٣١‏/٣‏/٢٠٠٦

How 2 Post 2 Blog

 

Post2Blog.


Setup FTP uploading settings for account


Post2Blog can automatically upload all images used in post and all linked local files automatically to FTP server and change your post to use these images and files.


Using FTP uploading feature you don't have to upload any images or files to some server and then set links to them in your post manually as Post2Blog can do all these things in automatic mode.


Many blog engines supports uploading via blog feature (WordPress, Typepad, MovableType) and some don't support this option (Blogger, LiveJournal).


FTP is File Transfer Protocol. To use FTP uploading feature you have to have FTP account. You have to get FTP account settings (login, password, domain) from your hosting provider or get one if don't have any. 


Just search Google or MSN web for "web-hosting" and you will find plenty of web-hosting providers.


To change FTP uploading settings for current account please go to File menu and then click Edit in Account sub-menu


Click on Images/Files Uploading tab and change mode to "automatically upload images/files using FTP server"


FTP Settings:



1 - enter FTP host name. Contact your web-hosting provider for ftp host name information


2 - FTP port value. Port is 21 by default and in most cases you shouldn't change it         


3 - Username (or login) to your FTP server. You should receive login and password from your web-hosting provider. You can leave username empty and Post2Blog will ask to enter FTP login every time when it will upload images or files.


- Password - enter password for FTP account. You should receive password from your web-hosting provider. You can leave password empty so Post2Blog will ask for password every time it will upload images/files.


5 - check it if you need to use proxy for your connection


6 - passive mode option. For most FTP servers it is recommended to use passive mode by default.


7 - enter remote path to folder where images and files should be uploaded. The folder you specify must already exist on your FTP server. Examples: /httpdocs/images/ or /public_html/images/

Please note that remote path to folder should be relative to the FTP root location of your FTP server

Note for WordPress users: it is recommended to use /wp-content/ folder for images/files uploading by default


8 - HTTP link to this remote FTP folder. You should enter absolute HTTP link to FTP folder with your images and files. Examples: http://myftpserver/images/ or  http://myftpserver/files






تصميم الويب سايت لمؤسسات المجتمع المدني

تصميم الويب سايت لمؤسسات المجتمع المدني
كتاب تصميم مواقع الانترنت لمنظمات المجتمع المدني

توطئة وشكر

أعد هذا الكتيب التدريبي ,
جمال عبد العزيز عيد ,
المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان

أعد الورشة التدريبية الخاصة بالكتيب ,
مركز دعم التنمية للإستشارات والتدريب

بمساعدة قيمة من محمد رجب ,
الخبير الفني بالشبكة العربية

وبمساعدة جادة من إيمان عوف ,
من مركز دعم التنمية .


هذا الكتاب غير مخصص للبيع


مقــدمــة
نبتت فكرة هذه الدورة، نتيجة افتقاد الكثير من المنظمات الغير حكومية لوجود مواقع لها على شبكة الإنترنت، تعلن فيها عن نشاطها، وتتواصل بها مع جمهورها، وتزيد من المهتمين بخدماتها.

وحتى مع امتلاك بعض المؤسسات الغير حكومية لمواقع لها على الشبكة، فإن هذه المواقع يقوم على إدارتها شركات تقنية متخصصة، قد يفوت على القائمين عليها طبيعة الدور الذي تلعبه شبكة الإنترنت للمؤسسات الغير حكومية، بدءا من شكل الموقع، وأهمية تجديده، وطبيعة المادة التي يحتويها.. الخ.

وقد روعي عند كتابة هذا الدليل التدريبي، أن يكون ملما بأغلب احتياجات المتدربين، والمهتمين بإنشاء مواقع إليكترونية على شبكة الإنترنت، بدءا من سهولة استخدام البرامج التي يتضمن شرحا لها، وصولا، إلى دعم اللغة العربية، وهي العقبة التي مازالت تعترض طريق الكثيرين من المتعاملين مع شبكة الإنترنت، والبرامج التي تسهل استخدامه أو تصنع مواقعه.

فعلى الرغم، من كثرة البرامج التي تتيح لمصممي مواقع الإنترنت إنشاء مواقع لهم على الإنترنت، فقد لوحظ أن أغلب هذه البرامج، إما أنها تتعامل مع مجموعة من الأوامر دون تدخل من المصمم، وهو ما يجعل من الصعب عليه أن يقوم بحل إي مشكلة قد تطرأ على الموقع، أو أنها قد تشغل حيزا كبيرا من المساحة التي يستأجرها من شركات الاستضافة، مما يحد من قدرة على إضافة مواد جديدة أو أن يجعلها ثقيلة في التحميل لدي المتصفح، وهو ما قد يصرف المستخدم عنها.

لذلك فقد قمنا باستخدام هذه البرامج التي تعطي فكرة واضحة للمصمم عن كل خطوة، وتجعل الملفات التي يقوم بتصميمها وبالتالي تحميلها على الإنترنت خفيفة وسهلة التحميل.

وفضلا عن ذلك، فإن امتلاك كوادر المؤسسات الغير حكومية لمهارة تصميم مواقعهم على شبكة الإنترنت، سوف يجعل عمل تلك المؤسسات متداولا ومنتشرا، ليس فقط لجمهور المترددين على تلك المؤسسات، بل لكل مستخدم ومتصفح لشبكة الإنترنت، مما يسمح بدور أكبر لهذه المؤسسات الفاعلة في المجتمع، أيا كان دورها.

ويحد من إمكانية محاصرة عملها أو رقابته، بالإضافة إلى أن استخدام هذه الوسيلة الهائلة القدرة، يتمتع بقلة التكاليف التي يحتاجها، ومن ثم يسهل على الجميع التعاطي معها.

هذا الكتيب التدريبي، هو نتاج تعاون بين الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومركز دعم التنمية، وهو يشمل مجموعة الدروس التي تضمنتها الدورة التدريبية التي أقيمت في الفترة من 6 إلى 9 فبراير 2005م، بمقر مركز دعم التنمية، والتي حضرها ستة عشر متدربا، ينتمون لحوالي 9 منظمات غير حكومية وكانت تحت عنوان :"تصميم الويب سايت للمنظمات الغير حكومية".

ويهدف هذا الدليل التدريبي على منح المتدربين فكرة أساسية عن كيفية بناء مواقع على شبكة الإنترنت، باستخدام ثلاثة برامج سهلة الاستخدام، وتدعم اللغة العربية وهي :

1- برنامج Home Site 4.5
2- برنامج Paint Shop Pro5
3- برنامج Cut FTP

وختاما، فإن هذه الدورة التي ما كانت تتم سوى بالجهود التي بذلها فريق العاملين بالشبكة العربية و بمركز دعم التنمية، وإيمانهم بأهميتها، والجهد والملاحظات القيمة للمجموعة المتدربة. وبعد النجاح الذي حققته في تملك المتدربين لمهارات ملموسة نتمنى ألا تكون الأخيرة، وأن يعقبها دورات أخرى تهدف إلى توفير مزيد من المهارات لكوادر المؤسسات الغير حكومية دعما لها ولدورها في المجتمع.

الشبكة والمركز


لتحميل الكتاب اضغط هنا

جميع الحقوق محفوظة للمؤسسات الصادر منها المواد المنشورة

تصميم الويب سايت لمؤسسات المجتمع المدني.

رسومات شيطانية يطرح أزمة الإساءة للرسول

رسومات شيطانية يطرح أزمة الإساءة للرسول

في اطار الاحتفالات بخمسينية الاستقلال وصدور مجلة الاحوال الشخصية

"الكريديف" ينظم لقاء فكريا حول "مجلة الاحوال الشخصية : دعامة لموءسسة الزواج"
اشرفت السيدة سميرة خياش بلحاج وزيرة التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية بمقر مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المراة "الكريديف" على اللقاء الفكرى الثالث الذى ينظمه المركز بعنوان "مجلة الاحوال الشخصية : دعامة لموءسسة الزواج" وذلك في اطار الاحتفالات بخمسينية الاستقلال وصدور مجلة الاحوال الشخصية.
واكدت الوزيرة في كلمتها بالمناسبة ان تقدم الامم وازدهارها يقاس بموءشرات عديدة من اهمها وضع المراة ومكانتها في المجتمع وهو ما ادركته تونس بصفة مبكرة فبادرت بتحرير المراة وتخليصها من رواسب التخلف والجمود من خلال مقاربة اصلاحية تنويرية كرستها مجلة الاحوال الشخصية.
ولاحظت ان هذه المجلة التي تحيي تونس خمسينيتها خلال هذه الصائفة تعد مكسبا رياديا هاما للمراة التونسية اهلها لان تتبوأ منزلة متميزة في محيطها الجغرافي والحضارى معتبرة ان المراة التونسية اضحت انموذجا للتوفيق المحكم بين الاصالة والحداثة.
وابرزت الوزيرة ان الرئيس زين العابدين بن علي لم يكتف بتثبيت حقوق المراة وانما حرص على تطوير مكتسباتها من خلال الاصلاحات التاريخية الجريئة التي شملت مجلة الاحوال الشخصية سنة 1993 والتي ساهمت في الارتقاء بوضعية المراة من المساواة الى الشراكة الفعلية.
وبعد ان ذكرت باهم الاصلاحات وابرز الموءشرات التي حققتها المراة على درب المساواة والشراكة مع الرجل اكدت السيد ة سميرة خياش بلحاج ان المراة التي يراهن عليها رئيس الدولة باستمرار ستظل بوعيها ووطنيتها ونضالها قوة دفع الى الامام من اجل المساهمة في تحقيق الاهداف المرسومة على درب التقدم والاصلاح والحداثة.
ويتضمن برنامج هذا اللقاء الفكرى بالخصوص تقديم مداخلتين بعنوان نظام الاموال بين الزوجين" و/نظام الاهلية والترشيد لدى المراة".

أخبــــــــــــــــــــار تونس.

٣٠‏/٣‏/٢٠٠٦

 

سوريا: اعتقال كاتب سوري وأسرته مؤسسات حقوقية مصرية تدين الاعتقال وتطالب بالإفراج عنه


30 مارس 2006



أدانت مؤسسات حقوقية مصرية اليوم استمرار اعتقال الكاتب السوري علي العبدالله ونجليه "محمد وعمر" وابن أخيه ، منذ الخميس 23 مارس الجاري ، وطالبت السلطات السورية بإطلاق سراحهم فورا.


وكانت أجهزة الأمن السورية قد اعتقلت في البدء الطالب الحقوقي عمر العبدالله " ابن الكاتب على العبدالله في 18 مارس الحالي ، على خلفية انتقاده لاستمرار العمل بقانون الطوارئ ، ثم قامت باعتقال الكاتب على العبدالله نفسه وابنه الآخر محمد ، وابن أخيه صلاح العبدالله في يوم الخميس 23 مارس الجاري ، دونما تقديم مبرر أو تفسير لهذا الإجراء التعسفي المناهض لحرية الرأي والتعبير والحرية والأمان الشخصي للمواطنين السوريين.


وقد استنكرت المؤسسات الحقوقية المصرية الموقعة على هذا البيان ، التردي الهائل لحالة حقوق الإنسان في سوريا ، والتي يعد أحد مظاهرها ، الاعتقالات التي تتم بشكل يومي لنشطاء سياسيين وحقوقيين ، ومحاكمات عسكرية جائرة بصورة تعسفية لمواطنين سوريين لا تتجاوز جريمتهم التعبير عن آرائهم بشكل سلمي.


كما أشارت المؤسسات الحقوقية المصرية في هذا الصدد للآثار السيئة لحالة الطوارئ المفروضة على الشعب السوري منذ مطلع الستينيات وحتى اليوم على حرية المواطنين في سوريا ، وما نتج عنها من تفشي الممارسات البوليسية على مجريات الحياة في سوريا بشكل منهجي.


إن المؤسسات الحقوقية المصرية الموقعة على هذا البيان ، وهي تطالب بالإفراج الفوري والغير مشروط عن الكاتب السوري على العبدالله وأسرته و كافة سجناء الرأي في سوريا ، تناشد المجتمع المدني العربي والدولي لمساندة نشطاء حقوق الإنسان في سوريا الذين يعصف بحقوقهم بشكل منهجي ضمن غيرهم من المواطنين السوريين على يد أجهزة الأمن.


جدير بالذكر ، أن الكاتب على العبدالله الناشط في لجان إحياء المجتمع المدني ومنتدى الأتاسي ، قد ألقي القبض عليه أخر مرة منذ اقل من عام ، في مايو الماضي ولم يفرج عنه سوى منذ أربعة اشهر فقط ، ليعاد اعتقاله هذه المرة ضمن أفراد أسرته ، فضلا عن تردد أخبار حول تقديمه للمحاكمة العسكرية كالعادة دونما تفسير أو تقديم أسباب.



المؤسسات الحقوقية الموقعة حتى الآن:


1- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان

2- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

3- جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان

4- مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف

5- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

6- مركز هشام مبارك للقانون

7- المرصد المدني لحقوق الإنسان

8- مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية

9- مركز الدراسات الريفية

10- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف

11- الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب

12- الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والتنمية البشرية

 

 

٢٨‏/٣‏/٢٠٠٦

مركز الرواية العربية بمدينة قابس التونسية في ندوته السنوية

الرواية والفنون


وليد السليماني GMT 18:00:00 2006 السبت 25 مارس  موقع ايلاف



-1-
بمدينة قابس التونسية عقد مركز الرواية العربية ندوته السنوية (الرواية العربية والفنون) أيام 10-11 و12 مارس 2006، وفاء منه لتقليد ثقافي انطلق منذ 1992 حيث يتداول النقاد والمبدعون قضايا الرواية العربية من زوايا متعددة. وقد رصدت لكلمة محمد الباردي (مدير المركز) في البداية هذا التوجه الذي تدعمه جهود الباحثين والأدباء داخل تونس وخارجها. عرفت الجلسة الأولى ثلاث مداخلات، وترأسها شعيب حليفي، وافتتحها كمال الزغباني (آداب صفاقس) بموضوع الرواية ونظام الفنون الجملية، منطلقا من المرجعيات الجمالية لهيجل في تحديد الفنون وتعبيراتها عن الفكر، ليخلص الباحث إلى اعتبار الرواية فن الفنون، متنقلا بعد تمهيدات نظرية إلى تحليل نموذجين من الرواية العربية، ثرثرة فوق النيل لنجيب محفوظ، ورواية الاسم والحضيض لفضيلة الشابي، فكل نص يحمل خطابات تشكل رؤيته مستفيدا من باقي الفنون، عبر الذهاب –في استثمارها- إلى ممكنات تلك الفنون.
عمر حفيظ –باحث تونسي- تدخل في موضوع (الرواية والشعر) متمثلا طرائق الروائي في استعمال الشعر بأساليب جديدة انطلاقا من اعتبار الكتابة – عموما- هي هدم بين الأنواع. وقد سعى عمر  حفيظ إلى اختبار فرضياته على ثلاثة نصوص روائية، )المستلبس( لنور الدين العدوي والذي يؤسس بلغة شاعرية لعلاقة حميمية بين الخطابين الشعري والروائي عبر توظيفة للشعر قناعا يخدم شخصية )أحمد العروس( وباقي وجوهه.
وفي رواية )النخاس( لصلاح الدين بوجاه يرصد الباحث نزوع الروائي المستمر إلى الهدم للغة والحدود الأجناسية، متخذا من أشعار رامبو، بودلير والفنان الشيخ العفريت سبيلا لبناء معاني جديدة ومتحركة ومتفاعلة. وختم عمر حفيظ مداخلته بتحليلات ضافية لرواية ابراهيم درغوثي )الدراويش يعودون من المنفى(.
وواصل من منظور نظري، محمد بن عياد )آداب صفاقس( الحفر في موضوع الرواية والشعر باحثا في طبيعة كل جنس ليستنتج مجموعة من أشكال التفاعلات : التفاعل التوحيدي، التفاعل الازدواجي، التفاعل الإقصائي ثم التفاعل التنافري.


-2-
في الجلسة الثانية التي رأسها محمد عبازة تدخلت رفيقة بن مراد )آداب صفاقس( ببحث )الرواية العربية من أسلوبية الكتابة الأسلوبية الإخراج( مدققة في المصطلحات والمفاهيم قبل الوقوف عند ملامح تحويل الرواية باعتبارها نصا لغويا إلى نص فرجوي يعتمد الصورة. وفي تحليلها لهذه العملية كانت رفيقة تربط الإبداع بالفلسفة وأبعاد التحويلات، وحول )ظواهر مسرحية في الرواية( وقف أحمد الجوة )آداب صفاقس( عند مفهوم الحوارية ممهدا بالتحليل للبعد المسرحي في بعض نصوص حنا مينة حين يغلب عليها الحوار والمناجاة مما يمنح النص الحناوي نفسا مسرحيا.
المداخلة الأخيرة في هذه الجلسة نحت نحو الشهادة للقاص والإعلامي ظافر ناجي :(النص من الأدبية إلى الصورة) باحثا بتدقيق من خلال تجربته العلاقة بين السيناريو وهو شكل تقني لكتابة تخييلية والرواية باعتبارها نصا لغويا وبلاغيا، كما تحدث عن تجربة المونتاج التي تنتج نصا أو نصوصا تخييلية عدة.
 
-3-
 وانطلقت الجلسة الثالثة من حيث انتهت الثانية بمداخلة الشريشي المعاشي (المغرب) بموضوع (الرواية العربية والسينما : بحث في علاقات التحويل والاقتباس) باسطا مجموعة من الأسئلة والمعيقات أثناء التحويل، عبر عدد من النماذج العربية من المغرب، تونس، مصر، وفلسطين... بالإضافة إلى نهجه مقاربة مقارناتية لهذا التحويل في الرواية/السينما العربية والعالمية.
كما تساءل محمد الجويلي عن الرواية والفن بين المساءلة الفلسفية والمقاربة الأنترويولوجية عن حدود العلاقة بين الرواية والتاريخ عارضا لمسار هذه العلاقة في نصوص عالمية ومن خلال تنظيرات هيجل ولوكاش وستراوس.
محي الدين حمدي سيعود إلى سؤال آخر حول الشعر في روايتي حبك درباني للبشير خريف ومدينة الشموس الدافئة لمحمد رجب الباردي كون الشعر نوعا مخصوصا من القول والرواية خطاب، كما أجاب الباحث عن ماهية حاجة الرواية إلى الشعر محللا النصين وتنوعهما الدلالي.
وحول اقتباس الرواية للمسرح بين محمد المسعدي كاتبا ومحمد ادريس مقتبسا ومخرجا، ركزت مداخلة محمد عبازة على الجوانب التقنية والأدبية التي تصاحب التحول من الرواية إلى المسرح مستشهدا برواية المسعدي )حدث أبو هريرة قال( والصياغة المسرحية لمحمد ادريس، وما رافق ذلك من مشاكل واختلافات.


-4-
الجلسة الرابعة والأخيرة والتي ترأسها محمد الباردي) مدير الندوة( عرفت أربع مداخلات افتتحها صلاح الدين بوجاه )روائي ورئيس اتحاد الكتاب التونسيين( ببحث من معمار الوكالة إلى معمار الرواية قراءة في رواية وكالة عطية للروائي المصري خيري شلبي، متطرقا إلى الاحتفاء الكبير بالمكان وكل مستلزماته في الرواية وهندستها والوظائف المرتبطة بها، كما تطرق إلى ملمح التشعب والتشتت في الرواية )المتاهة المنغلقة( وإيقاع الرواية الذي يمثل إيقاع مجتمع المهمشين.
شعيب حليفي )آداب الدار البيضاء/بنمسيك( قارب موضوع )الرواية والأفق المزدوج( من منظور فهم أسئلة الرواية وطبيعتها، وطبيعة السرد العربي القديم، في علاقتهما بكافة الأشكال والفنون، وأفق الرواية المنفتح على البحث عن شكل كلي للقول الإبداعي، من تم فهي تستثمر قدرتها هذه لتحويل الأشكال والفنون الأخرى وخضنها وبالتالي جعلها في خدمة دلالتها ورؤيتها الفنية.
وحول الكتابة الراسمة في الرواية العربية تحدث محمد الخبو عن ائتلاف المكاني )الرسم( بالزماني )الروائي( وعلاقات الفن التشكيل بالرواية قبل أن ينتقل إلى تحليلات على نص )جلسات الكرى لجمال الغيطاني( وبعض التمثيلات من نصوص أدوار الخراط.
آخر متدخل محمد نجيب العمامي استعاد سؤال علاقة/الرواية بالمسرح )المسرح في الرواية عند فرج الحوار( من خلال روايته )في مكتبي جثة( باحثا في هذه العلاقة من خلال بعض المكونات : الفصل، الحوار، المشهد، الإشارات الركحية. ثم محللا بعض خطابات الشخصيات الحوارية.


-5-
تخللت الجلسات الأربع، جلسات موازية للشهادات التي أدلى بها عدد من الروائيين التونسيين وهم : عبد الواحد ابراهم، محمد الجابلي، حافظ محفوظ، مسعوده بوبكر، ناصر التومي، عبد الجبار العش، الهادي ثابت، حسن بنعثمان، نور الدين العلوي، آمال مختار وفرج الحوار.
وقد تحدثوا جميعهم عن ملامح من تجاربهم الروائية وعلاقاتهم بالفنون مما يعكس رؤيتهم الجمالية. واختتمت هذه الندوة، في جو علمي ونقاش ممتد، وقد تم اقتراح مشروع الندوة المقبلة حول )أشكال تجلي العجائبي في الرواية المغاربية(.


صلاح نيازي وهاملت

المزيد من إيلاف : مناجيات هاملت الخمس

صلاح نيازي

لا يكاد يختلف آثنان – مهما اختلفت مشاربهما – على أنّ مناجيات  هاملت الخمس، هي من لباب الشعر، ومن أروع ما أتتْ به ملكة شعرية في صناعة القول. تتوقّتُ المناجاة الأولى في مرحلة دقيقة من حياة هاملت، وهي بعد في مقتبلها، فهزّت صميمه، وصبغت نظرته إلى الحياة، وإلى الجنس البشري بصبغة أقرب ما تكون إلى العد"

عملية الإصلاح البورقيبية

عملية الإصلاح البورقيبية للعام 1956

أبو خولة GMT 16:30:00 2006 الإثنين 27 مارس  موقع ايلاف


تثبت عديد التجارب أن الإصلاح السياسي لا يعني الكثير ولن يحالفه النجاح في غياب الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي. في محاضرة أخيرة لبرهان غليون، الأستاذ بجامعة السوربون بباريس، قال "إن معضلة الإصلاح قديمة بدأت مع الثورة العربية، لكن لم يكن هناك إصلاح بعدها". من الواضح هنا أن الأستاذ غليون قد تجاهل عملية إصلاح كبرى ونموذجية لباقي الدول العربية والإسلامية، ألا وهي عملية الإصلاح البورقيبية للعام 1956 في تونس، والتي تواصلت في 1962 مع اعتماد برنامج حازم لتحديد النسل وإدماجه في مخططات التنمية الاقتصادية مع توفير الإطار المؤسسي له بإنشاء الديوان الوطني للتنظيم العائلي. ونتج عن عملية الإصلاح هذه التخفيض في عدد السكان إلى قرابة 10 ملايين حاليا، مقابل 15 لولا تحديد النسل. وسمح هذا بنمو لدخل الفرد يفوق ضعف النمو الذي تحقق في مجمل الدول العربية الأخرى، مما أدى في النهاية إلى معدل دخل الفرد في تونس، مقوم بالقدرة الشرائية للدولار الأمريكي (أي مضاعفة الدخل للدول التي تكون أسعارها نصف الأسعار في أمريكا، على سبيل المثال)، في حدود 7.2 آلاف دولار، مقابل 3.6 آلاف دولار في سوريا و4 ألاف دولار في المغرب و4.3 آلاف دولار في الأردن و 3.9 آلاف دولار في مصر (المصدر: تقرير التنمية البشرية للعام 2005 – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي).


بدأت عملية الإصلاح البورقيبية في شهر أغسطس 1956 بصدور مجلة الأحوال الشخصية التي منعت منعا باتا تعدد الزوجات وحددت العمر الادني لزواج الفتيات بـ 18 سنة، كما وفرت الحماية اللازمة للمرأة في حالة الطلاق، الذي تم تقييده بقرار يصدر عن المحكمة.


تم اعتماد هذه الإجراءات الثورية والضرورية اقل من 5 أشهر بعد حصول الدولة على الاستقلال التام من فرنسا في 20 مارس 1956 مما يعني ان العمل على إعداد القانون كان من أولى أولويات الحبيب بورقيبة، الذي وجه ومنذ حصول الدولة على الاستقلال بتكوين لجنة مختصة لإعداد القانون. لكن أعضاءها فشلوا في الإقرار بإلغاء تعدد الزوجات، حيث حصل اتفاق على تحديد ذلك بزوجتين عوضا عن أربعة. عندها اخذ الحبيب بورقيبة مسودة القانون واحدث التغييرات التي أراد ( أهمها إلغاء تعدد الزوجات )، ثم تمت المصادقة على ذلك في البرلمان، وقدم بورقيبة القانون بنفسه في خطاب مشهود للشعب، يوم 13 أغسطس 1956، شرح فيه أبعاد الإجراءات المتخذة لمستقبل تونس. ومن يومها أصبح هذا التاريخ عيدا وطنيا للمرأة تحتفل به البلاد بأكملها، رجالا ونساءا.


ما كان بالإمكان اتخاذ هذه الإجراءات الثورية والحضارية التي أنقذت نصف المجتمع من حالة الشلل والدونية والاستعباد لولا شجاعة الرجل الأخلاقية والسياسية المنقطعة النظير، التي خبرها في ما بعد عرب المشرق عندما صدمهم خطاب بورقيبة الشهير بمخيم أريحا للاجئين الفلسطينيين عام 1964، الذي طالب فيه بقبول الشرعية الدولية المتمثلة في قرار التقسيم.


أمثال عبدالناصر وبن بلة وبومدين وحتى الحسن الثاني لم يقدروا على اتخاذ هكذا قرارات. عبدالناصر، على سبيل المثال، هنأ بورقيبة على انجازه هذا في لقاء بينهما بمناسبة جلاء القوات الفرنسية عن قاعدة بنزرت، لكنه لم يجرؤ على اتخاذ نفس القرارات التي كانت مصر في أمس الحاجة لها، متذرعا أمام بورقيبة بعدم تقبل الرأي العام لها.
بالإضافة إلى عامل القناعة الشخصية والشجاعة الأخلاقية والسياسية، أهم ميزة أفادت بورقيبة مقابل نظرائه من الحكام العرب الآخرين، ضعف القوى التقليدية الممثلة أساسا بجامع الزيتونة، التي وقع تهميشها تدريجيا منذ تأسيسه الحزب الدستوري الجديد عام 1934. وهذا خلافا للدور الكبير الذي يلعبه الأزهر في مصر، على سبيل المثال، الذي وقف وعلى مر العصور عائقا أمام تحرير المرأة، كما ثبت مجددا الأسبوع الماضي عندما عارض الشيخ الطنطاوي المشروع الجديد لقانون المرأة، مما أدى لاستدعائه للحضور لمجلس الوزراء.


