نادرا ما يستجيب الاصدقاء لنداء المحبة
لكني واثق أن الشعر ملعون
ولعنته قد تصيب صاحبه بالجنون
ومن ذلك ارسال كتاب كامل عبر الايمل وتدبيج رسالة شفافة للاصدقاء لاستجداء قراءاتهم التي
قد تحدث لماما
لكن الهوس لا يترك للعقل مجالا للتروي
أو التفكير في ذنب الصحبة التي تجبر الصديق لتحمل عناء متابعة مخطوط لم يصدر بعد
وتحميله وزر المعرفة بضرورة الرد
ليس هذا أطلب
مجرد تهويمة من تهويمات القصيدة
ولا احمل احدا عناء الرد او حتى الاطلاع
لكني اكذب لو قلت انني لا أتمنى عكس ذلك
موسى حَوامدة
سُلالَتي الريح
شعر
ترقيةً لهذا الأثر
رحلا دون ان أراهما، ودفنا وأنا بعيد عنهما؛
إلى محمد حسين حسين جابر؛أبي الذي رحلَ في
1-5-2003إلى مليحة سلامة أبو عقيل؛أمي التي رحلت في
18-5-2003إليهما معا أُرَقِّي هذه الريح، آملا أن تنعش روحيهما، وهما يهيئان لي قبرا جميلا بينهما، لعلي أبلّل جسدي برائحتيهما الزكية، وأُمَسِّد الأرضَ التي ضمَّت أجملَ وأعذب جسدين عرفتهما
في حياتي.موسى …1-7-2006
عمان
سُلالتي الريح وعنواني المطر
قَبْلَ أنْ تَرتطمَ الفكرةُ بالأرضِِِ
قبْلَ أنْ تفوحَ رائحةُ الطينِ
تَجولتُ في سوق الوشايات
أحملُ ضياعي
وأقتلُ نفسي
أنا حواءُ وآدمُ
أنا هابيلُ وقابيل،
نسلُ الخطيئةِ وزواجُ السوسنِ من بيتِ الطيوبْ
.لعلي هنا أو هناكْ،
لعلي في نَسْغ الصنوبرة أو الأرزة
لعلي في طَمْي النيل أو قاع التايمز
لعلي ريشةٌ في جناح غراب
أو ذرةٌ مطمورةٌ في رماد منجم فحمٍ صيني
لعلي بعضٌ من فاكهةٍ أفريقيةٍ أو جذعُ شجرة في بنما
لعلي ظلامٌ يغطي القطبَ الشمالي
أو نهارٌ يشرقُ فوق المحيط الهادي
لعلي من أسلاف مغول
أو من نسلِ قاتلٍ روماني،
قلت لعلي من أسرة يهودية
أو عائلة بوذية
أو من بقايا الهنود الحمر
أو من كاهنٍ هندوسي،
من يثق أنَّ دمعَ العين لا يتغير
وأن ريحَ الخريف لا تعبرُ كلَّ أيام السنة،
من يضمن أن ترابَ المقبرةِ لم يسكنْ غيمَ شتاء القرن السابق لميلاد سقراط
من يثبت أن الحرارة التي طبخت جسد الفرعون تحتمس ليست نفس الحرارة التي تعبثُ بوجه طفلتي الصغيرة
لعلي من أُممٍ كثيرة ورجال كثيرين
لعلَّ لي جداتٍ روسياتٍ وعماتٍ اسبانيات
واثقٌ أن مياهَ الخلقِ تدورُ بين الوديان والشهوة
بين الحرير واللهاثْ
واثق أن لغتي ليست جسدي
وأن أصوات الطيور ليست غريبةً عن حركة الريح والمطر
لستُ اليومَ
ولستُ غداً
لعلي كنتُ طائراً في زمن الفرس
صليبا في عهد قسطنطينْ
سيفا في يد صلاح الدينْ
أوكأسا في يد الخيام
من يدلني عليّ ؟
قلبي مليءٌ بوجيب العالم
خطواتي تأخذني لبيت النار الأول،
لست قادرا على شتم كوكب المريخ
لا رغبةَ عندي لانتقاد مسار الزهرة
ولستُ حريصاً على وقف هبوب المغناطيس فوق عظام الأجداد الميتين،
معي ومضةٌ من سلاح الإله مارس
قبسٌ من نار بروميثيوس
ومعي آياتٌ من القرآن
مزاميرُ من داود
تراتيلُ من بولص
مقاطعُ من بوذا
كلماتٌ من عبد البهاء
لستُ عارفاً مطالعَ الفُلْكِ ولا مغاربَ الخلق
بدأتُ أعتادُ الدهشة
وأتجلَّى في مراياي
!أعرفُ من لا يعرفني
أخي الذي لا يمت لي بصلةٍ ولم يسمع باسمي من قبل
أختي من قفقاسيا
وعمتي من اليونان
ربما وَشَمَ صوتي الأتراكُ
أو هذَّبَ وحشيتي البحرُ
ربما وُلدَ مني مزارعٌ فرنسي
أو سياسي مخادعٌ في ايطاليا
ربما جئت من تراب لوس انجلس
أو من طين أثينا
من يعرف تاريخ جسدي قبل ألفي سنة
من يملك بيضةَ الرُخِّ في يده
من يدلني عليّ؟
لعلَكَ أنتَ مني وأنا من ثرى المريخ
لا أنكرُ صلتي بزيوس
ولا أقرُّ بدمه في عروقي
لا أطعنُ في صحة النهر
ولا أخبئُ البحر في خزانتي
سلالتي الريح وعنواني المطر
.عمان
14-3-2004
لا ندَّعي وَرَعاً في المُوسيقى
*
إلى عبير وعنهاخارجاً من لوحة الفضاء لأجل الحمام
أطلُّ نهارا من مواعيدَ ونبيذ
أمرِّرُ جسدي من خاتم الغيم
يشنَّفُ قلبي الغَزَلْ
أدير رأسَ الرجاء الصالح
إلى جهة القلب
هنا
تعود أفريقيا شهيةًً مثلَ قرعِ طبول الزولو
تمائمُ السحر تحيط جِيْدَ الغزالة
ترانيمُ الغروب
تقيم في بيت النار،
الطوطمُ الأزليُّ يسرع في رحم الفكرة
أنحني لمليكتي
أجلس بين عينيها ونشوة البنفسج
تصيخ الطرقات سمعا لمناجاة القرنفل
ترتوي شفتاي من حليب قديم قديم،
تحت دالية السماء
يجلس إلهٌ صغير
يدير خمرة الحب لوجه الجناية،
