاتي يتوجهن إلى جامعاتهن وأماكن عملهن يومياً مرتديات الزي نفسه، وتمارسن حياتهن اليومية وقد تعشق وتفرح وتطرب وتضحك ؟ أليس الفن مرآة الحياة ؟
أليس الحري بأولئك المناهضين والمنتقدين لوجود تلك الفتاة المحجبة في الكليب أن يتمعنوا أكثر في خلفيات ذلك العمل أو النظر بشكل أعمق للقضية ولمن يقف وراءها ؟ أين موقفكم من حنكة ودهاء شريف صبري الذي عرف من أين تؤكل الكتف؟
مجلة /بيادر/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق