٢٩‏/٧‏/٢٠٠٥

الايدز او السيدا عند العرب

الإيدز في العالم العربي بين التهميش والتوعية

هل يبلغ عدد المصابين بالإيدز في العالم العربي خمسمائة ألف أم مليون؟ لا توجد إحصائيات عربية دقيقة. وما زال هذا المرض لا يحظى بالاهتمام الكافي من طرف الساسة ورجال الدين. حوار مع إيلي أعرج، الناشط في مجال التوعية والوقاية.

المجتمع اللبناني مجتمع محافظ ومتدين جدا، مما يعني أن كل ما هو ”غير طبيعي“ يحدث وراء ستار، أي خارج نطاق القانون. كيف يمكن التعاون مع أشخاص غير موجودين رسميا، أو بالأكثر غير مفروض وجودهم؟

إيلي أعرج: نحن نجند أشخاصا من المجموعات المعرضة للإصابة بالإيدز، أي المومسات، والمثليين جنسيا ومن يتعاطون المخدرات. كل أولئك الأشخاص ”خارجين عن القانون“.

كيف يمكن الوصول لتلك المجموعات؟ أنتم لا تذهبون بكل بساطة إلى موقف الحافلات.

بلى، بلى، إن أولئك الأشخاص موجودون في الشارع. يمكن أن تجد المومسات ومدمني المخدرات في ضواحي بيروت وطرابلس. وأيضا تجد أن المثليين لديهم مناطق معينة ”يطوفون“ فيها، ولكن في عيون هؤلاء تحديدا نجد الخوف الواضح، لاسيما عندما يذهب غريب إليهم ويبدأ بسؤالهم أو يعطيهم فقط واقيا.

لماذا يُعتبر أولئك الأشخاص خارجين عن القانون؟ لأسباب دينية؟

ليس فقط لأسباب دينية. القانون هو الذي يخيفهم. إذا قُبض عليهم للمرة الأولى، فإن مدة الحبس تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة. في حالة التكرار تصل المدة إلى ثلاث أعوام.

وما هو المنطق وراء تلك القوانين؟

لقد ذهبت بنفس السؤال إلى مسؤول لدى المحكمة. ما هو المنطق وراء حبس شخصا مثليا جنسيا في سجن لا يوجد به سوى رجالٌ فقط؟ ما هو قدر التحكم المتوفر هناك؟ وكانت الإجابة عبارة عن أنه هز منكبيه.

ألا توجد محاولات للتأثير على المؤسسات وأعضاء مجلس الشعب والرئيس لإنهاء القبض على المثليين جنسيا؟

لا، لأنهم دائما يقولون أن أيديهم مكتوفة حيال القانون.

إذن يجب تغيير القانون.

نعم، يحب المثابرة على محاولة تغيير القانون. ولكننا لا نهتم فقط بتغيير القانون حتى يسمح بزواج المثليين جنسيا، إنما ننشد الإنسانية في وضع القانون، وهذا شيء مختلف تماما.

كيف يمكننا إرساء درجة أكبر من الانسانية في القانون ومن التسامح في المجتمع. الهدف الأساسي للقوانين ليس تهميش مجموعات معينة من المجتمع، وانما تنظيم المجتمع. فالقانون والحكومة يلعبان دور الأم بالنسبة للمجتمع، والأم لا تهمش أطفالها عادة.

ما يحدث مع المثليين جنسيا لا يختلف كثيرا عما يحدث مع مدمني المخدرات.

نعم بالطبع، هم أيضا يصورون كمجرمين ويهمشون في المجتمع، إن لم يتم طردهم تماما.

وكثيرا ما تكون منشآت المعالجة نصيرة. منذ وقت قصير استصدرت منظمة في بيروت باسم الصحة العامة القرار بمنع بيع الأدوية المحتوية على كودين في الصيدليات دون وصف طبي. بهذا يتم دفع الأشخاص الذين يستعملون الكودين كبديل للهيروين للسوق السوداء، أي إلى الإجرام.

هناك منظمات تعمل مع مصابين بالإيدز ومع مدمني المخدرات تستغلهم.

عندما لا يجد المدمنون الكودين في الصيدليات، ينتهي بهم الحال إلى السجن، ومن بعده في المصحة. بهذا تجد تلك المصحات زبائنها.

في لبنان لا توجد رقابة على تلك المنظمات. يجب على المتعاملين مع تلك المجموعات المهمشة الإحساس بالمسؤولية، ولكن للأسف الكثير من الناس ينقصهم ذلك الاحساس. كذلك فإن الاحتراف يلعب بالطبع دورا كبيرا.

على النطاق العالمي، معظم المصابين بالإيدز من متبايني الجنس. كيف يمكن الوصول إلى الزوج العربي؟

هناك برنامج اسمه ”برنامج التجاوز“ نتبع فيه سياسة التنوير العادية لدينا، أي ما هو معروف عندنا من توزيع للمنشورات وللواقي. إلى جانب ذلك توجد مجموعة مساندة للأشخاص المصابين بالإيدز.

ونحن نحاول إظهارهم في المجتمع أكثر وأكثر، بعيدا عن كل مظاهر التمييز ضدهم ومحاولين الوصول إلى حقهم في الحصول على الأدوية بشكل مفتوح.

الظهور بشكل علني هو بالتاكيد خطوة صعبة.

بالتأكيد، خصوصا لدى المتزوجين. ففي حالات كثيرة يتم، بكل بساطة، طردهم من المنزل فيجدون أنفسهم، فجأة، في الشارع.

أسباب دينية؟ المحافظة؟ الجهل؟

الدين لا يلعب دورا هنا. الزوجة تلاحظ أنه خانها وربما، من المحتمل نقل إليها العدوى، فوق ذلك. في غضبها وجرح كرامتها تطرده من المنزل، وهذا يمكن تفهمه إلى حد كبير.

بيروت هي معقل الدعارة في الشرق الأوسط. معظم البنات يأتين من رومانيا وروسيا وأوكرانيا وأيضا بولندا. وعددهن بالآلاف ويعملن بالمنطقة الشرقية المسيحية من المدينة.

نعم ولكن في العادة يوجد تواصل جيد معهن. إلى جانب ذلك توجد أيضا بنات من سوريا وبالطبع أيضا من لبنان. بيروت هي أيضا مركز للسياحة الجنسية، خصوصا من بلاد الخليج.

ما هو رد فعل المجتمع على عملكم؟

يجب علي القول أننا نحظى باحترام المجتمع. ولكن عندما نتطرق إلى مشكلة المهمشين بشكل مكثف، فإن التعاطف والمساندة ينتهيان بسرعة. خلال مؤتمر صحفي طالبنا الصحفيين باستخدام مصطلحات أخرى أكثر إنسانية في المستقبل، إذ أن الكلمات العربية للمومسات على سبيل المثال سلبية للغاية. لكن وسائل الإعلام لم تستجب لنا. لقد قيل لنا: لماذا نُجمل الأشياء عما هي في الحقيقة؟

ماذا يقول المسيحيون المتدينون بشدة عن توزيع الواقي؟

رؤساء الكنيسة ليس لديهم مشاكل أن يحبوا جميع الـ”ملعونين“ في هذا المجتمع، ولكنهم لا يتفهمون بأي شكل عملية توزيع الواقي الذكري. فنحن نُتهم بالدعاية للحياة الغربية، وخصوصا عن الجنس كسلعة استهلاكية.

هل هناك طريقة للحوار؟

نحن نحاول ذلك. لقد سألت قسيسا مرة عما يفعله عندما يقول له الشباب على كرسي الاعتراف عن علاقات جنسية. قال لي أنه يصلي من أجلهم. أجبته أن كل شخص يفعل ما بإمكانه عمله. أنت تصلي ونحن نوزع واقي ذكري.

أعتقد أنه تفهم ماذا أعنيه بذلك. ولكن إن كنت قصصت له عن رجال شباب يلتقون في دور العرض السينمائي ويختفون معا في دورة المياه، لم يكن ليتفهم هذا أو لم يكن ليريد أن يتفهم ذلك. أن يتم توزيع واقي ذكري لأولئك المخطئين، وفوق ذلك مجانا!

إنهم لا يريدون أن يروا الحقيقة؟

نعم، ليس فقط رؤساء الكنيسة ولكن السياسيين والجيل الأكبر أيضا، كلهم لا يريدون أن يروا الحقيقة. هناك مشكلة بين الشباب والمجتمع الذي لا يريد أن يعترف أن كل شيء تغير.

لقد تحدثتم الآن عن الجانب المسيحي، هل توجد اختلافات لدى الجانب المسلم؟

رجال الدين المسلمون لا يتفقون معنا أيضا. في بعض المجتمعات الاسلامية يعاقب المثليون جنسيا بالرجم. لكن يجب القول أنهم في الأحوال العامة متسامحون. إنهم يغلقون أعينهم بكل بساطة: إننا لا نتقبل ذلك، لكنه يحدث. ماذا يمكننا أن نفعل؟

هل هناك منظمات إسلامية لها نشاطات في مجال الإيدز؟

نعم، يوجد بعضها، ونحن نتعاون معهما في حملات ونشاطات معينة. معظمها تعمل في مجال الوقاية وليس العناية والعلاج. نحن نتعاون مثلا مع ”جمعية صحية تابعة لحزب الله.

تحت المنظار الديني، هل من الممكن إدخال التربية الجنسية؟

عندما كان الحديث يدور عن المناهج المدرسية الحكومية الجديدة، اقترحنا التربية الجنسية. كمادة جديدة، وتم رفض هذا الاقتراح من قبل المسلمين والمسيحيين معا.

وقد شرحنا لهم أنه ليس في الأمر دعوة لممارسة الجنس، وانما ضرورة أن يتعرف كل شخص على جسده الخاص وروحه وعلى جسد الجنس الآخر، هذا مهم للغاية. الأصح أن تحدث تلك التربية في المدرسة والكنيسة والجامع قبل أن تحدث في الشارع. ولكن تلك الحجج لا تهم أحد.

من المعروف أن لبنان دولة متحررة في العالم العربي. كيف يتم التعامل مع مشكلة الإيدز في الدول الأخرى؟

أعداد المصابين الرسمية قليلة جدا. ولا يمكن الجزم بما يحدث في الحقيقة لأنه لا أحد يعرف ماذا يحدث. لا توجد معلومات بكل بساطة.

وهذا يعطي الانطباع أنه ليس هناك اهتماما بموضوع الإيدز من الأساس.

في بعض البلدان لا يريد الناس رؤية الحقيقة من الأصل. ولكن رغم ذلك، فإن هناك تغييرات تحدث. منذ فترة قصيرة كان هناك اجتماع لوزراء الصحة بمجلس التعاون الخليجي تقرر فيه إدخال الوقاية ضد الإيدز. ورغم أن التطورات تحدث بصورة بطيئة، إلا أنه هناك تقدم. ولكن مشكلة الإيدز في تلك البلاد حجمها أصغر بكثير من أزمة الإيدز في دول مثل إيران أو ليبيا.

ما هو مصدرنسبة العدوى العالية في تلك البلدان؟

لدينا أعداد هائلة من مستهلكي المخدرات. ففي ليبيا على سبيل المثال يوجد إزدياد هائل في أعداد المصابين. المشكل انه فقط عندما تحدث الإصابة يتم اتخاذ الاجراءات.

ماذا يحدث في تلك الدول المعروفة بكل الأحوال كدول ديكتاتورية؟

يتم التصرف بشكل سوي جدا في رأيي الشخصي. مبدئيا تتم محاولة التقليل من معدل العدوى. ففي إيران، التي يوجد بها أكثر من مليون مستهلك للمخدرات، يتم توزيع حقن على نطاق واسع.

هل يحدث ذلك في لبنان؟

لا، هذا غير قانوني هنا.

على مدار عشرات السنين كانت لبنان تعد من أكبر أماكن انتاج الهيروين في العالم. فقط في الأعوام الأخيرة تم تقليل الإنتاج تحت ضغط الولايات المتحدة الأمريكية.

نعم، هذا صحيح. لكن عن طريق تغيير في القانون في آذار/مارس 1987 أُعطى لمدمني المخدرات الحق في المعالجة والكشف الطبي المجاني. مستهلكو المخدرات لا ينظر إليهم كمجرمين الآن، ولكنهم يعتبروا مرضى.

هناك حوالي 500000 مصاب بالإيدز في العالم العربي. ذلك يعادل تقريبا عددهم في أوروبا.

الأعداد الكبيرة سببها في المجال الأول الصومال والسودان، اللذان يتبعان منطقة ”الشرق الأوسط وشمال أفريقيا“. منذ عامين توجد في تلك الدول نسب إصابة وعدوى كبيرة جدا. في السودان يوجد مريض بالإيدز كل 1000 ساكن، وفي الصومال تصل النسبة إلى 1,2 كل 1000 ساكن. وفي دول أخرى مثل مصر لا توجد إحصائيات على الإطلاق.

كم حالة توجد بلبنان؟

رسميا توجد 765 حالة. الإحصاءات غير الرسمية تقدر العدد بين 2000 و3000.

بيروت هي مركز الدعارة في الشرق الأوسط، هي المكان الذي يتوالى عليه الأغنياء من دول الخليج، مكان عمل آلاف من البنات من أوروبا الشرقية وموضع التقاء المثليين جنسيا في دورات مياه دور العرض السينمائي. كم عدوى تحدث هنا كل أسبوع؟

للأسف ليس لدينا أرقام معينة. ربما ستحدث قريبا حالة انفجار بالفعل. منذ أن وافقت الحكومة على ان تتحمل جميع مصاريف معالجة ومداواة المصابين بالإيدز، فإن أعداد الذين يسجلون أنفسهم رسميا كمرضى في ازدياد مستمر.

لبنان تتحمل جميع مصاريف العلاج؟ مثل الحال في المغرب؟

نعم، بالكامل. بالطبع هناك أحيانا نقص في بعض الأدوية، ولكن الأدوية عامة بالمجان. مرارا وتكرارا يعود المصابون بالإيدز من لبناني المنفى ليتم معالجتهم في بلادهم.

كيف يمكن برأيكم الوصول إلى الأداء المثالي للنشاطات في مجال الإيدز، سواء في لبنان أو في البلاد العربية الأخرى؟

المشكلة الأساسية هي إيجاد نظام تربوي جديد باستطاعته التعامل مع الحقيقة الجديدة. التعامل مع الشباب مهم جدا، كذلك فإنه يجب تغيير القوانين في المنطقة العربية. يجب البدأ بالوثوق في الثقافة.

يجب عقد سلام معها والتفكير بكيفية تغييرها. إن الاستيراد المستمر والمتزايد ليس بشيء جيد. نحن نفقد شخصيتنا. وهذا هو السبب وراء الخوف الكبير لدى الناس من العولمة.
هناك الكثير، بل الكثير جدا الذي يتوجب فعله. بل يمكن القول أننا لم نبدأ بعد بمعالجة المشكلة. في بعض البلدان لا توجد معالجة لمرضى الإيدز، وفي بلدان أخرى لا يود أحد التحدث عن ذلك الموضوع، وأخيرا في بلدان أخرى يتم معاملتهم كعديمي الحقوق.

تلك الآراء لا تتغير بكل تأكيد من يوم لآخر.

هذا بديهي. لكن مطلوب إعطاء الإيدز الأولوية في التعامل. توجد برامج أيدز قومية، هذا شيء جيد. لكن فيما يختص بالميزانيات، فإن الإيدز لا يتمتع بالأولوية على الإطلاق. وبالطبع ليس للأيدز الأولوية في القوانين.

هذا الوضع سيستمر لأعوام حتى يصبح بالإمكان إعادة صياغة الفقرات الحساسة دينيا. ولكن هناك خطوات أولية جسورة للوصول إلى تغييرات.

ففي لبنان اجتمعت مجموعة من الرجال المثليين جنسيا بهدف التقدم لتسجيل أنفسهم كمنظمة غير حكومية. وهم يدعون أنفسهم ”حلم“، وأعتقد أن الإسم يمثل أيضا برنامجهم للمستقبل. ماذا يمنع ذلك؟

أجرى الحوار ألفريد هاكنسبرغر
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2005

إيلي أعرج مدير جمعية العناية الصحية اللبنانية SIDC. وهي منظمة لبنانية غير حكومية وغير مرتبطة بدين معين تهتم بالمصابين بالإيدز منذ عام 1987 وتقوم بنشر الوقاية ضد الإيدز.

2005-07-29 16:14Read more | Open in browser

تعاطف موسيقي غربي مع فقراء افريقيا

حفلات لايف 8 الخيرية تحارب الفقر بالموسيقى

ماجت عواصم العالم في اليومين الماضيين بمئات الآلاف من البشر الذين نزلوا إلى الشارع للتعبير عن تعاطفهم مع الفقراء

في إفريقيا، مطالبين بشطب ديون الدول الفقيرة. والافارقة يشعرون بالحيرة من استبعاد موسيقاهم في الحفلات.
عشية لقاء الدول الثماني الصناعية، والتي ستعقد في اسكتلندا يوم الأربعاء القادم، نظم نجم الروك الشهير بوب غيلدوف

سلسلة من الحفلات الموسيقية تحت اسم "لايف 8"، وتهدف إلى ممارسة الضغوط على الزعماء من اجل ان يتحركوا للقضاء

على الفقر. امتدت سلسلة الحفلات الخيرية لتشمل عشر مدن في اربع قارات مختلفة، بدأت في طوكيو بسبب توقيتها ثم

تبعتها جوهانزبورج لتصل إلى ذروتها في العاصمة البريطانية لندن. وأفاد منظمو هذا الحدث السياسي الانساني أن قرابة

مليوني شخص حضروا الحفلات الموسيقية كما تمكن 85% من سكان العالم يمثلون حوالي 5,5 مليار شخص في 140 بلداً

من مشاهدتها، ما يمثل أوسع بث لحدث مباشر حتى الآن. وستقدم أرباحها كاملة كمساعدات إلى المناطق الفقيرة في

إفريقيا.
فكرة الحفلات تعود إلى النجم الأيرلندي بوب غيلدوف، والذي سبق ونظم حدثاً مماثلاً عام 1985 سُمي بحفلات "لايف ايد"،

حيث جمع باقة من أشهر مغني الروك والبوب في العالم في سلسلة من الحفلات، وتخلى الفنانون عن أجرهم الفني

كمساهمة منهم في العمل الخيري، لتعود الأرباح الكاملة إلى المتضررين من المجاعة في اثيوبيا. ونجحت حفلات "لايف ايد"

ساعتها في جمع أكثر من 200 مليون دولار. ويقول النجم معلقاً على فكرة الحفلات: " البديل هو أن نستمر إلى الأبد في

مشاهدة مهرجان الموت كل ليلة على شاشات التليفزيون بالألوان الطبيعية والصوت المجسم."
حفلات موسيقية
كانت العاصمة الألمانية برلين إحدى المدن التي استضافت حفلات "لايف 8" الخيرية، وذلك بجانب روما وفرساي (قرب باريس)

وفيلادلفيا (الولايات المتحدة) وباري (قرب تورونتو) وموسكو وجوهانسبورغ وكورنول وطوكيو ولندن. الحفل حضره حشد من

100 الف شخص وقفوا بامتداد كيلومترين على طريق في وسط برلين تحت سماء تخيم عليها الغيوم بين عمود النصر التذكاري

وبوابة براندنبرج. بدأ حفل لايف 8 في برلين بكامبينو المطرب الاول في واحدة من اكثر فرق الروك في المانيا شعبية وهي

فرقة "دي توتن هوسن Die toten Hosen" يوم السبت، حيث قفز إلى المسرح وقال "نعرف مدى أهمية بوب جيلدوف لإفريقيا.

وقائمة المطالب التي وضعها مفهومة لاي كائن بشري عاقل. ونحن سعداء انه بعد فترة طويلة أصبحت الموسيقي مرة أخرى

قادرة على تقديم بيان سياسي." من بين النجوم الذين استضافهم الحفل بيتر مافاي وكرس دي بيرج وهيربرت جرونيماير،

إضافة إلى نجمة الموضة كلاوديا شيفر كضيفة شرف.
بلغت الحفلات ذروتها في لندن، فلقد حضر الحفل الذي أقيم في منتزه هايدبارك عشرات الآلاف من الأشخاص، وشارك فيه

لفيف من أشهر نجوم الموسيقي في العالم مثل: مادونا، يو تو، بينك فلويد، ستينغ، ذا هو، التون جون، آني لينوكس، روبي

ويليامس. وافتتح العرض المغنيان بول ماكارتني من فرقة البيتلز وبونو من فرقة يو تو باحدى اغنيات البيتلز الشهيرة. كما تخلل

الحفل في لندن ظهور مفاجئ لمؤسس شركة مايكروسوفت الأمريكي بيل غايتس وقد قدمه بوب غيلدوف قائلا "انه ماهر في

إدارة الأعمال والمساعدة والتربية والصحة". وقال غايتس الذي يعتبر اثرى رجال العالم "بفضل قيادة أشخاص أمثال (رئيس

الوزراء البريطاني) توني بلير و(وزير المالية) غوردن براون بدأ العالم يطالب بمزيد من التحرك على صعيد الصحة والفقر".
وفي جوهانسبورغ بارك نلسون مانديلا الزعيم التاريخي لمكافحة الفصل العنصري وأول رئيس من السود للبلاد(1994-1999)

الحفل الخيري، وبادر ثمانية الاف مشاهد تجمعوا في ساحة بوسط جوهانسبورغ قائلاً "أقول لجميع القادة: لا تنظروا في اتجاه

آخر ولا تترددوا. في مقدوركم منع وقوع مجزرة بحق الإنسانية". وأضاف "من السهل تقديم وعود وعدم التحرك إطلاقا. اطلب

منهم ان يثبتوا التزامهم (بمكافحة الفقر) وليس ان يقدموا وعودا فارغة. نريد افعالا". واكد "ان التغلب على الفقر ليس بادرة

إحسان بل إنصاف" مضيفا "لا وجود للحرية حيث يوجد الفقر". يذكر أن مانديلا الحائز جائزة نوبل للسلام اختار الانسحاب من

الحياة العامة، لكنه قال: " طالما ان الفقر والظلم وعدم المساواة الفاضحة مستمرة في عالمنا، لا يمكن لأياً كان الاستراحة

فعلا".
تظاهرات شعبية
لم تقتصر الحركة الشعبية التي اجتاحت مناطق كثيرة من العالم على الحفلات الخيرية، بل تعدتها إلى تظاهرات كبيرة،

وأكبرها تلك التي خرجت إلى شوارع أدنبره في اسكتلندا، وسار فيها المتظاهرون في ملابس بيضاء للمشاركة في مسيرة

لمطالبة زعماء الدول الغنية باتخاذ إجراءات للقضاء على الفقر في العالم عندما يلتقون في قمة بالقرب من العاصمة

الاسكتلندية في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وسار المتظاهرون الذين ارتدوا اللون الأبيض شعار حملة "اجعلوا الفقر ماضيا" التي تضم عددا من وكالات الإغاثة والكنائس

والمنظمات الأخرى في شوارع المدينة التاريخية مكونين شكل الرباط الأبيض رمز الحملة. وقال متحدث من جماعة "أنقذوا

الأطفال" الخيرية "هذه لحظة تاريخية. جاء الناس العاديون وعبروا بوضوح عما يريدون. لا يمكن اساءة تفسير الرسالة. اقضوا

على الفقر واقضوا على الظلم". وقدرت الشرطة ومنظمو المسيرة عدد المشاركين فيها بنحو 200 ألف شخص لتكون بذلك

من أكبر المسيرات التي شهدتها اسكتلندا في تاريخها. وحمل المتظاهرون لافتات كتبت عليها شعارات مثل "الغوا الديون" و

"العدالة التجارية" و "البشر قبل الربح". وقدمت مجموعة من عازفي موسيقى القرب والطبول مزيجا عالميا من الموسيقى.
حيرة افريقية
في المقابل لم ير معظم الأفارقة حفلات لايف 8 العامرة بالنجوم، الا ان كثيرين قالوا أهلا باي مسعى لتخفيف حدة الفقر حتى

لو كان حفلات موسيقية تقام في اماكن بعيدة من اجل اثرياء بيض. وانخفضت نسبة المشاهدة في افريقيا نفسها حيث يمنع

الفقر المدقع غالبية الناس من امتلاك جهاز تلفزيون فلم يشاهد تلك الحفلات سوى قلة ممن اقيمت من اجلهم وحار من

شاهدوها في لقطات لا تنتهي لأشخاص يمسكون بالات الجيتار.
وأوردت وكالات الأنباء حوارات مع بعض الأشخاص من مدينة جوهانسبرج، فقال شخص يدعى ادوارد روموكي عندما سئل عن

رأيه في الرجل الذي قاد الجهود لتنظيم الحفلات "لا اعرف من هو بوب جيلدوف. الا ان الحضور كانوا يتحدثون عن الفقر وهو أمر

متفش في افريقيا. ربما تؤدي حفلة مثل هذه الى وضع افريقيا في دائرة الاخبار وتغيير الاوضاع الحالية". وقال ماكسويل

شيريما الذي يجني قرابة خمسة دولارات يوميا من بيع البرتقال على جانب الطريق في تنزانيا انه لا يعلم بتنظيم اي حفلات

لمساعدة افريقيا. أما الافارقة الذين علموا بامر الحفلات فاعربوا عن اعتقادهم بانها فكرة جيدة الا انهم ابدوا استغرابهم

لاستبعاد موسيقييهم من المشاركة وهو انتقاد دفع منظمي الحفلات لاضافة حفلة في جوهانسبرج في اللحظة الاخيرة وقد كانت أصغر الحفلات.

٢٧‏/٧‏/٢٠٠٥

حول رواية جراح الروح والجسد


تراجيديا الضياع بين تسلط الأب و فقدان الأم
بقلم محمد ايت لعميم
جريدة رؤى العدد الرابع يونيو 2005
ابتداء من لحظة التأسيس التي هيمنت فيها الحبكة الموباسانية و خيم فيها موضوع الصراع مع الآخر و البحث عن البطل المخلص من الاستعمار المباشر و مرورا بلحظة التسيس التي بصمت بالصراع بين الطبقات و الفئات الاجتماعية وظهور البطل الهامشي الى مسرح الأحداث، ووصولا الى لحظة التجريب التي ساد فيها التخريب: تخريب الحبكة وتدمير الحكاية استجابة لسديمية الواقع وفوضاه، وغياب انسجامه و تناثر عراه، عرفت القصة القصيرة بالمغرب تطورا ملحوظا على مستوى الشكل و المحتوى، و انخرطت في تجارب متنوعة المشارب واجترحت تقنيات ومذاهب0
يلاحظ المتتبع للمتن السردي القصصي أن هذا الجنس الأدبي له جاذبية خاصة و لديه قدرة على طرح أسئلة جريئة في المشهد المجتمعي الراهن، و ذلك أن مجموعة من القصاصين و القاصات استطاعت ان تنفذ الى جوهر الخلل في المجتمع من خلال رصد دقيق و تشخيص عميق لمظاهر اللاتوازن الاجتماعي و ما يترتب عنه من معضلات تصيب الذات في مقتل.
و في سياق البحث في العلاقة بين الكتابة و اليومي، هذه العلاقة التي أضحت اليوم مثار اهتمام النقد، لا سيما و ان الكتابة اليوم اصبحت تحتفي باليومي احتفاء خاصا، وذلك لاسباب عديدة منها البحث عن خصوصية الذات في علاقتها بما يجري حولها، ناهيك عن سقوط الايديولوجيا الكبرى و الانساق، مما فسح المجال للكتابة ان تسائل الذات في أشيائها الصغيرة وافشاء الحميميات، اخترت المجموعة القصصية ترانت سيس للقاصة المغربية مليكة مستظرف، كمتن لرصد العلاقة بين الكتابة و اليومي.فما هي طبيعة هذه العلاقة من خلال هذه المجموعة؟ كيف تمثلت القاصة جانبا من المجتمع الذي تعيش فيه؟ كيف عالجته جماليا؟ لماذا اختارت الطبقة المسحوقة اجتماعيا و رصدت من خلالها جنون المجتمع و فوضاه؟ ما هي طبيعة المعالجة التخييلية لهذه المعضلات الاجتماعية؟ لماذا هذه العودة الى بناء الحكاية بدل تدميرها ؟ و لماذا العودة الى كتابة الواقع؟
ساحاول الاجابة عن هذه الاسئلة من خلال تحليل المتن الحكائي للمجموعة القصصية و تتبع الموضوعات المتواترة في ثناياه.
تتكون المجموعة القصصية ترنت سيس من عشر قصص هي كالتالي: مجرد اختلاف، ترانت سيس، امراة جلباب و علبة حليب، امرأة عاشقة امرأة مهزومة، الهذيان ، الوهم، اختناق، مأذبة الدم ، الخدعة، يوم من حياة رجل متزوج.
اختارت القاصة عنوان المجموعة من عنوان القصة الثانية هادفة من وراء ذلك الى تبئير العمل برمته في تداعيات الجنون والمرض العقلي، وكل الامراض النفسية التي تنتج عن خلل في الذات و المجتمع. فترانت سيس حوفظ على كتابتها كما تنطق بالدارجة المفرنسة، حيث تحول تحول هذا الرقم 36 الى مكان و هو مستشفى الامراض العقلية بالدار البيضاء و من خلال هذا المجاز المرسل الذي يقتضي التجاوز بلاغيا ، شكلت الحقبة الاولى للنص فهي عبرت بالمحل وارادت الحال فيه، و من خلال الاستعمال الشعبي لهذا المحل تشكل انزياح دلالي جديد حيث اصبح هذا العدد 36 يلصق بكل تصرف اخرق مجنون. ففي القصة التي تحمل هذا العنوان أصبح العدد 36 هو شخصية الاب الذي يعاني من انفصام في الشخصية.
فهو شخص غير متوازن، يقضي كل مساء سبت مع امراة غريبة في غرفته وابتنه الصغيرة ترى و تسمع كل ما يدور بين الاب و المومس بعد انتهائه من عربدته و فعله الداعر يتوجه للصلاة! انها قمة الانفصام وازدواجية الشخصية.
مكونات العالم القصصي في المجموعة:
يتشكل العلم القصصي عند مليكة مستظرف من خلال رصد الحياة الاجتماعية للطبقة المسحوقة والفقيرة و غير المتعلمة . هذه القصص و الشخصيات منتقاة من قاع المجتمع . وقد تمكنت القاصة من رصد هذه الحياة بتفاصيلها ويخيل للقارئ أن كل قصة من قصص المجموعة قد استوفت تفاصيل الموضوع المعالج فيها، بلغة تنم عن شراسة وعنف في المتخيل الذي يستمد كل مكوناته في الحياة الواقعية ، بعيدا عن التأملات و الخيالات الجامحة ، لقد أنزلت مستظرف كل شخصياتها الى معترك الحياة اليومية و راحت تنسج خيوط قصصها عبر وصف دقيق يتسم بالتركيز على العنصر البشع وعلى كل ما يثير التقزز والغثيان وكأننا نقرأ أناشيد مالدرور للنوتريامون، أو كأننا نقرأ رواية اميل زولا عصارة الخمر. التي رصدت هي الاخرى بشاعة الحياة في باريس القرن 19، حيث القذارة و الأوساخ و الامراض و التعفنات و سوء التغذية ، و التفكك الأسري ، و المومسات الصغيرات ، وهموم الطبقة العمالية التي تتجمع في الخمارة التي ترمز للموت البطيء. فالشخصية الرئيسية جرفيز كانت تعيش حياة طبيعية مع الفقر الا انها ستجد ضالتها في الخمر لتدخل في متاهة احتضارها.
لقد كان اميل زولا يسعىمن وراء هذا العمل القوي الى ابراز ان عامل الوراثة و الحتمية يؤديان الى الخراب و الضياع، اضافة الى انه كان يجرب بعض الافكار العلمية السائدة في عصره من خلال عمل تخييلي.
لقد عالجت مليكة مستظرف مجموعة من القضايا الشائكة في المجتمع المغربي تخص الطبقة المسحوقة و الفقيرة داخل فضاء مدينة الدار البيضاء التي وصفتها احدى الشخصيات بانها مدينة عاهرة تفتح فخذيها لكل القادمين. ص24.
كل قصة من قصص المجموعة ترصد عالما مستقلا و موضوعا خاصا رغم تواثر بعض التيمات المركزية الناظمة لعالم هذه القصص كتيمة الاب المتسلط العامي الذي يعيش طيلة حياته بأحكام جاهزة وقيم بالية و عقلية متهالكة تلقاها بعيدا عن المعرفة و التعلم، فقط هي أفكار منهكة ورثة تعشش في ذهنية ذكورية مريضة و متحجرة عاشت على التقاليد المغلوطة و على الوهم و تيمة الأم المفقودة أو العاجزة ، هي الاخرى غير المتعلمة تعيش في ظلمات الجهل و الأمية . ان الرجل و المرأة في عالم هذه المجموعة كلاهما ضحية للفقر و غياب التربية السليمة التي تؤهل الى توريت تربية سليمة للأبناء.
فالأب في قصة ترانت سيس يبعث بطفلته الصغيرة عند البقال بابراهيم الذي يبيع في حانوته كل شيء : مواد غذائية و خمور رديئة ناهيك على أنه يعالج مرضى الحي بوصفات عجيبة. لتقتني له كل مساء سبت قنينتين من صنف عايشة الطويلة الذي ظلت الطفلة تعتقد أنها امرأة طويلة لتكتشف أخيرا انها اسم لصنف رديئ من الخمور . فماذا سيورت هذا الصنف من الاباء الداعرين العربيدين اطفالهم سوى الرذيلة الهابطة و اللاتوازن النفسي.
لقد عالجت في القصة الاولى : مجرد اختلاف، قضية الخنثى ، واذا كانت هذه المشكلة قد عالجها مجموعة من الكتاب الذين اتخذوا فكر الاختلاف منهجا في الكتابة والحياة كالخطيبي ، فانهم قد عالجوها في اطار فلسفي تأ ملي باعتبار الخنثى حقلا خصبا لتجريب مفاهيم الاختلاف, فان اقاصة مليكة مستظرف أنزلت عالم الخنثى من عالم التامل لتزج به في الواقع اليومي ورصد معاناته الناتجة عن عدم تفهم الاخر لاختلافه الجسدي.
تبدأ القصة بمشهد دال، شارع في اخر الليل ، صامت و فارغ و كئيب، لا وجود الا لبعض القطط الضالة تموء بطريقة مخيفة كبكاء طفل رضيع، كلبة وكلب يلتحمان وينتشيان، يحس السارد/ الشخصية الخنثى بخذر لذيذ يسري في جسده. يدخل في مونولوغ : كم هما محظوظان يفعلان ذلك الشيء امام الملأ: ربي يشوف و العبد يشوف. لايخافان من لارافل او من كلام الناس. سرعان ما يتوقف مشهد الانطلاق ليظهر في مسرح الأحداث بوشتى حامي المومسات الذي افسد على السارد الشخصية لذته في مشاهدة عملية الالتحام الكلبي صارخا بكلام عامي بذيء ينم عن عدوانية مجانية، رماهما بحجر فافترقا و قد صدر عنهما انين كالبكاء.
ان هذه الجملة المفتتح تهيء القارئ لما سيأتي من احداث فالقصة برمتها تحكي معاناة هذا الشخص المختلف جسديا و قد بدأت هذه المعاناة من خلال ابتزاز بوشتى لهذا الخنثى فهو يأخذ نصيبه عن كل عملية مقدما ص10 ومن مضايقة الملتحين له الذين يريدون تنظيف المجتمع، فقد تعرض من طرفهم الى حلق شعر رأسه , وقد ظلت هذه العملية تحز في نفسه لان شعره كان طويلا و اشقر كشعر الخيل ثم من خلال تعنيف أبيه له وقد فاجأ امه و هي تسرح شعره و تضع احمر الشفاه على خده و تعقص شعره على شكل اسفنجة ، ذلك اليوم ضرب الام حتى تغوطت وقال لها: هاد الولد غادي تخرجي عليه سيصبح خنثى!. وعلى اثر هذا الحدث فرض عليه ابوه ان يقرأ القرآن ليترجل أي يصير رجلا . وعقوبة كتلك التي يعاقب بها الاطفال من طرف معلمين يجدو لذة في عقوبة الاطفال و هي ان يكتب الف مرة : انا رجل . لكن الطفل المختلف جسديا يظل يتراوح بين رغبة الاب ان يكون رجلا و رغبة الجسد ان يكون امراة. و حتى المهنة التي كان يتمناها هذا الطفل تتضمن في جزء منها اشارة الى الرغبة الجنسية الشاذة. سأله ابوه آش بغيتي تكون في المستقبل؟ اجاب الطفل بيلوط أي ربان طائرة ان جزءا من الكلمة يشير الى لوط و الى تداعيات اللواطية. و في المؤسسة التعليمية يعاني من قسوة استاذ اللغة العربية الذي ضبطه يتحسس مؤخرته لما سمع في درس النحو ان المفعول به يكون منصوبا بالفتحة الظاهرة في آخره، ومن استاذ التربية الاسلامية الذي يقول: ان الفاعل و المفعول به في نار جهنم. ومن المفارقات ان هذا المدرس يتحرش به ويلمس وجهه برفق ولطف . اصدقاؤه في الفصل يسخرون منه. يدخل حمام النساء فيلفظ لفظ النواة. يدخل حمام الرجال فيطرد ايضا ويقال له: انت امراة سيري لحمام النساء. ان المجتمع يتعامل بخشونة و احيانا بلا مبالاة قاسية بلا سبب يشتمونه في الشارع.
و اخيرا وامام هذا الضياع وهذا التضييق و رفض المختلف يبقى الحل هو الاقتناع بان الجسد لا يختاره صاحبه هو خليقة الله حتة الطبيب الذي يجسد المؤسسة العلمية تعامل معه بمنطق الربح وبلغة لا يفهمها، حدثه عن الهرمونات و الجينات و الكروموزومات، وقد انتهى معه في الاخير الى دفعه الى تقبل جسده.صديقته نعيمة المومس قالت له نفس ما قاله الطبيب لكن بلغتها الخاصة.
و يبقى السؤال المشكلة هو كيف يقنع الاخرين باختلافه؟
طرحت القصة مشكلة الخنثى من منظور واقعي اجتماعي، ورصدت بدقة رد فعل المجتمع بمستوياته و بمؤسساته المتعددة، وكان رد الفعل هو الرفض، وفي احيان قليلة كانت هناك دعوة للتعايش مع هذا الجسد المختلف وقد كان خطاب القصة يسعى الى تركيز نقطة لدى المتلقي : وهي انه لا حل لهذه المعضلة الا في اطار الاختلاف. وقد نجحت القاصة في خلق نوع من التعاطف اتجاه الشخصية الضحية السارد. و قد عولج الموضوع في اطارين دائري يوحي بان المعضلة مستحكمة، وان هذا البطل الهامشي يكابد مصيره وحده لا احد يتفهم اختلافه ولا احد يقتسمه الامه لان الالم فردي.
ان الخطاب التخييلي السردي يكون اكثر تبليغا من الخطابات الاخرى و يهدف بالخصوص الى تنسيب القيم التي ينطر لها المجتمع في اطلاقيتها.
سبق الذكر ان كل قصة في المجموعة تتحدث عن معضلة اجتماعية او نفسية ، ويمكن تقديم تشخيص لمجمل هذه القضايا كالتالي:
في القصة الاولى ترانت سيس، يقدم نموذج الاب المتسلط الداعر المزدوج الشخصية. يقدم نموذجا سلبيا لمفهوم الابوة امام طفلة فاقدة امها.
و في قصة امراة ..جلباب و علبة حليب، تقدم القاصة نموذج المراة التي تخلى عنها زوجها و اضطرت الى العودة الى بيت ابيها المتسلط و الذي لم يتفهم وضعها الشيء الذي ادى الى ضياع هذه المراة التي لا ترغب سوى في بيت وطعام لطفل. هذا الوضع الخانق لامراة غير متعلمة و ليس لديها استقلال مادي ادى في النهاية الى حتمية البحث عن الرزق من خلال امتهان بيع الجسد لمن هب ودب.
وفي فصة امراة عاشقة امراة مهزومة تحكي عن معاناة امراة زوجها ابوها غصبا عنها و هي لازالت طفلة فتخلى عنها زوجها. بعد هذا الحاد ث الاليم احبت شخصا اخر تصفه بانه كان يشبه دبا صغيرا ، اصلع بكرش مرتخية تخفي اعضاءه التناسلية و مؤخرة ضخمة ووجه مدور. متسائلة كيف احبت هذا الصنف من البشر.هو هكذا الحب دائما ياتي بلا موعد، الحب كالموت. ص 30 هذا الشخص الكاريكاتوري هوالاخر تخلى عنها. و تعلق الساردة/ الشخصية عن هذا الوضع: كلهم يهربون عندما تصبح الامور جادة ص32. امام هذا التخلي المتكرر تدخل البطلة المنهكة في متاهة الشعوذة تلجأ الى العرافة التي تعدها بان حبيبها سيعود شريطة ان تقدم ذبيحة كبيرة و ليلة كناوية. وفي هذا المستوى من القصة تفضح الساردة الابتزاز الذي تعرضت له من طرف عرافة كانت لها سوابق فالعرافة كانت شيخة أي مغنيى شعبية، وعندما جار عليها الزمن اصبحت عرافة ص32. ان عالم هذه القصة مليء بالمفارقات و بالسخرية السوداء و بالضحك حد البكاء.
و في قصة الهذيان تحكي الساردة و هي ملقاة على سرير في مستشفى شخص يقبلها في شفتيها المشققتين و يقول : قبلة ابوية . تذكر ان اباها لم يقبلها قط. تذكر فقط حينما كان ينحني بقامته الفارغة و يضع يده حول خصر امها و تختفي الصورة كما كانت تختفي الصورة من تلفازهم المتهالك. تذكر حينما كان يقبلها صلاح كانت قبلاته بمذاق السجائر الرخيصة و الخمر الرديئة. تلمس نهديها التي بدت كفلفلة مقلية مرتخية بشكل مقزز ص37. تذكر زوجها الذي كان يعاملها بطريقة قاسية و عقلية ذكورية. اما في القصة اختناق فان الاحداث كلها تدور في الحافلة و من خلال هذه الحافلة التي وصفتها بان الداخل اليها مخنوق والخارج منها مسروق ، تصف مجتمعا باكمله بلصوصه و بؤسائه و شواذه و فقرائه بشاعته.
و في قصة مأدبة الدم ، تحكي عن معاناة رجل مصاب بالفشل الكلوي المزمن ، ومن خلال هذه المعاناة تصفي حسابها مع الحكومة و تفضح سلوكها الثعلبي اتجاه هؤلاء المرضى ، الذين تزيدهم الوعود الكاذبة و فضاءات المستشفى المرعبة معاناة مضاعفة تنتهي بهم الموت القاتم في ردهات المستشفى المزبلة. وفي قصة الخدعة تحكي عن خدعة الزوج ليلة العرس ، وذلك عن طريق اعادة البكارة الاصطناعية. اما القصة الاخيرة : يوم من حياة رجل متزوج فانها قصة تحكي عن مشكلة اللاتواصل بين الزوجين و عن الملل الدائم بينهما.
من خلال تتبعنا للتيمات الرئيسية داخل المجموعة الجريئة ، نلاحظ ان القاصة لديها جرأة في اقتحام موضوعات كانت حكرا على الرجال، كما اننا نلمح حضورا بارزا للسير ذاتي داخل ثنايا هذه النصوص، و كأن مليكة مستظرف تسعى الى رسم صورتها الشخصية التي وزعتها على شخصيات المجموعة القصصية، مراوحة في ذلك بين السير ذاتي و التخييل. اضافة الى المزاوجة بين اليومي والحميمي.و من خلال الانحياز الواضح لليومي و الواقعي ندرك ان الكاتبة تنظر الى ان كتابة الواقع اعقد من الخيال.

فيلسوف ألمانيا الأول

يورغن هابرماس ـ فيلسوف ألمانيا الأول ورائد الخطاب السياسي النقدي
يعد يورغن هابرماس علامة فارقة في الحياة الفلسفية الألمانية المعاصرة، لأنه رائد الخطاب النقدي، الفلسفي منه والسياسي على حد سواء، كما أنه الصوت الأكثر حضوراً وتأثيراً على الحياة الثقافية الألمانية منذ أكثر منذ 50 عاماً.
وصل يورغن هابرماس إلى درجة من الشهرة والتأثير العالمي لم ينجح الرعيل الأول من ممثلي النظرية النقدية الاجتماعية والمعروفة في حقل الفلسفة المعاصرة بمدرسة فرانكفورت نظراً لإتخاذها معهد الأبحاث الإجتماعية في فرانكفورت مركزاً لها في الوصول إليها. فعلى الرغم من الثقل العلمي لأفكار الجيل الأول (هوركهيمر، أدورنو، ماركوزه، إريك فروم...)، إلا أن هابرماس هو الفيلسوف الوحيد الذي فرض نفسه على المشهد السياسي والثقافي في ألمانيا كـ"فيلسوف الجمهورية الألمانية الجديدة" وفقاً لتعبير وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر، وذلك منذ أكثر من خمسين عاماً.

نزعة نقدية وليدة الطفولة
ولد يورغن هابرماس في مدينة دوسيلدورف (عاصمة ولاية شمال الرين ووستفاليا حالياً) وترعرع في أحضان عائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى في المجتمع الألماني. وقد أثرت هزيمة الرايخ الثالث وما تبعها من كشف عن الوجه البشع للحقبة النازية تأثيراً كبيراً على تنشئة هابرماس الإجتماعية، وهو ما دفعه إلى وصف نفسه بأنه "نتاج إعادة التربية" التي شهده المجتمع الألماني خلال التطبيق المنهجي لسياسة "إجتثاث النازية" التي طبقتها سلطات الإحتلال بعد إستسلام ألمانيا النازية. وعلى الرغم من خصوصيته إلا أن تأثير رواد مدرسة فرانكفورت الذين إضطروا إلى الرحيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية فرارا من براثن النازية (1934- 1950) يبقي محورياً فيما يتعلق بنظرته النقدية التي تعتبر "الدفاع العقلاني عن قيم وإنجازات عصر التنوير وتحرير الذات الآدمية من العصبية القومية والتطرف والتعصب" أحد الأهداف الرئيسة للفلسفة الملتزمة.

الخطاب النقدي الخالي من الهيمنة
كان هابرماس أحد أقطاب حركة الإصلاح الألماني النقدية (1950- 1973) التي أخذت على عاتقها نشر وتأسيس علم الاجتماع والفلسفة وعلم النفس في الجامعات الألمانية من أجل تحرير الذات الألمانية من الأيدولوجيا النازية الفاشية. وبجانب أبرز المحاور التي تهم الإنسان الحديث مثل دور الفرد وآليات السيطرة، وأزمة الفرد ووهم حرية ما بعد الحداثة، و"كيفية التحرر من قبضة المؤسسات التي تمسخ الروح والجوهر الإنساني" إلا أن "أطروحته الفلسفية المعروفة بالخطاب النقدي الخالي من الهيمنة" تبقي الأطروحة الأكثر تأثيراً. فهابرماس يشدد على أن الفعل الديمقراطي التواصلي لا يستطيع أن يحصل على مشروعية حقيقية قائمة على سلطة العقل إلا في إطار خطاب نقدي خال من الإلزامات والقيود السلطوية. وهو يعلل ذلك بقوله:"الفعل التواصلي يمثل في الوضع المثالي خطاباً ناجحاً حتى في حالة انعدام أية إنعدام أية ممارسة لا تستند إلى أي إجماع."

نحو فكر عالمي لا يعرف النمطية
أما فيما يتعلق بالعلاقات المتبادلة بين الثقافات فان هابرماس يعتقد أن الأفضل هو إنشاء اطر مؤسساتية تهدف إلى المواكبة الرسمية لأشكال الحوار التوافقي البناء والمثمر مثل مؤتمر فيينا حول حقوق الإنسان من تنظيم الأمم المتحدة. لكن هذه اللقاءت الرسمية ـ ومهما بلغت أهمية الحوار الثقافي المتبادل على مختلف المستويات حول التفسير المختلف عليه لحقوق الإنسان ـ فإنه لا يمكنها لوحدها وقف آلية إنتاج الأفكار النمطية المهيمنة على التواصل بين ثقافات عصر العولمة. كما يشير هابرماس إلى أنه "لا يمكن الوصول إلى انفتاح للذهنيات إلا عبر تحرير العلاقات والتعاطي الموضوعي مع الإشكاليات المقلقة. وفي الممارسة اليومية للتواصل يجب العمل على بناء متواصل للثقة. وهذا ضروري كمقدمة من اجل إن تترجم هذه الشروحات العقلانية على قياس كبير في وسائل الإعلام والمدارس وضمن العائلة. وفيما يتعلق بنا، فان التصور المعياري الذي نملكه عن أنفسنا تجاه الثقافات الأخرى هو أيضا عنصر مهم في هذا الإطار. وإذا سعى الغرب إلى إعادة النظر في صورته عن نفسه، فإنه يمكنه مثلا أن يعرف النقاط الذي يجب عليه تعديلها في سياسته كي ينظر إليها على أنها تجسد مقاربة حضارية. وإذا لم تتم السيطرة السياسية على الرأسمالية التي لا تعرف الأخلاقيات والحدود، فسيكون من المستحيل وقف مسيرة الاقتصاد العالمي التدميرية."
لؤي المدهون
http://www.dw-world.de © Deutsche Welle

نزار حيدر في حوار جديد لجريدة راية الحرية

نـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر
لجريدة (راية الحرية) الصادرة في السليمانية:
احترام العهود، واجب شرعي ووطني

مقدمة
تتفاعل مواقف حكومة الدكتور الجعفري بشأن عدد من القضايا التي يعتبرها الكرد، من الضروري التعامل معها قبل أن تنتهي الفترة الانتقالية، في الشارع الكردي.
فبين من يعتبر هذه المواقف، استعداءا صريحا من قبل الحكومة لتطلعات الكرد، يعتبرها البعض أنها مجرد زلات لسان أو تصريحات غير مقصودة، لا يمكن أن تؤثر على انسجام الحكومة الحالية.
جريدة (راية الحرية) التي تصدر في مدينة السليمانية في كردستان العراق، أجرت الحوار التالي مع نـــــــــزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، لتستطلع رأيه بذلك، فكان الحوار التالي:

السؤال الأول:
بدأ الشارع الكردي يشكك في نوايا حكومة الدكتور الجعفري إزاء تطلعات الكرد.
هل ترى أن برنامج الحكومة الحالية، يحمل في طياته مثل ذلك بالفعل ؟ أم أنها مجرد أوهام ؟ .
الجواب :
ابتداءا، يلزم أن نلاحظ أمر في غاية الأهمية، ألا وهو؛
أن علينا جميعا، كعراقيين نتطلع إلى بناء عراق جديد، أن نتعلم كيف نحترم العهود والمواثيق التي نبرمها، سواء فيما بيننا، كعراقيين، أو مع الآخرين، فالالتزام بالعهد، مسؤولية شرعية ووطنية، والى هذا المعنى أشار القران الكريم في قول الله عز وجل (إن العهد كان مسؤولا) أو كما في قوله عز وجل يحث فيه الناس على الالتزام بما يتعاقدون عليه (وأوفوا بالعقود) ومن البديهي والواضح جدا، فان الاتفاقات السياسية التي تبرم بين الأطراف المشتركة في العملية السياسية في العراق الجديد، هي عقود وعهود، لا ينبغي لأحد أن يخلفها أو يتنصل عنها، أو يحاول الالتفاف عليها أو تجاوزها وسحقها.
على زعماء العراق الجديد، أن يتعلموا كيف يحترمون عهودهم ومواثيقهم، وبالتالي أنفسهم، ليتعلم منهم العراقيون، من ثم، ذلك، حتى لا تتكرر تجارب نظام الطاغية الذليل، صدام حسين، الذي كان يعد ولا يفي، ويتعهد ثم يتنصل، ويقرر ثم يمزق الورقة التي كان يدون عليها قراراته بخط يده، حدث هذا مع الكرد ومع الجيران وحتى مع (رفاق دربه) الذين قتلهم الواحد تلو الآخر.
يجب أن يتميز العراق الجديد عن العهد السابق في هذا الأمر، والا فان أي تنصل عن عهد أو عقد، ومن قبل أي طرف كان، سيدق إسفينا بين الفرقاء، قد يتطور إلى ما لا يحمد عقباه، ولنتذكر دائما، بأن سبب تحطم الثقة بين الفرقاء، في أغلب الأحيان، يعود إلى عدم التزام أحدهم بما يوقع عليه، والذي يؤدي عادة إلى انهيار العلاقة القائمة على أساس الثقة المتبادلة بين الأطراف، كما كان يحدث مع الطاغية الذليل.
قد يتساءل البعض، وكيف يمكن أن نخلق حالة الالتزام بالعهود والمواثيق بين الفرقاء ؟
الجواب:
أولا، يجب أن لا نفرض العهود على أحد، إذ يلزم أن يسعى الجميع للتوصل إليها بعيدا عن الضغط والإكراه، أو في ظل ظروف الابتزاز، فلا نكره أحدا على عهد أو ميثاق.
ثانيا، أن يشهد عليها العراقيون، فترة الحوار والنقاش والبلورة، وحتى فترة التوقيع عليها، ليكون الشعب هو الشاهد الأكبر عليها بعد الله عز وجل (والله خير الشاهدين).
ثالثا، لا ينبغي لأحد أن يفكر بالنيابة عن الآخرين، كما لا ينبغي لأحد أن ينصب نفسه وصيا على الناس أو ممثلا عنهم، فيتورط بمواقف حرجة، هو في غنى عنها،
خاصة إذا لم يكن مخولا، قانونيا أو أخلاقيا أو عرفيا، من قبل الشعب العراقي.
إن بعض من يتعهد، يظن بأن التوقيع على وثيقة، أمر قابل للالتفاف عليه، في الوقت المحدد وعندما يتمنى ذلك، أو أن الوثيقة كلام مجرد يمكن التنصل عنها متى يشاء، وكل ذلك خطأ كبير، ينبغي أن لا يستهين أحد بالعهود والمواثيق أبدا، وعليه أن لا يتعهد أو يوقع قبل أن يتأكد من قدرته على الالتزام بما سيمضي عليه، والا فان مصداقية المرء بالتزامه بالعهود، ووفائه بالعقود، وقديما قيل (عند الامتحان، يكرم المرء أو يهان) وان أعظم امتحان يمر به المرء، هو عندما يحين موعد الالتزام بعهد أو عقد أو موثق.
برأيي، فان قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، الذي وقع عليه أعضاء مجلس الحكم الانتقالي المنحل، لم تنطبق عليه الكثير مما ذكرناه انفا، ولذلك ولد وفيه الكثير من الثغرات القانونية، كما أنه دون بعجلة، ولذلك فان الكثير ممن وقع عليه لم يكن يعرف بالضبط ماذا دون فيه، وعلى ماذا يوقع، إذ كان جل همه هو أن تمر المرحلة (بسلام) وتتقدم العملية السياسية إلى الأمام، وبأي ثمن، وبعدها (الله كريم) ولهذا السبب، رأينا بعضهم يقول بأنه استغفل أو اخذ على حين غرة، فوقع عليه من دون وعي (طبعا مع كامل احترامنا للجميع)، لتمر الأيام، وإذا به يجد نفسه أمام استحقاقات كبيرة لا يقدر على الوفاء بها، فحدث ما شاهدناه ونشاهده اليوم.
وربما لهذا السبب، فان البعض فسر تصريحات رئيس الحكومة الانتقالية الحالية، الدكتور الجعفري، على أنها تنصل من التزاماته، وهو ممن وقع على القانون المذكور، أما أنا شخصيا، فلا أميل إلى هذا التفسير أبدا، لأنني في الواقع لا أشكك في نوايا الدكتور الجعفري، ولا في نوايا أي من الزعماء الجدد، بل إنني أفسر ذلك، على أنه محاولة من قبل الجعفري لتخفيف حدة الضغط الذي يتعرض له من قبل من عارض القانون، وهم كما نعرف أغلبية الشعب العراقي، وفيهم العديد من القوى والشخصيات المؤثرة في الساحة العراقية، والتي كانت قد سجلت تحفظاتها عليه في بيانات وحوارات ومقالات اطلع عليها العراقيون، بمن فيهم مع وقع على القانون.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنني أعتقد بأن ما ورد في القانون المذكور فيه الكثير من البنود التي لا يمكن تنفيذها بين عشية وضحاها، فضلا عن الفترة الانتقالية، التي لا تتعدى الأشهر، بسبب العجلة والاستعجال في تدوينه، ولذلك، أتصور بأن تصريحات رئيس الحكومة، تعبر عن الواقع، أكثر من تعبيرها عن النصوص والإنشاء والجمل التي وردت فيها ما اسماه السؤال بتطلعات الكرد.
بمعنى آخر، فأنا أفسر التصريحات، على أنها تعبير عن قصور في التنفيذ وليس تقصيرا متعمدا، والا فان الدكتور الجعفري كان قد صرح أكثر من مرة، {بأننا (يقصد حكومته) ملتزمون بتنفيذ كل ما اتفقنا عليه}، طبعا بضمنه القانون المذكور.
من هنا أعتقد بأن من المهم جدا، أن يأخذ الأخوة الكرد، تصريحات رئيس الحكومة على المحمل الحسن، بعيدا عن تفسيرات المتربصين بالعراق، وخاصة بالعلاقة الاستراتيجية القائمة بين الفرقاء الحاليين، أو بتحريض المتصيدين بالماء العكر، من اللذين يهولون التصريح ويحاولون تحميله فوق ما يتحمل، فالظرف الاستثنائي الذي يمر به العراق، يتطلب المزيد من الحكمة والتأني والتعقل، سواء عند الإدلاء برأي أو موقف أو تصريح، أو عند الإطلاع عليها، وعدم الاستعجال في التفسير (ففي العجلة الندامة) كما يقول المثل، من أجل أن لا نقدم لأعداء العراق مادة إعلامية دسمة، يسعون لصب الزيت عليها، من أجل إشعال الحرائق هنا وهناك.
لا ينبغي أن نتهم النوايا، كلما اختلفنا مع احد من رفاق الدرب وشركاء المسيرة، أو أخطانا الفهم والتفسير، لان اتهام النوايا أمر خطير يجرنا إلى حالة من انعدام الثقة التي يستحيل علينا، في أجوائها، أن نضع لبنة على أخرى.
السؤال الثاني:
ما مدى تأثير التنصل من تطبيق المادة (58) على العلاقة بين الكرد والشيعة ؟ .
الجواب :
لا أحد في نيته التنصل من أية مادة من مواد قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، إلا أن الذي يحدث هو أن مجلس الرئاسة والحكومة العراقية، انتبها إلى أن بعض مواد هذا القانون، بحاجة إلى فترة زمنية أطول من أجل تنفيذها على أرض الواقع، على عكس ما كان يتصوره مجلس الحكم عندما تبناها بالنصوص الحالية المثبتة في القانون.
إن المادة (58) هي جزء من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، وهي ليست المادة الوحيدة التي لم تتمكن الحكومة، ومعها مجلس الرئاسة، في الالتزام بتنفيذها حتى الآن، كما أن هناك مواد قانونية صريحة، خالفتها بعض الأطراف بشكل كبير، كتغيير العلم العراقي في إقليم كردستان، وانتخاب رئيس الإقليم لمدة (4) سنوات، {وليس حتى نهاية العام الحالي، تاريخ انتهاء المرحلة الانتقالية التي نص عليها القانون المذكور}وهي مخالفة صريحة لقانون إدارة الدولة (المؤقت).
أعتقد أن السبب في ذلك لا يعود إلى النوايا السيئة لأحد، أبدا، بقدر ما أن الظروف القاسية التي يمر بها العراق اليوم، والتي لم تكن تخطر على بال أحد، وذلك بسبب موجة العنف والإرهاب التي تجتاح العراق، هي التي عرقلت الالتزام ببعض بنود ومواد القانون.
إن المؤمل من مجلس الرئاسة والحكومة، أن يبذلا كامل جهودهما من أجل الإسراع في تنفيذ أكبر قدر ممكن من مواد هذا القانون، لحين تدوين والمصادقة على الدستور الدائم، الذي نتمنى أن يكون الحل الأشمل والأكثر واقعية في معالجة الملفات الشائكة التي ورثها العراقيون من النظام الشمولي البائد.
إن الجهد السياسي الحالي، هو نتاج توافق وتحالف سياسي كبير، كما أن المجالس الثلاثة (الرئاسي والوطني والوزراء) هي نتاج لهذا التحالف، وان أي نجاح يتحقق، فإنما يشترك فيه كل المتحالفين، كما أن الفشل {في تطبيق مادة أو تجاوز أخرى} يتحمل مسؤوليته كل من يشترك في العملية السياسية الجديدة، ولذلك، لا يمكن أن نقسم النجاحات على الجميع، فيما نحمل مسؤولية الفشل لشخص أو جهة معينة، انه الظلم والإجحاف بعينه.
لا يمكن أن نلخص الحكومة بشخص الجعفري، أو بحزبه، أو حتى بالائتلاف الذي يمثله، وإنما هي نتاج لهذا التحالف الكبير بين الأطراف المشاركة في العملية السياسية، خاصة الشيعة والكرد.
أعتقد أن من المهم أن تعلن حكومة الجعفري موقفها بكل صراحة وشفافية، إذا وجدت نفسها بأنها لا تستطيع الوفاء ببعض الوعود والالتزام ببعض العهود، ليس بسبب النوايا السيئة المبيتة، بكل تأكيد، وإنما بسبب القصور في الأداء جراء الظروف القاسية التي يمر بها العراق.
إن الحديث بصراحة وشفافية، راحة للجميع، فلا داعي لأن ينصب أحدهم نفسه وزيرا للنفي، كلما سئل عن أمر هام ما، نفى حدوثه، فلنتعلم فن الحديث بشفافية، ولنتذكر بأن العراقيين يعرفون كل شئ، ولا تخفى عليهم خافية، فلا داعي، إذن، للتستر على مجريات الأمور، إذ لم يعد العراقيون يعيشون في صندوق مغلق عليهم من الداخل، كما كان حالهم زمن النظام الشمولي البائد، وهم إذ يسكتون أحيانا، لا عن جهل، وإنما احتراما (للاعبين الكبار).
أما بشأن العلاقة الاستراتيجية بين الشيعة والكرد، فلا أعتقد بأنها يمكن أن تتأثر بأية مشاكل من هذا النوع، فإذا أخذنا بنظر الاعتبار، حرص الطرفين على تقوية وتمتين هذه العلاقة، والسعي لإزالة كل العوائق التي تقف في طريقها، بالحوار والتعاون والشفافية والصدق وحسن النية والصراحة، فان عدم تطبيق المادة المذكورة، فيما لو حصل، سوف لن يؤثر عليها أبدا، لأن مثل هذا التلكؤ ستستوعب أسبابه كل الأطراف المعنية، التي هي جزء لا يتجزأ من المجلس الرئاسي والحكومة، والذين سيتحملون مسؤولية ذلك بالتساوي، وان كل الأطراف تعرف جيدا، عدم وجود أية محاولات مسبقة للتنصل من تنفيذ أية مادة من مواد القانون، وان الأمر لا يتعدى كون ذلك قصورا وليس تقصيرا، وان كنت اعتقد بأن الأمور ستتقدم إلى الأمام كما هو مرسوم لها.
إن العلاقة الاستراتيجية بين الشيعة والكرد، بنتها الدماء التي اختلطت، وشيدتها التضحيات والنضالات المشتركة، فيكف يمكن أن نتصور تأثرها بمثل ذلك؟.
السؤال الثالث:
كيف ترى العملية السياسية الجديدة في العراق ؟ وهل أنها قادرة بالفعل على تحقيق الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان والتعايش السلمي بين مكونات الشعب العراقي ؟ .
الجواب:
إذا حسنت النوايا، ولم ينص الدستور المرتقب على الثالوث المشؤوم (الفيتو والمحاصصة والتوافق) فان العملية السياسية الجديدة ستحقق الديمقراطية بمعناها الحقيقي، كما أنها ستحقق مبادئ حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والمساواة بين كل العراقيين على أساس الكفاءة والخبرة والنزاهة، كما أنها ستحقق مبدأ التعايش السلمي بين كل أطياف المجتمع العراقي.
إن العراقيين، حريصون جدا على بناء العراق الجديد الخالي من الاستبداد والظلم والتمييز على أساس العرق أو الدين أو المذهب، بل وحتى الانتماء السياسي، لأن كل هذه القيم الجاهلية، هي التي كانت السبب الحقيقي لتدمير العراق، ولما وصل إليه اليوم.
يجب أن نعترف بأن العراق يتكون من شرائح عديدة، دينية واثنية ومذهبية، كما أنه يتكون من اتجاهات سياسية متعددة، فمن دون الاعتراف بهذا التنوع، لا يمكن أن نضع الحلول المناسبة لمشاكل العراق، خاصة السياسية منها، أما محاولات البعض للقفز على هذا التنوع والسعي لتجاوزه وعدم النظر إليه بالعين المجردة، والذي هو في حقيقة أمره نقطة قوة للعراق وشعبه، فانه سوف لن يكون بامكانه أن يشارك في إيجاد الحلول المناسبة، فان مثله كمثل من يقفز في الهواء، ظنا منه انه سيصل إلى نتيجة ما.
إن ما يميز العقلاء عن غيرهم، هو أنهم يعترفون بالتنوع، ثم يبحثون عن طرق التعايش على أساسه، أما غيرهم، فيتشبث دوما بسياسة النعامة التي تطمر رأسها في التراب، ظنا منها بان العالم لا يراها، لأنها لا ترى شيئا.
لقد ولى زمن سياسات النعامة، وان من مصلحة العراقيين جميعا، أن يعترفوا بالتنوع ليجدوا الوسيلة المناسبة للتعايش في ظل هذا التنوع المحمود، فليس من الشجاعة والحكمة أن نهرب من الواقع، لنقع في مستنقع المشاكل، إنما الحكمة تكمن في الاعتراف بالواقع، لنجد له الحلول المناسبة.
السؤال الرابع:
ما هو تصورك بشأن الفيدرالية ؟ هل أنك ترفضها؟ أم تتبناها كمشروع لترسيخ الوحدة الوطنية ؟.
الجواب :
شخصيا، أعتبر أن الفيدرالية للعراق الجديد تحصيل حاصل، وهي صمام الأمان الذي يحافظ على وحدة العراق، أرضا وشعبا، ويصونه من التفتت، كما أنها أفضل مشروع لترسيخ الوحدة الوطنية، التي لا يمكن تحقيقها بالأنظمة الشمولية الاستبدادية.
كما أعتقد بأن جل العراقيين هم مع الفيدرالية، كنظام لا مركزي يمكن اعتماده في العراق الجديد، للقضاء على ظاهرة الأنظمة الشمولية التي ابتلي بها العراقيون على مدى العقود الماضية من الزمن.
فبعد التجربة المريرة التي مر بها العراقيون في ظل الأنظمة الشمولية، لا يمكن أن نتصور العراق محكوما، مرة أخرى، بنظام مركزي، يتدخل في كل تفاصيل الأطراف، وكأن الناس فيها لا يفهمون شيئا ولا يقدرون على إدارة أنفسهم بأنفسهم.
وفي تصوري، فان الاختلاف بين العراقيين ليس على أصل الفيدرالية، وإنما على النمط الأنسب لبلد كالعراق، ولذلك فان مكونات الشعب العراقي مشغولة اليوم بالتنظير لأفضل أنواع الفيدرالية، وليس في البحث في أصل الموضوع، الذي تراه الأغلبية كسد يمكن أن يواجه طوفان الاستبداد والديكتاتورية وعودة تجارب الأنظمة الشمولية.
طبعا، هذا لا يعني عدم وجود من لا زال يعتبر الفيدرالية، مقدمة مشروع لتقسيم العراق، وهؤلاء على نوعين، الأول؛ هو الذي يعتبره كذلك، عن جهل أو عدم معرفة بالموضوع، فهو يكرر ما يقوله الآخرون، ليس عن سوء نية بكل تأكيد، والثاني؛ هم الكثير من أيتام النظام البائد، الذين لا زالوا يعيشون وهم العودة بالعراق إلى سابق عهده، يحكمه نظاما مركزيا حديديا، ومن الواضح، فان الفيدرالية (أي النظام اللامركزي) تحول دون تحقيق أوهامهم المريضة، وهؤلاء، بالمناسبة، لا يتحدثون صراحة، ولا يعربون عن نواياهم بالمكشوف، فيرفعون شعار التباكي على وحدة العراق، ليظهروا للآخرين بأنهم حريصون عليها، وأنهم أكثر وطنية من الآخرين، في مزايدة مكشوفة ومفضوحة، على طريقة نظام الطاغية الذليل الذي كان يرفع شعار الحرص على وحدة العراق، كلما جرى الحديث عن الديمقراطية والتعددية، ليتبين في نهاية المطاف، بأنه هو، دون غيره، العامل الأخطر على وحدة العراق وسيادة البلاد وكرامة المواطن العراقي.
ختاما، لا يسعني إلا أن أشكركم على هذه الفرصة التي تحدثت من خلالها إلى القراء
الكرام.
دمتم مسددين، لخدمة العراق والعراقيين.
13 تموز 2005

٢٤‏/٧‏/٢٠٠٥

تونس: تقرير وطني حول حقوق الإنسان والحريات الأساسية

فحوى التقرير الوطني السابع للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية حول حقوق الإنسان في تونس

أصدرت الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية تقريرها الوطني السابع حول حقوق الإنسان في تونس طيلة سنة 2003.

و قدم التقرير صورة شاملة لتطور مسيرة حقوق الإنسان في التشريع والممارسة والتي جاءت مجسمة للمقاربة التونسية التي تقوم على عدم المفاضلة بين الحقوق المدنية والسياسية من جهة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية من جهة أخرى وعلى الترابط بين الديمقراطية والتنمية باعتبار أن الإنسان هو جوهر كل عمل تنموي.