أمام عزلتي
تحط أسراب الطيور
تختفي من تفاصيل المشهد
أجيل بصري بحثا عن الصورة
تختفي المدينةُ أيضا
....أحس خفقانا في صدري
ريشَ طيور على قميصي
نسكن؟
سوف نسكن؛
في قصيدة جبلية
فوق شرفة من جبال الخليل
أو عمَّان
في حارة من حارات مكة
زقاق من أزقة استانبول
جادة من جادات الحي اللاتيني،
سرابُ المعنى تَبَخرَ من حُباب الكأس
تجيء كابول في رغوة القول
تحضر سمرقند مرصعةً بالأرجوان
وتلك المسافات التي وصلتها خيول الفاتحين،
نحنُ ضدَّ القتل
ضد ترهيب البشر
ضد قطع رؤوس الأزهار
لكننا نستمتع بزَهْو الحكايات
نستلذُّ بوصول عبارات الجزيرة أقاصي الكلام،
لسنا محرومين من صهيل الماضي
غيرَ أنَّ مجدَنا ليس مُسيَّسا
غرامَنا ليس باطلا
حكمَتنا بسيطةٌ جدا
ولذا نَفرُّ إلى سلاطين نجد
أو ملوك الصين
نفر إلى خلفاء بني أمية
أو بابا الفاتيكان
لا ندّعي ورعاً في الموسيقى
لا ندّعي رسالةً في الزهد
نسعى لتوضيب قامة الجبال
لتليقَ بقبضة اليد،
سيدركُ آخرُ ملوك بني اسرائيل
أن الجيوشَ لا تُعمِّر أرضاً
ولا تحمي بنفسجة
أو تقيم قصيدة
سيدركُ حاجبُ آخرِ ملوك بني إسرائيل؛
أن القيامةَ لن تقومَ لتخطفَ المدينة من نصائحها
وتجرف بيوت النحل من عسل الشفاء
أغوانا الزبد
كلُّ ما طافَ فوق الجريمة تقلَّص في صنع جوائز للموت
كل ما تناهى إلى سمع الزيزفون؛
أن نبياً عانقَ الخضرةَ ولم يحتملْ سفاهةَ التابعين
كل ما تراءى للصبي
نورٌ تَساقطَ في قصور المعاني،
أحملُ وجهَ الشمس في حقيبة الليل
أفتحُ عُروةَ البهجة
أفتح وأقفل،
أفتح وأقفل كي لا تدرك الملائكة نشوةَ الطين،
سنحتفي بفضيلة الاستغناء
بالكتب القديمة
ونقوش الحجر
فوق خدِّ النهار
سنحتفي بالربيع
وهو يفتحُ بستان الأمل
ويسكب خمرة الأندهاش
في حضرة شياطين النعاس،
طارَ مني شرٌ قديم
طار من رأسي وجعُ التاريخ
وانتبذتُ روحا خفيا
حملتني إلى بيت لحم
هناك جانبَ المذود
وجدت صليبي في غصن لم ييبسْ بعد
قمت لترتيب الأسطورة
وجدت الهواء يلعب بشعر الفتى،
المقدس
نار الغواية
بعد حلول الرماد،
أدنو من ولع الكلمات
أجثو بين يديّ الحقول
أَزرعُ قليلا من جينات الهواء
لتحتفظ الطبيعة بشعاع منها
.سأقول ما لم يسعفني البعيدْ
سأحرر الزمان
من نشيد الأناشيد
.31-3-2006
عمان
حكمة الكولونيل
وأنا أقرأُ ماركيز ؛
وأنا أعيشُ مع الجنرال المتقاعد العجوز؛
تذكرتُ أسلافَ الهنودِ الحمرصقيعَ الغابات الجنوبية
خريرَ مياهِ الأمازون
لهيبَ الشمس في الصومال
سلاسلَ العبيد غربَ أفريقيا
فقرَ السوريين أيام الأتراك
جوعَ الماشية والبشر أيامَ السفربرلك
بناةَ الإهرامات الفقراء
حفاري قناة السويس الموتى
أعوادَ الثقابِ المحترقةَ عند جدول ناشف،
*
بحَسرتِها التي ورثَتْها عن فقر جدَّاتها الكولومبيات
بهزيمةِ زوجها التي فتحت الطريقَ للديكتاتور
بحيرتها في تدبير قهوةِ الصباح أو عشاء الديك
بمرضها السقيم
بموتها الذي عاشته بطيئا مثلَ روايةٍ مملة
بكوابيسها الليلية صحبةََ زوجٍ غنيٍ بالأوهام
بحزنها الذي عَشَّش في أمعاء الفصول
بيأسها من بريد الجنرال
بخيباتها المتكررة
أقامت بيتا خاويا من حكمة
عَلَّقت سلالا ملآى باليأس
جفَّفَت حليباً من أسى
خزنت آبارا من فجيعة
ميراثا من هراءٍ وطحينٍ زائف
.*
أيها الماضي
يا وريثَ الحشراتِ الشاردة
أيها البعيد،
يا بونديتا المنهزم
أما نسيتَ بعضا من زهو القبرات عند مقبرة الطائر العائد من جنة فارغة ؟
أيها الحريقُ الذي لم يندلع الا في حطب الجوع
تلك شرفةٌ للتثاؤب
مشنقةٌ للرحمة
استمتعْ بعجرفة الأبدية
أيُها المستقبلُ المعقوفُ مثل صليب النازي
أما للحروف من أثرْ
أليس للكلمات من مِدية أو سيف
أما للحلم من تكوين على ظلِّ لوحةٍ لماتيس
أو جانبَ سورٍ أو جبل في خيال الجنائز
أما للكهوف من غذاء سوى الظلمة واللصوص ؟؟
*
إنتهتْ متاعبُ الميت
إجعلْ حذاءك القديمَ مستودعا للطيبة
تقدمْ حفلة المغفلين
تلك التي تكشف للخالق جرائمَ الحشرات
خديعةََ المواعظِ والنظريات
مبارزةُ الديوك
تفيضُ على حاجة المعدم
*
وأنت أيها الروائي الطاعن في الصبر والرَويّْ
أما توقفت قليلا لتطعم الجوعى من نثار السرد
أما كان ينبغي أن تُدبِّجَ للكولونيل تلك الرسالة المبتغاة
ولو من باب الخداع والتزييف
أو على سبيل المتعة الزائفة ؟