يعني هذا أهمية التغلب على قوى التخلف والظلام في سبيل انعتاق المرأة العربية، مما يتطلب تقوية ساعد القوى التنويرية في المجتمع ( نقابات، أحزاب إصلاحية، جمعيات نسوية... )، عوضا عن طعنها من الخلف كما يحدث حاليا في أكثر من قطر عربي. ولعل الطريقة الأنجع لتطور هذه القوى تتمثل في إصلاح التعليم الذي يغرس في النشأ مبادئ المساواة واحترام الذات البشرية، وإشاعة ثقافة المواطنة والتقدم بدعم إعلام ذي اتجاه تحرري يتصدى لإعلام قوى الظلام الذي قوي عودة بالدعم البترو – دولاري اللامحدود. لكن الإصلاح ممكن حتى في هذه الظروف غير الملائمة.


في المغرب قامت القوى الأصولية بإنزال مئات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع منذ 1999 للتصدي لإصدار مدونة قوانين الأحوال الشخصية مأخوذة في معظمها من مدونة الأحوال الشخصية التونسية أيام حكومة المعارض الاشتراكي عبدالرحمن اليوسفي. لكن الملك اغتنم فرصة ضعف هذه القوى بعد الحادث الإرهابي لتفجيرات الدار البيضاء بتاريخ 16 مايو 2003، وتمكن من تمرير المدونة. و في الكويت، عارضت القوى السلفية في البرلمان القرار الأميري للعام 1999 بإعطاء المرأة حق الانتخاب ولم تقبل هذه القوى بالأمر الواقع إلا يوم 16 مايو 2005 عندما ذهبت الحكومية الكويتية إلى البرلمان بالقانون في يد والتهديد بحل البرلمان في اليد الأخرى.
هذه الأمثلة تعني أن الإصلاح ليس مستحيلا، عندما تتوفر العزيمة السياسية لذلك. اليوم والحكومات العربية تقتنع بضرورة إصدار قوانين جديدة لصيانة حقوق المرأة، عليها الرجوع لعملية الإصلاح البورقيبية للعام 1956 بل اعتماد مجلة الأحوال الشخصية التونسية كأنجع واقصر الطرق لتحقيق الإصلاح المنشود.


 Abuk1010@hotmail.com

Christian Convert Vanishes After Release

Christian Convert Vanishes After Release




Mar 28, 6:48 AM (ET)

By AMIR SHAH















AFGHAN_
(AP) Abdul Rahman, an Afghan man who converted from Islam to Christianity, is interviewed during a...
Full Image



KABUL, Afghanistan (AP) - An Afghan man who had faced the death penalty for converting from Islam to Christianity quickly vanished Tuesday after he was released from prison, apparently out of fear for his life with Muslim clerics still demanding his death.

Italy’s Foreign Minister Gianfranco Fini said he would ask his government to grant Abdul Rahman asylum. Fini was among the first to speak out on the man’s behalf.

Rahman, 41, was released from the high-security Policharki prison on the outskirts of Kabul late Monday, Afghan Justice Minister Mohammed Sarwar Danish told The Associated Press.

"We released him last night because the prosecutors told us to," he said. "His family was there when he was freed, but I don’t know where he was taken."







Deputy Attorney-General Mohammed Eshak Aloko said prosecutors had issued a letter calling for Rahman’s release because "he was mentally unfit to stand trial." He also said he did not know where Rahman had gone after being released.

He said Rahman may be sent overseas for medical treatment.

On Monday, hundreds of clerics, students and others chanting "Death to Christians!" marched through the northern Afghan city of Mazar-e-Sharif to protest the court decision Sunday to dismiss the case. Several Muslim clerics threatened to incite Afghans to kill Rahman if he is freed, saying that he is clearly guilty of apostasy and deserves to die.

"Abdul Rahman must be killed. Islam demands it," said senior Cleric Faiez Mohammed, from the nearby northern city of Kunduz. "The Christian foreigners occupying Afghanistan are attacking our religion."

Rahman was arrested last month after police discovered him with a Bible during a custody dispute over his two daughters. He was put on trial last week for converting 16 years ago while he was a medical aid worker for an international Christian group helping Afghan refugees in Pakistan. He faced the death penalty under Afghanistan’s Islamic laws.















AFGHAN_01
(AP) An Afghan youth prays over the unconstructed part of a mosque in the center of Kandahar province,...
Full Image
The case set off an outcry in the United States and other nations that helped oust the hard-line Taliban regime in late 2001 and provide aid and military support for Afghan President Hamid Karzai. President Bush and others had insisted Afghanistan protect personal beliefs.

U.N. spokesman Adrian Edwards said Rahman has asked for asylum outside Afghanistan.

"We expect this will be provided by one of the countries interested in a peaceful solution to this case," he said.

Fini, the Italian foreign minister who is also deputy premier, will seek permission to grant Rahman asylum at a Cabinet meeting Wednesday, a Foreign Ministry statement said.

Fini had earlier expressed Italy’s "indignation" over the case. Pope Benedict XVI also appealed to Karzai to protect Rahman.

Italy has close ties with Afghanistan, whose former king, Mohammed Zaher Shah, was allowed to live with his family in exile in Rome for 30 years. The former royals returned to Kabul after the fall of the Taliban regime a few years ago.

Asked whether the U.S. government was doing anything to secure Rahman’s safety after his release, State Department spokesman Sean McCormack said in Washington that where he goes after being freed is "up to Mr. Rahman." He urged Afghans not to resort to violence even if they are unhappy with the resolution of the case.

The international outrage over Rahman’s case put Karzai in a difficult position because he also risked offending religious sensibilities in Afghanistan, where senior Muslim clerics have been united in calling for Rahman to be executed.

---

Associated Press Writer Daniel Cooney contributed to this report.

٢٧‏/٣‏/٢٠٠٦

مهرجان الموسيقى التونسية 17

أخبــــــــــــــــــــار تونس: "أضواء على الدورة 17 لمهرجان الموسيقى التونسية
تنطلق سهرات الدورة 17 لمهرجان الموسيقى التونسية الذى تنظمه وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بالتعاون مع مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية بداية من يوم 29 مارس لتتواصل الى غاية غرة افريل 2006 بالمسرح البلدى بتونس .
وستكون هذه الدورة بمثابة العرس للفنان التونسي وللارتقاء بالموسيقى التونسية حيث سيتم ت"

صلاح الدين , عاهر , زير نساء , يعاقر الخمرة , يزمجر وهو مستلق وحوله جنوده بأنه استولى على القدس ...
والصليبيين يصرخون :"لقد ضاعت القدس"
هذا هو موضوع الأغنية التي يغنيها المطرب المشهور جدا Chris De Burgh , وهو من تغني معه المطربة اللبناية إليسا كثنائي في أغنيتها (ليالي لبنانية) , و كليب هذه الأغنية راج جدا على الفضائيات العربية ...


عنوان الأغنية Crusader أي (الصليبي) , وسأضع كلماتها هنا :


ماذا علي أن أفعل بعد ذلك .. قال الاسقف للراهب..
لقد أفنيت حياتي انتظارا و اعدادا لهذه الوليمة
والان تقول لي ان القدس قد فقدت ..
ملك الوثنين العرب.. مازال مسيطرا على الصليب المقدس ,
عندها قال الراهب ..سيدي الاسقف .. يجب أن نخضعهم للسيف
و سيجازينا الله برحمته بجائزة عادلة ..
لكل النبلاء ,,و الاثمين .. و الفرسان.. الذين استعدوا للتضحية
الذين سيكون صليبي الاله ، ارسل كلمتك لكل الارض
لقد ضاعت القدس
لقد ضاعت القدس
لقد ضاعت القدس
قل لي ماذا أعمل .. قال الملك وهو جالس على عرشه,
لكن تحدث لي بهمس .. لأننا لسنا وحدنا..
لقد اخبروني بأن القدس قد سقطت في أيدي بعض السحرة الشرقيين الوثنيين ، الذين سيطروا على الصليب المقدس
عندها قال الحاجب .. سيدي يجب أن نكلم أعداءنا في اسبانيا و فرنسا و المانيا لانهاء حروبنا المؤلمة
كل الرجال المسيحيين يجب أن يكونوا يدا واحدة للقتال
و ستكون قائدهم ، ابدأ بصيحات المعركة
لقد ضاعت القدس
لقد ضاعت القدس
لقد ضاعت القدس


في اعلى تل في مدينة القدس
,وقف صلاح الدين .. ملك العرب
يزني و يشرب و يشخر ويغرق ، محاطا بجيشه النائم حوله بأمان لعلمهم انهم ربحوا اليوم


وجاء الرسول , و الدم يتصبب من أرجله و الجرح في صدره ".
المسيحيون قادمون .. رأيت صليبهم من جهة الغرب ..
فضربه صلاح الدين بحنق .. فاسقطه ارضا بضربة من سكينه
و قال : اعلم أن هذا الرجل كاذب
نزاعهم شديد .. المسيحيين لايمكن ان يتحدوا
من يستطيع اذلالي .. انا الملك ..
من يستطيع اذلالي .. انا الملك ..


اقترب جيش ريتشارد .. قلب الاسد..
مواصلا الزحف ليلا و نهارا.. مع جنود من كل مكان
و عندما اصبح الصليبيين فوق الجبال ..و رأوا القدس
اقعوا على ركبهم .. وصلّوا من اجل تحريرها
و بدأوا المعركة مع الفجر .. أخذين المدينة بعاصفة من الفرسان. . و الراكعين .. وأدوات الحرب ..
نقبوا خلال اسوار المدينة ..
بينما كان الوثنيون يتطايرون و يصرخون ويموتون


و كانت سيوف المسيحيين صلبة ..,
و هرب صلاح الدين حينما سمع اغنية النصر ..


نحن لانخضع .. الله هو الملك ..
نحن لا نخضع و سوف ننتصر
,
ما ذا علي أن أفعل الان .. قال الرجل الحكيم للأبله
لقد أمضيت كل حياتي انتظر أن اجد القاعدة الذهبية


على الرغم من اختفاءه لقرون، الا أن الذاكرة مازالت تحتفظ باولئك الاعداء حينما اجتمعوا ..
هل يمكن أن يحدث هذا ثانية ؟
عندها قال الابله : يالك من رجل حكيم .. لقد جعلتني اضحك حقا .. بكلامك و متابعتك الكبيرة و نبشك في الماضي
هناك فقط الشرير و الطماع هم من يتقاتلون الآن
و أغنية الصليين بقيت منذ ذهابهم
لقد ضاعت القدس
لقد ضاعت القدس
لقد ضاعت القدس
القدس ..


والسلام كما بدأ يعود


بقلم/ بارق الفهود
 

هل تفكّر في ترقية نظام ويندوز إلى نظام فيستا الجديد من مايكروسوفت؟

تسود حالة من الحمى بين الناس بشأن مدى قابلية حواسيبهم للصمود أمام نظام فيستا الجديد الذي يتوقعون أن تصدره مايكسروسوفت في غضون أشهر معدودة. فيشعر المستهلكون الذين ينوون شراء جهاز جديد بحالة من عدم التأكد من أي نوع من متطلبات التشغيل سيحتاجها النظام الجديد ليعمل بأمان دون مشاكل. ويفضل آخرون انتظار صدور النظام الجديد لترقية حواسيبهم.


كتبه عمر زروال من واشنطن لموقع مغاربية-26/03/06


يواجه الأشخاص الذين يحتاجون حاسوبا جديدا اليوم والذين يخشون من تفليت فرصة الترقية أنباءا مخيبة للآمال. وكما نعلم فإن أي حاسوب يتم شراءه من رفوف المتاجر غالبا ما يصبح متجاوزا فور خروجه من المتجر.


وإذن لو كمنت بحاجة لحاسوب جديد اليوم فلدي أنباء مفرحة لك بحيث ليس عليك انتظار تجريب فيستا أو تفليت فرصة ذلك.


فيستا يتماشى مع معالج الذاكرة من طراز بانتيوم 4 يفوق 3 ميكاهيرتز بتكنلوجيا المعالجة القصوى المتعددة لكن شركة الرقائق إينتل تقوم باستبدال بانتيوم 4 وخلفها بانتيوم دي ذو المعالجة الجوهرية الثنائية سيكون أحسن منه بكثير. كما أن رقائق المعالجة من طراز إم دي الثنائية تعد بديلا سليما لها. وثمة أمر يجب التفكير فيه هو تمديد السرعة بقياس 64 التي تضيف قدرات معالجة المعلومات بقياس 64 بيت وتسمح بتشغيل إصدارات فيستا بسرعة 64. فترقية الجهاز اليوم سرعة 64 سيضمن القدرة على الترقية إلى إصدار فيستا بسرعة 64 في المسقبل بدل الالتزام بإصدار السرعة 31 بين الأقل قوة في المعالجة.


وفيما يتعلق بالحواسيب المحمولة توصي مايكسروسوفت بمعالج بانتيوم إم بسرعة 1.9 ميكاهيرتز 750 أو أعلى أو معالج أي إم دي تورين 64 بتكنلوجيا الاتصال النقالة ومعالج سيمبرون النقال أو أثلان موبايل بقدرة المعالجة 64.


وتنصح مايكروسوفت باستخدام ذاكرة تفوق 1 غيغابايت لضمان أداء جيد بما أن ذاكرة 512 ميغابايت هي شرط أقل من مستوى الرضى. ويحسن تذكر أن نظام فيستا التشغيلي سيتطلب غالبية الذاكرة وبذلك فالتوفر على أكبر قدر من الذاكرة يعد الأفضل.


وفيما يتعلق باستخدام برمجايات الصور تنصح مايكروسوفت باستخدام بطاقة فيديو تتماشى مع تقنية ثلاثية الأبعاد طراز دايراكت إكس 9 لأجل استخدام نظام أييرو لفيستا. ورغم أن بطاقة الفيديو من ذاكرة 64 ستقدم دقة عرض من قياس 1024 على 768 فإنك ستحتاج إلى بطاقة بذاكرة أعلى لتقوية دقة العرض. ولهذا ينصح بالحصول على ذاكرة تفوق 128 ميغابايت للتمكن من التمتع بتكنلوجيا عرض الرسوم والصور من فيستا.


وفيما يتعلق بالمكونات الأخرى ينبغي أن لايكون ثمة تغيير هائل لو دعا الأمر لذلك. ويفترض أن تشتغل شاشة العرض بأمان مع النظام الجديد شريطة التوفر على قدرة العرض من قياس 1024 على 768 أو أعلى ومحرك أقراص من سلسلة أي تي أي بسرعة نقل المعلومات تتراوح بين 5400 إلى 10000 ريت في الدقيقة الواحدة.


وأخيرا بالنسبة لأولئك الذين يفضلون انتظار صدور فيستا لترقية حواسيبهم الشخصية فقد قامت مايكسروسوفت بتطوير أداة جديدة أسمتها قياس أداء ويندوز في ثنايا نظام التشغيل ستقوم بقياس الحاسوب بناء على مدى أداءه وكيفية تماشيه مع تجربة فيستا.

٢٤‏/٣‏/٢٠٠٦

يا عريس الدولة

خديجة

قصيدة أحمد فؤاد نجم الجديدة مهداة إلى جمال مبارك وعروسه



مبروك يا عريسنا
يا أبو شنة ورنة
يا واخدنا وراثة
أطلب وأتمنى
وأخرج من جنة
أدخل على جنة
مش فارقة معانا
ولا هارية بدنا
ولا تاعبة قلوبنا
ولا فاقعة بيضاننا
يا عريس الدولة
إفرح وإتهنى
ما أحناش كارهينك
لكن هارشينك
حا تكمل دينك
وتطلع ديننا

__________________________________________________
صديقي حكمت أرجوك انشر هذه القصيدة العظيمة للشاعر المرعب أحمد فؤاد نجم

من/ نور الدين

المسكوت عنه


المسكوت عنه في  الحوار الايراني ــ الأميركي

نــــــــــــــــــزار حيدر

NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM


   أولا: لقد ابتلي العراق بمحيط متناقض مع نفسه، ومع المجتمع الدولي، ولهذا السبب ظل العراقيون يدفعون ثمن استغلال النظام البائد لهذا التناقض، كما أنهم يدفعون الثمن اليوم، كذلك، بسبب هذا التناقض، ولذلك يرى الكثيرون بأن حلحلة أي من المتناقضات، هو لصالح العراق وشعبه، لأن الساحة التي تظل تجمع المتناقضات، تبقى تدفع الثمن دائما، وما النموذج اللبناني والاوربي الشرقي والكوبي، وغيرها من النماذج، الا أدلة على صحة ذلك.
   ثانيا: ان مثل هذا الحوار كانت قد تقدمت بفكرته ادارة الرئيس بوش الى طهران،  قبل أشهر عديدة، الا أن الحكومة الايرانية كانت قد رفضت الفكرة معتبرة أنها مجرد محاولة من قبل الاميركان لاستغلال الملف العراقي للتقرب من طهران التي كانت قد قطعت علاقاتها بالكامل مع واشنطن منذ انتصار الثورة الاسلامية في عام 1979.
   ثالثا: هناك حوار أميركي مستمر مع كل دول الجوار العراقي، بالاضافة الى عدد من الدول العربية التي ترى فيها واشنطن مفاتيح محتملة لبعض مشاكل العراق الحالية، مثل مصر، باستثناء ايران التي لا ترتبط بالولايات المتحدة بأية علاقات دبلوماسية، ولذلك حاولت واشنطن تجاهلها في أي حوار مباشر منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام 2003 ولحد الان، باستثناء الحوارات السياسية غير المباشرة التي جمعتها مع طهران، وبحضور بقية الاطراف المعنية، الاقليمية والدولية.
   ويبدو لي أن واشنطن فهمت اليوم بأن استمرار تجاهل طهران في الملف العراقي ليس لصالح مشروعها في هذا البلد، بل وفي عموم المنطقة، ولذلك حاولت منذ عدة أشهر أن تطرق الباب التي تؤدي الى طهران.
   رابعا: لا يختلف اثنان على ان وضع الولايات المتحدة في العراق لا يحسد عليه أبدا، فبعد الأخطاء الرهيبة التي لا زالت تكررها الادارة الأميركية، تورطت الولايات المتحدة بمشاكل معقدة لا تعرف أين وكيف ومتى ستجد لها الحل، على الأقل من أجل حفظ ماء وجهها الذي أريق في العراق.
   ولأن الغريق يتشبث بكل قشة، كما يقولون، لذلك ارتأت الادارة الأميركية أن تلجأ الى طهران التي تضمر ازاءها كل شر، علها ستجد عندها الحل السحري لورطتها في العراق.
   خامسا: ان الولايات المتحدة تتحاور مع كل دول الجوار العراقي وغيرها، بشأن العراق، فلماذا لا يحتج أحد على ذلك، فيما يقيم الطائفيون الدنيا ولم يقعدونها، عندما تفكر واشنطن بالحديث الى طهران بالشأن العراقي؟ واذا قيل بأن واشنطن هي المبادرة لكل تلك الحوارات، فيما يأتي الحوار المرتقب بين واشنطن وطهران بمبادرة(عراقية) أقول، بأن هذا الحوار يأتي كذلك بمبادرة أميركية شجع عليها العراقيون، بالاضافة الى أن سنة العراق هم الذين الحوا وبكل الطرق بما فيها الارهاب، لجر أقدام عرب الجوار لحوار مع واشنطن بشأن الملف العراقي، ولا أعتقد أن أحدا نسي تصريحات زعماء السنة بهذا الصدد.
   من هنا فان أي حوار ايراني ــ أميركي عن الملف العراقي، ليس بدعا من الحوارات التي تجريها الادارة الاميركية مع جيران العراق، فهي لا تختلف كثيرا عن حواراتها مع الرياض مثلا، التي يزورها السفير الاميركي في بغداد زلماي خليل زاد بين الفينة والاخرى، للاصغاء الى توجيهات الملك عبد الله، وهي بالمناسبة المرة الاولى التي نسمع فيها أن سفيرا لدولة ما يقوم بزيارات مكوكية الى بلد ثالث ليبحث مع قادته مشاكل البلد المعتمد فيه.
   وكلنا يتذكر تصريحات السفير زاد التي أدلى بها قبل أشهر والتي قال فيها بأن ادارته تتحدث الى الدول العربية المجاورة للعراق، من أجل اقناع السنة للانخراط في العملية السياسية، وهذا ما حصل والذي توج في اجتماع القاهرة، وان كان قد فشل فشلا ذريعا، الا أن مجرد انعقاده كان دليل على توسل واشنطن بعرب الجوار لاقناع سنة العراق بالالتحاق بالعملية السياسية، والذي (الاجتماع) نجح على هذا الصعيد نجاحا باهرا.
   واذا كان البعض يحتج بالحوار الايراني ــ الأميركي كدليل على تورط ايران في الشأن العراقي، فان عليهم أن يسوقوا زيارات زاد الى الرياض وحمل ملك الاردن للملف العراقي الى واشنطن كلما ذهب اليها زائرا، واجتماع القاهرة، ان كل ذلك، كذلك، أدلة دامغة على تدخل عرب الجوار بالشأن العراقي.
   مبدئيا، نحن ضد أي تدخل في شؤون العراق، ومن أي طرف كان، أما ان يقبل البعض بتدخل عرب الجوار ويرفض التدخلات الاخرى، فهذا ما يتنافى والانصاف والحرص على العراق، لأن منطلق مثل هذا الموقف، طائفي يسعى لجر أقدام عرب الجوار لصالحه وعلى حساب مصالح الاغلبية من العراقيين، وأقصد الشيعة على وجه التحديد.
   سادسا: هناك فرق كبير جدا بين (التدخل الايراني) بالشأن العراقي و(تدخل عرب الجوار) فالأول هو تدخل ايجابي ، ان صح التعبير، تمثل في ترحيب طهران بسقوط الصنم، ثم الاعتراف بمجلس الحكم لحظة الاعلان عن ولادته، وتاليا الاعتراف بكل الحكومات المؤقتة التي تعاقبت على الحكم في العراق منذ سقوط الصنم ولحد الآن.
   كما أنه تمثل في ترحيب طهران في محاكمة الطاغية الذليل، وتعاطفها مع ضحايا النظام البائد، خاصة ضحايا المقابر الجماعية والارهاب.
   أما تدخل عرب الجوار، فلقد كان (ولا يزال) سلبيا حتى النخاع، أجار الله تعالى العراق والعراقيين منه، وياليته كان يتناغم مع التدخل الايراني.
   انه تدخل سلبي حاقد حاول، ولا يزال، تخريب العملية السياسية والانتقام من العراقيين، بعد اتهامهم بالتقصير في الدفاع عن نظام الطاغية الذي تشبهه الأنظمة العربية كونها مثله أنظمة شمولية استبدادية بوليسية.
   ولقد تمثل التدخل العربي السلبي السافر في الشأن العراقي بما يلي؛
   الف؛ رفض الاعتراف بجرائم النظام البائد، ولذلك لم يبد أي تعاطف مع ضحاياه.
   باء؛ ظل يرفض الاعتراف بكل المؤسسات التي انبثقت في بغداد منذ سقوط الصنم، وظل يسعى للتشكيك في الجهد السياسي الذي يبذله العراقيون من أجل استعادة سيادة بلدهم، وبالتالي لانهاء عهد الاحتلال.
   جيم؛ ظل هذا الموقف يحرض على العنف والارهاب، من خلال تسمية الاعمال الاجرامية، وعمليات القتل والذبح، بــ(المقاومة) من دون أن يعبه بمشاعر العراقيين قيد أنملة.
   لقد صدر هذا الموقف، الفتاوى الطائفية للعراق، والتي استباحت دم العراقيين على الهوية والانتماء، كما أهدرت دماءهم وأعراضهم على الهوية، الى جانب ضخ المال الحرام لمجموعات العنف والارهاب، التي وجدت عند عرب الجوار الحظن الدافئ والمفاقس الآمنة، الى جانب الدعم السياسي والاعلامي الطائفي الحاقد، الذي أحيط به الارهابيون من كل جانب.
   دال؛ حتى الآن يرفض هذا الموقف التعامل مع محاكمة الطاغية الذليل وأعوانه، بشكل ايجابي، فلا زال يشكك بشرعية المحكمة، بل يطعن بشرعية تقديم الطاغية الى أية محكمة، اذ لا زال هذا الموقف يتعامل معه كونه الرئيس الشرعي للبلاد.
   كنا نتمنى على هذا الموقف أن يحذو حذو الموقف الايراني، فيمد للعراق يد العون وللعراقيين يد المساعدة، ويضع حدا للتحريض على قتلهم، والتشكيك في العملية السياسية الجديدة.
   صحيح، نحن نتفهم جذور هذا الموقف السلبي، والتي تعود الى الأسف العميق الذي ينتابه جراء خسارته لواحد من زملائه في المهنة، ولكن كان من المفترض عليه والواجب أن يبادر فور سقوط الصنم الى طي صفحة الماضي للبدء بصفحة جديدة، فاذا كان نظام الطاغية الذليل قد ولى والى الابد ومن غير رجعة، فان العراق وشعبه، باقيان والى الأبد، فلماذا يتعامل الموقف العربي مع العراق كنظام ولا يتعامل معه كشعب؟.
   سابعا؛ لقد بذلت واشنطن جهودا كثيرة من أجل اقناع طهران للجلوس معها على طاولة المفاوضات للحديث بالشأن العراقي، الا أن كل هذه الجهود باءت بالفشل الذريع، لأن طهران تعتبر بأن وجود الولايات المتحدة في العراق هو وجود احتلال، وبالتالي غير شرعي.
   عدد من القادة العراقيين الوطنيين، وعلى رأسهم السيد جلال الطالباني والسيد عبد العزيز الحكيم، وغيرهم، درسوا المقترح الأميركي الداعي الى حوار مع طهران، فوجدوه يصب في خدمة العراق والعملية السياسية الجديدة، فبادروا الى مفاتحة طهران للقبول بالمقترح الأميركي، فما كان من طهران الا أن توافق على الطلب العراقي، بعد أن وجدته حجة سياسية مقنعة تمنحها الفرصة للجلوس الى العدو اللدود، اذا كان ذلك يعين العراقيين في تجاوز محنتهم، وبالتالي فان الطلب العراقي جاء كمبرر(أخلاقي) لطهران للقبول بالحوار مع واشنطن.
   الموقف العراقي، اذن، لم يكن سوى عامل مساعد في هذا الحوار المفترض، وليس المبادر، ولذلك يجب أن لا نحمله أكثر من ذلك.
   واشنطن، كما هو معروف، تتهم طهران بدعم الارهابيين والمتمردين في مناطق ما بات يعرف بالمثلث السني، أو ما يصفهم زعماء السنة بـ(المقاومة) فيما تتهم طهران واشنطن بالتدخل في شؤونها الداخلية من خلال البوابة العراقية عبر دعمها لحركة المعارضة الايرانية التي لا زالت تقيم في الأراضي العراقية، وهي بالمناسبة المعارضة الوحيدة لدول الحجوار التي لا زالت تتخذ من الاراضي العراقية منطلقا لنشاطها ضد دولة من دول الجوار، من دون أن يتحدث الطائفيون عن ذلك أبدا.
   وكما هو معروف فان واشنطن قررت الابقاء على تواجد المعارضة الايرانية في العراق، للاستفادة منها في مثل هذا اليوم، فبالرغم من اصدار مجلس الحكم آنئذ لقرار يقضي بابعاد عناصر المعارضة الايرانية عن الأراضي العراقية، بسبب رفض العراقيين تحويل العراق الى ممر أو معبر لأي نشاط معارض ضد جيرانهم، الا أن الولايات المتحدة رفضت تنفيذ القرار، وسعت الى الاحتفاظ بهذه الورقة، للعبها ضد طهران متى ما تحين الفرصة.
   طبعا، وقتها لم ينبس الطائفيون ببنت شفة، ازاء هذا الموقف الأميركي العدواني ضد واحدة من جيران العراق، كما لم يبادر أي أحد منهم للأخذ على يد الولايات المتحدة لردعها عن اللعب بأوراقها السياسية مع طهران على الاراضي العراقية، وللحيلوية دون استغلال الأخيرة لهذا الموقف الاميركي، لـ(التدخل) في الشأن الاميركي في العراق، والذي عده الكثير من المراقبين، دفاعا عن النفس، اذ لا يعقل ان تقف طهران مكتوفة الأيدي، وهي ترى عدوها اللدود يعبئ المعارضة على طول حدودها.
   الحوار الايراني ــ الأميركي المرتقب، سيساهم، ربما، في تصفية مثل هذه القضايا العالقة بين واشنطن وطهران، وبالتالي لازالة العقبات التي تعترض تعاون الطرفين من أجل المساعدة في حل مشاكل العراق، على اعتبار أن طهران تمتلك من العلاقات الطيبة والواسعة مع أغلب الاطراف العراقية، ما يمكنها من توظيف ذلك للمساعدة في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، ولا أعتقد أن عاقلا سيرفض مثل هذا الدور اذا كان ممكنا، خاصة وأن الجميع متفق على أن تلعب الولايات المتحدة مثل هذا الدور، فلماذا نرفضه لواحدة من أكبر وأهم جيران العراق، والذين (الجيران) يعتبرون أن أمنهم من أمن العراق وبالعكس؟.
   طبعا، لا زالت الاتهامات الاميركية للايرانيين لم تخرج عن دائرة الظنون، اذ لم تعلن القوات الاميركية في العراق حتى الآن، مثلا، عن التعرف على أي ايراني فجر نفسه في حشد من المواطنين العراقيين الأبرياء العزل، كما أنها لم تعلن حتى الآن عن اعتقالها لايراني كان يهم بزرع عبوة ناسفة في سوق شعبي أو حتى في طريق دورية عسكرية أميركية، الا أنها (القوات الأميركية) أعلنت، حتى الآن، عن اعتقال المئات من رعايا عرب الجوار من المتورطين في قتل الابرياء وتصنيع السيارات المفخخة، كما أن المئات من رعايا عرب الجوار قتلوا حتى الآن، وهم ينفذون عمليات انتحارية استهدفت الأبرياء واماكن العبادة والشرطة العراقية وغير ذلك.
   بعض الطائفيين اعتبروا أن دعوة بعض زعماء العراق لحوار ايراني ــ أميركي في الشأن العراقي، انما هو بمثابة محاولة منهم لتعويض ايران عن خسائرها جراء سياسات نظام الطاغية الذليل صدام حسين.
   أستغرب من هذا التفسير حقا، ومن زاويتين؛
   الأولى، أين كان أمثال هؤلاء عندما كان نظام الطاغية يعوض (اسرائيل) عن الخسارة التي لحقت بها جراء عنترياته ومسرحياته الدعائية؟ لماذا لم نسمع لهم صراخا أو حتى حسيسا كحسيس النمل، مثلا؟.
   الثانية، لماذا يلوذ أمثال هؤلاء بصمت أهل القبور، عندما يتعلق الأمر بتعويض دول أخرى، ويصرخون عندما يتعلق الأمر بايران؟ وهي بالمناسبة الدولة الوحيدة التي ضمن لها مجلس الأمن الدولي التعويض عما لحق بها بسبب الحرب التي شنها عليها نظام الطاغية الذليل، وذلك في اطار القرار (598) الذي صدر بالاجماع عن المجلس ابان الحرب العراقية الايرانية؟.
   طبعا، كعراقيين، نحن نتمنى على كل دول العالم، بما فيها دول الجوار، أن تتنازل عن أي تعويض ومن أي نوع ، لصالح الشعب العراقي المتضرر الأول والأكبر من سياسات النظام البائد وحروبه العبثية التي شنها على الجيران، ولكن من المفترض ان لا نكيل بمكيالين فنسكت على تعويض ولا نقبل بآخر، الا أن يكون المنطلق طائفيا، وهذا هو واقع الحال في أغلب الأحيان والحالات، وللأسف الشديد.
   برأيي، فان أي حوار أميركي مع دول الجوار العراقي، سيصب في المصلحة العراقية أولا، لأنه بالتأكيد سيناقش طرق استقرار العراق ومساعدة العراقيين لتجاوز الأزمة الحالية، لأن جميع الأطراف تعرف جيدا، بأن عدم استقرار العراق ليس لمصلحة أحد أبدا، واذا كانت بعض الأطراف تتصور بأن انشغال العراق بنفسه، سيبعد عنه شبح المخاطر، فانه على خطأ بكل تأكيد، لأن ذلك الى حين وليس الى الأبد، فالعراق هو قطب الرحى، اذا استقر فستستقر المنطقة، والعكس هو الصحيح، فاذا ظل متوترا وغير مستقرا، فان الباب ستظل مشرعة لكل الاحتمالات، ليس أيسرها الفوضى التي ستعم المنطقة، والتي سوف لن يكون أحدا في منئى عنها أبدا، مهما فعل المستحيل، وللجميع في تجربة العراق في عهد الطاغية الذليل خير دليل وشاهد حي، لا أعتقد أن أحدا نسيها، الا الأغبياء والمغفلون.
   21 آذار 2006
  

عمليات حجب وفلترة مواقع الإنترنت الإخبارية

** خطاب إلى الملك عبد الله حول سياسات حكومته المتعلقة بالإنترنت **


** الشبكة العربية لملومات حقوق الإنسان **



أرسلت كل من مراسلون بلا حدود و الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان خطابا إلى الملك عبد الله لمطالبته بالتدخل من أجل محسن العواجي الذي تم القبض عليه في 10 مارس بسبب انتقاده السلطات السعودية , خاصة وزير العمل غازي القصيبي على موقع Wasatyah.com.

كما حثه الخطاب أيضا على وقف عمليات حجب وفلترة مواقع الإنترنت الإخبارية
Alwifaq.net و Elaph.com , حيث تم حجب موقع Alwifaq.net الإسلامي بعد أن نشر عليه مقالات تنتقد سياسة الحجب التي تتبعها الحكومة السعودية , و الموقع مغلق في الوقت الراهن لأسباب فنية , كما أن موقع Elaph.com هو موقع إخباري ليبرالي يحظى بشهرة كبيرة في العالم العربي.



و فيما يلي نص الخطاب:


جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز


ملك المملكة العربية السعودية و رئيس الوزراء



باريس في 16 مارس 2006




جلالة الملك



ترغب كل من مراسلون بلا حدود منظمة تدافع عن حرية الصحافة في العالم, و الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان, واحدة من منظمات حقوق الإنسان العربية في التعبير عن قلقها بشأن السياسات السعودية تجاه حرية التعبير على الإنترنت.



و إننا أولا نعتقد أن وحدة خدمات الإنترنت
(ISU), هيئة تابعة للحكومة السعودية, تقوم بفلترة وحجب مواقع الإنترنت بطريقة تعسفية, ونحن ندين على وجه الخصوص حجب المواقع الإخبارية Alwifaq.net و Elaph.com , ونطالبكم بالتدخل لإعادة فتحها في السعودية , و بوجه عام , نحن نري أنه من غير المقبول تصفية إمكانية الدخول إلى موقع إخباري إلا إذا حرض على العنف صراحةً.



إننا لنأسف لواقع أن وحدة خدمات الإنترنت تستطيع بمفردها فرض الرقابة على إحدى المنشورات علي الإنترنت , فلابد لاتخاذ مثل هذا القرار , على الأقل عندما يتعلق الأمر بموقع إخباري, الرجوع إلى قاض في إجراء مستقل , كما يجب منح المسئولين عما نشر على الإنترنت الفرصة لاستئناف أي قرار بالحجب.



كما أننا ندين بشدة استمرار احتجاز محسن العواجي الذي تم القبض عليه بتاريخ 10 مارس بسبب نشره مقالات تنتقد الحكومة السعودية على موقع
Wasatyah.com , فنحن ضد أي شكل من أشكال الحبس من أجل التعبير عن أراء مخالفة , ومن ثم فإننا نطالبكم بالتدخل و الإفراج للسيد/ العواجي الذي نري أنه حبس تعسفيا من وجهة نظرنا.



و أخيرا , نود لفت انتباهكم لأهمية ضمان حرية التعبير على الإنترنت في بلادكم , حيث أنه إذا كان الإنترنت هو أحد الوسائط الفاعلة في التنمية الاقتصادية , فلابد أيضا أن تتوافر فيه مساحة لتنوع الآراء.



إننا لنثق في اهتمامكم بتناول مطالبنا



و تفضلوا بقبول فائق الاحترام



----------------
و قد قام كل من روبرت مينارد الأمين العام لمراسلون بلا حدود و جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بالتوقيع على الخطاب
.



تم ارسال هذا البيان بمعرفة مركز استلام وتوزيع تنبيهات وبيانات الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير


555 شارع ريتشموند غرب, رقم 1101


صندوق بريد 407


تورونتو, كندا



هاتف رقم :+1 416 515 9622 فاكس رقم : +1 416 515 7879


بريد عام ifex@ifex.org


بريد برناكج الشرق الأوسط و شمال افريقيا (مينا) mena@ifex.org


زوروا موقعنا http://www.ifex.org و للعربجة زوروا http://hrinfo.net/ifex/

٢٣‏/٣‏/٢٠٠٦

مناوشات بحرانية

مناوشات بحرانية لعشاق الكشف والشهود في مناهج الحوزة الدينية

الأستاذ كريم المحروس*

بذل رواد الإصلاح جهودا جبارة لزرع الثقة في كيان المؤسسة التعليمية الدينية ، وذلك عبر ممارسة منهج التحقيق والبحث في المميزات الثقافية ونتاجها على مستوى بعث قوى الذات وحثها على بناء الأسس الإنسانية الحضارية وشحذ الذاكرة وحثها على تصور قوى البناء خلال مراحل الصراع التي نشبت أثناء مجيء التتار والمغول وما تبع ذلك من مخلفات الدمار والقتل ، واستطاع المجتمع المسلم على قلة إمكانياته المادية أن يدافع بما كان ثقة في رصيده الفكري الحضاري ليحقق في نهاية الأمر الالتفاف على المغول وضمهم إلى الإسلام .  

وقد تميز المصلحون في عصرنا الحديث من خلال عقد مقارنات تاريخية بين حركة الاستعمار والتحول الإسلامي نحو الاستقلال ، وراحوا يبددون ما تباهت به أوروبا من فكر وتحول مدني تاريخي ، وابرزوا مكامن القوة في النص الديني ونتائجه الحضارية إذا ما تمسك المسلمون به وأخذوا بمبادئه في أوساطهم . فقوة أوروبا لم تكن كامنة في فكرها ومدنيتها ، وإنما كان الضعف وفقد الثقة في الذات جعل من بلاد المسلمين قطبا أدارت أوروبا عليه رحى مصالحها ومقاصدها الاستعمارية .

وتدارس بعض المصلحين المراحل التاريخية التي كانت سببا حقيقيا في ضعف المسلمين وتراجعهم منذ الانقلاب على رسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولم يغفلوا الأثر السلبي الكبير والخطير الذي ولدته حملات الصليبين على ثقافة الأمة وجمودها برغم فشل الصليبين في بناء ثقافة خاصة في الوسط الإسلامي بعد الرفض الإسلامي المطلق لهم ،  فكانت حروبهم دينية وليس أبعد من ذلك . لكن حروب الأيوبيين وتعاقبهم على الحكم بالوراثة على طريقة الأمويين حتى مجيء عهد السلطنة العثمانية قد ولد رؤى إصلاحية جديدة حاكمت قوى الانقلاب الأول بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأرجعت الفوضى اللاحقة كلها إلى هذا الانقلاب . ونهض المصلحون في عصرنا الحديث ليبدون رؤاهم بشكل أخص في الوضع العام ، فكانوا يرون أن من الأليق أن يقال: "أن ابتداء ضعف المسلمين كان من يوم ظهور الآراء الباطلة والعقائد النتشرية "الدهرية" في صورة الدين ، وسريان هذه السموم في نفوس أهل الدين الإسلامي ، وليس بخاف أن فئة ظهرت في الأيام الأخيرة ببعض البلاد الشرقية ، وأراقت دماء غزيرة ، وفتكت بأرواح عزيزة ، تحت اسم لا يبعد عن أسماء من تقدمها لمثل مشربها ، وإنما التقطت شيئا من نفايات ما ترك دهريو "ألموت" وطبيعيو "كردكوه" وتعليمها نموذج تعليم أولئك الباطنيين . فعلينا أن ننظر ما يكون من آثار بدعها في الأمة التي ظهرت بها"1.

ووفدت في نهاية القرن التاسع عشر حزم كبيرة من الأفكار والثقافات حسبها الكثير من المسلمين لبا لحضارة وثقافة قادمة بديلة عن واقع الثقافة الإسلامية المتدهورة ، وهنا كمن هذا الخطر الذي كشفه مصلحو القرن التاسع عشر في وقت متأخر . وبهذا الإدراك كانت مهمتهم اللاحقة صعبة وشاقة للغاية ، لكن نبض التقاليد والعادات والأعراف الموروثة عن التاريخ الإسلامي ظل على انتظامه ونقائه وصفائه ، ما أعان المصلحين في أداء مهامهم الإصلاحية إلى جانب جهود المؤسسات التعليمية الدينية ودورها الأهم في المحافظة على النص الديني ومؤلفاته وتراثه وكل نتاج الجمع بين التراث الثقافي والعلمي للأجيال القديمة ، على الرغم من استمرار هذه المؤسسة التعليمية في تداول مناهج ووسائل الأقدمين .  

وكانت وسيلة الغرب في بث تلك الحزم من الأفكار قد أنشبت أظفارها وثبتت بعض قواعدها لكونها ميزت نقاط الضعف الكبرى في المجتمع المسلم ، وكانت الثقافة الجامدة التي رسمتها وصاغتها وقائع النظام السياسي العثماني بعد تحولها إلى مجتمع حربي بعيد عن وقائع الأصالة والحداثة معا السبب الأساس في عزل المؤسسات التعليمية الدينية عن مجتمعها ومنعها من أداء أدوارها على الوجه الأكمل وإشغالها بمنافسات طائفية على وظائف السلطنة . وفوق كل ذلك شدت السلطنة المجتمعات الإسلامية من ورائها إلى الدعة والقبول بوقائع الأمور ، لكن المجتمعات ظلت على شيء من تمسكها واحترامها لمنابع العلم وكسبته واستمرت في رفدها للمؤسسات التعليمية الدينية بما كان يعوزها من مال وعنصر بشري ، فكان ذلك من أهم العوامل التي حافظت على شعلة النص الديني مضيئة في هذه المؤسسات المهمة التي انبثقت عن أنوارها أولى علامات النهضة العلمية الحديثة المنادية بمحاربة الجهل والجمود الفكري والضعف النفسي .

من هنا كانت وسيلة الغرب للنفوذ إلى العمق الجغرافي والفكري لبلاد المسلمين هي اختراق هذه المؤسسة التعليمية الدينية أو تحطيمها عبر نصب العداء لها وخلق البديل التعليمي المدني المنافس لها . "ولم يجدوا وسيلة أنجح في زرع بذور الفساد في النفوس ، من وسيلة التعليم ، أما بإنشاء المدارس تحت ستار نشر المعارف ، أو بالدخول في سلك المعلمين في مدارس غيرهم ، ليقرروا أصولهم في أذهان الأطفال ، وهم في طور السذاجة ، فتنتقش بها مداركهم بالتدرج . فمن أولئك الدهريين من همه بناء المدارس ، ودعوة الناس إليها"2.

وعندما نمت درجة بسيطة من الوعي بين أروقة المؤسسة التعليمية الدينية بحقيقة البدائل التعليمية ومناهجها المبنية على وسائل متمدنة ومتطورة ؛ كان الأثر السلبي على الثقة بين الفئات الاجتماعية الدينية قد امتد إلى قدرات الذات والشخصية الاعتبارية لهذه المؤسسة التعليمية ، وكان للسلطة و نفوذها دور كبير على عهد السلطان عبد الحميد الثاني في عزل المؤسسة التعليمية الدينية عن هذه الفئات الاجتماعية ، وأطلق السلطان عبد الحميد لرجال الدين الرسميين المتزمتين صلاحيات واسعة وقرب شيخ الإسلام وأعطاه صلاحية مفتي سلطاني يظهر من الفتوى ما يستبيح بها أعراض المسلمين في العراق ومصر وأقطار إسلامية أخرى . عندها أدرك المدركون ضرورة قيام تحول حقيقي في الفكر الديني قبل الشروع في دخول مرحلة الصراع السياسي . ويظهر أن هذه المرحلة كانت حرجة للغاية وتطلبت جهدا نوعيا متحضرا أيضا.

وظهرت ما بين الجزيرة العربية ومصر جهود إصلاحية اختلفت في الأهداف نتيجة للوضع الجغرافي والمذهبي وتباين الظروف ومستوى فرص الإطلاع على مضامين نهضة الغرب وتطوره العلمي . وكانت للرؤية الحديثة والمعاصرة للنص الديني ومصادره ودرجة الإحاطة بالتراث الاجتماعي والطائفي دور كبير في صوغ أذهان بعض رموز هذه الجهود الإصلاحية . فالحركة السلفية التي تزعمها محمد بن عبد الوهاب في السعودية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت منزوية عن المجريات العلمية لعالم الغرب ، وكانت عبارة عن رد فعل عنيف مناهض للغرب بلا إحاطة تامة بشؤونه وخصوصياته ، يضاف إلى ذلك أن هذه الحركة انغلقت تماما على عدد ملتقط خاص من النصوص الدينية بدعوى تخليص الدين من الشوائب التي علقت به . بينما كانت نهضة محمد علي باشا في مصر ومن خلفه بعض رجال الأزهر كالشيخ رفاعة الطهطاوي على خلاف مسيرة الحركة الوهابية السلفية . فقد تفاعلوا مع العطاء العلمي وحضارة الغرب ، ودخلوا في بعثات توزعت على بعض بلاد أوروبا ، لكنهم ظلوا على مستوى ثابت من رفض فكرة ومنهج الاستعمار وهم الذين خرجوا للتو من محنة الحملات الفرنسية على بلادهم . وقد تعرف محمد علي باشا على نهضة الغرب بينما كان محمد بن عبد الوهاب مغمورا في صحارى الجزيرة العربية ومنشدا إلى متون تحريضية طائفية لا أصالة فيها جرته إلى القول بالتجديد تأسيسا على مبدأ محاربة البدع على المنهج الطائفي لابن تيمية .

ومن خلال الآثار التي تركتها الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت اعتمد محمد علي باشا بعد صعوده سدة السلطة في مصر سنة (1805م) على دعائم نهضة إصلاحية مستفيدة من بعض نتائج الحملة الفرنسية على الصعيد الثقافي ؛ كانت خطواتها الأولى تقرير برنامج علمي مؤسس على النقل عن الغرب حيث شرعت مصر آنذاك في ترجمة الكثير من الكتب في مختلف العلوم والفنون إلى اللغة العربية ، ثم شرع محمد علي في إرسال بعثات شابة إلى أوروبا للدراسة ولنقل خبرات الغرب في مجالات الإدارة والتنظيم والعلوم تمهيدا لتطعيم الدولة بالكادر المتنور في المؤسسات التعليمية على وجه الخصوص . وكانت بعثته الأولى قد توجهت في عام (1826م) إلى فرنسا بزعامة الشيخ رفاعة الطهطاوي لمدة خمس سنوات ، ثم ولت البعثات وجهها صوب كل من ايطاليا في سنة (1809م( ثم انجلترا والنمسا ، وكان آخرها في سنة (1848م) . وبذلك كان الأزهر الشريف قريبا جدا من حركة الإصلاح وبمشاركة من الطهطاوي وأستاذه الشيخ حسن العطار .  

ويقول الشيخ الإبراهيمي أحد مصلحي الجزائر مصورا حقيقة حركة الإصلاح وغاياتها: "إننا نقارن يومنا بأمسنا وطورا بطور ، فإن زدنا فجيلا بجيل وحالا بحال . فقد خلقنا كلنا بهذا الوطن فوجدنا علما لا نشك في أنه مأخوذ من علم كان قبله بصورته أو بما يقرب منها قوة أو ضعفا . ووجدنا علماء لا نشك في أنهم أخذوا عن علماء كانوا قبلهم مثلهم أو على مقربة منهم . لا نشك في هذا وإن كنا نعلم أن طريقة السلف في التزام السند العلمي واعتباره جزءا من العلم قد اندثر من أيام بجاية ، وأن الحال لم يزل على ذلك إلى أن هبت على هذا الوطن نفحة من نفحات الله في هذا العهد الأخير . فأصبح كتاب الله يدرس بكيفية حية مثمرة وعلى أساس أنها هداية عامة لجميع البشر ، وأنه حجة الله البالغة على خلقه في كل زمان وفي كل مكان ، وأصبحت سنة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) تدرس من أصولها الصحيحة ، وبين فيها وفي كتاب الله مقارنة الحكمة للحكم والدليل للمدلول والعلم للعمل , وأصبحت العربية تدرس بكيفية تؤدي إلى تحصيل الملكة القيمة والذوق الصحيح ، وأنتجت لنا هذه الدراسة شعراء نفاخر بهم ، وكتبا وخطباء ، وأصبح الشعر والكتابة والخطابة أدوات تقدم وسائل حياة لهذه الأمة . فإذا قارنا الآن فلنقارن حالنا قبل هذه النهضة بحالنا الآن ونحن في عنفوانها لنعلم أي مدى بلغنا والى أية مرتبة وصلنا ، وليكون ذلك حافزا لنا إلى التقدم ولنأنس بذلك كما يأنس المسافر حينما يقطع مرحلة من مراحل السفر"3.

من هنا لم تخل تلك التجارب الحديثة من وجود تحديات كبيرة ، إلا أنها استطاعت مجاوزتها للوصول إلى مستوى يؤهلها لصناعة تجاربها الكبيرة الخاصة التي مكنتها من الاستمرار في تطوير مناهج التعليم ووسائله وطرقه . وكان من بين تلك  التحديات التي واجهت جهود الإصلاح في العصر الحديث وتركت آثارها على المؤسسة التعليمية الدينية: تحديات جرت في الوسط المجتمعي نفسه ، وتحديات كان سببها الاستعمار ونظامه التبعي ، وتحديات جرت في ذات المؤسسة التعليمية الدينية ونظامها التقليدي . وفي المقابل جاءت جهود الإصلاح متنوعة وبطرق مختلفة المنهج والأسلوب في إطار هدف سامي غايته إخراج الأمة من تخلفها ومواجهة الاستعمار وأنظمته المتخلفة وإصلاح منابع العلم والفكر والثقافة ومؤسساتها .  

ولو أرادنا عقد مقارنة بين موقف الداعين للمحافظة على منهج التعليم التقليدي القديم والعاملين على مبدأ الإصلاح والتجديد والتطوير في المناهج والمادة العلمية إضافة إلى أهداف ووظائف التعليم في المؤسسة التعليمية الدينية لوجدنا أن هناك تحولا كبيرا جدا . فالمحافظون أصبحوا بأقل حدة في مواقفهم من سابق عهدهم في الضد من دعاة الإصلاح والتجديد والتطوير .

وربما أصبح أمر الإصلاح والتطوير والتجديد أمرا واقعا لا مفر منه في ظل التحديات التي ولدتها وسائل الاتصال وانفتاح المؤسسة التعليمية الدينية على مختلف الثقافات العالمية إضافة إلى الابتلاء السياسي الذي أوجب على المؤسسة التعليمية إعادة النظر فيه وفي مسألة المشاركة في العمل السياسي معارضة أو نظاما . لكن جهود الإصلاح والتجديد لم تستطع استغلال هذه الفرص وذلك لقلة الإمكانيات المادية وعدم توافر الكادر العلمي القادر على صناعة البدائل التعليمية الجديدة.

من هنا جاءت بعض محاولات الإصلاح والتجديد متصلة بالمعطى العلمي القديم من جهة محتوى المادة وأساليبها إلا في بعض صور منهجها وتنظيمها لكون المجدد أو المصلح يرى نفسه بحاجة إلى مؤسسة تعينه في مشروعه الإصلاحي التجديدي ، وهذا مما لم يكن متوافرا . لذلك جاءت مثل هذه الجهود فردية اتخذت لها صبغة مست الهيكل العام للمادة ذاتها وأساليب عرضها وكأن التجديد والإصلاح قد اتخذ منحى رفع التعقيد اللفظي في المؤلفات القديمة وإخراجه عن دائرة الإيجاز في العبارة مع اختصار بعض المباحث والتوسع في أخرى والتدرج في عرض بعض المباحث وفق نسق علمي آخذ في الاعتبار ذهنية الطالب ومدى استيعابه للمادة وقواعدها .

وقررت في ذلك عدة مؤلفات في مواد الأصول الفلسفية وعلم الكلام واللغة ، كان من بينها: كتابا (أصول الفقه) و(المنطق) للشيخ محمد رضا المظفر ، وكتاب (دروس في علم أصول الفقه) للسيد محمد باقر الصدر ، وكتابا (بداية الحكمة) و(نهاية الحكمة) للسيد الطباطبائي ، وكتب (شرح المنظومة) و(الأصول) و(القول السديد) وسلسلة مؤلفة من عشرة كتب سميت بالـ (المقدمات) كل كتاب منها في مادة معينة للمرجع السيد محمد الشيرازي ، وكتاب (الاشتقاق) للسيد حسن الشيرازي ، وكتاب (الموجز في المنطق) للمرجع السيد صادق الشيرازي ، وكتابا (العرفان الإسلامي) و(المنطق الإسلامي) للمرجع السيد محمد تقي المدرسي ، و(الأصول العامة للفقه المقارن) للسيد محمد تقي الحكيم ، بالإضافة إلى عدد من مؤلفات الشيخ د . عبد الهادي الفضلي.

وإلى جانب نظام الدراسة ومنهجه القديم أدخلت المؤسسة التعليمية في قم المقدسة ولبنان نظام التدرج في الفصول والتخصصات التي يتبعها نظام الامتحانات لتقدير مستوى الطالب بشهادات علمية تعطى له وتعادل بشهادات بعض الجامعات العلمية المدنية . بينما لم تدخل المؤسسة التعليمية العريقة كالنجف الأشرف وكربلاء المقدسة هذا المضمار حتى نهاية القرن الماضي ، وذلك بعد توقف هذه المؤسسة عن عطائها العلمي بشكله المستقر على مدى خمسة وثلاثين عاما تسلم خلالها حزب البعث مقاليد السلطة في العراق ، لكن بعض المؤسسات التعليمية على المستوى الجامعي والحوزوي أنشئت في سوريا والكويت وقم المقدسة وبريطانيا وبعض دول أفريقيا والهند على يد خريجي النجف وكربلاء وشكلت امتداد للمؤسسة التعليمية في النجف وكربلاء واتخذت طابعا تجديديا وإصلاحيا في مناهج الدراسات الدينية ، واعتمدت نظام الامتحانات والتدرج التعليمي إلى جانب النظام التقليدي الحر بشكليه المنفتح والمحافظ . بينما بقيت مدارس دينية في بلاد أخرى كالبحرين والمنطقة الشرقية في السعودية على نمطها التقليدي الجامد بانتظار عودة المؤسسة التعليمية الأم في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة إلى مجدهما التعليمي .

(1) القدسية وأنسنة المنهج

قسمت المادة المتداولة في المؤسسة التعليمية الدينية إلى صنفين من العلوم كان لها أثر كبير في وعي المسلمين وتوسيع مداركهم الإنسانية الوجدانية في مراحل نمو دور مدارس المؤسسة التعليمية الدينية ، "صنف طبيعي للإنسان يهتدي إليه بفكره وصنف نقلي يأخذه عمن وضعه"4.

فالعلوم النقلية هي علوم موروثة مصدرها الوحي الإلهي وتتداول في المؤسسة التعليمية الدينية كمادة أساسية ، وتضم أهم مصدرين تشريعين هما: القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، ويتعلق بشؤونهما حمل الرواية ودراستها وتدوينها وتصحيحها أو تجريحها سندا ودلالة إلى جانب التفسير والاجتهاد لاستنباط أحكام الفقه والشرح والعرض في السير . وتصور بأنها "العلوم النقلية الوضعية وهي كلها مستندة إلى الخبر عن الواضع الشرعي ولا مجال فيها للعقل إلا في إلحاق الفروع من مسائلها بالأصول "5.  

وقد حظيت هذه العلوم بالنصيب الأساسي الأكبر في مناهج التدريس في المؤسسة التعليمية الدينية بشكل موسع بعد عهد التشريع الذي انتهى عند أتباع اتجاه الخلافة بوفاة الرسول الأكرم )صلى الله عليه وآله وسلم( حيث بدأ شعور يسري بوجوب كتابة القران والسنة وجمعهما على منهج الخلفاء ، ومن ثم دراسة أحكامهما والاجتهاد فيهما . بينما أقفل عهد التشريع بصورة مختلفة عند اتجاه التشيع بعد شهادة الإمام الحادي عشر الحسن العسكري )عليه السلام( ، وبداية عهد الغيبة الصغرى للإمام الثاني عشر المهدي بن الحسن العسكري )عليه السلام( .  

وفي ذلك كتبت الكثير من مؤلفات التفسير والحديث وبمستويات متفاوتة من حيث وثاقتها وعمقها فيما عرف بعد ذلك بعلم التعديل والتجريح في السند والدلالة ، ونجم عن ذلك مسيرة علمية طويلة عمادها التحقيق والبحث والدراسة في هذه المؤلفات وتأسيس علوم الفقه والأصول والتفسير والسيرة والحديث والرجال . واتخذ التحقيق والدراسة والنقل في هذا المضمار طرقا في بدايات نشوء المؤسسة التعليمية الدينية لازال بعضها دارجا في منهج الدراسات الدينية .  "ويحسن أن نشير إلى طرق التحميل إيضاحا لبعض أنواع التعليم في تلك الحضارة الواسعة . لقد فاز علماء الحديث ثمانية طرق . وهي السماع والعرض والإجازة والمناولة والمكاتبة والأعلام والوصية والوجادة . وغدت هذه الطرق تشمل فضلا عن الحديث تحمل أكثر العلوم النقلية كالفقه وأصول الفقه والتفسير . فالسماع أن يقرأ الشيخ الحديث من حفظه أو من كتاب ، والحضور يسمعون لفظه سواء كان للإملاء أم لغيره .. والعرض هو عرض القراءة ، وذلك أن المريد يعرض على العالم ما يقرؤه ، إما من حفظه وإما من كتاب مقابل مصحح... فالسماع من لفظ العالم ، والقراءة بلفظ الطالب المتحمل أو غيره بحضرة العالم . وإما الإجازة فهي أدق من ذلك . وهي إذن العالم لشخص أو أكثر برواية بعض مروياته أو كتبه لفظا وكتابة . والإجازة أنواع . وأعلى أشكالها أن يحمل العالم كتابا من كتبه ويقول للطالب ، وقد عرف إتقانه : أجيز لك روايتها عني . وهذه إجازة معيّن وهو الشيخ لمعين وهو الطالب في معين وهو الكتاب أو الكتب"6.

وعلى ذلك ، غلبت كثرة المؤلفات الفقهية في مناهج الدراسات الدينية وذلك للحاجة ولضرورة الاستفادة منها في معرفة الأحكام الشرعية المستخلصة من النص الشرعي ، بينما صنفت علوم أخرى كمادة مكملة ومساهمة في تطوير هذا العلم . ويعد الفقه أكثرها تميزا ، وهو "علم إسلامي خالص ، حيث لم يؤثر أنه تأثر بتجارب علمية سابقة ،  أو أعمال تقدمته "7،  لكونه جاء في إطار علوم شريعة جديدة لم تكن معروفة في الجزيرة العربية ، ونما وتطور تبعا للحاجة اليومية للناس واستعمالاتهم للنعم وتسخيرها في جميع مجالات حياتهم .  

وأسفر عن تطور علم الفقه ومؤلفاته علم أصول الفقه الذي جمع القواعد الفقهية مع تفاوت في المرحلة الزمنية التي ولد فيها هذا العلم تبعا لفترة انتهاء عهد التشريع عند عالمي اتجاه التشيع واتجاه الخلافة . ويعتبر هذا العلم علما منبثقا عن علم الفقه ، وهو "من أهم العلوم الشرعية التي وضعها العلماء المسلمون دون أن يتأثروا بتجارب مماثلة سابقة ، ودون أن يحذوا حذو محاولات متقدمة . وهو علم إسلامي خالص أيضا كما الفقه ، لأنه نشأ من بين النصوص الفقهية"8 ، وهو ما يشير إلى الذهنية الإسلامية المتطورة في كشف القواعد وجمعها ضمن علم عقلي نقلي أسس جديدا .
ربما كان علم الفقه أكثر العلوم تطورا وأكثرها تأثيرا في حياة المجتمع ، وفاق بذلك بقية المواد النقلية كالتفسير الذي جمدت علومه في المؤسسة التعليمية على تاريخ جمع القرآن ورجال ومراحل تدوينه وعلى الحساب الرياضي في مضمون القرآن ومنهجه في العرض وعلى القراءات السبع والبسملات وعلى قصص وظروف الوحي ونزول الآيات وعلى الهوية المكية والمدنية وعلى الناسخ والمنسوخ وعلى اللغة والآداب وما أشبه ، أي أن تفسير القرآن اتجه إلى موضوعات ذاتية متعلقة بما بين دفتي القرآن بعيدا عن الواقع الإنساني ووعيه الشامل لنظم الفكر والسلوك ، على خلاف وظيفة القرآن التي عرفته ككتاب حياة .  

وإذا ما رصدنا حركة التطور في الفقه في المؤسسة التعليمية الدينية نجد أن علم الفقه كان متحركا بشكل واسع في مجالات العبادات حتى أنه غار في مجالات محتملة متصورة في المستقبل ، بينما كان هناك شبه توقف في مجالات المعاملات كالقروض والمضاربة والشراكة والمزارعة والوكالة والهبات والحجر والرهن الأطعمة والأشربة وعقود الدول وما أشبه ، وكانت جل معاملات الدولة تجرى بشكل منفصل عن المؤسسة التعليمية بلا أي تأثير متبادل ، وكانت القوانين الدولية في شأن المعاملات هي الحاكمة حتى بدء عهد النهضة حيث وضعت نظريات ومؤلفات إسلامية جديدة في الاقتصاد والسياسية والاجتماعي ونظم الدولة ومنشئها ، فاعتمدت المؤسسة التعليمية بعض هذه المؤلفات كمادة دراسية مضافة للمنهج.

وعلى ذلك أيضا جرى في شأن علوم الحديث والسيرة ، حيث تطور علم الحديث والرجال ونمت أساليب الوثاقة والجرح والتعديل ، لكن الأسس الأولى المفترض إتباعها في ذلك كانت محل خلاف ، خصوصا في مسألة تنزيه وتعديل الصحابة أو تجريحهم ، كما أن مسألة دلالة الأحاديث أيضا ظلت خاضعة لقيود كانت بحاجة إلى إصلاح وتطوير لأن الدلالات الخاطئة التي توصلت إليها بعض الجهات الدينية المتزمتة والمتطرفة كانت سببا مباشر في التناحر بين المذاهب والاتجاهات الدينية.

وإما في مسألة السيرة النبوية فقد كادت أن تفقد أثرها في الحياة اليومية للناس ، بل أن هناك من المختصين من ظل يجهل أكثر ما في السيرة  أو حقائقها . وإما كتبها وكتابتها فهي بحاجة إلى تحقيق وإصلاح وتجديد وتنقية من كل ما علق بها من باطل دول بني أمية ودولة بني العباس ومن كان على هداهم . فهذان العلمان (الحديث والسيرة) هما من أكثر العلوم الدينية التي لعبت فيها أيدي الوضع والاختلاق ، وبحاجة إلى دور مؤسسي يخضعهما لنظر ووعي يحدد بموجبهما رؤى جديدة للمسلمين مميزة للعلم والمعرفة حق تمييز.

وأما العلوم العقلية فهي تشتمل على مادة العقائد أو ما يعرف بأصول الدين إضافة إلى أصول الفقه والحكمة والفلسفة والمنطق والإلهيات ، وأضافت إليها بعض المدارس الدينية مواد التصوف والتصوف الفلسفي ، والرياضيات كالهندسة والحساب والفلك ، بالإضافة إلى الطبيعيات كالكيمياء والفيزياء والحيوان والطب، والإنسانيات كالتاريخ والجغرافيا والاجتماع والنفس واللغة وآدابها . وفصلت بعض المدارس بعض العلوم العقلية كأصول الفقه وأصول الدين والفلسفة والتصوف مثلا ووضعتها في خانة العلوم الجامعة بين (النقلية والعقلية) .  وتوصف العلوم العقلية بأنها "هي العلوم الحكمية الفلسفية وهي التي يمكن أن يقف عليها الإنسان بطبيعة فكره ويهتدي بمداركه البشرية إلى موضوعاتها ومسائلها وأنحاء براهينها ووجوه تعليمها حتى يقفه نظره ويحثه على الصواب من الخطأ فيها من حيث هو إنسان ذو فكر"9.

وقد استفاد المسلمون من العلوم العقلية الوافدة عن الحضارات الأخرى عن طريق الترجمة من اليونانية بواسطة السريانية والفارسية إلى العربية بعد محاولاتهم الحثيثة للإطلاع على علوم تلك الحضارات "على أن دراسة العلوم الفلسفية والمنطق والكلام قسمة مألوفة في منهج المسلمين التعليمي والتربوي منذ النصف الثاني من القرن الأول الهجري ، ولقد تأكدت هذه القسمة في القرن الثاني ، وخاصة بعد ترجمة العلوم الفلسفية في عصر المأمون (170-218م ، 786-833م)"10.  

ولم يكن إطلاع المسلمين على العلوم العقلية إطلاعا جامدا دون معالجة أو تمحيص وإمعان نظر وتحقيق ، ذلك أن بعض تلك العلوم وخاصة الأوروبية منها كانت جامدة على منهج أرسطو في الاستنباط القائم على استخراج النتائج من المقدمات والتزام الحدود والرسوم في التعريف والقياس والاستنباط والتمثيل في الاستدلال . "وقد عدل فيه المناطقة المسلمون ، فالتزموا في التعريف ما سموه بـ (شرح الاسم) ، وابتعدوا عن الأخذ بالحد والرسم ، وعللوا هذا بعدم وجود فصول لحقائق الأشياء يمكن الوصول إليها ومعرفتها . كما أضافوا إلى مادة الاستقراء في كثير من مؤلفات المنطق الحديثة ، الطرق الخمس التي وضعها (جون ستيورات مل) ، والتي تسمى (طرق الاستقراء) و (قوانين الاستقراء) ، وموضوعات أخرى رأوا من اللازم إضافتها .

ومنذ أن ترجم هذا المنطق من اليونانية إلى العربية عن طريق السريانية والفارسية ، كان ولازال هو المنهج المعتمد في الدراسات الإسلامية ، وبخاصة الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام وأصول الفقه . ومد رواقه أيضا على الدراسات اللغوية العربية فاعتمد إلى حد بعيد في علم النحو وعلوم البلاغة . وهو المنهج المعتمد حاليا في الدرس الفلسفي والدرس الكلامي والدرس الأصولي في الحوزات العلمية (مركز الدراسات الدينية) عند الشيعة الإمامية ،  وكذلك في الحوزات العلمية السنية في مثل أفغانستان وباكستان وهندستان واليمن ومصر ودول المغرب العربي"11. وأن هناك الكثير من رجال العلم القدماء من المسلمين انبهروا بالفلسفة اليونانية كالكندي والفارابي وابن رشد وغيرهم ، وراح بعضهم إلى النظر في العلوم الإسلامية النقلية ونصوصها بعين فلسفية ومقولات فكرية يونانية صرفة ، فأنتجوا نظريات في مجالات الاجتماع اعتمادا على ألفاظ ومفاهيم فلسفية يونانية . وأرجع بعض المحققين علوم المسلمين في المجال النقلي إلى أسس ومناهج يونانية فلسفية ليؤكد على تأييد مذهبه الفلسفي أو الصوفي ، بينما ذهبت أكثر التحقيقات والدراسات إلى نقض هذا المذهب ودعت إلى تجريد العلوم النقلية والعقلية الإسلامية من أي اثر يوناني فكري فلسفي أو صوفي. وهناك من المحققين من اعترف بالالتقاط الفلسفي عن اليونان ولكنه استحسنه واستعمله في بناء قاعدته الفكرية الفلسفية.
وقد ظهر من خلال الحياة العلمية في المؤسسة التعليمية الدينية عند اتجاهي الخلافة والتشيع ، أن بعض العلوم العقلية قد تداخلت في العلوم النقلية وفرضت نتاج العقل على النقل أو العكس كما هو الحال في أصول الفقه ، كما تداخلت بعض العلوم في بعضها كما هو الحال في أصول الدين والتصوف والفلسفة والحكمة . ولذلك تشكلت في المؤسسة التعليمية الدينية مخاطر على العلوم الأصيلة وعلى فكر وسلوك ووجدان المنتسبين إليها ، خصوصا في مجال مبحث التوحيد . فنشأت عن ذلك فرق دينية لها عقائدها وفلسفاتها وتصوفها ، ولها نزعاتها وتصوراتها الخاصة في تنزيه الإله بين التجسيم والتشبيه والاتحاد والحلول والوحدة الوجودية ، ما أدى إلى الكثير من النزاعات والمشكلات التي استنزفت الطاقات البشرية والاقتصادية والاجتماعية في تطرف سلفي غريب الأطوار أو تطرف فكري مثير للشكوك .

والى جانب ذلك ، أسس متبنو بعض العلوم النقلية والعقلية طرقا كثيرة مفصلة في كيفية تحمل وتلقي تلك العلوم . فمنذ القرن الثاني للهجرة ألفت الكثير من الكتب المهمة الكاشفة عن علاقة الطالب بالأستاذ في حال الاستعداد لتلقي مثل هذه العلوم ، وسميت بالآداب ، وكان من بينها: كتاب (منية المريد في آداب المفيد والمستفيد) لزين الدين بن علي العاملي الملقب بالشهيد الثاني (966هـ ) ، وكتاب (الدر النضيد في آداب المفيد والمستفيد) لبدر الدين الغزي (984هـ) ، وكتاب (آداب المتعلمين) لنصير الدين الطوسي (672هـ) ، وكتاب (آداب المعلمين) لمحمد بن سحنون (256هـ) ، وكتاب (تذكرة السامع والمتكلم في آداب العلم أو المتعلم) لبدر الدين ابن جماعة الكناني (733هـ) .

وقد فصلت هذه المؤلفات الشيء الكثير والمنظم في كيفية سير الحياة العلمية في المؤسسة التعليمية الدينية وتقاليد النظر والتحقيق والبحث والاجتهاد فضلا عن كيفية الاستفادة من الأستاذ ، وأخلاق الكسب العلمي ، وطرق التعاطي مع المادة العلمية ، وأحوال حلقات الدراسة وطقوس حضورها ، وفن التدريس والدراسة والاستعداد لهما.

وربما كانت أكثر الكتب المتخصصة دقة وتفصيلا في شأن العلاقة المتبادلة بين الطالب ومدرسيه ، هو كتاب (منية المريد في آداب المفيد والمستفيد) حيث أولى الشهيد الثاني رعاية واهتماما للعلاقة بين الأستاذ والطالب وما يتصل بينهما من اشتراك في كيفية تداول المادة وكسبها والبحث فيها . ففي آداب الأستاذ قسم الكتاب الآداب إلى آداب تخص الأستاذ ذاته ، وآداب علاقته مع طلابه ، وآداب تخص حلقة الدرس . وإما آداب الطالب فهي مقسمة كذلك إلى آدابه مع نفسه وآدابه مع أستاذه وآدابه مع حلقة الدرس . وأما الآداب التي يشترك فيها الطالب مع المدرس فهي: الإخلاص وبذل الجهد في كسب العلم وتعليمه ، والأخلاق المتبادلة ، واحترام مادة العلم ، والاستمرار في التعلم والتعليم ودوام العمل بالعلم ، وتجنب الجدال والمراء وغيره .  

ولم يغفل علماء المؤسسة التعليمية الدينية التفاصيل الدقيقة في مجال حفظ العلم وتقييده في الذهن ، وفنون الكتابة والتأليف وطرقهما حتى انتشرت مصطلحات مميزة ومصنفة للمؤلفات ، كمصطلح (المبسوط) و(الإملاء) و(المختصر) و(الحاشية) و(الشرح) و(التعليق) و(الفهرست) و(الكليات) و(المبادئ) و(المعاجم) و(المقباس) و(الوجيزة) و(التنقيح) و(المنظومة) وغيرها.

وقد تراجعت العلوم العقلية كثيرا خلال حكم السلطنة العثمانية تحت ضغط قيود الكثير من دوائر المؤسسة الدينية الخاضعة لهيمنة شيوخ السلطنة الرسميين الذين حرّموا أو منعوا أكثر العلوم العقلية جريا على منهج الشيخ الغزالي الصوفي الذي ناهض الفلسفة على وجه التحديد . وقد ظلت المؤسسة التعليمية الدينية على اتجاه التشيع محافظة على استقلالها في رعاية بعض العلوم العقلية وتجنب الاستجابة لتحولات السلطنة العثمانية في شأن أدائها التعليمي ، على عكس الكثير من مؤسسات اتجاه الخلافة "ودون أن نقلل من اهتمام إخوتنا ونحن نعترف بأنهم ظلوا الممثلين لاهتمام التيار العقلاني الإسلامي بهذه الدراسات"12 .

وقد حاول شيخ السلطنة العثمانية أبو الهدى الصيادي ( 1849-1909م) النيل من اتجاه التشيع وصوره اتجاها دينيا يتعاطى مع بعض العلوم العقلية إلى جانب علومه النقلية السائدة في مؤسسته التعليمية ، فاصطنع العقبات والموانع أمام مسيرة السيد جمال الأفغاني وتصدى له وقاومه بحجة تشيعه وتعاطيه العلوم العقلية . فقد كانت دراسة الأفغاني للعلوم العقلية في كل من العراق والهند على غير منهج السلطنة العثمانية التي كانت تميل إلى فكر التصوف ، أحد أسباب بلوغه هذه المرتبة  ، وبذلك استطاع أن يتحرر من قيود المنهج العثماني التقليدي الجامد " فلقد كان طرازا من الرجال لا يمكن فهمهم حق الفهم إلا إذا نحن تخيلنا الصورة التي يمكن أن يكون عليها مفكر عبقري عملاق جمع في عقله ما بين الحكمة الفلسفية والإيمان - على طريقة الفلاسفة - بجوهريات الإسلام وحقائقه الأولية ، في صورتها النقية المبرأة من الخرافات والإضافات "13

- تحديات المنهج ورموزه  

استمرت المؤسسة التعليمية الدينية في التدريس وفق المنهج التقليدي المتقيد بالعرض والشرح التفصيلي الممل لمختصرات المادة وفك عباراتها وألفاظها ومصطلحاتها ومحاكمة مضامينها ومقاصدها اللغوية . ولكن هذا الأسلوب التعليمي القديم لا يخلو من بعض الإيجابيات من نحو: "غزارة المادة العلمية والتعمق في قضاياها ، فيأتي المدرس فيدرس الموضوع فينزل في أعماق الأرض ويرتفع إلى عنان السماء في كل شيء ، لماذا وكيف والأبعاد المتعلقة به والجوانب والاحتمالات ، فيحاول أن يعطي غزارة وعمق أكثر مما يقتضيه الموضوع نفسه ، ومعرفة الجذور والأغصان كلها بشجرة العلم "14.

ومع مثل هذه الأساليب التقليدية القديمة كان على المدرس أن يتميز بحصيلة علمية واسعة جدا تمكنه من إدراك ومعرفة العلوم المختلفة كالفقه والتفسير والدراية والحديث والمنطق والحكمة وعلوم اللغة والرياضيات والطبيعيات والإنسانيات وغيرها من العلوم النقلية والعقلية ، ما يؤكد على أهمية دور الذاكرة والحفظ ، ويزيد من حصيلة الطالب والمدرس العلمية ويرفع من قدرتهما معا على " تبين مواطن الضعف في المادة العلمية ... ومعالجتها من خلال منهج : إن قلت: قلت ،  وان قلت: قلت"15.

وهنا مثال واحد على طريقة التدريس كانت متبعة في حوزات العراق إلى عهد قريب: "فإذا أراد الأستاذ أن يثبت كروية الأرض تساءل: هي كروية أو مسطحة ؟ . ثم يقول: ذهب العلماء القدماء إلى أنها مسطحة ، وقال الجدد: إنها كروية ، واستدلوا بأن الإنسان إذا سار من نقطة معينة وواصل السير في خط مستقيم ينتهي إلى المكان الذي ابتدأ منه ، ثم يعقب الأستاذ - من عنده - بأن هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الأرض كروية لسبب من الأسباب كما هي سني التطور .  

ويجيب – من عنده - بأن كروية الأرض لا تحتاج إلى الاستدلال بعد أن اثبت العلم أن الأصل في كل جرم أن يوجد أول ما يوجد كروية الشكل ،  وليس من شك أن الأرض جرم فهي إذن كروية ، ومن قال بهذا لا يطالب بالبينة لأن قوله موافق للأصل ،  على أن الوجدان يؤيد هذا ويعززه ، وعليه فالقول المعاكس لا يبتنى على أساس . وهكذا تدرس جميع القضايا والمسائل"16.  

فهذا الأسلوب التعليمي الذي تميزت به المؤسسة التعليمية في العراق له الكثير من المحاسن أتي على رأسها فن التوسع والتمكن من العديد من المعارف المختلفة ، وفن الحوار والنقاش والجدل . وعلى ذلك يتخرج الطالب مدعم بالمادة المناسبة المحيطة بأبعاد علمية متنوعة ، فيزيد من ثقة الطالب بنفسه وبعلومه المختلفة ويساهم مساهمة كبيرة في نمو الذكاء والحنكة أمام حجج الآخرين وآرائهم وتفسيراتهم وتأويلاتهم واعتراضاتهم ، كما يساهم في نمو مقدرة الطالب على دراسة العلوم الأخرى غير المقررة في المؤسسة التعليمية والتمكن منها والاستفادة منها ونقدها في حال خلافها مع المعتقد والفكر الأصيل ، فتتبلور شخصيته وينمو حسه الاستقرائي البحثي في حال اختلاطه بنظرائه وزملائه وببيئته العلمية وبعامة الناس .

والى جانب كل ذلك ، هناك ميزات أخرى مهمة في منهج التعليم القديم أتى في مقدمتها: الارتباط بالقيم الروحية ووثوق العلاقة بين الطالب والأستاذ ، وبقاء الأبواب مفتوحة للطالب لاكتساب ما يمكنه من التعليم وفقا لما يملك من ذهنية علمية وبعد زمني "فلا يوجد فاشل في ميدان التعليم الديني ، لأنه يتيح مجالا لكل القدرات . فإذا حفظت القرآن واكتفيت بذلك يمكنك أن تفيد الناس شيئا ،  وإذا حفظت شيئا من علوم الفقه فيمكنك أن تنفع الناس في هذه الحدود ، وإذا تعمقت في الحديث والأصول فيمكنك أن تعطي شيئا أكثر وهكذا" 17

ومع بروز هذه النقاط الإيجابية التي تصب في صالح المنهج القديم وفي فن التدريس موضوعا وأسلوبا ؛ إلا أن هنالك الكثير من نقاط الضعف الأساسية تسجل على تلك المناهج والأساليب التعليمية لا يمكن لها أن تجعل من التعليم القديم منسجما ومتسقا مع الظروف الحالية والمتقدمة علميا وإنسانيا ، كما أنها لا تستطيع أن تخرج للمجتمع إنسانا قادرا على الانسجام مع فئات المجتمع المختلفة والتفاعل مع تحولاته السريعة جدا في مجالات التنمية وتقنية الاتصال والاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والثقافية العظمى إلا بمبادرات فردية. ولو أردنا أن نمثل للوضع السائد فإننا سنجد أن هناك مسافة واسعة تفصلنا عن عالم اليوم في الشأن التعليمي تشابه إلى حد ما المسافة والزمن الفاصلة بين أوضاع عالمنا الإسلامي على عهد السلطنة وأوضاع أوروبا بعد تطور نهضتها . فيوم توقف المسلمون اكتسحتهم مناهج الغرب .  

وعلى الرغم من بقاء المنهج التعليمي القديم قادرا على أداء رسالته من حيث البناء الروحي والوجداني للطالب وزيادة ثقته في علمه ومؤسسته التي ينتمي إليها؛ إلا أن الدور الذي يمكّن الطالب من تأدية وظيفته في حال تخرجه هو دور محدود ومقصور على الجانب الروحي الوجداني بجانب أثر ليس بالريادي في مجال الضرورات الحياتية والتحديات التي تعترض مسيرة المجتمع الناتجة عن المدنية سريعة التغير والتحول في المجالات العلمية والتنمية التعليمية على وجه الخصوص.