وقد أشار التقرير الى ان سنة 2003 شهدت تحقيق انجازات عديدة في مجال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية جاءت لتعزز رصيد تونس لا سيما وان السنة المذكورة تعتبر سنة محورية حيث انها تلي سنة 2002 التي تم خلالها الاصلاح الدستوري الجوهري الذي اسس " جمهورية الغد ".

واستعرض التقرير ما تم انجازه على درب مزيد النهوض بالحقوق المدنية والسياسية وتعزيز المكاسب المسجلة على درب التقدم بالمسار الديمقراطي التعددي من ذلك صدور القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام المجلة الانتخابية والتنصيص على احكام خاصة بانتخاب اعضاء " مجلس المستشارين " والقانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام المجلة انتخابية والرامي الى ادخال مزيد من الشفافية على العملية الانتخابية في كل مستوياتها ومراحلها والقانون الدستوري المتعلق باحكام استثنائية للفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور وذلك تيسيرا لمشاركة مرشحي الاحزاب السياسية في الانتخابات الرئاسية لسنة 2004 والقانون المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الارهاب ومنع غسيل الاموال.

واستعرض التقرير الاجراءات التي تم اتخاذها لمزيد تفعيل حرية الرأي والتعبير مشيرا الى ان قطاع الاتصال شهد خلال هذه السنة عديد الانجازات الرامية الى تعزيز الاجراءات الكفيلة بتقليص الفجوة الرقمية على المستوي العالمي وتجسيم حقوق الإنسان في مجتمع الاعلام والاتصال في إطار الإستراتيجية الوطنية التي تهدف الى نشر الثقافة الرقمية.

وتعرض التقرير الى نشاط " الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية " بما في ذلك قبول عرائض المواطنين والزيارات الميدانية التي أداها رئيس الهيئة دون سابق اعلام الى عدد من المؤسسات السجنية حيث عاين ظروف اقامة المساجين واطلع على تواصل المجهودات المبذولة من اجل تحسين ظروف الاقامة بالسجون بناءا على الاجراءات التي اتخذها سيادة رئيس الجمهورية في الغرض حرصا على تكريس حماية حقوق الإنسان وتثبيت مبادئها وتأمين مقومات الكرامة لكل التونسيين بمن فيهم من زلت به القدم .

وابرز التقرير الاصلاحات التي شهدها القضاء العدلي والاداري وذلك في نطاق مزيد تعزيز اعمال الحق في التقاضي والمساواة امام القضاء ودعم الضمانات المتعلقة بالمحاكم ومن ضمنها قانون توزيع الاختصاص بين المحاكم العدلية والمحكمة الادارية واحداث مجلس لتنازع الاختصاص وقانون احداث قاضي الضمان الاجتماعي .

وفي ما يتعلق باعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تطرق التقرير الى الجهود التي تم بذلها في مختلف المجالات لتحقيق التنمية والرفاه لكل المواطنين والي ما تم انجازه من مكاسب في قطاعات الصحة والسكن والخدمات الاجتماعية وانظمة الضمان الاجتماعي وحماية المستهلك مشيرا الى تحقيق نسبة نمو قدرها 5ر5 بالمائة وتراجع نسبة البطالة وتحسين ظروف العيش وتوفير المرافق الأساسية حيث قدرت نسبة التزويد بالماء في المناطق الريفية ب 84 فاصل 9بالمائة .

وفي هذا الاطار تجدر الاشارة الى صدور عدة نصوص تشريعية من ضمنها القانون المتعلق بتسوية حقوق الاشخاص المنتفعين بتغطية عدة انظمة قانونية للتامين على الشيخوخة والعجز والوفاة والقانون المتعلق بانقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية والقانون المتعلق بالانتزاع من اجل المصلحة العامة وتدعيم حماية حق الملكية والامر المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي للفنانين والمبدعين والمثقفين والامر المتعلق بالتامين على الشيخوخة والعجز والوفاة.

وبخصوص قطاع التربية والتعليم أشار التقرير إلى ان المدرسة التونسية كسبت رهان التمدرس التام حيث بلغت النسبة الصافية لتمدرس أطفال 6 سنوات 99 بالمائة كما تحققت نتائج هامة في اتجاه دعم الحق في التعليم وتكريس مبدأ الانصاف وتكافؤ الفرص.

وفي مجال حقوق المرأة تطرقت الهيئة في تقريرها الى المكانة المتميزة التي تحظي بها المرأة التونسية والي القوانين والانشطة الرامية الى مزيد تعزيز حقوقها من ضمنها إحداث المجلس الوطني للمرأة والأسرة واصدار القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية انشاء " منظمة المراة العربية ".

اما في مجال حماية حقوق الفئات القابلة للتأثر فقد اشارت الهيئة الى تواصل المجهودات للنهوض بحقوق الطفل وحقوق المعوقين والمسنين مستعرضة القوانين والاجراءات التي تم اتخاذها في الغرض من ذلك صدور القانون

المتعلق بتنقيح احكام القانون المتعلق باسناد لقب عائلي للاطفال مجهولي النسب والامر المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الاطفال والامر المتعلق بالمجلس الاعلى للطفولة ووضع خطة عشرية لرعاية المسنين .

كما سجلت الهيئة العليا العناية الموصولة التي توليها الدولة لكافة أبناء تونس في الخارج وعملها الدؤوب للاحاطة بهم وحماية حقوقهم.

وابرزت ايضا حرص الدولة على نشر ثقافة حقوق الإنسان وجهودها في مجال تدريس مادة حقوق الإنسان واشاعة ثقافتها من خلال البرامج التربوية وبرامج التعليم المخصص.

واشارت الهيئة الى ان هذه المكاسب والإصلاحات عززت مكانة تونس لدى الهيئات الإقليمية والدولية مؤكدة ان ما حققته تونس خلال سنة 2003 في مجال تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها يعتبر رافدا هاما لما تحقق في هذا الميدان خلال السنوات المنقضية وهو خير حافز لتحقيق مزيد الانجازات والمكاسب.

مجلس مطارنة نينوى يطالب بالحقوق الدستورية للمسيحيين

خاص-و.أ.عراقيون-الموصل(مجلس مطارنة نينوى يطالب بالحقوق الدستورية للمسيحيين )
أصدر مجلس مطارنة نينوى بيانا أرسل نسخا منه إلى كل من السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس الجمعية الوطنية العراقية ولجنة صياغة الدستور. وتضمن البيان الذي تسلمت و.ا. عراقيون نسخة منه، التأكيد على ضمان الحقوق الدستورية للمسيحيين "الكلدان السريان الآشوريين" في العراق، وفيما يأتي أبرز الفقرات التي تضمنها نص البيان:
لو سمحتم ان ندلي ببعض المقترحات لتدرج في الدستور العراقي الدائم، وهي حصيلة مناقشات وندوات جماهيرية بادر إليها ونظمها مجلس مطارنة نينوى الذي يمثل المسيحيين من جميع الطوائف كافة في محافظة نينوى، والأحزاب السياسية الكلدانية السريانية الآشورية، وهي:
(1) ذكر مكونات الشعب العراقي القومية والدينية بأسمائها وليس تنويهاً بالإشارة حسب، فلدى ذكر الإسلام كدين الأكثرية الساحقة للشعب العراقي، أو كدين دولة يجب أن تذكر الديانات المسيحية والإيزيدية والصابئية بالإسم. وكذلك لدى الكلام عن القوميات تذكر القوميتان الرئيستان العربية والكردية ثم القومية "الكلدانية السريانية الآشورية"، وهي تشكل شعباً واحداً، والقومية التركمانية والأرمنية، والشبك.
(2) عملاً بمبدأ حقوق الإنسان ومساواة المواطنين في الحقوق والواجبات، نطالب بإلزامية التعليم الديني المسيحي لجميع الطلبة المسيحيين في المدارس الرسمية على مختلف مراحلها ومهما كانت نسبتهم أسوة بزملائهم المسلمين.
(3) إذ يعترف الدستور باللغة العربية والكردية لغتين رسميتين للعراق، ينبغي أن يتضمن الدستور حق العراقيين بتعليم أبنائهم اللغة الأم أو بلغة الأم كالسريانية، والتركمانية، والأرمنية في المؤسسات التعليمية المختلفة. وأن تنشأ أقسام للغة السريانية في الجامعات العراقية.
4) أن تحكم قوانين الأحوال الشخصية المسيحيين بحسب شرعهم الخاص، وتنشأ محاكم خاصة لهم للبت في الأحوال الشخصية كالزواج، والميراث، والحقوق الأُسرية، ورعاية الأطفال.
(5) أن يحتفظ الأولاد القاصرون بديانتهم "المسيحية" في حالة إعتناق أحد الأبوين أو كلاهما ديانة أخرى. ولا يكره أحد أو تفرض عليه ديانة غير ديانته الأساسية تلقائياً أو بحسب شريعة غير شريعته. وتعود وصاية الطفل القاصر الذي عبر كلا والديه إلى ديانة أخرى إلى الكنيسة التي ينتمي اليها.
(6) أن يذكر الدستور أن للمواطن العراقي الحق الكامل غير المشروط بالتملك أو السكن في كافة مناطق العراق. ولكن لا يجوز للحكومة أو لأية سلطة أخرى ممارسة سياسات التهجير أو التسكين الجماعي لتنفيذ مخططات للتغيير الديمغرافي أو القومي أو الديني في المناطق.
وما تم في كركوك قد تم في مناطقنا المسيحية في قره قوش "مركز قضاء الحمدانية"، وبرطلة، وتلكيف ومناطق أخرى حيث وزعت آلاف القطع السكنية في عهد النظام السابق لمواطنين إستقدموا من مناطق أخرى. وكذلك هُجرت أو دُمرت أو إستولى على عشرات القرى المسيحية في الشمال. نطالب برفع هذا الغُبن وسَن القوانين الضامنة إعادة الحقوق إلى أصحابها.
(7) مبدأ ضمان الحقوق الإدارية والثقافية والسياسية ينبغي تطبيقه أيضاً لأبناء شعبنا "الكلدان السريان الآشوريين" كما ذكر تطبيقها للتركمان وسائر مكونات الشعب العراقي.
(8) في فقرة شرائح المجتمع العراقي كافة، يذكر صراحة الكلدان السريان الآشوريين، والتركمان، والأرمن، والصابئة، والشُبك، والإيزديون، وعدم ذكرهم بمصطلح "الأقليات" المبهم. وفي المجلس الوطني يتم تخصيص مقاعد ثابتة لكل جماعة منهم بحسب التمثيل النسبي "النسبة العددية" وفق نظام الكوتا، وتجري الانتخابات وفق هذا الأساس، وإلا لضاع حقهم في التمثيل، أو تركوا كمتطفلين على غيرهم مع شعور بالنقص في المواطنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خاص-و.أ.عراقيون-الموصل(الهيئة العامة لاتحاد الدراميين في نينوى تصدر بيانا وطنيا)

أصدر ت الهيئة العامة لاتحاد الفنانين الدراميين في نينوى بيانا بعنوان( الأكاذيب …لن تخلط الأوراق) تلقت وكالة أنباء عراقيون نسخة منه وفيما يأتي نصه:
بعد التاسع من نيسان 2003 بدت أيامنا مفخخة بالقسوة و الخيانة والعنصرية.. وحفاظا على ارثنا النبيل و ذاكرتنا اليقظة بعيدا عن فوضوية المشهد العراقي الجديد. بأنماطه الشوفينية والطائفية.. هاجرنا نحن المسرحيون الموصليون بكنيتنا الحية, بعيدا عن هذا الخراب.. صوب حرية الحلم وسلامة الموقف, وعقدنا العزم على تأسيس اتحاد الفنانين الدراميين خروجا من فصول الطاعة العمياء و الخضوع المريب و شراء الذمم التي بدأنا نشهد أصابعها وهي تعبث في خرائط الوعي والوطن على حد سواء.. وحتى نقي أنفسنا فخاخ (الدعم والمعونات) المقدمة من هذه الجهة أو تلك و خاصة المنظمات التي قدمت إلى العراق بأسماء مختلفة تحت غطاء منظمات المجتمع المدني, اتخذ المسرحيون من أعضاء الهيئة العامة للاتحاد أثناء انعقاد الاجتماع الموسع للهيئة العامة الذي عقد على قاعة كلية الفنون الجميلة في الموصل موقفا واضحا يتلخص برفض أية معونة من أية جهة خلال هذه المرحلة , والاعتماد على أنفسنا في تمويل أنشطتنا (الإنتاجية و التنظيمية) عن طريق الاكتفاء ببدلات الانتساب و الاشتراكات الشهرية للأعضاء . ولما كانت مبالغ الانتساب و الاشتراكات لا تغطي ما يحتاجه الاتحاد لكي
يستطيع أن يفعل دوره في المجتمع. بقيت الهيئة الإدارية للاتحاد في موقف حرج لا تحسد عليه أمامنا, وأمام المجتمع بصورة عامة, فانتكست و تراجعت كل المشاريع و الأحلام التي حرص الاتحاد على إنجازها. والحمد لله كنا في الهيئة العامة على اطلاع بالحرج الذي تعانيه الهيئة الإدارية. على عكس الكثير من التجمعات و المنظمات الفنية الوهمية التي تم إنشاؤها بدعم من جهات مختلفة المشارب والغايات, ولكنها ودون أن تدري أساءت إلى نفسها والى الفنانين المورطين معها.
ولان الصورة بهذا النقيض من الغرابة لم يتمكن الاتحاد من امتلاك أو تأجير مقرا له كما الآخرين الذين توفرت لهم بفعل الجهات الداعمة, مقرات مؤثثة بأفخر الأثاث و الإمكانيات, وبقى اتحادنا يعاني معضلة الحصول على الضروريات مما حدى برئيس الاتحاد الفنان شفاء العمري, إلى فتح أبواب بيته على مصراعيها أمام أعضاء الاتحاد ليكون مقرا مؤقتا لهم, يحتضن اخزانهم و أحلامهم المشبعة بحب العراق وعربته, ورغم وضوح موقفنا هذا – وهذا ليس بأمر غريب – تورط البعض من (ممن لا يتمتعون بعضوية الاتحاد) في محاولة يائسة منهم لخلط الأوراق وذر الرماد في العيون سعيا لتشويه استقلالية الاتحاد, فاخذوا يطلقون الشائعات و الأكاذيب للنيل من وطنية الموقف المبدئي لأعضاء الاتحاد الحقيقيين و تحديدا كما أسمتهم الشائعة (المسرحيون) فبتنا نسمع بين فترة وأخرى أن أعضاء الاتحاد يتلقون رواتب شهرية و دعما ماليا من هذه الجهة أو تلك من هذا الحزب أو ذاك من هذه القومية أو تلك في ممارسة يائسة لعزل الاتحاد كمنظمة و بالتالي تفكيكه ومحاولة النيل منا بعد التشكيك بولائنا الوطني و القومي, وإزاء هذه الممارسات المدبرة من قبل هذا النفر الضال و( المشخص ) لا
يسعنا أن ننبه هذا النفر من ضرورة التوقف عن هذه الأساليب آلا أخلاقية, فإنها وبعون الله لن تكسر إرادتنا في ممارسة دورنا الوطني ولن تشوه براءتنا ولن تلوث عراقيتنا بل ستزيدنا إصرارا وتماسكا بثوا بتنا المهنية والأخلاقية والاهم إيماننا بالله و بوطننا وبعروبتنا, قال الله تعالي في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم –( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) – صدق الله العظيم.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الموقعون
1-الفنان الدكتور محمد إسماعيل
2- الفنان صبحي صبري
3- الفنان مروان ياسين
4- عدد كبير من أعضاء الهيئة العامة للاتحاد

٢٣‏/٧‏/٢٠٠٥

غرائب وعجائب تحدث في نينوى ولا نعلم من الذي يحكم هذه البلدة؟

من داخل العراق
أقوال شاهد عيان


غرائب وعجائب تحدث في نينوى ولا نعلم من الذي يحكم هذه البلدة؟


• لقد تم اعتقالي منذ فترة طويلة في سجن مديرية شرطة نينوى وسوف اسرد لكم قسم من الحالات النادرة الحدوث في جميع الأزمنة وأنني والله والله والله لم اكتب إلا الحقائق من داخل السجن ليعرفها الجميع ومن هذه الحالات .

• 1-الذئبان الجائعان:
بعد ما عانت مدينة الموصل الحدباء من ظلم لواء الذئب وضحاياه التي مازالت تعاني من جروح هذا اللواء بعد انسحابه إلى واجب آخر في منطقة أخرى من هذا البلد المظلوم فتم ترك خلفهم ذئبان جائعان وهما (………… ) ضباط أتمنى التحقق من تاريخهم العسكري قبل سقوط النظام وماهية رتبهم وكيف تم ترقيتهم مؤخرا وبآي مرسوم أو أمر.
ولحد الآن يدخل هذان الشخصان إلى السجناء داخل السجن بعصا غليظة يعرفها جميع السجناء ( جامبو الجبار)
وأجمل ما يصفون لجنة حقوق الإنسان وأمام جميع المعتقلين بأنها ( حقوق طيزي ) ولازالوا ينهشون بلحوم هولاء الشباب المظلوم وذلك للحصول على كلمة ( عفيا ) وحفنات من الدولارات .

• 2- معتقل غوانتانامو ارحم من سجن مديرية شرطة الموصل:
في كل أسبوع تقريبا يتم إطلاق سراح رسمي من قبل قوات التحالف من معتقلات ( بوكا- أبو غريب – المطار ) لمعتقلين لم يثبت عليهم جريمة ضد قوات التحالف او القوات العراقية ويسلمون إلى ابن البلد من( الشرطة ) ويدخل هذا المعتقل ويقارن ما وجد في معتقلات قوات التحالف وما يراه في هذا السجن بأنه لا يوجد منام له وأكثرهم يبقى واقفا طوال الليل من دون نوم أو ينام في التواليت . ويبقى لفترة مابين ( 7 إلى 20 ) يوم مع إجراء التحقيق وإرساله إلى القضاة ويشرب الماء من حنفية واحدة علما أن عدد المعتقلين هو مابين ( 400 إلى 750) ويسبحون بقناني الماء الفارغة في التواليتات أنه لا يوجد حمامات ناهيك على ما تجده من الحشرات والقمل الذي يعشعش في سجن المديرية فهذا هو تعامل ابن البلد مقارنة مع قوات التحالف فأين انتم بالجنة متابعة المعتقلين وحقوق الإنسان.

• طريقة ابن البلد لكشف الجريمة :
نرى أن القطعات التي تم تشكيلها تقوم بالتوجه إلى الحادث بعد ساعات من ارتكاب الجريمة والحمد لله ولكن المشكلة انه ما حدث في منطقة ( راس الكور ) جريمة قتل شرطي في الساعة (7) صباحا وجاءت هذه القطعات مع رمي الاطلاقات في الهواء في الساعة (10 ) صباحا لتلقي القبض على كل من موجود في منطقة الحادث من أصحاب الدكاكين والمحلات وعابري السبيل وهو ليس لجمع المعلومات عن الحادث ولكن لاخذ الاعترافات منهم عنوة على قتل ذلك الشرطي المسكين وكأن المنفذ للجريمة يبقى ينتظر القطعات بعد التنفيذ لغرض إلقاء القبض عليه وفعلا قسم من هولاء تم اخذ اعترافات منهم بالقوة وبطرق انتم تعرفونها أين انتم يا محققي العالم والعراق من هذا.

• التهمه لماذا بقيتم أحياء :
بينما نحن جالسين تم زج شرطيين داخل السجن وقد مزقت ثيابهم وهم مذهولين لماذا انهم هنا وعندما ارتاحوا تم توجيه السوال لهم ماهي قصتكم فقال أحدهم أننا كنا في واجب دورية وعندما وصلنا تحت الجسر الخامس تم تفجير عبوة ناسفة على أحد سياراتنا مما أدى إلى استشهاد ( 4) ممن كانوا معنا وتم خروجنا من نوافذ السيارة وتعرضنا إلى أطلا قات نارية من على الجسر لا نستطيع حتى الحركة من مكاننا وقد قومنا هولاء الإرهابيين وقد لاذو بالفرار وتم طلب الإسعاف وبالفعل تم حضورها إلينا لكن السائق لم يقبل أن ينقل الجثث الى المركز ويعامل معنا معاملة سيئة جدا وفعلا تم ضربه وطرده من قبلنا أنقذنا الموقف وبعد ساعات قليلة تم الاتصال بنا من المديرية بحضورنا إلى هناك حيث فوجئنا بإصدار أمر بتوقيفنا بتهمة أننا أحياء لحد ألان وهذا هو ذنبنا في هذه الجريمة وهناك حالات كثيرة لا يعلمها إلا الله ومن داخل السجن فقط فأين انتم يا ضباط شرطة الموصل من هذا .

• التعامل مع الغريب:
هناك حالة أحد المواطنين من سكنة محافظة الرمادي الذي لديه مكتب أمام مركز شرطة الغزلاني للتجارة وقبل فترة تم تبلغ المركز بان هذا الشخص في المكتب ويسكنه عند حضوره إلى الموصل وفي ليلة من الليالي تم اعتقاله ومعه أقربائه وشريكه المصلاوي وجلبه إلى المديرية بتهمة التخطيط للإرهاب وشاء القدر أن يكون أحد الذئبان يعرفونه وفعلا تم الإسراع بكافة الإجراءات واطلاق سراحه من القضاة ولكن حالهم حال بقية السجناء المطلق سراحهم وبعد ذلك الانتظار والذريعة هي القانون الظالم ( قانون الطوارى ) فمتى ترتاح هذه البلدة ؟ وهذه حالات قليلة وبسيطة واذا أردت أن تعرف الحقائق أرسلوا أشخاص داخل هذا السجن دون أن بعرفهم أحد للاطلاع على الحقائق وسوف ترون العجائب .

• أسباب تأخير المعتقلين وعدم عرض قضاياهم :
أرجو منكم إعلام العالم وجميع أهالي الموصل والجرائد سبب عدم تقديم القضايا إلى العدالة هو الخلاف مابين قيادة شرطة نينوى ولواء الذئب أن هناك ضحايا ( 18 ) قتلوا من جراء التعذيب وان لواء الذئب ينكر ذلك ويقول انني سلمت قيادة شرطة نينوى كامل السجناء وان قيادة الشرطة تقول انه يوجد نقص ( 18 ) هم الضحايا والشهود هم نحن وفعلا تم طلب القائد بتدين الإفادات لقسم منا ليكونوا شهود على لواء الذئب وذلك للنجاة بنفسه فقط ومن ثم التخلص من هولاء وإرسالهم إلى بغداد وهذا هو سبب امتناع قائد الشرطة عن تقديم هولاء الأشخاص إلى قضاة الموصل فأين انتم يا أعضاء مجلس المحافظة وين انتم يا قضاة الموصل من هذا الظلم .
وان اردتم فهنالك المزيد من هذه القصص التي تدمي القلوب وتجعل العاقل حيران فإنني مستعد.

شاهد عيان

من يريد خنق تونس؟


من يريد خنق تونس؟

بقلم محمد الشقراوي
أستاذ بجامعة تونس

هي البلد العربي والإسلامي الأكثر انفتاحا على أوروبا وعلى الغرب بصورة عامة : وكل شيء تقريبا في حياتها الاجتماعية كما في مؤسساتها السياسية موسوم بالتحديث. إلا أن الأمر لا يتعلق في الواقع بتحديث موسوم كليا من أنماط عيش هذا المجتمع أو ذاك. فالاتجاه الإصلاحي التونسي هو تونسي قلبا وقالبا وهو بالتأكيد متفتح على التأثيرات الخارجية الإيجابية لكنه متجذر في أعماق الموروث الثقافي للبلاد وفي حضارتها العربية الإسلامية .
وهنا ربما يكمن ما يثير غيظ بعضهم. فكيف يمكن لبلد "صغير" مثل هذا أن يتجرأ على تنظيم نفسه بنفسه وتقرير مصيره بنفسه وأن يختار طريقه وأولوياته وفق مصالحه الحيوية دون الرجوع إلى قوة وصية أو إلى راع إيديولوجي ما متواجد في ما وراء البحر الأبيض المتوسط. هذا غير مقبول. ومن هنا تنطلق مظاهر الغيظ كلما تعلق الأمر بتونس .
فبعضهم يعمل انطلاقا من عواصم ما وراء متوسطية على تشويه صورة البلاد بتقديمها كما لم تكن أبدا بينما يحاول البعض الآخر خنقها بعديد الطرق : رقابة مغايرة تمام للأفكار المسبوقة عن تونس، توزيع مناشير من قبل جمعيات مزعومة للدفاع عن الصحافة تدعو السياح لإخلاء الوجهة، أعمال عنف ضد موظفي الديوان التونسي للسياحة ومحاولات تخريب المكان، نداءات إلى المستثمرين الأجانب لمقاطعة البلاد.. والقائمة تطول .
إن تونس، كما تعلمه وتصرح به جميع الهيئات الدولة المختصة، هي البلد الأكثر التزاما في الضفة الجنوبية للمتوسط بصيانة المحيط ومقاومة التلوث مع تحقيق نتائج مرموقة في هذا الميدان. وتأتي بلدان أخرى من المنطقة إلى تونس لتستلهم من هذه البرامج البيئية وتكوين أعوان شركائها في مجال الإنتاج الإيكولوجي. وها أن مبعوثة خاصة لجريدة مجهولة الاختصاص لحد الآن لدى الجمهور العريض في الميدان البيئي تحاول إقناعنا إثر فسحة لبعض الساعات في تونس بان التلوث يشكل أحد المصاعب الكبرى لدى السكان التونسيين .
كما أن التقدم الحاصل في مجال المساواة بين البنات والفتيان والذي تحسد تونس عليه حتى بعض البلدان الأوروبية لم يرق للمبعوثة الخاصة التي ادعت أن هناك مظاهر تمييز بين الفتيان والفتيات في تونس. وهو ادعاء يثير استغراب أكثر من خبير تابع لليونكسو أو لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، المنظمتين ا لمختصتين في هذه المسائل اللتين تقران بان تونس متقدمة في هذا المجال على أهداف ألفية الأمم المتحدة. إنها ادعاءات تفندها تماما نتائج الدراسة الأخيرة التي نشرتها الأسبوع الماضي منظمة "فريدوم هاوز" (بيت الحرية) الأمريكية. لكن ربما يجب عدم تضخيم هذا النفي للبديهيات لان هناك أدهى من ذلك في المنحى الجديد لنفي البديهيات. فمنذ مدة قدمت نفس وسائل الإعلام إصلاحا يدخل المزيد من المرونة على تعدد الزوجات في أحد بلدان المنطقة ويحث الرجال على عدم اللجوء إلى الطلاق التعسفي لزوجاتهم إلا في بعض الظروف، معتبرة هذا الإصلاح تقدما ثوريا في العالم العربي، في حين ان الطلاق التعسفي وتعد الزوجات ألغيا في تونس منذ نصف قرن .
وكذلك الشأن بالنسبة إلى الرمز الآخر للنجاح التونسي والمتمثل في الطبقة الوسطى الهامة التي تشمل أكثر من ثلاثة أرباع سكان البلاد والتي لا يوجد ما يماثلها في أي مكان آخر من المنطقة ومن القارة. وبالرغم من أن الوقائع لا يمكن إنكارها في هذا المجال لأنها ملموسة فإن المبعوثة الخاصة للجريدة الكبرى "المرجع" تؤكد بشكل قاطع أن تلك الطبقة الوسطى في طريقها إلى الزوال. فما هي براهينها ؟ هل هو تحقيق لمؤسسة مختصة؟ لا. هل هي تقارير لمصالح استخباراتية ؟ لا أيضا. بل إن مجرد "دردشة" مع شخصين أو ثلاثة تم انتقاؤهم لإدراج آرائهم في "سياق المقال" الذي كتب لتشويه الواقع التونسي كان كافيا لكتابة هذه الأكذوبة الكبرى : كل التونسيين من النادل إلى الطبيب مكبلون بديون ضخمة تقض مضجعهم. بأية طريقة التقت الصحافية بكل هؤلاء التونسيين الذين يمثلون 80 بالمائة من سكان البلاد في بضعة أيام استغرقتها مهمة "خاصة"؟ إن قدرات هذه المبعوثة الخاصة هي بالتأكيد لا يمكن تخيلها ويظهر انه لا حدود لها .
التونسيون هم أصحاب شهائد ليكن، لكنهم جميعا في بطالة. هاجسهم "الوحيد والأوحد" هو مغادرة البلاد إلى بلد المبعوثة الخاصة بلا ريب لكونه معروفا بأرض المعجزات التي يعامل فيها المغتربون بكل احترام! إن بإمكان عديد الجمعيات الفرنسية لمقاومة العنصرية وأشكال التمييز إزاء السكان المغاربيين أو الفرنسيين من أصل مغاربي او تقدر صحة هذا الكلام، وهي التي تناضل منذ سنوات طويلة، بإرادة لكن بدون ثقة كبيرة في النتيجة ضد القانون مزدوج المعايير وأعمال العنف بشتى أنواعها التي تستهدف بعض فئات السكان .
إن الشبان التونسيين كشبان جميع البلدان يريدون الترحال ليس لأنهم يختنقون في بلادهم بل لان ذلك هو ببساطة من طبيعة الأشياء. والأمر الأهم والذي لا يبرزه مع ذلك أي كان هو أن معم هؤلاء المغتربين الباحثين سواء عن اكتشافات جديدة أو عن عمل مربح أكثر يعودون إلى البلاد في أول مناسبة ليستثمروا فيها وليعيشوا فيها مع عائلاتهم ولا أدل على ذلك من أفواج التونسيين العائدين إلى الوطن خلال الموسم الصيفي أو المستثمرين في تونس. والإحصائيات حول ذلك كثيرة ومتوفرة لدى ديان التونسيين بالخارج .
وها ان أصحاب المنحى الجديد لنفي البديهيات قد عثروا على حجة جديدة: حقوق الإنسان، وسائل الإعلام، الانترنت. إن الأمر يتعلق بالنسبة إليهم بعدم ترك فرصة منبر القمة العالمية حول مجتمع المعلومات التي تنعقد في تونس في
نوفمبر القادم تمرّ دون أن يبثوا على أوسع نطاق دعايتهم المناهضة لتونس والتي لم تمنع ا لبلاد لحدّ الآن من مواصلة تنميتها الاقتصادية والاجتماعية .
ولا تجرؤ أي من وسائل الإعلام هذه أو من منظمات حقوق الإنسان على الاعتراف بأن الفضل في وجود هذه القمة بالذات يعود إلى تونس التي بادرت سنة 1998 بالدعوة إلى عقدها آملة أن تتضافر جهود المجموعة الدولية حول ضرورة الاتفاق على أعمال من شأنها تأمين الاستفادة أقصى ما يمكن من الفرص التي تتيحها تكنولوجيات المعلومات والاتصال. وبدلا من هذه الأهداف ا لإنسانية المتمثلة في الحدّ من الفجوة ا لرقمية ومن التفاوت في التنمية اللذين يبقيان ثلاثة أرباع البشرية في حالة فقر مدقع، تريد المنظمات المسمّاة بمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان حصر القمّة العالمية حول مجتمع المعلومات في رؤية تضييقيّة تجعل منها منبرا للديماغوجيين وأمثالهم .
وإذا شكّل بعض الأفراد جماعات لارتكاب اعتداءات إرهابية باستعمال أداة الأنترنات لتمرير رسائلهم والحصول على طرق إعداد المتفجّرات وعندما تتدخّل العدالة لوضع حدّ لأعمالهم الإجرامية ترتفع أصواتهم لتدّعى بأن هناك " قمعا الكترونيا" ضدّ "شبّان يستعملون الإنترنات" ولتطالب ببساطة الدولة التونسية بعدم ردّ الفعل إلاّ عندما تقترف الجريمة الإرهابيّة وعندما يُرتكب الاعتداء وعندما يمكن عدّ الأموات. وغدا ربّما تطالب الحكومة التونسية بأن لا تتحرّك إلاّ إذا تجاوز عدد الموتى هذه الكمية أو تلك وأيضا مع الكثير من الاحترام للإرهابيين باعتبار أن حقوقهم تفوق حقوق ضحاياهم وأن حياتهم أثمن بكثير .
وإذا ضرب محام زميلته ضربا مبرّحا لحملها على الصمت فإنّ هؤلاء النّاس يقفون إلى جانبه ناعتين زميلته الضحية والعدالة التي جبرت الضرر الذي استهدفت له بأسوإ النعوت. ولا ضيْر في أن يكون المعتدي متطرّفا ومتدرّبا على الرياضات القتاليّة وأن تكون ضحيّته البالغة من العمر زهاء الخمسين عاما أمّا لخمسة أطفال. ففي غياب حجّة مقبولة، يفترض إيجاد عذر له بالرجوع إلى التعلّة المعروفة بالنسبة لمغتصبي النساء :"إنها في نهاية الأمر هي التي استفزته ",
وخلال جلسة عادية وقف محام آخر – لشعوره بالتأكيد بأنه فوق الجميع- متوجها بالأمر إلى رئيس المحكمة بالسكوت عندما يتكلم. هل هو ثلب للمحكمة؟ نعم لكن ليس في تونس، حيث أن جريمة المحامي أعيد نعتها ب"تهديدات ضد هيئة المحامين". وإذا تخلّى أغلبية المحامين عن تضامنهم مع مثل هذه الانحرافات من جانب زملائهم ؟ هذا غير مهم. أن أصواتهم ليس لها وزن وسوف لا يسمعها أي كان. ذلك أن المهم بالنسبة لهذه المبعوثة الخاصة إلى تونس هو ممارسة الرقابة على أي رأي لا يندرج في "القوالب" التي وضعت قبل انجاز الريبورتاج .
ويكفي هنا التذكير بالسطور التالية التي كتبها النائب الفرنسي جان بول قارو والتي نشرتها صحيفة "لوفيغارو" في عددها بتاريخ 10 ماي بشأن محام فرنسي له خلاف مع عدالة بلاده : "هل توجد في بلد ديمقراطي أماكن لايمكن أن يطبق فيها القانون؟ هل يمكن أن نتصور أن تقوم في دولة القانون جماعة من مساعدي العدالة للتهجم علنا على القانون والعدالة ؟ هل يمكن أن نقبل أن يشن محامون إضرابا للحصول على حق عرقلة سير هذه العدالة بالذات بدون عقاب؟" وجواب القاضي الفرنسي هو الآتي :" ان الدفاع الحسن هو الدفاع النزيه الذي يحترم القوانين والعدالة". فهل ينبغي أن يكون الحال غير ذلك عندما يتعلق الأمر بتونس؟
من يريد في نهاية الأمر خنق الحرية في تونس أهي الدولة أم المحامون : أهي الأولى التي تحرص على حسن سير العدالة الضامنة لحريات المواطن أم الثانون الذين يريدون عرقلتها لإضعافها وإفساح المجال بذلك إلى جميع المغامرات؟
أخيرا وليس آخرا، واصلت المبعوثة الخاصة تفاهتها مؤكدة أن لا أحد يشاهد التلفزة الوطنية. كيف توصلت إلى دخول كل البيوت لتتثبت من ذلك؟ إنه أمر غريب. فقبل ذلك ببضعة أيام نشرت هيئة لدراسة الاستماع مختصة في الموضوع بكامل منطقة المغرب العربي دراسة استماع تبين من خلالها أن استماع القنوات التلفزية الفضائية في كل من تونس والجزائر في انخفاض وان التلفزتين الوطنيتين هما الأكثر مشاهدة، وتأتي "تونس7" من بين القناة العمومية في الطليعة بنسبة تفوق 48 بالمائة من الاستماع. وهذا نوع من الأخبار التي لا يحبها بعض المبعوثين" الخاصين ".