أعرفُ أن الحياةَ لا تخضع لمزاج الكُتَّاب المحترفين
لكنْ كثيرا ما تنحرفُ الكلمات
وقليلا ما تتماهى الشخوصُ بالمصائر،
لم تكنْ لتخسر
(نوبل) لو فعلتَولن تخسر الواقعية السحرية لو حسمتَ أمرَ الديك،
القراء ؟
دعكَ منهم؛
إنهم لا يشكلون سوى البخار المتصاعد من رأس السيجارة المشتعلة
أنهم يبحثون عن حبيباتهم بين الأسطر
وعن أطماعهم داخل الجمل
والمحترفون منهم يرمقونك بعين الحسد
وكثيرٌ منهم يودُّ إدراكَ سرَّ فشله فيما اقترف
دَعْك منهم ومنا
دَعْكَ من كل هؤلاء وأولئك
القرويون أجملُ من كل الكتب والنقاد
وخاصة أولئك الذين يتحلقون حول أقراص العسل الآمنة
وهم يلبسون ملابس المُنحلين وشبك الوقاية من إبر الكلمات
والقرى أكثر فائدةً للترجمة من تراجيديا الأدب
لاتقبل نصيحتي؛ فكلُّ حكمة تحمل رعونتها
ولكن من باب التلفيق
لا تحتكم لتاريخ الشجر
أو فلسفة الأوروبيين في إسداء الحكمة عبر الرواية
تقدمْ وَحْدَكَ السحر والقشعريرة
فحين جعلتَ تلك العجوز تطيرُ مع الريح صدقك الناس وكذبوا الطبيعة
فلماذا وضعتَ كلَّ قسوتك فوق رأسين بائسين ؟
لم تكن بيكيت لتحرم غودو من المجيء
أو موسى لتمتحن شعبك في التيه
ولم تكن محمدا لتعلمنا السعي والطواف
أو المسيح لتمد ذراعيك فوق الصليب ورجليك للمسامير
لكنك عن سبق تعذيب وترصد
تربَّصتَ بالهزيمة والإحباط حتى آويتهما إلى فراش النياشينربَّ ذنبٍ جرَّه العار
رب أوسمةٍ لم تنمْ على أكتاف حامليها
أطلقْ الديكَ يا ماركيز
أطلقه ليشاركَ في السباق
أو بعه بما يفكُّ عسرَ الطبيعة ويسكت الجوع
إذبحه بسكين الاشتهاء على الأقل،
لا يا ماركيز
ليست العبرة بائسةً إلى هذا الحد
ليست الفضيلة في قهر أصدقائنا بطريقة روائية
.عمان
_تشرين أول 2003
راودتُ الغزالةََ عن شرودها
راودتُ الغزالةََ عن شرودها
أوهمتُ صدري بالسكينة
صمتي بالفضيلة
خيمتي بالظل؛
جنايتي كاملة .
-
أكرهُ الشعر
أكرهُ السرد والنثر
أكرهُ الموسيقى إن لم تذكرني بك .
-
لن تنفعني الحجج
باطلٌ يقيني
ريحي عاصفة.
-
موكبُ الغروب أصفرْ
عجلاتُ المركب صفراء
حديقةُ الجار صفراء
وجهُ الخسة أصفر
إنه أيلول
بكت أوراق الرزنامة
تلك التي لم تكوني فيها يا خيبتي !
-
حماستي تعود
كلَّما شاركني الليل
سريرَ الأرق !
حماستي تسير
بعيداً عني
حماستي ترحل مني
اليها أتوق
إلى جنوني
في الحالتين؛
أيلول يمضي !
-
عشبُ الحقيقة أصفر
حين كان أخضر طرياً
كنت أحبك ؛
الآن؛ صرت أحبك أكثر !
-
سلِّميني طاولةََ الشطرنج
وخذي الفيلَ والقلعة
خذي الجنودَ والوزراء
خذي الحصان والشاهنشاه
خذي اللعبةَ كلَّها
وابْقِِ لي أصابعَكِ فقط !
-
بهجتي ناقصة في غيبتك
بهجتي ناقصة في حضورك,
بهجتي غائبة في رنين الزهر
في خشخشة الصدر
في خفقان الرصيف .
-
أنت مملكتي
طحينُ الطفولة وخبز الطابون
أنت وجه قريتي
حيطانها، قمحها، بيادرها
برودة كهوفها
أمواتها أحياؤها خرائبها
غبارها طلاسمها ومعاصر العنب فيها
أنت جبالُ التين والزيتون سهوب الحنطة
وطني أنت
رائحة أمي وفكرتها عن النصيب !
-
هاجرتْ نوارسُ الغروب
هاجرتْ من باب البحر
الى جهة السماء
هاجرتْ وحدها
وظلَّ قلبي هناك
بين يدي المغيب،
-
اقترفتُ الغناء
لأثبت للنهر لَذَةَ الخرير
امتهنت العزفَ
لأكسر رتابة العصافير
احترفت الغزْلَ
لأقي وجهَكِ من عيون البشر
-
حتى هذه اللحظة
لم أجد تفسيرا لكآبة الجبال
لم أجد علةً لانسكاب الندى
لم أجد مبررا واحداً
لأقلع عن تشبثي بالأمل.
لا أثَرَ للريح
هكذا إذنْ يتفجرُ دمي مثلَ ينبوع صغير
لم يكنْ طمعي كبيراً في اقتناء وردة فالنتاين
كان طموحي أن يلفتَ الأحمر انتباهكِ،
*
يمر سريعا خاطري
يمر سريعا عبر كهوفِ السماء
أنهارِ الظلام
شلالاتِ الضوء
يمر سريعا ورأسي بين يديك
*
خلتُ للأرض نهايةً واحدة
خلتُ للشمسِ مشرقاً وحيدا
انقلبت خيالاتي المستقيمة في لعبة الدوائر
*
لا أثر للساقية
لا أثر للريح
لا أثر فوق الطين
الخطواتُ هنا بين ضلوعي،
,
لا أثَرَ للميت
لا أثرَ للرحيل
العزاء في مكان آخر،
*
غزلانٌ
تفرُ من بين الصخورْ
تفر من نار الصيادين
تفر باتجاه النجاة
مخلفةً رذاذ اللهاث فوق هذه السطور
*
أنامُ على العتبة
لا أطمح بسفك دم اللغة
لأثبت فحولة الشعر
*
أَغتني بكِ
وأفتقر بوجودكِ
ليس لي حظوظ قربك
ليس لي نصيب بعيدا عن حبلكِ السري
.
