٢٩‏/١٠‏/٢٠٠٥

قراءة لــ "المحيط الأسود" لادونيس

الشاعر و الناقد الأدبي و المترجم والمحرر السوري أدونيس شخصية لها تأثير كبير في الشعر و الأدب العربي.فهو يمزج بين معرفة متعمقة للشعر العربي الكلاسيكي و التعبير الحديث و الثوري في أعماله.

"المحيط الأسود" لأدونيس الناشر: دار الساقي – 2005

[أرشيف] أدونيس يؤمن بأن العالم ليس إلا قرية صغيرة

في مؤلفه الجديد "االمحيط الأسود"، يقول أدونيس إن الديموقراطية و الحرب يتناقضان مع بعضهما البعض. فالديموقراطية تحترم الحوار و النقاش و الاختلاف و الحرية و الشفافية، أما الحرب، فتتحكم في الأفكار و تمنع الاعتراض. كما أنها تذكي الإيديولوجيات العنصرية و تربي الأحقاد.

و بدل خلق تقدير للتعددية و الاختلافات الثقافية، يعتقد أدونيس أن الحرب تزرع بذور الدمار و القتل. و خلال الحروب، يصبح أي اختلاف في الرأي خيانة ويعدو كل مقترح لتعزيز السلام مشبوها. إن الحرب تقضي على التسامح و تحول دون ازدهار البشرية. و الأهم من كل ذلك، أن الحروب تعمد على تدمير العناصر الأساسية للديموقرطية.

و حسب أدونيس، فإن المصالح الاقتصادية هي المحرك الأساس لمعظم الحروب. "عندما تندلع الحرب تستقيل الحكمة"، يعلن أدونيس.

وحول موضوع أصل الإرهاب، يرى المفكر السوري الكبير أدونيس إن النزعات الاصولية التي تنتشر في العالم العربي حاليا هي اصطناعية و لا تعكس الثقافة العربية. ويعزوها في جلها إلى الفقر واليأس وغياب الحرية. إن الإرهاب ليس من قيم البشر. والحروب لا تحل الأزمات، إذا يمكن للجيوش أن تحتل الدول لكن لا يمكنها تغيير العقول.

يؤكد أدونيس أن النزعة الإنسانية وحدها يمكن أن تهزم الإرهاب.ويعتقد أنه عندما يبدأ البشر في النظر إلى بعضهم البعض نظرة ندية، وعندما يبدأون في رؤية العالم كقرية عالمية حقيقية فإنه يمكننا العيش كعرق واحد و مواصلة الانجازات الانسانية.

الإرهاب ليس وليدا للديانات و المعتقدات، بل هو انتاج لأفكار بعض الأشخاص. إنه عقلية "أنا أو هو"، إيديولوجية ضيقة جدا ترى الأشياء بمنظار الأسود أو الأبيض لا غير.

ويستغرب أدونيس كيف أن الناس باتت تقتل بعضها البعض باسم كتب دينية حرمت أساسا القتل.

نيويورك هي أفضل مدينة لأدونيس بعد باريس. و هو يقدر وجود العديد من الأفكار و الأحاسيس المختلفة فيها .

و يكتب أدونيس :" إذا أتيحت لي الفرصة لزيارتها كل شهر، فلن أتوان. لقد عبرت عن كل هذا في قصيدة كتبتها بعنوان "قبر لنيو يورك".

إن الشرق و الغرب بنظره، ما هما إلا تعريفات جغرافية و كلا المنطقتين لهما ثقافات متعددة.

يعتقد أدونيس أن العالم واحد والاختلافات بدرجات

و فيما يخص الحضارة, يعتقد أدونيس أن العالم واحد والاختلافات بدرجات , ليست في النوع.

لكنه يظن أن السياسة الغربية و خاصة السياسة الأمريكية لا تدخل في هذا السياق.

و بالرغم من انتقاده الشديد للسياسة الأمريكية، يشير أدونيس إلى النقاد العرب الذين ينتقدون الغرب كأنه كثلة واحدة يرفضونها جملة وتفصيلا، على أنهم محدودي التفكير.

و يقول:" الغريب هو أنهم غير واعين بأن انتقادهم مقتبس من لغة مفكري و فلاسفة الغرب الذين يحاكونهم."

و يرى أدونيس أن فلسفته الشخصية أقرب منها لفريدريك نيتشه و مارتين هيدجر و شارل بودلير و جوان وولفغانغ فون غوت و رينر ماريا رالك عن الكتاب و الشعراء و المفكرين العرب.

أرضية الإبداع و الثقافة لأدونيس تختلف عن الأرضية الجغرافية. هدفه الأسمى هو أن يصبح العالم الجغرافي جزءا من العالم الخلاق و الكوني حيث "لا شرق و لا غرب: بشرية واحدة على كوكب واحد."