حوار مع نزار حيدر حول العراق والارهاب

KOL YOM كـل يــــــــــــــــــــــوم KOL YOMفي حوار صريح وشفاف:

نــــــزار حيدر لصحيفة (الصباح) البغدادية:

مكافأة الإرهابيين.. إرهاب

أثارت الأنباء التي تحدثت عن حوار بعض الدوائر الاستخباراتية الاميركية مع الجماعات المسلحة في العراق، غضب ضحايا الاستبداد والعنف والإرهاب.
فبين من اعتبر ذلك، مؤشرا على تغيير الإدارة الاميركية لاستراتيجيتها في العراق، فسر البعض الآخر ذلك، بأنه مجرد محاولات اميركية للخروج من المأزق الذي تمر به في العراق، بسبب تصاعد موجة العنف والإرهاب.
الأستاذ عدنان شيرخان، الصحفي العراقي المعروف في صحيفة (الصباح) البغدادية، حاور نـــــــــــــــــــزار حيدر، مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، ليستقرئ حقيقة هذه الأنباء، والهوية الحقيقية للعنف والإرهاب، الذي بدأ يصعد من جرائمه، بعناوين طائفية واضحة:
أدناه نص الحوار:
السؤال الأول:
هل ترون أن الإدارة الاميركية بصدد مراجعة سياساتها في العراق؟ لتصب باتجاه إجراء مفاوضات مع الجماعات المسلحة، لمقاضاة إشراكهم في العملية السياسية ؟ مقابل كفهم عن القيام بجرائمهم اللاانسانية؟.
الجواب:
دعني أولا أن أوضح ما يلي:
ما تحدثت عنه الأنباء، وأكدته تصريحات عدد من المسؤولين الاميركيين والبريطانيين، بشأن الحوار بين عناصر من الأجهزة الاستخباراتية في البلدين المذكورين، وممثلين عن الجماعات المسلحة في العراق، ليس بالأمر الجديد، وإنما كانت قد تكررت مثل هذه المحاولات بمبادرات من عناصر (عراقية) عادة ما تكون من أيتام النظام الشمولي البائد، والمعروف عنها قربها من دوائر أجهزة الاستخبارات الاميركية على وجه التحديد، ادعت في كل مرة أنها قريبة من المسلحين، وأنها قادرة على إقناعهم بتغيير وسائلهم، لنبذ العنف والانخراط في العملية السياسية الجديدة في العراق، وبالتالي فإنها قادرة على التأثير على موجة العنف والإرهاب التي تجتاح العراق، مقابل القبول ببعض شروط المفاوضين، ومقايضتهم بدور في السلطة مقابل وقف الهجمات المسلحة ضد القوات متعددة الجنسيات على وجه التحديد ــ وليس ضد العراقيين ــ.
ولكن، في كل مرة تبوء محاولاتهم بالفشل، بعد أن يتبين أنهم مجرد تجار وسماسرة
يسعون للحصول على المال، أو السلطة، عن طريق مثل هذه الوساطات غير الشريفة.
أو أن من يتم التفاوض معهم، ليسوا أكثر من مسلحين هامشيين، بالنسبة إلى الجماعات الإرهابية التكفيرية الوافدة إلى العراق، والمتحالفة مع التكفيريين وأيتام النظام البائد في داخل العراق، وعندها يكتشف المفاوضون، بأن هذه المجموعة أو تلك لا يمكنها أن تغير في معادلة الإرهاب شيئا، فيتركونهم وشأنهم، لأن التفاوض مع أمثالهم، مجرد مضيعة للوقت.
الجديد في ملف المفاوضات هذه المرة، شيئين:
الأول، هو الضغوط التي تتعرض لها إدارة الرئيس بوش من قبل خصومه الديمقراطيين، والذين يلحون عليه من أجل جدولة الانسحاب الاميركي من العراق، وادعاءهم بأن الإدارة هي التي لا تريد أن تعترف بحقيقة أن المسلحين في العراق يريدون تغيير وسائلهم، إلا أن الإدارة تدير ظهرها لهم، وترفض أن تمنحهم الفرصة لذلك، ما يضطرهم للاستمرار في عملياتهم المسلحة.
وفي محاولة من قبل الإدارة لتفنيد هذه المزاعم، أوعزت إلى بعض الموظفين في عدد من الأجهزة الاستخباراتية، للحديث إلى من يزعم أنه يمثل بعض الجماعات المسلحة في العراق، ليتأكد الرأي العام الاميركي، من أن المسلحين، وليس الإدارة الاميركية، لا يريدون الانخراط في العملية السياسية الجديدة بالمطلق، وإنما ينحصر هدف هؤلاء في أمر واحد فقط، ألا وهو العودة إلى السلطة وإعادة عقارب الزمن إلى الوراء، وبأي ثمن كان، وتعطيل عملية بناء العراق الديمقراطي الجديد.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، ففي كل مرة تفتح فيه الإدارة الاميركية حوارا من هذا النوع مع عناصر من المجموعات المسلحة في العراق، وتحديدا منذ نيسان العام الماضي ولحد الآن، يتبين للمفاوضين الاميركان، أنهم ليسوا سوى عصابات من اللصوص والقتلة، لا يؤثرون على مجرى العنف والإرهاب الذي لا زال يقتل بالأبرياء من العراقيين، ولذلك تنتهي المفاوضات في كل مرة إلى نهاية بائسة، ويبقى العنف يضرب في العراق.
الثاني، هو الوعود التي نقلها عدد من الزعماء العرب إلى الإدارة الاميركية (وعلى رأسهم ملك الأردن المعروف بحقده على العراق والعراقيين، والذي يخشى رؤية عراق جديد) بشأن مزاعم تحدثت عن قدرتهم على لجم العنف في العراق إذا ما أصغت الإدارة
إلى رأيهم القاضي فبضرورة التحاور مع المسلحين.
إذ بين الفينة والأخرى، يتعهد زعيم عربي بلجم جماح مجموعة ارهابية، كلما تعرض للضغوط الاميركية، في محاولة منه لتنفسيها بعهود ووعود من هذا النوع.
وفي محاولة من قبل الإدارة للكشف عن مدى دقة ما تتحدث عنه هذه الزعامات، بادرت إلى الإصغاء إلى استشاراتها، ليتبين لها فيما بعد، بأن كل ما نقلته هذه الزعامات إليها، لم يكن أكثر من خيال ليس له أي أساس على ارض الواقع، الهدف منه عرقلة تقدم العملية السياسية الجديدة، والعمل على إصابة العراقيين باليأس والإحباط، خاصة ضحايا
النظام الشمولي البائد، الأكثر حساسية إزاء مثل هذه المعلومات.
إنهم يقدمون للمفاوضات، مجموعات صغيرة وهمية، أو محدودة التأثير، للتستر على المجموعات الأساسية، ولإشغال المفاوض، لحين تلتقط تلك المجموعات الكبيرة أنفاسها، ولذلك يتزامن تسريب أنباء المفاوضات، عادة، مع كل خطة أمنية تبدأ الحكومة العراقية بتنفيذها ضد الإرهابيين.
كما أشارت بعض المعلومات إلى أن الإدارة الاميركية سعت إلى تفريق صف الإرهابيين من خلال هذا النوع من المفاوضات، كما أنها تسعى بها إلى فضح نواياهم، والكشف عن حقيقة ما يضمرونه، كما تسعى للكشف عن ارتباطاتهم خارج الحدود، ودور دول الجوار، وعدد من الأنظمة العربية كاليمن، مثلا، في دعم وتدريب هذه العناصر الإرهابية، وعلاقة المجموعات المسلحة، بعضها مع البعض الآخر، لذلك نلحظ بأن طابعها امني وليس سياسيا.
الثالث، هو المشورة السيئة التي ألح بها البريطانيون على الاميركيين، من أجل فتح قنوات الحوار مع المسلحين، وتشبيه الأمر بتجربتهم مع الجيش الجمهوري الايرلندي، الذي ظل يقاتل البريطانيين من أجل تحقيق أهدافه السياسية، إذ ما كان للبريطانيين أن ينهوا العنف المسلح في بلادهم، لولا أنهم قرروا أخيرا التفاوض مع الايرلنديين لتسوية الأزمة.
هذه الرؤية تحدث عنها البريطانيون إلى عدد من الزعامات السياسية في بغداد، في الاجتماعات التي عقدها السفير البريطاني هناك، في محاولة منه لإقناع ضحايا النظام البائد، بأهمية وضرورة مثل هذا الحوار لإنهاء أزمة العنف والإرهاب في العراق، للتفرغ للعملية السياسية الجديدة وإعادة بناء العراق.
وليس سردي لكل هذه المعلومات، من أجل أن أبرر أو أهون من خطورة مثل هذه المفاوضات، أبدا، إذ أنني أعتقد بأن مجرد الحديث عن مثل ذلك من قبل الإدارة الاميركية، يعد تناقضا صارخا مع الموقف المعلن لها، والذي يؤكد على تحريم أي نوع من التفاوض مع المسلحين في العراق.
كما انه يضر بمصداقية الولايات المتحدة الاميركية، ويعرض نواياها للسؤال والتشكيك، ولا يخدم مشروعها الرامي إلى نشر الإصلاح والديمقراطية في العالم العربي.
كما أن تسريب مثل هذه المعلومات، يشجع الإرهابيين على مواصلة جرائمهم ضد العراق والعراقيين، لأنهم، عادة، يفسرون أية مفاوضات معهم، هو نوع من الانتصار الذي يحققونه على الأرض، والذي يضطر الاميركيين، إلى الانصياع والاعتراف به، ما يجبرهم على فتح قنوات الحوار، ما يشجعهم على تبني سياسة الأمر الواقع للضغط على الاميركيين، وقبل ذلك على العراقيين أنفسهم، ضحايا العنف والإرهاب، وهذا ما يضر بالعملية السياسية الجديدة، جملة وتفصيلا.
كما أعتقد بأن أي حوار من هذا القبيل، والذي سيتضمن، حتما، مقايضات ومكافآت من أنواع شتى، هو خيانة كبيرة وجريمة كبرى لا ينبغي لا للاميركان ولا لغيرهم أن يتورطوا بها، خاصة وأنهم يرفعون شعار الإصلاح ونشر الديمقراطية، في العراق ومن خلاله في العالم العربي، فهل يعقل تحقيق مثل هذا الإنجاز التاريخي الكبير من خلال مكافأة الإرهابيين؟ أو حتى من خلال مقايضة جرائمهم بالمشاركة في السلطة ؟ في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني ، بأن من يحقق إنجازا سياسيا بالإرهاب ، لا يمكن أن يكون من المؤمنين بالديمقراطية والشراكة مع الآخر، أبدا .
وفي معرض الحديث عن هذا الملف، الذي حاول الإعلام العربي الطائفي النفخ فيه لتشوية صورة الحقيقة التي يشهدها العراق، وكأن العملية السياسية تمر بأزمة، لا يمكن حلها إلا بالحوار مع الإرهابيين، لإقناعهم بالانخراط بها، أو كأنهم هم العصاميين عن التعامل مع (الاحتلال) وان الآخرين يتوسلونهم الحوار بأي ثمن كان، أو كأن الإرهابيين بدأوا يحققون أهدافهم السياسية من خلال الإرهاب، أود أن أشير إلى النقاط التالية:
أولا، لقد سعت بعض العناصر العراقية من أيتام النظام البائد، ممن يعرفون أنفسهم بمصطلح (السنة العرب) والمعروفة بعلاقاتها القريبة من أجهزة المخابرات الاميركية، وكذلك من بعض أجهزة المخابرات الأجنبية والعربية، إلى التلاعب بالألفاظ، وتسمية الطرف العراقي المفاوض، بأنه يمثل المقاومة العراقية الشريفة التي قال بأنها تختلف عن الإرهابيين.
كان بود العراقيين أن توضح هذه العناصر قصدها من هذه التسمية، فتذكر للرأي العام العراقي، مثلا، نماذج من العمليات المسلحة التي نفذتها هذه المجموعات، ليتأكد العراقيون، على وجه الدقة، من هويتها، وليتيقنوا فيما إذا كانت بالفعل أنها مقاومة شريفة، أم أنها كبقية زميلاتها، مقاومة غير شريفة، ملطخة أياديها بدماء العراقيين الأبرياء، لأن الشعب العراقي، في الحقيقة، لم ير خلال السنتين الماضيتين ولحد الآن، إلا إرهابيين أباحوا دمه وماله وعرضه، وخاضوا بدماء الأبرياء بكل وسيلة ممكنة.
ثانيا: منذ بداية سقوط الصنم في التاسع من نيسان 2003 ولحد الآن، لم تغلق القوى والأحزاب السياسية العراقية التي تصدرت المشهد السياسي في عراق ما بعد الطاغية الذليل، باب الحوار بوجه أي من العراقيين، بل أن الحوار السياسي كان، ولا يزال، هو مطلب عراقي بحت، قبل أن يكون مطلبا اميركيا أو أوربيا أو حتى عربيا، كما يحاول الإعلام العربي الطائفي الحاقد تصويره، إلا أن كل العراقيين، وعلى رأسهم ضحايا النظام الشمولي البائد، وضعوا ثلاثة شروط أمام من يريد الحوار والمشاركة والالتحاق بالعملية السياسية الجديدة، وهي؛
ألف: أن لا يكون متورطا بدم عراقي، وأضع هنا خطا أحمر تحت العبارة (دم عراقي)، لأن المقاوم الشريف لا يتورط بدم شعبه، مهما كانت الظروف، أما أن يعلن، وبكل وقاحة، بأن كل المواطنين هدفا مشروعا لعملياته المسلحة، ثم يسعى لترجمة بلاغه هذا إلى فعل إرهابي، يستهدف قتل أكبر عدد من الأبرياء، بما فيهم النساء والأطفال والشيوخ، فهذا ليس من المقاومة بشئ أبدا، انه الإرهاب بعينه.
ولذلك، فلقد التحقت شخصيات وقوى كثيرة في العملية السياسية، من خلال الحوار البناء، بعد أن تأكد للعراقيين عدم تورطهم بدم عراقي، كان اخرها مجموعة الممثلين للعرب السنة في لجنة صياغة الدستور والتي باشرت مهامها في اللجان الفرعية، بعد أن تأكد للجنة اجتثاث البعث أنهم عناصر نظيفة لا يرتبطون بالنظام البائد بأية صلة، كما أنهم لا يرتبطون بمجموعات العنف والإرهاب بصلة.
كما شمل ذلك العديد من القوى والشخصيات العراقية بغض النظر عن انتماءاتها الاثنية أو المذهبية أو حتى السياسية، المهم أنها لم تكن متورطة بدم عراقي، ولذلك نرى اليوم أن الحكومة العراقية الانتقالية تضم في صفوفها مختلف الشخصيات التي تمثل كل الطيف الاجتماعي العراقي.
حتى الأخوة السنة العرب التي تستنجد الأنظمة العربية الطائفية، ومن ورائها بعض دول أوربا وأحيانا الأمم المتحدة، لإنقاذهم مما تسميه، كذبا وزورا، بمحاولات التهميش والإقصاء، التي تدعي أنهم يتعرضون لها على يد ضحايا النظام البائد، قد شاركوا في هذه الحكومة، ليس من خلال العنف والقتل والإرهاب، وإنما عن طريق الحوار، لأن العراقيين يرفضون توظيف الدم العراقي البرئ، لتحقيق مواطئ قدم لأية جهة كانت في العملية السياسية الجديدة، فالابتزاز مرفوض في العراق الجديد، جملة وتفصيلا.
باء: أن تكون المجموعات التي تريد الالتحاق بالعملية السياسية والاشتراك فيها من خلال الحوار، واضحة القيادة والأهداف، إذ لا يمكن الحوار مع جماعات مجهولة القيادة، أو غامضة الأهداف، أو مع عناصر ملثمة لا يمكن التعرف عليها، ورؤية أشباحها إلا عندما تظهر على الشاشة الصغيرة، لتتلو على العراقيين بيان إدانة جديد، وهي تمسك بضحيتها التي ستعمد إلى ذبحها من الوريد إلى الوريد، فور الانتهاء من قراءة البيان، ليتبين، بعد ذلك، أنها قبضت مبلغ (100) دولار أو (200)، مقابل ذبح الضحية، التي تواجه الموت تحت عنوان (المقاومة).
كما لا يمكن الحوار مع أطراف بوجهين، تبدي شيئا وتضمر شيئا آخر، فتبدي استعدادها للحوار، وتضمر علاقاتها المشبوهة مع الإرهابيين، كما هو شأن بعض الجهات المتسترة بالدين، كالهيئة المسماة بـ (علماء المسلمين) التي ذاق العراقيون من نفاقها ذرعا، بعد أن تأكد لهم نفاقها، لدرجة الخطورة على وحدة العراق وشعبه.
جيم: أن يعلن صراحة موقفه من البناء الديمقراطي الجديد في العراق، إذ لا يمكن أن يشترك في العملية السياسية الجديدة، والتي تقوم في الأساس على مبدأ الشراكة الحقيقية بين كل مكونات المجتمع العراقي من دون استثناء أحد، من تشبعت عقليته بسياسة إقصاء الآخر، وحرمانه من حق الحياة الذي وهبه له رب العزة والجلال، وحبه للتسلط على الآخرين، ومن يصنف العراقيين إلى مواطنين من الدرجة الأولى، وآخرين من الدرجة الثانية، أو الثالثة.
وأقولها بكل صراحة ووضوح، وليسمح لي العراقيون أن أتحدث باسمهم هذه المرة فقط، وادع كل من يجد في نفسه، هذه الشروط، ويعتقد أنه قادر على الالتزام بها، فليتصل بأقرب مواطن عراقي من ضحايا النظام الشمولي البائد، ويعرف نفسه له، ليعرفه بدوره على من بامكانه أن يحول النية إلى حوار، والحوار إلى فعل ايجابي صالح، وعندها سنغلق الباب أمام المسلحين والقوى الخارجية التي تتحدث باسم (السنة العرب)على وجه التحديد، أو تلك التي تتباكى على هذه الشريحة دون غيرها، لحاجة في نفس يعقوب.
هذا، فيما يخص المسلحين العراقيين، أما الأجانب، فليس أمامهم من خيار سوى الرحيل عن ارض العراق الطاهرة، والعودة إلى بلدانهم، وليعلنوا الجهاد ضد (الكفار) من هناك، وليفتحوا أبواب (الجنة) الموعودة لأنفسهم من هناك، وليس من بغداد.
أما الذين يشبهون مثل هذه المفاوضات، بتلك التي أجراها البريطانيون مع الجيش الجمهوري الأيرلندي، فإنهم مخطئون إلى درجة كبيرة.
فالفارق بين الحالتين واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار، إلا لمن يريد أن يغالط نفسه ويضحك عليها، قبل أن يسعى للضحك على ذقون الآخرين.
فالفارق يكمن في:
أولا، هوية المفاوضين، ففي الحالة الايرلندية، تفاوض البريطانيون مع المسلحين وليس الفرنسيون مثلا أو الهنود، بدلا عنهم، أما في الحالة العراقية، فان من يتفاوض مع المسلحين ليس العراقيون، وإنما الاميركيين والبريطانيين، الأمر الذي يطعن السيادة العراقية في الصميم، ويثير الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام، إذ لو أن هناك أية مصلحة للعراق من خلال مثل هذه المفاوضات، فلماذا لا تمنح الفرصة للعراقيين للمبادرة إليها، وهم الأحرص من الآخرين على تحقيق أية مصلحة لهم ولبلدهم ؟ إلا إذا يريد الاميركيون والبريطانيون تحويل مثل هذه المفاوضات إلى سيف بيدهم مسلط على رقاب العراقيين، يلوحون به كلما ارتأت الضرورة، أو مصالحهم.
ثانيا، لم يكفر الايرلنديون بالعملية السياسية، وإنما حاولوا توظيف الكفاح المسلح لتحقيق أهداف سياسية مشروعة وواضحة، والدليل على ذلك، أن جيشهم السري كان يمتلك جناحا سياسيا مشاركا في السلطة، قيادته علنية وأهدافه السياسية واضحة، كأية قوة مسلحة في هذا العالم، تسعى لتحقيق أهداف سياسية مشروعة، أما المسلحون في العراق، فكل شئ فيهم مجهول، باستثناء هدفهم الوحيد المنحصر في إرعاب العراقيين، من خلال قتل أكبر عدد منهم، لتعطيل العملية السياسية الجديدة.
ثالثا، في الحالة الايرلندية، من كان يقاتل البريطانيين، هم أبناء الشعب الايرلندي، وليس الباكستانيين أو المصريين أو غيرهم، أما في الحالة العراقية، فان من يمارس العنف والإرهاب هم المسلحون الذين تجمعوا في العراق من كل حدب وصوب، تكالبوا على هذا البلد وأهله، من أجل إفشال تجربتهم في بناء نظام ديمقراطي جديد.
رابعا، لم يكفر المقاتلون الايرلنديون، الايرلنديين الذين تعاونوا مع البريطانيين، أو من خالفهم في العقيدة والمذهب، كما أنهم لم يبيحوا دماء شعبهم على الهوية والانتماء، ولذلك لم يتورطوا بدم ايرلندي، أما عندنا في العراق، فان المسلحين تورطوا بالدم العراقي، أكثر من تورطهم بدماء (الأجنبي الكافر) على حد زعمهم.
خامسا، لقد شجعت المفاوضات المسلحين الايرلنديين، على نبذ العنف والانخراط في العملية السياسية، أما في الحالة العراقية، فعلى العكس تماما، فان أي مفاوضات من هذا القبيل، ليس فقط لا تشجع الإرهابيين على نبذ العنف والانخراط في العملية السياسية الجديدة، وإنما ستحثهم على مواصلة جرائمهم أكثر فأكثر، بعد أن يتذوقوا طعم الانتصار المزعوم بالسلاح على السياسة، وان أكبر دليل على ذلك، هو تزامن التصعيد الإرهابي، كلما تسربت معلومات التفاوض إلى وسائل الإعلام.
كما أن ذلك سيدفع بالسلميين من العراقيين الذين لا زالوا يشعرون بالغبن، وكونهم مهمشين في العملية السياسية الجديدة، لسبب أو لآخر، وسيحفزهم على حمل السلاح والانخراط في صفوف (المقاومة الشريفة).
وغير ذلك الكثير من الفروق الجوهرية بين الحالتين، ولذلك فان محاولات التشبيه بين الحالتين من قبل من تورط بمثل هذه المفاوضات، ستبوء بالفشل.
السؤال الثاني:
أين يكمن المأزق الحقيقي في العراق ؟ وهل تعتقدون بأن للولايات المتحدة أخطاء كبيرة في العراق ؟
الجواب:
ينقل عن الزعيم البريطاني المعروف إبان الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل، قوله (يكفي بريطانيا أعداءا، أن صديقتها فرنسا)، في إشارة منه إلى مدى غباء الفرنسيين في التعامل مع أصدقائهم، وأنا أقول، بأنه (يكفي الديمقراطية أعداءا، أن صديقتها الولايات المتحدة الاميركية).
لقد ارتكبت الولايات المتحدة من الأخطاء الكبير جدا في العراق، ما جعل من ثمن بناء الديمقراطية في هذا البلد، باهضا جدا.
شخصيا، أعتقد بأن من اكبر هذه الأخطاء، هو أن الولايات المتحدة، تصغي إلى نصائح واستشارات أعداء العراق، أكثر مما تصغي إلى أصدقائها، وهم حاليا، في حالة العراق، الشعب العراقي فقط.
ففي بلد كالعراق، تقول الولايات المتحدة أنها ذهبت للحرب هناك لإسقاط الديكتاتورية والنظام الشمولي، ومساعدة شعبه على بناء الديمقراطية، كيف تسمح لنفسها أن تستشير من لا يريد بالعراق خيرا، وهم، مجموعات الضغط الصهيونية التي لا تضع نصب عينيها سوى مصالح (إسرائيل) في المنطقة، والنظام العربي السني الطائفي الذي ارتعدت فرائصه منذ سقوط الصنم في بغداد، وبروز الشيعة والكرد كقوتين أساسيتين في العراق الجديد ؟ .
بالنسبة للجهة الأولى، فمن الواضح جدا، فان إسرائيل لا زالت تتخوف من قيام عراق ديمقراطي قوي، أما الجهة الثانية، فمن الواضح كذلك، أن الأنظمة العربية لا يروق لها أن ترى عراقا للشيعة، كما للسنة، دور أساسي فيه، وللكرد كذلك، كما للعرب، دور محوري فيه، وللأقليات كما للأكثرية دور متساو فيه، ولذلك عمدت هذه الأنظمة، ومنذ سقوط الصنم، إلى نسج مخاوف وهمية إزاء تنامي الدور الشيعي في العراق الجديد، وان كان ذلك كنتيجة طبيعية لما تفرزه صناديق الاقتراع، في انتخابات عامة، حرة ونزيهة.
أعتقد، لو أن الولايات المتحدة الاميركية، أرادت أن تعيد القوة إلى مصداقيتها التي فقدت الكثير الكثير منها، بسبب الأخطاء الفضيعة التي ارتكبتها في تجربة بناء الديمقراطية في العراق، عليها أولا أن تصم أسماعها بوجه اللوبي الصهيوني والأنظمة العربية، وأن تعطي ظهرها لمثل هؤلاء المستشارين السيئين، وعليها أن لا تسمع إلى استشاراتهم السيئة جدا، لأنها، وبصراحة، تورطها مع الشعوب أكثر مما تخدمها، وان جهود واشنطن في حث العالم العربي على الإصلاح وبناء الديمقراطية، باتت على كف عفريت، ستنهار كليا إذا لم تستعجل إعادة النظر في مصادر معلوماتها واستشاراتها، وعليها أن تتأكد بأن هتين الجهتين، سوف لن تقدما لها أية استشارة حسنة تخص الملف العراقي، وعليها، إذا ما أرادت أن تنجح في التجربة، أن تصغ إلى العراقيين فحسب، فأهل مكة، كما يقول المثل المعروف، أدرى بشعابها.
هذا الخطأ الكبير، هو الذي ولد مجموعة الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق، إذ اعتقد بان المشورة السيئة، مثلا، هي التي نصحت واشنطن بحل الجيش العراقي، وهي التي دفعتها لتبني نظرية (تجميع الجراثيم)، أي إفساح المجال للعناصر الإرهابية التي كانت قد تورطت بها عدد من البلاد العربية، اثر عودة ما يطلق عليهم اسم (الأفغان العرب) من أفغانستان بعد رحيل الاحتلال الروسي عنها، وعودتهم إلى بلدانهم، ليتحولوا إلى عناصر إرهابية تكفر المجتمع، والتي كانت السلطات العربية في العديد من البلاد العربية، وبالتعاون مع أجهزة مخابرات دولية وإقليمية معروفة، قد ساعدت على صناعتهم ودعمهم بكل أسباب التكوين والاستمرار وكسب القوة، إفساح المجال لهذه العناصر للتجمع في العراق، من أجل نقل المعركة مع الإرهاب من العالم، وعلى وجه التحديد، من الولايات المتحدة والعواصم العربية والإسلامية الصديقة لها، إلى داخل العراق، لحين إيجاد المخرج والنهاية لهذه الحرب.
كما أن استشارات هذه الأطراف، هي التي أقنعت الإدارة الاميركية، بالمخاوف الوهمية التي نسجتها حول القوة الشيعية المتنامية، والتي أقنعت الإدارة بخطورة تسليم السيادة وملفات الأمن والمال والنفط، إلى الحكومات العراقية التي تعاقبت على السلطة خلال المرحلة الانتقالية الممتدة منذ سقوط الصنم، ولحد الآن، الأمر الذي أدخل العراق بدوامة العنف والإرهاب، بسبب جهل الاميركيين بطريقة التعامل المثلى مع مثل هذا الملف المعقد.
ويأتي الكشف عن أنباء المفاوضات التي أجرتها عناصر من أجهزة الاستخبارات الاميركية، مع عدد من المسلحين، كآخر الأخطاء الاميركية في العراق، بسبب هذا النوع من الاستشارات السيئة، من دون أن نلحظ في الأفق نهاية قريبة لها.
السؤال الثالث:
ما هو تقييمكم للعملية السياسية في العراق، بعد إجراء الانتخابات وتشكيل الجمعية الوطنية وحكومة الدكتور الجعفري ؟ وهل أنتم راضون عن أداء الأحزاب والقوى السياسية العراقية ؟ .
الجواب:
إذا أخذنا بنظر الاعتبار حجم التحديات التي تواجه العراقيين اليوم، أعتقد بان العملية السياسية، بمجملها، تسير في الاتجاه الصحيح، وإنها لا زالت تتقدم إلى الأمام، خاصة في ظل الإصرار العراقي على طي مراحلها المرسومة، في مواعيدها المحددة، بالرغم من كل العوائق.
لقد كانت الانتخابات العامة، أروع صورة للشجاعة والتضحية والعزيمة والإصرار العراقي، على مواجهة التحديات من أجل بناء عراق جديد، في ظل الحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص.
كما أن العملية الدستورية المرتقبة، ستكون بإذن الله تعالى، الصورة المثالية التالية التي سيرسمها العراقيون بإصرارهم وعزيمتهم وهممهم العالية، وصدق رسول الله (ص) حين قال (يطير المرء بهمته، كما يطير الطائر بجناحيه) فلا زال العراقيون يمتلكون ناصية هممهم العالية، فان العراق بخير، مهما تكالب عليه الأعداء، الذين مهما تجبروا، فلن يكونوا أسوء من نظام الطاغية الذليل الذي ولى عهده الأسود بإرادة العراقيين وتضحياتهم، بالرغم من كل ما بذله من أجل تركيعهم وإذلالهم، إلا أن إرادة الشعب ظلت هي الأقوى دائما بحمد الله تعالى.
ومن باب (صديقك من صدقك ــ بفتح الدال ــ لا من صدقك ــ بتشديد الدال ــ) أود أن أشير إلى الملاحظات التالية على الأداء السياسي للقوى والأحزاب التي تتصدر اليوم المشهد السياسي العراقي، سواء، تلك التي في السلطة، أو التي في خارجها:
فمن جانب، تحتاج هذه القوى إلى أن تكون أكثر شدة في تعاملها مع الولايات المتحدة على وجه التحديد، وبصراحة أقول، فان الاميركان لا يحبون التعامل مع العملاء، بقدر حبهم للتعامل مع الأصدقاء اللدودين (الأقوياء) وان المجاملة أو إبداء الضعف في التعامل معهم لا يعطي نتيجة تذكر، ولذلك يلزم التعامل معهم بندية وليس باسترخاء، فان ذلك يخدم العراق أكثر، كما انه يخدم المشروع الديمقراطي الاميركي، في نفس الوقت.
كما يلزم هذه القوى أن تتعامل بديمقراطية أكثر مع العراقيين، وعليها أن تنبذ السياسات اللامسؤولة التي ابتليت بها والتي ورثتها من النظام البائد في إطار ما يعرف بنظرية الإسقاط التي تعني ابتلاء أو تأثر الضحية بأخلاقيات الجلاد.
عليها كذلك، أن تكون أكثر شفافية، فتتحدث عن المشاكل بصراحة أكبر، وأن لا تبرر للأخطاء، ولا تسعى للتغطية على الأمراض التي تعاني منها الدولة، وأن تشير إلى الخلل وأسبابه والمسؤول عنه بلا مواربة، حتى يساهم الجميع في بناء عراق جديد بكل معنى الكلمة.
كما أن عليها أن تخفف من حدة الحزبية المقيتة في مفهومها السلبي السيئ الذي يتبنى القول المعروف (شرار قومي، أفضل من خيار قوم آخرين) لتبادر إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وعليها أن تضع سياسة الانتقام وتصفية الحسابات جانبا، لتنفتح على عراقيي الداخل أكثر فأكثر، وأن لا تنظر إليهم، بفوقية وبعين جانبية، وعليهم جميعا أن يتذكروا بأن صمود العراقيين في الداخل هو الذي أوصلهم إلى ما هم عليه الآن.
من المهم جدا على الجميع، أن ينفتح على الطاقات الخلاقة، ليكسبها إلى صفوفه أو إلى جانب العملية السياسية الجديدة، والى جانب الجهود المبذولة الرامية إلى إعادة بناء العراق الذي خربته الدكتاتورية.
يجب أن يكون هم الجميع كيف يخدم لا كيف يحكم، فالخدمة المستمرة، سبب لاستمرار المسؤول في سلطته، أما استمراره في السلطة، فلا يعني بالضرورة، إصراره على الخدمة.

14 تموز 2005

٢٢‏/٧‏/٢٠٠٥

مها حسن تفوز بجائزة هيلمان / هامت الأميركية


كاتبة كردية سورية تفوز بجائزة هلمان /هامت الأميركية

إيلاف

أعلنت منظمة هيومان راتس ووج الأميركية المدافعة عن حقوق الإنسان التي تدير جائزة هيلمان / هامت الأميركية فوز الكاتبة السورية ( الكردية ) مها حسن بجائزتها لدورة العام 2005 . وبهذا تكون الكاتب السوري الثالث الذي يفوز بهذه الجائزة بعد الشاعر فرج بيرقدار ( دورة 1998 ) والكاتب الصحفي السوري نزار نيوف ( دورة العام 1993 ) . وقال بيان المؤسسة الصادر اليوم إن الكاتبة مها حسن منعت من النشر في سورية منذ العام 2000 بسبب اعتبار السلطات السورية لكتاباتها " ليبرالية متحررة على نحو متطرف " وتتضمن " مشاهد ومواقف أنثوية " غير مقبولة و " مدانة أخلاقيا " !! كما أنها اتهمت من قبل سلطات النشر السورية بأنها " أعادت الاعتبار لإسرائيل " حين عمدت إلى تضمين كتاباتها نصوصا من التوراة ، أي ما يعرف بـ " التناص الأدبي " !! والمقصود بذلك هو تضمينها لكتابتها نصوصا من فلسفة الكبالا Kabala ، أو المدرسة القرائية القبلانية البغدادية ، التي اشتهرت في بغداد خلال القرن العاشر الميلادي كمدرسة فلسفية غنوصية Gnostic يهودية صوفية تنكر التلمود بوصفه تفسيرا للتوراة ، ولا تؤمن إلا بأسفار التوراة الخمسة . ومن المعلوم أن العديد من الفرق الشيعية الإسلامية قد تأثرت بهذه الفلسفة وضمنتها في كتبها " المقدسة " إلى جانب النتاج الفلسفي لمدرسة إيونيا اليونانية ، و الفلسفة الهندية .
و قال بيان المنظمة " إن مها حسن ، ورغم إرثها الثقافي الكردي ، ولغتها الكردية الأم ، فإنها تكتب باللغة العربية " . وقد صدر لها حتى الآن : " اللامتناهي ـ سيرؤة الآخر ، دار الحوار 1995 " و " لوحة الغلاف ـ جدران الخيبة أعلى ، 2002 " . هذا فضلا عن عدد من المخطوطات التي رفضت وزارة الإعلام السورية السماح بنشرها . ولها مخطوطتان باللغة الفرنسية لدى دور نشر فرنسية ينتظر أن يبت بنشرهما في وقت لاحق .
يشار إلى أن جائزة هلمان / هامت تمنح بالتعاون مع منظمة هيومان رايتس ووتش للكتاب والصحفيين الذي ينشطون في مجال حقوق الإنسان أو يلاحقون من قبل سلطات بلادهم لأسباب تتصل بنشاطهم في هذا المجال أو بسبب آرائهم ومعتقداتهم . وكانت الجائزة قد تأسست في العام 1989 تكريما للكاتبين الأميركيين ليليان هيلمان و دانشييل هامت اللذين اضطهدا خلال الحقبة المكارثية في خمسينيات القرن الماضي . وتتألف لجنة تحكيم الجائزة من سبعة كتاب وصحفيين متخصصين بقضايا حرية الرأي والتعبير في أنحاء العالم المختلفة .
وكانت مها حسن ( مواليد 1966) ، الناشطة في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن حرية الرأي ، قد فرت من سورية صيف العام الماضي إلى فرنسا حيث طلبت اللجوء السياسي . وذلك إثر تسرب معلومات عن قرار المخابرات السورية باعتقالها في إطار الحملة التي طالت المئات من الناشطين الأكراد في سورية .
مازن ياغي
مكتب الشؤون السورية ( المنظمة العربية للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير )
Mazen-yaghi@free-arabopinion.org

الإنترنت في العالم العربي : مساحة جديدة من القمع


الإنترنت في العالم العربي : مساحة جديدة من القمع
المحتويات/
الإنترنت في العالم العربي نظرة عامة
الإمارات الأفضل .. ولكن !
الأردن بصيص ضوء
البحرين خطوة للأمام .. خطوة للخلف
تونس الأول ... و الأسوأ
السعودية المنع والحجب .. خطوات سهلة
سوريا الإنترنت تحت الحصار
العراق نظرة لما خلف الأسوار
قطر خطوة للأمام
ليبيا الإنترنت مجال للصراع
مصر : حرية زائفة
اليمـــــن كل الطرق .. تؤدي للخلف
التوصيات
النصائح

توطئة وشكر

أعد هذه الدراسة ، جمال عيد ، الباحث القانوني و المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ،
وهي تشمل أقساما عن أحد عشر دولة عربية ، بالإضافة لنظرة عامة على الإنترنت في العالم العربي وتوصيات للحكومات العربية كمحاولة للوصول لإنترنت حر في العالم العربي.
وقد شارك في المجهود البحثي بهذه الدراسة عماد مبارك المحامي والباحث القانوني بمركز هشام مبارك للقانون .
كما تتوجه الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بالشكر لـ إيمان حرز الله المترجمة بالشبكة وكذلك الصديق أناند بالاكريشنان ، اللذان قاما بترجمة وتحرير النسخة الإنجليزية لهذه الدراسة .
وإضافة لذلك ، تود الشبكة العربية توجيه الشكر لبعض المواقع والجرائد ، التي تفرد مساحة جيدة لتطورات استخدام شبكة الإنترنت في العالم العربي مثل ، موقع ميدل إيست اون لاين وموقع شبكة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وكذلك موقع إيلاف وجريدة الحياة اللندنية والبيان الإماراتية. الذين كان لتغطيتهم هذا المجال دورا كبيرا في توفير كم كبير من المادة التي تضمنتها هذه الدراسة .

الإنترنت في العالم العربي
نظرة عامة

"نحن نكون عالم يسمح لأي شخص، في أي مكان التعبير عن آرائه، أي كان اختلافها، دون خوف من أن يجبر أحد علي الصمت أو التوافق علي ما هو سائد....."

قد تصدق تلك المقولة التي نشرها موقع ودادة نت " wdada.net " ضمن إعلان استقلال الفضاء التخيلي" لـجون بيري بارلو، على الكثير من بلدان العالم ، ولكن المتتبع للظروف والاعتبارات التي تحكم استخدام الإنترنت في المنطقة العربية ، سوف يجد نفسه بحاجة لإعادة التفكير مرة بعد أخرى إن كانت تلك المقولة تصدق على مستخدمي الإنترنت في تلك البقعة من العالم أم لا !
فعلى الرغم من النمو النسبي السريع لعدد مستخدمي الإنترنت في المنطقة العربية ، حيث يكاد عددهم يصل إلى 14مليون مستخدم ، وكذلك وصول تلك الخدمة لجميع بلدان المنطقة ، إلا أن العديد من مستخدمي الإنترنت بالعالم العربي ،قد بدءوا يطرحون بعض الأسئلة الهامة من نوع :
* هل تتمتع مراسلاتهم أو مشاركاتهم على الإنترنت بالحرية التي كانوا ينشدونها فعلا؟
*هل يتيح لهم الإنترنت فعليا ، مساحة من الحرية يفتقدونها بشكل واضح في حياتهم ، إزاء غياب الحريات الأساسية ضمن أغلب ربوع المنطقة؟
*أي قانون سيطبق عليهم في حال تجاوزهم الخطوط الحمراء التي تتحدد أساسا ضمن قواعد واعتبارات متغيرة باستمرار ، وغير واضحة ؟
يرى العديد من المهتمين بحرية الرأي والتعبير أن الإنترنت قد أتاح فرصا واسعة أمام كم هائل من المواطنين في مختلف بلدان العالم ، ومن ضمنها البلاد العربية في التعبير عن آرائها والإعلان عن أنفسهم ، ولا سيما المجموعات التي لم يكن متاحا لها بالسابق التعبير عن نفسها وطرح أفكارها وهمومها لأسباب قد تكون سياسية " جماعات المعارضة السياسية يسارية و إسلامية أو جماعات حقوق الإنسان" ، أو أسباب دينية "مثل الشيعة أو المسيحيين " أو لأسباب ثقافية ودينية مجتمعة " المثليين جنسيا " .
وقد بدا واضحا أن تلك المجموعات قد استفادت فعليا من الإمكانيات الهائلة التي تتيحها شبكة الإنترنت لمستخدميها ، لاسيما المنتمين للرؤية الإسلامية ، سواء كانوا منظمين ضمن مجموعات أم لا .
إلا أن تلك المجموعات وعلى اختلاف مرجعياتها قد أدركت سريعا ، أن الحكومات قد دخلت بدورها حلبة الصراع وبدأت تبذل الجهد لتحكم حصارها على هذه الوسيلة الجديدة التي قد تسبب لهم بعض المشاكل نتيجة لتلك المساحة من الحرية البعيدة عن سيطرتها ، فلجأت إلى الأساليب العادية التي تسم أغلب الحكومات العربية عند تعاملها مع مسألة حرية الرأي والتعبير وهو المصادرة والرقابة ، فضلا عن استخدامها للوسائل الجديدة والمتعلقة بهذا الوافد الجديد مثل تحكمها في المنبع من خلال برامج الفلترة الإليكترونية ، كما تلجأ بعض الدول إلى احتكار تقديم الخدمة مثل السعودية و تونس حتى شهور قريبة.
فضلا عن استخدام الحل الشائع و التقليدي ، وهو تلفيق القضايا والزج بمن يتجاوز الخطوط الحمراء -الغير معروفة أصلا- داخل السجون بدعاوى واهية مثل " الإساءة لسمعة الدولة ، السب والقذف ، أو لحماية الآداب والقيم العامة ... الخ".
بل أن بعض الحكومات العربية قد اختصرت الطريق تماما بحرمان شعوبها أصلا من الاتصال بالإنترنت مثل حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين ، الذي برر منعه لاستعمال شبكة الإنترنت وحتى عام 2000 بزعمه أن شبكة الإنترنت " وسيلة دعاية أمريكية".
يأتي هذا رغم حداثة الاتصال بالإنترنت في المنطقة العربية كلها حيث لا يزيد عمر أول دولة عربية اتصلت بالإنترنت عن ثلاثة عشر عاما ، حيث كانت تونس أول دولة تتصل بالإنترنت في عام 1991، و إن كانت قد أتيحت فعليا للمواطنين بدءا النصف الثاني من التسعينات في تونس وباقي البلدان العربية باستثناء السعودية التي أتاحت تلك الخدمة عام 1999 والعراق 2000.
ويبدو أن العديد من الحكومات العربية قد فاتها في بداية استخدام الإنترنت أنه يمنح مساحة واسعة لكل مستخدميه ، سواء كانوا مؤيدين لها أم لا ، فراحت تطلق التصريحات الرنانة وتشجع الجهات الحكومية على استخدامه فضلا عن بعض الإعفاءات الجمركية على مستلزمات الكمبيوتر تشجيعا لمواطنيها على اقتنائه واستخدامه .
إلا أن تلك السياسات التشجيعية سرعان ما بدأت تتراجع نظرا لأن شبكة الإنترنت ، تمنح كل إمكانياتها لكل مستخدميها ، دون أن تفرق بين حكومي ومعارض ، ضابط أو ناشط حقوقي ، ديني أو لاديني ، أسود أو ابيض ، رجل أو امرأة .. الخ.
لتبدأ مرحلة أخري يمكننا أن نطلق عليها "لعبة القط والفأر " ، بين أغلب الحكومات العربية ومستخدمي الإنترنت ، ممن يسعون لكسر المنظومة القيمية السائدة ، دينيا أو سياسيا أو ثقافيا ، أو بمعنى أخر من يسيرون في عكس اتجاه تلك الحكومات .


الإنترنت ، مرتديا عباءة دينية

حتى سنوات قليلة مضت ، كان المتصفح لمواقع الإنترنت باللغة العربية ، يلحظ وبسهولة أن نسبة مرتفعة من المواقع العربية على الإنترنت هي مواقع إما تتحدث عن الإسلام من وجهة نظر مسئوليها ، أو تدعو الآخرين للإسلام عبر نشر خطب ومقالات وفتاوى عن شيوخ ونشطاء إسلاميين ينتمي أغلبهم إلى منطقة الخليج العربي ، وقد يرجع هذا بالأساس إلى المستوى المعيشي المرتفع لمواطني هذا الجزء من العالم العربي ، الذي أتاح لهم فرصة التقدم التقني وسهولة التعامل مع تلك الثورة الرقمية .
إلا أن تلك المواقع التي تتبنى التوجه الإسلامي وتدعو له ، كانت بدورها شبه قاصرة على رؤية واحدة أو فصيل بعينه ، وهو التيار السني المتشدد ، الذي انتشر في منطقة الخليج العربي وامتد ليطال العديد من البلدان العربية الأخرى ، بل وبعض البلدان الإسلامية غير العربية مثل أفغانستان وباكستان والكثير من الجاليات العربية بأوربا وأمريكا الشمالية .
ولذلك لم يكن الكثير ممن يطلع على إحصائيات حول المحتوى العربي على الإنترنت ، ليقف كثيرا حول نسبة تلك المواقع بالنسبة للمواقع ذات المحتوى المختلف ، والتي وصل تقدير البعض لها إلى 65% من المواقع العربية (1) ، رغم عدم علمية تلك التقديرات من وجهة نظرنا والمبالغ فيها بدرجة ، ولكنها على كل حال تعتبر مؤشر على الوجود النسبي الهائل لتك المواقع ، بالنسبة للمواقع العربية عموما.
ويلاحظ أن الكثير من هذه المواقع قد نجت من الحجب والفلترة التي تلجأ لها العديد من الدول العربية ، رغم ما تحمله الكثير من تلك المواقع من دعاوى الكراهية ليس فقط لكل من هو أو ما هو غير إسلامي ، بل لفرق وجماعات إسلامية أخرى وهو أمر يعبر عن رضا تلك الدول عن مضمون تلك المواقع ، اكثر منه إيمانا من تلك الدول بحرية الرأي والتعبير وتداول المعلومات .
وعلى الرغم من تراجع تلك الظاهرة بعض الشيء نظرا للتوسع الذي شاب كلا من عدد مستخدمي الإنترنت وكذلك عدد المواقع العربية على الشبكة ، إلا أنها لم تختفي تماما ، وإن تحول البعض منها لاستخدام لغة اقل حدة في مواجهة الآخر ، وتحول البعض الآخر والأكثر تشددا ، إلى الحرص واستخدام أكثر من اسم ومستضيف ، لاسيما بعد حادثة الحادي عشر من سبتمبر . وبدء ملاحقة الكثير من تلك المواقع المتشددة سواء من الولايات المتحدة أو الحكومات العربية.
ويمكنا أن نلحظ تخفيف حدة التشدد تلك ، في مواقع عرفت بغلوها وتعصبها مثل موقع " الساحة العربية ، سوالف ، بوابة الإسلام ، اسلاموي ، إسلامنا ، شبكة سحاب ، أنا مسلم ، أنصار الإسلام .. وغيرها " .


سلاح جيد بيد المعارضة العربية

مثل الإنترنت فرصة جيدة أمام أحزاب وجماعات المعارضة العربية ، حيث سمح للعديد منها بزيادة التواصل مع مؤيديها ، فضلا عن كسب تعاطف وتأييد المزيد من المواطنين ، نظرا لسيطرة الحكومات العربية على وسائل الإعلام التقليدية بشكل محكم ، كان يصعب معه أن تخرج مقالة أو خبر أو تعليق يتضمن نقدا لسياسات تلك الحكومات ، حتى وإن تم ذلك ، ففي السجون العربية متسعا للمزيد من الصحفيين وأصحاب الرأي .
وكان من الملاحظ أنه مع زيادة القمع الذي تمارسه دولة ما ضد معارضيها ، كانت أعداد المواقع المعارضة لها تزيد بدورها ، خاصة وأن العديد من تلك المجموعات المعارضة و قد ضاقت بها أوطانها نظرا للقمع الشديد الذي تواجه به ، قد لجأت للمنفى وراحت توظف كل الإمكانيات المتاحة لها بالبلدان التي لجأت إليها في محاولة حشد مؤيديها وفضح ممارسات تلك الحكومات وكان الإنترنت وسيلة هامة ضمن وسائلها.
وقد رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، العشرات من المواقع التي تنطق بلسان تلك المجموعات المعارضة ، كان على رأسها المجموعات اليسارية و الإسلامية المعارضة للحكومة العراقية قبل الاحتلال الأمريكي ، التي كانت تبث مواقعها من دول عديدة مثل السويد وإنجلترا و ألمانيا والدنمارك ، وكذلك المواقع العديدة التابعة لجماعات وقوى المعارضة الليبية والسعودية . وتلك الدول الثلاثة تحديدا وبسبب تأخرها في إدخال خدمة الإنترنت ، كان لجماعات المعارضة السبق في استخدام إمكانيات الإنترنت وانشأ مواقع لها تنطق بلسانها ، وتفضح ما تراه من ممارسات تلك الحكومات وتكسب من خلال قدراتها على تجاوز الموانع الحكومية زوارا و أنصارا جدد .
وتكرر هذا الأمر مع اختلافات نسبية بالعديد من الحكومات العربية ، مثل تونس وسوريا والسودان والبحرين ، بل أن دولا تعرف بانفتاحها النسبي مثل مصر ، لم تسلم من مجموعات قامت من الخارج بإنشأ مواقع لها لتندد بما تزعمه من اضطهاد وتمييز مثل مواقع أقباط المهجر أو المواقع التي نشأت حديثا وبدأت تعمل لمحاولة خلق رأي عام ضد قضية توريث الحكم في مصر(2) .
ورغم أن تلك المواقع وكما ذكرنا ، لا يزيد ما توصلت إليه الشبكة عن بضع عشرات ، إلا أنها ذات ترتيب متقدم بالنسبة للمواقع العالمية ، نظرا للكم الكبير من الزوار الذي يقبلون عليها بدرجة كبيرة ، فضلا عن استخدام تلك المواقع المعارضة للقوائم البريدية التي تحمل للمشاركين بها جديد تلك المواقع ، أو طرق تجاوز المنع والحجب بالدولة المحددة.
مما يجعل هذه المواقع ، الهدف الأول للحجب بالدول العربية ، فاضحة لأكذوبة قيام تلك الدول بحجب المواقع "المنافية للآداب العامة والقيم الدينية" .


المثليون العرب ، إعلان عن الوجود

لعل الفئات الاجتماعية الوحيدة التي لم تكن - وحتى ظهور الإنترنت - تستطيع الإعلان عن هويتها بالعالم العربي ، هم المثليين جنسيا .
فقد تواجهك بعض المشكلات الأمنية أو الثقافية أو الدينية حينما تعلن أنك يساري أو إسلامي أو شيعي أو ناصري ، وذلك حسب الدولة التي تعلن ذلك بها وحسب الوسط الاجتماعي الذي تنتمي له.
أما أن تعلن أنك مثلي الجنس ، فهذا الإعلان قد يضعك أمام تلك المشاكل مجتمعة ، وفي الغالب سوف تكون له نتائج سيئة عليك.
ولكنهم موجودون ، وقد أتاح لهم الإنترنت فرصة الإعلان عن هذا الوجود ، من خلال العديد من المواقع التي تعلن عنهم وعن أفكارهم وهمومهم ، بل وزيادة التعارف بينهم .
ولعل موقع " جمعية المثليين والمثليات العرب - glas.org" هو الموقع الأقدم والأشهر إلى وقت قريب ، ثم تلاه العديد من المواقع الناطقة باسم مثليي الميول الجنسية العرب ، وكذلك المواقع الأجنبية التي تفرد للمثليين العرب أقساما بها.
و قد بدأت تلك المواقع المعبرة عن المثليين تزداد ، لاسيما بعد الحملات الأمنية ضدهم وا ازدياد أعداد مستخدمي الإنترنت في المنطقة ، وبدأت تظهر مواقع تعبر عن مجموعات أكثر تحديدا ، مثل موقع مثليي مصر ،
والمثليين العرب ، ومثليي لبنان والفاتحة ، حتى المملكة السعودية ، والمعروفة بتحفظها الشديد ، قام مثلييها بإنشاء موقع لهم تحت اسم "المثلي السعودي " الذي قام المسئولين عليه بعد التعريف بأنفسهم ، بتقديم بعض النصائح لزواره لحمايتهم من الملاحقة وقد جاء ضمنها:

1- لا تستعمل اسمك الحقيقي.
2- استعمل بريد إلكتروني خاصاً وسرياًَ.
3- إذا أراد شخص أن يقابلك ، فهذا ليس رائعا كما قد تظن.
4- لا تعطِ عنوانك لأي شخص .
5- لا تعطِ رقم الهاتف لأي شخص (3).
وعلى الرغم من حجب العديد من تلك المواقع ومنعها بأغلب البلدان العربية ، فمازالت تلاقي روجا هي الأخرى ، حيث أصبحت أخبار القمع الذي تواجه به مجموعة ما ، مثل الحملة الأمنية الموجهة ضد المثليين المصريين ، عاملا جاذبا لمزيد من الزوار للتعرف على أخر أخبار تلك الحملة .


الهوامش

1- موقع إسلامنا في 4يوليو2001 .

http://www.ourislam.net

2- رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، ما يزيد عن 34 موقعا لمجموعات وأحزاب معارضة تبث مواقعها من خارج بلدانها ، ورأت أنه من الأنسب عدم ذكر اسمها أو مواقعها ، حتى لا تكون سببا لحجب هذا الموقع أو ذاك .
3- جريدة إيلاف الإليكترونية في 13 يناير 2003 .


الإمارات

الأفضل .. ولكن !


يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الإمارات نحو مليون وربع مستخدم بنسبة تصل إلى 31% من عدد السكان ، لتحتل بذلك مكانة متقدمة ليس فقط عربيا ولكن أيضا عالميا بهذا المجال .(1)

حيث أكدت هيئة الأمم المتحدة في تقرير لها حول برامج الحكومة الإلكترونية في العالم عن نجاح الإمارات في احتلال مرتبة متميزة بين دول العالم ، ويشير التقرير إلى كيفية استعداد كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تبلغ عددها 190 دولة لتطبيق برامج الحكومة الإلكترونية ومدى تقدمها في هذا المجال ، وصنفت الإمارات ضمن فئة "ابرز الدول المتقدمة في مجال الحكومة الإلكترونية " ، حيث سجلت الإمارات 217 نقطة لتحتل بذلك المرتبة الأولى عربيا والمرتبة 21 على مستوى العالمي.(2)

إلا أن هذا الترتيب المتقدم ، لا يعكس بالضرورة الوضع الحقيقي الذي يعاني منه مستخدمي الإنترنت في الإمارات ، حيث وصلت الشكوى التي أعلنها العديد من المستخدمين من تكلفة الاتصالات المرتفعة بالإمارات ، إلى أن يقوم عدد كبير منهم قدر بالآلاف ، بدعوة مستخدمي الإنترنت في الإمارات ، لإعلان حملة مقاطعة أعلنت على الإنترنت من خلال رسالة احتجاج وحث على المقاطعة ، مطالبة ضمن مطالبها بتخفيض سعر الاشتراك في شبكة الإنترنت سواء للخط العادي أو خدمة الشامل .

واستنكر محمد الفهيم نائب الرئيس والمدير التنفيذي لشؤون التسويق في شركة اتصالات مجرد الطرح لمفهوم المقاطعة أو حتى الرد على الإيضاح الذي تقدم به جريدة الاتحاد الإماراتية إلى مسؤول مكتب الرئيس والمدير التنفيذي في شأن الرسالة التي تبث عبر شبكة الإنترنت وتتداول بين آلاف المشتركين . دون أن يحرك ساكنا لبحث أسباب تلك المقاطعة ويعمل على تقديم أي توضيح ، لمستخدمي الإنترنت ، وذلك ما دعي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الإعلام والثقافة إلي المطالبة بخفض أسعار خدمات الاتصالات معتبرا ان تكلفة الاتصالات في الإمارات تعتبر عالية بالمقاييس العالمية، رغم مجادلة البعض أن أسعارها تعتبر منخفضة (3)


# الرقابة بين الرفض والتأييد :

يثير موضوع الرقابة على الإنترنت في الإمارات جدل كبير بين مؤيد ومعارض ، فقد صرح وزير المواصلات الإماراتي احمد حميد الطاير لجريدة البيان حول ما أثير بشان الرقابة على الإنترنت من خلال نظام ال "بروكسي" قال الطاير : "إن البر وكسي كان سببا رئيسيا في انتشار خدمة الإنترنت بالدولة ، وان كثيرا من الناس ادخل الإنترنت إلى بيته بعد التأكد من وجود رقابة تمنع عنه وعن أسرته ما يسيء إلى قيم وأخلاقيات المجمع . أكد في الوقت ذاته أن الإمارات ليست بدعا بين الأمم في هذا المجال وان اكثر الدول تقدما تفرض رقابة على الإنترنت لأسباب متعددة وليس فقط إلى الأسباب الأخلاقية".(4)

وعلى النقيض تماما طالب الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الإعلام والثقافة بإتاحة حرية مطلقة للاتصال بالشبكة العالمية للإنترنت ، وإلغاء نظام البروكسي. كما أشار على أن الحكومة يجب ألا تفرض رقابة على الفرد وان شركة الإمارات للإنترنت والوسائط المتعددة المزود الوحيد لإنترنت يجب ألا تمنع الدخول إلى مواقع بعينها ، كما أشار على أن الرقابة على محتوى الإنترنت يجب أن تكون أمرا اختياريا ، وعلينا أن ألا نفترض سوء النية بالمستخدم.(5)

كما وصف كاتب من الإمارات لموقع "إيلاف" من أن منع المعلومات عن الجمهور بأنها طريقة بدائية في منطقها وغير حضارية ، وقال بان زمن حجب المعلومات قد ولى ، وكذا الزمن الذي كانت الحكومات تسيطر فيه على وسائل الإعلام بحيث تسمح بمرور ما يتفق مع آرائها وتوجهاتها وبحيث لا يعكر عليها أمرها وخططها.

وقال الكاتب عبد الله العمادى في مقال نشره بالراية القطرية بان الحكومات إذا صنعت وحجبت المعلومات عن شعبها ، فان هناك طرق مختلفة للحصول عليها ، وهو ما يؤثر بالضرورة على مصداقية الحكومة ، كما أشار على انه "لا يحق للشركة قانونا منع أي مشترك بخدمة الإنترنت من الوصول إلى أي موقع على الشبكة ، لان المشترك يدفع نظير ذلك رسوما معينة ، وعقد الاتفاق لا يعطى الحق للشركة القيام بدور الوصي على المشترك ، بغض النظر عن قيمة ومحتوى المعلومات التي تقوم كيوتل بحجبها عن المشتركين" ، كما أكد على أن حجب المواقع وترصد المعلومات يسلب حقا للمستخدم مدعوم بالقانون وهو حق المعرفة والحصول على المعلومة.(6)

هوامش

1- موقع أخبار الإنترنت المعربة زيارة 6مايو 2004

http://www.ameinfo.com/arabic/Detailed/20220.html

2- موقع جود نيوز فور مي ، بوابة التكنولوجيا والمعلومات ، زيارة 28مارس 2004

http://www.gn4me.com/etesalat/article.jsp?art_id=5942

3- جريدة الاتحاد في 31 ديسمبر 2003 ، زيارة 22مارس 2004 .

http://www.alittihad.co.ae/search.details.asp?M=1&ArticleID=81863

4- موقع جريدة البيان في الموافق 20 أكتوبر 2002 ، زيارة 5 مايو 2003 .

http://www.albayan.co.ae/albayan/2002/10/20/ola/3.htm

5- جريدة البيان 13 اكتوبر 2002 ، زيارة 17اغسطس 2003

http://www.albayan.co.ae/albayan/2002/10/13/ola/2.htm

6- موقع ايلاف في 20 مايو 2002

الأردن

بصيص ضوء


أشارت دراسة عالمية أن مستخدمي الإنترنت في الأردن يبلغ 19 لكل ألف شخص في عام 2003 (1) ، وحتى عام 2001 كانت كثافة الحاسبات في الأردن تصل إلى 3.28 حاسب لكل مائة نسمة وهو ما يعني أن الأردن كانت تحتل المرتبة الخامسة بعد الإمارات والكويت والسعودية وعمان.(2)

وفى إطار التطور التكنولوجي تسعى الأردن إلى تجاوز النقص أو الضعف لديها وذلك من خلال مشروع شبكة الجامعات الحكومية وهو جزء من مشروع الشبكة التعليمية التي تهدف إلى ربط ما يزيد عن 1.5 مليون طالب بحلول عام 2006 بشبكة معلومات وبحث واسع ، وهو ما يعنى زيادة نسبة عدد مستخدمي الإنترنت وزيادة القادرين على استخدام الكمبيوتر إلى 210 مستخدم لكل ألف شخص هذا على فرض أن عدد سكان الأردن سيكون 7 مليون شخص في عام 2006.(3)
والأردن التي اتصلت بالإنترنت في عام 1996 ، تشهد تناقضا في نهج التعامل مع شبكة الإنترنت ، بين ما يصرح به المسئولين الرسميين وبين واقع الحال الفعلي .

ويظهر هذا التناقض في الإقبال على تدريس المعلوماتية و التوسع في نشر أجهزة الحاسب في المدارس ، بل و البدء في تصدير نسبة لا بأس بها من التكنولوجيا المتطورة بما يعادل 8% من إجمالي صادراتها الصناعية (4) . فمازالت أسعار الاتصالات مرتفعة مقارنة مع الدول المتقدمة مما يحول دون انتشار الإنترنت حيث يبلغ متوسط ساعات استخدام الإنترنت في الأردن ما بين (40 - 50) ساعة شهريا بكلفة تتراوح ما بين (15 - 20) دينارا وهو ما يفوق مقدرة الأردنيين الاقتصادية ويبقي استخدام الإنترنت مقتصرا على القادرين على الدفع. (5) .
إلا أن عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن والذي بلغ طبقا لموقع النادي العربي لتقنية المعلومات والإعلام، نحو نصف مليون مستخدم ، نصفهن من الإناث (6) ، يعد نسبة كبيرة ومتقدمة بالنسبة لباقي البلدان العربية باستثناء بلدان مجلس التعاون الخليجي .
فضلا عن التوجه نحو إلحاق الإنترنت بالقانون المزمع سنه للبث المرئي والمسموع ، مما يجعل
قيام طالب بمدرسة ما بتسجيل قصيدة أو أغنية وبثها على الإنترنت مخالفا إذا لم يحصل على ترخيص هذا البث حسب مسودة القانون الجديد مما سيحدد من إنهاض المحاولات الفنية والابتكارات الطلابية والمجتمعية (7)
ولم يقف الأمر عند إصدار قانون لخنق التعددية ، بل قامت السلطات الأردنية بحجب موقع "arab times" ، حيث أكد أسامة فوزي مسئول الموقع من انه " قيل لنا أن رئيس الوزراء الأردني على أبو الراغب هو الذي قرر إغلاق موقع عرب تايمز في وحجبه عن المستخدمين الأردنيين ... وقيل لنا أن قرار أبو الراغب جاء بعد قيام عرب تايمز بالانفراد في نشر رسائل السيدة توجان فيصل المفتوحة التي وجهتها إلى رئيس الوزراء وإلى بعض الوزراء والمسئولين في الأردن"(8) .
إلا ان الحكومة الأردنية قد وافقت على قرارات لتنظيم عمل مراكز ومقاهي الإنترنت اشتملت على شروط تشجيعية للاستثمار في مجال تقنية المعلومات ، وكان من بين هذه الشروط هو السماح لمن تجاوز سن الثالثة عشر من العمر الدخول لمقهى الإنترنت دون موافقة الأهل ، بينما كانت التعليمات السابقة تمنع من تقل أعمارهم عن 16 عاما من دخولها. كذلك خفضت الشروط الواجب توافرها في مواقع المراكز ومساحتها.(9)
ويبقى أن الأردن ورغم بعض التخبط الذي يعانيه قطاع الاتصالات ، ضمن الدول المبشرة في العالم العربي ، ليأتي كاستثناء ، ومثال يمكن لدول أخرى الاقتداء به .


هوامش

1- جريدة الرأي في 11ابريل 2004 ، زيارة 6مايو 2004.

http://www.alrai.batelco.jo/11-04-2004/finance/ 04-2004/Article-20040410-d5f28bb5-c000-00a8-01a0-b94dcdd0b8cb/story.html

2- رشاد مصطفى عوض - واقع المعلوماتية فى الدول العربية - المجلة العربية للعلوم والمعلومات - العدد الاول بتاريخ 1 يونيو 2003. ص 15 .

3- المرجع السابق ص 18 .

4-- المرجع السابق

5- جريدة الرأي في 2 مارس 2004 ، زيارة 6مايو 2004.

http://www.alrai.batelco.jo/02-03-2004/finance/03-2 004/Article-20040301-08509fbc-c000-00a8-0125-d92c975c8f17/story.html

6- موقع النادي العربي لتقنية المعلومات والاعلام في 13 نوفمبر 2002 ، زيارة 5ابريل 2004.

http://www.ac4mit.org/_jordan.asp?FileName=20021113180418

7- موقع داود كتاب في 20 يناير 2004 زيارة 6مايو .2004

http://www.daoudkuttab.com/arabic/jan2004/20.htm
8- جريدة عرب تايمز زيارة 21مارس 2004 .

http://www.arabtimes.com/togan/T8.htm

9- مجلة اون لاين العدد الحادى والعشرون الصادر بتاريخ 1 فبراير 2002.


البحرين

خطوة للأمام .. خطوة للخلف

على الرغم من لجوء العديد من مواطني المملكة العربية السعودية لاستخدام الإنترنت عبر دولة البحرين ، إلا أن تلك الحرية النسبية التي قد يعتقدها البعض في استخدام الإنترنت في البحرين ، تقتصر على المواقع التي تتناول أمورا بعيدة عن الأوضاع في البحرين نفسها .
حيث اعترفت الحكومة البحرينية على لسان وزير الإعلام " نبيل يعقوب الحمر " بوجود رقابة على الإنترنت فيها ، تصل لحد منع وتعطيل بعض المواقع ، التي لا ترضى عنها الحكومة البحرينية .
مما دفع مجموعة من المواطنين البحرينيين للقيام بتظاهره صغيرة لرفض ما قامت به السلطات البحرينية من فرض الرقابة على مواقع شبكة الإنترنت ، وذلك أمام شركة الاتصالات البحرينية ،التي تحتكر خدمة الاتصالات .
وطبقا لما أوردته شبكة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فقد طالبت هذه التظاهرة شركة الاتصالات بإنهاء ما تقوم به من تعطيل المواقع التي تدعي السلطات الحكومية أنها تثير الفتنة الطائفية ، وأشار عدد من المتظاهرين على أن تعطيل تلك المواقع يعد انتهاكا واضح لحرية الرأي والتعبير في البحرين ، في الوقت الذي أعلن فيه الملك حمد بن عيسى أل خليفة عن بدء تطبيق إصلاحات ديمقراطية ، و كان من ضمن طلبات المتظاهرين استقالة وزير الإعلام يعقوب الحمر الذي برر فرض الرقابة بقوله " أن السلطات لم تعطل سوى المواقع التي تتضمن إهانات " ( 1 )
ومثلها مثل العديد من الحكومات العربية ، تبرر الحكومة البحرينية حجب العديد من المواقع بقيام تلك المواقع بالتحريض على الفتنة الطائفية و تحت دعاوى الحفاظ على القيم .
إلا قرار حجب المواقع الخاصة بالمعارضة يوضح تماما ضيق الحكومة البحرينية بالآراء التي تنتقدها ، وأن دعاوى الحفاظ على القيم أو منع الفتن الطائفية ، لا تعدو أن تكون مبررات للافتئات على حرية الرأي وتداول المعلومات.
وقد أشار وزير الإعلام أن المواقع التي تم حجبها لم تتجاوز الأربعة مواقع ، وأكد على أن وزارته ستعيد النظر في هذا القرار إذا قام المسئولون عن هذه المواقع بإعادة النظر في محتوياتها .
وتشمل هذه المواقع التي تم حجبها من قبل السلطات الحكومية ، عبر إصدار أمر لشركة " بتلكو " التي تزود البحرين بخدمات الإنترنت موقع " أحرار البحرين " ، وموقع " بحرين اون لاين " ، وموقع " منتديات البحرين " ، وموقع مجموعة " او ال " ( 2 )
ويعد موقع "بحرين أون لاين " ضمن الموقع الأنشط في مملكة البحرين ، والذي يحفل بمناقشات جادة حول الشئون الاجتماعية والسياسية في البحرين ، وينشر بيانات وتقارير الجمعيات السياسية والحقوقية ، كما يوفر منتدى للحوار وتبادل الآراء والأخبار والمعلومات مما يفسر قيام الحكومة البحرينية بتكرار حجبه أكثر من مرة ، فقد قررت الحكومة البحرينية في السابع من أبريل 2004 حجب الموقع ، وكان الرد على إدارة الموقع من شركة بتلكو" يتضمن أن الشركة تلقت طلبا من وزارة الداخلية يحمل أمرا قضائيا بإغلاق الموقع .
هذا وقد قابل مسئولي الموقع هذا الرد بالدهشة حيث لم يتم الاتصال بهم من قبل أي جهة إدارية أو قضائية ، كما لم يتم إبلاغهم رسميا بقرار حجب الموقع أو حتى توضيح أسباب هذا الغلق . ( 3 )
ويعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان ، بأن الدافع الحقيقي من وراء هذا الغلق هو ما يتضمنه الموقع من أراء معارضة للحكومة وهو ما لا تسمح السلطات بنشره في وسائلها الإعلامية ، هذا وقد فسر البعض من هناك أسباب أخري بخلاف ما سبق تتمثل في الحملة التي تقوم بها السلطات ضد أربع من الجمعيات السياسية المعارضة التي تطالب بإصلاحات دستورية وتجمع التوقيعات على عريضة تتضمن هذه الإصلاحات ، مما دعي وزير العمل البحريني بتهديد هذه المنظمات إذا استمرت في تلك الحملة ، كما حذر مركز البحرين لحقوق الإنسان من أن يكون إغلاق الموقع قد يكون جزء من حملة منظمة ومتصاعدة تقوم بها السلطات للحد من نشاط المعارضين له سواء كانوا من نشطاء حقوق الإنسان أو السياسيين وهو ما يؤدي إلى تقييد الحرية العامة ( 4 ).
ومن المعروف أن الاعتماد على الإنترنت قد ازداد البحرين بعد توفير الخدمة للمواطنين في عام 1995 ، ،
بعد إحكام السلطات البحرينية سيطرتها على وسائل الإعلام المعتادة المسموعة والمرئية والمطبوعة.
ويعد جلال علوي هو أول ضحايا الرقابة الغير قانونية على الإنترنت في البحرين ، حيث ألقي القبض عليه في مارس 1997 ، بسبب ما زعمته السلطات البحرينية من بسبب إرساله معلومات على الإنترنت إلى "حركة أحرار البحرين"، وقد احتجز بتلك الاتهامات الجائرة نحو 18 شهرا . (5) .
وفي بداية شهر مايو 2004 صرح أحد المسئولين بشركة البحرين للاتصالات "بتلكو" ان عدد مستخدمي الإنترنت في البحرين أكثر من 100 ألف مشترك، (6) . وهي نسبة كبيرة لدولة لا يزيد عدد سكانها عن سبعمائة وثلاثون ألف نسمة .


هوامش

1- شبكة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في 5مايو 2002 ، زيارة 9نوفمبر 2002

http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_1969000/1969668.stm

2- شبكة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في 26مارس 2002 ، زيارة 30 يوليو 2003

http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_1895000/1895014.stm

3- رسالة من مركز البحرين لحقوق الإنسان في 11ابريل 2004.

4- المرجع السابق.

5- التقرير السنوي لمنظمة "هيومان رايتس ووتش " عام 1999 .

http://www.hrw.org/arabic/reports/wr99/bahrain.htm

6-وكالة انباء البحرين في 4مايو 2004 زيارة 8مايو 2004.

http://bna.bh/?ID=26963


تونس

الأول ... و الأسوأ

أن يتولى ضابط اتهم كثيرا من قبل المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية بممارسة التعذيب في تونس ، رئاسة اللجنة التحضيرية للمرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات المزمع عقدها بتونس العام 2005 ، فهو أمر يتسق تماما مع رؤية السلطات التونسية لماهية شبكة الإنترنت وكيفية التعامل معها .
فالسيد الحبيب عمار الذي كان مسئول الحرس الوطني التونسي بين عامي 1984 حتى عام 1987 ، ثم اصبح وزيرا للداخلية حتى عام 1988 ورغم كل ما أثير حول استخدامه التعذيب للتعامل مع المعتقلين التونسيين ، هو الذي يشغل الآن منصب رئاسة اللجنة التحضيرية المذكورة ، وقد نجا الضابط السابق من التوقيف في سويسرا أثناء وجوده في سويسرا بشهر سبتمبر من العام 2003 عقب تقديم شكوى ضده رفعتها منظمتان حقوقيتان ، استنادا لبنود معاهدة منع التعذيب الصادرة عن الأمم المتحدة ، والتي تلزم سويسرا كدولة وقعت على المعاهدة ، أن توقف مرتكبي جرائم التعذيب في حال عبورهم أراضيها .
لم يسلم الحبيب عمار من التوقيف بسبب عدم جدية الاتهامات أو بعد تبرئته ، ولكن بموجب الحصانة التي تمتع بها كونه ممثل لإحدى الدول الأعضاء المشاركين في اجتماعات قمة مؤتمر المعلومات حسب الاتفاق الذي أبرمته حكومة سويسرا مع الاتحاد الدولي للاتصالات "ITU "(1).
تعد تونس هي أول دولة عربية ارتبطت بشبكة الإنترنت ، حيث كان ذلك في عام 1991 ، إلا أن استخدام الشبكة لم يعرف طريقه للمواطنين سوى بعد ذلك بكثير .
وقد أشار تقرير إحصائي تونسي تم نشره بموقع "ميدل إيست اون لاين " في بداية نوفمبر 2003 إلى ارتفاع عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في تونس حيث وصلت إلى حوالي 550 ألف مستخدم في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
و أن "عدد المراكز العمومية للإنترنت قد ارتفع إلى حوالي 300مركز موزعة في مختلف أنحاء الدولة، هذا بالإضافة إلى ارتفاع عدد مزودي خدمة الإنترنت ليبلغ 12 مزودا من القطاعين العمومي والخاص". ((2
هذا وقد تطور عدد المشتركين في خدمة الإنترنت بتونس ببطء حتى يوليو 1997 حيث كان عدد المستخدمين يصل إلى 1200 مستخدم ، و في أكتوبر من نفس العام كان عدد المستخدمين قد وصل إلى 4000 ارتفع العدد في نوفمبر حتى وصل إلى 11000 مستخدم للشبكة ، أي أن معدل النمو الشهري للمشتركين في خدمة الإنترنت يقدر بـ 8.40% . (3).
وعلى الرغم من التصريحات الإيجابية التي أدلى بها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في افتتاح القمة العالمية لمجتمع المعلومات بجنيف التي عقدت في ديسمبر 2003 والتي أكد فيها على أهمية ما أفرزته التحولات التكنولوجية من مستجدات في تنمية مجتمع المعلومات إلى مستويات متقدمة تسمح بتأصيل المفهوم الشامل لحقوق الإنسان الذي يكرس حرية التعبير، ويؤمن احترام سيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها..... (4)
إلا أن الواقع العملي في تونس يشير إلى عكس ذلك تماما .
فمستخدمي شبكة الإنترنت في تونس ليس لهم خيارات عديدة ومتنوعة فيما يرغبون في تصفحه من مواقع الإنترنت " حيث توجد لدى تونس طائفة من القوانين المنظمة لاستخدام الإنترنت تُعدّ أكثر القوانين تفصيلاً في المنطقة كلها؛ وقد أُعدَّ جانب كبير منها على نحو يضمن ألا يفلت أي نقد أو تعبير عن الرأي من نفس القيود القمعية المفروضة على أجهزة الإعلام الأخرى. إذ يقضي "مرسوم الإنترنت" الصادر عام 1997 بأن تتحمل الشركات التي تقدم خدمة الإنترنت المسؤولية عن المعلومات المتداولة عبر الشبكة، وأن تقدم لأحد أجهزة الدولة قائمة بأسماء المشتركين في الإنترنت؛ كما يحظر المرسوم المذكور استخدام نظام للتشفير" (5).
وحين تكلف حكومة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي المعروف عنها قمعها الشديد لحرية الرأي والتعبير ضابط سابق برئاسة اللجنة التحضيرية للمرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات القامة بتونس عام 2005 ،
ويتولى الإشراف على اثنتين من كبريات شركات التزويد بخدمة الإنترنت في تونس بعض أقارب الرئيس التونسي (6) .فإن الكثير من مراكز الإنترنت العمومية التي انتشرت في العديد من المدن التونسية لن تتيح لروادها الاطلاع على المواقع التي لا ترضى عنها تلك السلطات التونسية والتي تصفها جريدة الحياة اللندنية بـ "المتمردة" بسبب خضوعها للرقابة الأمنية الصارمة (7).
ولا تقف الرقابة التونسية عند حدود منع المواقع "المتمردة" مثل موقع "قوس الكرامة" للناشط التونسي جلال الزغلامي ، بل تمتد يدها لتحجب العديد من المواقع العالمية مثل بريد "هوت ميل" الشهير التابع لشركة " msn" وكذلك العديد من المواقع الفلسطينية والمصرية والمواقع الحقوقية فضلا عن مواقع مثل"مصراوي" وجريدة "دنيا الوطن". وهي مواقع ليست معنية كثيرا بالأوضاع في تونس ، لكنها توضح مدى افتئات الرقابة التونسية على حق تداول المعلومات .
يقول أمين عام عمادة المحامين التونسيين محمد جبور موضحا القمع الذي تقوم به السلطات التونسية ضد سلك المحامين"، بحيث تعرض العديد منهم " للاعتداءات الجسدية، وللتصنت على خطوطهم الهاتفية وقصها في بعض الأحيان. كما تقوم وزارة الداخلية بتحويل وجهة بعض خطوط الفاكس، ومنع الوصول إلى مواقع على شبكة الإنترنت". حسب تعبيره(8).

زهير اليحياوي : سجين الإنترنت الأول .. وليس الأخير
في 20 يونيو 2002 أصدرت محكمة تونسية حكما ضد الصحفي زهير بن سعيد يحياوي مؤسس ورئيس تحرير موقع "تونيزين" بالسجن لمدة عامين وأربعة أشهر بتهمتي "نشر أخبار كاذبة" و "استخدام التسهيلات الاتصالية بشكل غير قانوني بالإضافة إلى اتهامه بسرقة مشغلة بمحل الإنترنت".
ويعد زهير يحياوي أول من نشر رسالة مفتوحة إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، كتبها عمه القاضي مختار يحياوي، ينتقد فيها القضاء التونسي ويقول إنه يفتقر إلى الاستقلالية. وهي الرسالة التي بسببها أقصي اليحياوي عن منصبه في عام 2001.
وتعتبر هذه المحاكمة هي الأولى من نوعها التي يواجه فيها القضاء التونسي دعوى ضد معارض تونسي انتقد النظام على الإنترنت، بعد أن استخدمت السلطات التونسية أشكال متعددة للمتابعات والملاحقات غير القانونية ضد معارضين سياسيين ونشطاء حقوقيين .
وكانت المجلة الإليكترونية "تونيزين " قد عرفت بنقدها السياسي اللاذع ضد الممارسات البوليسية في تونس واحتوائها على مقالات لمشاركين بأسماء مستعارة تنتقد الأوضاع السياسية . وقد أجرى اليحياوي استبياناً للرأي العام على الإنترنت، تضمن سؤلا هو: "هل تعتقد أن تونس جمهورية أم مملكة أم حديقة حيوانات أم سجن"؟ حسب منظمة "مراسلون بلا حدود" (9).
مما حدا بالمنظمة المذكورة أن تصدر بيانا في منتصف يوليو 2003 ، قال فيه روبرت منارد الامين العام " نحن ندين قسوة القضاء التونسي مع المعارض زهير اليحياوي ، والذي كانت جريمته الوحيدة ، نقد النظام المستبد للرئيس زين العابدين بن علي " (10).
ويبدو أن الإفراج عن يحياوي في نوفمبر 2003 جاء كمحاولة لتحسين صورة تونس قبيل قمة 5+5 التي عقدت في ديسمبر من نفس العام ، إلا أنه جاء إفراج مشروطا بعدم إتيانه لنفس الأفعال التي أدت به للسجن ، وهو النقد السياسي .

تصفح موقعا .. تدخل السجن .
أن تنشئ موقعا لا ترضى عنه السلطات في بلد فتعمل على حجبه أو معاقبتك وحجبه معا فهو أمر أصبح معتادا بالمنطقة العربية وبلدانا أخرى مثل الصين . أما أن يتم اعتقالك بسبب تصفحك لموقع ، فهو أمر قد تكون تونس هي الدولة الوحيدة التي تنفرد به .
ففي 14 مايو 2003 وقعت 200 شخصية تونسية سياسية وحقوقية بارزة عريضة تطالب السلطات التونسية وعلى رأسها الرئيس زين العابدين بن علي "بالكف عن انتهاك الحقوق الفردية والجماعية في التعبير"... كما طالبت العريضة كل مكونات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان بالعمل على جعل العام 2003 عام فرض حرية التعبير في البلاد .... " وقد أشارت العريضة إلى أنه "تم خلال الأشهر الأخيرة اعتقال حوالي 40 شابًا تونسيًا، وتقرر حبسهم لفترات طويلة بعد دخولهم لمواقع إلكترونية" تقول السلطة: "إنها مواقع إرهابية"، كما تعرضوا للتعذيب؛ وهو ما أدى إلى وفاة الشاب ماهر العصماني، 23 سنة، يوم 27-4-2003 بأحد مراكز الشرطة"(11).
تلك الأوضاع التي يعانيها مستخدمي شبكة الإنترنت في تونس دفعت منظمة "مراسلون بلا حدود" لأن تصف قرار الأمم المتحدة عقد القمة العالمية حول مجتمع الإعلام، في تونس 2005 بأنه قرار "يفتقر إلى الجدية، إذ إنه سيثير سخرية كل شخص يعرف ما يشهده مجال الإنترنت وحرية الصحافة بشكل عام في تونس"(12).


هوامش

1- موقع سويس انفو في 24سبتمبر 2003 زيارة 2فبراير 2004
ttp://www.swissinfo.org/sar/swissinfo.html?siteSect=2105&sid=4270955
- موقع "ميدل ايست اونلاين في 5نوفمبر2003 "زيارة 4يناير 2004"
ttp://www.middle-east-online.com/technology/?id=19142
- رأس المال البشري في مجتمع المعلومات في الدول العربية- المجلة العربية للعلوم والمعلومات. ص 24
4- - موقع "ميدل ايست اونلاين في 10 ديسمبر 2003 "زيارة 5فبراير 2004"
ttp://www.middle-east-online.com/technology/?id=20000
- الإنترنت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الرقابة وحرية التعبير ، تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش في يوليو 1999 .
6- بي بي سي في الجمعة 06/09/2002 "زيارة 4يناير 2004".
ttp://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_2240000/2240523.stm
- جريدة الحياة اللندنية العدد 14417 في 9 سبتمبر 2002.
8- موقع سويس انفو في 10ديسمبر 2003
ttp://www.swissinfo.org/sar/swissinfo.html?siteSect=2105&sid=4531154
يارة 12فبراير 204
9- جريدة ايلاف الاليكترونية في 10 يونيو 2003
10- موقع منظمة مراسلون بلا حدود في 16 يوليو 2003 زيارة .. 17 يناير 2004م.
11- موقع إسلام أون لاين.نت في 14-5-2003 زيارة 9أغسطس 2003م.
ttp://www.islam-online.net/Arabic/news/2003-05/14/article10.shtml
2- بي بي سي في الجمعة 06/09/2002 "زيارة 4يناير 2004".
ttp://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_2240000/2240523.stm

السعودية

المنع والحجب .. خطوات سهلة

أن تكرر محاولة طلب موقع معين محجوب السعودية ، فأنت تعرض نفسك للخطر .
ففي وسع الحكومة السعودية أن تتعرف علي من يحاول زيارة مواقع ممنوعة ، أيا كان نوعها ، سياسية ، جنسية أو دينية أو حتى مواقع حقوق إنسان . وأنت تعرف الباقي !!
_ عبدالرحمن .. ، 29 سنة الرياض . السعودية مايو 2002م "رسالة بالايميل للباحث في 20مايو2001".
بدأ العمل بخدمة الإنترنت في المملكة العربية السعودية في يناير عام 1999 ، وعلى الرغم من التكلفة المرتفعة التي تصنف ضمن الأغلى في الاتصال بالإنترنت ، فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في شهر سبتمبر من نفس العام نحو 45 ألف مشترك (1) مما يعني نحو 135 ألف مستخدم ، بحساب استخدام ثلاثة أشخاص لكل اشتراك .
وكانت التسهيلات المتتالية التي تقدمها الحكومة السعودية لتشجيع استخدام الإنترنت مثل التوسع في مشروعات التطوير التي تقوم بتنفيذها في أكثر من مجال ، خاصة في مجال البنية التحتية للاتصالات والتي تسهم برأي الخبراء في زيادة رقعة تغطية خدمات الإنترنت في السعودية ، قد جعلت عدد المستخدمين يقفز في منتصف أبريل 2004 إلى مليوني مستخدم (2) يتوقع ارتفاع عددهم إلى 5،4 مليون مستخدم بحلول عام 2005م(3).
بل أن هناك من يقدر أن نحو 40 في المائة مما تستورده دول المنطقة العربية من معدات تقنيات المعلومات والاتصالات والبرمجيات تتجه إلى السوق السعودي ، وأن نسبة النمو في سوق المعلوماتية ينمو بنحو 15% سنويا ، مما يعني أن السوق السعودي هو السوق الأول في المنطقة من ناحية الطلب.(4)
يأتي هذا رغم أن واقع الحال في المملكة يشير إلى أن الحكومة ترغب في نوع معين من مستخدمي الإنترنت . مستخدمون لا يتصفحون المواقع التي لا يرغبها المسئولين السعوديين ، مثل المواقع السياسية أو الدينية أو الحقوقية أو الجنسية أو التي تنتقد الأوضاع في المملكة أو حتى منتديات الحوار التي تسمح لمشتركيها بمساحة من الحرية في الحوار ، لا تتقبله الحكومة السعودية .
وإعمالا لهذه الرؤية التي تنسحب على كافة وسائل الإعلام ، جعلت الحكومة السعودية "مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية " بالرياض ، هي الجهة المركزية المسئولة عن توفير الاتصال بالإنترنت عبر العديد من شركات مقدمي الخدمة ، حيث تستخدم تلك المدينة أجهزة صممت خصيصا لها عن طريق شركة بريطانية ، تقوم تلك الأجهزة بعمل فلتره وترشيح للمواقع التي ترغب الحكومة السعودية في حجبها عن الجمهور .
حتى أن عدد المواقع التي تم حجبها ، ومنعها في السعودية بلغ في أغسطس 2001 ، أي بعد نحو عام ونصف العام من تشغيل خدمة الإنترنت في المملكة نحو 200 ألف موقع ، بما يعادل 250 موقع يوميا (5) . تضاعف الرقم حتى وصل إلى 400 ألف موقع محجوب ، مما حدا بمنظمة مراسلون بلا حدود أن تمنح المملكة " أول جائزة للرقابة"(6) ، وهي جائزة ساخرة استحقتها المملكة السعودية بسبب هذا النظام الرقابي الصارم الذي حرم المستخدمين وتحت دعاوى حماية "الثقافة والقيم الإسلامية" .

القيم السائدة .. قد تعني المكاسب أحيانا.

لكن المثير للأمر ، أن بعض التدقيق في أسباب حجب ومنع مواقع الإنترنت، سوف يسفر عن أن الأسباب التي تحجب بموجبها الحكومة السعودية آلاف المواقع عن الجمهور السعودي ، لا يستند دائما لأسباب عقائدية أو سياسية أو أخلاقية كما تروج الحكومة السعودية ، بل أن أسبابا تجارية تتعلق بالربح كذلك تدفعها لمنع الوصول إلى مواقع بعينها ، مثل مواقع الخطوط التليفونية ، وذلك للتحكم بالاتصالات التليفونية من أجل قصر الاستخدام على شركة الاتصالات السعودية (7) وقد أشار رئيس شركة" أول نت " عبد الله الدبيخي في حديث مع جريدة الحياة أن شركة الاتصالات ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تستحوذان على أكثر من 75% المبالغ الإجمالية التي تدفع لاستخدام الإنترنت البالغة 4,2 بليون ريال سعودي (8).

كان للفشل النسبي في مجال منع المواقع عن المواطنين السعوديين ، بسبب لجوء بعض المواطنين إلى ما يسمى بالـ "Proxy Servers" الذي يسمح بتخطي الأجهزة الرقابية في المملكة ، فضلا عن لجوء البعض الأخر إلى الاتصال بالشبكة عبر استخدام شركات اتصال بدول أخرى ، رغم التكلفة الأعلى ، أثره في لجوء الأجهزة الحكومية إلى العديد من الوسائل التي لا يمكن لدول تتمتع بقدر ولو يسير من احترام حرية الرأي وحق تداول المعلومات أن تلجأ إليها .

فقد طالبت سلطات الأمن السعودية أصحاب مقاهي الإنترنت في المملكة بضرورة الالتزام باللوائح والنصوص الخاصة بمرتادي المقاهي ومستخدمي الإنترنت ، وتتضمن تلك اللوائح والتوجيهات إلزام مقاهي الإنترنت بتسجيل أسماء المرتادين من بطاقات الهوية وأرقامها وزمن الدخول والخروج ، على أن تبقى تلك المعلومات لدي المقهى لفترة قد تصل إلى ستة اشهر وتسلم للجهات الأمنية عند طلبها (9) ، فضلا عن عدم السماح بدخول المقاهي لمن يقل عمره عن 18سنة ، إلا بمرافقة ولي أمره .

وقد كان لافتئات الأجهزة الرقابية على حقوق المواطنين السعوديين في تصفح آمن وحر للإنترنت ومنع مواقع ذات شهرة عالمية كبيرة مثل موقع ياهو و أميركا أون لاين ومنتدى طوى العربي الشهير ، بل ووصل الأمر لحد منع مواقع طبية أو تعليمية لمجرد ورود كلمات مثل "ثدي أو صدر " حتى لو كانت تلك المواقع تورد تلك الكلمات مرتبطة بكلمة أخرى مثل "سرطان الثدي " !! ، كان لذلك أثره الكبير في ازدياد حدة الهجوم على الحكومة السعودية من قبل الجماعات الحقوقية والسياسية ، وظهور ما يعرف بالمواقع البديلة ، وهي عناوين بديلة يلجأ إليها أصحاب المواقع الممنوعة ويبلغونها لجمهور الإنترنت عبر البريد الإليكتروني لتنتشر بسرعة . خاصة مع توافر خدمات الاستضافة المجانية التي توفرها العديد من الشركات الكبرى مثل فري سيرفس وجيو ستيز أو تريبود " . حتى أن أكثر من موقع من التسعة مواقع السياسية المعارضة للحكومة السعودية والتي تبث من الخارج ، تم حصر خمسة مواقع بديلة فيما يسمى بالمواقع المرآة . (10).


الجهاد بالقرصنة .

ويلاحظ أن تشدق الجهات الرقابية في المملكة بمقولة "حماية القيم الإسلامية" لا يعدو أن يكون حماية ل "رؤى " محددة تتبناها الحكومة السعودية وتتلاءم مع توجهاتها السياسية . فقد حجبت تلك الجهات الرقابية العديد من المواقع ذات التوجه الإسلامي المختلف عن التوجه الوهابي السائد في المملكة ، فضلا عن الكثير من المواقع الشيعية . وفي المقابل غضت الطرف عن الكثير من المواقع المتعصبة دينيا والتي تحض على الكراهية الدينية ولاسيما المنتديات الحوارية مثل " الساحة العربية و شبكة الإسلام ، ومنتديات الهدى وفيصل النور .. وغيرها" فضلا عن مواقع أعلنت عن هويتها كمواقع قراصنة تتلقى شكاوي من المستخدمين عن وجود مواقع تحمل أفكارا" علمانية كافرة" ليقوم هؤلاء القراصنة بمحاولات مستمرة لاختراق تلك المواقع "العلمانية الكافرة" حتى تنجح محاولاتهم لصد هذا الغزو "العلماني الكافر ، او الشيعي الرافض "من وجهة نظرهم ! . (11) .


المنع بالشبهات .

يوجد مقر الدائرة المركزية للرقابة على الإنترنت في مكاتب مؤمنة تقع بالطابق الأرضي بمبنى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وإن كانت تلك الدائرة لا تضم فرق من الخبراء المتخصصين بالرقابة على المصنفات الإعلامية، فإن معظم العاملين بها هم من الفنيين والمتخصصين ببرامج الكمبيوتر، بعضهم من فنلندا، يقومون بتشغيل برامج كمبيوتر تقوم بوظائف المرشحات التي تعمل على احتجاز المواقع الإباحية الفاضحة وعدم السماح بدخولها إلى خطوط شبكة الإنترنت داخل المملكة (12) ،
وقد أوضحت دراسة قام بها كل من الباحثين جوناثان زيتران وبنيامين ادلمان من جامعة هارفارد الأمريكية، حول سياسة السعودية في حجب مواقع الإنترنت، أنها هدفت إلى الوقوف على تحديد مدى شمولية عملية الحجب خصوصا للمواقع غير الإباحية، موضحة على سبيل المثال أنه قد تم حجب على الأقل 246 موقعا مصنفا من قبل ياهو على أنها مواقع دينية (متضمنة 67 عن المسيحية و45 عن الإسلام و22 عن الوثنية و20 عن اليهودية و12 عن الهندوسية) ،
أنه تم أيضا حجب 76 صفحة مصنفة أيضا من قبل ياهو على أنها مواد للدعابة و60 عن الموسيقى، و43 عن الأفلام، و13 عن المثلية الجنسية ،
واللافت للنظر أنه عند اختبار 795 موقعا إباحيا (تم أخذ عناوينها من البحث في أحد محركات البحث الشهيرة)، تبين أن86% منها فقط كان محجوبا. وذكرت الدراسة أن الحجب يغطي كميات كبيرة من المحتوى دون أن يكون هناك سبب وجيه غير السهولة(13) . خاصة وأنه كما أشرنا ، لا يتوفر في الكثير من الرقباء على الإنترنت ، السمات التي قد تجعله أنسب للتعامل مع المادة التي يتضمنها الموقع الذي سوف يتم منعه وحجبه ، ولا أدل من ذلك من حجب الموقع الحقوقي"أمان" الأردني المدافع عن حقوق المرأة ، رغم التميز الذي يسم هذا الموقع العربي الشهير ، دون تقديم تفسير أو إفادة مقنعة تحدد سبب المنع في السعودية حسب مدير الموقع .(14) مما يفتح باب التفسيرات المختلفة مثل إقدام الموقع على نشر موضوعات تتعلق بحقوق المرأة عامة والمرأة السعودية خاصة وهو ما جعل الكاتب سليمان العقيلي يعلن في مقالته بجريدة الوطن في 28فبراير 2003 أن " التوسع في حجب المواقع اصبح وصمة عار على البلاد .. وأن تمطيط إطار الحجب الى درجة التعامل بحساسية مع كل موقع يطرح القضايا السعودية ، هو أمر غير مفيد لسمعة البلاد ولمستقبلها (15)



هوامش

1- جريدة البيان الاماراتية في 5 سبتمبر 1999.

2- قناة الجزيرة .. النشرة الاقتصادية ، السبت 17 ابريل 2004 . الساعة الثانية عشرة وأربعون دقيقة من صباح الاحد

3- جريدة الحياة اللندنية - الخميس 30 أكتوبر 2003م.

4- د/ إحسان على بوحليقة ، جريدة الحياة اللندنية العدد 14947 في 29فبراير 2004م.

5- موقع الحرمين نقلا عن جريدة الشرق الأوسط في 29 مارس 2001 "زيارة 21مارس 2004".

6- بيان صادر عن منظمة مراسلون بلا حدود في نهاية مارس 2004م

7- جريدة القدس العربي في 2مايو 2001م.

8- جريدة الحياة اللندنية العدد 14794 في 25سبتمبر 2003م.

9- جريدة الشرق الاوسط في 5يوليو 2003م.

10- لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية ، وحركة الاصلاح .

11- موقع الامجاد هاكرز الاسلامي "amgad4islam.8m.net " زيارة 12 فبراير 2001م. وكان الموقع قد نشر قائمة من المواقع الثقافية والشيعية التي اخترقها عملا بفتوى لأحد الشيوخ يجيز فيها الاستيلاء على المواقع العلمانية أو التي تدعو لمساواة المرأة بالرجل والمواقع الشيعية .

12- موقع شبكة الاذاعة البريطانية " بي بي سي " في 10 مايو 2000
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_742000/742872.stm

زيارة 22يونيو 2003

13- موقع جود نيوز فور مي http://www.gn4me.com/etesalat/article.jsp?art_id=6524

زيارة 21 مارس 2004

14- رسالة بالايميل من مدير الموقع الى الباحث في 8 مايو 2003

15- موقع ياهوه في 21مارس 2004 .


سوريا

الإنترنت تحت الحصار

" الإنترنت عندنا ماسخ لا طعم له ، يعني مثلا في الدول العربية بيسكرو شوية مواقع ، لكن عنا كل المواقع مسكرة بس فاتحين شوية مواقع....."

- تعليق لـ ماهر.... مواطن سوري ،على سياسة حجب المواقع ، بأحد المنتديات السورية .(1)
كُللت مساعي الحكومة السورية نحو الحد من استخدام الإنترنت ، وحرمان مواطنيها من هذا الحق ، بنجاح كبير استمر حتى أقل من عامين ماضيين.
فمن تكلفة مرتفعة تبلغ نحو دولار في الساعة-حتى العام 2003- في دولة لا يزيد متوسط دخل الموظف العادي فيها عن 110دولار شهريا ، إلى حجب العديد من المواقع ، ومقدمي خدمة البريد الإليكتروني ،ثم الإجهاز على من استطاع تجاوز تلك العقبات ، عبر تقديمه للمحاكمة ، إن هو جرؤ على النقد.
وطبقا لما ورد بجريدة الحياة فقد أشار بعض الخبراء بان المشكلة الرئيسية التي يواجهها مجتمع المعرفة في سوريا تتمحور حول عدم قدرة شرائح واسعة داخل المجتمع السوري على التعامل مع الكمبيوتر ، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 23 % فقط من السوريين لديهم القدرة على التعامل مع الكمبيوتر من اصل عدد السكان الذي يقدر بحوالي 19 مليون نسمة ، ويقدرون عدد أجهزة الكمبيوتر في البلاد بأنه لا يتجاوز 300 ألف جهاز ، معظم هذه الأجهزة تمتلكها المؤسسات الحكومية. (2)
و تتولى جهتين فقط تقديم خدمة الإنترنت في سوريا هما المؤسسة العامة للاتصالات، والجمعية السورية للمعلوماتية، حيث تتولى هاتان المؤسستان تنظيم اشتراك السوريين في شبكة الإنترنت الدولية عبر وسيطين محليين، يتبع أحدهما المؤسسة العامة للاتصالات، بينما يتبع الثاني الجمعية السورية للمعلوماتية.

# القائمة السوداء :

تتوالى الشكاوى باستمرار في أوساط السوريين منذ بدء خدمة الإنترنت، من قيام السلطات السورية بحجب الكثير من المواقع على شبكة الإنترنت ، وهو ما يعد من وجهة نظرهم تناقض واضح مع روح العصر الذي تتمثل أهم ملامحه في إقامة الاتصال وتبادل المعلومات بين الناس رغم تباعدهم ،
وتشير الأنباء إلى تزايد القائمة السوداء" التي أعدتها الحكومة السورية" التي تتضمن العديد من المواقع المحجوبة وخاصة المواقع الإخبارية التي تنشر أخبارا تتناول الشئون السورية ، وقالت مصادر بالمؤسسة العامة للاتصالات السورية لشبكة "إسلام اون لاين" انه منذ بدء استثمار الإنترنت في سوريا تمت صياغة القواعد الأساسية للتعامل مع شبكة الإنترنت في حجب نوعية من المواقع ،
تتمثل الأولى في المواقع الإباحية أما النوع الآخر من المواقع المحجوبة تصنف وفقا للمؤسسة على أنها مواقع معادية ، دون أن يكون هناك تفسير واضح لماهية المواقع المعادية ، بحيث تشمل المواقع "الإسرائيلية" إضافة إلى المواقع الإسلامية ومواقع إخبارية تتناول موضوعات وأخبار سورية (3) ، ثم ما لبث أن تم حجب موقع إسلام اون لاين نفسه !


*الحجب .. قائمة طويلة

كانت أخر المواقع التي حجبتها الحكومة السورية قد تم في منتصف مارس 2004 حيث حجبت الموقعان الكرديان اللذان يبثان من ألمانيا وهما www.amude.com و www.qamislo.com واللذان ينشران أخبار و مقتطفات فيديو للمظاهرات التي تقوم بها الأقلية الكردية بسوريا.
وهما موقعان يعرف عنهما تقديمهما للأخبار التي تخص الأقلية الكردية في سوريا (4).

ليلحقا بقائمة المواقع المحجوبة قبل ذلك مثل ، موقع صحيفة "إيلاف" الإلكترونية اليومية وموقع حزب "يكيتى" الكردي " www.yekiti.de"، و موقع أخبار الشرق ، وموقع اللجنة العربية لحقوق الإنسان. والمئات غيرها ، حيث أحصينا نحو 137 موقع تم حجبه ، فضلا عن المواقع الإباحية .

*كلنا شركاء في سوريا

يرفض أيمن عبد النور وصف نفسه بأنّه من المعارضة، أو من السلطة، بل هو محسوب على الوطن المشترك بين الجميع، ولا يريد إيجاد حركة معارضة، بل ما وصفه بالحراك الاجتماعي، بهدف أن يطوّر النظام أدواته في ظلّ الثورة المعلوماتية والإعلامية عالميا .

أنشأ ايمن عبد النور موقع "كلنا شركاء في سورية قبل عام واحد "2003" وكانت البداية متواضعة إذا صحّ التعبير، اقتصرت على متابعة ما يُنشر من مواضيع تتناول الشأن السوري عموما، واستكتاب من يرغب في الكتابة مباشرة، وجمعه وتصفيته للتركيز على المواضيع الأكثر فائدة، مع شيء من الجدّة فيما تطرحه، ومع الالتزام بأسلوب ناضج في التعبير، ثم تحويل ذلك إلى نشرة بدأ توزيعها على الإعلاميين والمثقفين والمفكّرين داخل سورية وخارجها، حتى بلغ عدد النسخ الموزّعة عبر البريد الإلكتروني أكثر من اثني عشر ألف نسخة . وقد فوجئ متابعوه بالإعلان عن حجبه داخل الحدود السورية، عبر الإيعاز بذلك إلى الجمعية المعلوماتية السورية ، ليثور الجدل مرة أخرى ، وإن كانت أكثر حدة وحيرة حول المنطق الذي يتبعه أصحاب قرار الحجب ،
خاصة وأن أيمن وكما تصفه بعض الجهات الإعلامية يتبع حزب البعث الحاكم ، أو على الأقل قريب منه.

وما يزال الجدال دائرا حول أسباب المنع، وإمكانية تجاوزه، أو دفع السلطات المعنية إلى الرجوع عنه.(5)
ووفقا للإحصائيات الرسمية فان هناك 155 ألف مشترك في خدمة الإنترنت و775 ألف مستفيد على أساس أن كل حساب يستفيد منه خمسة أفراد على الأقل سواء في المنازل أو في اكثر من 500 مقهى إنترنت. (6) وهو رقم كبير نسبيا في دولة لم تسمح لمواطنيها باستخدام الإنترنت رسميا سوى في عام 2002 ، رغم اتصال العديد من الدوائر الحكومية بالشبكة منذ عام 1997 .

ومنذ بدأ تعميم استخدام الإنترنت في سوريا ، الذي تم فيما يبدو رغم رفض بعض المسئولين الحكوميين ، الذين رفضوا وحتى وقت قريب استخدام جهاز الفاكس ، وحذروا من مغبة استخدامه دون موافقة مسبقة أو الوقوع تحت طائلة الملاحقة القانونية والجزائية وتحت طائلة إلغاء الاشتراك الهاتفي ، ثم أعقبوا رفضهم برفض دخول خدمة الهاتف الخلوي "الموبايل" ، إلا أن البعض الأخر في الجانب الآخر قد ساهم في العمل على ألا يستمر حرمان المواطن السوري من خدمة الدخول على شبكة الإنترنت ، وعلى راس هذه المجموعة الأخيرة الرئيس السوري بشار الأسد ، لكن يبدو أن الإجماع بين كافة المسئولين الحكوميين كان على التوسع في حجب المواقع ، دون تحديد جهة محددة أو إجراءات قانونية واضحة يحجب الموقع بناء عليها .


* الحجب ، لا منطق ولا قواعد

ويتضح اللامنطق في حجب المواقع ، عندما يفاجأ مستخدمي الإنترنت في سوريا بحجب مواقع لا علاقة لها بالسياسة أو الجنس أو الدين ، بل بعض المواقع التجارية أو التدريبية مثل موقعي إيلاف سوفت www.illafsoft.com أو موقع إيلاف ترين " www.illaftrain.com " حيث يثير حجبهما العديد من التساؤلات ، لدي المستخدم السوري ، بل ولدي إدارة الموقعين أنفسهما وهو ما عبرا عنه بنشر أسفهما على الحجب الذي جاء به :
"نأسف لكل الزوار من الجمهورية العربية السورية لعدم تمكنهم من الدخول إلى الموقع من خلال اتصالهم بالإنترنت عن طريق مزود الإنترنت الخاص بالجمعية المعلوماتية السورية, حيث أنه تم حجب موقعينا الموقع التجاري للشركة www.illafsoft.comإضافة إلى موقع قسم التدريب التابع لنا أيضا www.illaftrain.com وقد تم هذا الحجب يوم الاثنين 10/5/2004 ولأسباب تجهلها إيلاف.

تعبر إيلاف عن أسفها واستنكارها لحجب موقعين من مجموعة المواقع التابعة لها ...

وبانتظار فك الحجب ندعو الأخوة في سوريا لا ستخدام الوسائل المساعدة لزيارة موقعينا المحجوبين"(7)

وبدولار واحد يستطيع المستخدم السوري شراء برامج ، تتعامل مع عمليات الحجب ويعمد الى استخدامها أصحاب
البريد الإلكتروني المجاني الذين يتعاملون مع مواقع عالمية ( محجوبة ) مثل " الهوت ميل " ( Hot Mail ) او " ياهو " ( Yahoo ) او " عجيب " أو عبر وسائل أبسط يتميز بها أي مستخدم للإنترنت يتمتع ببعض الخبرة ، مثل لجوئه لمواقع مثل موقع التافيستا .


" اعتقال تعسفي ومحاكمات عسكرية:


يتم اعتقال عشرات المواطنين شهريا بسبب ما يسمى "الشتم والسب" رغم عدم انتماء عدد كبير منهم إلى أي تيارات سياسية ، فاعتقالهم يأتي وفقا لتقارير أمنية تكتب ضدهم لتناولهم بعض الأوضاع او الأشخاص في سوريا بالنقد ،
ويتم إحالة المعتقلين إلى المحكمة العسكرية في الأغلب أو يبقون بدون محاكمة ، وتتراوح فترة الاعتقال من ثلاثة اشهر إلى ثلاث سنوات وغالبا ما يتم توقيفهم لمدد طويلة في مراكز التوقيف المختلفة وهو ما يجعلهم عرضة إلى التعذيب وإساءة المعاملة. حيث يعد دخول شبكة الإنترنت في سوريا غير مضمون العواقب ، ذلك بسبب الرقابة الفولاذية عليها من قبل أجهزة الأمن.


فقد بدأت حملات الاعتقالات المختلفة على خلفية مراقبة الرسائل المتبادلة بين مستخدمي الشبكة - الذين يتبادلون فيما بينهم مقالات أو تقارير صحفية عن الأوضاع الداخلية في سوريا وهو ما يعد من الخطوط الحمراء بالنسبة الى أجهزة الأمن والسلطة السياسية هناك فعلى سبيل المثال تم اعتقال الشاب عبد الرحمن الشاغورى بتهمة ثرثرة إنترنت في 23 فبراير 2003 ! وكان سبب الاعتقال مقال عن "منتدى جمال الاتاسى" أرسله الى بعض أصدقائه عبر البريد الإلكتروني ، وقد تعرض الشاب عبد الرحمن الشاغورى إلى التعذيب وإساءة المعاملة في فرع الأمن المسمى " فلسطين" قبل أن ينقل إلى معتقل صيدنايا.(8) بالإضافة للمواطن الكردي مسعود حميد 29 عاما الذي اتهم بنفس الاتهامات وهي نشر أخبار على الإنترنت .


وأجلت المحكمة في سورية محاكمة الأخوين مهند وهيثم قطيش والصحفي يحيى الأوس المحتجزين منذ نهاية العام 2002 ، للمرة الثالثة على التوالي للدفاع ، حتى تاريخ 6-6-2004 .ووفقا لقرار الاتهام يحاكم كل من مهند قطيش ويحيى الأوس بجناية "الحصول على معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصا على سلامة الدولة لمنفعة دولة أجنبية" ، واتهام هيثم قطيش بجناية "القيام بكتابات لم تجزها الحكومة تعرض سورية والسوريين لخطر أعمال عدائية تعكر صلاتها بدولة أجنبية" بالإضافة إلى اتهام مهند قطيش و يحيى الاوس بجنحة "إذاعة أخبار كاذبة في الخارج" .
إلا أن منظمة العفو الدولية تورد في بيان لها أن مهند وهيثم قطيش والصحفي يحيى الأوس قد أرسلوا مقالات الى صحيفة إليكترونية تصدر بالإمارات . (9)

وفي النهاية نؤكد أن سياسة حجب المواقع أو الاعتقال الذي يتم لأسباب سياسية بسبب ممارسة البعض لحقهم في إبداء الرأي على شبكة الإنترنت في سوريا ، ليس سوى حل مؤقت تلجأ إليه أغلب الحكومات المعادية للديمقراطية ، لكنه لن يفيد طويلا ، حيث لن تجني من وراءه الحكومة السورية سوى المزيد من الرفض ، حيث يضيف سببا مبررا إضافيا لتنامي حركات الاحتجاج ضد حكومة تسيطر بالطوارئ منذ ما يزيد عن أربعون عاما.

هوامش

1- اسم مستعار لمواطن سوري ، يبدي تعليقه على سؤال حول "ما هو رأيك بالإنترنت في سوريا" واحتفظنا باسم
الموقع حتى لا يتم حجبه من قبل الحكومة السورية. في 16 فبراير 2003.

2- جريدة الحياة العدد 14990 الصادرة بتاريخ 12 أبريل 2004.

3- موقع إسلام اون لاين في 17يونيو 2003 زيارة 21مارس 2004

http://www.islam-online.net/arabic/news/2003-06/17/article10.shtml

4- موقع اندكس اون لاين في 26 ابريل 2004 زيارة 3مايو 2004.

http://www.indexonline.org/indexindex/20040406_syria.shtml

5- موقع التليفزيون الألماني في 20ابريل 2004 ، زيارة 26ابريل 2004

http://www.dwelle.de/arabic/politik/1.71435.1.html

6- جريدة الحياة العدد 14750 الصادرة بتاريخ 12 أغسطس 2003

7- موقع إيلاف سوفت في 11مايو 2004 . http://www.illafsoft.com/arabic/index.thtml

8- معتقلو الرأي والضمير في سوريا - تقرير عن سجن "صيدنايا" صادر عن جمعية حقوق الإنسان في سوريا.

9- منظمة العفو الدولية في 12مارس 2004 ، زيارة 21مارس 2004.

http://www.amnesty-arabic.org/text/news-services/ns-mde/2004/syria_mde_24_017_2004.htm
العراق

نظرة لما خلف الأسوار


أن تكون مستخدما للإنترنت في العراق ، وحتى نهاية عام 2002 ، فأنت من النخبة الخاصة والغنية جدا هناك .
فضمن شعب يبلغ تعداده نحو 24 مليون نسمة ، لم يكن عدد مستخدمي الإنترنت يزيد عن 45ألف مستخدم بنهاية 2002 ، كان الكثير منهم من كبار موظفي الدولة ، والباقين هم أغنياء يستطيعون دفع ألفي دينار عراقي عن كل ساعة "ما يعادل دولار أمريكي" وهي تكلفة تعادل عشرون بالمائة من متوسط الأجور بالعراق في هذا الوقت .

أن يأتي الإنترنت متأخرا .. خير من ألا يأتي .

ظهرت خدمة الإنترنت في العراق بدءا من عام 1998 . بعد تأسيس أول شركة حكومية أطلق عليها اسم "الشركة العامة لخدمات الشبكة الدولية للمعلومات" لتقوم بتقديم هذه الخدمة للعراقيين الذين كانوا شبه معزولين عن العالم بسبب عدم توفر وسائل الإعلام والاتصال المختلفة، إلا أنها لم تتاح فعليا للمواطنين العراقيين سوى في عام 2000 ، ولعدد محدود جدا .

وحتى نهاية عام 1999 كانت الحكومة العراقية تحظر استخدام "المودم" بدون ترخيص - وهو جهاز لا يمكن للكمبيوتر الاتصال بالإنترنت بدونه- فضلا عن ندرة أجهزة الكمبيوتر بشكل عام وارتفاع سعرها جدا بهذا التوقيت "نحو 450دولار" ، نتيجة للحصار الذي كان مفروضا على العراق ، وضعف شبكة الاتصالات وترديها.

وقد ابتكرت السلطات العراقية نظاما فريدا لاستخدام الإنترنت في العراق ، فعبر نحو 65 مركز للإنترنت " التسمية العراقية لمقاهي الإنترنت " كان يمكنك أن تتصفح بعض المواقع المحدودة ، نظرا للمنع الغير محدود لكم كبير من المواقع ، دون أن تتمكن من استخدام خدمة البريد الإليكتروني ، حيث تم منع كافة المواقع التي تقدم خدمة الاتصال بالإنترنت واقتصرت تقديم الخدمة على شركة حكومية وحيدة ، ويقول سعد هادي " كان الاشتراك في خدمة البريد الإلكتروني يتم بمعزل عن الاشتراك في شبكة الانترنيت. وكان استلام البريد من خارج العراق وإرساله يتم عبر قناتين محليتين فقط هما أوروك والوركاء تشرف عليهما دائرة الرقابة ذاتها. ولم يكن من المستغرب أن يستلم أحد رسالة أرسلت له قبل ثلاثة أيام تم تمحيص ما فيها والتعرف على ما تخفيه وتظهره كلماتها" (1) .
ويمكن للشخص إذا كان قادرا ويمتلك جهاز كمبيوتر أن يحصل على خدمة البريد الإليكتروني الحكومي نظير اشتراك سنوي يبلغ مائة ألف دينار عراقي سنويا "نحو 50دولار" بدلا من دفع نحو 200 دينار عراقي على كل رسالة إليكترونية يدفعها بمراكز الإنترنت نظير تمكينه من إرسال تلك الرسالة ، بعد الاطلاع عليها بالطبع من قبل أحد مسئولي دائرة الرقابة على الإنترنت .
أو أن يسدد ما يعادل 750 دولار سنويا عن الاتصال المباشر "بالطبع عبر الشركة الوحيدة" لكل مجالات الخدمة.


مقومات مستخدم الإنترنت : المال والواسطة ، والمظهر الحسن :

حتى قبيل احتلال العراق ، كان المواطن العراقي يمر بالعديد من الإجراءات الصارمة حتى يتمكن من استخدام الإنترنت ، فكما ذكرنا ، كان بحاجة لأن يكون مقتدرا ماليا على التكلفة ، فضلا عن ملئ قسيمة الاشتراك في شبكة الإنترنت، المدون بها "يتعهد طالب الاشتراك بالإخبار عن أي موقع معاد على الشبكة حتى في حال دخوله خطأً إليه(وما أكثر تلك المواقع)، وان يتعهد أيضاً أن لا يستنسخ أي مقالات أو صوراً تتعارض مع سياسة الدولة أو تمس رأس النظام بل و أن يسمح لفرق تفتيش خاصة بالدخول إلى بيته للتعرف على ما يختزنه من ملفات في حاسبته الشخصية"(2).
أما إذا كنت أحد مرتادي مراكز الإنترنت فلابد أن تقبل الشروط المجحفة للاستخدام ، وان تمتلك فضلا عن ذلك بعض الحظ ، فبدءا من التحقيق الأولي الذي يجريه مسئولي تلك المراكز ، حول المواقع التي ستدخلها ، وقبولك لأن تكون شاشة الكمبيوتر مواجهة لباب المركز "المقهى" وألا تمسح التاريخ من المتصفح بعد الانتهاء من استخدام جهاز الكمبيوتر" " وألا تستخدم أقراص مرنة لتحملها بما تريد "سوى ما يبيعونه لك" ، فإن سمح لك بعد ذلك بالدخول على الإنترنت ، فسوف تفاجأ إما بصورة صدام حسين على أغلب المواقع العراقية التي تتصفحها ، أو بعلامة "X" على الشاشة كإشارة لأنك دخل موقع ممنوع بالعراق .

أو قد يقرر مسئولي تلك المراكز منعك من الاستخدام إن لم يكن يعرفك وراضيا عنك ، مقررا عدم أهمية ماتنتويه من اتصال بالإنترنت أو بأنك غير قادر على الاستخدام أصلا ، وبالتالي فعد الى منزلك.
كذلك كان من المثير للسخرية ، " تعمد بعض الكليات أو الأقسام التي يوجد فيها مركز خدمة إنترنت إلى استلام بريد الطلبة الإليكتروني (الايميل) وتتفحصه ثم توزعه عليهم ! وكذا حينما يودون إرسال بريدهم. كما وان إرسال أيميل لا يصل في الوقت المعتاد كما بالنسبة للشبكة الدولية فهو يمر بدائرة مركزية تتفحص الرسالة القادمة أو الواردة لكل مواطن ثم يتم توصيلها له" ؟(3)

وكان لتلك الأسباب التي يعود أغلبها للنظام العراقي السابق ، أن تم تصنيف العراق في المرتبة 17 بين 18 دولة عربية وفق مؤشر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي يفيد كأداة للمقارنة النسبية بين الدول العربية لمعدل تبنيها لمؤشرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأساسية. ويستخدم هذا المؤشر عدد الحواسيب الشخصية، وعدد مستخدمي الإنترنت، وأعداد خطوط الهاتف الثابت والخلوي لتحديد النتائج. وذلك حسب دراسات منظمة "اسكوا"(4).


الحل في الشمال

لذلك ، و لأنه بات من الصعب أن يعدم ذوي الحاجة وسيلة لإختراق هذا الستار الحديدي الذي فرضه النظام العراقي السابق ، حول حرية الاتصال وتداول المعلومات ، فقد لجأ العديد من الشباب بالتوجه الى مدن اقليم كردستان في الشمال ،حيث يملكون حرية الدخول الى المواقع التي يريدونها وباسعار مقاربة للاسعار في العراق ، وتصل نسبة القادمين من المناطق الخاضعة للسلطة المركزية الى مراكز الإنترنت في اقليم كردستان الى قرابة 10% حيث يقوم الشبان بصفة خاصة بزيارة الاقليم في شكل مجموعات والدخول الى المواقع التي يريدونها ومخاطبة الجهات التي يرغبون بالاتصال معها.(5)
و قد يكون سابقا لأوانه أن نقرر أن التحسن الوحيد الذي طرأ بعد إحتلال العراق ، هو حرية استخدام الإنترنت وغياب الرقابة بسبب تلك الفوضى التي يعيشها المواطن العراقي ، حيث وجدها العديد من العراقيين فرصة وفي ظل هذا الصراع الدامي والانشغال بإعادة ترتيب الاوضاع ، لتبدأ حركة واسعة من إنتشار مقاهي الإنترنت و ازدياد عدد المستخدمين بشكل مطرد ، ساعد في ذلك بقاء تكلفة استخدام الإنترنت قريبة من الحدود السابقة رغم بدء ظهور تحسن في الاجور .
إلا أن تلك الفوضى الأمنية نفسها ، والتي أتاحت بعض الحرية ، تخلق من جانب أخر مخاوف جدية لدي اصحاب مقاهي الإنترنت من العمل ليلا تجنبا للمشاكل التي قد يواجهونها من صرامة جنود الاحتلال أو قوى المقاومة على حد سواء ،فضلا عن إستمرار تدني مستوى المعيشة بشكل عام في العراق .


الهوامش:

1- موقع القنطرة في 14فبراير 2004، زيارة 28 ابريل 2004.

http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-499/_nr-10/_p-1/i.html

2- المرجع السابق .

3- الإنترنت في العراق دراسة لـ حميد الهاشمي بموقع العراق برس بتاريخ 13فبراير 2002 ، زيارة 1ابريل 2004.

http://www.iraqpress.org/arabic.asp?fname=iparabic%5C109r.htm

4- بيانات "اسكوا" القمة العالمية لمجتمع المعلومات<2> في 11ديسمبر 2003 زيارة 16مارس 2004.

http://www.escwa.org.lb/arabic/information/press/html

5- مركز الابحاث العراقية ، في 29ابريل ،زيارة 1مايو 2004.

http://www.al-montada.com/irc/m2/2002-04-29/9.htm



قطر

خطوة للأمام


بدأت خدمة الإنترنت في قطر في نهاية عام 1996 ، وكان المشتركين في الخدمة في ذلك الوقت لا يتعدى ألفي مشترك ، ثم تصاعد هذا الرقم إلى تسعة ألاف في عام 1999 ، ووصل عدد المشتركين في خدمة الشبكة إلى 11 ألف مشترك عام 2001 . ( 1 )
وفي مايو 2003 بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في قطر وحسبما أشار الرئيس التنفيذي لشركة اتصالات قطر كيوتل ، " ناصر معرفية " إلى ما يقارب 100 ألف مشترك من بينهم 20 ألف مشترك في الخدمة العادية للإنترنت و 500 مشترك في خدمة " برق " الأولى السريعة وعدد محدود في خدمة " إبحار" التي تتم عن طريق البطاقات مقدمة الدفع . ( 2 ) ثم ازداد عدد مستخدمي الإنترنت حتى بلغوا في بداية إبريل 2004 نحو 115 ألف مستخدم وهي نسبة مرتفعة لدولة يبلغ عدد سكانها نحو 600ألف نسمة، مما يضع قطر في مرتبة متقدمة بين الدول العربية .


و تحتكر شركة الاتصالات القطرية تقديم خدمة الإنترنت وفقا للامتياز الذي تمتلكه الشركة لمدة 15 عام ، الأمر الذي يثير استياء الكثير من مواطني قطر ، حيث تتحكم بتحديد أسعار الاتصال ، مما دعى بعض رجال الأعمال القطريون للإعلان عن أنهم على استعداد لتقديم خدمة الإنترنت في سوق قطر بشكل منافس لشركة الاتصالات الحكومية ، الأمر الذي سينعكس بالضرورة لمصلحة مستخدمي الإنترنت في قطر .


وجاء تبرير شركة الاتصالات القطرية على ارتفاع أسعار خدمة الإنترنت في الدولة نتيجة لصغر السوق القطري وقلة عدد المشتركين ، هذا وقد صرح المدير العام لشركة الاتصالات " حمد العطية " انه عندما نقارن بين قطر ودول الخليج لابد أن نضع في الاعتبار عدد المشتركين ، حيث يصل عدد المشتركين إلى 200 ألف مشترك أو أكثر فعندما يزيد عدد المشتركين تقل تكلفة تقديم الخدمة ، وهو الأمر الذي يعتمد على الجدوى الاقتصادية (3)
وبعكس الكثير من الدول العربية ، نزداد مساحة الحرية على الإنترنت ، وتضيق مساحة الرقابة ، حيث لم ترد أخبار عن حجب أي مواقع من قطر ، باستثناء بعض المواقع الإباحية .


هوامش

1- موقع جريدة البيان في 5يونيو 2001 ،زيارة 22فبراير 2004

http://www.albayan.co.ae/albayan/2001/06/05/eqt/12.htm

2- جريدة الوطن في 18مايو 2003، زيارة 22ابريل 2004.

http://www.alwatan-news.com/data/20030518/index.asp?content=local3

3- موقع جريدة البيان ، سبق الإشارة إليه.

ليبيا

الإنترنت مجال للصراع

يكاد الإنترنت أن يكون المتنفس الوحيد للمواطن الليبي في ظل أوضاع تتسم بالقمع الشديد وغياب لأي حريات عامة وفي القلب منها حرية الرأي والتعبير .

وعلى الرغم من أن خدمة الإنترنت بدأت في ليبيا منذ نهاية عام 1998 ، إلا أنها كانت قاصرة على دوائر مقربة جدا من قمة السلطة ، ولم تتاح الفرصة للمواطن الليبي في التعرف على تلك الخدمة فعليا سوى في بداية عام 2000 .

وكانت الأرقام المتسارعة لعدد مستخدمي الإنترنت في ليبيا كافية للتدليل على مدى لهفة المواطن الليبي في التعبير عن نفسه والإطلالة على العالم ، بعيدا عن أجهزة الإعلام التقليدية التي تحكم السلطات الليبية السيطرة عليها .

فبعد أن كان عدد مستخدمي الإنترنت في عام 1998 لا يتجاوز مائة مستخدم ، قفز الرقم بعد أن أتيحت الخدمة للمواطنين إلى 300الف مستخدم في بداية عام 2001 ، ثم إلى نحو 850 ألف مستخدم في منتصف عام 2003 ، ويكاد الرقم يصل إلى المليون ، وهي نسبة مرتفعة بكل المقاييس ، في دولة لا يزيد عدد سكانها عن ستة ملايين نسمة.


بين الحكومة الليبية والمعارضة : شد وجذب

ويعود هذا الارتفاع المطرد في أعداد مستخدمي الإنترنت في ليبيا ، إلى وعي كل من السلطات الليبية ومجموعات المعارضة الكثيرة والمنتشرة بالخارج ، بدور الشبكة في نقل المعلومة والاتصال والتأثير الفعال في أفكار مستخدميه ، ودور قطاع تكنولوجيا الاتصالات ودورها في التنمية الاقتصادية .


الحكومة الليبية :

فمن جانب ، سعت الحكومة الليبية إلى صقل الخبرات والكفاءات في مجال الاتصالات التكنولوجية ولذا فتحت منذ عام 1996- أي استعدادا لوصول تلك الخدمة - العديد من المعاهد العليا وتدريب الفنيين والمهندسين في مجال الاتصالات وإرسال بعثات إلى الخارج إلى مثل إيطاليا, اليابان, وبريطانيا, واستقدام خبراء من بعض الدول المتقدمة في مجال التقنية الإلكترونية والمعلوماتية وحسب ما تشير إليه الإحصاءات انه تم استقدام اكثر من 230 خبيراً وإرسال بعثات طلابية متخصصة لاكثر من 5 آلاف متدرب ، إلى الدول المتقدمة لدراسة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ومنهم من أنهى دراسته ورجع إلى ليبيا للمشاركة في تحديث كافة المؤسسات والقطاعات الحكومية (1).
فضلا عن ذلك فقد انتشرت أ عداد المراكز العمومية والمقاهي الخاصة بالإنترنت ووصل عددها إلى حوالي 3000 مركز في كافة المدن الليبية بالإضافة إلى ارتفاع مزودي خدمات الإنترنت.

وبعد أن تولى محمد معمر القذافي رئاسة الشركة العامة للبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية تم تخفيض رسوم الاتصال بشبكة الإنترنت وخدمة الاتصالات بواقع 50% ، و بعد أن تم السماح للقطاع الخاص الاستثمار في هذا القطاع ليصل عددهم إلى 7 شركات إنترنت بدلا من 2 في العام الماضي هما "ليبيا للاتصالات"، و"عالم الاتصالات الحديثة" وأنشأ المئات من ورش العمل والتدريب في المدارس والمعاهد والجامعات الليبية ، وهو ما جعل الاستثمار في هذا المجال يتضاعف عدة مرات ليصل معدل النمو به أربعة أضعاف نسق نمو الاقتصاد الليبي.(2)


المعارضة

وعلى الجانب الآخر ، جاءت خدمة الإنترنت لتتيح فرصا هائلة لمجموعات المعارضة الليبية المنتشرة بالخارج ، لتفتح لها أفقا أوسع وأرحب للاتصال بالمواطنين الليبيين في الداخل وتزيد الترابط بينهم بالخارج ، حتى باتت مواقع المعارضة الليبية على الإنترنت هي الأكثر عددا -حتى عن مواقع المعارضة السعودية بالخارج- ، وتكاد تكون المواقع الأكثر انتشارا بين المواطنين الليبيين ، وكان وجود تلك المجموعات المعارضة بالخارج ، وأغلبها في أوروبا ، قد خلق لها ميزة نسبية ، حيث التقدم التكنولوجي والتقدم التقني الذي يشهده عالم الإنترنت وأسبقية استخدام تلك الشبكة ، مما جعل بعض الليبيين يطلقون على أحد المعارضين للحكومة الليبية لقب "رائد الإنترنت " وهو الدكتور" إبراهيم إغنيوة" ، وحسب ما يرددونه فقد أنشأ أول موقع ليبي على شبكة الإنترنت تحت اسم " ليبيا وطننا" (3).

ثم توالت مواقع جماعات المعارضة ، ومجموعات حقوق الإنسان ومنتديات النقاش والمواقع الإخبارية بل والأدبية للمعارضين بالخارج ، مما جعل الحكومة الليبية تكلف- وعلى حد ما تزعمه بعض هذه المجموعات - أحد المقربين من الرئيس الليبي نفسه "موسى كوسا" بمهمة مراقبة مواقع المعارضة الليبية ومحاولة الحد من انتشارها .
الأمر الذي حدا به لاستقدام خبراء من بعض البلدان مثل روسيا وبولندا وباكستان ، ليقوموا بتعطيل تلك المواقع وتخريبها ،(4). ثم إلزام أصحاب مقاهي الإنترنت بوضع ملصقات بجانب أجهزة الكمبيوتر تحذر روادها من الدخول على المواقع المحسوبة على المعارضة الليبية (5).

وفي النهاية ، يبدو لنا أن للإنترنت في ليبيا دورا يتجاوز دوره التقليدي في بلدان عربية أخرى ،
نظرا للنشاط البارز على مستوى الحكومة الليبية وعلى مستوى المعارض أيضا ،بحيث يبدو من الصعب تحديد أن تعود الحكومة الليبية أدراجها وتفعل ما تفعله حكومات عربية أخرى من قصر تقديم الخدمة على شركة أو جهة واحدة ،
نستطيع من خلالها إيقاف هذا السيل العارم من مواقع المعارضة الليبية والحد من تأثيرها على المواطن الليبي.
وأيضا مدى إمكانية أن تحرز المعارضة الليبية وجماعات حقوق الإنسان نجاحات ملموسة نتيجة مهارتها البارزة في استخدام تلك الوسيلة هائلة القدرة وهي الإنترنت ، عبر تحويل هذا الإقبال الهائل على مواقعها إلى أفعال ملموسة تؤدي بها لخطوات حقيقية تسهم في تحسين حالة حقوق الإنسان وتوسيع مجال الحريات المدنية في ليبيا . هذا ما سيسفر عنه المستقبل.



هوامش

1- جريدة البيان في 22فبراير 2001، زيارة 30 مارس 2004.

http://www.albayan.co.ae/albayan/2001/02/22/eqt/19.htm

2- موقع أخبار ليبيا في 28نوفمبر 2003 ، زيارة 22ابريل 2004.

http://www.akhbar-libya.com/modules.php?name=News&file=article&sid=8818

3- مجلة الحقيقة منشورة على الإنترنت .. احتفظنا باسمها حرصا على الا تتعرض لمحاولات تخريبية.

4- موقع الجبهة الوطنية للانقاذ زيارة 3ابريل 2004.

http://www.nfsl-libya.com/NewsComments/2080.htm

5-موقع أخبار ليبيا في 17مايو2004.

http://akhbarlibya.com/modules.php?name=News&file=article&sid=11977


مصر
حرية زائفة


"أن الرقابة على مقاهي الإنترنت لا بد أن تكون موجودة شأنها شأن أي نشاط آخر يحمل في طياته عناصر طيبة وعناصر خبيثة، ولذلك فلا بد أن تخضع لعدة قيود أولها: نوع من أنواع التحكم المركزي فيما يتم استقباله من محطة الإنترنت العالمية بالنسبة لما يتعارض مع المبادئ المصرية، كذلك فإن شرطة حماية الآداب التابعة لوزارة الداخلية يجب أن تقوم بدورها في الرقابة على هذه المقاهي.. "- المهندس رأفت رضوان ، رئيس مركز المعلومات بمجلس الوزراء المصري .(1)

وقد كان :

"جاني واحد من القسم وقاللي المعاون عايزك تروح له بالليل الساعة 10 ، رحت ولقيت كذا واحد من اللي أعرفهم فاتحين كافيه نت ، المعاون قال لنا : إنتوا فاتحين قهاوي إنترنت . عندكوا رخص ؟ قلنا له لأ بس ممكن نطلع يا باشا . فقال لنا .. مفيش مشكلة ، بس عايزكوا تاخدوا صور البطايق من الناس اللي بيجوا يستخدموا الإنترنت عندكم وتشوفوا لنا بيشوفوا ايه على الإنترنت. قلنا له ماشي .

بدأت أطلب صور البطايق من الشباب ، لكن كلهم كانوا بيستغربوا ويرفضوا ويمشوا ، فقررت أنا كمان مسألتش عشان الزباين متمشيش "- محمد .. مدير انترنت كافيه في أحد أحياء القاهرة صيف 2003.[2]


عرفت مصر الإنترنت مع نهايات عام 1993 وهي تعد بذلك من أوائل الدول العربية التي وثقت علاقتها بعصر المعلومات . إلا أن عدد المستخدمين كان محدودا بشدة وحتى نهاية التسعينيات من القرن الماضي لم يكن عدد مستخدمي الإنترنت في مصر يتجاوز 400 ألف مستخدم .[3]
وفي عام 2001 كانت مصرتحتل المركز السادس بين الدول العربية في عدد الحواسيب الشخصية لكل 100 نسمة حيث تصل النسبة إلي 1,55 لكل مائة نسمة، وهو أدني من المتوسط العالمي الذي يصل إلي 8,42 حاسب لكل مائة نسمة. أما فيما يخص عدد الحواسيب الشخصية المتصلة بالإنترنت في بعض الدول العربية فتحتل مصر موقع متأخر بالنسبة للدول العربية حيث يسبقها كلا من: [ الإمارات، الكويت، عمان، والسعودية]، حيث تصل النسبة الخاصة بالحواسيب الشخصية المتصلة بالإنترنت لكل ألف نسمة إلي 0,028 وهي نتيجة أدني من المتوسط العالمي الذي يصل إلي 23,27 حاسبا متصلاً بالإنترنت لكل ألف نسمة. [4].

ويظهر التطور السريع لعدد مستخدمي الإنترنت في مصر والذين تشير التقديرات أنهم يقتربون كثيرا من ثلاثة ملايين مستخدم ، مدى الاستفادة التي عادت على المواطنين المصريين من مبادرة الإنترنت المجاني التي أطلقتها الحكومة المصرية في منتصف يناير 2002 ، خاصة مع الفرصة التي اتاحتها الحكومة المصرية أيضا للعديد من الأسر للحصول على جهاز كمبيوتر يسدد ثمنه على أقساط بسيطة . وذلك على الرغم من أن الأمية تصل بها إلى نحو 50% من السكان .

إلا أن تلك المبادرات التي تعكس رغبة جادة لأجنحة في الحكومة المصرية في توسيع رقعة المستخدمين لشبكة الإنترنت وزيادة أعدادهم للإستفادة من تلك الثورة الرقمية في التنمية والتطور الاقتصادي ، تكاد تفقد قيمتها على أرض الواقع وتضيع سدى ، نظر للتضارب بل والتناقض الذي يظهر بوضوح في تعامل أجنحة أخرى مع زيادة أعداد مستخدمي الإنترنت في مصر .

فبدءا من عام 2001 بدأت الشرطة المصرية في العصف بالعديد من مستخدمي الإنترنت ، ولم يكد عام 2003 ينتهي حتى كان مجرد استخدام الإنترنت سببا لسجن العديد من الفئات " إسلاميين أو صحفيين أو مثليين جنسيا ، أو نشطاء سياسيين " بحيث كان القاسم المشترك بين الجميع هو استخدام الإنترنت ، بل أن إدارة جديدة قد أنشئت تتبع الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق تحت اسم " إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة المعلومات " بات أغلب المهتمين بحرية الرأي والتعبير في مصر يعرفونها باسم "شرطة الإنترنت".

وعلى الرغم من أن اسم إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة المعلومات لم يظهر للنور قبل مارس 2003 ، حيث جاء ذكرها في خبر نشرته جريدة الأهرام شبه الرسمية في 5مارس 2003 ،عن القبض على مصمم برامج أنشأ موقعا للتشهير بموظف كبير وأسرته ، إلا أن ضحايا تلك الإدارة يعرفونها قبل ذلك بكثير .


سجناء الإنترنت

* في 30 يونيو 2002 أصدرت محكمة جنح السيدة زينب حكمها بحبس شهدي نجيب سرور خبير الإنترنت و ابن الشاعر الراحل نجيب سرور بالحبس لمدة سنة مع الشغل والنفاذ ودفع كفالة مالية قدرها 200 جنيه ، بعد إدانته بحيازة وتوزيع قصيدة العامية المعروفة ب " كسميات " التي كتبها والده الراحل بين عامي 1969 - 1974 .

و رأت المحكمة في القصيدة - التي اتهم شهدي بنشرها على شبكة الإنترنت الدولية ، موقع الإنترنت ".net wadada"- عبارات مخالفة للآداب العامة !!.

وعليه أصدرت حكمها السابق فى القضية رقم 14121 لسنة 2001 جنح السيدة ، وفقا للمادة 178 من قانون العقوبات التي تجرم حيازة المواد المنافية للآداب العامة بغرض التوزيع أو الاتجار بقصد إفساد الأخلاق.

يأتي هذا على الرغم من أن الجهاز الذي تم ضبطه بمنزل شهدي ، لم يثبت اتصاله بشبكة الإنترنت ، كما لم يسفر فحص محتويات القرص الصلب "الهارد ديسك" عن وجود القصيدة التي اتهم بنشرها ضمن أي من ملفاته ، إلا أن وجود القصيدة ضمن مطبوعة ورقية ، كان كافيا من وجهة نظر "مباحث الآداب" لإثبات علاقة شهدي بكاتب القصيدة .. في مفارقة تدعو للسخرية ، حيث أن مؤلف القصيدة هو والده ومن الطبيعي أن تكون حوزته. فضلا عن أنها موجودة لدي الآلاف من جمهور الشاعر الراحل نجيب سرور والمعروف بمواقفه النقدية السياسية قبل رحيله .


وتثير قضية شهدي العديد من التساؤلات :

أولا : حول التعامل مع النص الأدبي بنظرة أمنية ، دون الأخذ بالاعتبار أن النص الأدبي والإبداعي آيا كانت حدته أو خروجه عن المألوف ، فلا بد من التعامل معه من زاوية النقد الأدبي .

ثانيا: قصور التشريعات القائمة عن التعاطي مع المستجدات التي طرأت على وسائل النشر ، فعبر الإنترنت ، يمكنك أن تنشئ موقعا من خلال حجز مستضيف " HOST" من دولة ، وتقوم بنشر موضوعاتك وأنت في دولة أخرى ، ثم تقوم دولة ثالثة بالقبض عليك ، رغم أنك أثناء نشرك لتلك الموضوعات ، لم تكن دولة المستضيف أو الدولة التي قمت بالنشر فيها تعتبر ما نشرته هذا جريمة معاقب عليها .

وتلك التعقيدات التقنية قد تلقي ظلالا من الشك تشوب عدالة المحاكمة لإحدى الجرائم التي قد تتم بواسطة الإنترنت .

ثالثا : عدم وجود الإلمام الكافي لدى الكثير من الجهات القضائية بالأمور المتعلقة بكيفية عمل الكمبيوتر أو الإنترنت ، مما يحتم الاستعانة بخبراء في الحواسيب . وأهمية أن تتلقى تلك الجهات المعرفة اللازمة بكيفية عمل شبكة الإنترنت ، ليتسنى لهم التعامل مع الموضوعات المتعلقة بها مستقبلا.

* القضية رقم 809 لسنة 2003 حصر أمن دولة عليا طوارئ المتهم فيها المهندس أشرف إبراهيم و آخرين المعروفة باسم قضية "الاشتراكيين الثوريين ".

حرر أحد الضباط مذكرة تحريات ضد اشرف يتهمه بعدة اتهامات كان ضمنها أنه أذاع عمدا في الخارج عن طريق الإنترنت أخبار كاذبة عن الأوضاع الداخلية بالبلاد من شأنها أضعاف هيبة الدولة واعتبارها بأن تعمد إرسال معلومات كاذبة لجهات خارجية - منظمات أجنبية لحقوق الإنسان - على خلاف الحقيقة تتضمن انتهاك حقوق الإنسان في البلاد وكان من شأن ذلك أضعاف هيبة الدولة واعتبارها.

ولم يذكر الضابط كيف علم بتلك المزاعم وما هي طبيعة تلك المعلومات تحديدا ..إلا إذا كان قد تنصت على رسائل اشرف الإليكترونية ، ضاربا عرض الحائط بالحق في الخصوصية وحرمة مراسلات المتهم أشرف إبراهيم ومخالفة ذلك للقانون طالما تم بدون إذن قضائي .

والمثير أن النيابة بدورها ، لم تقم بالتيقن من كيفية وما هي تلك المعلومات التي تم بثها عبر شبكة الإنترنت ، وأنها لم تصرح لهذا الضابط أو لغيره بمراقبة تليفون أشرف إبراهيم وبالتالي تتبع رسائله الإليكترونية .

وحتى نهاية القضية التي حكم فيها بالبراءة لأشرف والمتهمين الآخرين ، لم يكن بالأوراق سوى بعض الموضوعات السياسية المطبوعة من على شبكة الإنترنت دون وجود ثمة دليل على إرسال ما زعمه الضابط من معلومات أو غيرها .

* وعلى الموقع الذي يديره من هولندا ، ذكر الناشط الإسلامي أسامة رشدي ، أن أبرز أسباب اعتقال المهندس صلاح هاشم الذي تتهمه الدوائر الأمنية المصرية بأنه ضمن مؤسسي تنظيم الجماعة الإسلامية ، جاء بعد تبادله لبعض رسائل البريد الإلكتروني مع قياديين إسلاميين بالخارج. تتعلق بتقييم ما عرف بكتب "المراجعات الفكرية" التي أصدرها القادة التاريخيين لـ"الجماعة الإسلامية" المحتجزون في السجون المصرية [5] .

* وفي الخميس 5يونيو 2003 قررت نيابة أمن الدولة العليا في مصر احتجاز 12 من قادة جماعة "الإخوان المسلمون" في محافظة المنوفية 15 يوماً على ذمة التحقيق، وتضمنت لائحة المتهمين عدد من القائمين على موقع "نافذة مصر" على شبكة الإنترنت والذي يبث أفكار الجماعة وبيناتها ونشراتها ورسائل مرشدها العام مأمون الهضيبي "المرشد العام السابق"، وأشارت مذكرة التحريات عن تفاصيل تتعلق بلجوء "الإخوان المسلمون" إلي استغلال شبكة الإنترنت للتخاطب بين عناصرها عن طريق برنامج الـ "بال توك" ونشر وبث المواد التي تتعلق بالجماعة وأخبار قادتها ونقل التكليفات فيما بينها [6 ]!


حجب ومصادرة وحبس

الدين والجنس والسياسة ، يشكل هذا المثلث "التابو" الذي لا يمكن الاقتراب منه في المنطقة العربية وضمنها مصر ، إلا أن هذا المثلث قد أضيف إليه ضلع رابع في مصر وهو الفساد ، فالكثيرون اقتربوا منه ، لكن القليلين منهم نجوا .. و بدأ الإنترنت يعطي البعض أملا جديدا في تسليط الضوء عليه .

* أحمد هريدي صحفي مصري .. أنشأ موقعا على شبكة الإنترنت .. باسم "الميثاق العربي " قام من خلاله بنشر بعض المقالات والموضوعات النقدية ناقش فيها بعض الأمور النقابية ، إلا أن النشر عن طريق الإنترنت لم يحول دون الحكم بحبسه لمدة ستة أشهر ، وغرامة كبيرة بلغت سبعة آلاف وخمسمائة جنيه مصري ، وحتى الآن ينتظر هريدي قرار المحكمة الدستورية بعد أن طعن بعدم دستورية مواد قانون العقوبات الخاصة بحبس الصحفيين في قضايا النشر [7] .

* أيضا ووفقا لما نشرته جريدة إيلاف الإليكترونية ، فقد حُكم على المواطن عصام حنا وهبة بالحبس لمدة عام مع الشغل، وذلك بتهمة "نشر أخبار كاذبة، وشائعات مغرضة في الخارج من شأنها الأضرار بالمصالح القومية للبلاد".

وقد جاءت محاكمة وهبه أمام محكمة استثنائية " محكمة أمن الدولة (طوارئ) " بسبب ما زعمته أجهزة أمن الدولة من "نشر أخبار كاذبة، وشائعات مغرضة في الخارج" !! على الرغم من أن دليل الإثبات التي قدمته أجهزة الأمن لا يعدو أن يكون رسالة بعث بها عبر البريد الإلكتروني إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI) تتضمن الادعاء بتعرض حياة ديفيد وولش، السفير الأميركي لدى القاهرة للخطر اذا قام بزيارة لأسيوط في 11 و12 ديسمبر عام 2002. الأمر الذي يدعو للتساؤل حول إمكانية اعتبار رسالة إليكترونية بمثابة وسيلة للنشر ؟ حيث أن النشر يستدعي أن تنشر المعلومة لجمهور غير محدد ، وليس رسالة مرسلة لشخص أو لأشخاص محددين حيث لا تنطبق على الرسالة صفة النشر .[8] .

"تتعرض جريدة الشعب لتضييق حكومي منذ أسبوعين حيث منع المصريون من الوصول الي الموقع داخل مصر من خلال حظر غير قانوني بتوجيهات من الجهات الأمنية للشركات التي تقدم خدمة الإنترنت .
والدخول علي موقع جريدة الشعب داخل مصر أمر يسير من خلال المواقع التي تتخطي ما يسمي بالبر وكسي و هي منتشرة علي الإنترنت . فمثلا يمكن الدخول عن طريق ... "
تلك هي الفقرة التي تنشرها جريدة الشعب "الصادرة عن حزب العمل المعارض المحروم من النشاط " بعد أن تم حجب الموقع الرسمي لهم" http://www.alshaab.com/ " بشكل غير قانوني وكذلك الموقع البديل "
http://www.alarabnews.com" .
يأتي ذلك الحجب بعد إغلاق الجريدة الرسمية منذ بضع سنوات من قبل الحكومة المصرية ، بسبب الهجوم المستمر من الجريدة على بعض الممارسات المتعلقة بالفساد "حسب جريدة الشعب نفسها "[9] .


المصيدة

تستغل الشرطة المصرية مشاعر الرفض التي يكنها بعض الأفراد لفئات معينة (جماعات معارضة إسلامية ، مثليين جنسيا ، يساريين .. على سبيل المثال ) ، لتقوم بإلقاء القبض على تلك الفئات متبعة أساليب وإجراءات غير مشروعة ، دون إلتفات هؤلاء الافراد إلي أن البدء في تقديم التنازلات عن حقوق كل شخص في أن يضفي القانون عليه حمايته بغض النظر أكان مقبول اجتماعيا أو ثقافيا أو سياسيا أم لا ، سوف يمتد ليطال الجميع . في مؤشر خطير على تغييب ابسط القواعد الحقوقية .

ويرى الكثير من ضباط الشرطة أن شبكة الإنترنت تقع ضمن مناطق اختصاصاتهم ، فلم يأتي ذكر جملة : "بعد إذن النيابة العامة " ضمن أوراق أغلب القضايا المتعلقة بالإنترنت ، حيث يرون أنه من العادي مراقبة الإنترنت ومستخدميه ، ثم تقديم من يرون في سلوكه ما يرفضونه إلى النيابة ومنها للمحاكمة ، بصرف النظر أكان المتهم مخالفا للقانون أم لا ! فضلا عن الطريقة التي تم بها القبض على مستخدم الإنترنت وما شاب إجراءاتها من مخالفة للقانون .

بل أن الأمر يتجاوز ذلك باستدراج البعض من على شبكة الإنترنت ونصب الفخاخ لهم ثم الزج بهم خلف السجون .
وتري منظمة هيومان رايتس ووتش "مراقبة حقوق الإنسان" أن 46 رجلاً على الأقل قد اعتقلوا وتمت محاكمتهم بتهمة السلوك المثلى منذ بدايات عام 2001 حتى نهاية 2003 إثر وقوعهم فى فخ شرطة عبر الإنترنت [10 ] ، إلا أن جريدة الوفد كانت قد قررت عددا أكبر من هذا بكثير حينما قالت أن أكثر من 400 شخص من مثليي الجنس مستخدمي الإنترنت قد ألقي القبض عليهم في أماكن و على مواقع مختلفة [11 ] .

وكان العديد من الضحايا الذين التقتهم منظمة هيومان رايتس ووتش قد ذكروا أن القبض عليهم تم بعد أن استدرجهم شخص يدعى" راؤول" كان يعقد صداقات معهم على الإنترنت عن طريق غرف الدردشة وإعلانات "أريد صديقا" وبعد فترة يتم تحديد لقاء ، ليفاجأ الضحايا بالقبض عليهم وأنهم متهمين بجريمة الفجور ويتم سجنهم بعد أن ينال أغلبهم نصيب وافر من التعذيب .[12 ]

ورغم الاختلاف بين منظمة هيومان رايتس ووتش وجريدة الوفد حول الرقم الذي تم الإيقاع به ، عبر فخ الإنترنت ، إلا أنهما يتفقان على أن الطريقة كانت واحدة .. استخدام الإدارة العامة لمباحث الآداب اسم "راؤول " وهو اسم مستعار لاصطياد بعض مستخدمي الإنترنت ممن يرونهم " خارجين على القانون" ![13 ] .



هوامش

1- موقع اسلام اون لاين ، 27 يوليو 2000 ، زيارة 18 مايو 2002.
ttp://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/alhadath2000-jul-27/alhadath7.asp
-لقاء أجرته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان مع محمد "اسم مستعار" مدير كافيه إنترنت بإحدى ضواحي القاهرة . 13 إبريل 2003م.
3- موقع منظمة هيومان ريتس ووتش تقرير: في زمن التعذيب. www.hrw.org\arabic\reports\2004\eg-intime5.htm في 26مارس 2004م.
4- رشا مصطفي عوض - المجلة العربية للعلوم والمعلومات - العدد الأول يونيو 2003 ص15.
5- موقع المحروسة نت " www.elmahrosa.net" زيارة 19 يونيو 2002
6- جريدة الحياة اللندنية ، السبت 7 يونيو 2003 .
7- جريدة العربي الأسبوعية العدد 846 في 9فبارير 2003 ، بيان جمعية المساعدة القانونية بتاريخ 19 فبراير 2003 .
8- موقع إيلاف في 29يناير 2003م .
9- الموقع البديل لجريدة الشعب "لم نذكره حفاظا عليه من الحجب" زيارة 22مارس 2004م.
10- "في عصر التعذيب: الاعتداء على العدالة في حملة القمع المصرية على الممارسات الجنسية المثلية، تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش ، مارس 2004.
11- " جرائم الجنس على الإنترنت تحت الحصار" جريدة الوفد 30 ديسمبر 200.
12- في عصر التعذيب ، مرجع سابق
13- " جرائم الجنس على الإنترنت تحت الحصار" جريدة الوفد 30 ديسمبر 2003.



اليمـــــن

كل الطرق .. تؤدي للخلف


بدأت خدمة الإنترنت في اليمن عام 1996، ولكن في المقابل نجد أن هناك شركتان فقط تحتكران تزويد المواطن اليمني بهذه الخدمة وهما شركة "تيليمن" و "المؤسسة العامة للاتصالات"، وبعد مرور 8 سنوات تقريبا على إدخال خدمة الإنترنت في اليمن ، نجد أن عدد مستخدمي الإنترنت يقدر بنحو 150 ألف فقط (1)، مع الأخذ في الاعتبار أن عدد الاشتراكات بالطبع يقل عن ذلك بكثير نتيجة استخدام الاشتراك لأكثر من مستخدم.
وبالنظر إلي تطور عدد المشتركين في خدمة الإنترنت في اليمن، فقد كان العدد في يوليو 97 (920) مستخدم، وفي نوفمبر 97 تراجع إلي 840 مستخدم، وفي أكتوبر 2000 وصل إلي 2000(2)، ثم تضاعف العدد بسرعة ليصل الى ما يزيد عن 150 ألف مستخدم في إبريل 2004 . وهو عدد قليل جدا بالنظر الى أن عدد السكان يقدر بحوالي 20 مليون نسمة.
وقد أشارت الإحصاءات حتى عام 2003 ، إلي أن عدد أجهزة الحاسوب في اليمن تصل إلي 140 ألف جهاز، أي بنسبة 7 حواسيب لكل ألف نسمه من السكان، وفي نهاية عام 2002 بلغ عدد المواقع اليمنية على شبكة الإنترنت إلي 248 موقعاً، منها 51 موقع حكومي، و15 إخباري، و24 منظمات وسفارات، و91 شركات خاصة، و23 تعليمية تربوية، و6 بنوك وشركات تأمين، و7 منتديات وخدمات.(3)
وتقول جريدة الحياة انه بالنسبة للفئات التي تستخدم الحواسيب، نجد أن نسبة الذكور تصل إلي 76% والإناث تصل إلي 24%، ويشكل حملة البكالوريوس الفئة الأكثر استخداماً للحواسيب حيث تصل النسبة إلي 50%، وكذلك الفئة العمرية بين 21 - 25 سنة (40%)، تليها الفئة ما بين 26 و30 سنة (31%)، ثم الفئة ما بين 31 و35 سنة (15%). (4)


كشف المستور:

أدت الإجراءات التي تقوم بها وزارتا الاتصالات والثقافة المتمثلة في مراقبة وحجب العديد من المواقع على شبكة الإنترنت إلي تراجع كبير في عدد مستخدمي الإنترنت ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل امتد ليصل إلي إزالة الحواجز العازلة بين رواد مقاهي الإنترنت والقيام بكشف شاشة الأجهزة إلي الخارج بعد أن كان لكل شخص كبينه خاصة يتصفح المواقع دون أي تلصص أو رقابة.
"إن الإقبال على مقاهي الإنترنت تراجع بشكل ملحوظ لأن الشخص لا يجد حريته ويري أن هذا تدخل في حياته الشخصية، كما أن المستخدم يشعر بأنه مراقب عندما يرغب في تصفح بريده الإلكتروني أو كتابة رسالة أو ما شابه ذلك - توفيق محمد صاحب مقهى إنترنت.(5)
يأتي هذا بالرغم من أهمية تلك المقاهي التي تتناسب كثيرا مع دول تعاني الكثير من المشاكل والأزمات الاقتصادية مثل اليمن ، حيث يصعب على كم كبير من المستخدمين اقتناء أجهزة كمبيوتر ، فضلا عن تكلفة الاتصال بالشبكة . خاصة مع ما يتردد عن تعمد بعض العاملين في وزارة الاتصالات التي تقدم الخدمة المجانية ، إلى تعطيل جزئي للخدمة المجانية التابعة للدولة حتى يتحول المستخدمون الى الخدمة التجارية المدفوعة .(6)
وتشير المعلومات إلي أن ما أطلق عليه بـ "كشف المستور " أدي إلي تراجع الدخل اليومي لهذه المقاهي إلي أكثر من 300%، وهو ما أدي بدوره إلي إفلاس الكثير من هذه المقاهي نتيجة للرقابة سواء الإدارية أو التقنية التي فرضت عليهم ، مما أدي إلي إغلاق العديد من هذه المقاهي، وهو الأمر الذي يتعارض مع الطموحات والشعارات التي ترددها الحكومة مراراً وتكراراً في برامجها والتعليق بإنشاء حكومة إلكترونية والتوسع في مجال تقنية المعلومات والاتصالات
ويبدو أن عدد المقاهي الذي كان يبلغ عام 2000 حوالي 50 مقهى، تضاعف عدة مرات حتى وصل فيالعاصمة صنعاء وحدها الى 250 مقهي ، سيعاود إلي التراجع مرة أخري نتيجة هذه الإجراءات. .(7)
وفي إطار التأكيد على أهمية الرقابة فقد أشار، كمال الجبري مدير مؤسسة الاتصالات بالوزارة إلي أنه لابد أن يكون هناك نوع من المراقبة لأن الإنترنت وفقا لرأيه سلاح ذو حدين.
وعلى العكس من ذلك، يري بعض القانونيين أن تلك الإجراءات المتبعة من السلطات اليمنية تعد تدخل سافر في خصوصية الأشخاص، كما تعد خرق واضح للقانون الذي يكفل حرية الاتصال وأن هذا الأسلوب يعتبر وصاية على مستخدمي الإنترنت، كذلك اعتبروا أن عملية حجب المواقع والإغلاق هي وسيلة من وسائل الوصاية التي تعتمده وزارة الاتصالات وتنصب نفسها حامياً للأخلاق وقيم الناس.(8)
وكغيرها من الدول التي تنتهج مبدأ الرقابة والحجب على المواقع ، تتذرع الحكومة اليمنية بالحفاظ على القيم"الأخلاقية" لحجب مواقع بعينها .. لكن الحجب لا يطال فقط تلك المواقع ، بل يمتد ليشمل بعض المواقع السياسية أو الثقافية ، فقد قامت هيئة الاتصالات بحجب موقع "إيلاف" الأخباري الذي تديره شركة إعلامية سعودية مقرها في لندن فترة من الوقت تحت مبرر نشر مواد "جنسية ، إلا ان أسباب الحجب كما ذكر موقع يمن اوبزر فر جاء نتيجة إلي توجهات حكومية. بسبب تقارير تتضمن انتقادات شخصية لرئيس اليمن على عبد الله صالح ونجله الأكبر أحمد. (9).


هوامش

1-موقع جريدة الرياض في 14سبتمبر 2003 زيارة 21 مارس 2004

http://www.alriyadh-np.com/Contents/14-09-2003/RiyadhNet/COV_1128.php

2-أ.د/ راسم الجمال - رأس المال البشري في مجتمع المعلومات في الدول العربية - المجلة العربية للعلوم والمعلومات العدد 1 السنة الثامنة عشرة - يونيو 2003 - ص24.

3- جريدة الحياة الصادرة العدد 14903 - بتاريخ 15 يناير 2004.

4- المرجع السابق.

5- موقع جريدة الرياض في 14سبتمبر 2003 زيارة 21 مارس 2004

http://www.alriyadh-np.com/Contents/14-09-2003/RiyadhNet/COV_1128.php

6-موقع ايلاف في 8يناير 2004 زيارة 19 يناير 2004.

http://www.elaph.com:9090/elaph/arabic/index.html

7-موقع جريدة الرياض في 14سبتمبر 2003 زيارة 21 مارس 2004 ، سبق الاشارة اليه
8- المرجع السابق.
9- - يمن أو برزفر 11 مايو 2002


التوصيات

لا يمكن الحديث عن قلة المواقع العربية على شبكة الإنترنت والتي لا تكاد تبلغ 1% من المواقع على الشبكة ، أو قلة مستخدميها ، بمعزل عن النهج الذي يحكم ممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في تداول المعلومات ، بالمنطقة العربية ، فضلا عن الاهتمام بحالة البنية الأساسية لشبكات الاتصالات ، وكذلك مضمون تلك المواقع العربية ومدى ما تقدمه لزوارها من عوامل جاذبة لهم.

فتفشي الأمية في العالم العربي ، والفقر الذي يعانيه غالبية المواطنين العرب ، ليسوا فقط أسباب تراجع عدد المستخدمين العرب لشبكة الإنترنت ، أو قلة المواقع العربية ، بل أن كلفة الاتصالات الهاتفية والاتصال بشبكة الإنترنت تعد أيضا ضمن العوامل المسببة لهذا النقص .

إن الموقف المتذبذب والمتردد من أغلب الحكومات العربية تجاه ما تتيحه شبكة الإنترنت من إمكانيات ومزايا ، وما يرونه من مشكلات - من وجهة نظرهم- تخلقها نفس الإمكانيات من جانب أخر . ينعكس بدوره على انتشار أو انحسار استخدام الإنترنت في المنطقة .

ويبدو أن تجربة بعض بلدان الخليج العربي مثل الكويت والإمارات وقطر الناجحة في مجال نشر استخدام شبكة الإنترنت ، رغم بعض سلبياتها ، قد بدا يغري البلدان الأخرى لتحذوا حذوها ، وإن كانت بخطوات بطيئة .
والحدة التي شابت بعض أجزاء هذه الدراسة ، هي بالأساس للتأكيد على الرفض الجازم لإهدار حرية الرأي والتعبير على الإنترنت في المنطقة العربية ، فضلا عن الانزعاج البالغ لوجود المنطقة في أسفل قائمة المناطق المرتبطة بشبكة الإنترنت في العالم ، رغم توافر الإمكانيات البشرية والمادية بالمنطقة التي يمكنها أن تتيح وضعا افضل من هذا بكثير.

لذلك فإن الخطوات التي ينبغي على الحكومات العربية - من وجهة نظرنا - القيام بها تشمل:

أولا : فيما يتعلق بتطوير مجال التكنولوجيا والاتصالات:

1- إتاحة خدمة الاتصال بشبكة الإنترنت و تخفيض تكلفتها ، مع الاهتمام بالمناطق ضعيفة الخدمات مثل المناطق الريفية والمناطق النائية .

2- زيادة ميزانية البنية الأساسية في مجال الاتصالات حيث لا يزيد الاستثمار بها عن 0,05% من إجمالي الدخل القومي بالمنطقة ، و لابد للحكومات أن تقوم بدورها في تشجيع الاستثمار بالتكنولوجيا عموما ، ومجال الاتصالات خصوصا.

3- تعميم دراسة الكمبيوتر في المدارس والجامعات وتحديث المناهج في هذه المؤسسات التعليمية باستمرار ، وتوفير سبل الحصول على أجهزة كمبيوتر بتكلفة مناسبة لمستوى الأجور .

4- يجب أن تشجع الحكومات العربية صناعة البرمجيات والاتصالات، وتتبع سياسات اقتصادية وضريبية خاصة تجاهها، فضلا عن خفض الضرائب الجمركية عليها.

5- إنشاء مراكز تكنولوجية ، تهدف إلى تبني الشباب المتفوقين واحتضانهم علميا ، والاستفادة من قدراتهم لتنمية هذا القطاع .

6 - التوسع في إنشاء خدمة الحكومة الإليكترونية ، وتشجيع المواطنين على الإقبال عليها ، من خلال الدعاية الإعلامية الكافية لها وتوفير المعلومات الخاصة بالأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية على الإنترنت.

7- ضرورة تحرير قطاع الاتصالات في الدول العربية مما يلزم وضع إطار تنظيمي وقانوني يساهم في خلق جو من التنافسية يشجع على الاستثمار وتقديم خدمة للمستخدمين بجودة أعلى وتكلفة اقل.


ثانيا : في مجال حماية حرية الرأي والتعبير والحق في تداول المعلومات :

1- الالتزام بمبدأ حرية الرأي والتعبير والحق في تداول المعلومات كقاعدة لا يجوز إهدارها بأي شكل ، وأن يكون القضاء فقط هو صاحب القرار حول منع موقع ِأو حجبه .

2- إعداد دورات متخصصة في النشر و التوقيع الإليكتروني والملكية الفكرية وغيرها من الأمور المتعلقة بمجال الإنترنت ، للقضاة المنوط بهم الفصل في النزاعات من هذا النوع.

3- الكف عن إحالة المتهمين بجرائم متعلقة بالنشر عبر الإنترنت لمحاكم استثنائية ، لا تتوافر بها شروط المحاكمة العادلة.

4- تنقية القوانين القائمة من المواد الفضفاضة والمرنة التي تحد من حرية الرأي والتعبير ، أو تقضي بعقوبات سالبة للحرية ، وسن تشريعات جديدة مواكبة لعصر النشر الإليكتروني والإنترنت .

5- أن تكون رقابة البر وكسي اختيارية ، وبيد المستخدمين وحدهم ، مع توفير المعلومات عن كيفية الحصول علي برامج مجانية أو رخيصة تتيح له تنقية المواقع التي يمكن أن تشكل خطرا على أطفاله فيما إذا زاروها.

6- عدم التضييق على مراكز ومقاهي الإنترنت وتشجيع إنشائها من خلال تقديم التسهيلات الضريبية وتسهيل إجراءات استخراج ترخيصها .

للقطاع الخاص والشركات المزودة للخدمة :

1- الحفاظ على معلومات وبيانات المستخدمين ، وعدم الاتجار بها أو تسهيل انتهاك خصوصية تلك المعلومات.

2- تخفيض أسعار الخدمات المتعلقة بالإنترنت ، مثل التصميم والاستضافة ، مما سيشجع المزيد من المواطنين على التعامل مع تلك الخدمات.

توصيات للاتحاد الدولي للاتصالات :

1- أن يقوم الاتحاد الدولي للاتصالات بمساعدة الدول العربية في مجال تنمية الموارد البشرية من خلال دور إيجابي في مجال الدورات التدريبية والمنح التي يمكن تأمينها من قبله و للأفراد وللشركات المتطورة بهذا المجال .

2- تشجيع إقامة معارض اتصالات ومعلوماتية في المنطقة تحت رعاية الاتحاد الدولي للاتصالات بما يتماشى مع التطورات السريعة في قطاع الاتصالات والمعلوماتية وتشجيع مبادرات القطاع الخاص في هذا المجال من أجل تنمية قطاع الاتصالات بالمنطقة.


توصيات عامة :

1- الاهتمام بمضمون المواقع العربية على شبكة الإنترنت ، والأخذ في الاعتبار أن المضمون بمواقع الإنترنت ، عامل جوهري في جذب الجمهور ، وجزء من هذا مراعاة سهولة تحميل المواقع ، نظرا لعدم انتشار خدمة ال دي اس ال .


النصائح


نحن نقدم هنا بعض النصائح ، التي قد تكون بديهية ، لمستخدمي الإنترنت ذوي الخبرة المتوسطة ، لكننا نهدف إلى مساعدة المستخدم العادي أو الجديد ، في التعرف على بعض الإجراءات التي قد تزيد من صعوبة اختراق بريده الإليكتروني أو جهاز الكمبيوتر الخاص به .

وبالطبع تتيح العديد من المواقع -التي يسهل الوصول إليها - المزيد من النصائح والخدمات التي تفيد مستخدمي الإنترنت الأكثر دراية وعلما ، والأكثر احتياجا لها .

نصائح عامة حول البريد الإليكتروني :

1- حاول دائماً تغيير كلمة السر بصورة دورية فهي قابلة للاختراق. ويجب أن تكون كلمة السر لديك في حوالي 8 خانات ، وتكون من أرقام و أحرف .. وتكون الأحرف كبيرة صغيرة حتى يصعب اختراقها .

2- الحروف أو الأرقام لا تكون متتالية مثلا (asdfgh) أو (123456789) لاحظوا أن الحروف والأرقام تتبع بعضها البعض في لوحة المفاتيح .

3- لا تجعل كلمة المرور عن معلومة تخصك مثل رقم التليفون أو تاريخ ميلادك أو اسم الشارع أو البلدة أو الدولة أو شخص تحبه ومعروف للآخرين .

4- أن لا تكون أيضا بعيدة عن الأسماء المشهورة مثل مطرب أو ممثل أو لاعب كرة مثلا.

5- دائما افتح بريدك من صفحته الخاصة سواء من الياهو أو الهوتميل أو أي بريد أخر .

6-لا تفتح أي ملف مرفق مع البريد إلا إذا كان من شخص تعرفه و موثوق به ، مع مراعاة أن البعض قد يستخدم أحرف قريبة إلى حد كبير من شخص تعرفه ، بتغيير حرف أو حرفين .

7 - إذا كنت تملك كلمات مرور صعبة التذكر لطولها أو لاشتمالها على خليط من الرموز و الأرقام والحروف وصعبة الحفظ والتذكر سواء كانت لبريد أو لمنتدى لا تجعل لها ملف خاص داخل الجهاز أكتبها في ورقة خارجية واحفظها في مكان آمن بعيدا عن الجهاز .

8 - حاول بقدر المستطاع أن تزيل جميع الرسائل من البريد أول بأول دائما ولا تنسى إزالتها نهائيا من ملف FOLDER وإذا كان هناك رسائل مهمة أخرجها من البريد واحفظها ، حتى إذا استولي شخص علي بريدك ، تكون المشكلة أقل .

9- لا تنسى أن تضغط على sign out لكي تخرج من البريد . ويفضل أن تعود للصفحة الرئيسية ثم تغلق المتصفح تماما.

نصائح عامة :

1- عند فتحك لصفحة الدردشة أو المنتديات ... وضغطك على الوصلة التي تؤدي بك إلى رسائلك . (inbox ) إذا ظهرت لك صفحة ، مكتوب عليها ضع كلمة السر مرة أخرى ، أحذر أن تضعها .. لأن هذه الصفحة قد تكون من قبل أناس وضعوها ليتجسسوا على بريدك .

2- يجب ألا تثق بكل موقع تجده فقد انتشرت في الآونة الأخيرة نصائح من هاكرز يعبثون ويعلمون المبتدئين معلومات خاطئة بل ويمدونهم ببرامج تجسس ويقومون بالتجسس عليه والمبتدئ قد يكون سعيدا بوهم تعلمه شيئا جيدا.

3-حاول أن تتجنب تحميل برامج الحماية من الإنترنت

4- لا تجعل حاسبك يستخدم الإكمال التلقائي مثلا (لاحظ انه إذا وضعت أول حرف من اسم حسابك يظهر الاسم مباشرة ونفس الشيء كلمة المرور) هذا يعني أن كلمة السر محفوظة بالجهاز ومما يجعل الهاكرز من الدخول إلى حاسبك وسرقة كلمات المرور .

5 - حاول بقدر المستطاع أن تحتفظ بصفحة المعلومات الشخصية لحساب بريدك في Floppy قرص مرن أو اسطوانة خارجية ، وليس داخل الجهاز لأن الكثير ينسى معلومات التسجيل هذه والتي تتضمن السؤال السري لتفيده بعد ذلك إذا فقد كلمة المرور في مراسلة المسؤول عن موقع البريد لاستعادتها .
6- تجديد برنامج مضاد الفيروسات أسبوعيا على الأقل ، وتشغيل خاصية مراقبة الرسائل البريدية أيضا.

7- أستخدم برنامج حائط ناري مثل : zonealarm أو غيره .

8- برنامج كشف ملفات التجسس مثل : adaware أو غيره.

9- لا تكون سعيدا بالتعارف السريع عبر الإنترنت ، أو في التعريف بشخصك عبر معلومات حقيقية عنك.

10- عدم إرسال كلمات السر الهامة أو المعلومات الهامة عن طريق البريد العادي الغير مشفر أو من خلال برامج المحادثة الغير مشفرة.

11 - عدم فتح المواقع المحمية بكلمة سر من أماكن عامة "مثل مقاهي الإنترنت" دون التأكد من خلوها من برامج التجسس ومسح كل الآثار بعد الاستخدام .

12-توجد طرق عديدة لاكتشاف وجود ملفات التجسس وبما أن كل برنامج له طريقة يسلكها برنامج التجسس الخاص به فيحتاج إلي علاج خاص بالبرنامج ولكن توجد طرق عامه يمكن من خلالها تضييق النطاق على الملفات التجسسية إن كانت موجودة ونذكر هنا إحدى هذه الطرق السريعة والبسيطة .

البحث داخل سجل النظام اتبع الخطوات التالية : Start >> run >> regedit
بعد ان تفتح لك نافذة البرنامج افتح المجلدات حسب الترتيب التالي HKEY_LOCAL_MACHINE

Software
icrosoft
indows
urrentversion
un

بعد أن تفتح هذا الملف ستجد به أسماء الملفات التي تشير الى وجود ملف تجسس في جهازك وغالبا ما يكون اسم هذا الملف غريباً ولا يندرج تحت برنامج معين ويكون امتداد هذا الملف كالتالي:
Exe

مثال:
atch.exe or fsat.exe or explo23.exe
بعد أن تكتشف وجود الملف قم بمسح هذا الملف بعد فحص الجهاز لنفترض انك وجدت ملف تجسس اذهب إلى مجلد الويندوز وابحث عن اسم هذا الملف واحذفه وإذا لم تجده فابحث عنه مرة ثانية في مجلد system داخل مجلد الويندوز ثم لا تنسى ان تعيد تشغيل الكمبيوتر بعد حذف الملف .
13- لو لم يتوافر لك برامج "إحراق الملفات التي حذفتها في سلة المهملات " قم بتحديد كامل الملف الذي تريد حذفه ، ثم امسح المادة الموجودة به ، وضع مكانها مادة أخرى لا تتضمن شئ هاما ، ثم احفظ الملف بهذا التعديل ، ثم قم بمسحه كاملا .
وفي النهاية ، نكرر أننا راعينا أن تكون تلك النصائح للمستخدم العادي ، لتتيح له بعض الحماية من أي متربص به وتوفر له بعض الحماية من اختراق جهازه .