11-1-2004
لصحبة الريح
*
إلى أسامة الشريفلصحبة الريح شَبَهُُ بالنحيب
نأوي إلى ذكريات الناي
نحتمي بالذي مضى كي تنجو الغانيات من نزوات الحرير
تستوي بين أيدينا الخطيئة والسماء
***
أدمنتكَ القطيعة
تخليتَ عن رعشةِ الرمحِ في جسد الكلمات
كنا نقيس غبارَ الوهمِ
نحسبُ شتاتَ الغروب
نُبدد غيم الذي سيأتي بعد رحيل السلالة
نرحلُ من يومنا الى أمسنا
ومن غَدنا إلى غدير التشظي وانحسار الكحل من عين النجوم
نصعد أدراجَ الخرافة
نركب جدران الحنين
لم يكن بين سور المقبرة وضوء القلب
أقلُّ من مزمار ودرب صغير
لم يكنْ ما يحرك جناز الروح سوى دخان الذكريات
.***
انتهى الذي بدا
تجسد في راحة الكأس
ترنَّح شبحٌ أطلَّ من سراج بعيد
تدنَّى
تدلَّى جثمان نهار أزلي في يد الخالق
جثا ربُّ الأسطورة
عند أقدام الندم
***
ليستْ كلماتي ما تبعث النشوة
ليست كلماتك ما ترسل النور
كِسَرُ الفخار تنهض مائلة على عكازين
تطير حبيبات التراب
تعلو صهوة المستحيل
تطير عصافير الدوري
تأخذُنَا الى أسرارنا وأسرابنا
تمشي بنا إلينا
إلى آبائنا
وتنتهي عند مقطع شعري قديم
***
تدنو غربان الموت
تهتزُّ صخرة الرغبات
تنبتُ في الهواجس زهرة
حصة من كستناء وقمح رعوي
تذوي الشمس فوق سرج الغروب
تباعدُ الأرض بين ساقيها
***
يستدلُّ الأفْقُ علينا
يعرفنا الحصان
تذكرنا تلك الربوة الغافية على زند الجبل
منذ هبوط جدِّنا الأول كان للأشجار دالةً على أبنائها
للخطيئة وشم لا تميزه الملائكة
عتمة تلف رجفة الكون
سوادٌ ينحلُّ في نهار الجميلة
شوكٌ ينشب أظفاره في جسد اللغات
.***
كلُّ خيط في مسلة الجحيمْ
كل غَزْل لم يكتمل
كل تلويحة سخط
هناك أعني
هنا تحت رأس النائم الجميل
!***
لا تشبهني كلماتي
تُشبهكَ الغواية
أقلُّ ما يقال
عند أعتاب المشهد السوريالي
جيش يتمطَّى بزيه الحشيشي
بمعتقداته الوثنية ونشيده الفرعوني
يتلقى أوامره من فزاعة في كتاب عتيق من مطبعة بولاق
بعد أن فتح نابليون عقولَ المشرقيين
بعد أن قارعته عكا
بعد أن ألقى طاقيته من على سورها
بعد أن صار إماما للمسلمين وشيخا للرهبان
صار قلبي معبدا للبوذيين
جنةً للمنبوذين من ديار الأزهر ومن نعمة الاستعمار .***
تتلوى الطريق مثل امرأة تفيض على حاجة الكأس
تنحني القبة تحت شفة المغيبْ
***
أقف مثلما يفعل شلال
أنحدرُ مثلما تفعل بيوت
أستقيم عندما تلتوي الفكرة
أعْرج كيفما تريدُ المقصلة
**
لن يمنحني الصليبُ أكثرَ من يدين كسيحيتين
لن يمنحني الهلال أكثرَ من نصف رقبة مشنوقة
وردتي بلا بتلات
ترسلها ميدوزا للجحيم
.أكنتَ تود اختطاف المعجزة من فم الطين
يمشي إليكَ النوى
تطيع خطوَكَ السنابل
بيادر القمح
صليل الندى
,أغمدك في جراب النار
أمنحُ عافية الجبل
ما وراء عينيك
***
تعفيني من حيلة التجربة
أعفيك من حدة السيف
يجرحُ كلامي الذي يجرح القلب
كذلك منتهى الحلم
نغادر الفاصلة الأولى لنكتب فاصلة تالية
لا نضع نقطة أولّ السطر
ولا نقطة آخر العمر
كلانا طليق
كلانا تمزقه الحروف وتمنعه الحكمة القاتلة
!عمان
25-1-2004
يا دمَ العراقي
*
إلى عقيل علي، إلى روحه طبعا فقد مات مهملا ومرميا في شوارع بغداد، مات مهجورا في محطة باصات، مات وهو يحمل قصيدة في جيبه يشيع فيها العالم ويرثي الحياةبُحْ يا دمَ العراقي بالنشيج ,
بحْ بالعويل على خطى أنكيدو
بحْ بالحرائق للنار,
تكلم بتلك اللغة الآشورية المعلقة عند قبر تموز
تكلم بهذيان جلجامش لزهرة الخلود
بحْ يا جسد الشاعر بالهزيمة
بح بالنقمة والضياع عند محطة الباصات وفي سيارة الإسعاف الشاخصة لنقل الخردة
اعتَنِ يا دم العراقي بماء الخليج
زدْهُ طميا وشعرا وَخَوَرَاً
علِّقْهُ على سَعف جيكور
وفي حديقة البريكان
فوق سرير السياب في الكويت
في منافي بلند والبياتي وسعدي
في موت رعد وجان
في تجاعيد الصايغ
في نشيج سركون
في صمت نازك وانزواء مهدي
في بيارق الحسين والحسن
في دم السلالة
فوق بلاط الخيانة
عند عتبات النجف
تحت منابع التاريخ المرتعش
في سجن أبو غريب
في حريق الوشايات،
بح يا نجيعَ الموت بالفاحشة
قُدْ عشتارَ من يديها
قدمها وجبة لهولاكو المخصي
علقها زينةٍ على مقابر السومريين
جدارا في زقورة بابل
قدمها تبغا للمرتزقة
زود دم الضحية بعطر الجناة
كل الجناة من نبوخذنصر حتى مطلع القصيدة .
*
اليوم يذوبُ حديد السماء
تذوي حديقة الحرية
تنز جثة الشعر دما حراما,
مرارةُ النشيد
لم تحمل نشوة القصيدة
بياض الموت
ينام في أرض الرافدين .
*
طوبى للقتلة
طوبى للقبور
طوبى للمومسات
في كل العصور
طوبى لدم الحروف وخيانة الريح .
16-5-2005عمان
يُدُها للنهر
جاعلا من رأسي تلكَ الحكمةَ التي تَليقُ برجل معطوب
بندولُ الساعة يقطعُ جلد السرطان
خط الإستواء يحزُّ فكَّ الإفريقي العجوز.مع بالغ الأنانية للجَدْيِ الرضيع
يحضر الراعي خيالٌ من قفقاسيا
ولدٌ من جبال الألب
ناسكٌ في معبد بوذي
راقصة في ملهي كوبي
سكير في ساحة الكرملين
.
الذي خلقَ الكلمات لم يترجم صمتها للشعراء
أعطى غوايتها للريح
فواصلها للأشجار
رسمَ ظلالَها على حواف الشَغَفْ
وملامحها فوق معابد الفراعنة
جاعلا فضائي ممرا للبوم
سريرا للغرباء
كأسَ حليب لطائر العنقاء
أبيض أبيض قلب العتمة
تنبجس الخرافة من بيتي القديم
من بيتي الجديد
من مَمرٍ مظلمٍ في نور الشمس
جاعلا من وصايا الأب حاجزا للخيانة
طريقا للخديعة
عَفناً لتفاحة صدئة
حريا بتلك السماء
غيومُ رأسي المنضوي على مقطع شعري قديم
حريا بياسمين الخطيئة طوقها المقدس
يدها للنهر
.تعرجاتُ الحنين
تقلبات الافكار
تضاريس الرغبة
حكمة الغواية
نعمة التلاشي
.ايلول
2003
للخديعةِ طعمُ الأُبوة
للغيومِ نهارٌ آخر
للخديعةِ طعم الأبوة
للمشانق رحمة تخفيها الرهبة
.آنَ يحملُنا النهر الى أخطائنا الأولى
آنَ يجمعنا النهار في وجبة سيئة
آنَ يحرقنا العجزُ في أتون المنفى،
كلماتُه ترنُّ في أذن الجبال
سعاله يصدح عاليا
بياضُ حطته
تهدل عقاله
حزامه العريض
ظهره الجبلي
جبهته الموشومة بلون الشِعاب
بياض صدره
سمرة وجهه
نقيضان للطبيعة
شبيهان بالوريث،
آنَ تَقهرنا الفكرة
تعبرنا الحسرة
آن تسحرنا الخطيئة،
الآخرون لا يقيمون في مآتمنا
الآخرون لا يشاركوننا الفضاء
الآخرون يتركون لنا جفافَ حقولِنا وحلوقِنا
يأخذون سِيَرَ الآباء ويبقون لنا صحراء الرعشة
والندم،
آن يستوي الميت والزهرة الذابلة
آن أتجرعُ وحدي كأس الخذلان
آن تحرقني ناري
آن لي وطن الخسارة،
كنا ثلاثةً نقيم للذكرى قصرها المرمري
بقينا نحكم العالم
بوظائفنا العمومية
برواتبنا الهزيلة
بحكمنا الصارم على قطعان الكلام
أحرارٌ يحكمون العالم
شياطين على ضفة الجنوح،
وحين يبقى أحدُنا مستفردا بالعرش
يختفي الأب دون أرث عائلي،
جبهة واحدة للحزن
جبهة حاسرة للوداع
جبهة ثقيلة في أرض المعركة
طينها رطب
رطب وثقيل،
بين فكرة وأختها تناثرت سنوات العمر
تنسل من بين فتحات الغربال
تنزف عصارتها وثلجها المخملي،
بعيونه المشعة في الظلام
بعيونه المختفية خلف نهر الصور القديمة
يتلاشى بصيص النور
تغطي سخونة العبارات ما تبقى من ضياء،
حَقُّه أن يموت
حقه أن يودع الجبال التي مشى عليها
النجومَ التي حاورها
الوجوهَ التي ساهم في رسمها
حقُّه أنْ يفعل ما يشاء
ينهي حَبكة المسرحية
في لحظته التي تليق بجبل لا يتبدد،
هناك دمعه المتدفق
هناك ماؤه العذب
هناك جنته الضيقة
هناك خلف اللاشئ
بنى للأيام قبرها وللموت وصيته،
أبي الذي كان
ابي الذي يكون
أبي الذي لم يكن،
لست شاهدا على الفتنة
كنت حطبَها المحترق،
الذي لم يودع النهار
حمل عتمته وطار
الذي لم يُقبل الأبيض
كسر الليل شظايا
هيأ مأدبة الضياء وأظلمت عيناه
!حيشه منتصر
قبيلته عائدة من الغزوات
حربه رابحة
أنا فلول المهزومين،
جيشه مندحر
قادته جلاوزة
معسكراته فارغة
حطامي بين يدي
حطامي أمامي،
بيديه المرتعشتين
ضمَّ جسد المولود
مسَّد جبينَ الغبطة
سرد للخاسر رأسمالِه،
أعودُ لمنزله
لطيبته السرية
لفاكهته البعيدة
لعباءته
,قهوته, رائحته المنعشةلغصون يديه وأشجار جلسته
لفضائه المتقوس
ليديه أنحني
أقَبِّلُ الحبورَ يرافقُ قطعانَ غزلانه الهاربة
أقبل الفضاء يلف المعنى بألفته النبيلة
.أعود لحقوله
لقطعان صفاته وأغنامه
أعود لكلماته
, لرنَّة الأسى في صوتهلمنازل اختفت مع عشائه الاخير،
أعودُ إلى باحة الحوش القديم
الى بهجته الدفينة
لصفعاته الأليمة،
لنداء الاستغائة الذي لا يوقف هدير بحره الفائض،
أعود لنَداهُ
لحنو روحه التي لا تبين
لهشاشة أنفاسه المعتذرة
لتفادي العاصفة
لاحتدام الوجاهة بالخشية،
أعود خاسرا مثل غيمة تلاشت في الفراغ
خاوياً مني ومنكَ
مليئا بغيري،
يا صوتَ الجبال يا صدى الريف وحرير الرضا
أين يدفع البحر ماءه؟
أين يكنز الغريبُ جثة أبيه؟
آنَ يرتق المكلوم شقوقَ كلماته؟
يا غيومَ العمر العابرة
ترفقي بالماء
اقطعي زبد السيول
رغوة المنابذة
أصيخي سمعا لندائه البعيد
نداء الغرقى الأخير
اصيخي سمعا لثغاء الماعز المذبوح
لوصايا الجسد المسجى
.عمان في
16و20-10-2003
أقلَّ مما يُحبِّذُ المزمار
مضى نحوَ باب الخطيئة طفلُ الحرمان
مضى يجر أذيالَ الخليقة
يطوي الكتابَ على عجلْ
تباركَ الجنون
تباركت المخلوقات
يتبارك سعيُ المحرومين
للقاء الكثبان
تباركَ شلالٌ غامض
ينبعُ من بحيرات الحسرة،
كيف آتيكِ يا دفقةَ الخلق
على يديكِ تعربشتْ خمائلُ المجرَّات
من بين أصابعك الغضة مدَّ الغَمْرُ سطوعه
تعلق بين راحتيكِ الرب،
انفردي بالعذ وبة
تلكَ التي تصاحبُ الغزالة،
تداعبُ النسيم
امْتَزجي بأول القطرات،
بعدَ أنْ انفلقتْ الأرضُ عن باب الشمس رسمتِ تلك العصافير،
امتدي بين اليقين والجحيم
التبسي بالنثر
تكلَّلي بالخليط المتشكل في ساقية النجيع،
عَمريني ببيتٍ يتيم من صَنيعك
امنحيني شعباً ليِّنا
وأتباعاً مأخوذين،
وأنتَ يا غموضَ الكون
ارفعْ غطاءك عني زاغ النورُ وما انقدح الشررْ
.*
منذُ أنْ تكلَّم الجبل
أصغتْ الوديانُ لكلام النهر
منذ ان تلعثَم آدم
هبطتْ بنا الأرضُ إلى قبوها
.من يرفعُ الظلمَ عني
من يُعلقُ الحبلَ لأشنقَ عبدَ الذل
من يرفعُ الشمسَ قليلا لأُدربَ عَينيَّ على اختراق السموات؟
سامحيني يا مليحة
سامحيني فلم أسترد الطاعةَ حتى بعد رحيلك
سامحيني يا امرأة
حَملتني قبل أن أبصرَ المهانة
سامحيني أيتها النائمة الجميلة
تحت طين الذكريات
.
