٢٩‏/٧‏/٢٠٠٥

الايدز او السيدا عند العرب

الإيدز في العالم العربي بين التهميش والتوعية

هل يبلغ عدد المصابين بالإيدز في العالم العربي خمسمائة ألف أم مليون؟ لا توجد إحصائيات عربية دقيقة. وما زال هذا المرض لا يحظى بالاهتمام الكافي من طرف الساسة ورجال الدين. حوار مع إيلي أعرج، الناشط في مجال التوعية والوقاية.

المجتمع اللبناني مجتمع محافظ ومتدين جدا، مما يعني أن كل ما هو ”غير طبيعي“ يحدث وراء ستار، أي خارج نطاق القانون. كيف يمكن التعاون مع أشخاص غير موجودين رسميا، أو بالأكثر غير مفروض وجودهم؟

إيلي أعرج: نحن نجند أشخاصا من المجموعات المعرضة للإصابة بالإيدز، أي المومسات، والمثليين جنسيا ومن يتعاطون المخدرات. كل أولئك الأشخاص ”خارجين عن القانون“.

كيف يمكن الوصول لتلك المجموعات؟ أنتم لا تذهبون بكل بساطة إلى موقف الحافلات.

بلى، بلى، إن أولئك الأشخاص موجودون في الشارع. يمكن أن تجد المومسات ومدمني المخدرات في ضواحي بيروت وطرابلس. وأيضا تجد أن المثليين لديهم مناطق معينة ”يطوفون“ فيها، ولكن في عيون هؤلاء تحديدا نجد الخوف الواضح، لاسيما عندما يذهب غريب إليهم ويبدأ بسؤالهم أو يعطيهم فقط واقيا.

لماذا يُعتبر أولئك الأشخاص خارجين عن القانون؟ لأسباب دينية؟

ليس فقط لأسباب دينية. القانون هو الذي يخيفهم. إذا قُبض عليهم للمرة الأولى، فإن مدة الحبس تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة. في حالة التكرار تصل المدة إلى ثلاث أعوام.

وما هو المنطق وراء تلك القوانين؟

لقد ذهبت بنفس السؤال إلى مسؤول لدى المحكمة. ما هو المنطق وراء حبس شخصا مثليا جنسيا في سجن لا يوجد به سوى رجالٌ فقط؟ ما هو قدر التحكم المتوفر هناك؟ وكانت الإجابة عبارة عن أنه هز منكبيه.

ألا توجد محاولات للتأثير على المؤسسات وأعضاء مجلس الشعب والرئيس لإنهاء القبض على المثليين جنسيا؟

لا، لأنهم دائما يقولون أن أيديهم مكتوفة حيال القانون.

إذن يجب تغيير القانون.

نعم، يحب المثابرة على محاولة تغيير القانون. ولكننا لا نهتم فقط بتغيير القانون حتى يسمح بزواج المثليين جنسيا، إنما ننشد الإنسانية في وضع القانون، وهذا شيء مختلف تماما.

كيف يمكننا إرساء درجة أكبر من الانسانية في القانون ومن التسامح في المجتمع. الهدف الأساسي للقوانين ليس تهميش مجموعات معينة من المجتمع، وانما تنظيم المجتمع. فالقانون والحكومة يلعبان دور الأم بالنسبة للمجتمع، والأم لا تهمش أطفالها عادة.

ما يحدث مع المثليين جنسيا لا يختلف كثيرا عما يحدث مع مدمني المخدرات.

نعم بالطبع، هم أيضا يصورون كمجرمين ويهمشون في المجتمع، إن لم يتم طردهم تماما.

وكثيرا ما تكون منشآت المعالجة نصيرة. منذ وقت قصير استصدرت منظمة في بيروت باسم الصحة العامة القرار بمنع بيع الأدوية المحتوية على كودين في الصيدليات دون وصف طبي. بهذا يتم دفع الأشخاص الذين يستعملون الكودين كبديل للهيروين للسوق السوداء، أي إلى الإجرام.

هناك منظمات تعمل مع مصابين بالإيدز ومع مدمني المخدرات تستغلهم.

عندما لا يجد المدمنون الكودين في الصيدليات، ينتهي بهم الحال إلى السجن، ومن بعده في المصحة. بهذا تجد تلك المصحات زبائنها.