وقد استطاعت مناهج الدراسات والتعليم في المؤسسة التعليمية الدينية حتى عهد تطورها إلى مستوى منهجي ومؤسسي مناسب أن تخرج العديد من العلماء والمراجع الكبار الذين ساهموا في تطوير المناهج الدينية ومؤسساتها ، سواء بالبحث والتحقيق أو إصدار مؤلفات متقدمة زادت في ثراء تراث المؤسسة التعليمية وألقت بظلالها على المادة العلمية ومناهج الدراسات وأوصلت المؤسسة التعليمية الدينية بالأوضاع الاجتماعية ورفعت من درجة تفاعلها نسبيا . كما ساهمت في الحفاظ على تراث أهل البيت (عليهم السلام) وتزويده بعوامل البقاء، ولكن ذلك جاء في صور فردية. وكان من بين أشهر هؤلاء العلماء الكبار الذين برزوا في هذا المضمار من بعد نشوء وتطور المؤسسة التعليمية الدينية على يد الشيخ الطوسي في النجف الأشرف كل من : أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (602- 676هـ) المشهور بـ (المحقق الحليّّ) ، وله مؤلفات مميزة منها: كتاب (شرائع الإسلام) وكتاب (المختصر النافع) . ونصير الدين محمد بن الحسن الطوسي المتوفى في سنة (672هـ) المشهور بـ (المحقق الطوسي) وله كتابه الشهير (تجريد الاعتقاد) في علم الكلام . والحسن بن يوسف بن علي المطهّر المتوفى في سنة (726هـ) المشهور بـ ( العلامّة الحليّّ) وله (تذكرة الفقهاء) مؤلف من عشرين مجلداً ، وله أيضا (قواعد الأحكام) . وابن العلاّمة الحلّي المشهور بـ (فخر المحققين) المتوفى في سنة (771هـ) وله كتاب (إيضاح الفوائد في شرح إشكالات الفوائد) المؤلف من أربع مجلدات . وأبو عبد الله محمد بن مكي العاملي المشهور بـ (الشهيد الأول) المستشهد في سنة (786هـ) وله (اللمعة الدمشقية)  و(القواعد والفوائد) . وجمال الدين أبي العباس أحمد بن محمد بن فهد الحليّّّ المشهور بـ (ابن فهد الحليّّ) المتوفى في سنة (841هـ) وله (المهذَب البارع في شرح المختصر النافع) المؤلف من خمسة مجلدات . والشيخ علي بن الحسين الكركي المشهور بـ (المحقق الثاني) المتوفى في سنة (941 هـ) وله (جامع المقاصد في شرح القواعد) المؤلف من ثلاثة عشر جزء . وزين الدين بن علي الجبعي العاملي المشهور بـ (الشهيد الثاني) المستشهد في سنة (966هـ) وله (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية) و(مسالك الإفهام في شرح شرائع الإسلام) المؤلف من خمسة عشر مجلداً . والمولى أحمد بن محمّد الشهير بـ (المقدّس الأردبيلي) والمتوفى في سنة (993هـ) وله (مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان) المؤلف من أربعة عشر مجلداً . ومحمد محسن الشهير بـ (الفيض الكاشاني) المتوفى في سنة (1091هـ) وله (الوافي والصافي ومفاتيح الشرايع) . ومحمد بن الحسن المشهور بـ (الحر العاملي) المتوفى في سنة (1104هـ) وله (وسائل الشيعة) المؤلف من ثلاثين مجلداً . والمولى محمد باقر بن المولى محمد تقي المجلسي المشهور بـ (العلامّة المجلسي) المتوفى في سنة (1111هـ) وله (بحار الأنوار الجامعة لدرر الأخبار) المؤلف من مائة مجلد . والشيخ يوسف البحراني المشهور بـ (البحراني) المتوفى في سنة (1186هـ) وله (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة) المؤلف من خمسة وعشرين مجلداً . والمحقق السيد علي الطباطبائي الشهير بـ (مير سيد علي) والمتوفى في سنة (1213هـ) وله (رياض المسائل) . والسيد محمد جواد الحسيني العاملي المتوفى في سنة (1226هـ) وله (مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة في بيان الأحكام بالدلائل) المؤلف من عشرين مجلداً . والمولى أحمد بن المولى محمد مهدي النراقي المشهور بـ (النراقي) المتوفى في سنة (1244هـ) وله (مستند الشيعة في أحكام الشريعة) المؤلف من تسعة عشر مجلداً . وجعفر بن خضر بن يحيى المشهور بـ (كاشف الغطاء) المتوفى في سنة (1228هـ) وله (كشف الغطاء) . ومحمد حسن النجفي المتوفى في سنة (1266هـ) وله (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام) المؤلف من ثلاثة وأربعين مجلداً . ومرتضى بن محمد أمين المشهور بـ (الشيخ الأعظم) المتوفى في سنة (1281هـ) وله (المكاسب وفرائد الأصول) . والسيد محمد حسن الشيرازي المشهور بـ (المجدد) وصاحب انتفاضة التنباك المتوفى في (1312هـ) وله (تحريرات في الأصول) و(تحريرات في الفقه) و(رسالة في الرضاع) و(رسالة في اجتماع الأمر والنهي) . والميرزا محمد تقي الشيرازي المشهور بـ (قائد ثورة العشرين) المتوفى في سنة ( 1338هـ) وله (حاشية المكاسب المحرمة) و(مباحث الأصول) (حاشية كتاب البيع) . والميرزا حسين النوري الطبرسي المشهور بـ (النوري الطبرسي) المتوفى في سنة (1320هـ) وله (مستدرك وسائل الشيعة) . والشيخ محمد كاظم الخراساني المشهور بـ (الآخوند الخراساني) المتوفى في سنة (1329هـ) وله (كفاية الأصول) . والسيد محمد كاظم اليزدي المتوفي في سنة (1337هـ) وله (العروة الوثقى) و(حاشية المكاسب) و(كتاب التعادل والترجيح) . والسيد أبو الحسن الأصفهاني المتوفي في سنة (1365هـ) . والسيد محسن الطباطبائي الحكيم المتوفى في سنة (1390هـ) وله (مستمسك العروة الوثقى) المؤلف من أربعة عشر مجلداً . والشيخ محمد رضا المظفر المتوفى في سنة (1963م) وله (علم أصول الفقه) و(علم المنطق) . والسيد أبو القاسم الخوئي المتوفى في سنة (1413هـ) وله (بحوث في شرح العروة الوثقى) و(معجم رجال الحديث) و(البيان في تفسير القرآن) . والسيد محمد باقر الصدر وله (دروس في علم الأصول) و(فلسفتنا) و(اقتصادنا) و(الأسس المنطقية للاستقراء) . والسيد محمد الحسيني الشيرازي المتوفى في سنة (1422هـ/2000م) وله أكبر موسوعة فقهية في العالم الشيعي مؤلفة من 160 مجلدا ، ويعد أكبر مؤلف في العالم وله 1500 كتابا قيما في أصول الدين وأصول الفقه وفي مجالات مختلفة . والسيد محمد تقي الحكيم المتوفى في سنة (1423 هـ) عميد كلية الفقه (1965- 1970م) له (الأصول العامة للفقه المقارن) و (مناهج البحث في التاريخ).

إن هناك شبه إجماع في المؤسسة التعليمية الدينية على أن نتاج منهجها الراهن بحاجة إلى انطلاقة كبيرة وحديثة على طريق تخريج مستويات علمية رفيعة مؤهلة لسد حاجات الأمة الإسلامية في مثل هذا العصر المعقد في ثقافته وعلومه واقتصاده وسياسته وتطوره العلمي والتكنولوجي . وربما كان المنهج التقليدي القديم قادرا على إنتاج مراجع وفقهاء ومؤلفين ومدرسين يسدون حاجات المؤسسة التعليمية الدينية ذاتها في مجالات المنهج التعليمي وبعض الحاجات المتعلقة بشؤون الشريعة ومادتها ؛ لكن هذا التوسع الكبير في الحياة العلمية والحضارية وحاجة المجتمع المسلم إلى قيادات ورموز مرجعية وفقهية تدير كل شؤون حياته في هذا البحر المتلاطم من الثقافات والأفكار والمناهج المتطورة المخالفة أو المناهضة للدين أو المتقدمة جدا على كل ما هو متاح من فكر إسلامي؛ يتطلب المئات وليس العشرات من المراجع والفقهاء الذين يحملون في ذواتهم مؤهلات زعامة الأمة على مختلف الصعد إلى جانب إدارة دفة الحواضر العلمية الفقهية .  

وقد مثلت الثغرة التعليمية أو ما عرف بقضية الفصل بين التعليم الديني والمدني انفصاما حقيقيا في العقل الإسلامي ، والى جانبها برزت نظريات حديثة ومتطورة في مناهج التاريخ واللغة والحضارة والميتافيزيقا ونظرية المعرفة (الابتستمولوجيا) وما يعرف بالأنسنة في وقت انشغلت فيه المؤسسة التعليمية الدينية بشكل رئيسي بعلوم أخرى متعلقة بمفاهيم التأصيل وباللغة خاصة وبجدل الثابت والمتغير ، وبمقولات عدت خليطا ومزيجا بين فلسفات نشأت على عهد سقراط وأفلاطون وأرسطو كمقولات ابن سينا والمشائين والسهروردي والاشراقيين وملا صدرا ، مع إعراض عن الاستجابة للتحولات المستجدة في المحيط الاجتماعي والثقافي والعلمي الحضاري .

وإذا ما شاءت المؤسسات التعليمية الدينية المنشغلة بجدل تلك المقولات العزم على الإصلاح والتجديد فإنها ستظل رهينة بأصول تلك الفلسفات ومفاهيمها ونظرياتها بلا نتاج لها حينئذ إلا استقراء شكليا مباينا للصورية الاستنباطية ومغلفا بها في نفس الوقت ، ثم تتحول مادة الفلسفة في المؤسسة التعليمية الدينية إلى جدل العلة والمعلول ثم تتكشف في النهاية مظاهر السقوط في وحل ديانة وحدة الوجود والموجود ، وربما يعاد التحقيق في وحدة الوجود بعد تعاظم أخطائها القاتلة ليخلص النظر إلى مبنى ما يعرف اليوم بـ (السلطنة والهيمنة) في الخالقية.

ولكون منهج المؤسسة التعليمية لا يملك ضوابط التوجيه في علاقته مع المحيط التعليمي ومتطلباته العصرية ؛ فإن معايير التعاطي السليم والمثمر مع المحيط الخارجي بتفاعلاته تظل غائبة أيضا . وقد تتفاعل المؤسسة التعليمية مع هذا المحيط بشكل حر فتصيب في تشخيص موضوع الفقه مثلا وقد تخطئ في مجال التعاطي مع نتاج العلوم الإنسانية والطبيعية والرياضية . لذلك تتبنى بعض مدارس المؤسسة التعليمية اتجاهات ومباني مختلفة قد تصل في علاقاتها البينية إلى حد النزاع ونبذ الآخر ، كما هو الحال في منهج التعاطي مع فصول الفلسفة والتصوف الفلسفي (العرفان) أو حتى مبدأ الاجتهاد ذاته ومفاهيمه وأصوله وقواعده ، فذلك من الدواعي الضرورية لتغيير المنهج وقواعد المؤسسة ونظم علاقتها الداخلية وعلاقاتها بالمجتمع وبحواضرها العلمية وبنظرياتها الاجتماعية لكي تتحاشى اضطرار منتسبي هذه المؤسسة إلى الاقتباس والالتقاط على مبدأ التعويض أمام الإحساس بالعجز والنقص المنهجي أو العلمي أو الثقافي .  

ومع توافر بعض الجهود المسئولة التي راحت تهذب في المادة المتداولة وتصوغها صياغة علمية منهجية مناسبة لسد حاجات المؤسسة التعليمية الدينية ؛ إلا أن حركتها مازالت بطيئة جدا وتنحصر أغلبيتها في علوم الآلة وبعض مواد مرحلة المقدمات فقط ، ولم تمس جوهر بعض المواد التي ظلت محلا للجدل الطويل في المؤسسة التعليمية الدينية كالفلسفة والتصوف الفلسفي (العرفان) وعلم الكلام وعلم أصول الفقه والمنطق والتاريخ والسيرة وما أشبه ،  ولم تضف مواد جديدة أخرى إلى المنهج التعليمي أو تميز مضامينها على منهج شك المتخصصين من رواد المؤسسة التعليمية القديمة الذين يعتقدون بأن المنهج التقليدي القديم مازال يتسم بالتقدمية والتميز على أية مناهج جديدة أخرى ، وأن محاولات الإصلاح والتجديد المستمرة في المنهج تفتقد الاستقرار والثبات فضلا عن الكفاءة .

وربما يكون الإصلاح والتجديد في مراحل متقدمة من الدراسة في المؤسسة التعليمية على صعيد المنهج مقبولا لأن الطالب عندها يكون مؤهلا لمرحلة الاستدلال التي تتطلب ذهنا بحثيا منقبا ، كما أن الطالب في هذه المرحلة قادر على تقييم المنهج ، وقادر على متابعة أثر أية نظرية جديدة تنبثق عن اجتياز الطالب لمراحله الأولى والثانية وكشف صوابها أو خطئها , وربما يكون الفقيه في هذه المرحلة أيضا منفتحا على أشكال وألوان من النظريات والثقافات التي تجول في الساحة الإسلامية فيتعرف من خلالها بسهولة على أي معطى جديد ، "لذا نجد مثل نظرية (الاستجابة الشرطية) للعالم الروسي (بافلوف) قد دخلت في مجال اللغة أيضا واستخدمها بعض العلماء في مسألة (الوضع) ، وهي بصدد الإجابة عن سؤال يتعلق بتفسير العلاقة (التلازم ، السببية ، الاندماج) بين الألفاظ والمعاني ، إذ أن اختيار الإنسان لفظا محددا لمعنى معين لا يفسر التلازم بينهما ،  وقد ذكرت نظريات متعددة كالتعهد والمناسبة الاعتبارية والقرن الأكيد ، وهذه الأخيرة اعتمدت على نظرية (الاستجابة الشرطية) حيث أن هناك حالة استجابة شرطية ما بين سماع كلمة والانتقال إلى معنى تلك الكلمة من خلال التكرار ،  ولذلك يتعلم الناس اللفات من خلال التكرار . وهذه استفادة جيدة ونموذج لتداخل العلوم "18.  

- تبعات مناهج التجديد الفلسفي  

لم تستقر المؤسسة التعليمية على حال واحدة ، وشهدت تنقلات كثيرة منذ نشوء أول مدارسها في المدينة المنورة مرورا بالكوفة وقم والري وبغداد ثم النجف الأشرف وحلب والحلة والشام ثم عودتها مرة أخرى إلى سامراء والنجف ثم انتقالها إلى كربلاء وأصفهان ومن ثم أخير عودتها إلى النجف وقم المقدسة وكربلاء المقدسة حتى مجيء نظام حزب البعث الذي أوقف الحياة التعليمية في النجف وكربلاء لتزدهر في قم المقدسة مع تغير النظام السياسي في إيران وتشتت المرجعية الدينية في كربلاء والنجف . كل ذلك جرى بفعل عدد من الظروف السياسية و الاجتماعية والاقتصادية الموضوعية والعلمية والثقافية الموضوعية والذاتية التي تركت آثارا ايجابية وسلبية على الحياة التعليمية في هذه الحواضر العلمية..

لقد كان الشكل المؤسسي التاريخي للجهة التعليمية في العراق قد تبلور على عهد الشيخ الطوسي في النجف الأشرف في عام (448هـ) ، وتبعه نشوء عدد من المدارس الكبرى والصغرى في بلاد إسلامية مختلفة . واثر تقلبات أحداث ثورة العشرين التي قادتها المؤسسة التعليمية في العراق وانخرطت فيها بكل إمكانياتها العلمية ونفوذها البشري الاجتماعي أبعد عدد من رجال الدين من النجف الأشرف إلى إيران ، وكان من بينهم الشيخ عبد الكريم الحائري الذي طور المؤسسة التعليمية في قم المقدسة وتبعه على منهجه في التجديد التطوير السيد البروجردي حتى مجيئ عهد تطور العلوم العقلية على يد السيد محمد حسين الطباطبائي في مطلع الخمسينات من القرن الماضي ، فصعد نجم قم المقدسة ونمت فيها ظاهرة الجدل والنقد إلى جانب موجة الرفض المطلق لبعض العلوم العقلية بشكل مثير معاصر لدخول قم المقدسة في مرحلة الصراع السياسي الكبير في عهد الشاه محمد رضا بهلوي في عام (1963م) . فكان من بين أساليب الشاه في الشأن الثقافي رعاية طباعة كتب البحث العقلي المؤلفة في قم المقدسة بقصد تغليب هذا البعد المخالف لمنهج المرجعية الدينية العليا المتمثلة في السيد البروجردي ذي النفوذ الواسع جدا بين فئات الشعب الإيراني المناهضة لسياسات الشاه . فحظيت مؤلفات السيد الطباطبائي بالنصيب الأكبر من نفقات الطباعة الرسمية للدولة ، وتقدم الشاه في بجائزة مالية للشيخ المطهري على ما قدمه من مادة فلسفية شارحة لكتاب (أصول الفلسفة الواقعية) لمؤلفه السيد الطباطبائي الذي ناصف الشيخ المطهري جائزته هذه .

ويعد كتاب (أصول الفلسفة الواقعية) كتابا عصريا في الفلسفة أنجز الطباطبائي تأليفه خضوعا عند طلب بعض مقربيه ، فصدر في عدة مجلدات تخطى مشروع الطباعة أحد أجزائها الأولى لما كان يضمه هذا الجزء من عبارات فلسفية لا تتسق ومنهج البروجردي زعيم المؤسسة التعليمية المناهض للفلسفة والعرفان والرافض لمنهجهما الذي شرع في محاولاته الأولى لغزو مقررات الدراسة الدينية . وقد حدث أن رفض السيد البروجردي قبول هوامش وتعليقات الطباطبائي على كتاب (بحار الأنوار) للشيخ المجلسي وحرم حلقات دروسه . ما يشير إلى مقاصد الشاه الإيراني ومنافعه في سيادة البيئة الفلسفية والعرفانية في الحوزة على حساب العلوم النقلية التي درجت المدرسة التعليمية الدينية على تنميتها والتوسع في مناهجها اصر البروجردي على سيادتها.

ومع تطور مشروع قم المقدسة في العلوم الفلسفية بعد وفاة زعيمها ومرجعها الأعلى البروجردي ، ظهر تميزها جليا عن بقية مدارس المؤسسة التعليمية الدينية في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة اللتان أشرفتا على الجمود والتوقف في مشروعهما التعليمي بعد اتساع هيمنة النظام السياسي وتسلطه وتدخله في الحياة التعليمية اليومية وتقويضه للكثير من مظاهرها الدراسية . وكان للعلوم الفلسفية قبيل توقف الحياة التعليمية نصيب غير وافر في كربلاء والنجف ، إذ كانت تدرس بشكل محدود جدا في مرحلة المقدمات . وبعد ظهور بوادر الإصلاح والتجديد في المناهج انتقلت هذه العلوم إلى مرحلة السطوح في وقت متأخر تأثرا بمسار منهج قم المقدسة ، إلا أن المؤسسة التعليمية في قم المقدسة أولت اهتماما واسعا للعرفان النظري (التصوف الفلسفي) إلى جانب بعض مدارس مدينة أصفهان جريا على منهجي ابن سينا في الفلسفة ومنهج صدر الدين الشيرازي (ملا صدرا) في التصوف الفلسفي ، وتداولت في ذلك مؤلفات ابن سينا ، وملا صدرا ، ومحي الدين بن عربي التي دمجت بين التصوف والفلسفة في شكل صريح ، حتى رُجح منهج ملا صدرا وابن عربي في بعض مدارس قم المعروفة بتصوفها الفلسفي ومناهضتها لمنهج ابن سينا الفلسفي الذي حطت من قدره وأرجعته إلى تخلف مدارس أصفهان الفلسفية!.

وظهر تميز بعض رجال الدين الكبار في المؤسسة التعليمية في قم المقدسة بعد ذلك وبان تفوقهم في العلوم العقلية على منهج ملا صدرا ومحي الدين ابن عربي على خلاف مدرسة ابن سينا الفلسفية في أصفهان ، حتى عد هذا التميز  منهجا إصلاحيا وتجديديا في بعض مدارس المؤسسة التعليمية وساد في قواعد أساسية لتنمية التفكير والوجدان والتغلب على أخطاء الفلسفة وتعقيدها اللفظي واللغوي ولتصحيح منهج التدريس في مواد مختلفة أتي على مقدمتها مادة أصول العقيدة والأصول الفقهية والتفسير والمنطق واللغة ، فعشق طلاب وأساتذة هذه المدارس هذا المنهج واستخرجوا لهم فيه الأتباع الكثيرين ودافعوا عنه بكل ما أوتوا من معارف فلسفية مكتسبة وأحوال وجدانية مدعاة.

يقول أحد المتعاطين مع هذا المنهج والمتتلمذين على السيد الطباطبائي: "أجد انشدادا قويا إلى العرفان ، أنا من عشاق المذهب الطاوي ،  وأهوى "جوانغ تزو" للغاية . قضينا دورة بأستاذية العلامة الطباطبائي ، وكان يبدي رغبة أكيدة في الإطلاع على كتاباتهم ، ولأنها لم تكن مترجمة ؛ عكفنا على ترجمتها . كان يفسر "شانكارا" كأنه أستاذ بالضبط ، ويتركنا في حيرة من الأمر . فمثلا في أحد "الأوبانشادات" عبارة تنطوي على مفارقة (الذي يفهم لا يفهم ، والذي لا يفهم يفهم) وقد فسّر الطباطبائي هذه العبارة ، وأجلى غشاوتها ، وحلل مضمونها ،  بنحو أدهشني . بعد ذلك ترجمنا كتيبا صغيرا من تأليف "لاوتسه" ، اسمه "داود جينغ" كله مفارقات . نقلناه من النص الإنجليزي إلى الفارسية . وحينما قرأه العلامة الطباطبائي قال: «هذه أهم رسالة قرأتها في عمري» وصار من عشاق «داود جينغ»"19 .

لقد تصور البعض من مناهضي التجديد والإصلاح في المؤسسة التعليمية الدينية ومناهجها أن هناك خشية من طغيان شعور عام بفساد مناهج الدراسات الدينية ومؤلفاتها وأساليبها بشكل مطلق ، كما هو الحال بالنسبة لمرحلة دخول المؤسسة التعليمية إلى مبدأ وخاصية الاجتهاد والاعتقاد المفرط فيه بغلبة العقل على النص مطلقا إلى حد مشابه لمآل النص والعقل عند اتجاه الخلافة ، وعلى ذلك تزداد الخشية من ميل المؤسسة التعليمية بكل كيانها التعليمي العريق إلى مدرسة عقلية صرفة لا مكان فيها للنص إلا بمقدار خضوعه للعقل وقواعده المنطقية .  من هنا نشأت الخشية أيضا من تميز المؤسسة التعليمية في قم المقدسة في العلوم العقلية على نظيرتيها في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف ، إذا ما أخذ بعين الاعتبار التجربة العلمية التاريخية التي جعلت من مؤسستي التعليم في كربلاء والنجف يتناقضان ويتضاربان في تأويل مفهومي مبدأ الاجتهاد ودور العقل والنص والعلاقة بينهما على وجه الخصوص .

فالنجف الأشرف في تلك المرحلة المهمة والحساسة كانت تعد القاعدة الأساسية التي ناهضت المؤسسة التعليمية للمحدثين (الأخبارية) في كربلاء المقدسة التي رأسها المحدث الأسترابادي في منتصف القرن الثاني عشر ، وتميزت برفضها المطلق لمبدأ الاجتهاد وأدواته إضافة إلى مختلف العلوم العقلية كالفلسفة وموصلاتها وكل ما كان يعتقد أنها قائمة على المفاهيم الفلسفية أو خلاصة لها كالتصوف وأصول الفقه والعرفان والمنطق حتى وضعت هذه المفاهيم والعلوم في خانة المؤثرات العكسية السلبية للتوافق مع اتجاهي الخلافة ومدارس اليونان المسيحية . لكن المؤسسة التعليمية في النجف هذه ألزمت نفسها بمنهج تطوير الفقه وأصوله وهدفت وضع مبدأ الاجتهاد أساسا للحركة العلمية الشيعية ، وعالجت بحججها مؤسسة المحدثين التعليمية في كربلاء فاستطاعت بقيادة الوحيد البهبهاني على عهد المحدث الشيخ يوسف البحراني المتوفى في سنة (1186هـ) أن تحد من منهج المحدثين الأخبارية وتعيد الكثير من منتسبيها في كربلاء المقدسة إلى الإيمان والأخذ بمبدأ الاجتهاد بمفهومه الصحيح ذي الأسانيد والأدلة السليمة لا بمفهومه عند اتجاه الخلافة القائم على الأخذ بالرأي والعقل المباشر . وعلى ذلك أٌخذ العقل بفاعلية كبيرة كرابع مصدر من مصادر التشريع في مقابل الجمود على النص عند كربلاء ، ما أوحى للمؤسسة التعليمية في قم المقدسة لأن تنمو بلا ضوابط وموانع في مجالات العلوم العقلية في عصرنا الحديث بعد انخراط رجال الدين في مراحل متقدمة من التعلم إلى جانب خريجي العلوم العقلية في جامعات التعليم المدني استجابة لما سمي بالمشروع السياسي الثقافي الموحد المناهض لنظام الشاه رضا بهلوي تحت رعاية قيادة مدمجة تتعاطى التصوف الفلسفي ، فكانت هذه الاستجابة تعزيزا علميا للمشروع الانتقالي من الفلسفة المجردة إلى التصوف الفلسفي المدمج القائم على الوجدان من بعد تخطي الدور المرحلي للعقل ، فاتحد التعليم الديني الحوزوي والمدني الجامعي في التعاطي مع المادة الفلسفية الصوفية خلال العشرين عاما المنصرمة ،  وتكاثرت في ذلك المؤلفات في هذا الشأن ، وطبعت كتب عرفانية إيرانية زاد عمرها على الخمسين عاما لم يجرأ مؤلفوها على طباعتها على عهد المرجع الأعلى السيد البروجردي ، واحتفظوا بها مخطوطات طوال هذه المدة.

كل ذلك ساهم في التأثير المباشر للعلوم العقلية الإنسانية والطبيعية والرياضية على مادة المؤسسة التعليمية في قم المقدسة ، فطغت الاهتمامات الفلسفية والوجدانية التصوفية وشاعت بين مدارس علمية كانت أكثر جرأة على توجيه سهام النقد لمناهج ومواد هذه المؤسسة التعليمية الأساسية كالفقه وعلم الكلام والأصول وغيرها ، فنتج عن ذلك هم علمي يدعو إلى ما يسمى اليوم بـ(فلسفة الفقه) و(فلسفة العقيدة) و(فلسفة التاريخ) و(فلسفة النص) و(فلسفة الحضارة) وما أشبه ،  مثلما كان يدعو هذا الهم من قبل إلى إعادة النظر في علوم الآلة المستخدمة في المؤسسة التعليمية الدينية كاللغة العربية وآدابها على قول بأن اللغة الآرامية واليونانية لم تصنعا حضارة أوروبا حتى تنازعتهما اللغات القومية المحلية ، في ظاهرة قومية واضحة داعية إلى نبذ اللغة العربية وعزلها عن منهج الدراسات الدينية وإحلال اللغة الفارسية ولهجاتها المحلية محلها.

وقد طال جدل الإصلاح والتجديد في مناهج العلوم النقلية التاريخية والمقارنة وكذلك بقية العلوم العقلية وعلاقتها بالحياة اليومية ، حتى تمظهرت كل مناهج علوم المؤسسة التعليمية الدينية عند هذا الاتجاه العقلي الجديد بمظهر الضعف والهزال وقلة الفائدة وعدم القدرة على إيصال المتعلمين من رجال الدين إلى الأهداف التي يمكنها من تكريس توازن بين مقاصد الدين ومقاصد الدنيا في دولة إسلامية لها نظامها الإداري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي الخاص ولها كادرها العلمي المناسب والمستجيب لمتطلبات تحدي الصرع الدولي وتطوراته التقنية.

لقد حدثت مقدمات هذا المنشأ العلمي العقلي الوجداني بعدما كانت المؤسسة التعليمية في النجف الأشرف متمسكة بالفقه والأصول الفقهية وبقية العلوم الشرعية التقليدية أساسا منهجيا برغم كون مدينة النجف الأشرف القاعدة المتقدمة ورأس الحربة في مشروع معالجة الحركة الأخبارية في كربلاء المقدسة في مرحلة متقدمة ، إضافة إلى إطلاعها الواسع ومعرفتها التامة بالتحولات الجديدة في مدارس قم المقدسة بحكم الانتقال القسري لبعض رموز المنهج العقلي والتصوف الفلسفي القمي الجديد إلى النجف الأشرف بعد حوادث الصراع مع شاه إيران .

من هنا ، لم تكن المؤسسة التعليمية في النجف بمنأى عن النقد في منهجها التعليمي الذي تداخلت فيه بعض الألفاظ والمفاهيم والنظريات الفلسفية والعبارات الموجزة والمعقدة والأساليب القديمة في الدراسة والتدريس ، وذلك بعد اتصالها بالوافد الجديد عن مدارس قم العقلية ، حتى نادى بعض المنتسبين للدراسة والتدريس في النجف الأشرف بضرورة إعادة صياغة المناهج والمواد وتعديل الأساليب التعليمية على الرغم من شدة الاتجاه المحافظ الذي شكل امتدادا تاريخيا لقضايا صراع مبدأ الاجتهاد في مقابل المحدثين ، فتمسك هذا الاتجاه بالمنهج القديم إلى حد التشدد. ولم يكن أحد حينئذ يمتلك الجرأة على اقتراح التطوير أو التجديد فكيف بالإصلاح .  

ويصف الشيخ المظفر الشعور بالخوف الذي كان يغلب مفكري الإصلاح التجديد في النجف الأشرف ، فهم " أشبه بجمعيات سرية أو مجالس تمهيدية في طريق الإصلاح... وهي على بساطتها تمثل لي – والكلام للشيخ المظفر- مقدار التكتم والخوف الذي كان يساورنا ، وكان عملنا وتفكيرنا مقتصرا على تفقد المفكرين من أصحابنا ، الذين يحسون بالداء مثلنا ، وبالرغم من مواصلة الجلسات والتفكير طيلة عام واحد ، لم نستطع أن نخرج صوتنا من غرفتنا إلا بعض الشيء"20.  

وإما الشيخ محمد مهدي شمس الدين (1936 - 2001 م) الذي أمضى ثلاث وثلاثين سنة من عمره في تحصيل العلم على منهج المؤسسة التعليمية في العراق وأسس كلية إسلامية حديثة في لبنان متقدمة في المنهج والوسائل ، فإنه يصف الدراسة في النجف بأنها غير واقعية وفوضوية (إنه نظام لا يفشل فيه طالب ،  ولا يرسب فيه طالب ،  وأن جميع المنتسبين إليه يتخرجون علماء . هذا النظام لا يزال حتى كتابة هذه الكلمات على الحال التي كان عليها منذ مئات السنين ، فهو يقوم على لا نظام . إنه فوضى . ففيما عدا الكتب المقررة  - بقوة التقليد ،  وليس لأنها أصلح الكتب -  لا يوجد أي نظام يحكم الحياة الدراسية على الإطلاق ،  وإنما هي الفوضى الكاملة الشاملة ،  وما أكثر «المشايخ» الذين يكتسبون صفتهم الدينية «والعلمية؟!» من عدد السنين التي قضوها في النجف دون أن يكتسبوا منها شيئا سوى بعض الحذلقة الكلامية . وكثيرا ما ينادى بأن هذا النظام «الدراسة الحرة!!» - وأحرى أن يسمى الدراسة السائبة ـ لـه فضيلة كبيرة ، هي إتاحة الفرصة أمام الطلبة للمناقشة والبحث . ولكن أي فضيلة هي هذه التي بسبب ما يدعى من المحافظة عليها تتسيب مؤسسة تدريسية بكاملها . إن هذه الفضيلة الإفلاطونية لا تساوي التضحية المبذولة من أجلها ،  على أنه ليس ثمة ما يمنع أبدا من المحافظة على هذه الفضيلة مع الأخذ بأسباب النظام"21.

وربما كان تشدد المحافظين وتمسكهم بالقديم منهجا وزعامة ومرجعية سببا وجيها ، بعدما تطورت صور الإصلاح والتجديد إلى حد تبنيها الصريح للمنهج العقلي الوافد من قم المقدسة والقبول بسيادته وهيمنته على مؤسستهم التعليمية الدينية في النجف الأشرف في وقت اتسم فيه شعور النجفيين بالحساسية المفرطة والمرهفة باتجاه مدرستهم فزاد ذلك من تمسكهم بمنهجها وبزعامتها للحياة التعليمية في العالم الشيعي وصعّد من درجة رفضهم لمبدأ انتقال هذه الزعامة إلى بلد آخر والخضوع لمنهجه المباين لمنهجهم التعليمي العريق ، حتى أنهم ناهضوا فكرة انتقال رمزية المرجعية إلى كربلاء المقدسة في مرحلة تاريخية منصرمة ، وهي المدينة التي تبعد عن النجف مسافة لا تتجاوز الـ110 كيلومتر ، فكيف بتحول منهجي وزعامي إلى بلاد أخرى.

فكانت التكهنات كلها قد وضعت حدا لإمكانية انعكاس التطور المنهجي العقلي والوجداني القمي على الحياة التعليمية في النجف الأشرف ، فلم يأخذ المنهج الفلسفي ولا التصوف الفلسفي طريقهما سهلا يسيرا معبدا إلى النجف برغم صدور بعض المؤلفات في عصر متقدم في الفلسفة بأقلام شخصيات دينية معتبرة ، كـ (الفلسفة الإسلامية) للشيخ المظفر و(فلسفتنا) للسيد محمد باقر الصدر ، المتأثران بمناخ المنهج العقلي التعليمي في قم المقدسة الذي قاده في النجف الأشرف مدرس البحث الخارج الشيخ محمد حسين الأصفهاني الكمباني الغروي ، وبمؤلفات كل من الطباطبائي صاحب مؤلفات (أصول الفلسفة الواقعية) و (بداية الحكمة ونهاية الحكمة) و (تفسير الميزان) ، وبمحمد تقي الجعفري صاحب  كتاب (شرح المثنوي) لجلال الدين الرومي .

وقد ظل التأثير المتبادل بين قم والنجف محدودا جدا حتى مرحلة نشوء "دار النشر" التي أسسها الشيخ المظفر التي شهدت بعض حلقات الدراسات الفلسفية والعرفانية في دوائر سرية مغلقة وشيئا من العلنية في بعض الأحيان . فقد كان السيد علي قاضي الطباطبائي خريج قم المقدسة يروج للعرفان في النجف بشكل سري في مرحلة مرجعية أبو الحسن الأصفهاني (1365هـ) . وإما الشيخ محمد حسين الأصفهاني الكمباني الغروي مدرس العرفان فلم يعمر طويلا في حوزة النجف الأشرف ، فقد توفى في النجف في وقت مبكر وتفرق تلامذته إلى مدينة كربلاء ومشهد وقم ، بينما بقي الشيخ المظفر الذي تلقى دروسه في العرفان على الكمباني الغروي في مدة قصيرة لا تزيد على ثلاث سنوات تقريبا في النجف الأشرف وهي مدة غير كافية للتمكن من مادة العرفان بحسب رأي دارسيه .  

لقد نشأ في العصر الحديث ما يسمى بـ (فلسفة الفقه) بعد تطور المنهج التعليمي العقلي في قم المقدسة وانفتاح أبواب هذه المؤسسة على التصوف الفلسفي درسا ومذهبا . وكان رواد هذه الفلسفة الحديثة من دعاة نقد مادة الفقه وإعادة النظر في كل مسلمات هذا العلم الإسلامي القديم بالإضافة إلى مباني الاجتهاد وأصول الفقه وقواعد علمي الرجال والحديث والسيرة انطلاقا من مبدأ (الشك) ووظائفه في معالجة ذات العلم وجذوره ومنهجه من بعد الانتهاء من معالجة مادتي أصول الدين ومصادر التشريع بصورة فلسفية خالصة بمعزل عن موضوعاتهما ، وتحديد ماهيتها وغاياتها وما إذا كانت هذه العلوم علوما وصفية أم معيارية .

وقد نشأ في قم أيضا ما يعرف اليوم بـمفهوم (علم الكلام الجديد) الذي دعا إلى معالجة الفلسفات الحديثة والقديمة لإثبات أصول الدين والشبهات الدينية الحديثة الواردة في عالم الحداثة والمعاصرة انطلاقا من قواعد منهجية فلسفية تعيد تأويل النص الديني وأسسه الفلسفية وفق معطيات علمية متقدمة بعد أن جمد علم الكلام على موروث قديم لم يعد صالحا للتداول . وتعد أطروحة (علم الكلام الجديد) هذه امتدادا علميا لأطروحة اتجاه السير أحمد خان التي نشأت وترعرعت في الهند ودعت إلى إصلاح مناهج الدراسات الدينية وفق منهج طبيعي علمي حاربه السيد جمال الدين الأفغاني ، وقد عبر عن منهج هذه الأطروحة شبلي النعماني رئيس (ندوة العلماء) واحد مفكري هذا الاتجاه الذي يعد الرجال الثاني في مراتب حركة أحمد خان الهندية ، وذلك من خلال كتابه (علم الكلام الجديد) الصادر في مطلع القرن العشرين .  

إن مثل هذه التصورات الفلسفية الداعية إلى وجوب إعادة النظر في مناهج المؤسسة التعليمية الدينية في قم المقدسة جرت وأخذت طريقها للانتشار والسيادة بعد ان بعثت فكرة "التوفيق" من جديد ، وهي فكرة جمعت بين منهج "التصوف الفلسفي" المتبنى من قبل بعض كبار فقهاء المؤسسة التعليمية الدينية وبين منهج البحث والتحقيق في العلوم الإنسانية والطبيعية والرياضية القائم في الجامعات الإيرانية الذي تزعمه بعض المفكرين المعاصرين . فكانت خلاصة مبدأ التوفيق هذا بروز عدد من المفكرين الجدد الداعين إلى إعادة صياغة المؤسسة التعليمية الدينية ومناهجها وعلومها ووسائلها صياغة جديدة شاملة مكرسة للنزعة العقلية الخالصة ومناهجها في البحث التاريخي والواقعي العلمي ، فتحولت بعض مدارس المؤسسة التعليمية في قم المقدسة إلى هيئة ومنهج مختلف عن أكثرية مدارس المؤسسة التعليمية الشيعية ، وتميزت بتفسيرها المختلف للكثير من المناهج وفق هذا السير حتى عد منهج القدماء في علم الكلام في نظرها منهجا فلسفيا متصوفا ، كما فسرت مسار العلوم الأخرى على هذا النهج في مناخ تسوده مدارس "التصوف الفلسفي" على منهج محي الدين بن عربي وصدر الدين الشيرازي ، على النقيض من مناخ الفلسفة التي تبنتها مدارس أخرى كأصفهان المتبنية لابن سينا منهجا علميا حتى عدها رواد"التصوف الفلسفي" مدارس متخلفة ومتأخرة عن منهج العرفاء الجدد.

ويبدو أن منهج" التوفيق" قد بدأ ينقلب عند بعض مفكري المؤسسة التعليمية المدنية في جامعات إيران إلى مناهضة ونقد صريح لمناهج ملا صدرا الشيرازي المتأثر بشكل كبير جدا بالمتصوف ابن عربي والمتبني لنظريته في وحدة الموجود ، وهي نظرية ذهبت المذاهب النقدية فيها إلى بعد خطير كَفّرَ ابن ملا صدرا على أثره والده وطعن في فكرة وحدة الموجود الصادرة عنه.

لقد اتسع مشروع إخراج الدين عن أثره الاجتماعي القدسي الذي أطلق عليه في مفاهيم هؤلاء المفكرين الجدد مصطلح (النزعة الأيدلوجية المتعصبة) فدعوا إلى إعادة النظر في كل مناهج الدراسات الدينية وصياغتها من جديد في إطار منهج واقعي علمي مجرد عن مؤثرات التقديس ، كما هو الحال في منهج عبد الكريم سروش صاحب نظرية (القبض والبسط) القائمة على منهج الشك الذاتي عند الفيلسوف الألماني (عمانوئيل كانت) القائل (الشيء في ذاته وقعا بقياس العقل المحض) ، حيث اجتاح سروش بعض مدارس قم وكسب جيلا جديدا من المثقفين في الجامعات والمؤسسات التعليمية الدينية .

ويأتي فكر سروش الحديث ليشكل رجعة للدور الفلسفي المجرد عن التصوف ، فناهض مسار "التصوف الفلسفي" الذي اعتبره سروش تطرفا في الايدولوجيا على حساب مناهج الفلسفة وعلومها وفروعها وخروجا على المسار الفلسفي الخالص للعلوم المدنية المقررة في الجامعات الإيرانية ، ونقد نتاج العلاقة الجديدة التي نشأت بين علوم المؤسسة التعليمية المدنية ومثلتها الجامعات وبين تصوف المؤسسة التعليمية الدينية ومثلتها بعض مدارس حوزة قم المقدسة ، فدعا من جديد إلى أنسنة علوم المؤسسة التعليمية الدينية للاستجابة إلى نظم ومتطلبات وحاجات الدولة ومشروع بنائها إداريا وعلميا .

إن فكرة الأنسنة الجديدة الوافدة على المؤسسة التعليمية المدنية ترى في مبدأ الاجتهاد ممارسة فلسفية إنسانية صرفة غير مستقلة عقليا وخاضعة لتصرف الظروف المحيطة بالفقيه قبل أثر النص . وتؤكد فكرة الأنسنة أيضا على أن الفقيه المجتهد يرى الأحكام ومفاهيم النصوص في بلاد عيون المياه المفورة على غير رؤيته في البلاد الجدباء التي لا مياه ولا زراعة فيها ، فللمحيط والبيئة ورؤية الإنسان للحياة وقيمها ومعطياتها العلمية والحضارية تداخل كبير في عملية استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها التفصيلية ، ما يجرد النص عن دلالته ومضمونه ومغزاه الحقيقي والواقعي . وترجع فكرة الأنسنة هذه إلى الواقع الخارجي على صعيد تحول النظام السياسي في إيران بعد الثورة إلى نظام إسلامي ؛ فكان ذلك من دواعي النظر إلى فكر الأنسنة كقاعدة أساسية لتأويل النصوص الدينية والأحكام والمناهج تأويلا واقعيا مجديا ومفيدا حتى تتحد رؤى المؤسسات التعليمية الدينية والمدنية ومخرجاتهما! .  

إن التحول المؤسسي الذي اتخذ الطابع الحديث في النظام ساهم بشكل كبير في بلورة ونمو وتطور مثل هذا الاتجاه نحو الأنسنة ، حيث انتقلت حوزة قم المقدسة من مؤسسة تعليمية تعتمد المنهج القديم في الدراسة إلى مؤسسة تعليمية معتمدة على منهج موجه يراعي متطلبات خريجي الجامعات والمعاهد المدنية ، وكان لمؤسسات البحث والإعلام وتنقيح المؤلفات واستيرادها الحصة الكبرى من الرعاية والاهتمام . فقد وصل عدد مؤسسات البحث الكبرى إلى 185 مؤسسة ، ووصل عدد المجلات إلى 150 مجلة ، وإما مؤسسات التنقيح والاستيراد للمؤلفات فقد وصل عددها إلى 100 مؤسسة تقريبا ، كلها أقيمت لتغطي جهتين علميتين رئيسيتين كانتا مدار حاجة الدولة في قم المقدسة: السياسة ، والفلسفة والعرفان. إلى جانب ذلك أسست عدة جامعات وكليات في مدينتي قم ومشهد المقدستين إضافة إلى العاصمة طهران تبنت المنهج الجامع بين العلوم الإنسانية وعلى رأسها الفلسفة العرفان وبين العلوم الفقهية والأصولية وما تتطلبه هذه العلوم من علوم آلة أتت اللغة العربية في الدرجة الثانية بعد أن كانت اللغة الرئيسية في الدراسة . وكان من بين تلك المؤسسات التعليمية: الجامعة الرضوية ، وجامعة الشيخ المفيد ،  وجامعة الشيخ المطهري ، وجامعة الإمام الصادق (عليه السلام) ، وجامعة السيد الخميني .

وصنفت مخرجات هذه الألوان من الكليات أو الجامعات من حيث المنهج والنظام على غير ما كانت تبدو عليه المؤسسات التعليمية الدينية التقليدية ، فليست تعتمد نظاما ومنهجا جامعيا حديثا في مدى الأثر الذي تتركه مخرجاتها والفائدة على صعيد البحث العلمي والتنموي ، فلا تشبه النظام والمنهج الحوزوي من حيث الصورة العامة للمؤسسة التعليمية الدينية التقليدية ، وتغلبها حقول مختلفة من العلوم الإنسانية المبسطة جدا استجابة لدواعي الاندماج بالعلوم الشرعية ، فلم تتشكل في مخرجاتها ثمرة علمية أو شرعية مشابهة لنتاج المؤسسة التقليدية ،  كما أن النفس العرفاني الفلسفي الصوفي المستقى من نتاج فكر ابن عربي يعد الطابع العام الغالب في الكثير من مساقات العلوم الشرعية المدمجة بالعلوم الإنسانية الأخرى في هذه الجامعات .  

ويقف المسار التعليمي في المؤسسة التعليمية في قم المقدسة منذ عشرين عاما أمام امتحان وتحدي صعب ، ومعقد ، وجدل وافد من بيئة العاصمة طهران على أيدي مفكرين دينيين متفلسفين وجامعيين شهروا سيوف الإصلاح والتجديد بطريقتهم ووجهوها إلى حيث كانت الحياة العلمية المنزوية والمنعزلة عن العالم الخارجي وثقافاته الحديثة ، واقتصروا في نتاجهم العلمي على نظريات إسلامية جديدة غير موفقة لمعالجة التحول السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي الجديد ، وتعاطوا معه نقدا أو إصلاحا أو تشييدا أو تجديدا بعد الثورة في إيران . فكان ذلك من العوامل الرئيسية في نشوء تكتلات علمية دعت إلى أنسنة الدين وفق فلسفة وجدل عقليين جديدين ، وطالبت بإعادة النظر في العلوم العقلية ومخرجاتها كالفلسفة والعرفان وعلم الكلام ، وتجديد فلسفة الدين وعلاقته بالمجتمع وعلاقة علوم المؤسسة التعليمية الدينية بالمحيط الاجتماعي والسياسي والثقافي ، ومعالجة ذات النص الديني وقدسيته ومنهج التعاطي معه لإنتاج المسائل الفقهية والأصولية ، ومراجعة مسميات وتعريفات المواد التعليمية الحوزوية وفوائدها وموضوعاتها وعلاقاتها بالعلوم الأخرى الشرعية منها والإنسانية والطبيعية والرياضية ، فضلا عن مراجعة نشأة هذه العلوم وتاريخها وأثر الفكر الإنساني في ولادتها أو صناعتها أو صياغتها.

وكسب هذا الاتجاه الفلسفي الجديد تضامنا ثقافيا وإعلاميا كبيرا ساهم في تغطيته نشاط واسع لدور النشر التي تسابقت على طباعة ونشر نتاج هذا الاتجاه جماهيريا ومناولته نخبويا وترجمته إلى لغات أجنبية غير الفارسية ، فعالجت عناوين مثيرة كـ (فلسفة الفقه) و(فلسفة العلوم) و(فلسفة اللغة ودور الألسنيات) و(فلسفة الدين) و(اللاهوت الحديث) و(الأنسنة في اللاهوت الديني) و(وعي ولا وعي الفقيه) و(العقل الفقهي الجديد) و(الإيمان النقي من الموروث التاريخي) و(تجريد الوحي المقدس وتفكيك الموروث الديني) .

إن كل ذلك بات يشكل ضاغطا خطيرا على المسار العلمي في المؤسسة التعليمية الدينية باتجاهاته العلمية الجديدة والقديمة في منهجها ومادتها أو نظامها الجامعي الديني الحديث . ونجح هذا اللون من الاتجاه الإصلاحي في تأسيس كليات وجامعات دينية حديثة في مدن قم وطهران ومشهد ، وأصبح المصدر الأكثر تأثرا بالضغوط الجديدة الناشئة عن الرغبة العارمة السائدة بين رموزه المطالبة بالاستمرار على هذا المنهج وتطويره وممارسة فكرة الدمج المطلق مع الجامعات المدنية الرسمية عمليا .  

فعبد الكريم سروش الذي يمثل اتجاه طهران في نظرية (القبض والبسط في الشريعة) وغيرها احتل مكانة علمية كبيرة بين طلاب المؤسسة التعليمية في قم المقدسة بعد أن انتقل إليها من طهران بمجالسه وحواراته وبحوثه ونشاطاته في (علم الكلام الجديد) المركب من نظريات فلسفية علمية ودينية مدمجة ،  مثلما نقل إليها حواراته الخطرة في مباحث العلوم الدينية ومناهجها الدراسية حتى استطاع أن يحشر منتجه النظري الفلسفي وآراءه الفكرية والعلمية بين كلا الجهتين: المؤسسة التعليمية الدينية التقليدية والكليات والجامعات الدينية الحديثة . فهيمن بجدله على الكثير من المنتديات الثقافية وحلقات البحث والحوار الفكري .  

(2) انقلاب الكشف والشهود

إن جدل الاتجاهات العقلية الموروثة في علم الكلام والفلسفة والعرفان ليس حديثا ، إنما احتل مكانا واسعا بين المسلمين في فترات تاريخية متقدمة ربما تسجل ولادتها الأولى كظاهرة مثيرة على عهد الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ووصلت ذروتها في نهاية القرن الرابع الهجري ، وما لبثت هذه الاتجاهات العقلية أن طبعت آثارها على الكثير من الأشكال التعليمية ومناهجها حتى أصبحت محل ريبة وشك بعدما اجتاحت الكثير من علوم المسلمين وتقاسمتها وساهمت في جمودها حينا على منطق القياس الأرسطي المتشكل من مقدمتين ونتيجة ، وحينا آخر ساهمت في خروجها على الدليل العقلي لتألف من نتائجها بنيانا قائما على قواعد غير منظورة من الكشف والشهود على الطريقة الصوفية (الأكبرية) التي اتخذها محي الدين بن عربي مدرسة وأسس عليها كشفه وشهوده ليتجاوز بذلك المتقدم من علوم الكلام والفلسفة ونصوص الشريعة وأسس استنطاقها وتأويلها وليكتسب به مشروعا اندماجيا جامعا بين سائر الأديان على مبدأ (وحدة وجود) الذي يتلقى كشوفه وشهوده عن طريق الاتصال المباشر بمصدر الوحي والإلهام بلا واسطة وكأنه يؤكد اختصاصه بنبوة خارقة.

وربما كان نشوء علم الكلام واتساع رقعته نتيجة اختلاط المسلمين بأجناس وأعراق وثقافات وفلسفات أخرى باعثا كبيرا على فتح أبواب العلم والشريعة على العلوم العقلية والوجدانية التي كانت تجوب دوائر العلم التابعة للأديان الأخرى بحكم وظيفة هذا العلم التي انحصرت في بادئ الأمر في رد الشبهات واثبات عقائد المسلمين . ولأن ولادة هذه الوظيفة كانت بحاجة إلى منهج عقلي جدلي قادر على إلزام الخصم بما الزم به نفسه من براهين فلسفية عقلية حتى يصل في المنتهى إلى غايته ومقاصده الدفاعية ؛ كان على علماء الكلام اتخاذ نفس منهج الخصم ، فقلد المتكلمون منهج خصومهم الفلاسفة واستخدموا أسلحتهم ووسائلهم في الجدل لإثبات العقائد بالبراهين العقلية ، وتبنوا بعض الآراء والنظريات والمصطلحات الفلسفية الأجنبية المقبولة عقلا في إثبات حججهم ، فكان ذلك بداية ولوجهم في الطريقة العلمية الخاطئة ، الأمر الذي أفقد علم الكلام خصائصه الأولى التي نشأ عليها كعلم إسلامي خالص مميز ظهر اثر تعاطي المسلمين مع الآيات المتشابهة في القرآن ودخولهم دائرة النزاع حول فكر الجبر والاختيار ووقفية أسماء الله وصفاته ، إضافة إلى النتائج السلبية التي أفضى إليها تلاعب السلطات وقوى النفوذ بمراكز القوى الاجتماعية عبر الاستفادة من ثقافة التشكيك في العقائد الثابتة . فزاد ذلك من شكوك فقهاء المسلمين في هذا اللون من الالتقاط والخلط المعرفي الذي برز فيه أول من برز في القرن الثاني الهجري الحسن البصري ومن تبعه من فرق قدرية ومرجئة .  

وقد ناوش أئمة أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) هؤلاء المشككين والفلاسفة، وحاربوا تكلفهم وقياسهم ودعواهم بما لا يمكن للعقول إدراكه واستيعابه أو بما هو خارج وظيفة العقل ، كالتكلم في ذات الله والجدل في صفاته وأسمائه بلا علم ، والتفلسف بطرق النصارى واليهود والمجوس الفرس واليونان .  

لقد عد المسلمون المتكلمون أنفسهم فريقا مناوئا لغيرهم من أصحاب الطرق الفلسفية والبدع والزندقة ، ولكنهم تأثروا بهم فكرا ومنهجا وسلوكا مع تقدم الأزمان حتى قال القائل بأن للمسلمين فلسفة اشتقت مما لحق بعلم الكلام من مناهج ونظريات وافدة . وكان أول من ترك الآثار الفلسفية واضحة وأشاعها هم الأمويون وعلى رأسهم أبو سفيان الذي ذكر بأنه أول من اعتنق (الغنوصية) في الإسلام ، ثم تبعه على ذلك معاوية ابنه الذي يعد أول من أثار فكر الجبر في الإسلام لأسباب سياسية وتفاعل مع فلاسفة بلاد البحر المتوسط  واعتنق نظامهم السياسي والإداري . وتبعهما خالد بن يزيد بن معاوية في محاولاته المكثفة والدءوبة لنشر الفلسفات بين المسلمين عبر دعم وتشجيع ترجمة المؤلفات النصرانية اليونانية لمعالجة الشكوك الواردة في فكرة الجبر الأموي التي أشاعها جده معاوية بين المسلمين آنذاك.

وقد غذى مسيرة الفكر الإسلامي المتبني للفلسفة عدد من المدارس الفلسفية الرئيسية والمهمة ،  من نحو (مدرسة جنديسابرور) الفارسية المتفاعلة مع ثقافات اليونان ، إضافة إلى (مدرسة الإسكندرية) التي اجتمعت فيها ديانة النصرانية والفلسفة اليونانية فتوافقتا على تشكيل خليط ديني خطير جدا ترك بالغ الأثر على ثقافة المسلمين ومعارفهم بعد توالي ترجمات مؤلفاتهم إلى اللغة العربية على وجه الخصوص ولكون هذه المدرسة فريدة في نوعها حيث كانت الجهة العلمية الوحيدة التي شكلت مرتعا لعلوم اليونان وميراثه الفكري بعد تهاوي مملكة الإسكندر .

وكانت أخطر نظرية تلقاها المسلمون من بين النظريات التي بعثتها الإفلاطونية الجديدة على يد أفلوطين في مدرسة الإسكندرية هي "نظرية الفيض" التي عرفت بسعيها لبناء قانون قادر على تفسير العلاقة القائمة بين الخالق والمخلوق و"تعتبر إطارا فلسفيا لسائر الأفكار الإفلاطونية الجديدة ، وهي في ذات الوقت تعتبر الحجر الأساسي لبناء الفلسفة بين فلاسفة المسلمين 22.  

وقد نشأ على اثر هذه النظرية الفلسفية مؤلفون فلاسفة في بلاد المسلمين كالفيلسوف العربي يعقوب الكندي الذي تبنى فلسفة أرسطو ومشى على طريقته كل من الفارابي المتوفى في سنة (339هـ) ، وابن سينا المتوفى في سنة (428هـ) ،  ومحمد الرازي الذي تبنى فلسفة أفلاطون بشكل جلي وصريح برغم علمه بتشريع أفلاطون للواط وعبادة الأوثان . وتبنى محمد الفارابي خليطا من فلسفة أفلاطون وأرسطو وشرح أفلوطين ونظريته في الفيض ، واعتبر أبو علي حسين ابن سينا اشهر الفلاسفة في بلاد فارس وبلاد المسيحيين حيث تبنى نظرية أستاذه الفارابي في الفيض وثبت فكرة (إسلامية ويونانية وفارسية وهندية) علم الفلسفة من خلال استخدامه النص الديني وخليط من الفلسفات في شرح نظرياته ، وألف كتاب (الشفاء) الذي لاقى رواجا بين المسلمين وغير المسلمين وترك بصماته واضحة جلية على مسار النظريات الفلسفية وروادها "واحتوت فلسفته على عناصر إشراقية لا ريب في أثرها البالغ على السهروردي ، ولأنه اتصل بالإسماعيلية ودرس على يديها رسائل إخوان الصفا في وقت مبكر فقد استوحى من خلالها مبادئ الفلسفة الإشراقية المتمثلة في أفكار فيثاغورث والرواقيين مضافا إلى أن مدرسة الإفلاطونية الجديدة بذاتها مشبعة بمبادئ إشراقية ، ولا يمكن اعتبار ابن سينا ممثلا للفلسفة المشائية كما كانت عند أرسطو . وربما كان اسم كتابه (منطق المشرقيين) يدل على أنه يعبر عن شروح أهل المشرق سواء في بغداد أو جنديسابور القريبة من بغداد ، أو حتى في بلاد الفرس التي يعتبرها متميزة عن شروح المغلابيين ، وهم أهل اليونان والإسكندرية ، إذ عليها طابع الشرق الذي ينزع إلى حال الإشراق"23،  وربما كانت المواجهة حامية حين نشأت بين فقهاء المسلمين والفلاسفة وعبرت عن مدى التباين الصريح بين المدرستين ، فكان أشهرها ما جاء به أبو حامد الغزالي (450-505هـ) فقيه اتجاه الخلافة من مؤلف أطلق عليه اسم (تهافت الفلاسفة) وكان عبارة عن ردود نصية مؤسسة على صوفية متخذة من المنهج الوجداني طريقا لرد الشبهات ومعرفة حقائق الأشياء إضافة إلى كونها مخطئة للعقل ، فما كان من الفيلسوف ابن رشد(520- 595هـ) إلا أن رد صوفية الغزالي في مؤلفه (تهافت التهافت) .

وأما الفيلسوف شهاب الدين السهروردي الذي قتل في عام (588هـ) بمدينة حلب فقد استخلص لنفسه من كل الفلسفات نظرياته ووافقها مع تصورات الصوفية فكانت الخلاصة أول جمع بين المنهج العقلي الفلسفي ومنهج التأمل الوجداني الذوقي الصوفي ، حيث يتوفر الأول عند الفلاسفة بينما توافر الآخر عند المتصوفة ، فآخى بين كشفه وشهوده وبين فكره المنهجي الواقعي ، وكان ذلك إيذانا بنشوء (فلسفة الإشراق) وفقا لمؤدى نظرية (الفيض الإلهي) القائلة بأن انعكاس النور الإلهي على الموجودات أعطاها وجودها الذي يمكن كشفه بواسطة التقرب لله تعالى بسلوك رياضي وجداني .
وهكذا كان السهروردي أقرب الفلاسفة إلى مثالية أفلاطون وذوق الصوفية على الأثر الفارسي المانوي . وربما كان هذا الميل الفلسفي نابعا من عجز شكل الفلسفة اليونانية الغالب على نظريات الفلاسفة المسلمين المتكلمين عن محاكاة الثقافة الإسلامية وتلبية متطلباتها ، ومحاولاتهم غير الموفقة في إسقاط مناهج الفلسفة الوافدة على نصوص الدين في إثبات العقائد ورد الشبهات . ويظهر ذلك من خلال تراجع بعض الفلاسفة عن نظرياتهم لصالح التصوف أو لصالح نظرية الفيض على منهج الفارابي الأقرب إلى الإشراق ونقض فلسفة أرسطو والأكثر إنتاجا على قمة "الفلسفة الإسلامية "منهج المشائين ، كما هو الحال بالنسبة لأبي حامد الغزالي في "تهافت الفلاسفة" و" المنقذ من الضلال" .  

إن نظرية الفيض التي بلورها الفارابي عن مدرسة الإسكندرية وأفلوطينها وعبرت عن عجز وتكلف عقلي في شرح العلاقة بين الخالق والمخلوق قد فتحت آفاق الإشراق في بلاد فارس مع بداية القرن الخامس عشر ، فخلط بعض علماء المؤسسة التعليمية الدينية الشيعة عقائد الدين وعلم الكلام بالفلسفات والصوفيات ، فانتشرت الشروحات في هذه المؤسسة على كتب الفلسفة والتصوف، وراجت آراء ومؤلفات الفيلسوف الصوفي الخطير محي الدين ابن عربي ونظرياته ، حتى توثقت العلاقة بين الفلسفة والتصوف وذهب نقدهما أدراج الرياح فبرز على الأثر ما عرف بـ (العرفان) على شكل دين جديد له قواعده وطرقه وأسراره غير المنظورة ، وأصبح فرعا من فروع الفلسفة من حيث موضوعهما إلى جانب كونه وظيفة عملية من وظائف التصوف ،   ولكنه يتفوق على الفلسفة في مبحث "وحدة الوجود" إلى القول "بوحدة الوجود والموجود " بلا استعراض للدليل في مباحثه لأنه يعتمد أساسا على الكشف والشهود الوجداني ، وربما أبقى العرفانيون الأدلة ومظاهرها حكرا على دائرة ضيقة تنحصر في علاقة خاصة بين المريد والمرشد وفي مراتب متقدمة على "الشريعة" و"الطريقة" تسمى "الحقيقة" . "فمن قال بالفيض ، كفيضان الحوض مما يستلزم السنخية ، أو أن الواحد لا يصدر منه إلا الواحد ، أو أن بسيط الحقيقة كل الأشياء وليس بشيء منها – كما قال بعض الفلاسفة - لم يستدلوا عليها بدليل برهاني ،  بل قد عرض الدليل على خلافها . أما انه من قبيل "الفيض" الذي زعموه فمن أين ؟ بل لو كان المخلوق من سنخ الخالق لزم وحدة الصفات وسائر الجهات وذلك مستحيل، لأن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد ، وبذلك ترتفع شبهة السنخية .

وأما "الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد"فغير تام في الواحد بالإرادة ، إذ ما ذكروه من الدليل آت في غير الإرادي ، فإنهم استدلوا له بأنه لو صدر من الواحد غير الواحد للزم صدور كل شيء عن كل شيء ، وهذا الدليل لا يأتي في الواحد بالإرادة كالله سبحانه وتعالى . وإما"بسيط الحقيقة " فذلك متوقف على وحدة حقيقة الوجود في الواجب والممكن ، وهو بحاجة إلى الدليل ، بينما الدليل على عدمه ، إذ "الوجود" كـ "الشيء" و"الكائن" وما أشبه ذلك من الألفاظ الأخرى التي تطلق على الله وعلى كل المخلوقات .. وحيث أن العقل - مضافا إلى الآيات والروايات الصريحة - يرى بالضرورة الأثنينية وعدم الوحدة للبراهين المتعددة ، فإذا فرض تمسكهم بما استظهروه من بعض الآيات أو الروايات مما هو قريب من قولهم ، فإنها تفسر بغيرها من الآيات والروايات والأدلة العقلية القطعية كما ذكره العلامة الحلي (قدس سره) بمناسبة في (كتاب) شرح التجريد"24 .  

وقد أخذ عن فلسفة الإشراق بعد تبلورها في عصر متقدم السيد محمد باقر الميرداماد (ت1040هـ /1631م) الأستاذ في مدرسة أصفهان الفلسفية "وكان ينوه مثله "أستاذه السهروردي" بأن الفلسفة التي لا تؤدي إلى تجربة صوفية وتكوين روحي أصيل هي عبث وباطل ،  وأن التجارب الصوفية التي لا يدعمها زاد فلسفي تنتهي بالوهم والضلال"25، وتبعه في ذلك تلميذه ملا صدرا محمد ابن إبراهيم ألقوامي الشيرازي (ت1050هـ -1640م) الذي ألف كتابه الشهير (الحكمة المتعالية) وأصبح عارفا بعد أن عشق الفلسفة على يد أستاذه الأول بهاء الدين العاملي (1547-1621م) .

واختلف ملا صدرا مع منهج السهروردي وفلسفته في أصالة الوجود حيث تبنى ملا صدرا الشيرازي أصالة الوجود بخلاف أصالة الماهية الرائجة عند الإشراقيين ، وأضاف على (الحكمة المتعالية) شكلا دينيا بما يمتلكه من إطلاع واسع جدا في الشريعة ومصادرها ، كما أضاف إلى حكمته منهجا فلسفيا عميق النظر لما كان يمتلكه من إطلاع واسع جدا أيضا في الفلسفات والأديان ومناهجها والتصوف وطرقه .

وقد ظهر ملا صدرا  في كتاب (الحكمة المتعالية) وسائر نظرياته بعقل علمي واسع المعرفة في مجال منهج البحث والتحقيق ورغبة أكيدة في تطوير مجالات البحث الفلسفي بعد الاجترار المستمر بين علماء الفلسفة في إيران لنظرية الفيض بلا تطوير أو تجديد ، فكانت حكمته خليطا متكاملا بين الشريعة الإسلامية والمنهج الفلسفي والطريقة الصوفية في "طلب الحق بأسرار الكشف والشهود والعيان" التي بلورها وتفاعل معها في عزلته بين قرى قم المقدسة واستمر عليها 15 عاما بعد أن أصبح منبوذا بين علماء عصره في أصفهان وشيراز ،  فكان "مدرسة واحدة فقط ، هي الدعوة إلى الجمع بين المشائية والإشراقية والإسلام ،  هذه العناصر الثلاثة هي أعمدة أبحاثه ومنهجه العلمي في مؤلفاته"26. ولم يكن لملا صدرا أن يأخذ مجاله من النجاح في نظرياته الفلسفية الصوفية بين مدارس المؤسسة التعليمية الدينية آنذاك لولا حاكم فارس (ويردي خان) وابنه على عهد الدولة الصفوية الذي أنشأ له مدرسة في شيراز اسمها "مدرسة خان" وأيده وتبنى نظرياته الفلسفية الصوفية بدعم من الشاه عباس الصفوي حتى غدت هذه المدرسة بمستوى كلية تدرس علوما مختلفة كالفلك والفيزياء والكيمياء والرياضيات إلى جانب الفلسفة والعرفان.

وشاع صيت ملا صدرا بهذا التبني الرسمي ، وعرّف منهجه على أنه منهج عرفاني توفيقي مدعوم بقدرة عقلية هائلة في البحث ، وقاعدة معرفية واسعة في الفلسفة والتصوف و"إعجاب بالذات " كسبه في عزلته لأن الاعتقاد يذهب إلى أن "المشاهدة ، أي المكاشفة (Epoteia) تمنح صفة الألوهية وتجود بالحياة الأبدية كما في الصوفية الهيلنيستية" 27،  إلا أن مثل هذا الأسلوب لم يكن في سائر الأديان والثقافات صالحا ومثمرا ، لأن نتائجه في الغالب كانت غير متوازنة وخلاف سيرة الخلق والبعث الديني ، وفيها الكثير من التكلف على حساب قدرات العقل البشري، وفيها حث على التمسك بالموروث المعرفي الباطني والجمود على مبانيه لما للكشف من تطابق مع هذا الموروث واستكانة لأسسه وقواعده ونظرياته ومعارفه ومؤداه في الإلهام والحس والتجربة ونتائج حركة العقل بين المعلوم والمجهول . إضافة إلى ذلك: أن هناك ممن آمن بوحدة الوجود على منهج ملا صدرا من القدامى والمعاصرين قد حبب بعض الفواحش ومارسها عمليا لسلوك عالم الغيب ، كتحليل الموسيقى وسماعها ودق الطبول في تشييع الجنائز وإجازة الرقص والعلاقات الشاذة بين المريد والمرشد ، وعشق الغلمان والالتذاذ الشديد بحسن صورهم إلى حد العشق "لتلطيف النفس وتنوير القلب" كما يشار إلى ذلك في مؤلف الإسفار لملا صدرا .  

وعلى القول بأن عرفان ملا صدرا هو نتاج إيراني أصيل غير متأثر بالفلسفة أو التصوف ، فلا حقيقة لذلك مطلقا ، لأن نظرية "وحدة الوجود" التي ذهب إليها ملا صدرا هي مما كسبته شطحات المتصوفة في أسبانيا كابي يزيد البسطامي الخراساني التي عبر عنها بقوله (سبحاني ما أعظم شأني) ، وبقوله عن الله تعالى (رفعني مرة فأقامني بين يديه وقال لي: يا أبا يزيد إن خلقي يحبون أن يروك ، فقلت: زينّي بوحدانيتك وألبسني أنانيتك وارفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك ، فتكون أنت ذلك ولا أكون أنا هناك" ،  وكذلك حسين منصور الحلاج الذي عبر عنها بقوله "ليس في جبتي سوى الله" ، وكذلك محي الدين ابن عربي الذي عبر عنها بقوله "فالوحدة في الإيجاد والوجود والموجود لا يعقل ولا ينقل إلا في لا اله إلا هو" 28 . ويعد ابن عربي أول من بلور فكرة وحدة الوجود واستكمل فكرتها ونظمها وشرحها وفصلها وأسس عليها كل دروسه وأبحاثه ونظر في فروعها واستنتج نتائجها حتى نسبت إليه ، وهي أيضا مما ذهب إليه الفلاسفة المسلمون وأسسوه بالاقتباس عن الإفلاطونية الجديدة القابعة في الإسكندرية من قبل .

فأفلوطين مثلا كان يصور العالم ظلا لله تعالى وانعكاس لنوره ، والصوفيون كانوا يرجعون – كما يعتقدون - في سيرهم إلى الاتحاد بالخالق ، فهو العابد والمعبود ، والوجود والموجود (الممكن و الحادث) كله هو هو . وهذه نظرية تمحور حولها فكر العارف محي الدين ابن عربي وكانت خلاصة تصوفه الفلسفي . ولم يكن ملا صدرا إلا محييا ومجددا لنظرية ابن عربي ومؤيدا لها ومقعدا لها على النصوص الدينية ومثنيا على ابن عربي واجتهاده حسب مفهوم التصوف الفلسفي (العرفان) وقال فيها أن الممكنات بماهيتها هي اعتبارات وهمية ولا يمكن أن تكسب وجودها بإفاضة الغير لأنها مما ليست وجودا ولا موجودا في حد ذاتها "بل أن الموجود هو الوجود وأطواره وشؤونه وأنحاؤه" . ففي هذا القول نكران لأصالة الأشياء أو ماهيتها "ويبدو أن الذين أنكروا ذلك إنما فعلوا ذلك تخلصا من الجهل بكيفية الخلق ومعنى قدرة الله سبحانه وتعالى على خلق الأشياء بكلمة واحدة {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } يس82 . فتهربوا من ذلك بإنكار المخلوقات "29.

من هنا تمظهر العرفان بالغموض والسرية في سيره وسلوكه فضلا عن الكثير من ألفاظه ونظرياته إزاء وحدة الوجود . "إن مؤسسي التصوف الأوائل كثيرا ما تملكوا ناصية فن التعبير عن فكرة عميقة بكلمات موجزة . فهم كانوا يريدون لعباراتهم أن تكون مكثفة وذات صيغة أشبه ما تكون بالتعريف الذي نجده في الكتب العلمية ، بتارة ، صارمة كأنها حد سنان . ولكن في المقابل ، فقد ظل تفهم المحتوى الحقيقي لعباراتهم هذه أمرا ليس يسيرا دائما"30، فلجأ المتصوفة إلى الرمزية الحادة في ذلك واتخذوا من السرية في البوح بها في السلوك العملي طريقة بعد حادثة مقتل الحلاج وهروب البسطامي المتظاهر بالجنون خوفا من حكم القتل ، لكن عهد ابن عربي كان أكثر تحررا فتظاهر ابن عربي بهذه النظرية وعرف بها في بلاده وبلاد شتى ،  وأما الغير من الفلاسفة المتصوفة الذين اتخذوا من الفلسفة نظرية والتصوف طريقة وسلوكا فقد صرحوا في جدلهم ومحاججتهم بـ"وحدة الوجود والموجود بمعنى الاتحاد التام بلا تمايز" أو "يكون متمايزا ولكنه هو هو" ، وجمعوا متناقضا في مصطلحاتهم ثم فسروه بـ"الوحدة في عين الكثرة" وهو ما ذهب إليه ملا صدرا في كتابه (الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة) المسمى بـ (الأسفار) .  

وقد تأثر بالتصوف الفلسفي هذا كل من السيد البروجردي مرجع التقليد والميرزا مهدي الأصفهاني والسيد حسين القمي وهو مرجع أعلى من بعد أبي الحسن الأصفهاني ، ولكنهم توقفوا عنه وسعوا للخلاص منه عبر التوسل لأهل البيت (عليهم السلام) . وقيل في ذلك أيضا أن الميرزا الأصفهاني كان ينادي بوجدان خالص الإمام الثاني عشر المهدي بن الحسن العسكري الغائب (عجل الله تعالى فرجه الشريف) راجيا الإنقاذ والخلاص من أثر التصوف الفلسفي ، فنجحوا في تخليص أنفسهم والتجرد منه حتى صاروا من ألد الأعداء للفلسفة والتصوف والعرفان والفلاسفة والعرفاء والمتصوفة . وذكر أن البروجردي قد تمسك بموقف الشيخ المجلسي المناهض للفلسفة والعرفان ورفض الحواشي الفلسفية التي كتبها السيد الطباطبائي على كتابه (بحار الأنوار) ، وحرم البروجردي حلقات دروس السيد الطباطبائي في المؤسسة التعليمية الدينية في قم المقدسة.

وقد ظهرت أشكال عدة من المدارس التوفيقية بعد الجدل الكبير في شأن التداخل بين الفلسفة والعرفان ومصادر التشريع والمواد العلمية الأخرى . وكان من بين تلك المدارس ما أطلق عليه (المدرسة التفكيكية) التي نشأت في حوزة مدينة مشهد الإيرانية في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري . وقد حاولت هذه المدرسة إجراء مصالحة بين التيارات الفلسفية والعرفانية والمحافظة ورفع صاعق النزاع ، فتمظهرت بالاعتدال في مقابل تطرف منهجي الفلسفة العرفان والمتصارعين ، وعرضت نفسها مخلصا مثاليا يمثل حقيقة الإسلام ، وقضت بوجوب الفصل بين العلوم الثلاثة : العلوم الدينية وأعمدتها القرآن والسنة الشريفة ، الفلسفة ، والعرفان . على أن تبقى لكل مادة حصة في مناهج الدراسات الدينية في قم ومشهد واصفهان بشرط عدم التداخل . وتزعم هذه المدرسة شخصيات دينية في مشهد من بينهم: السيد موسى القزويني (1294-1353هـ) والشيخ رضا حكيمي (1354هـ) ، التي كان في ظنها إمكانية تحقيق هذا التفكيك ، لكن الوقائع أثبتت تطرف مريدي الفلسفة والعرفان في تأويل المناهج الدينية بصيغ مثبتة لمناهج علوم الفلسفة والعرفان وافكارهما ، فركبت مصادر التشريع وحمل العقل والنص ما لا يحتملان .

لقد ادعت هذه المذاهب امتلاكها مطلق الخبرات المعصومة في منهج التوفيق وصنفت ذاتها في خانة الفائزين في تطويع هذا المنهج لمصلحة مناهجها التي رأت فيها تمثيلا للحق بأجلى صوره . فالفلاسفة والعرفاء كابن رشد وابن سينا والسهروردي والفارابي والكندي وملا صدرا أنفسهم دعوا إلى مثل هذه المقاربة والمصالحة والتوفيق ، ولكن النتيجة لم تكن مخلصة ، وهكذا الأمر بالنسبة لمريديهم الذين أخضعوا (مدرسة التفكيك) والوساطة إلى مبضع النقد فقالوا بميلها وتطرفها إلى منهج علم الكلام على حساب منهجي الفلسفة والعرفان  والحال أن علم الكلام – في نظر مدارس التفكيك والفلسفة والتصوف - قائم على بنية تحتية فلسفية خالصة!.

وقد رفضت المؤسسة التعليمية في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف ومنعت وكافحت مدارس الفلسفة والتصوف الفلسفي (العرفان) لعقود عديدة ، وقد عرف في النجف الأشرف مدرسان في الفلسفة أطلق على أحدهما (الملا صدرا البادتكوبئي) والأخر كان السيد عباس خاتم والد الرئيس الإيراني السيد الخاتمي ، إضافة إلى الشيخ محمد حسين الأصفهاني الكمباني الغروي مدرس البحث الخارج وأستاذ الشيخ محمد رضا المظفر في الفلسفة .  

وقد كتب الشيخ المظفر مقدمة لكتاب ملا صدرا (الأسفار) تأييدا وتشجيعا لدروس الفلسفة في المؤسسة التعليمية الدينية في النجف الأشرف ، ولكن الشيخ المظفر نفسه يشير في هذه المقدمة إلى أن أشياء نسبت لملا صدر فإذا ما صحت النسبة هذه فملا صدرا لا يخرج عن كونه كافرا . بينما خلت المؤسسة التعليمية الدينية في كربلاء من دراسة الفلسفة في مناهجها التعليمية . وذكر بأن بعض مدارس كربلاء فرضت شروطا لمنع تدريس الفلسفة بشكل مطلق تأسيسا على أموال وقف اشترطت مقدما منع تدريس الفلسفة وتوفير فرص لسكن دارسي هذه المادة.

(3) نبذ التصوف الفلسفي

يذهب القائلون بمعارضة الفلسفة والتصوف الفلسفي (العرفان) ورفض تدريسها كمادة علمية في المؤسسة التعليمية الدينية في أكثر مدارس قم وكربلاء والنجف وغيرها إلى أن مميز العرفان والفلسفة والتصوف عن غيرها من العلوم المقررة في المؤسسة التعليمية الدينية هو توافر نصوص دينية محرمة لها ونابذة لنظرياتها ومحرضة على محاربتها ، فضلا عن واقع منتسبيها وادعاءاتهم المتكررة بالألوهية والنبوة أو الولاية ، ونقضهم للكثير من الثوابت الدينية بلا دليل ، وسلوكهم المستخف بأحكام الشريعة ، وتباهيهم باختراق النصوص الدينية والتقدم عليها بادعاءات ليس للبشر قدرة على تحقيقها وتعقلها ، وتطاولهم على العقل البشري المحدود ، وتشبههم بالخالق وتشبيههم له بما نهى الشرع عن وصفه. فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) أنه قال: "أن رجـلا قـال لأمير المؤمنين علي (عليه السلام): هل تصف ربنا نزداد له حبا وبه معرفة ؟ فـقال فيما قال: عليك يا عبد اللّه بما دلك عليه القرآن من صفته , وتقدسك فيه الرسول من معرفته , فائتم به , واستضيء بنور هدايته , فإنما هي نعمة وحكمة أوتيتها , فخذ ما أوتيت , وكن من الشاكرين , وما كلفك الشيطان علمه , مما ليس عليك في الكتاب فرضه , ولا في سنة الرسول وأئمة الهداة أثره , فكل علمه إلى اللّه , ولا تقدر عليه عظمة اللّه . واعـلم يا عبد اللّه أن الراسخين في العلم , هم الذين أغناهم اللّه عن الاقتحام على السدود المضروبة دون الغيوب , إقرارا بجهل ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب , فقالوا: آمنا به كل من عند ربنا , وقـد مـدح اللّه اعـتـرافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما, وسمي تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا "31.

ففي هذا الخطاب الشريف يكمن الطريق والمنهج الصحيح لمعرفة الله سبحانه وتعالى بعيدا عن التشبيه أو التجسيم أو التفلسف في ذاته ووحدانيته أو قول ما لا نص فيه في وصف الله سبحانه وتعالى . وليس في ذلك سد للعقول وإغلاق لها وإنما الابتعاد بها عن التكلف فيما يفوق طاقتها ومحدوديتها والنأي بها عما رفضه الراسخون في العلم من أهل البيت (عليهم السلام).

فهناك نصوص صريحة لأهل البيت (عليهم السلام) في رفض الفلسفة والتصوف معا . وقد روي عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أنه قال لأبي هشام الجعفري: يا أبا هشام! سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة منكدرة ، السنة فيهم بدعة ، والبدعة فيهم سنة ، المؤمن بينهم محقر ، والفاسق بينهم موقر ، أمراؤهم جائرون ، وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون ، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء ، وأصاغرهم يتقدمون الكبراء ، كل جاهل عندهم خبير ، وكل محيل عندهم فقير ، لا يميزون بين المخلص والمرتاب ، ولا يعرفون الظأن من الذئاب ، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض ، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف ، وأيم والله: أنهم من أهل العدوان والتحرف ، يبالغون في حب مخالفينا ، ويضلون شيعتنا وموالينا ، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا ، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء ، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين ، فمن أدركهم فليحذرهم وليضمن دينه وإيمانه منهم . ثم قال (عليه السلام): يا أبا هشام! هذا ما حدثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمد (عليه السلام) وهو من أسرارنا فاكتمه إلا عند أهله"32.  

وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) حين سأله رجل عن قوم ظهروا في ذلك الزمان يقال لهم الصوفية؟ قال: إنهم أعداؤنا ، فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم ، وسيكون أقوام ، يدعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم ، ويلقبون أنفسهم بلقبهم ، ويقولون أقوالهم ، ألا فمن مال إليهم فليس منا ، وإنا منه براء ، ومن أنكرهم ورد عليهم ، كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)"33.  

ويقول الإمام الرضا (عليه السلام): "لا يقول بالتصوف أحد إلا لخدعة أو ضلالة أو حماقة أما من سمى نفسه صوفيا للتقية فلا إثم عليه" 34.  

وقال الإمام الصادق (عليه والسلام): "إنهم أعداؤنا فمن مال إليهم فهو منهم ويحشروا معهم وسيكون أقوام يدعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم ويلقبون أنفسهم بلقبهم وأقوالهم ألا فمن مال إليهم فليس منا وأنا منه براء ومن تنكر منهم ورد عليهم كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول الله" .. 35.  

وروى الحسين بن أبي الخطاب ، قال: كنت مع أبي الحسن الهادي (عليه السلام) في مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفري ، وكان بليغاً وله منزلة مرموقة عند الإمام (عليه السلام) وبينما نحن وقوف إذ دخل جماعة من الصوفية المسجد فجلسوا في جانب منه ، وأخذوا بالتهليل ، فالتفت الإمام إلى أصحابه فقال لهم: «لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين فإنّهم حلفاء الشياطين ، ومخرّبو قواعد الدين ، يتزهّدون لإراحة الأجسام ، ويتهجّدون لصيد الأنعام ، يتجرّعون عمراً حتى يديخوا للايكاف حمراً ، لا يهللون إلاّ لغرور الناس ، ولا يقلّلون الغذاء إلاّ لملء العساس واختلاس قلب الدفناس ، يكلّمون الناس بإملائهم في الحبّ ، ويطرحونهم بإذلالهم في الجب ، أورادهم الرقص والتصدية ، وأذكارهم الترنّم والتغنية ، فلا يتبعهم إلاّ السفهاء ، ولا يعتقد بهم إلاّ الحمقاء ، فمن ذهب إلى زيارة أحدهم حياً أو ميتاً ، فكأنّما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان ، ومن أعان واحداً منهم فكـأنّما أعان معاوية ويزيد وأبا سفيان . فقال أحد أصحابه: وإن كان معترفاً بحقوقكم ؟ . فزجره الإمام وصاح به قائلاً: "دع ذا عنك ، من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا ، أما تدري أنّهم أخسّ طوائف الصوفية ، والصوفية كلهم مخالفونا ، وطريقتهم مغايرة لطريقتنا ، وإن هم إلاّ نصارى أو مجوس هذه الأمة ، أُولئك الذين يجتهدون في إطفاء نور الله بأفواههم ، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون"36

وقد أوضح آية الله المرعشي النجفي أحد رجال الدين الكبار من خريجي المؤسسة التعليمية في مدينة قم المقدسة حقيقة الفلسفة والتصوف الفلسفي ومفاهيمهما ومصادرهما وصفات روادهما ومريديهما ، بشكل يظهر شيوعهما في قم المقدسة ،  فقال: "عندي أن مصيبة التصوف على الإسلام من أعظم المصائب ، تهدمت بها أركان وانثلم بنيانه وظهر لي بعد الفحص الأكيد والتجول في مضامير كلماتهم والوقوف على ما في خبايا مطالبهم والعثور على مخبياتهم بعد الاجتماع برؤساء فرقهم أن الداء سرى إلى الدين من رهبة النصارى فتلقاه جمع من العامة كالحسن البصري والشبلي ومعروف وطاووس والزهري وجنيد ونحوهم ثم سرى منهم إلى الشيعة حتى رقى شأنهم وعلت راياتهم بحيث ما أبقوا حجرا على حجر من أساس الدين ، أولوا نص الكتاب والسنة وخالفوا الأحكام الفطرية العقلية والتزموا بوحدة الوجود ، بل الموجود ، واخذ الوجهة في العبادة والمداومة على الأوراد المشحونة بالكفر والأباطيل التي لفقتها رؤساءهم والتزامهم بما يسمونه بالذكر الخفي القلبي شارعا من يمين القلب خاتما بيساره معبرا عنه بالسفر من الحق إلى الخلق تارة ، والتنزل من القوس الصعودي إلى النزولي أخرى . وبالعكس معبرا عنه بالسفر من الخلق إلى الحق والعروج من القوس النزولي أخرى . فيا لله من هذه الطامات ... ورأيت بعض من كان يدعي الفضل منهم يجعل بضاعة ترويج مسلكه أمثال ما يعزى إليهم (عليهم السلام) (لنا مع الله حالات فيها هو نحن ونحن هو) وما درى المسكين في العلم والتتبع والتثبت وضبط أن كتاب مصباح الشريعة وما يشبهه من الكتب المودعة فيها أمثال هذه المناكير مما لفقتها أيادي المتصوفة في الإعصار السالفة وأبقتها لنا تراثا ... ثم إن شيوع التصوف وبناء الخانقاهات كان في القرن الرابع حيث أن بعض المرشدين من أهل ذلك القرن لما رأوا تفنن المتكلمين في العقائد فاقتبسوا من فلسفة (فيثاغورث) وتابعيه في الإلهيات قواعد وانتزعوا من لاهوتيات أهل الكتاب والوثنيين جملا وألبسوها لباسا إسلاميا فجعلوها علما مخصوصا ميزوه بعلم التصوف أو الحقيقة أو الباطل أو الفقر أو الفناء أو الكشف أو الشهود ، وألفوا وصنفوا في ذلك كتبا ورسائل وكان الأمر كذلك إلى أن حل القرن الخامس وما يليه من القرون ، فقام بعض الدهاة في التصوف فرأوا مجالا رحبا وسيعا لأن يحوزوا بين الجهال مقاما شامخا كمقام النبوة ، بل الألوهية باسم الولاية والغوثية والقطبية بدعوى التصرف في الملكوت بالقوة القدسية ، فكيف بالناسوت فسعوا فلسفة التصوف بمقالات مبنية على مزخرف التأويلات والكشف الخيالي والأحلام والأوهام فألفوا الكتب المتضافرة الكثيرة ككتاب التعرف والدلالة والفصوص وشروحه والنفحات والرشحات والمكاشفات والإنسان الكامل والعوارف والمعارف والـتأويلات ونحوها من الزبر والأسفار الحشوة بحكايات مكتوبة وقضايا لا مفهوم لها البتة ... فلما راج متاعهم وذاع ذكرهم وراق سوقهم ، تشعبوا فرقا وشعوبا واغفلوا العوام والسفلة بالحديث الموضوع المفترى: (الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق) . عصمنا وإياكم من تسويلات نسجة العرفان وحيكت الفلسفة والتصوف وجعلنا وإياكم ممن أناخ المطية بأبواب بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يعرف سواهم آمين آمين "37  

(4) منهج العرفاء داء العلم

لقد أشار آية الله المرعشي النجفي إلى التصوف الفلسفي (العرفان) والى دعاته وأصحاب المؤلفات في شأنه ونظريته في وحدة الوجود أو وحدة الموجود ، وطعن بشكل صريح في رواده وكشفهم من خلال الإطلاع على أسرارهم ، وظهر له "بعد الفحص الأكيد والتجول في مضامير كلماتهم والوقوف على ما في خبايا مطالبهم والعثور على مخبياتهم بعد الاجتماع برؤساء فرقهم أن الداء سرى إلى الدين" . وعجيب أمر بعض كبار علماء التشيع في المؤسسة التعليمية الدينية وسعيهم الدءوب وتفاخرهم بتمثيل التصوف الفلسفي وتدريس منهجه وجعل مفاهيمه وقواعده من القواعد والمفاهيم الأساسية على طريق معرفة الدين والإله وتنظيم العلاقة به وتصويب مسيرة التفكير العلمي باتجاه تخطي طاقة العقل إلى الوجدان والوحي بلا دليل شرعي أو حتى عقلي أو وجداني جلي.

والأعجب من كل ذلك أن بعض مدارس المؤسسة التعليمية الدينية الشيعية رفضت النص وتبنت نظريات منبثقة عن المؤسسة التعليمية الصوفية والفلسفية التابعة لاتجاه الخلافة ، وهو اتجاه اتبع مفاهيم الفلسفة والتصوف الفلسفي وأخذ عنها في عقائده ثم انقلب عليها في قصة دراماتيكية سطرها تاريخ الغزالي ، حتى إذا ما نامت مؤلفاتها في رفوف المكتبات أيقضها بعض تلاميذ المؤسسة التعليمية الدينية العقلية وأخذوا عنها نظرية "وحدة الوجود "وشكلوا لها مدارسها الخاصة . فمن أين وفد التصوف الفلسفي وكيف مال إلى نظرية وحدة الوجود ؟ ومن هو رائده ومنظره ؟

يعد ابن عربي الأندلسي الصورة الكاشفة عن الفكرة الكبرى في التصوف الفلسفي (وحدة الوجود) ، وفي مدينة مرسية (Murcia) ولد ابن عربي أبو بكر محمد بن علي الحاتمي الطائي في (17رمضان 560هـ -28 تموز1165م) . وله من الألقاب ما يجمع بين تبجيله وتكفيره ، فهو (محي الحق والدين) و (الشيخ الأكبر) عند مريديه ، وهو (أبو الشطحات) و (مميت الدين) و (مميت الدين الأول) و (ماحي الدين) عند مناوئيه .

درس ابن عربي الأدب والحديث والقرآن والسيرة وغيرها من العلوم الدينية التي كانت رائجة في المؤسسات التعليمية في مدينة أشبيلية الأندلسية . ولأنه تميز عن أقرانه في مادة الأدب فقد شغل وظيفة حكومية في أشبيلية بمنصب كاتب رسمي . وقبل إتقانه معارف التصوف التي كانت رائجة في الأندلس ؛ كان ابن عربي يعيش مترفا ويمضي أيامه في اللذة وصيد حمر الوحش برفقة غلمانه وحشمه وخدمه حتى أطلق ابن عربي على هذه المرحلة المترفة من حياته وصف (زمان الجاهلية) لكنه لم ينقطع خلالها عن الكشف والذوق والوجد الذي كان يمارسه – بحسب اعترافاته - منذ طفولته حتى تأهله لدخول الطريقة الصوفية وله من العمر 21عاما ، إذ كان يجادل شيوخ الصوفية قبل انتمائه للطريقة فيؤذيهم ويشنع عليهم اعتقاداتهم وطقوسهم وتصرفاتهم .  

وقد التقى ابن عربي بالفلاسفة قبل بلورته لنظرياته العرفانية ، كان من بينهم الفيلسوف ابن رشد بمدينة قرطبة حيث كان قاضيها الشهير . وفيها دار الحوار بينهما ، فبادره ابن رشد بالسؤال: كيف وجدتم الأمر بين الكشف والفيض الإلهي ، هل هو ما أعطاه لنا النظر ؟ . فرد ابن عربي: نعم ولا ، وبين "نعم"  و"لا" تطير الأرواح من موادها والأعناق من أجسادها" .

فأظهر هذا الحوار القصير بين الفيلسوف والمتصوف عمق الخلاف في نتائج النظر والكشف وصحة كل منهما . فقد أخذ الفلاسفة الكندي والفارابي وابن سينا بـ "نظرية الفيض" الفلسفية وكانت من نتاجهم ومن متبنيات السهروردي ، وأخذ ابن عربي بحال الكشف والشهود مما لا نظر فيه . فكان مقصد ابن رشد بسؤاله الانتصار للفلسفة المتقدمة منهجا وطريقة على الكشف والشهود . إن كل ما كسبه العرفاء من مفاهيم وظفوها ضد الفلاسفة خلصت إلى أن العقل "آلة الفلسفة" غير معصوم عن الخطأ ، وأن الكشف والشهود صورة واحدة عن "آلة العرفان" وتأتي متفوقة على وظيفة العقل ومتقدمة عليها ، وان المنهج المشترك بينهما كان (نعم ولا) صوفيا لا فلسفيا بحسب توجيه إجابة ابن عربي.

ومن عجائب ابن عربي المثيرة قوله في حديثه عن نظرية "وحدة الوجود" التي بلورها واعتنقها ودافع عنها ، أنها من النظريات التي خصه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بها حيث يورد ابن عربي أنه كان في زيارة للقاهرة في عام (603هـ -1206م) عندما جاءه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في نومه ليلقنه هذه النظرية بألفاظ أفادت معناها! . وفي إطار هذه النظرية عارض بشدة ظواهر الشريعة والعقائد وتظاهر في ذلك بعد تغير الأحوال في أشبيلية وخفة حروب العامة ضد المتصوفة والمتفلسفين ، فكان نصيبه في ذلك التكفير في نصوص فتاوى فقهاء مصر آنذاك الذين طالبوا بقتله .  

وبعد ثمان سنوات تقريبا على تبلور نظرية "وحدة الوجود" عند ابن عربي وتمكنه منها التقى ببغداد في عام (608هـ) الفيلسوف المتصوف شهاب الدين السهروردي رأس متصوفة بغداد وصاحب فلسفة "الإشراق" فبجله وعظمه وأثنى عليه وفتح الأبواب في بغداد أمام أتباعه وطلبته للتزود من نظريات ابن عربي وعلومه والتعرف على تصوفه الفلسفي . لكنه لم يحظ بمثل هذه الحفاوة والرعاية والإكرام في حلب ، حيث ثارت المدينة وشيوخها وطلابها ضد كتابه "ترجمان الأشواق" الذي ألفه واصفا عشقه للـ (النظّام) ابنة الأصفهاني مكين الدين زاهر بن رستم أبي الرجا بعد أن رأى ملامح جمالها فأصبح متيما بها وأنشد شعرا غزليا عرفانيا عبر فيه بما يمتلك من شطحات في جانب نظرية "وحدة الوجود "واظهر إعجابه بـ"جمال المعبود في مرايا الأعيان" وعد ابنة أبي الرجا النظّام "تجليا كاملا وبارزا لجمال المعبود" . فأضاف هذا العشق والوصف المرهف الشيء الكثير من الشطحات في التصور العرفاني للنساء ومتعلقات المرأة عند ابن عربي. فقال في وصف اعتبار الغسل وحب النساء والالتذاذ بهن في الشريعة:" لأن الحق غيور على عبده أن يعتقد أن يلتذ بغيره ، فلهذا أحب النبي (صلى الله عليه وسلم) النساء لكمال شهود الحق فيهن ، إذ لا نشاهد الحق مجرداً عن المراد ،  فشهود الحق في النساء أعظم شهود وأكمله ، وأعظم الوصلة والنكاح … وقال: فمن جاء لامرأته أو لأنثى بمجرد الالتذاذ ولكن لا يدري بمن ، قال:

غير أنهم لا يعرفوا عشقي لمن        صح عند الناس أني عاشق

كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه - هو المرأة - ولكن غاب عنه روح المسألة فلو علمها لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ وكان كاملاً قال من شاهد الحق في المرأة كان شهوده في منفعل وهو أعظم الشهود ويكون حباً إلهيا"!

وكانت دمشق مصدر الهام له فألف فيها كتابه الشهير "فصوص الحكم" الذي شُرح مائة مرة تقريبا على يد العرفاء المريدين له ، وادعى ابن عربي في عام (627هـ) مثل دعواه في مصدر نظرية "وحدة الوجود" ، فأعلن أن هذا الكتاب تلقاه عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في رؤيا ، وأمره بكتابته ونشره بين الناس وأطلق عليه هذا الاسم . وتميز هذا الكتاب بشدة تعقيد الألفاظ حيث اتخذه العرفاء مصدرا أساسيا في المعرفة وتداولوه ودرسوه وفكوا طلاسمه في المؤسسات التعليمية الدينية والمدنية وتناولته الجامعات والكليات والمعاهد .

وعده بعض علماء المؤسسة التعليمية الدينية في قم المقدسة كتابا عرفانيا دراسيا برغم شطحاته وانحرافاته ووضوح قوله بنظرية "وحدة الوجود" وتصريحه بالنص الخطير الذي أورده وقال فيه: "سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها" ، وهو نص ظاهر في هذه النظرية برغم التأويلات والتبريرات التي أوردها المدافعون عنه واستنادهم فيها إلى نصوص أخرى لابن عربي حاولوا من خلالها إعطاء شروحات جديدة على هذه النصوص وبينوا أن مقاصده منها واقعة بين الإطلاق وعدمه لا الإطلاق المحرم وحده . كما رجعوا أيضا إلى نص آخر له يقول فيه ما نصه"ما هو عين الأشياء في ذواتها ، بل هو هو والأشياء أشياء" الذي فسروه باعتقاد الثنائية والتعددية بين الإله والمخلوق عند ابن عربي ، بينما الحقيقة تتضمن الكثير من الإسراف في الدفاع عما هو واضح جدا بالشطحات ، والتأويل إلى ألفاظ لا معاني لها ولا واقع ولا حقيقة . فالنص الأول فيه دلاله قطعية على "وحدة الوجود" ، بينما النص الآخر فيه احتمالات ، وله ظاهر مؤيد للنص الأول وليس نقيضا أو مؤولا له . وبه ميز قوله فأصبحت الذوات في عين ذاتها الإله ما هو عينها بالنظر إلى كونه هو فهو وكونها هي فهي."فاختفاء الذات لا يعني من حيث المبدأ ، بالنسبة للصوفي شيئا آخر غير الذي يعنيه بالنسبة لبولص حينما قال: (مع المسيح صلبت ،  فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ"39.

لقد هيأت البيئة التي عاش فيها ابن عربي الأمر لصناعة الفلسفة والتصوف في فترة تاريخية شهدت انفتاحا نوعيا رجع فيها ابن عربي إلى مدارسة كتب الأقدمين في الأندلس . فالأندلس كانت في قديمها قبل الإسلام تعرفت على العرفان والتصوف والفلسفة الناشئة عن مؤثرات مبادئ الفيثاغورثية والغنوصية المانوية والحلولية ، وشهدت مقتل بعض منتميها كان من بينهم (بريسلين) الذي أخذ عنه الصوفي الشهير ابن مسرة الجبلي ومريدوه . ويعد ابن مسرة من أخطر الفلاسفة المتصوفة الذين تأثر بهم ابن عربي ورجع إليهم ومدحهم في كتابه (الفتوحات المكية) .

وعرف عن الأندلس رعايتها واهتمامها بعد فتحها من قبل الأمويين في (92هـ)  بالعلوم النقلية فقط وبعض العلوم المتصلة بها حتى شهدت بعد ذلك تطورا في المؤسسات التعليمية الدينية التي تخرج عنها بعض الفقهاء والمفسرين والمحدثين وكثير من الحفاظ والقراء والدعاة والقضاة . وقد أدخل الحكم الأموي بعد قرن ونصف تقريبا إصلاحا وتجديدا على المؤسسة التعليمية الدينية فشملت تعزيز دور العلوم العقلية وتكثيفها إلى جانب العلوم النقلية ، فدخل المنطق والرياضيات والفلك والطب من أوسع أبواب المدارس الدينية ولم تكن مادتي الفلسفة والتصوف تحتل مكانا لهما في المراحل الأولى من هذه الفترة بحكم حساسية هذه الاتجاهات والأفكار والعقائد في الشمال الإفريقي ومؤسساته التعليمية الدينية التي كانت تميل ميلا شديدا للدفاع عن الحكم الأموي الأندلسي ، لكن القرن الرابع الهجري شهد انفتاحا رسميا كاملا على العلوم العقلية بمساهمة كبيرة من سلطة الأمويين على عهد المستنصر بالله ، كانت من بينها مادتا الفلسفة والتصوف اللتان وفدت كتبهما القديمة والحديثة من كل صوب وحدب وغذتها مشاريع الترجمة لتؤسس لعقد من المنافسة مع التعليم الديني على العلوم النقلية الذي تميز بوصوله إلى قمة عطائه وبروز علمائه الأندلسيين الذين ساهموا إلى جانب مشاركات وجهود فعالة من قبل مجتمع الأندلس آنذاك في استغلال فترة وفاة المستنصر بالله وضعف خليفته ابنه هشام ، حيث حاربوا كل ما كان يتعلق بالعلوم العقلية بما فيها مادتي الفلسفة والتصوف الفلسفي وحرقوا مؤلفاتها ومنها كانت مؤلفات أبي حامد الغزالي ، وخربوا مكتباتها وكفروا الفلاسفة والمتصوفة وقتلوهم وسجنوهم واتهموهم بالزندقة والانحراف عن العقيدة ، حتى اضطر الأمويون بعد ذلك إلى التراجع عن دعمهم للفلسفة والتصوف وندبوا موظفيهم للمشاركة في تلك الحرب على العلوم العقلية كلها واستخرجوا كل ما حوته قصورهم من مؤلفات فلسفية والتصوف الفلسفي فأحرقوها وأتلفوها بغية الكسب العام .

وكان من بين رواد هذه المرحلة ابن مسرة الجبلي الذي قرأ التصوف الفلسفي للأسباني القديم (بريسلين) ودرس عقائد المعتزلة والمتصوفة في البصرة وآمن بأن "النبوة اكتسابية وليست اختصاصية" ، ودرّس فلاسفة اليونان لمريديه ، فاختلطت في نظرياته الفلسفة بالتصوف ، حتى شُرّد بعد ذلك مريدوه وقتلوا وأجبروا على التوبة ، فاضطر ابن مسرة للفرار إلى خارج الأندلس بعدما أحرقت كل مؤلفاته وشروح طلابه.

وقد أغلقت الأندلس أبواب مدارسها التعليمية الدينية أمام الفلسفة والمتصوفة قرنين كاملين ، حيث ظهر بعد ذلك محي الدين ابن عربي في مناخ كان فيه علماء الدين الأندلسيين وقد أبدوا مرونة في علاقاتهم مع الفلاسفة الذين كشفوا نقضهم لمبادئ التصوف ونظرياته وفضلوا الابتعاد عن جانبه ، وكان من بينهم (ابن باجة ، وابن رشد ، وابن الطفيل) . وكانت هذه فرصتهم فعاد الفلاسفة المتصوفة إلى سيرتهم الأولى وكثرت كتبهم ونمت على رؤى أفلوطين هذه المرة ، ما ترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام ابن عربي وجيله ليصعد على ظاهرة فلسفية صوفية متنوعة المشارب والنظريات الشرقية واليونانية ، فاستعان ابن عربي بهذا الخليط على بلورة نظرية "وحدة الوجود" وتنميتها وتنظيمها.

وقدح بابن عربي بعض علماء اتجاه الخلافة ، كابن تيمية الذي وضعه في عداد الكفار ووصف كفره بأنه أغلظ من عبدة الأوثان ووصمه بالزندقة وقبح الباطن . ووضعه الشيخ المقدس الأردبيلي من علماء الشيعة في خانة اللصوصية وعده من لصوص الفلاسفة الذين اقتبسوا نصوصهم . واعتبره الشيخ محمد النجفي القمي ضالا مضلا وكافرا أشد كفرا من يزيد بن معاوية ، كما كفره صاحب كتاب (بحار الأنوار) الشيخ محمد باقر المجلسي الذي تعدى ذلك لينتقد بعض الشيعة المتكلفين في مدح ابن عربي . وتبع المجلسي في تكفير ابن عربي الميرزا محمد التنبكاني ، والمير محمد باقر الخونساري الأصفهاني ، والشيخ الميرزا حسين النوري الذي ذم ملا صدرا أيضا على مدحه لابن عربي وتبنيه لأفكاره وعقائده وتأييده لها وذكره إياه في كتابه (الأسفار) واشتراكه معه في نظرية وحدة الوجود . وإما الشيخ علي اكبر الأردبيلي فقد وصف ابن عربي بـ(مميت الدين الأول) وكفر ملا صدرا والمحدث الفيض الكاشاني واعتبر ابن سينا ضالا ومضلا.

وحسب ابن عربي أنه أبعد ما يكون عن الذكر في المؤسسة التعليمية الشيعية لأنه أخذ بما هو خلاف عقائد الشيعة وسردهم التاريخي . فقد ادعى الولاية المطلقة وخص نفسه بها وبخاتميتها ونفاها عن الإمام علي (عليه السلام) وأخذ بسيرة الشيخين الخليفتين أبا بكر وعمر وامتدح المتوكل العباسي في كتابه (محاضرة الأبرار) واعتبره قطبا له ولاية مطلقة حيث ينظر الله تعالى إلى الكون من خلاله في زمانه ومكلف بحفظ الكون جميعه في وقت عرف عن المتوكل سعيه الخبيث لهدم قبر الإمام الحسين (عليه السلام) .  

وكانت لابن عربي أقوال طائفية صريحة في الحقد والكراهية ، فذكر أن الشيعة يُرون في الكشف بصور الخنازير ، واعتبر الأشياء – في نظرياته الفلسفية الصوفية - مهما كانت صورها فهي مجالي للحق سبحانه عما يصفون فيقول: "أن المعبود ليس محصورا في صورة ، بل هو ما في الصور كلها من الحق ، لأن العبادة لا يستحقها إلا الله الذي هو عين الكل وله هوية جميع الصور ... إن الحق المعبود المطلق الذي أمر أن لا يعبد إلا إياه لما ظهر بنور الوجود في كل نوع من الأنواع بل في كل شخص ، لزم أن يعبد في تلك الصورة إما عبادة عبد لإله ، وإما عبادة تسخير ،  كما عبدة الأصنام الحجر والشجر والشمس والقمر ، لكون الإلهية ذاتية للوجود الحق ، وعبادة التسخير ليس لها اسم العبادة عرفا لأنها مخصوصة بمن تأله لكن العبودية متحققة في القسمين ، فإنك عبد لمن ظهر عليك سلطانه" 38.

ومع كل هذه الحقيقة في النص الديني المناهض للفلسفة والعرفان والتصوف ، إلى جانب طبيعة الفكر المنحرف والرؤى التاريخية الخاطئة التي يحملها ابن عربي، إلا أن ابن عربي أحتل مكانة في المؤسسة التعليمية الدينية الشيعية لا يستحقها ، وأصبحت بعض مؤلفاته تتداول وتدرس في مدارسها ، وهناك من رجال العلم الكبار من عرف بتمكينه لابن عربي في علومه العقلية ووجدانه ومحافله ومدارسه ،  وتطرف البعض الأخر ليؤكد من خلال تحقيقاته على أن ابن عربي ليس متصوفا على اتجاه الخلافة إنما يعد احد علماء الدين الشيعة الكبار لأنه أشار في بعض مؤلفاته إلى لقائه في الشمال الإفريقي بالإمام المهدي بن الحسن (عليه السلام) وربما لم يشأ إظهار تشيعه تقية . وهذه واحدة من خرافات التحقيق التاريخي التي سجلتها أقلام بعض العرفاء البسطاء.



المصادر
----------------------------------------
1-الثائر الإسلامي جمال الدين الأفغاني . ص 165-167
2- المصدر السابق .ص171
3- المصدر السابق .  ص180
4- مقدمة ابن خلدون . ص435
5 - المصدر السابق . ص435
6 - مجلة لجامعة الإسلامية . ع1 . 1994 ص47-48 .  
7 - د.عبد الهادي الفضلي . أصول البحث .  ص96
8 - المصدر السابق .  ص71  
9 - مقدمة ابن خلدون .  ص435
10 - د محمد عمارة.جمال الدين الأفغاني موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام .  ص 24.
11 -  أصول البحث .  ص 53-54
12 -جمال الدين الأفغاني موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام .  ص25  
13 - المصدر السابق  ص268
14 - مقابلة . الامين العام للجامعة الاسلامية د.السيد محمد علي الشهرستاني
15 - مجلة الجامعة الإسلامية .  ع1 كانون الثاني  1994م .  ص226-227 .  
16 - مع علماء النجف الأشرف . ص197
17 - مجلة الجامعة الإسلامية .  ع1 كانون الثاني  1994 . ص226-227 .  
18 - مجلة (البصائر) الفصلية.العدد (32).
19 - انظر مجلة لغة العرب (بغداد) س2: ج10 . شباط 1913.
20 - محمد مهدي الآصفي . " مدرسة النجف وتطور الحركة الإصلاحية فيها" . ص113
21 - الشيخ محمد مهدي شمس الدين . مواقف وتأملات في قضايا الفكر والسياسة . ص216
22 - العرفان الإسلامي . السيد تقي المدرسي ص 83
23 - المصدر السابق .  ص 100
24 - الفقه العقائد . السيد محمد الشيرازي . ص228-232
25 -الشيرازيون الثلاثة ومقالات أخرى . د عبد الكريم اليافي .  
26 -الحكمة المتعالية ، ج2 . م (ل).
27 - التصوف الإسلامي . ص186
28 -الفتوحات المكية .  ج1. ص715.
29 - العرفان الإسلامي .  ص210
30 - التصوف الإسلامي . تور آندريه . ص 158.
31 - محمد باقر المجلسي . بحار الأنوار . ج : 3 . باب : 9 . ح : 1 . ص : 257
32 - سفينة البحار . ج2 ص 58
33 - المصدر السابق  .  ج2 ، ص57
34 - الإثنا عشرية في الرد على الصوفية . الحر العاملي . ص17
35 - سفينة البحار الشيخ عباس القمي .  ج5 . ص198
36 -حديقة الشيعة للاردبيلي ص 602 - 603 . عن المرتضى الرازي في كتاب الفصول . وابن حمزة في كتاب الهادي إلى النجاة كلاهما عن الشيخ المفيد . وعنه في روضات الجنّات: 3/134 .  
37 - العرفان الإسلامي . نقلا عن إحقاق الحق م1 . ص183-185
38- التصوف الإسلامي . ص242.
39- شرح فصوص الحكم للقاشاني . في الفص الهاروني . ص399-401 .  


* باحث وكاتب بحريني - (الرأي الآخر للدراسات- لندن)