أعترفُ للنار بأخطاء المجوسي
أعترف للكاهن بصفاء الصليب
أقر هنا أن الأنبياءَ شعراءُ الزمان
دهنوا الشعرَ بالتراتيل
كسروا الدائرة
نفذوا لسرائر الطين،
سامحيني يا أمي
لم أخطف الشمس بعد، لمْ أُبدِّدْ تعاليمَك يا بوذا
أخلفتُ زماني ورائي
وأنا أحملُ جثتي
للماضي أسير،
لن أصلَ غايتي ولن يخدمني الرضا
فكرة الكون مجبولة على الخداع،
سامحيني يا أمرأة
ما كنتُ أدركُ رعشةَ القتيل
ولا أحمل ميراثَ الأجداد
سامحيني يا مليحةتحت عينيك أقيمُ خَرابي
ومن بين يديك أصنعُ تماثيلي،
هنا الفرقُ بين حسرةِ البلوط ونشيج الكستناء
هنا الفرق بين رقصةِ النار وشَقِّ صدرِ القبر
هنا لا فرقَ بين أمكَ التي مضتْ وأمك التي بين يديك،
تنحرف الكلمات
تزوغ الضمائر
نخسر الجنائز
ويظل خيطٌ بعيدٌ يشد الغيمَ إلى منبع البرتقال،
هنا الفرق بينَكِ وبين المجدلية
هنا لا فرق بينكِ وبين التي صنعتْ حناءهاا بيديها
هنا أجدُ البعيدَ ظلا في شبح السراب،
تعتريني رعشة الله وأنا أعود إليكِ
سامحيني أنت لا تحبين ازعاجَ الخالق بما لا يشبه صنائعه
سامحيني لا أفكر في اقتحام المقبرة
لا أفكر بنبش جثة الزمن،
أرى نهايتي بين يديّ في لوحة المجدلية
.قريبةٌ هذه المرأة
قريبة منكِ أكثرَ مما تَعْرفُ وتَعرفينْ
أكثرَ مما ينبغي لاصفرار الدالية
وأقلَّ مما يحبذ المزمارْ،
قريبة منكِ حدَّ الطفل الذي سبقني إلى جثة الماضي
.عمان
2004-3-25أتَولى… أبتعد
سوف أتولى
سوف أبتعدُ
ألحقُ بحليب الغزالة المتطاير
أمسكُ تلابيبَ تلك الغيوم المتسارعة
هناك خلفَ تلِّ الحنينْ
أمضي الى سكين الألم
أفترشُ الذكريات
أستدعي الزيتونَ للمثول
الحسراتِ للوقوف
السنواتِ للأسف
كُفي عن تأنيب الصريع
كفي عن نبش الجذور
بينهم وبيني امرأةٌ واحدة
لو لم تكنْ تحتَ سماء الرغبة
ما تعرفتُ على كثيرات سواها
تلك التي انعشت ذكرا كاملا منها
اطلعت بهتانا مزوقا للحريق
هي التي أشاعتْ في القرى نبأ العثور على جنين مغلف بالحرز
والعافية
والندم
يا قاهرَ الفلوات اقهر هذه الرعشة
يا واسعَ الآفاق علِّقني قنديلا فوق قبرها
ليست طريقي خالصة للمضي في فتوحات الخليفة
ولست مزمعا على بناء مجد الأقدمين
لا رابحَ مني سوى الرماد
شبحُ الرعية يكسرُ السلاسلَ المقيدةَ للطاعة
.أمضي غريبا فوق جغرافيا الوهم
يشكمني حديدُ الحسد
نار الغيرة
حقل الأسرة
باكورة ألعاب الطفلة الصغيرة
أوَّلُ كلماتها
اقترابُ الغيمة الزرقاء من نبيذ الفكرة
.
