سليم دولة :هل المثقف في قطيعة مع كرة القدم ؟
ليس بديهيّا أن يكون ثمّة قطيعة بين المثقّف والنشاطات الرياضيّة بما في ذلك كرة القدم وإن كان ثمّة من يمارس الازدواجيّة في الحكم على المسائل الرياضيّة إذ يعتبرها ظاهريّا اهتمامات تحيل على ''الميوعة'' وعلى ''التفسّخ'' وعدم الجديّة والوعي المزيّف والوعي المقلوب. باختصار إنّها أفيون الشعوب بينما في الممارسات اليوميّة يقبل على مشاهدة النشاطات الرياضيّة وخاصّة مقابلات كرة القدم بإصرار ديني كما تقول اللغة الفرنسيّة وتتعطّل لديه كلّ الملكات النقديّة. وقد خاطب أحدهم ذات يوم الجهات الرسميّة في بلاده معلنا لهم بكلّ وضوح ''أنّه لم يعد وطنيّا إلاّ مع الفريق الوطني لكرة القدم دائما والرأس أحيانا''.
المثقف -للتعريف- هو من يعنى بالشأن العام والأمر العمومي ويتخطّى مجال اختصاصه المهني وتخصصه المعرفي ويمكن اختزاله في جملة بسيطة وعميقة لسارتر الذي يعرّف المثقف بأنّه ذلك الذي يدسّ أنفه في ما لا يعنيه أي أنّه يتكفّل بالمهمّات التي لم يكلّفه بها أحد. وطالما أنه ليس ثمّة من قانون وطني أو كوني يرغم الواحد من البشر وفقا لمرسوم واضح وجارح أن يجلس في مدارج الملاعب أو على كرسي في مقهى لمشاهدة مقابلة كرة القدم مثلا فإنّه من واجبه بما هو كذلك أن يعنى بكرة القدم.
والاعتناء بهذه الظاهرة باعتبارها من أكثر الظواهر الجماعيّة والكونيّة استقطابا إذ كلّ المواطنين المعولمين يتحوّلون إلى مشاهدين غير محايدين، ذلك أننا دائما في الزمن الفرجوي ننخرط مع هذا الطرف (اللاعب) أو ذاك... أعني أنّه لا حياد في اللعب كما في الحب والحرب. وقد نكتسب هويّة جديدة ولو إلى حين عند الانتصار. وقد تمسّ الهشاشة هويّتنا ولو إلى حين عند الهزيمة. هذا على مستوى التفاعل النفسي للحدث اللعبي. أمّا على مستوى التعامل الذهني والعقلي فبإمكان المثقف تشخيص الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة والنفسيّة والسياسيّة استنادا إلى تأمّل الأفعال وردود الأفعال في هذا النشاط الاستقطابي للمليارات من الكائنات الإنسانيّة فيتساءل عن سرّ هذا الشغف الذي يفوق كلّ أشكال التعبئة للديانات المنزٌّلة كلّها.
ولهذا ليس صدفة أن يتمّ وصف كرة القدم بصفات متناقضة ذلك أنّه ثمّة من يعتبرها أفيون الشعوب كما ثمّة من يعتبرها سمفونيّة الشعوب وأيقونة الأمم. أليس غريبا أن يعاد تحديد هويّة الدولة وتعريفها من جديد باستحضار المعطى الكروي ذلك أنّه لم يعد كافيا أن تتصرّف الدولة استنادا إلى المعطى الحقوقي إذ يتوجّب على هذا الشعب أن يكون له فريق لكرة القدم والاّ انتفت عنه صفة الوجود السياسي المادي والاعتباري وتظلّ هويّته مبتورة إلى أن يشكّل فريقا للكرة ؟ !
فكلّ مثقف بهذا المعنى لا يعنى بتحليل هذه الظاهرة الحضاريّة بما هي منتجة للقيم و''القيم المضادة'' يظلّ مقيما في الوقت الضائع أو يلعب لوحده في فراغ المكان فلا يقوى على تعقّل ظاهرة من أخطر الظواهر التي يختلط فيها القيمي الأخلاقي بالمصلحي البنكي والاستثماري الجنسي والاحتفال بالجسد اللاعب لتناسي ولو إلى حين الجسد المنهك والمتعب فليدسّ أنفه في هذا الذي لا يعنيه !
ليس بديهيّا أن يكون ثمّة قطيعة بين المثقّف والنشاطات الرياضيّة بما في ذلك كرة القدم وإن كان ثمّة من يمارس الازدواجيّة في الحكم على المسائل الرياضيّة إذ يعتبرها ظاهريّا اهتمامات تحيل على ''الميوعة'' وعلى ''التفسّخ'' وعدم الجديّة والوعي المزيّف والوعي المقلوب. باختصار إنّها أفيون الشعوب بينما في الممارسات اليوميّة يقبل على مشاهدة النشاطات الرياضيّة وخاصّة مقابلات كرة القدم بإصرار ديني كما تقول اللغة الفرنسيّة وتتعطّل لديه كلّ الملكات النقديّة. وقد خاطب أحدهم ذات يوم الجهات الرسميّة في بلاده معلنا لهم بكلّ وضوح ''أنّه لم يعد وطنيّا إلاّ مع الفريق الوطني لكرة القدم دائما والرأس أحيانا''.
المثقف -للتعريف- هو من يعنى بالشأن العام والأمر العمومي ويتخطّى مجال اختصاصه المهني وتخصصه المعرفي ويمكن اختزاله في جملة بسيطة وعميقة لسارتر الذي يعرّف المثقف بأنّه ذلك الذي يدسّ أنفه في ما لا يعنيه أي أنّه يتكفّل بالمهمّات التي لم يكلّفه بها أحد. وطالما أنه ليس ثمّة من قانون وطني أو كوني يرغم الواحد من البشر وفقا لمرسوم واضح وجارح أن يجلس في مدارج الملاعب أو على كرسي في مقهى لمشاهدة مقابلة كرة القدم مثلا فإنّه من واجبه بما هو كذلك أن يعنى بكرة القدم.
والاعتناء بهذه الظاهرة باعتبارها من أكثر الظواهر الجماعيّة والكونيّة استقطابا إذ كلّ المواطنين المعولمين يتحوّلون إلى مشاهدين غير محايدين، ذلك أننا دائما في الزمن الفرجوي ننخرط مع هذا الطرف (اللاعب) أو ذاك... أعني أنّه لا حياد في اللعب كما في الحب والحرب. وقد نكتسب هويّة جديدة ولو إلى حين عند الانتصار. وقد تمسّ الهشاشة هويّتنا ولو إلى حين عند الهزيمة. هذا على مستوى التفاعل النفسي للحدث اللعبي. أمّا على مستوى التعامل الذهني والعقلي فبإمكان المثقف تشخيص الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة والنفسيّة والسياسيّة استنادا إلى تأمّل الأفعال وردود الأفعال في هذا النشاط الاستقطابي للمليارات من الكائنات الإنسانيّة فيتساءل عن سرّ هذا الشغف الذي يفوق كلّ أشكال التعبئة للديانات المنزٌّلة كلّها.
ولهذا ليس صدفة أن يتمّ وصف كرة القدم بصفات متناقضة ذلك أنّه ثمّة من يعتبرها أفيون الشعوب كما ثمّة من يعتبرها سمفونيّة الشعوب وأيقونة الأمم. أليس غريبا أن يعاد تحديد هويّة الدولة وتعريفها من جديد باستحضار المعطى الكروي ذلك أنّه لم يعد كافيا أن تتصرّف الدولة استنادا إلى المعطى الحقوقي إذ يتوجّب على هذا الشعب أن يكون له فريق لكرة القدم والاّ انتفت عنه صفة الوجود السياسي المادي والاعتباري وتظلّ هويّته مبتورة إلى أن يشكّل فريقا للكرة ؟ !
فكلّ مثقف بهذا المعنى لا يعنى بتحليل هذه الظاهرة الحضاريّة بما هي منتجة للقيم و''القيم المضادة'' يظلّ مقيما في الوقت الضائع أو يلعب لوحده في فراغ المكان فلا يقوى على تعقّل ظاهرة من أخطر الظواهر التي يختلط فيها القيمي الأخلاقي بالمصلحي البنكي والاستثماري الجنسي والاحتفال بالجسد اللاعب لتناسي ولو إلى حين الجسد المنهك والمتعب فليدسّ أنفه في هذا الذي لا يعنيه !
redaction@realites.com.tn | 15-06-2006 |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق