٣٠‏/٣‏/٢٠٠٧

 










الباحثة التونسية د. سونيا الشامخي

الحديث عن متفرج متخلف طريقة للتغطية علي تقصيرنا




 

 تونس ـ القدس العربي

تقام للفترة من 21 - 22 آب (اغسطس) 2001 اعمال الندوة الفكرية العلمية ضمن فعاليات الايام السينمائية سيدي منصور بصفاقس في دورتها الثانية تحت شعار: هل من ضرورة لنقد سينمائي؟ بمشاركة نخبة من الباحثين والنقاد والسينمائيين من تونس والعالم العربي نذكر منهم مني واصف ويوسف شعبان وعزت العلايلي وخالد يوسف مخرج فيلم العاصفة والنوري بوزيد وعبد اللطيف بن عمار وفريد بوغدير والهادي خليل وعبد الكريم قابوس ومحمد محفوظ. وتشارك في هذه الندوة ايضا الدكتورة سونيا الشامخي الباحثة والناقدة المعروفة بمداخلة عن التلقي السينمائي ودور الناقد كوسيط بين الفيلم والمتفرج . وبهذه المناسبة كان لـ القدس العربي معها هذا الحوار:

عرفناك كباحثة في مجال الجماليات في الفنون التشكيلية حيث تقومين بتدريسها ايضا في المعهد العالي للفنون الجميلة بجامعة الجنوب/ صفاقس، وتكتبين في النقد الفني في الصحافة التونسية. وها انت اليوم تساهمين في مجال النقد السينمائي في ندوة مهمة مثل هذه. كيف ترين الي تنوع اهتماماتك، وهل اهتمامك بالسينما وليد الراهن؟
حصلت مؤخرا علي شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون في باريس باطروحة عن مفهوم الإنغلاق في السينما التونسية . وقبل ذلك أنا متحصلة علي دبلوم فن وتواصل (اختصاص تصميم غرافيكي وإشهاري) من المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس وشهادة التعمق في البحث من السوربون (اختصاص سينما، تلفزة وسمعيات بصرية). وبموازاة ذلك تابعت، تحت إشراف الأستاذ جون بول توروك ، تكوينا في تقنيات كتابة السيناريو. وقد كانت الدكتوراه بالنسبة لي تتويجا لعلاقة مع الفن بدأت بعفوية وانتهت إلي علمية لكنها تبقي متمسكة بالعفوية الأصلية وبالتلقائية. ففي اعتقادي أن ما يميّز الفعل الفني هو قدرته علي الحدس وعلي التعاطف مع شتي أحوال الذات البشرية. ولذلك لا عجب عندما ساعدتني دراساتي المختلفة في باريس علي التعرف عن كثب علي رحاب عالم أحببته دون الوقوع في متاهة الانبهار وفقدان الشخصية. ولعلمي بأن طريقا مثل هذا من الخطورة والطموح يتطلب سعيا دائبا ورغبة لا حدّ لها، فإني غالبا ما كنت أتوخّي، فيما باشرته من أعمال، تمشّيا غير خطّي، الأمر الذي يجعل نشاطي يبدو وكأنه مشتّت ومتوزّع وفق مجالات عديدة ومتباعدة. والواقع إنني أتابع ومن مواقع متعدّدة نفس الهدف. فسواء تعاطيت الكتابة السردية (صحافة، سيناريو) أو عالجت الصورة (تشكيل وسينما) أو أنجزت بحوثا نظرية، فإنني في حقيقة الأمر أقوم بالمراوحة المستمرّة بين ما هو ثابت وما هو متحوّل. والثابت الذي أتابعه بلا كلل هو هاجس البحث عن هوية ثقافية عربية تكون من الصفاء والأريحية بحيث تسمح للذات الفردية بأن تكون هي عين نفسها، وبأن تساعدها علي بلورة ختمها الخاص. لذلك فان اهتمامي بمجالات مختلفة من الفن هو بالأساس هاجس شخصي لتكويني الثقافي بما يؤهلني للمساهمة بتواضع في دفع أفق الثقافة العربية.
هلا تحدثت لنا قليلا عن اطروحتك هذه واهم ما جاء فيه؟
كانت اطروحتي هذه بإشراف البروفيسور دانيال سيرسو الناقد السينمائي والمخرج الفرنسي المعروف وهو الي ذلك مدير قسم السينما والبصريات في السوربون/ سان شارل، وتتناول عبر مقترب استاطيقي سيميولوجي بالدرجة الاولي مفهوم الانغلاق من خلال تحليل فيلمي لمجموعة بارزة من أعمال مخرجي الجيل الثاني في السينما التونسية وبالتحديد للفترة ما بين 1980 - 1995 .
ما المقصود بمصطلح الانغلاق ؟
هو اصطلاح استاطيقي يهتمّ بالمعطيات الجمالية ككتابة سينوغرافية تضفي علي الفيلم كفضاء بصري احساسا بالانغلاق من قبل المتلقي عبر استعمالات محددة للكاميرا وكذلك عبر العناصر الأخري للغة السينمائية مثل الإنارة والديكور وكذلك عبر تحديد مقصود في استخدام لقطات مشهدية من نوع خاص تعتمد اللقطة القريبة Gros plan واللقطة القريبة جدا Tres Gros plan أو تستند الي استعمال خاص لمفهوم البعد Profondeur de champ ولطريقة في المونتاج كأداة تولد ايقاعا كئيبا خانقا يكاد يوحي بالخوف من الأماكن المغلقة claustrophobie حيث يأخذك الفيلم في دوامة من الانغلاق. هذا البعد الاستاطيقي هو الذي يسمح بتأويل وتصنيف لمختلف أنواع الانغلاقات الي ثلاثة محاور جوهرية هي: أولا الانغلاق في دائرة الأب وثانيا الانغلاق في نواميس اجتماعية محافظة وتقليدية وثالثا الانغلاق في دائرة المأساة او التراجيديا.
بمعني أننا وعبر قياسك النقدي هذا قد نحصل علي رؤية جديدة للفيلم التونسي موضوع الدراسة، فما هي عناصر هذه الرؤية الجديدة عبر مفهوم الانغلاق؟
اول هذه العناصر الا نحصر الفيلم في طرح اجتماعي لقضايا محلية وأن نؤكد مرة اخري أنه لا خطاب في السينما يتحقق إلا من خلال فهم وتحليل لمعطياته الفنية والجمالية واللغوية (اقصد اللغة السينمائية) بالدرجة الاولي. فلقد اقتصر البحث في اطروحات ومقالات نقدية حول السينما التونسية وربما حتي السينما العربية عموما حول كيفية معالجة السينما للواقع المعاش والقضايا الاجتماعية أو للتاريخ وتمّ اهمال الخطابات الجمالية التي بدونها لا يمكن ان يعمل المخرج بوصفه فنانا. ومن هنا كان الغرب لا ينظر الي المخرجين العرب الا بكونهم مراقبين ومحللين اجتماعيين بينما لا يتم الاعتراف بمقدراتهم الفنية ورؤاهم الجماية والفلسفية. ولذا فأنا اعتبر اطروحتي هذه دعوة لإعادة الاعتبار الي السينمائي العربي والتونسي تحديد بوصفه فنانا ومبتكرا ومبدعا علي الصعيد الجمالي. ودعني اعطيك مثلا علي تلك الرؤية المتعسفة فعندما يشارك الفنانون العرب في مهرجان كان مثلا بافلامهم علي قلتها فإن العين الغربية لا تري في الفيلم هذا الا فرصة لملاحظة ومن ثم انتقاد اوضاع اجتماعية محلية ومن اهمها قضية المرأة كما حصل في الدورة الاخيرة لهذا المهرجان العتيد مع الفيلم التونسي فاطمة من اخراج خالد غربال حيث تحدث الجميع عن مشكلة العذرية عند الفتاة واعتبروا ان جرأة تناول هذا الموضوع كافية لاعتبار الفيلم ناجحا، بينما هذا المقياس، أي الموضوع المتناول في فيلم ما، لا يستعملونه لتقييم أفلامهم هم.
انت تدعين اذن الي التغاضي عن القضايا الاجتماعية الكبري التي تتحكم بالمصير العربي من خلال العمل الفني والسينمائي خاصة، أليس كذلك؟
كلا، اطلاقا. فبالدرجة الاولي أعتقد ان الخطاب الاجتماعي لا قيمة له في فيلمٍ ما، اذا لم يستند هذا الفيلم الي اختيارات جمالية ينطلق منها بل ويتأسس عليها. أي بلغة أخري فإنه بموضوع جيد اجتماعيا كان أم سياسيا ولكن بمخرج رديء علي المستوي الجمالي فإن ما ينتجه من افلام ستكون عديمة الفائدة تماما علي المستويين الاجتماعي والفني.
هذا فيما يخص العنصر الاول. فما هو العنصر الآخر في تلك الرؤية؟
العنصر الثاني الذي أتحدث عنه هو تدقيقا وفي اطار الاجابة عن تساؤلك حول مدي اهتمامي بالجوانب الاجتماعية التي تطرحها السينما التونسية، هو انني اشير بوضوح الي أي حد تتقاطع مشاكل وهواجس المواطن العربي والتونسي مع مشاكل وهواجس الانسان في أي بقعة من العالم. فلو كان لكل بلد مشاكله الخاصة فإنها تتلاقي في الأساس الوجودي للشرط الانساني هذا متمثلا في مبادئ الإختيار و مدي الاندماج في المتن الاجتماعي او الالتجاء الي الهامش و القابلية علي خلق طابع خاص للوجود الفردي . فعلي سبيل المثال، عندما تناولت مفهوم الانغلاق في دائرة الأب لم احصر التحليل في مدي بطش وتعنت وعنف الأب العربي في مقابل مدي سلبية وخضوع واستسلام الإبن العربي لهذه لسلطة البطريركية، بل وضعت علاقة الأب/الإبن في مجالها الوجودي كإشكالية قائمة بذاتها، كما تناولها الفكر الغربي عموما من سوفوكل الي رولان بارت مرورا بـ فرويد طبعا. فبهذا المقتضي تكون علاقة الإبن بأبيه علاقة تصادمية لأن الإبن منذ الولادة مثقل بعبء المديونية La dette إزاء أبيه الذي تسبب في إعطائه الحياة. فلا يكون الابن حرا ومهما اختلفت النظم الاجتماعية إلا برفضه لأبيه ومناهضته له، فهو مجبر كما يقول بارت ان يكون خائنا للأب حتي يستقل بذاته. وعندما نصور الملامح الكونية التي تخصّ كل مشاهد عربيا كان أم لا، ونوضح انها مشكلة انسانية بالدرجة الاولي نستطيع ان نبين الملامح الخاصة لهذا الصراع الأزلي بين الأب و الإبن العربي. ففي الاخير تبقي الحرية وتكوين الشخصية الذاتية المستقلة رهان من شخص يطالب بختمه الخاص وبصمته الخاصة مقابل مجتمع يرفض الاختلاف ويؤسس الهوية ضمن مبدأ التماثل والإجماع.
وماذا عن الانغلاق التراجيدي كعنصر ثالث في نظريتك النقدية؟
الانغلاق التراجيدي كما يتمثل في الافلام التي عالجتها هو ان تكون الشخصية الرئيسية في الفيلم منكمشة علي نفسها وتعيش حالة من النرجسية تجعلها حبيسة الذاكرة وتمنعها من الخروج من هذه الدائرة الي افق التعايش مع الأخرين او البحث عن افق مغاير لواقع مفروض عليها مما يؤدي بها الي التباكي والتشاكي دون ان تقبل بدفع الثمن المترتب علي تلك المغايرة وذلك الاختلاف.
وماذا لاحظت في هذا السياق؟
فيما يخص السرد الفيلمي لاحظت ان معظم هذه الافلام التي قمت بدراستها لمخرجي الجيل الثاني في السينما التونسية مثل ريح السد ّ و صفائح من ذهب للنوري بوزيد، او الشامة للمخرجة ناجية بن مبروك، و صمت القصور لمفيدة التلاتلي، الخ... تعتمد تكنيك الـ فلاش باك وهذا ما يجعل الشخصية تفرُّ من واقعها ولا تبحث عن افق مغاير بل تستبطن ماضيها وتعيش علي صور الذاكرة. وكما يقول رولان بارت فإن مفهوم الذاكرة يتأسس علي نمط الصورة التي تنتمي الي الماضي لا يمكن ابدا تخطيها L' image est passée, jamais dépassée ويعتبر هذا الانغلاق ذا بعد كوني لأنه يخصُّ كل شخص انحصر في دائرة الذات وانقطع عن شتي الانماط الحياتية التي تجعله يربط مصيره بالانفتاح علي الكون كله.
والآن أسألك، ما اهمية هذا النوع من النقد، وهو لا شك متقدم جدا، في محيط متخلف مثل محيطنا العربي؟
انا لا اوافقك علي ان المحيط العربي هو محيط متخلف، فمن السهل ان نعتبر ان المتفرج غبيّ او أحمق حتي نغطي علي تقصيرنا ازاء الفرد العادي نحن كمعنيين ومختصين بالفن والثقافة، وذلك بتأسيس مناخ لتلق جيد ولتذوق جمالي راق. فإن الفيلم غالبا لا يلتقي بالمتفرج بطريقة مباشرة وعفوية بل يكون بواسطة تعريف وتحليل من قبل فئة مختصة. ففي الغرب مثلا هناك تقليد في هذه الوساطة بين الفيلم ومتفرجيه. ولقد لعب النقد الصحافي ثم التلفزيوني، وكذلك البحوث الجامعية، دورا كبيرا في تأطير المتفرج الغربي وخلق مجال استقبالي لما سُمِّيَ فيما بعد بـ سينما المؤلف التي ما كانت لتلاقي جمهورها ولا أن تستمر لحدّ الآن لولا هذه الفاعلية النقدية التربوية . ومن جهة اخري فان الدليل علي ضرورة الوساطة بين الفيلم ومتلقيه ما تفعله السينما التجارية من تعويض الوساطة النقدية بالوساطة الاشهارية ايمانا منها بان الفيلم لا يمكن له ان يلاقي متفرجه بصفة مباشرة. اما بشأن عملي النقدي شخصيا فإنه يؤسس لطرح علمي للسينما التونسية (ولمَ لا، للسينما العربية من بعد) برصده وباحتفائه بما يمكن ان يُدَرَّسَ من مفاهيم التحليل الفيلمي ومن اختيارات حول السينمائيين الذين تُعتبر سِيَرَهُمْ جانبا من تاريخ الفن العربي. وكما تعلم فانه بينما يحتفل جماهيريا بأفلام الممثل العالمي سلفستر ستالون تدرس الجامعات الغربية السيرة الفنية لأساطين الفن السينمائي العالمي من امثال اورسون ويلز و ايزنشتاين و جان لوك غودار وغيرهم من العمالقة... لذلك تكون الابحاث الجامعية والدراسات النقدية التي تنحو هذا المنحي هي حلقة من حلقات تربية وتهيئة الذوق الفني للمتلقي العربي.
من الواضح ان هذه هي اهم المحاور التي ستتضمنها مداخلتك في الندوة العلمية للأيام السينمائية سيدي منصور بصفاقس؟
بما ان السينما العربية الان تكاد ان تفقد جمهورها فان الخوض في النقد والتنظير وبالتحديد ضمن نظريات التلقي والاستجابة السينمائية هو ضرورة لا بديل لها من اجل عقد المصالحة ثانية بين الفيلم والعربي وجمهوره اولا حتي يواكب الجمهور رهانات الجيل الجديد من الفنانين العرب ويكون قادرا علي استيعاب الأزمة التي نمرّ بها جميعا في العالم العربي وما يمكن ان نستثمره من الأزمة ذاتها وبالتالي تقديم أفق لتثمين المغامرة والمخاطرة والروح التجريبية. اضافة الي ذلك تقديم المشورة والمزيد من التبصير بهذا الفن الراقي والخطير الي كل المشتغلين في الحقل السينمائي. ومنطقيا فانه لا يمكن تلقي فيلم جديد من قبل متفرج غير متجدد. ومن هنا الدعوة الجادة والحميمية الي اخذ النقد السينمائي العربي علي محمل المسؤولية.

التقاها: حكمت الحاج
*

 

٢٩‏/٣‏/٢٠٠٧

 



دفاعا عن ربيع الثقافة.. دفاعاً عن ثقافة الحب والحياة




بمبادرة من المنتدى الثقافي اللبناني في فرنسا وقع المثقفون العرب من شعراء وكتاب وفنانين وباحثين وأكاديميين وإعلاميين البيان التالي:




مرة أخرى يظهر وجه العدوان بكل ظلاميته في حرب ماضوية تستهدف اليوم "ربيع الثقافة" في البحرين ومفاهيم الحب وحرية التعبير ومسارات الثقافة والفن التي يمثلها هنا مارسيل خليفة وقاسم حداد.




هذا الهجوم الظلامي على ربيع الثقافة في البحرين ليس إلا امتداداً لمحاكمة مارسيل خليفة قبل سنوات في بيروت ولكل عمليات القمع والاعتداءات التي تعرض لها الكتاب والمثقفون العرب في أكثر من عاصمة عربية.




هذه التيارات الأصولوية الظلامية لا تبني مستقبلاً أو ثقافة ولا تحرر أرضاً أو إنساناً ولا تنبئ بربيع أو حب. وحدها الحرية، وتحديداً حرية التعبير والإبداع بتنوعها واختلافاتها وثرائها هي الرافعة لبناء المستقبل وضمان ثقافة الحياة وتحرير المرأة ولمكافحة الفقر والجهل والمرض والأمية والتخلف والفساد والتسلط والعدوان وقمع الأنظمة واغتصاب الأرض.




التحية لمؤسسات المجتمع المدني البحرينية التي وقفت تدافع عن الحرية والحب، التحية لربيع الثقافة في البحرين ولكل ربيع في العالم العربي،


التحية لمارسيل خليفة وقاسم حداد.




يمكنك إضافة توقيعك على العنوان الالكتروني التالي:


www.jehat.com

شذى حسون رمز لثورة العراقيين ضد رجال الدين






GMT 17:00:00 2007 الأربعاء 28 مارس


خضير طاهر






ظاهرة الأهتمام الشعبي الجارف في العراق بالمطربة شذى حسون التي تخوض غمار مسابقة برنامج استار اكاديمي.. ظاهرة جديرة بالدراسة نظرا لأن المطربة شذى تبدو صادمة جدا للراي العام العراقي من حيث عري ملابسها وانعدام الحواجز والحياء بينها وبين الطلاب الذكور.


فالاعراف والتقاليد العراقية ترفض بشدة ظهور المرأة بملابس تكشف عن مناطق الصدر والسيقان كالتي تظهر بها شذى، وايضا العرف العراقي لايتقبل زوال الحواجز ما بين المرأة والرجل بما فيهم العراقيون الذين يعيشون حاليا في أوربا وامريكا.


والسؤال المثير هو رغم كل هذه الخروقات للاعراف والتقاليد التي قامت بها شذى حسون ترى ماهو السبب الذي جعل العراقيين يهتمون بها بهذا الشكل الجنوني الهائل ؟


من الواضح ان تمرد شذى حسون في ملابسها وسلوكها وكسرها للمألوف، وممارستها للغناء الذي منعه رجال الدين هو ما جعل العراقيين يرون فيها رمزا رائعا للثورة والتمرد ضد رجال الدين والاحزاب الاسلامية التي سيطرة على رقاب العراقيين وصادرت حرياتهم العامة وجلبت لهم المشاكل والقمع والقتل.


والمجتمع العراقي لاشك انه مقبل على ثورة كبرى على رجال الدين والاحزاب الاسلامية، وسيشهد العراق انتشارا واسعا للفكر العلماني العقلاني بين صفوفه، وحتما سيهجر الناس رجال الدين واحزابهم بعد فشل مشروع الاحزاب الاسلامية وانكشاف لصوصيتها وعمالتها واجرامها.


وما علينا ألا الانتظار برهة من الزمن وسنشهد اندحار وهزيمة القوى الظلامية المتخلفة المكونة من رجال الدين والاحزاب الاسلامية وسترفسها الجماهير الثائرة المتمردة وترميها في مزبلة التاريخ.



  خضير طاهر


kodhayer@netzero.com







أين تكمن حقيقة شيوعيي العراق في تاريخهم النضالي المجيد.. ام في الردة عليه؟
باقر ابراهيم

29/03/2007






تحت عنوان (الحديقة السوداء في محطات شوكت خزندار الشيوعية )! كتب الأخ د. عبدالحسين شعبان مقالة، يناقش فيها كتاب (سفر ومحطات) الحزب الشيوعي العراقي: (رؤية من الداخل) نشرها في المواقع الالكترونية، وتزامن ذلك مع نشر المقالة ذاتها في عدد آذار (مارس) ـ 2007 من مجلة المستقبل العربي وفي حقل (كتب وقراءات).
كنت قد قرأت هذه المناقشة قبل أكثر من عام، حين كانت مجرد رسالة وجهها كاتبها الي الاخ شوكت خزندار الذي أطلعني بدوره عليها.
كان بودي التعليق عليها، وقد تريثت بذلك، طالما انها كانت رسالة بين شخصين. لكن نشرها المفاجئ وبهذا النطاق الواسع، اثار استغرابي، وحفزني في ذات الوقت علي التعقيب عليها. علماً اني كنت قد أخبرت كاتبها، بخلاصة موجزة لرأيي في مقالته والذي أوضحه الآن.
تطرح مناقشة د. عبد الحسين شعبان قضايا كثيرة، ابرزها قضيتان هامتان: ـ
الاولي: تقع تحت عنوان الشك بـعلاقة الحزب الشيوعي العراقي، أو بعض قياداته وكوادره بجهاز المخابرات السوفييتية KGB وبالاجهزة الامنية الاشتراكية.
والقضية الثانية التي تحتاج الي إيضاح، هي العلاقة الخاصة بحزب البعث والسلطة في العراق، هل كانت هناك اتفاقات سرية عشية توقيع الجبهة الوطنية عام 1973؟ وماذا عن ما أشيع من استثناء أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الشيوعي من الملاحقة، وحماية حياتهم والحفاظ عليها، خلال فترة أستمرار الجبهة.
هنا ينتقل الكاتب، الي جانب اتهامات اخري كثيرة، من الشكوك حول القضيتين اعلاه الي الاتيان ببعض الدلائل التي تؤكدها عنده، ومنها قوله: وباستثناء عايدة ياسين العضو المرشح للجنة المركزية التي قتلت، تحت التعذيب حين القي القبض عليها، في تموز (يوليو) 1980 وكانت قد عادت الي العراق لبناء التنظيم بعد تعرضه الي ضربات موجعة ومؤثرة.. لانها أخلت بالاتفاق علما انها لم تخرج من العراق حتي استشهادها.
ودليل آخر: الكاتب اختصر الواقعة المعروفة للجميع عن اعدام الشهيد محمد جواد طعمه، المرشح لعضوية اللجنة المركزية، وهو من البصرة الي القول إنه اختفي أثره . وعاد ليفسر اعدامه بقوله حصلت اختراقات اخري، قيل ان لها علاقة بالحدث الاول . ويقصد به الاخلال (بالاتفاق)!
كما اختصر الحديث عن المرحوم محمد حسن مبارك مرشح اللجنة المركزية، وأحد أبرز مسؤولي منظمة الفرات الاوسط، بالقول انه (لم يظهر أثره). علماً ان هذا المناضل الباسل ظل يواصل العمل في السر حتي وفاته بسبب معاناته من داء الكبد، في أيار (مايو) 2001، وكان مبارك قد قابل قادة الانتفاضة في النجف عام 1991 وعرفهم بنفسه ونصحهم بالكف عن الامور التي تؤذي الناس وبالموقف الصحيح للتعبير عما يطالب به الشعب.
كان يجب الحديث باعتزاز عن مصير كوادر قيادية مرموقة، ومنهم قادة هم بمصاف أعضاء اللجنة المركزية، ومارسوا معي قيادة الحزب السرية منهم د. صباح الدرة ود. صفاء الحافظ وغيرهم كثيرون، من الشهداء الذين أعدموا غدراً، ربما لأنهم اخلوا ايضا بالاتفاق السري!
لست ادري، اذا كان ضمن اسلوب البحث الاكاديمي والموضوعي، عن الحقائق، التساؤل عما اذا كانت قيادة الحزب الشيوعي تتقاضي راتباً شهرياً من حزب البعث أيام الجبهة.
وحول التساؤلات ايضا عن الاتفاقات السرية مع حزب البعث والسلطة، نجد الكاتب الناقد يورد روايات عن شخص توفاه الله هو عامر عبد الله، غير مدونة بخط قائلها، اضافة الي تساؤلات اخري الي الرفيق آرا خاجادور الذي نحتاج الي سماع شهادته عنها.
وورد ايضا إلا ان باقر ابراهيم عضو المكتب السياسي السابق نفي علمه ويذكر استلام الحزب لشيك واحد بمبلغ مائة وخمسين الف دينار عراقي لبناء مقر الحزب الشيوعي..، وتمت اعادته كما يذكر ابراهيم .
نعم قلت ذلك، فقد تمت اعادة المبلغ الوحيد بشيك مصرفي بواسطة المرحوم عامر عبد الله عام 1978. اني في جميع ملاحظاتي وتعقيباتي المدونه في كتاب الاخ شوكت خزندار، وفي غيرها، دحضت مثل تلك الادعاءات التي اراها مخلة بحزب وبمناضلين يحترمون مكانة وكلمة النضال.
علماً ان من يرددون تلك الادعاءات يقرون بأني أحد المراجع المهمة لمعرفة الوقائع في الحزب، واحياناً يبالغون بمعرفتي بكل واردة وشاردة. ولم تكن تلك الوقائع التي يدور اللغط حولها (من شواردها)!.
من الوقفات الهامة التي تبدأ بها مناقشة د. عبد الحسين شعبان لكتاب (سفر ومحطات)، قوله إن الكاتب يسقط ارادته أحياناً علي الوقائع والاحداث .
ولكن عند محاكمة موقف الناقد للكاتب وكتابه، وجدت انه قد أسقط ارادته المسبقة، ليس علي وقائع واحداث معينة من تاريخ الحزب الشيوعي بل علي كامل مسيرته.
ويبدو لي، ان ذلك الاسقاط يرتبط باعادة النظر الشاملة، التي تبلورت، خاصة عند نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي، تجاه ثوابت النضال الوطني والقومي والاممي وهذه مسألة معروفة بالطبع .
لقد طرح الكاتب، التساؤل التالي : بماذا ستنفع الناس مثل تلك الصور المشوشة، الملتبسة المثيرة للشكوك، والتي كما يعرضها (المؤلف)، تشكل المشهد الداخلي للحزب وبخاصة قيادته؟ .
وتتصل تساؤلاته، بطرائق التحليل النفسي، وخاصة إنه يسبقها بسؤال يقول:... أكان خزندار سيكتب هذه المسيرة بهذه المرارة والحنق، وربما الي حدود الكراهية أحياناً، لو لم يتعرض الي التنكيل والاذلال والشعور بالخيبة؟ .
كما اعتبر الكتاب (سفر ومحطات )، محاولة لتقديم قراءة ارتجاعية للماضي، قراءة انتقادية، حادة ومتشددة، بل جارحة لتاريخ الحزب الشيوعي. فهل قدم د. عبد الحسين شعبان في مناقشته لـ (سفر ومحطات)، قراءة انتقادية موضوعية ومنصفة لذلك التاريخ بالذات؟
انه يجيب بما يلي: تبدو لي حديقة شوكت خزندار التي رغم كل شيء، يعود ليمجدها، أشبه بالمقبرة، فهي مليئة بالازهار الميتة، وفيها ينعب البوم ويعم الظلام أركانها وزواياها...الخ .
لكن الكاتب، حين يدين مسيرة تيار معين من تيارات قوي التغيير اي الحزب الشيوعي العراقي، وحين تتركز ادانته علي حقب الماضي وليس عن الحاضر الواضح في الردة والخيانة، فان مقبرته المليئة بالازهار الميتة ينعب فيها البوم ويعم الظلام اركانها وزواياها ، يمتد ليشمل جميع تيارات التحرير والتغيير دون استثناء.
وهذا ليس افتراضاً أو تخيلاً، بل هو الواقع الذي أكده الانقلاب علي جميع ثوابت النضال الوطني والقومي والاممي، التي تمثلها جميع تيارات التغيير اليسارية والقومية واللبرالية والاسلام المقاوم.
فالردة عن تلك الثوابت، شملت أحزاباً ومنظمات وشخصيات معروفة، كانت بالامس في صلب النضال الوطني والقومي والاممي، ومنها قيادة الحزب الشيوعي العراقي الحالية.
يوجه الاخ د. عبد الحسين شعبان عددا من الاستفهامات الاستنكارية، ومنها السؤال حول ارتباط اعضاء في قيادة الحزب، ثم الموقف من الارتباط، بجهاز المخابرات السوفييتية KGB (وهي اختصار لما يعني بالروسية، لجنة امن الدولة).
لا بد لي ان اشير الي حقائق ربما يعرفها كثيرون، وهي ان منظمات الحزب الشيوعي العراقي الطلابية، في جميع الدول الاشتراكية السابقة، والتي ضمت بضعة الوف من الدارسين، قد اتخذت موقفا حازما بطرد اي عضو يثبت ارتباطه بتلك الأجهزة. وقد انحصر هذا الموقف بحالات نادرة لا تكاد تذكر.
فهل يعقل ان يكون الموقف في الحزب، مزدوجا حد التناقض الصارخ تجاه قضية واحدة، يرفضها بحزم ويعاقب عليها مع اعضاء القاعدة، ويقبلها او يتساهل تجاهها مع اعضــاء القيادة؟!
أليس من حقي ان اتساءل: هل يراد للاتهامات بالارتهان لسلطة النظام السابق، حد قبض رواتب قادة الحزب منها، والارتهان لاجهزة المخابرات السوفييتية KGB، وغيرها، خلط الاوراق وتشويش الوقائع عن التعاملات والارتهانات المفضوحة الراهنة؟.
من المعروف عن الحزب الشيوعي، تاريخيا انه من أبرز الاحزاب السياسية الذي تقوم العضوية فيه علي أساس الانحدار الطبقي والموقف الفكري والسياسي، بغض النظر عن القومية والدين والطائفة والمنطقة.
اذكر بعض الامثلة: عام 1955 حينما اطلق سراحي بعد ثلاث سنوات من السجن، وجدت ان منظمة الحزب في النجف والكوفة يقودها رفيق من مدينة عنة. وفي مطلع سبعينات القرن الماضي كان مسؤول منظمة الحزب في الديوانية رفيق من الاعظمية. ومسؤول محلية الرمادي انذاك، كان المرحوم علي الجبوري (ابو اثير). ولفترة كان المرحوم اسعد خضر (ابو نجاح) وهو كردي من اربيل، مسؤولا عن منظمة الكوت (واسط). وكان سكرتير لجنة اقليم كردستان، لفترة الشهيد ستار خضير وهو صابئي ولايتقن اللغة الكردية.. هذا غيض من فيض.
فهل ان، افراد موضوع مستقل تحت عنوان (الطائفية في الحزب الشيوعي)، يمكن فصله عن التأثر باعلام البضاعة الامريكية الصهيونية المستوردة حالياً حول التقسيمات والتمايزات المفتعلة بين الشيعة والسنة وما الي ذلك؟
لاحظت ان د. عبد الحسين شعبان كان شديد الاهتمام بان يعيد للحياة وللاثارة البارزة، قضية تجاوزها الزمن كالتنديد بمواقف الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية، من قرار تقسيم فلسطين.
في خضم المزايدات العالمية والعربية الراهنة للمساومة علي الحقوق الثابتة لشعب فلسطين، نراه يطلع علينا بتأييده لادانة القيادة المركزية (الشيوعية)، عام 1967 لذلك الموقف.
ان اللجاجة في إثارة هذا الموضوع التاريخي، تقف وراءه الان الرغبة في التعتيم علي المواقف الشيوعية والاشتراكية، دولاً وأحزاباً وشخصيات، من نصرة قضية الشعب الفلسطيني، ليس بالامس فقط، بل اليوم وغداً.
وأعود لأتساءل: ألا يري من يحرصون علي استذكار تلك المواقف، ان روسيا وأوروبا الشرقية الاشتراكية قد تحولت بعد ان ارتدت عن الشيوعية وعن الاشتراكية، الي حليف جديد، او الي جهة اكثر قربا من الكيان العدواني التوسعي لاسرائيل؟
الا يرون ما حل بالشعب الفلسطيني وبالعرب والعالم كله، بعد تلك الانهيارات وبعد طغيان القطب الواحد الامريكي وتابعه اسرائيل؟
ولا بد من التأكيد أيضاً، بان ما يفرّق أو يجمع بين شيوعيي الامس، ممن كانوا في الحزب الشيوعي، او في القيادة المركزية، موقفان متضادان، يتخذ الاول موقف التأييد والارتهان للغزو الامبريالي ـ الصهيوني لبلادهم، بينما يتخذ الثاني موقف النضال ضده ومقاومته، وان ذات الاختلاف من احتلال بلادهم يفرقهم، او يجمعهم تجاه الموقف من الاغتصاب الاسرائيلي لفلسطين.
وطالما جري الحديث عن الماضي وليس الحاضر، فان الماضي الشيوعي المشرف والمؤلم، الحافل بالمنجزات في النضال من اجل انجاز الاستقلال الوطني والديمقراطية والتقدم الاجتماعي، وبالنكسات والاخطاء، بالوطنية الصادقة، وبخيانة البعض لوطنهم والتواطؤ مع الاجنبي ومنهم القيادة الحالية للحزب واخرون معروفون، فان هذا الماضي، لا يصح اختزال وصفه بـ الحديقة السوداء والمقابر المليئة بالازهار الميتة ينعب فيها البوم .
علي اساس ذلك التراث المجيد، وعلي انقاض الاخطاء والعثرات، وكرد طبيعي عليها، برز للعيان دور اليسار الشيوعي الجديد، الذي دلل، بالاعمال علي اصالته وجديته، وحقيقة انه كان وما يزال جديراً بوراثة المجد القديم والقدرة علي التصحيح والتجديد.
وهذا اليسار الجديد ما زال جزءا من اليسار العربي ومن الحركة العالمية الصاعدة ضد الامبريالية والحروب والاستغلال. انه أثبت بالنضال المتواصل ضد الاستبداد الداخلي، وضد الحصار والحروب واحتلال الوطن، انه ما يزال في قلب الحركة الوطنية العراقية وحركة المقاومة، وان الحاجة لدوره تزداد ليس في المساهمة بمهمات التحرير الوطني والتغيير الاجتماعي، بل كذلك، من اجل تحقيق وحدة قواهما.
وهذا التيار الشيوعي، القديم الجديد، الذي يضم الالوف من المكافحين داخل الوطن وخارجه، وبشخوصه الاموات والاحياء، سواء كانوا بالامس في الحزب الشيوعي ام القيادة المركزية، ام بين الجموع الغفيرة غير المنظمة، هو الذي صار للاسف هدفاً للتشويه المتعمد واحياناً المبتذل.
من تلك التشويهات، السعي لاعطاء حالات خيانة الوطن والتواطؤ مع الاجنبي والعمالة لاجهزة المخابرات الاجنبية وافتعال الجبهات المشبوهة، مفعولاً رجعياً ووضع ارضية تاريخية لها.
لا تقتصر دوافعي في هذا النقاش علي ضرورة البحث التاريخي المنصف المتعلق بتيار وطني محدد، هو التيار الشيوعي، بل يمتد ليشمل متطلبات البحث عن وحدة قوي النضال الوطني.
فالمسعي الواضح والصارخ لاخراج تجربة الجبهة الوطنية عام 1973، من مسارها الطبيعي كمحاولة نضالية، أصابت أو أخفقت، وتركت آثارها في الحياة السياسية العراقية، وتصويرها كصفقات مشبوهة ودسائس من وراء ظهر الشعب ومن وراء أعضاء الاحزاب... كل ذلك لا يقتصر علي ابتذال فكرة الجبهة في الماضي، بل ينسحب دون شك علي حاضر ومستقبل النضال الوطني التوحيدي.
نحن جميعا بحاجة ماسة الي النقد والمراجعة الجادة، الشاملة والموضوعية، لماضينا عموما، ولتاريخ الحزب الشيوعي والحركة الوطنية، بما يساعد علي تسديد خطانا في حاضرنا، ولمستقبلنا الافضل.
ادون بعض ما كتبته في مقالة سابقة بعنوان (نظرة لواقع ومستقبل اليسار الشيوعي العراقي) وجاء فيها:
عند الحكم علي الموقف من الحزب الشيوعي العراقي، فلست مع اولئك الذين يذهب بهم الشطط او سوء القصد، او الذاتية ليفرضوا احكامهم بفقدان الحزب الشيوعي صفته الوطنية والطبقية، او مسخ تاريخه النضالي، بسبب اخطاء الماضي وعثراته.
ويلزم التمييز بين الاخطاء والعثرات.. وبين الردة التي تفقد الحزب صفته الوطنية والطبقية، عند وقوعه في شباك المخطط المعادي الامريكي-الصهيوني، كما حصل.
وأري ان الحد الفاصل لذلك الارتداد، بدأ منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، حين تم تسخير عدد من الاحزاب والجهات والشخصيات الوطنية، ضمن المعارضة العراقية، ومنها الحزب الشيوعي، كأدوات للتهيئة لاحتلال العراق وتدميره، ثم لتكريس الاحتلال وحمايته .
اني اود ان يقترب الذين يتناولون تاريخ الحزب الشيوعي القريب، من التقييم الموضوعي، وبصورة خاصة لتلك الفترة الحالكة السواد من تاريخ العراق، وكي تتضح امامنا جميعا سبل الحاضر والمستقبل.
سمعت عن كلمة مأثورة لونستن تشرشل يقول فيها: اذ انتصب الحاضر لمحاكمة الماضي فاننا نفقد المستقبل
وآمل ان لا يتحقق عندنا ذلك.
نعم قال بابلو نيرودا:
الان هو الان
أمس قد كان
ليس هناك من شك
ويلزمنا ان نضيف:
الغد الافضل آت
ليس هناك من شك
.
كاتب من العراق





محمد دبش تشنغ فنغ دنك - السندان والمنجل العراقي علي الطريقه الاميريكيه !!!!!!!!!!!!!!!
في الامس وقبل انهيار الشيوعيه كان الكثير من الشباب يتاثر بالافكار الماركسيه ومعجب بلينين و جيفار لان هذه الافكار والقيادات كانت تتكلم باسم الفقراء والمضطهدين والمسحوقين كعمال وفلاحين وضد الامبرياليه الاميريكيه والصهيونيه والاستعمار الغربي. انه لشئ مضحك ان نري اليوم هذا الحزب العراقي الذي يدعي الشيوعيه نراه يسير بعكس الافكار التي جائت من اجلها الشيوعيه ونري هؤلاء يتحالفون مع الامبرياليه الاميريكيه التي هي راس الراسماليه العالميه العدو اللدود للشيوعيه و يؤيدون احتلا لهاللعراق . عندما اقرأ مواقع الحزب الشيوعي العراقي الالكترونيه علي الانترنت يتخيل لي ان الصراع في العراق هو صراع طبقي بين طبقه الاغنياء وملاك الاراضي من جهه وطبقه معدمه من عمال وفلاحين من جهه اخري ولا كأن هناك احتلال امبريالي راس مالي و صهيوني اميريكي للعراق ولا ما يحزنون مع ان اميريكا تقتل الشعب العراقي بالسندان وتقعر بطون الشعب العراقي بالمنجل لاكثر من اربع سنوات ولم ينتبه من يدعون الشيوعيه في العراق ان الصراع اصبح بين طبقتين طبقه قاتله مدعومه من اميريكا وطبقه مقتوله وتقاوم وقد نسي هؤلاء حق الشعوب في المقاومه وافكار جيفاره التي ما زالت صورته تتصدر مواقعهم الالكترونيه انه لشئ يثير الضحك والسخريه وقد اثبت هؤلاء ما هم الا مرتزقه ويتخذون هذه الافكار للتغطيه علي ما يفعلوه وقد سمعت انهم ينتظرون المهدي المنتظر بدل جيفاره العراقي المنتظر




أبو هاجر : الجزائر - هل خدعونا ،الشيوعيين العراقيين
لا أريد التوقف عند تلك المناقشات المشرقية المعروفة عندما في المغرب العربي ،التي تتحدث عن التخوين و الدسائس والعمالة و العمالة المزدوجة والاختراقات الداخلية و الخارجية .و القائمة طويلة .لكن أريد الإشارة إلى مسألة كنا ضحيتها في المغرب العربي ،بخاصة اليسار أو بعض منه ،كنا ضحية الصورة القاتمة التي كانوا يقدمونها لنا عن العراق .و بإسم الرفاقية كنا نصدق تحليلاتهم، التي كانت مصدر معرفتنا، عن العراق .لكن بعد الاحتلال الذي أسهم فيه بعض‘الفرفاق ‘ تعرفنا على عراق آخر مغاير تماما لما سمعناه وصدقناه دولة و مجتمعا .

٢٧‏/٣‏/٢٠٠٧










شكسـبير: قصيدة مَارينْ سُوريسْكو






GMT 10:15:00 2007 الثلائاء 27 مارس


ترجمة: حكمت الحاج







ترجَمـة حكمت الْحاج


خَلق شكسبير العالم في سبعة أيام.
في اليوم الأول
خلق السماء والجبال والهُوَّات الروحية.
في اليوم الثاني
خلق الأنهار والبحار والمحيطات وغيرها من العواطف
ومنحها لكل من هاملت ويوليوس قيصر وأنطونيو وكليوباترا 
وعطيل وأوفيليا وغيرهم حتى يرثها من يأتي بعدهم الى أبد الآبدين.
في اليوم الثالث جمع كل الناس وعلمهم الأذواق والطعوم،
طعم السعادة،
طعم الحب،
طعم اليأس،
طعم الغيرة،
طعم المجد،
وهكذا،
حتى أتى على جميع الأذواق.
وحينذاك
جاء مجموعة من الناس متأخرين
مَسَّدَ الخالق على رؤوسهم بشفقة في اليوم الرابع
وقال لهم أن يصيروا نقادا، ويُنكروا أعماله.
وفي اليوم الخامس
ضحك الخالق
فأطلق سراح المهرجين لكي يُضحكوا الملوك والأمراء وغيرهم من التعساء.
في اليوم السادس
حَلَّ بعض المسائل الإدارية
أخرج "العاصفة"
وعلَّم "الملك لير" كيف يلبس تاجا من القش.
ولما كان في متناول يد ه بعض الفضلات المتبقية من تكوين العالم
فقد خلق ريتشارد الثالث منها.
في اليوم السابع،
نظر حواليه بغتة
وأدرك أن مدراء المسارح قد ملؤوا الأرض باليافطات..
وفكر شكسبير بعد كل هذا التعب
أن يرى واحدا من عروض مسرحياته الكثيرة
ولأنه كان جد متعب
فقد ذهب لكي يموت قليلا.


مارين سوريسكو : من مواليد عام 1936  في جنوب رومانيا. واحد من أعاظم الشعراء السورياليين. من أهم أعماله الشعرية: لي وحدي بين الشعراء. موت الساعة. أين نفر من البيت. شباب دونكيشوت. أطر. روح صالحة لأي شئ. من أهم مسرحياته : يونس. المجرى. جبل الملح. من مجاميعه القصصية : الأرق. من رواياته : الأسنان الأمامية الثلاث.











اميركا، حفاظا على كرامتك القومية المصابة بالانفلونزا






GMT 18:45:00 2007 السبت 24 مارس


نصيف الناصري






أميركا، اخرجي قواتكِ العسكرية من بساتين ورود وحقول قمح بلادنا
حتى يعود الله الى جحيم معابدنا ويستأنف رحمته العظيمة.






تصوير آدم البياتي
اخرجي فيالقكِ الغازية كلها، حتى ننظفُ بالجرافات أوساخ أكاذيبكِ الكبيرة.
نريدُ الآن أن نحطم أخلاقياتكِ الحقيرة وندفنُ نتاناتكِ كثيرة الأقراط الاستعمارية.
أيتها المتطرفة والمقفلة مثل حمار يستهلُ سيمفونيته بتغطيس قنابل النابالم في
دبر صباحات العالم. حين تقوم طائراتكِ الحربية بقصف بيت في {مدينة
الصدر} أو {الفلوجة}. تتصدع الكثير من طوابق مبنى {الإمباير ستيت}.
يطير الإوز العراقي خائفاً من صليات رشاشات جنودكِ المخربة شَعر جداولنا
وأبنية أزماننا القديمة. ليست بلادنا طروادة، ولا زيوس ربّ الأرباب ربّنا.
نحنُ 5 شعوب و5 لغات و4 أديان وآلاف المذاهب والعقائد، ولا تنفع معنا
وصفات سياساتكِ التي يطبخها رجال ال CIA وجنرالات البنتاغون الأغبياء
في أقبيتهم السرية.
أميركا، من أجل الحفاظ على كرامتكِ القومية المصابة بالانفلونزا الآن.
يجب تقديم أحمد الجلبي المحرض على {قانون تحرير العراق} الى المحاكمة
بسبب خديعته للسيناتوريين ومليارديرات مجلس الشيوخ.
يجب محاكمة كنعان مكية لخديعته وتوريطه الرئيس جورج دبليو بوش وحمقى
البنتاغون ووزارة الخارجية بقوله : {سيستقبلكم الشعب العراقي في الورود
والحلوى}. ينبغي الآن بعد أن ظهرت الوعود خلباً. محاكمة عبد الباري
عطوان وصحيفته {القدس العربي} لدفاعه عن قاتل الشعب العراقي وتحريضه على قتل الفلسطينيين اللاجئين في العراق. ينبغي محاكمة الاخوان المسلمين في
قناة {الجزيرة} الذين يحرضون ويدلّون زنابير {القاعدة} على أعشاش البلابل
في أعالي أشجار نخيل العراق.
أميركا، اخرجي قواتكِ العسكرية من نسيم وآمال أغنيات بلادنا الآن،
وضعي مشروع {الشرق الأوسط الكبير} في المرحاض.
600 ألف انسان قُتل في العراق منذ غزوكِ. 600 ألف وردة قُطفت قبل أوانها.
{فوضاكِ الخلاّقة} ستدمر اقتصادكِ وتغلق بنوككِ. ستفتقرين حدّ اللعنة حين
لا يجد دافع الضرائب ما يدفعه لميزانيتكِ العسكرية.
نشكركِ الآن باخلاص عظيم لخلاصنا من سيف الطاغية صدام حسين، ومنجل
قتل حكمه الفاشي. نشكركِ على خلاصنا من الموت السري في مقابره الجماعية
التي لا يعرفها إلاّ جامعة ومخابرات الدول العربية وقناة {الجزيرة}.
نريد الآن النوم من دون دويّ مدافع وصواريخ تمزق حرير أحلام أطفالنا
نريد أن ننظف شوارعنا ومتنزهاتنا من نفايات فيالقكِ العسكرية المدرعة.
نريد أن ندفن قتلانا ونرمم بيوتنا ومدارسنا ومستشفياتنا ومتاحفنا.
أمطارنا وعصافيرنا وفراشاتنا غادرت البلاد
وسلاحفنا وزهورنا ماتت كلها من القتل والجوع
وتركت الرعود مهماتها في سمائنا لقنابلكِ الذكية وغير الذكية.
لا نريد ديمقراطيتكِ التي تشظي أحلامنا ومنجنيقات شوارعنا المشجرة بالهموم.
غزوكِ لبلادنا، خرطوم طويل يشفط مليارات بترولنا منذ 4 سنوات.
كيف يشعر الانسان براحة تامة وأنباء جرائمكِ تملأ نجوم العالم؟.
هل يستطيع أطفالنا الذهاب الى شموس المدارس، والسيارات المفخخة
تنثر أشلاء أجسادهم في الشوارع المصابة بالسرطان؟
أمريكا، {أن نموت ملسوعين بثعبان الكوبرا 1
ليس كما نموت بطعام خنزير فاسد.
بعضهم يموت غرقاً في المستنفعات
أو في البحار.
بعضهم يموت على يد رجل أشعث الشعر في سواد الليل.
هناك موت كالذي أصاب ساحرات جان دارك
هناك موت مرعب كالذي أصاب بوريس كارلوف
وموت بلا احساس، كالموت عند الولادة}.
لكننا الآن نموت بالآلاف في أمكنة العمل والجامعات والمطاعم والمساجد.
نموت في أعقاب كل سيارة مفخخة يتم تفجيرها في الريموت كونترول عن بعد.
نموت بالآلاف في أحزمة ناسفة يرتديها شبّان قدموا من مغاور في القرون الوسطى الى بلادنا ليصفوا حساباتهم مع أميركا.
ماذا نفعل الآن مع الميليشيات المسلحة وفرق الموت السنية والشيعية؟
الرجال البواسل الآن في بلادنا المريضة أقمارها وحكمتها. ينسون
ادامة أحلامهم الانسانية ويقتلون بعضهم بعضاً في الأمكنة النائية والمنعطفات
المظلمة الوعرة باسم المذهب، وشعار قناة التلفزيون الحكومية :
{اخوان سنة وشيعه
هذا الوطن منبيعه}.
من طيزي.
ناكوا عرض الوطن باسم الدين.
الميليشيات
وفرق الموت الطائفية.
الانتحاريون وسيارات التفخيخ
جعلت أجساد الناس تتناثر وتتشظى
في الشوارع
مثل جلود وعظام التصليخ.
الحياة التي كنا ننتظرها على الطريقة الأمريكية
جعلت فتياتنا ينمن منقبات ويمشين الى الأسواق والجامعات منقبات
وأغلقت أحزابنا الدينية المتطرفة التي حرمها نظام صدام الديمقراطية
دور السينما
البارات
مخازن الموسيقى
المتنزهات
وسيطرت الحكومة على {شبكة الاعلام} التي أسسها {بريمر}
لتكون على غرار ال بي بي سي
ويتم تمويلها من الضرائب العامة.
قنوات للقتل والتحريض على القتل باسم الدين والديمقراطية الأميركية
قنوات فضائية شيعية
قنوات فضائية سنية
قنوات فضائية لقطع الرؤوس وثقب الأجساد
قنوات للخطف والتفخيخ
قنوات لعبد القادر الكيلاني
قنوات لآهل البيت {اللطم والعويل 24 مرة في العام في مناسبات
 مواليدهم وقتلهم}
قنوات للوهابية
قنوات للبعثية
قنوات للثيران
قنوات للهتلية
قنوات للسرسرية
قنوات لخنازير وهتلرية القومية.
أميركا، اخرجي قواتكِ العسكرية من حطام بلادنا
واذهبي صفّي حساباتك مع {القاعدة} والارهاب العالمي بعيداً عن شعبنا.
{نحن لا نكرهكِ 2
هل نكره الرعد المؤذي اللعوب؟
هل نكره فك الحمار المتشظي؟}
من الذي هدّم ثكنات قواتنا المسلحة وسرّح الجيش والبوليس؟
من الذي ترك حدودنا مفتوحة الأبواب لشبّان {القاعدة}؟
اصابات كثيرة ومؤلمة يتلقاها أطفالنا وشيوخنا من رشاشات المارينز
وأفواج الخيّالة في كل آنٍ.
مستقبلنا أصبح الآن خلفنا، وانساننا يكاد أن يخرج عن فطرته السليمة
بسبب القهر والذل والقتل.
لم يتعود الناس في بلادنا أن توضع الأكياس السود فوق رؤوسهم
وأيديهم مربوطة الى الخلف في الحبال.
هل ننسى جرائم اغتصاب فتياتنا الصغيرات؟
هل ننسى فضائحكِ وجرائمكِ الوحشية في سجن {أبو غريب}؟
هل ننسى قصف طائراتك ومدافعك الخطأ وهو يدمر منازل الفقراء
ويقتلهم في المدن والقرى؟


اميركا، اخرجي قواتكِ العسكرية من ليل بلادنا.


22 / 3 / 2006 مالمو


1 و 2 غريغوري كورسو {قصيدة القنبلة}


شاعر من العراق يقيم في السويد
Nasif_nasiry@hotmail.com

الرحلة القيروانية

 هوامش على النص وعتباته



شعيب حليفي




1


انعقدت بمدينة القيروان- تونس ندوة ( النص وعتباته) أيام 6-9 مارس 2007 من تنظيم قسم العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية. وقد شارك في هذا اللقاء أزيد من خمسين باحثا جامعيا ينتمون إلى عدد من الجامعات والمعاهد التونسية ومن الجزائر والسعودية وسوريا..أما الوفد المغربي فقد كان ممثلا بالباحثين الأكاديميين : محمد خرماش،سعيد يقطين،محمد وقيدي،عبد اللطيف محفوظ ،عبد الفتاح الحجمري وشعيب حليفي.


2




  • عتبات الذهول


حينما تخالطت أنفاسي ، في ذلك المساء الممتد على سهل المطار الدولي قرطاج ،بأبخرة ندية ضاجة بروائح روحانية..آنذاك طلعت بدواخلي أحاسيس بائدة ومتوغلة في مناطق قصية من وجداني.إحساس أني كنت في هذه الأرض قبل أربعة عشر قرنا خلت ولما تزال آثارها المتجددة.. بنفس الدهشة حينما اخترت أن أكون فاتحا بدم أمازيغي وإفريقي وعربي في "معسكر" قررنا ،في ذلك الفجر الأول لحياتنا الجديدة أن يكون محطة طلوع الشمس وتصريف الغيوم وتملك أسباب تفاعل واختلاط الحلم في اتجاه غرب الروح.


كنت أرى خلال إقامتنا، غبارا صافيا(نسجت منه أمي خديجة بنت الحاج راعا..لنا ولكل الثوار أقمصة صيفية وشدودا بيضاء تتضمخ بدمائنا الفائرة) وأسمع دقات الطبول ووقع حوافر الخيول وهمهمات لا محدودة بلهجات متعددة...وكانت أيضا أحاسيس رقيقة تغزوني غزوا أبد يا.


الآن،ما تزال نفس الشموس تشرق على الأحلام الممددة غربا إلى حيث تبللها بما فاض من ذهول دائري ..ثم تتبعني أينما حللت.


يوميا كنا نأوي ليلا، وفي وقت متأخر بعد لقاءات مكثفة في مدرج الندوات، إلى الطابق الثاني –غرفة215- بفندق الكونتينونتال، يحوطنا ما ينهض بداخلنا من تذكرات.. وقد هبت الأمطار، بعد ثلاثة أيام من وجودنا، لتضرب الأرض بدون انقطاع..كما لو أنها تبحث عن آثارنا المخلدة.


في انعطافتنا اليومية على مسجد عقبة بأنفاسه الروحانية، كنا نحس بأن القيروان هي الآن ، الفاتح الدائم لمخيلتنا..فنصيخ السمع بالوجدان للرغبات المتشكلة في كل القصبة بجنودها الثوار ورؤاهم المبللة بمياه الأطلسي.ثم نلتفت إلى أبي زمعة البلوي...والى أبي المهاجر الذي خانته الفرص الضائعة كما لم تخن كسيلة.


3











تقع القيروان على بُعد 156 كلم من العاصمة تونس. و القيروان هي كلمة فارسية دخلت إلى العربية، وتعني مكان السلاح ومحط الجيش أو استراحة القافلة وموضع اجتماع الناس في الحرب أو المعسكر.


وقد قام بإنشاء القيروان القائد العربي عقبة بن نافع عام 50هـ،.بعدما سبقته طلائع عربية ،من قبل، أهمها جيوش معاوية بن حديج سنة  45هـ/665م والذي هزم في معركة مشهودة الملك البيزنطي  جرجير في سبيطلة .مما أهلها منذ ذلك التاريخ المبكر للقيام بدور أساسي في تغيير مجرى تاريخ الحوض الغربي من البحر الأبيض المتوسط وفي تحويل إفريقية (تونس) والمغرب إلى بلاد عربية مسلمة.(وبالتأكيد كانت قبائلنا لحظتتئد تشوي آخر الأزمان المهترئة لاستقبال الفيض القادم ).


       يحيط بالمدينة العتيقة طوق متين من الأسوار شيدت من الآجر الأحادي الشكل  فتحت فيه بوابات ضخمة تعزله عن المدينة العصرية .


وتعتبر القيروان متحفا مفتوحا بسبب وجود معالم حضارية أهمها: جامع عقبة بن نافع والذي يعد أبرز ما جاءت به العمارة القيروانية في الحضارة الإسلامية بالمغرب العربي، وقد أسس سنة 50هجرية ،وقد تم تجديده في لحظات متعددة، و يشتمل على 17 بلاطة وثمانية أساكيب، ويستمد تخطيطه من الجامع الأموي مع الاقتداء بمثال جامع الرسول بالمدينة.


ويتميَّز جامع القيروان، بالإضافة إلى معماره وتركيبه الهندسي، بالمحافظة على أغلب أثاثه الأصلي الذي يرجع إلى فتراته الأولى، مثال المنبر الخشبي 284ه وهو أقدم المنابر الإسلامية التي سلمت من تقلُّب الأزمات، وهو مصنوع من خشب الساج، ويشتمل على ما يربو عن 106 لوحة تحمل زخارف بنائية وهندسية بديعة، تعبر عن تمازج التأثيرات البيزنطية وتوحدها في روح عربية إسلامية.


وأشهر هذه الأضرحة، ضريح سيدي الصحبي ، وهو أحد صحابة الرسول الكريم(ص)، الصّحابي أبو زمعة عبيد بن أرقم البلوي، من أصحاب الشجرة قدم من شبه الجزيرة العربية ليستقر في القيروان. وكان يحتفظ عنده بكثير من العناية والحرص بثلاث شعرات من لحية الرسول عليه السلام، مما يفسر تسميته بحلاق الرسول. وقد توفي سنة 34 هـ/654م خلال الفتوحات الإسلاميّة لإفريقيّة في غزوة معاوية بن حديج وذلك إثر معركة ضدّ الجيوش البيزنطيّة قرب عين جلولة ( 30كم غرب القيروان ). وقد دفن جثمانه في موضع القيروان قبل تأسيسها.


4


وقد آن الأوان لأن أعرب لقبائلي بالشاوية المقدسة ،والتي لم تعرف قط قدوم الأنبياء إليها .. وعرفت من الرسالات ما لايحصى أنني ضممت إلى ممتلكاتهم أيالة القيروان بشموسها وغيمها وأوليائها وما تبقى من أسلحة وطعام الفاتحين وكل السبايا من الأميرات البربريات...فقد فاض عن خاطري انبهار فادح ممتد في مساحات وجداني والتي منها ينهض الذهول النبيل.


قال الرقيق القيرواني بأن عقبة لما وصل إلى طنجة رحل منها إلى السوس الأدنى ثم الأقصى وقاتل أهالينا قتالا شديدا "وأصاب نساء لم ير الناس في الدنيا مثلهن فقيل إن الجارية منهن كانت تبلغ بالمشرق ألف دينار ونحوها".


5




  • عتبات النصوص


شارك الوفد المغربي بمداخلات توزعت عبركل أشغال الندوة، فقد تدخل عبد الفتاح الحجمري في اليوم الأول في موضوع(المطالع والخواتم في الرواية: الأنواع والوظائف )حيث ناقش جملة من القضايا النظرية المتصلة بمطالع النصوص وخواتمها بما هي عتبات مكوّنة لجزء من ماهية النص، ومحددة لأفق تلقيه وتأويله كذلك. ولا شكّ أن تناول تلك القضايا على الوجه المطلوب لا يمكن أن يتمّ دون تبيّن اختيار منهجي يكون مدخلا لازما لبحث وظائف وأنواع المطالع والخواتم النصية، علما أنّ هذا الاختيار المنهجي يتمثل نظرية للنص وللموازي النصي.. حدودها المفهومية هي مجال تفكير:


- بويطيقا النص الأدبي من الناحية البلاغية والأسلوبية ، أي من ناحية تشكّل المعنى والدلالة النصيتين.


- السرديات من خلال اهتمامها بالبعد السردي للمطالع والخواتم، أي علاقة الحكاية بمختلف الوحدات السردية بدءا من الجملة السردية الأولى، مرورا بالمتتالية الجملية والفقرات والمقاطع السردية. وينفتح هذا البعد السردي ، على خصوصية الصوت السردي والتقعيرات الفضائية والزمنية.


- التداولية لأنها تهتمّ بتحليل مختلف إجراءات التلفظ والتواصل الأدبي، من زاوية التلقي ودور القارئ.


- السميائيات حين تهتمّ بالعلاقات الميتا- لسانية والتبوغرافية لكلّ مسار حكائي.


- السوسيونقد أو السوسيوبوبيطيقا التي تمكّن من فهم إجراءات المرور من خارج النص إلى داخله، وكذا أسئلة الواقعي والتخييلي.


يبدو الموضوع بهذه الصفة متسعا ومتشعبا ، ويحتمل إمكانات متعددة في التناول والتصوّر.


من هنا، يرتكز تحليل مطالع النصوص وخواتمها، في هذه المداخلة، على مساءلة بعض عناصر التأليف الروائي من ناحية التكوّن، والنظر إلى كيفية تركيبهما بحسب انتشار الحكاية . ولأن تركيب الخطاب من تركيب الحكاية ، فإن مطالع النصوص وخواتمها ليست بنيات مجردة ، ولكنها تحقق حكائي متصل بفضاء نصّي،تناصي،ومعمار نصي ، أي متصل بمعجم وصورة.


متى تنتهي بداية النص ؟ ومتى تبتدئ نهاية النص ؟


وقد استثمر الباحث بعض المعطيات النظرية المشار إليها للإجابة عن السؤال السالف،مستعينا في ذلك بجملة من النصوص الروائية العربية بغاية التمثيل والتحليل .


مداخلة محمد وقيدي حول (عتبات النص الفلسفي)جاءت متميزة لكونه اختارا أسلوبا مغايرا ضمن مقترح اشتغاله بحيث اعتبر العتبات في الخطاب الفلسفي تأتي قبل النص عبارة عن نصوص مرجعية تنصهر وتتصارع علاماتها..ثم تأتي بعد ذلك عتبات قبلية وكما لو أن النصوص تنبني وفق نظام عتباتي دائري يحقق التواصل والاستمرارية والإنتاجية.


وللتعبير عن هذا الطرح استعرض الباحث محمد وقيدي نصوص أفلاطون وديكارت وكانت مبرزا بناء العتبات بالأفكار وتخلقها وفق النظام التساؤلي




في اليوم الثاني تدخل شعيب حليفي بورقة حول (فاعلية التخييل في البداية السردية)إذ قسم موضوعه إلى مدخل ومحورين.


في المدخل عالج الباحث الجملة البداية وعلاقتها بتشكيل النص والتأويل..كما تحدث عن الارتباط التفاعلي بين النص والبداية مما يجعل أية مقاربة تغيب النص أثناء الحديث عن عتباته تصبح ضربا من الدجل النقدي؟


- وتطرق في المحور الأول إلى ثلاثة مستويات.ربط في المستوى الأول بين النص والتخييل والجنس الأدبي ثم الأفق الذي تحدده الكتابة..وحلل في هذا السياق رواية محمد برادة (مثل صيف لن يتكرر) متوقفا عند التذكر واللغة والتكرار(من خلال مفهوم ادوارد سعيد في بدايات).


- المستوى الثاني اهتم بعلاقة البداية بالإدراك وبالتأويل محللا رواية (جسر بنات يعقوب) لحسن حميد وبداياتها الراسمة لإدراك يساهم في تحقق تآويل جديدة.كما اختبر الباحث هذا المستوى في رواية ( خطبة الوداع) لعبد الحي مودن وفي رواية إبراهيم نصر الله (شرفة الهذيان).


- المستوى الثالث حول البداية الروائية والتنوع متوقفا عند أعمال الروائيين عبد الجبار العش وعزت القمحاوي ومصطفى الكيلاني وكيف أن بدايات نصوصهم السردية تنطلق من التذكر والمعرفة والوعي بالكتابة.


المحورالثاني من ورقة شعيب حليفي جاء في التحليل، وقد قسمه إلى جزء أول اختبر فيه البداية في السرد القديم من خلال نموذجين وهما اللوح الأول من ملحمة جلجامش وحكاية طسم وجديس كما وردت في التآليف الأدبية والتاريخية للخلوص إلى ملاحظات أولية- نسبية وقابلة للمساءلة- حول تلك البدايات، أهمها أنها تختزن تقييمات صريحة وضمنية وهو أمر ناتج من تأثير الثقافة الفقهية والتاريخية.


الجزء الثاني خص به رواية (في مكتبي جثة)لفرج الحوار..وبعد تحليله لثلاث عتبات تفتتح الرواية


( الإهداء والتمهيد ثم الجملة البداية)خلص أن العتبات جاءت لبناء الأفق التخييلي عبر ثلاثة أشكال من النفي:نفي المأزق في الإهداء ونفي التهمة في التمهيد ونفي الاعتقاد في البداية الروائية...ثم ربط الباحث بين هذه الآفاق وفاعلية التخييل في الرواية.




أما مداخلة عبد اللطيف محفوظ "استراتيجية تمثيل وتمثل العنوان" (دراسة سيميائية في القصة القصيرة المغربية) ، التي اتخذت السيميائيات البورسية مرجعية لها، فقد انطلقت من وضع تساؤلات حول وظيفة العنوان وحول العلاقة بين النظر إليه بإطلاق والنظر إليه بوصفه مرتبطا بجنس أدبي محدد وبحقبة زمنية محددة. لينتقل بعد ذلك إلى دراسة علاقة العنوان بالنص انطلاقا من ثلاثة محاور أساسية:


-تحديد شكل تمثيل العناوين للنصوص التي تؤشر عليها،انطلاقا من اعتبارها نصوصا مصغرة، تدل على عوالم دلالية ممكنة، ذات علاقة من جهة بالموسوعة الثقافية، ومن جهة بالنصوص التي تؤشر عليها.


-تحديد شكل العلاقة الرابطة بين مضامين النصوص ومضامين عناوينها، مع التركيز على محاولة ضبط أنواع تلك العلاقات بين كونها أيقونية أو تأشيرية أو إشارية.


- البحث في أشكال تمثل القصاصين المغاربة للعنوان، وذلك انطلاقا من توظيف نتائج المحورين السابقين في دراسة العلاقات المضمرة والجلية بين مضامين نصوصهم وعناوينها.


وقد حلل محفوظ مجموعة من العناوين وربط دلالاتها بنصوصها، وبشكل تمثل وتمثيل الكتاب لها ومن بينها سوء الظن لعمروالقاضي وترانت سيس لمليكة مستظرف وتفاح الظل لياسين عدنان، وعناوين أخرى للتمثيل منها ققنس والبرشمان وفانطازيا..











وافتتح سعيد يقطين الجلسة السادسة بورقة نقدية بعنوان(كيف يتحول المناص إلى نص: حول العتبات النصية في الأمثولة العربية) حيث أكد أنه يتوفر لبعض النصوص ، على خلاف بعضها الآخر ، عدد كبير من العتبات أو المناصات. ويمكن تقديم كتاب كليلة ودمنة مثالا لذلك . فهو تتصدره خمس مناصات خارجية لأنها ذات طابع فيلولوجي وتاريخي . ومناص واحد داخلي ذو بعد نقدي هو عرض عبد الله بن المقفع للكتاب الذي عمل على ترجمته إلى العربية.


إن مناص ابن المقفع ذو طبيعة خاصة لأنه يؤسس لنوع محدد هو الأمثولة ، كما أنه يحدد أسلوب هذا النوع وطريقة حكيه بناء على تفاعله مع نص كليلة ودمنة . كما أنه يجعله منفتحا على طبقات قرائية متعددة ، ويجعل أغراضه ومقاصده متعددة . لكل هذه الاعتبارات لم يبق هذا المناص فقط عتبة لكتاب كليلة ودمنة ، ولكنه تحول إلى نص نموذجي اقتفى أثره كل من صنف أو ألف في الأمثولة العربية من النمر والثعلب لسهل بن هارون إلى فاكهة الخلفاء لابن عربشاه .


ويبدو ذلك في مناصات الكتب من جهة ، وفي طريقة عرضها وأسلوبها السردي ، وفي تعدد أبعادها ومراميها التي يختلط فيها جميعا الهزل بالجد ، وتمتزج الحكمة باللهو . وما كان لمناص ابن المقفع أن يتحول إلى نص لولا تدشينه لنمط جديد من كتابة عرضه للكتاب الذي حاول من خلاله أن يقدم رؤية شاملة ودقيقة لكتاب كليلة ودمنة .



مداخلة محمد خرماش، في اليوم الثالث، جاءت بعنوان ( خطاب المقدمات واستراتيجية التقديم: مقدمة ديوان تهاليل للجرح وللوطن لمحمد حبيب الفرقاني نموذجا )تحدث الباحث عن الخطاب المقدماتي الذي يدخل في نطاق ما يسمى بالعتبات، وهي النصوص المصاحبة أو النصوص المساعدة للنص الأصلي، مثل العنوان والعنوان الفرعي والتنبيه والاستشهاد والتعليق أو التوقيع وغيرها.


ويضيف محمد خرماش بأن هذه النصوص المساعدة أو" الاكسيسوارات" تمثل مجموعة من العلامات التي تؤطر النص الأصلي، وتوفر له مناخا يساعد القارئ أو المتلقي على بلورته واستيعابه؛ وقد يعول عليها الكاتب كثيرا في جذب قارئه أو التأثير عليه أو الإيعاز له بما يريد، أو على الأقل لفتح طريق رئيسي لمقاربته...


وقد يكون التقديم أكثر العتبات أهمية وخطورة لما يحتله من موقع ومساحة ولما يمكن أن يقوم به من دور أو ادوار في عمليتي الكتابة والقراءة...


وعليه فإن إستراتيجية التقديم تتراوح بين المعرفة والإيديولوجية لأنها تستهدف جملة من المقاصد تجاه المؤلف والنص والقارئ ، وتعمل ضمن منطقة الحدود الوعرة بين الأدبي والاجتماعي، بين الواقعي والخيالي بين التصريح والتلميح،


وبذلك فهي من الصعوبة بمكان في انجازها وفي إدراكها وفي تقدير اشتغالاتها ومفاهيمها، ورغم كل ذلك فهي عمل قيم ولا يمكن التغاضي عنه أو إغفاله في موقعه الحساس




6


انتهت الندوة، والتي أشرف على الإعداد العلمي لها الناقد التونسي رضا بن حميد (رئيس قسم العربية بآداب القيروان )وفريق نشيط من الباحثين ،بعد أرٍبعة أيام شهدت أمطارا غزيرة وطقسا باردا لم يصمد أمام سخونة النقاشات وفاعليتها في سبعة عشرة جلسة ومشاركة باحثين من تونس والبلدان الأخرى قدموا ورقات نقدية لافتة حققت نقاشا لافتا.

الهجرة غير الشرعية بعيون مبدعين عرب وغربيينأضف هذا الموضوع إلى قائمة المواضيع المختارة في My swissinfo




"لوحات صحراوية" للفنانة أورسولا بيمان(متحف الفن المعاصر، جنيف) 


 


"محطة المغرب العربي، حركة الحياة عبر شمال إفريقيا"، عنوان معرض ينظم في جنيف حاليا عن الهجرة غير الشرعية عبر بلدان شمال إفريقيا من وحي فنانين سويسريين وأوروبيين ومغاربة.


المعرض الذي سهرت على تمويله المؤسسة الثقافية السويسرية "بروهيلفيسيا" يعكس لوحات عن مظاهر الهجرة غير الشرعية في حوض البحر البيض المتوسط عبر عدة معابر مثل أغاديس أو لامبيدوزا أو وجدة أو العيون.


 


ورشة تصنيع قوارب بحرية في عمق الصحراء، فتاة صينية تزاحم الباعة المتجولين في الأحياء الشعبية في القاهرة، جدار واق في الصحراء الغربية، شيد فوق أراضي قبائل الرحّـل التي لم تعرف الحدود في يوم من الأيام، تلك هي اللوحات والصور وعروض الفيديو التي يعرضها مركز الفن المعاصر في جنيف ما بين 24 فبراير إلى 22 ابريل 2007 تحت عنوان "محطة المغرب العربي، حركة الحياة عبر بلدان شمال إفريقيا".

المعرض الذي سبق أن عرض في "تاون هوز غالري" بالقاهرة ما بين 11 ديسمبر 2006 و13 يناير 2007، هو من تمويل المؤسسة الثقافية السويسرية بروهيلفيسيا وتصميم الفنانة السويسرية أورسولا بيمان ومشاركة العديد من الفنانين المغاربة والسويسريين والأوروبيين.

يشتمل المعرض على ثمانية مشاريع، إما على شكل معرض صور أو عرض فيديو او خرائط تعكس، كما تقول صاحبة الفكرة أورسولا بيمان "هياكل الانتقال وسياسات الردع والإحتواء للهجرة غير الشرعية واستقلالية نظم الهجرة في المنطقة".


 


لوحات الصحراء


 


لا شك أن أكثر المساهمات الفنية، تعبيرا عن تعقيد وصعوبة مسارات الهجرة غير الشرعية تلك التي عرضتها الفنانة أورسولا بيمان انطلاقا من أرشيف صور قوات الدرك المغربية.

فقد تمثلت في لوحات فنية تعكس عند الوهلة الأولى مناظر ساحرة لكثبان رملية في أقاصي الصحراء، توحي بالهدوء والسكينة والرومانسية، ولكن عندما نمعن النظر، تبدو لنا خيام وتجمعات سكنية متفرقة أقامها الراغبون في الهجرة غير الشرعية في صحاري النيجر ومالي والجزائر وليبيا، في انتظار أن يأذن لهم الساهرون على التهريب بمواصلة المشوار نحو الحلم المنشود، أو اللوحة التي تبدو سريالية، بحيث تظهر تجمعا سكنيا صغيرا في عمق الصحراء وقد انتصبت في ضواحيه ورش لبناء السفن في منطقة لا وجود لبحر فيها، هذه الصورة التي التقطت من قبل قوات الدرك المغربية، تعكس كيف أن الراغبين في الهجرة أصبحوا يحضرون رحلاتهم بعيدا في عمق الصحراء لأن الرقابة على السواحل أصبحت أكثر تشددا.


 


مضيق" بأتم معنى الكلمة


 


الصور التي ساهمت بها الفنانة الفرنسية من أصل مغربي يطّـو برّادة، تناولت صور ومفاهيم ومصطلحات الراغبين في الهجرة الشرعية أو من يسمون "بالحراقة".

وقد استخدمت كشعار لمعرض صورها "مشروع المضيق بكل ما تحمله الكلمة من معنى: المضيق كممر جغرافي والمضيق هذه المسافة البحرية التي تفصل الفارين من ضيق الحياة والحالمين بالانفراج عند بلوغ الضفة الأخرى.


 


بث مباشر من لامبيدوزا


 


لامبيدوزا شعار مرتبط في أذهان الغالبية بأفواج المهاجرين غير الشرعيين الذين لم يسعفهم الحظ قليلا وسقطوا في شباك قوات خفر السواحل الإيطالية أو من لم يسعفهم الحظ بالمرة والتقطوا جثثا هامدة.

الفيلم الذي أعده رفائل كوكو وماريا أيوريو، يستعرض كيف أن كل مقومات هذه الجزيرة تم تسخيرها لمسايرة هذه الحركة والتنقل الدائمين، من جهة للسياح المتوافدين من الشمال نحو لامبيدوزا للتمتع بجمال الطقس والبحر والطبيعة، ومن جهة أخرى، لمرشحي الهجرة غير الشرعية الذين يرون في لامبيدوزا تحقيق الحلم المنشود بحياة أفضل.

ولاشك أن المشهد المعبر هو ذلك الذي تظهر فيه شابة أوروبية خارجة على التو من مياه البحر لتخضع لاستجواب قناة تلفزيونية في بث مباشر قائلة "كنت أتوقع رؤية مهاجرين غير شرعيين، لكن لا يوجد أي منهم"، وهو التعليق الذي يجيب عنه رجل بملامح إفريقية ممتد فوق الرمال البيضاء تحت شمسية بقوله "لا يمكنك أن ترينهم في أي مكان - كل شيء يبدو طبيعيا بالكامل". عالمان متلازمان جنبا الى جنب، ولكن لكل منهما تطلعاته وهواجسه.


 


من روما لروما


 


قصة وسيناريو الرسوم المتحركة للفنانة المصرية هالة القوصي، تعكس حلم شباب القرى المصرية الذي يعيش على حلم الهجرة للغرب بالاستعانة بقريب او صديق أو من يتعلق بسائحة أجنبية على أمل أن تتزوج به وتمكنه من الحصول على تراخيص الإقامة.

وقد انطلقت هالة القوصي من حادث مقتل المصورة السويسرية فيرونيك أودرجون في عام 2004 على يد عشيقها الذي صارحته بأنها لا ترغب في الزواج منه، وحطمت بذلك كل أحلام الهجرة والغد الأفضل والهروب من الواقع المر.


 


واحد صيني يبيع حاجات


 


فيلم الفيديو "صيني حلو.. صيني جميل" لدعاء علي، يصور غزو الباعة الصينيين لشوارع القاهرة والمدن المصرية ضمن حركة السياحة الوافدة من الصين، والتي عرفت تردد أكثر من 80 ألف صيني على مصر ما بين عامي 2004 و2005، وهذه العبارة "واحد صيني يبيع حاجات"، هي العبارة التي يرددها الكثير من هؤلاء الباعة عند طرقهم أبواب المنازل.

كثير من هؤلاء السياح الجدد يمكثون في مصر بشكل غير شرعي لممارسة مهنة الباعة المتجولين. وقد حاول الفيلم استكشاف شبكات التوظيف المعقدة التي تسهر على استقدام العاملين والبضاعة بشكل مستمر، وهي ظاهرة لم تعد تقتصر على مصر، بل نجدها في جل البلدان المغاربية والإفريقية.

وقد تم تلخيص محتويات هذا المعرض الفريد من نوعه عن الهجرة غير الشرعية وعن إشكالية حركية التنقل بين ضفتي المتوسط، في كتاب باللغتين، العربية والإنكليزية، يحمل نفس عنوان المعرض.


 


سويس إنفو – محمد شريف - جنيف


 

٢٣‏/٣‏/٢٠٠٧

ورشة الكاتب


قراءات في سرود عزت القمحاوي



 يعقد مختبر السرديات بالتنسيق مع نادي القلم المغربي والجمعية البيضاوية للكتبيين مائدة مستديرة في موضوع (ورشة الكاتب : قراءات في سرود عزت القمحاوي)وذلك يوم السبت 24 مارس 2007 بفضاء الندوات- ممر التازي بالدار البيضاء بمشاركة الباحثين:


شعيب حليفي، نور الدين صدوق ،بوشعيب الساوري، الشريشي لمعاشي.



ويجئ هذا اللقاء بعد لقاءات حول تجارب روائية مغربية والرغبة في مقاربة تجارب عربية ذات تميز .لهذا فإن أي تصور لمنجز المبدع عزت القمحاوي القصصي والروائي، يجعلنا نقف على تجربة موسومة بالفرادة والخصوصية ،سواء على مستوى التفكير في الصيغة ، أو المادة المراد ترجمتها تخييلا إلى نص إبداعي قائم الذات.



إن القمحاوي يعمل على التقاط الحالة ، وبالتالي استجلاء نفسية الفاعلين ، في نزوع إلى التكثيف، حيث المعنى المصاغ والمنتج ، تجلوه وتعكسه الصورة المفارقة بين أكثر من حالة واحدة..



على أن مرجعيته الأساس ، وليدة انشغاله بالصحافة الثقافية،حيث دقة المتابعة، إلى قوة العلاقات الثقافية والتجارب العالمية الثرية بآفاقها الرحبة.



من تم، يروم هذا اليوم الدراسي التعرف على تجربة عزت القمحاوي وقراءة آثارها قراءة نقدية موضوعية تهدف الإحاطة بها من جانب وتقديمها للقارئ المغربي والعربي على السواء

الرسول الكريم.. خلود المعجزة

نــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر


NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM


   في ذكرى رحلة رسول الاسلام، محمد بن عبد الله (ص) في الثامن والعشرين من شهر صفر المظفر، استضافني مشكورا، يوم أمس، مركز الامام علي (ع) في العاصمة الاميركية واشنطن، لألقي محاضرة عن الذكرى، فاخترت موضوع الحديث عن سر خلود معجزة الرسول الأكرم، الا وهي القرآن المجيد.
   وبرأيي، فان سر خلود معجزة الرسول (ص) هو ارتباطها بعقل الانسان، وهو المخلوق الاعظم الذي خلقه الله تعالى من نور، كما ورد ذلك عن الرسول الكريم، وهو الذي قال عنه رب العزة في حديث قدسي{بك اثيب وبك اعاقب} ولان عقل الانسان لا حد له، وهو قابل للتطور في كل زمان ومكان، لذلك فان معجزة الرسول الاكرم (القرآن الكريم) التي تتحدث الى العقل، خالدة لا حد لها، وستظل تتحدى الانسان في اسرارها وعلومها ومعانيها ومضامينها الى يوم يبعثون.
   وبقليل من التمعن والتدبر في آيات القرآن الكريم، يتبين لنا بان الهدف الاسمى لمعجزة الرسول الكريم(ص) هو ان يعمل الناس (احسن) العمل وليس مجرد العمل فقط، ولذلك نحن نقرا في العديد من آيات القرآن الكريم هذا المعنى بشكل واضح، كقوله تعالى{وهو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام وكان عرشه على الماء ليبلوكم ايكم احسن عملا} وفي قوله عز وجل{انا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم ايهم احسن عملا} وفي قوله تعالى{ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع اجر من احسن عملا} وفي قوله عز من قائل{الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور} والعشرات من الايات بهذا المعنى، وهذه دعوة قرآنية واضحة وصريحة للانسان، لأن يجتهد ويبذل قصارى جهده من اجل انجاز احسن الاعمال، من خلال الاخذ بالاسباب والادوات والعوامل التي تعينه على ذلك.
   لقد خلق الله تعالى الانسان على احسن صورة، كما في قوله تعالى{لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم} وفي قوله تعالى{خلق السماوات والارض بالحق وصوركم فاحسن صوركم واليه المصير} وفي قوله عز وجل{الله الذي جعل لكم الارض قرارا والسماء بناء وصوركم فاحسن صوركم} وفي قوله عز من قائل{الذي احسن كل شئ خلقه وبدا خلق الانسان من طين} كما انه تعالى فطرالانسان على احسن فطرة، كما في قوله تعالى {فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون} وفي قوله تعالى{صبغة الله ومن احسن من الله صبغة ونحن له عابدون} كما انه تعالى بعث للانسان احسن الدين واتم المناهج، كما في قوله تعالى {ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم} وفي قوله تعالى{ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا واتخذ الله ابراهيم خليلا} وفي قوله عز وجل{افحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون} وفي قوله تعالى {الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم في ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد} وفي قوله تعالى{ولا ياتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا} كما انه تعالى قص على الانسان احسن القصص والعبر الانسانية، كما في قوله تعالى{نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القرآن وان كنت من قبله لمن الغافلين} وعندما يكون للانسان احسن خالق كما في قوله تعالى{اتدعون بعلا وتذرون احسن الخالقين} وفي قوله تعالى{ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا آخر فتبارك الله احسن الخالقين} وعندما يكون له احسن رسول كما في قوله تعالى يصف رسول الاسلام{وانك لعلى خلق عظيم} وفي قوله تعالى{لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا} عندما يكون كل ذلك واكثر لهذا الانسان، فلماذا لا يحقق الهدف الاسمى من الخلق الا وهو{احسن عملا} كما هو المطلوب منه؟ اما اذا اخفق في ذلك، افلا يعني ان المشكلة في الانسان نفسه وليس في الخالق او الخلق او المنهج؟ بالضبط كالابن الذي يهئ له ابوه كل اسباب التفوق والنجاح من خلال تسجيله في احسن المدارس ذات المناهج الدراسية والتربوية النموذجية ويهئ له افضل الاساتذة والمعلمين وافضلهم خبرة في التدريس والتعليم، ثم يهئ له افضل اللباس والطعام واسباب الراحة، ومع كل هذا لا يتفوق هذا الطالب في المدرسة ولا يحقق النتائج المرجوة منه وهو يتمتع بكل اسباب التفوق، افلا يعني ان المشكلة فيه، اما بسبب عدم قدرته على الاستيعاب او اهماله لواجباته المدرسية او عدم اعتنائه بدروسه او تقصيره في قراءة المناهج، او ربما بسبب تسيبه ولا اباليته؟ من دون ان نحمل اي واحد آخر سبب عدم تفوقه والحال هذه.
   الانسان كذلك، فعندما يكون له احسن خالق وقد صوره في احسن هيأة وخلق وبعث له احسن رسول وامام وباحسن منهج ومدرسة، ثم يفشل في انجاز احسن الاعمال فهذا يعني ان هنالك خلل في هذا الانسان وليس في خالقه او دينه او نبيه.
   هنا يرد السؤال التالي، الا وهو:
   كيف يمكن للانسان ان ينجز احسن الاعمال باعتماد معجزة الرسول الكريم الخالدة الا وهي القرآن الكريم؟ وبعبارة اخرى، كيف يمكن ان يكون القرآن الكريم معجزتنا الخالدة؟.
   الجواب، من خلال الاخذ بالاسباب التي تعينه على ذلك وهي كما يلي:
   اولا؛ اتباع احسن القول، كما في قول الله عزوجل{الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هو اولوا الالباب}.
   ثانيا؛ الاخذ باحسن ما انزل الله تعالى، من خلال اعتماد افضل التفسير والتاويل، كما في قوله تعالى{واتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم من قبل ان ياتيكم العذاب بغتة وانتم لا تشعرون} او في قوله تعالى{وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ فخذها بقوة وامر قومك ياخذوا باحسنها ساريكم دار الفاسقين}.
   ثالثا؛ الدعوة بالحسنى، والجدال بالتي هي احسن، من خلال انتهاج طريق المنطق والدليل والحكمة واللين، كما في قوله تعالى{ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين}او في قوله تعالى{وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا} او في قوله تعالى{ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن} او في قوله عز من قائل{ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين}.
   رابعا؛ التدافع بالتي هي احسن عندما تصل مراحل الجدال الى طريق مسدود مع الاخر، وعدم استخدام العنف كنهاية لاي حوار، كما في قول الله تعالى{ادفع بالتي هي احسن السيئة نحن اعلم بما يصفون} او في قوله عز وجل{ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم}.
   اذن، فان طريق تحقيق {احسن عملا} هو الاصغاء الاحسن والاختيار الاحسن والحوار والجدال الاحسن وبالتالي الدفع بالتي هي احسن، فاذا تحقق كل ذلك، تحقق {احسن عملا} وعندها سنكون المصداق العملي والواقعي الواضح لقول الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام الذي اوصى شيعته بقوله {كونوا لنا دعاة صامتين} او {كونوا لنا دعاة بغير السنتكم} ومعنى ذلك ان تكون داعية بعملك الحسن وليس بالقيل والقال او بالادعاء الفارغ الذي يناقض في احيان كثيرة اعمال الانسان وانجازاته، اذ، وكما هو معروف، فان اختبار دين الناس بعملهم وليس بما يدعون او يقولون، والى هذا المعنى اشار قول الرسول الكريم (ص) {الدين المعاملة} اذ ليس المهم ما يقوله الانسان، وانما ما يعمله، فكثيرون هم الذين يقولون القول الحسن ويرفعون اعظم الشعارات، الا ان القليل منهم هم الذين يصدقون اقوالهم الحسنة المحببة بافعالهم الحسنة، وشعاراتهم الخلابة والساحرة بانجازات انسانية تنفع الصالح العام.
   اذا تحقق كل ذلك، فستكون الخاتمة لهذا الانسان، احسن خاتمة، وسيجزى احسن جزاء، كما في قول الله تعالى{ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم الله احسن ما كانوا يعملون} وفي قوله عز من قائل{ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا اجرهم باحسن ما كانوا يعملون} وفي قوله تعالى{من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون} وفي قوله عز وجل{ليجزيهم الله احسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب} وفي قوله تعالى{اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا} و{الذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم احسن الذي كانوا يعملون}و{ليكفر الله عنهم اسوا الذي عملوا ويجزيهم اجرهم باحسن الذي كانوا يعملون}و{رسولا يتلو عليهم آيات الله مبينات ليخرج الذين امنوا وعملوا الصالحات من الظلمات الى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا قد احسن الله له رزقا} وفي قوله تعالى{اولئك الذين نتقبل عنهم احسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في اصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون}.
   السؤال الآخر الذي يقفز هنا، هو؛
   كيف يمكن ان ناخذ بكل هذه الاسباب التي تعيننا على انجاز العمل الاحسن؟.
   الجواب، من خلال تغيير الذات اولا، كما قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم{له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم} او في قوله تعالى{ذلك بان الله لم يك مغيرا نعمة انعمها على قوم حتى يغيروا ما بانفسهم وان الله سميع عليم}.
   وان تغيير الذات يبدا من تغيير العقلية الى الاحسن والافضل، وذلك بمقومين اساسيين، هما المعرفة والتدبر او التعقل، وان طريق المعرفة هو القراءة وطلب العلم، ولذلك الح القرآن الكريم على طلب العلم والقراءة، وان اول ما امر به الرسول الكريم (ص) هو ان يقرأ كما في قول الله تعالى مخاطبا الرسول الكريم (ص){اقرا باسم ربك الذي خلق} كما اشارت العديد من احاديث رسول الله (ص) الى طلب العلم والمعرفة، كما في قوله (ص){طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة} و{اطلبوا العلم ولو بالصين}و{العلم نور والجهل ظلام} وغيرها الكثير من الاحاديث الشريفة والاقوال الماثورة الواردة عن المعصومين من اهل بيت العترة الطاهرة عليهم السلام.
   اما المقوم الثاني، فهو التدبر والتفكر والتعقل، كما في قوله عز وجل{افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} وفي قوله تعالى{افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها} و{الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} و{كذلك نفصل الايات لقوم يتفكرون} و{ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} و{انزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما انزل اليهم ولعلهم يتفكرون} و{لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون}و{كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون}و{انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}و{كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون} وفي الحديث الشريف{تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة} وفي آخر يصف عبادة الصحابي الجليل ابا ذر الغفاري رضي الله عنه{وكان اكثر عبادته التفكر} والتدبر هنا لا يعني في آيات القرآن الكريم فحسب، بل في كل آيات الله عز وجل، وفي كل خلق وظاهرة.
   اذن، بالقراءة والتفكر يتغير العقل نحو الافضل والاحسن، فيكون مستعدا للاخذ بالاسباب التي تمكنه من تحقيق{احسن عملا} وبذلك تتحقق معجزة الرسول الكريم الخالدة (القرآن الكريم) في كل آن ومكان.
   السؤال الآخر المهم الذي يقفز في الذهن هنا، هو، ماذا نقرأ؟ وأية ثقافة نحتاج اليوم؟.
   برأيي، فان الذي نحتاج لقراءته هو امران، الاول الذات والثاني الآخر، الناجح لنتعلم منه كتجربة انسانية، والفاشل لنتعلم منه اسباب الفشل فنتجنبها.
   في مجال قراءة الذات، علينا ان نضع جدولا زمنيا وخطط دائمة من اجل اعادة قراءة تاريخنا وسيرة الرسول الكريم وائمة اهل البيت الاطهار، ففي سيرهم جميعا تجارب ثرة وقيم انسانية عظيمة، تعلمنا كيف ناخذ باسباب التقدم والتطور والتنمية، وقبل ذلك علينا ان نقرأ القرآن الكريم برؤية جديدة ووعي متجدد.
   مشكلتنا اننا نقرا المعصومين كعواطف فقط، وهذا خطأ فادح وتقصير بحقهم وبحق انفسنا، فالحسين بن علي الشهيد سبط رسول الله(ص) مثلا، ليس عواطف فقط، وليس دموعا وبكاءا ونحيبا فحسب، بالرغم من اهمية كل ذلك، ولكن الى جانب الدمعة، علينا ان نقرا الحسين ــ الرسالة والقيم والفلسفة والمبادئ التي ضحى من اجلها والاسباب والادوات والوسائل التي ثار بها طلبا للاصلاح، وكذا الحال بالنسبة الى بقية المعصومين، وكذا الحال عندما نقرا احاديثهم واقوالهم ورسائلهم، وما تركوه لنا من اسفار عظيمة، كنهج البلاغة للامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام والصحيفة السجادية للامام السجاد زين العابدين علي بن الحسين عليهم السلام، فان في كل دعاء من ادعية هذه الصحيفة التي سماها المعصومون بزبور آل محمد، الكثير من الكنوز والكثير من العلوم والقيم والمناقبيات والفلسفة.
   وبهذه المناسبة، فانا اقترح ان يضع كل واحد منا جدولا زمنيا لنفسه ولمن يعنيه امره من اولاده واهل بيته، ويقرر ان يقرا كتابا عن كل معصوم تمر علينا ذكرى ولادته او شهادته، او على الاقل نقرر ان نقرا ما لا يقل عن عشرة اقوال من اقواله او من خطبه ورسائله، لنكون قد قرأنا، وعلى مدار كل سنة، شيئا عن الرسول الكريم وائمة اهل البيت والعظماء من تاريخنا المجيد.
   بشأن قراءة الاخر، علينا ان نقرا كل تجربة انسانية مر بها شعب من الشعوب، فلا نتعصب لثقافتنا، بل يجب ان ننفتح على ثقافات الاخرين وتجاربهم الانسانية الثرة، ففيها الكثير من التجارب والعبر واسباب النجاح والتقدم والتطور، ولهذا السبب نقرا في القرآن الكريم الكثير من تجارب وقصص الامم السالفة بحسنها وسيئها، من اجل العبرة والاعتبار، ولقد قص علينا ربنا عز وجل في كتابه الكريم احسن القصص من اجل تنبيهنا مسبقا، ونحن نهم بالمرور بقنطرة الحياة التي مر بها الاولون، كما اشارت


الى ذلك الآية المباركة {نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القران} ومن اجل ان نعتبر ممن سبقنا، كما في قوله تعالى{ان في ذلك لعبرة لمن يخشى}.
   لنقرا تجارب العظماء، ولنقرا تجارب الشعوب الناجحة في هذا العالم، كالشعب الياباني والهندي والالماني، وكذلك تجربة الحضارة والمدنية في الولايات المتحدة الاميركية، لنكتشف حقائق الدستور الذي كتب منذ اكثر من قرنين ولا زال حيا طريا يشق طريقه في الحياة اليومية الاميركية بلا هوادة، ولنتعرف على نوعية الثقافة التي لا تدع الرئيس الاميركي، وهو زعيم لاكبر واعظم دولة في هذا العالم، يتشبث بالسلطة لمجرد انتهاء مهام عمله الدستورية، ليعود مواطنا عاديا يكمل بقية عمره بعيدا عن البيت الابيض، فيما نرى الاخر عندنا يرفض ترك السلطة الا بالموت او بالانقلاب العسكري او بالتآمر عليه، فهو مستعد لفعل كل حرام واستباحة الدماء الطاهرة واراقتها انهارا والاعتداء على كل مقدس، وتدمير البلاد وخيراتها، كل ذلك من اجل أن يبقى في السلطة ولا يتركها، اما اذا كان الزعيم قد ورث السلطة، فالعياذ بالله من حظ ذاك الشعب الذي يبتلى بمثل هذا الحاكم، الذي يعين عليه حاكما حتى قبل ان يعقد ابوه نطفته في بطن امه.
   اما في العراق، قضيتنا المركزية اليوم، فالمشكلة اننا لا زلنا نحمل نفس الثقافة التي ورثناها من النظام الشمولي البائد، وفي نفس الوقت، نريد ان نبني بها عراقا جديدا قائما على اساس الحرية والعدالة والمساواة والتداول السلمي للسلطة، وهل يعقل ذلك؟


اذا كانت هذه الثقافة قادرة على ان تبني مثل هذا العراق الجديد لبناه النظام السابق، ولذلك علينا ان نتثقف بثقافة جديدة قائمة على اساس الحوار والتعايش واللاعنف والقبول بالآخر مهما اختلفنا معه، لا زال لم يحمل السيف كاداة للحوار والجدال والنقاش والتنافس السياسي.
   ثقافة قائمة على اساس الحرية والكرامة والمواطنة الحقيقية وتكافؤ الفرص وعدم التمييز على اساس العرق او الدين او المذهب او المنطقة او الانتماء الحزبي او التوجه السياسي والثقافي والفكري، ونبذ الفكر الشمولي والاحادي، دينيا كان ام ليبراليا، لا فرق.
   وان من اكثر ما يجب ان نهتم بحسن ثقافته هي المرأة التي لا زالت، وللاسف الشديد، الضحية الاول والاكبر لسياسات العنف والاقصاء والتهميش، ولا اقصد بالعنف هنا الارهاب فقط، لا، وانما اقصد به كل انواع العنف، كالعنف الاسري، كما ان الطفل لا زال مقموع في الاسرة لا يحق له ان يعبر عن نفسه، ولا زال العنف هو الوسيلة المفضلة لدى المعلم في المدرسة، فالعنف هو الاداة الغالبة من بين كل ادوات التعليم الاخرى، وان كل ذلك يترك اثرا سيئا كبيرا على الانسان وهو طفل صغير لتلازمه وهو ينمو ويشب ويكبر، لتظهر في الكبر على شكل ممارسات عنفية وعاطفية غير محسوبة.
   لذلك، يجب علينا ان نمنح المرأة والطفل على وجه التحديد، الفرصة تلو الاخرى من اجل القراءة والتعليم وطلب المعرفة، فالام الجاهلة لا يمكن ان تربي جيلا متعلما، وان الام التي لا تقرأ ولا تكتب، من غير الممكن ان ننتظر منها صناعة جيل جديد يعرف كيف يعيش وكيف يتعامل مع نفسه ومع الاخرين، وصدق الشاعر الذي قال:
             الام مدرسة ان اعددتها             اعددت جيلا طيب الاعراق
   ان ما يؤسف له حقا، هو ان الكثير من الناس الذين شاءت الظروف ان يهاجروا الى بلاد الفرص الجديدة كاوربا واميركا وغيرها، لا زال الكثير منهم ينظرون الى المرأة على انها تلك العورة التي يجب ان تلازم المنزل ولا تخرج منه، فيحرمونها من طلب العلم والمعرفة في الجامعة، وفي كثير من الاحيان يحرمونها حتى من نعم وفوائد الشبكة العالمية للمعلوماتية (الانترنيت) فيحرمون عليها الاطلاع على المعارف والمعلومة والاخبار وقراءة الكتب بحجة انها مفسدة، من دون ان يحملوا انفسهم عناء المراقبة والمساعدة للاستفادة منها بالشكل الصحيح.
   دعوا المرأة تتعلم لنضمن مستقبلنا الزاهر، وساعدوا المراة على طلب العلم وامنحوها الفرصة لتتسلق المراتب العليا للعلم والمعرفة، من اجل غد افضل لاجيالنا الصاعدة.
   كما ان علينا ان نمنح الصغار فرصة التعبير عن انفسهم، وفرصة السؤال، فلا نقمعهم او نبعدهم عن مجالس العلم والمعرفة لاي سبب كان، ليتعلم الطفل الصغير كيف يعبر عن نفسه وكيف يسال وعن ماذا يسال ولماذا، ومن ثم يتعلم كيف يتحدث؟ ولنتذكر بان الطفل كجهاز الحاسوب (الكومبيوتر) له القابلية العجيبة والغريبة على تسجيل وحفظ كل ما يسمعه او يراه، ولذلك يجب ان نكون حذرين عندما نتكلم مع امه او اهل بيته او اقاربه او مع الاخرين امامه، لانه سيتعلم ما يسمعه، وان لم تكن له القابلية على التعبير عنه في مثل هذا العمر، الا انه سيعبر عنه في يوم من الايام، فان خيرا فخيرا، وان شرا فشرا.