في لبنان لا توجد رقابة على تلك المنظمات. يجب على المتعاملين مع تلك المجموعات المهمشة الإحساس بالمسؤولية، ولكن للأسف الكثير من الناس ينقصهم ذلك الاحساس. كذلك فإن الاحتراف يلعب بالطبع دورا كبيرا.

على النطاق العالمي، معظم المصابين بالإيدز من متبايني الجنس. كيف يمكن الوصول إلى الزوج العربي؟

هناك برنامج اسمه ”برنامج التجاوز“ نتبع فيه سياسة التنوير العادية لدينا، أي ما هو معروف عندنا من توزيع للمنشورات وللواقي. إلى جانب ذلك توجد مجموعة مساندة للأشخاص المصابين بالإيدز.

ونحن نحاول إظهارهم في المجتمع أكثر وأكثر، بعيدا عن كل مظاهر التمييز ضدهم ومحاولين الوصول إلى حقهم في الحصول على الأدوية بشكل مفتوح.

الظهور بشكل علني هو بالتاكيد خطوة صعبة.

بالتأكيد، خصوصا لدى المتزوجين. ففي حالات كثيرة يتم، بكل بساطة، طردهم من المنزل فيجدون أنفسهم، فجأة، في الشارع.

أسباب دينية؟ المحافظة؟ الجهل؟

الدين لا يلعب دورا هنا. الزوجة تلاحظ أنه خانها وربما، من المحتمل نقل إليها العدوى، فوق ذلك. في غضبها وجرح كرامتها تطرده من المنزل، وهذا يمكن تفهمه إلى حد كبير.

بيروت هي معقل الدعارة في الشرق الأوسط. معظم البنات يأتين من رومانيا وروسيا وأوكرانيا وأيضا بولندا. وعددهن بالآلاف ويعملن بالمنطقة الشرقية المسيحية من المدينة.

نعم ولكن في العادة يوجد تواصل جيد معهن. إلى جانب ذلك توجد أيضا بنات من سوريا وبالطبع أيضا من لبنان. بيروت هي أيضا مركز للسياحة الجنسية، خصوصا من بلاد الخليج.

ما هو رد فعل المجتمع على عملكم؟

يجب علي القول أننا نحظى باحترام المجتمع. ولكن عندما نتطرق إلى مشكلة المهمشين بشكل مكثف، فإن التعاطف والمساندة ينتهيان بسرعة. خلال مؤتمر صحفي طالبنا الصحفيين باستخدام مصطلحات أخرى أكثر إنسانية في المستقبل، إذ أن الكلمات العربية للمومسات على سبيل المثال سلبية للغاية. لكن وسائل الإعلام لم تستجب لنا. لقد قيل لنا: لماذا نُجمل الأشياء عما هي في الحقيقة؟

ماذا يقول المسيحيون المتدينون بشدة عن توزيع الواقي؟

رؤساء الكنيسة ليس لديهم مشاكل أن يحبوا جميع الـ”ملعونين“ في هذا المجتمع، ولكنهم لا يتفهمون بأي شكل عملية توزيع الواقي الذكري. فنحن نُتهم بالدعاية للحياة الغربية، وخصوصا عن الجنس كسلعة استهلاكية.

هل هناك طريقة للحوار؟

نحن نحاول ذلك. لقد سألت قسيسا مرة عما يفعله عندما يقول له الشباب على كرسي الاعتراف عن علاقات جنسية. قال لي أنه يصلي من أجلهم. أجبته أن كل شخص يفعل ما بإمكانه عمله. أنت تصلي ونحن نوزع واقي ذكري.

أعتقد أنه تفهم ماذا أعنيه بذلك. ولكن إن كنت قصصت له عن رجال شباب يلتقون في دور العرض السينمائي ويختفون معا في دورة المياه، لم يكن ليتفهم هذا أو لم يكن ليريد أن يتفهم ذلك. أن يتم توزيع واقي ذكري لأولئك المخطئين، وفوق ذلك مجانا!

إنهم لا يريدون أن يروا الحقيقة؟

نعم، ليس فقط رؤساء الكنيسة ولكن السياسيين والجيل الأكبر أيضا، كلهم لا يريدون أن يروا الحقيقة. هناك مشكلة بين الشباب والمجتمع الذي لا يريد أن يعترف أن كل شيء تغير.

لقد تحدثتم الآن عن الجانب المسيحي، هل توجد اختلافات لدى الجانب المسلم؟

رجال الدين المسلمون لا يتفقون معنا أيضا. في بعض المجتمعات الاسلامية يعاقب المثليون جنسيا بالرجم. لكن يجب القول أنهم في الأحوال العامة متسامحون. إنهم يغلقون أعينهم بكل بساطة: إننا لا نتقبل ذلك، لكنه يحدث. ماذا يمكننا أن نفعل؟

هل هناك منظمات إسلامية لها نشاطات في مجال الإيدز؟

نعم، يوجد بعضها، ونحن نتعاون معهما في حملات ونشاطات معينة. معظمها تعمل في مجال الوقاية وليس العناية والعلاج. نحن نتعاون مثلا مع ”جمعية صحية تابعة لحزب الله.

تحت المنظار الديني، هل من الممكن إدخال التربية الجنسية؟

عندما كان الحديث يدور عن المناهج المدرسية الحكومية الجديدة، اقترحنا التربية الجنسية. كمادة جديدة، وتم رفض هذا الاقتراح من قبل المسلمين والمسيحيين معا.

وقد شرحنا لهم أنه ليس في الأمر دعوة لممارسة الجنس، وانما ضرورة أن يتعرف كل شخص على جسده الخاص وروحه وعلى جسد الجنس الآخر، هذا مهم للغاية. الأصح أن تحدث تلك التربية في المدرسة والكنيسة والجامع قبل أن تحدث في الشارع. ولكن تلك الحجج لا تهم أحد.

من المعروف أن لبنان دولة متحررة في العالم العربي. كيف يتم التعامل مع مشكلة الإيدز في الدول الأخرى؟

أعداد المصابين الرسمية قليلة جدا. ولا يمكن الجزم بما يحدث في الحقيقة لأنه لا أحد يعرف ماذا يحدث. لا توجد معلومات بكل بساطة.

وهذا يعطي الانطباع أنه ليس هناك اهتماما بموضوع الإيدز من الأساس.

في بعض البلدان لا يريد الناس رؤية الحقيقة من الأصل. ولكن رغم ذلك، فإن هناك تغييرات تحدث. منذ فترة قصيرة كان هناك اجتماع لوزراء الصحة بمجلس التعاون الخليجي تقرر فيه إدخال الوقاية ضد الإيدز. ورغم أن التطورات تحدث بصورة بطيئة، إلا أنه هناك تقدم. ولكن مشكلة الإيدز في تلك البلاد حجمها أصغر بكثير من أزمة الإيدز في دول مثل إيران أو ليبيا.

ما هو مصدرنسبة العدوى العالية في تلك البلدان؟

لدينا أعداد هائلة من مستهلكي المخدرات. ففي ليبيا على سبيل المثال يوجد إزدياد هائل في أعداد المصابين. المشكل انه فقط عندما تحدث الإصابة يتم اتخاذ الاجراءات.

ماذا يحدث في تلك الدول المعروفة بكل الأحوال كدول ديكتاتورية؟

يتم التصرف بشكل سوي جدا في رأيي الشخصي. مبدئيا تتم محاولة التقليل من معدل العدوى. ففي إيران، التي يوجد بها أكثر من مليون مستهلك للمخدرات، يتم توزيع حقن على نطاق واسع.

هل يحدث ذلك في لبنان؟

لا، هذا غير قانوني هنا.

على مدار عشرات السنين كانت لبنان تعد من أكبر أماكن انتاج الهيروين في العالم. فقط في الأعوام الأخيرة تم تقليل الإنتاج تحت ضغط الولايات المتحدة الأمريكية.

نعم، هذا صحيح. لكن عن طريق تغيير في القانون في آذار/مارس 1987 أُعطى لمدمني المخدرات الحق في المعالجة والكشف الطبي المجاني. مستهلكو المخدرات لا ينظر إليهم كمجرمين الآن، ولكنهم يعتبروا مرضى.

هناك حوالي 500000 مصاب بالإيدز في العالم العربي. ذلك يعادل تقريبا عددهم في أوروبا.

الأعداد الكبيرة سببها في المجال الأول الصومال والسودان، اللذان يتبعان منطقة ”الشرق الأوسط وشمال أفريقيا“. منذ عامين توجد في تلك الدول نسب إصابة وعدوى كبيرة جدا. في السودان يوجد مريض بالإيدز كل 1000 ساكن، وفي الصومال تصل النسبة إلى 1,2 كل 1000 ساكن. وفي دول أخرى مثل مصر لا توجد إحصائيات على الإطلاق.

كم حالة توجد بلبنان؟

رسميا توجد 765 حالة. الإحصاءات غير الرسمية تقدر العدد بين 2000 و3000.

بيروت هي مركز الدعارة في الشرق الأوسط، هي المكان الذي يتوالى عليه الأغنياء من دول الخليج، مكان عمل آلاف من البنات من أوروبا الشرقية وموضع التقاء المثليين جنسيا في دورات مياه دور العرض السينمائي. كم عدوى تحدث هنا كل أسبوع؟

للأسف ليس لدينا أرقام معينة. ربما ستحدث قريبا حالة انفجار بالفعل. منذ أن وافقت الحكومة على ان تتحمل جميع مصاريف معالجة ومداواة المصابين بالإيدز، فإن أعداد الذين يسجلون أنفسهم رسميا كمرضى في ازدياد مستمر.

لبنان تتحمل جميع مصاريف العلاج؟ مثل الحال في المغرب؟

نعم، بالكامل. بالطبع هناك أحيانا نقص في بعض الأدوية، ولكن الأدوية عامة بالمجان. مرارا وتكرارا يعود المصابون بالإيدز من لبناني المنفى ليتم معالجتهم في بلادهم.

كيف يمكن برأيكم الوصول إلى الأداء المثالي للنشاطات في مجال الإيدز، سواء في لبنان أو في البلاد العربية الأخرى؟

المشكلة الأساسية هي إيجاد نظام تربوي جديد باستطاعته التعامل مع الحقيقة الجديدة. التعامل مع الشباب مهم جدا، كذلك فإنه يجب تغيير القوانين في المنطقة العربية. يجب البدأ بالوثوق في الثقافة.

يجب عقد سلام معها والتفكير بكيفية تغييرها. إن الاستيراد المستمر والمتزايد ليس بشيء جيد. نحن نفقد شخصيتنا. وهذا هو السبب وراء الخوف الكبير لدى الناس من العولمة.
هناك الكثير، بل الكثير جدا الذي يتوجب فعله. بل يمكن القول أننا لم نبدأ بعد بمعالجة المشكلة. في بعض البلدان لا توجد معالجة لمرضى الإيدز، وفي بلدان أخرى لا يود أحد التحدث عن ذلك الموضوع، وأخيرا في بلدان أخرى يتم معاملتهم كعديمي الحقوق.

تلك الآراء لا تتغير بكل تأكيد من يوم لآخر.

هذا بديهي. لكن مطلوب إعطاء الإيدز الأولوية في التعامل. توجد برامج أيدز قومية، هذا شيء جيد. لكن فيما يختص بالميزانيات، فإن الإيدز لا يتمتع بالأولوية على الإطلاق. وبالطبع ليس للأيدز الأولوية في القوانين.

هذا الوضع سيستمر لأعوام حتى يصبح بالإمكان إعادة صياغة الفقرات الحساسة دينيا. ولكن هناك خطوات أولية جسورة للوصول إلى تغييرات.

ففي لبنان اجتمعت مجموعة من الرجال المثليين جنسيا بهدف التقدم لتسجيل أنفسهم كمنظمة غير حكومية. وهم يدعون أنفسهم ”حلم“، وأعتقد أن الإسم يمثل أيضا برنامجهم للمستقبل. ماذا يمنع ذلك؟

أجرى الحوار ألفريد هاكنسبرغر
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2005

إيلي أعرج مدير جمعية العناية الصحية اللبنانية SIDC. وهي منظمة لبنانية غير حكومية وغير مرتبطة بدين معين تهتم بالمصابين بالإيدز منذ عام 1987 وتقوم بنشر الوقاية ضد الإيدز.

2005-07-29 16:14Read more | Open in browser

تعاطف موسيقي غربي مع فقراء افريقيا

حفلات لايف 8 الخيرية تحارب الفقر بالموسيقى

ماجت عواصم العالم في اليومين الماضيين بمئات الآلاف من البشر الذين نزلوا إلى الشارع للتعبير عن تعاطفهم مع الفقراء

في إفريقيا، مطالبين بشطب ديون الدول الفقيرة. والافارقة يشعرون بالحيرة من استبعاد موسيقاهم في الحفلات.
عشية لقاء الدول الثماني الصناعية، والتي ستعقد في اسكتلندا يوم الأربعاء القادم، نظم نجم الروك الشهير بوب غيلدوف

سلسلة من الحفلات الموسيقية تحت اسم "لايف 8"، وتهدف إلى ممارسة الضغوط على الزعماء من اجل ان يتحركوا للقضاء

على الفقر. امتدت سلسلة الحفلات الخيرية لتشمل عشر مدن في اربع قارات مختلفة، بدأت في طوكيو بسبب توقيتها ثم

تبعتها جوهانزبورج لتصل إلى ذروتها في العاصمة البريطانية لندن. وأفاد منظمو هذا الحدث السياسي الانساني أن قرابة

مليوني شخص حضروا الحفلات الموسيقية كما تمكن 85% من سكان العالم يمثلون حوالي 5,5 مليار شخص في 140 بلداً

من مشاهدتها، ما يمثل أوسع بث لحدث مباشر حتى الآن. وستقدم أرباحها كاملة كمساعدات إلى المناطق الفقيرة في

إفريقيا.
فكرة الحفلات تعود إلى النجم الأيرلندي بوب غيلدوف، والذي سبق ونظم حدثاً مماثلاً عام 1985 سُمي بحفلات "لايف ايد"،

حيث جمع باقة من أشهر مغني الروك والبوب في العالم في سلسلة من الحفلات، وتخلى الفنانون عن أجرهم الفني

كمساهمة منهم في العمل الخيري، لتعود الأرباح الكاملة إلى المتضررين من المجاعة في اثيوبيا. ونجحت حفلات "لايف ايد"

ساعتها في جمع أكثر من 200 مليون دولار. ويقول النجم معلقاً على فكرة الحفلات: " البديل هو أن نستمر إلى الأبد في

مشاهدة مهرجان الموت كل ليلة على شاشات التليفزيون بالألوان الطبيعية والصوت المجسم."
حفلات موسيقية
كانت العاصمة الألمانية برلين إحدى المدن التي استضافت حفلات "لايف 8" الخيرية، وذلك بجانب روما وفرساي (قرب باريس)

وفيلادلفيا (الولايات المتحدة) وباري (قرب تورونتو) وموسكو وجوهانسبورغ وكورنول وطوكيو ولندن. الحفل حضره حشد من

100 الف شخص وقفوا بامتداد كيلومترين على طريق في وسط برلين تحت سماء تخيم عليها الغيوم بين عمود النصر التذكاري

وبوابة براندنبرج. بدأ حفل لايف 8 في برلين بكامبينو المطرب الاول في واحدة من اكثر فرق الروك في المانيا شعبية وهي

فرقة "دي توتن هوسن Die toten Hosen" يوم السبت، حيث قفز إلى المسرح وقال "نعرف مدى أهمية بوب جيلدوف لإفريقيا.

وقائمة المطالب التي وضعها مفهومة لاي كائن بشري عاقل. ونحن سعداء انه بعد فترة طويلة أصبحت الموسيقي مرة أخرى

قادرة على تقديم بيان سياسي." من بين النجوم الذين استضافهم الحفل بيتر مافاي وكرس دي بيرج وهيربرت جرونيماير،

إضافة إلى نجمة الموضة كلاوديا شيفر كضيفة شرف.
بلغت الحفلات ذروتها في لندن، فلقد حضر الحفل الذي أقيم في منتزه هايدبارك عشرات الآلاف من الأشخاص، وشارك فيه

لفيف من أشهر نجوم الموسيقي في العالم مثل: مادونا، يو تو، بينك فلويد، ستينغ، ذا هو، التون جون، آني لينوكس، روبي

ويليامس. وافتتح العرض المغنيان بول ماكارتني من فرقة البيتلز وبونو من فرقة يو تو باحدى اغنيات البيتلز الشهيرة. كما تخلل

الحفل في لندن ظهور مفاجئ لمؤسس شركة مايكروسوفت الأمريكي بيل غايتس وقد قدمه بوب غيلدوف قائلا "انه ماهر في

إدارة الأعمال والمساعدة والتربية والصحة". وقال غايتس الذي يعتبر اثرى رجال العالم "بفضل قيادة أشخاص أمثال (رئيس

الوزراء البريطاني) توني بلير و(وزير المالية) غوردن براون بدأ العالم يطالب بمزيد من التحرك على صعيد الصحة والفقر".
وفي جوهانسبورغ بارك نلسون مانديلا الزعيم التاريخي لمكافحة الفصل العنصري وأول رئيس من السود للبلاد(1994-1999)

الحفل الخيري، وبادر ثمانية الاف مشاهد تجمعوا في ساحة بوسط جوهانسبورغ قائلاً "أقول لجميع القادة: لا تنظروا في اتجاه

آخر ولا تترددوا. في مقدوركم منع وقوع مجزرة بحق الإنسانية". وأضاف "من السهل تقديم وعود وعدم التحرك إطلاقا. اطلب

منهم ان يثبتوا التزامهم (بمكافحة الفقر) وليس ان يقدموا وعودا فارغة. نريد افعالا". واكد "ان التغلب على الفقر ليس بادرة

إحسان بل إنصاف" مضيفا "لا وجود للحرية حيث يوجد الفقر". يذكر أن مانديلا الحائز جائزة نوبل للسلام اختار الانسحاب من

الحياة العامة، لكنه قال: " طالما ان الفقر والظلم وعدم المساواة الفاضحة مستمرة في عالمنا، لا يمكن لأياً كان الاستراحة

فعلا".
تظاهرات شعبية
لم تقتصر الحركة الشعبية التي اجتاحت مناطق كثيرة من العالم على الحفلات الخيرية، بل تعدتها إلى تظاهرات كبيرة،

وأكبرها تلك التي خرجت إلى شوارع أدنبره في اسكتلندا، وسار فيها المتظاهرون في ملابس بيضاء للمشاركة في مسيرة

لمطالبة زعماء الدول الغنية باتخاذ إجراءات للقضاء على الفقر في العالم عندما يلتقون في قمة بالقرب من العاصمة

الاسكتلندية في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وسار المتظاهرون الذين ارتدوا اللون الأبيض شعار حملة "اجعلوا الفقر ماضيا" التي تضم عددا من وكالات الإغاثة والكنائس

والمنظمات الأخرى في شوارع المدينة التاريخية مكونين شكل الرباط الأبيض رمز الحملة. وقال متحدث من جماعة "أنقذوا

الأطفال" الخيرية "هذه لحظة تاريخية. جاء الناس العاديون وعبروا بوضوح عما يريدون. لا يمكن اساءة تفسير الرسالة. اقضوا

على الفقر واقضوا على الظلم". وقدرت الشرطة ومنظمو المسيرة عدد المشاركين فيها بنحو 200 ألف شخص لتكون بذلك

من أكبر المسيرات التي شهدتها اسكتلندا في تاريخها. وحمل المتظاهرون لافتات كتبت عليها شعارات مثل "الغوا الديون" و

"العدالة التجارية" و "البشر قبل الربح". وقدمت مجموعة من عازفي موسيقى القرب والطبول مزيجا عالميا من الموسيقى.
حيرة افريقية
في المقابل لم ير معظم الأفارقة حفلات لايف 8 العامرة بالنجوم، الا ان كثيرين قالوا أهلا باي مسعى لتخفيف حدة الفقر حتى

لو كان حفلات موسيقية تقام في اماكن بعيدة من اجل اثرياء بيض. وانخفضت نسبة المشاهدة في افريقيا نفسها حيث يمنع

الفقر المدقع غالبية الناس من امتلاك جهاز تلفزيون فلم يشاهد تلك الحفلات سوى قلة ممن اقيمت من اجلهم وحار من

شاهدوها في لقطات لا تنتهي لأشخاص يمسكون بالات الجيتار.
وأوردت وكالات الأنباء حوارات مع بعض الأشخاص من مدينة جوهانسبرج، فقال شخص يدعى ادوارد روموكي عندما سئل عن

رأيه في الرجل الذي قاد الجهود لتنظيم الحفلات "لا اعرف من هو بوب جيلدوف. الا ان الحضور كانوا يتحدثون عن الفقر وهو أمر

متفش في افريقيا. ربما تؤدي حفلة مثل هذه الى وضع افريقيا في دائرة الاخبار وتغيير الاوضاع الحالية". وقال ماكسويل

شيريما الذي يجني قرابة خمسة دولارات يوميا من بيع البرتقال على جانب الطريق في تنزانيا انه لا يعلم بتنظيم اي حفلات

لمساعدة افريقيا. أما الافارقة الذين علموا بامر الحفلات فاعربوا عن اعتقادهم بانها فكرة جيدة الا انهم ابدوا استغرابهم

لاستبعاد موسيقييهم من المشاركة وهو انتقاد دفع منظمي الحفلات لاضافة حفلة في جوهانسبرج في اللحظة الاخيرة وقد كانت أصغر الحفلات.