15-4-2004
عمان
كانا
(مستحيلا أزرق)إلى صالح العزاز وقاسم حداد واليهما
*
تأخََر الموتُ يا شَبيهي
أَمْ جاءَ قبلَ سقوطِ الندى
تأَخَرَ النعشُ يا صاحبي
أمْ حطَّ قبلَ ترتيبِ العمر وتحبير الفكرة
مبكراً أَتى ؟متأخراً مَضى؟
يَحملُ الأَسى وجثةَ النواح
,الزرقة تغشى الرغبة يا بهاء الصحراء
أيُّ ذا المستحيل
يا جناحَ الصَقْر في انتباهة الجبالْ يا الشاسعَ الممتدَّ من عين الكاميرا حتى شرفة القصيدةأيها الموتُ لا تتوقف عند
(جنة الاخطاء والعثرات)رَتِّب نجومَكَ الحزينةعلّقها زينة للنحيب
ولا تتفلت من شهوة الرثاء،
*
كانا مستحيلا أزرق طوَّعاه في بياض الأرق
كانا صحبةً خضراءَ خضراءَ
كانا جسدا أسمر ينحل في حليب الغيوم
كانا الأصفرَ المائلَ للغروب
الأحمرَ الذاهبَ للشحوب
اللازوردَ المُصفَّى
الأخضرَ المعافى
الأسودَ العاشقَ
الأبيضَ المختفي
الأزرقَ الأزرقَ
المبتهجَ بتفاحة الشمس
الحائرَ بسطوع الرمل
كانا اغفاءة نسر
صبيحة بلاد
أطلا من جنون الربع الخاوي جَديدين عليناغريبين عنا
طارئين على خيامنا الكسلى
طائري رخ حطا على سور الحديقة الناعسرسما الصورة الغامضة
لكن المعنى سجين
في إطار المطر،
*
أطلقا أجنحة لا تهدأ
بيوتا لا تنام
شموعا لا تحترق
///
لم يتوقف دوران الصوت في جسد الصورة
لم يتوقف نهر الصورة في روح الكلماتلغة منحتنا نشوة الظفر
حبَّ الذاهب عن متحف الحياة فطنةَ هذا الرابض القابض على جمر المستحيللم يتأخر في توديع رفيق الصقور
صانعِ مرثاة النجاة
مرتقي عنان الألم
وعلى امتداد صحراء القلب الى حدود الجزيرة
الى حواف التشبيه
كسرا يدا بيد غلالة النوم جبهة الطينأغلفة الحقيقة
!//
تلك موسيقى غريبةلا تعزفها الآلات
حَدَقا فيما وراء الافق
,تلويحةُ ملائكةٍ غير مرئية
.عمان
14-1-2003
منحت غبطتي للجبل
حَدثتُ الغبارَ عن كَمائن الطين
,كَلمْتُ الندى عن خيانة الصباح،
فَسرتُ للأخضر بريق الماس
سألتُ النرجسَ عن معنى اللازورد في عين الديك،
مدَّدتُ يدَ النسيان للغياب،
طاوَعَتْني السفوح،
فهمتْ وقوفي الأطلال،
استعدت للعَناء حيوانات النشوة،
تفلتت غيوم الخوف،
بتُّ ساكنا مثلَ شَطرٍ مهجورٍ في أغنية مهملة
.***
تأنيت؛ أكثرَ من غيمٍ تهاوى،
تشبثت بالسكون، حتى تبدى كفن الأرض في يد الناي،
هززتُ غصنَ النار،
قطفت كمثرى البرق،
اندلقتْ غيمةُُ في كلماتي،
شجري ليِّن حطبي إسفنج،
أوليتُ كينونتي للفراغ،
منحتُ غِبطتي للجبل،
صَرَمْتُ حبلَ الشك،
ذبحت شاة الهلع،
قتلت ذئب التردد،
فتحت بساتيني للذئاب،
فضائي للطيور،
شرفاتي للسهر،
قدمت كبش العمر أُضحيةً على مذبح الغريبة
سررت للفداء
انتشيت للبطولة
انفرجت أسارير الحصون
تورد خد الذكريات،
صَدحتْ أغنياتُ القرويات
لمع ثغر الاشتهاء
توهجتْ شعلة الغواية
*
يا أبا يزيد
دُلَّني على حيرة المعنى
في شهوة الحرام
يا قميصَ الصوفي
غطِّ ظلامي عن دهاليز المحو والتلاشي
*
الغزالة دخلت بيت الطاعة
تربعتْ هناك في صدر الزمان
لم تتوجس خيفة
تحولتْ الى أفروديت
لبست جسد الفتنة
ترقرقت في حضن زيوس
قلبُ الجليد تحطم
ذاب في دموع المحيط
الرياحين فاحت بضوعها للمساء
يا مساء المواعيد الجافلة،
يا مساء الصباح الذي لا يحرك ساكنا لفتح نافذة الظهيرة
,وإعلاء شأن الخمول .كفِّر أيها النديم
كفر شتلات الليل،
غطها بلذيذ زهوك، وخفيف عتمك،
بللها ببعض الأمل
,وحرير المجاورة،أقمْ في جب العتم بابا للرؤيا، مشكاةً يضئ زيتها بلا نار أو عشاق
.
أُعدُّ المَساءَ لنومِ العابِر
يدُّلني الصديد على الصديد
أخرقُ معاهدةَ العفن
أرجزُ مأساة الكمان
بين غيمتين متلاشيتين
أفيض على حجم الأرض
أخرج من جثتي
أتمشى بين قبور النجوم
أعد سريرَ المساء
لنوم العابرة
.
ثمانون عاما تفصلنا عن القيامة
ثمانون وردةً تليقُ بجثمان القصيدة
ثمانون عاما رشقناها على دروب الذئاب
مملكتي حناء
حناء رطب
مملكتي غيمة ناشفة
.حدثني النايُ عن أخطائي
حدثتني المدينة عن نفايات الكثيرين
ما زلت أعيث فسادا في جبين الكناية
أُخصي فحولةَ الشعر
لتنام حبيبتي بين يدي
.أجدادُنا ما كذبوا
لكنهم صدقوا رغوة النيل
حملوا أكذوبة الصحراء
حين صلوا لآمون
!قفْ قليلا وتمهل
نيويورك ليست عدوتنا الوحيدة
هنا قرب قبر إدوارد أكثر من خيانة
ترفق بالشهيد
ولا تكترث لفجيعة الزنبق
عند سراب الظهيرة
لن تجد حقيبة السفر
أو ديوان السياب
!
أطلُّ على المساء
حنيني طَلل
أطلُّ على نفسي
في قلعة العبيد
يا ريحانة القلب
مريض دائي
قلبي تابوت
!
زيتونٌ وتين
عنبٌ وكمثرى
وصايا لنساء الفجر
وصايا لا تقي من غصة الجوع
وعضة الشهوات،
تقبلْ فجيعتي عند باب الأرملة
يا رقيق الأوصاف نجنا من كمد الحسرة
!
لا تصدق نصيحة رامبو
صدق هواجس الدحنون
لا تقترح موعدا للسماء
ابق شاهد الخراب
ورفيق الألم
.
للحرب تَعلات
للمنفى تعلات
ولي أكثرُ من سبب لأحب الشامة الواضحة فوق سفح الجبل
.
بعد عامين وحقل من ندم
بعد عرس وجنازة
لن تجدي جثة في قبري
لن تجدي شجرا
في غابتي
لن تجدي نارا في موقد القلب
!!
تنداحُ مني الخطى
على ممر البركة
تفلت من يدي الجريدة
وتمحي أعلانات النعي
سأكتب على قبضة الريح
أحب بلادين
ونهرين
وجنازتين
ولا أحب سوى امرأةً واحدة
.
أدلك على كمال الجنازة
في كأس المغني
أدلك على خيانة الرفاق قبيل طلوع العشب
سِرْ في محو الجنون بالجنون
سِرْ في خنق الغياب بالغياب
احمل نعشك الان
هودجا للفكاهة
!
وددت الرحيل
صدتني عيناك عن خيانة البنفسج
.
جيش من المهزومين يتبع رفيف القصيدة
عين الموسيقى،
تصوغ القداس،
شاهدة وحيدةٌ على خسة الجمال
!
في خاطري الكثير
لكن القصيدة ليست مقهى مناسبا للثرثرة
.
قصائد ليست شعرية
تلك أشيائي القديمة؛
كلمات وجدتها على شاشة الكمبيوتر،
في
Recycle Bin ،كنت قد محوتها من أمامي؛
فليس شعرا هذا الذي يتناثر بلا موسيقى،
أو قافية أو فراغ مقصود،
كنت أندمج مع القصيدة كما ضباب تجتاحه غيمة
لم يكن يربطني بالإيقاع نايُُ أو أنينْ
قلت أقول ما يجول بخاطري
أبدأ بما أو كما أو كأنما
كما بدأت ذات مرة بالكاف
لكنها لم تصمد أول السطر وفرتْ باتجاه المصطافين في أروقة الكتب
.*
تعلمتُ من حب الكلمات كره العالم
هنا يجلس ساحر شاعر كاتب ناشر محاط بعشائرالمنافقين
يحملون مجده واسمه ويكتبون إهداءاته دون أن يمد رجليه في وجه حكمتهم الفائقة
هنا سوف أكتب بعيدا عنهم،
بعيداً عنكم
وبعيداً عني،
ليس لي مسعى يعذبني
كلُّ ما أحمله يسبقني للمستحيل
.*
خطرتِ ببالي يا أمي
قلت السلامُ عليك
السلام على أبي الذي قادَك للقبر
السلام على قريتنا المنسية إلا من دوريات الجند والجواسيس
قلت السلام عليك يا بلد
ولدت فيها كما تلد النجوم
تحت زيتونة رومية
رأتني أمي هارباً منها أبحث عن غصن أخضر
لا لأرفعه في يد الرئيس الموهوم
ولكن لأفقأ عينَ الحضارة
تلك التي شاءت أن أولد صبيا بلا سرير أو وطن
.*
على مهلِكِ
هَدْهديني فما زلت قادرا على نحيب الأمومة
وضياع الذاكرة
هدهديني وغني لي
ولا توقظيني في كرنفال الجدل،
*
على رسلِكَ أنتَ يا أبي
خطأي يستحق القتل
جريمتي تنوح وحدها في صدري
اصفعني بما شئت من لوازم التأديب
لن أحمي نفسي منك
فأنتَ أبي
بيدك الحياة جاءت والندم
.*
الثاكلاتُ يمضين وحدهن
البائسات الباحثات عن شباب تائهين
يلتقطن الورد من شرفات العناء
يخبئن شهوتهن الممطرة في صمت القرية الثقيل
تلك التي فتحت ساقيها للدبابات
وأغلقت فرجها في يد الاستمناء
.*
لم يأخذنا إلى حتفنا العدم
لم تعلمنا العصافير حكمة إطفاء النار
لم تدربنا جداتنا على الخسارة
*
سنوات تمر بلا خيول تسابق الضوء
تمر بلا جنون أو سكر
تمر مثل سكين في عظم القرى
تسلب منا وهج الصراع
وخزينة الذكريات
.*
حلوة تلك الفجيعة
لم تحصد من سوانا أحدا
هنيئا لغربان الشعر تدوس رأس الوهم
قلت الوهم تأويلا للحقيقة
كنتُ أهربُ من كلمات لا تعجب الغربان
لكنني سقطت في مصطلحات التأبين
.*
أبجديتي حائرة
تاريخي موحش
تأمَّلته اللغاتُ فترجمتْ حروفَها للصمت
.*
كانوا يشربون الشاي
ليس شعريا هذا الكلام
كانوا يسترجعون الماضي
ليس نثريا كذلك،
كانوا يأكلون خبز الطابون
ليس مدهشا ما كانوا يصنعون
كانوا يدهنون الليل بذكرياتهم
بدأت تأخذهم للقصيدة
ما كنت أنوي أن أكذب عليهم
كانوا لا يفعلون شيئا
.*
أرفع القصيدة عن الأرض،
لن أقلِّلَ من شعريتها بذكر رفح وخانيونس
وزياد البردويل
ذاك الصياد الذي قتله جنود شارون لأنه يعرف لغة السمك
لن أمرر خطابا سياسيا من باب الشعرية
لن أفعل ما يسيء لشعبي
وهم يرفعون الليل وحدهم بلا موسيقى
بلا أغاني أو شجن،
يكفيهم أن الفجر لم يفتخر بذكر طرائق موتهم المجانية فداء لحزب كاديما الجديد
*
من يبحث عني لن يجدني
مينائي فارغ
مطاري صحراء
عنواني خطَّته شاعرة لبنانية
على شط بيروت فضاع مع دم الحريري
والشاهد المقنع
.*
سيداتي وسادتي
سوف ترفع لكم الستارة
الليل كاتم الأسرار
وأنتم عيون ترقب الدراما
تركنا الصراع جانبا
وسنعرض عليكم الليلة طريقة ارتداء هيفا وهبي للجينز
!*
سأعتقلُ الجنون في جملة شرطية
وحين تصفقون لمقدرتي البلاغية على اعتقال الكلمات
سأحرر المدينة منكم
وأفرش الطرقات
بساطا للعدم
.*
لدى بورخيس الضرير
مقدرةٌ على دسِّ الليل في عين البصير
ولنا قدرة على طَمس وجه عشتار في قصائدنا
قلت قدرة وكنت أنوي القول نقادنا ثملون هذه السنوات
لا يميزون بين التناص وامتصاص ال
....امتصاص .*
انبهرتُ برثاء الخنساء لأخيها صخر
انبهرت بما ردده الجاهليون عن أمواتهم
وما نفعله نحن بأمواتنا
.......
موتوا أيها الأحباب
غادرونا سريعا
فلن تخسروا شيئا لدينا
كل شئ قدمناه لكم
كسل جفاء وخيبات
موتوا فربما تحتاجون لعصور وعصور
حتى تنسوا إساءاتنا لكم
ولسنوات أكثر
حتى تفهموا لماذا لم نقبل جباهكم عند المساء
*
احتموا بنا يا قطاع الطرق
في ثنايا ما نكتبه ملاجئ لرجال الأمن والمتخفين
*
أقسمتْ قبيلتنا بالثأر
ليس ممن قتل جساس
ولا ممن قطع رأس الزير
ولكن ممن وشى بانطفاء السراج
قبل أن يفض المختار بكارة الرحيل
*
بدأتُ بفلسطين وانتهيت بالسراج
لعلي نسيت الممنوعات
وذهبت للجاهلية
أعرف غلطتي
لا أريد
أن يندفع النهر مثل قاتل يفتش عن مخبأ
أو جنرال يدعي السأم
سلام يا صاحبي
بين دين الحرب وشارع السلام متراس واحد
أغلقته السلطات بحثا عن طيور الإنفلونزا العابرة
*
يا مرحبا بالضلالة
لم تنفع الجهالة
فاشتريتها بالجملة
.*
بين شاطئ الحكاية وضفة الحكمة
شرطيان
واحد للروي
وآخر يشطب ما تبوح به العتمة
.عمان
10-12-2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق