رسالة مفتوحة إلى الرئيس الطالباني بخصوص إطلاق سراح المجرم برزان التكريتي!!
السلام عليكم
سيادة الرئيس..كتب المجرم برزان التكريتي رسالة من سجنه قبل بضعة ايام، يتوسل الحكام العرب والدوليين، إطلاق سراحه لإصابته بمرض السرطان في العمود الفقري، وكنتَ من بين من ناشدهم وشدد على حضرتك باعتبارك من أصدقائه الشخصيين، وادعى أنك كنت تقول ساكون في ضيافة صديقي برزان!! وفي اليوم التالي ضربت عرض الحائط بآلام مئات الآلاف من ذوي الضحايا المفجوعين بأبنائهم وأعزائهم، من شيعة وأكراد وحتى من السنة أنفسهم ممن كانوا ضحايا النظام الوحشي، وصرحت للاعلام بأن لامانع لديك من نقل المجرم لغرض تلقي العلاج، نظرا للصداقة والعلاقات عائلية التي تربط بينكما!!، وبينما يصمت الشعب العراقي المغلوب على أمره فلاتخرج المظاهرات في أنحاء العراق كافة، تتفاعل المهزلة الإعلامي والإقليمي والدولي، فنسمع اليوم بأن ملك الإرهاب الوهابي عبد الله بن عبد العزيز (يدس أنفه في القضايا العراقية الداخلية بوقاحة ليس لها حدود) ويوجه رسالة ((تحمل طابعا انسانيا بعيدا عن المؤثرات السياسية الى الرئيس الاميركي جورج بوش بشأن اطلاق سراح برزان التكريتي المسجون في العراق والمصاب بمرض السرطان، ويدعوه إلى تفهم انساني لظروفه الصحية الحرجة!!..حسبما ورد في نص الرسالة!!وإذن فقد شنت أطراف إقليمية ودولية حملة إعلامية لصالح برزان، بدأت اليوم وأمس ويعلم الله متى تنتهي ومتى وكيف!؟سيادة الرئيس..لقد دشنت عهدك في رئاسة العراق بأخطاء والله حتى إذا غفرها لك الشعب العراقي (وهومالاعتقده بتاتا)، فأنا لاأغفرها بعدما ضيع النظام البائد شبابي وراء سواتر الحروب وضيع شقيقي حسين في معارك الطاهري والكثير من أقربائي وأصدقائي وأنا شخصيا ولم أعش الحياة التي كنت أستحقها على الإطلاق، فتشتت عائلتي بين تضاريس المنافي في أرض الله الواسعة، على أية حال دشنت عهدك برفض التوقيع على إعدام صدام فيما لو تمت إدانته من قبل المحكمة، وبعد فترة قصيرة قمت بتعيين المجرم وفيق السامرائي مستشارا أمنيا لك، وكنت كتبت لك حول ذلك في رسالة. هذه وغيرها تجعلني كمواطن عراقي أعتقد، بأنك شخصيا تساهم في هضم حقوق الشعب العراقي لاسيما الشيعة والأكراد، على الأقل بعدم كشفك عن الحقيقة، هل موافقتك على نقل المجرم للعلاج (ربما خارج العراق) هي : * إرضاء للدول الإقليمية لكف أيدي الإرهابيين عن شعبنا وتجربتنا الوطنية الجديدة!؟، ولماذا لاتصارح شعبك بهذا!!؟*أم الكشف عن الإمبراطورية المالية التي كان المجرم التكريتي يديرها من جنيف سابقا، عندما كان يمثل العراق في الأمم المتحدة!؟*أم هي إحدى الاتفاقات السرية مع رئيس الجامعة العربية عمرو موسى في زيارته الأخيرة إلى العراق، لإعادة البعثيين إلى المشهد السياسي والتنفيس عن الخطاب العروبي القومجي المحتقن في وطننا بعد سقوط النظام الفاشي، وما العمليات الإرهابية إلا تطبيقات عملية مستمرة لهذا الإحتقان وهذا الإجرام!! *أم تراها طبخة سياسية تمت مع الزعماء الغربيين، ممن اجتمعت بهم في رحلتك الأخيرة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا خاصة!؟ومعلوم بأن الدولتين العظمتين لاغيرهما رعتا النظام الفاشي البعثي، واستقوى بهما على شعبنا، وليس غريبا على حضرتك وأنت السياسي قديم اعترافات علي صالح السعدي بأنهم - أي البعثيين - جاؤوا إلى السلطة بالقطار الأمريكي في العام 1963!؟* أم لأن كل الأنظمة العربية القمعية تعتبر المجرمين البعثيين الذين مثلوا في قفص الإتهام، هم الخط الأول للدفاع عن أنظمتهم من السقوط وهو صحيح، وكتحصيل حاصل سيكون لهم نفس المصير في حال وثبت شعوبهم عليهم وعلى كراسيهم التي هي أعجاز نخل خاوية!!، وما ضغوطات الدولتين العظمتين بنقل برزان للعلاج، والتحاق بقية الرهط المجرم به فيما بعد بالتدريج (وأنا لااشك بذلك على الإطلاق)، إلا إرسال رسالة طمأنة إلى الحكام العرب، (ولاشك أن جميعهم جبنوا بعدما شاهدوا المجرمين على شاشة التلفزيون) بأن لن يكون لهم نفس مصير صدام وأركان نظامه في المستقبل، فهيا إلى المزيد من القمع والترهيب والنفي والتشريد، لبيع المزيد من النفط، وإعادة تفعيل خريطة بيع الأسلحة في المنطقة العربية، كما حصل ويحصل مع النظام السعودي الرجعي عبر تأريخه النفطي، قمع المعارضين مقابل شراء أجيال جديدة من الصواريخ والدبابات وغيرها من الأسلحة، وماحدث مع النظام الليبي مؤخرا قصة مضحكة مؤسية تشبه قصصنا في العراق أيام صدام، فقد ركع القذافي على ركبتيه أمام جبروت الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا، وهرع الزعماء إلى طرابلس فمنحهم امتيازات نفطية وتسهيلات لغرض تحسين صورته، وإبعاد شبح حفرة صدام الشهيرة تحت سريره وهو ماأقض مضجعه.. ولو إلى حين!! ، وحضرتك تعرف كيف استقتلت عائشة القذافي دفاعا عن صدام لأنه ينطق في نفس خط أبيها الأخضر الرهيب !!سيادة الرئيس..
أنا أحب الصراحة وهذا تاريخ ولن يبقى في نهاية المطاف السياسي غير وجه العراق الكريم، هاهو يلتقط أنفاسه (بعدما أمرضه البعث مرضا كنا نظن أن لاشفاء له) لكنه اليوم والحمد لله يعيش دور النقاهة، العراق وطن للجميع شرط أن يكفل للجميع (شيعيا كان أم سنيا أم كرديا أم كلدوآشوريا) نفس الحقوق والواجبات في دولة الدستور والقانون والمؤسسات، ولايهمني أن يكون الرئيس كرديا او شيعيا أو سنيا، شرط ان يكون عراقيا حميما لايفرط بحقوق شعبنا، والافراج عن برزان تفريط بحقوق الشعب العراقي تحت أي ذريعة كانت.
وبنفس المستوى الوطني المسؤول إذا كنت أتحدث بألم إنساني عن ضحايا صدام وبرزان من الشيعة في الجنوب وهم أهلي وعشيري : ابتداء من الحروب إلى المقابر الجماعية إلى السجون إلى النفي والتشريد وغيرها، فإنني وبنفس الألم الإنساني لايزيد ولاينقص، أحزن لشهداء الأنفال وحلبجه والبارزانيين وكل مظلوم كردي تم تعذيبه على أيدي برزان، ولي بينهم أصدقاء أعزاء منهم أخوات كرديات طيبات وإخوة، ولكل أخ تركماني أو أيزيدي أو من الشبك، فلافرق عندي بين عراقي وآخر.سيادة الرئيس..أنت سياسي وتعرف مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث والقضاء العادل أحد أركانها، وبرزان وبقية المجرمين، خرقوا القانون السياسي والناموس الطبيعي بتذويب الناس في أحواض التيزاب والاشراف على التعذيب والاغتصاب وغيرها، وبرزان اليوم في قفص الاتهام لنيل قصاص العراقيين العادل، فمن أعطاك الحق لتدعو إلى إخراجه من السجن بدواعي العلاج!؟ولماذا كل هذا الحنان والانسانية تجاه مجرم دموي ارتكب الفظائع في العراق!؟ كل ذلك يجدث في الوقت الذي نتطلع فيه إلى بناء دولة القانون والمؤسسات!؟، ومنصوص عليه في قانون إدارة الدولة والدستور أن القضاء مستقل..أي لايمكن لأي مسؤول في الدولة الجديدة أن يتدخل في قراراته وتوصياته: هل نعتبر هذه بادرة أولى في خرق القانون والدستور العراقي..ومن رئيس الجمهورية نفسه!!؟ولاشك أن محاكمة صدام وبقية المجرمين كانت هزلية، فليس فيها صدق محاكمة المهداوي في محاكمة رموز العهد الملكي أو قتلة الشهيد قاسم، ولاجدية محاكمة ميلوسوفيتش وفخامتها!!، فقد بدات بأفلام جوحي الصامتة وانتهت بأفلام رزكار الباهتة!، مع احترامي للرجلين وأثني على تهذيبهما الراقي لاسيما السيد رزكار محمد أمين، ولو أن الزمرة الهمجية لاتستحق كل هذا التهذيب!!، تأجلت المحكمة عدة مرات بدون مبرر، تلك التي انتظرها شعبنا بقصاص الضحايا العادل في التأريخ، وصرفت من أجلها الملايين وأشهر طويلة من التحضيرات!!، نعم كانت مضحكة ومؤلمة في نفس الوقت، واسمح لي بأن أسألك سيادة الرئيس : هل أن الخراب السياسي العراقي وماجره من خراب اجتماعي وصحي وثقافي أصبح ذا تأثير بالغ على كل تطبيقات الحكام العراقيين وأقوالهم وأفعالهم!؟، أم أن موضوعة التراجيكوميدي الشهيرة في المسرح العالمي، أصبحت جزءا لايتجزا من المشهد السياسي العراقي اليوم !!، فانتقلت عدواها إلى كل مفاصل الدولة ومؤسساتها وقراراتها، بمافيها محاكمة رموز أبشع نظام دموي في التأريخ!؟إسمح لي أن أوضح لك الأمر : فقد تجرأ صدام على القاضي والمدعي العام واستخف بهما وبالمحكمة، وكان الأجدر بالقاضي زجره في أكثر من موضع، لقد انشغل القاضي في جلسة المحاكمة الأولى بالبحث عن (التكنكر..أي الشخص المسؤول عن إدارة التقنيات!!) لغرض عرض فيلم عن جرائم البعثيين في قضاء الدجيل، فيما انشغل المدعي العام بالبحث عن القرص (أي السي دي) الذي يصور عمليات محاكمة أهالي الدجيل الشهداء يرحمهم الله جميعا، وكذلك حرق ممتلكاتهم وتجريف أراضيهم الزراعية، وكان الصوت القادم من المحاكمة إلى شاشات التلفزيون ضعيفا ومتقطعا وتلاشي أجزاء منه وهي مهمة، حتى بدا لي أن تركيب أدوات تضخيم الصوت في أحد الأعراس في مدينة الناصرية، أفضل بكثير من تقنيات المحكمة، فبأدوات كهربائية صوتية بدائية يعبر صوت المطرب الشعبي نهر الفرات وبكل وضوح إلى الصوب الثاني من المدينة!!
سيادة الرئيس..
لكم أشعر بالتعاسة عندما أفكر بأن أول حلقة بعد المحاكمة الهزلية هي إنفاذ برزان بدعوى مرض السرطان، لتأتي بقية السلسلة : فطارق عزيز مصاب بالسرطان ووكل أولاده في عمان العروبة محامين من طراز الحمارنة والخصاونة والطراونة حيث لايبخل عليهم أولاد عزيز بأموالنا المنهوبة في حوزتهم، ناهيك بعدد من المسيحيين المأجورين ممن يتوسطون لدى الحضرة البابوية، وإذا كانت ثمة شهادة دولية فلربما ينبري مذيع في السي أن أن ويدلي بشهادته مستقبلا أمام كاميرات العالم المتحضر : بأنه قابل المذكور وكان طيب القلب ويتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة!!، من جانبهم سينتخي الانكليز والأمريكيون نخوة يعربية لإطلاق سراحه!!، وتضيع دماء الشهداء وضحايا طارق عزيز وصدام وبرزان في أحواض التيزاب هكذا بدم بارد!!
سيادة الرئيس..لاأعرف إن كان العراق قويا أم ضعيفا، لكني أظن بأنه مايزال ضعيفا ويبدو أنني بإطلاق سراح المجرم برزان سأفقد الأمل بالعراق الجديد فعلا، ليس هذا حسب بل ستطيح مقولات المجتمع المدني وحقوق الانسان والمؤسسات والقضاء المستقل سيتدخل فيه السياسيون وأصحاب رؤوس الأموال والمشايخ وغيرهم، وتمسي كل أحلامنا حبرا على ورق أمام زحف المصطلح السياسي الذي عرفه العراقيون في القرن العشرين ((تيتي تيتي..مثل مارحتي إجيتي!!))إن العراق مايزال ضعيفا والدليل هوهذه الصفقات السياسية المشبوهة، فجلاد الأمس (مواطن!) ضحية اليوم، وحقوق الشعب العراقي تضرب عرض الحائط بوعود السياسة وأكاذيبها، ونعود إلى المربع الأول بعدما أمسكنا حاضرنا ومستقل وطننا بأيدينا أو نكاد!!من أين جاءك سيادة الرئيس كل هذا الحنان على المواطن برزان إسمح لي يعني!!ومئات الآلاف من العراقيين يشكون من أمراض السرطان، هل صرحت يوما ما أو أصدر مكتب رئاسة الجمهورية بيانا يدعو فيه إلى استقدام أطباء اختصاصيين بأمراض السرطان لمعالجة أبناء الشعب العراقي كما تفعل السعودية مثلا، فقد عشت في مدينة جدة وزرت الرياض وكانت الحكومة السعودية تستقدم ليس أطباء أجانب حسب، بل مستشفيات اختصاصية بأمراض السرطان لمعالجة مواطنيها!!، وهي دولة نظامها قروسطي ظلامي دموي لكن مواطنيها بالنسبة إليها من الدرجة الأولى، وهل جاءك حديث الإرهابي السعودي (مشعول الصفحة) الذي فشل في إحدى المفخخات في المسيب فاشتعلت في جسده النتن النيران، وقامت الحكومة العراقية مشكورة (ولأسباب إنسانية أيضا!!) وسلمته إلى السلطات السعودية!!؟لقد استقبل في الرياض استقبال الأبطال وزاره الأمراء في المستشفى وشدوا على يديه وسألوا عن احتياجاته وأهله واعتبروه بطلا وأقسم أنه سيتعالج في احسن المستشفيات في الولايات المتحدة أو أوروبا، إذا استعصى أمر علاجه في داخل السعودية!!هل تتوفر في مكتب رئاسة الجمهورية إحصاءات عن ضحايا اليورانيوم المنضب من الأطفال العراقيين!؟، هل أخبرك مستشاروك السياسيون والاعلاميون بأن حوالي 70 بالمئة من العراقيات اللواتي تزوجن حديثا في الولايات المتحدة وأوروبا أجهضن مرتين وثلاثة وأربعة بسبب اليورانيوم المنضب الذي استخدمته قوات التحالف ضد شعبنا في حرب الخليج الثانية!؟ومادام اللعب أصبح على المكشوف فهل تكتفي رئاسة الدولة والحكومة بمحاكمة الزمرة الفاشيةعن جرائم الدجيل فقط، دون المرور بضحايا حروب صدام والمقابر الجماعية وذبح الشيعة وأنفلة الأكراد ومأساة حلبجة وقتل أعداد من المعارضين السنة وغير ذلك كثيرا!؟والسلام عليكم
طارق حربي
أوسلو / النرويج
3.11.2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق