١‏/١٠‏/٢٠٠٦

Omar Shahine's WebLog : How to replace notepad.exe with notepad2.exe

How to replace notepad.exe with notepad2.exe
Thanks to some great comments and a specific one from James I have now replaced notepade.exe with the vastly superior notepad2.exe and prevented Windows File Protection from replacing the new notepad.
Here are the steps (warning, process with care, no warranties etc):
Method 1
1) Rename Notepad2.exe to Notepad.exe
2) go to %windir%\system32
3) Rename Notepad.exe to NotepadX.exe
4) go to %windir%\system32\Restore
5) Turn off hide invisible files in Tools->Folder Options->View
6) Select filelist.xml and right click->Properties and uncheck Read-only
7) Edit the file
8) Add:
%windir%\notepad.exe
to:

%windir%\system.ini
%windir%\tasks\desktop.ini
%windir%\win.ini
*:\AUTOEXEC.BAT
*:\CONFIG.MSI
*:\CONFIG.SYS

9) copy the newly renamed notepad2.exe (now named notepad.exe) to %windir%\system32
note: it turns out that for some folks, this doesn't work. It did not work for me on my tablet pc. Thanks to Shakeel Mahate here is method #2.
Method 2
Tools->Folder Options->View uncheck Hide protected operating system files.
rename Notepad2.exe notepad.exe
copy notepad.exe %windir%/system32\dllcache
copy notepad.exe %windir%/system32
A dialog will popup hit cancel
Recheck Hide protected operating system files in the Folder Options dialog box
The dllcache contains copies of the windows protected files. The dllcache isnt itself protected.


Published Friday, April 30, 2004 7:43 PM by omars
Filed Under: Software
Comments
# re: How to replace notepad.exe with notepad2.exe
Friday, April 30, 2004 2:07 PM by Sean
You can also do a brute force method. Check out the metapad FAQ at http://www.liquidninja.com/metapad/faq.html#Q28, which is also an awesome notepad replacement.

Omar Shahine's WebLog : How to replace notepad.exe with notepad2.exe.

اعتزال يسرا وإرتداؤها الحجاب

اعتزال يسرا وإرتداؤها الحجاب
GMT 4:30:00 2006 السبت 30 سبتمبر مراد النتشة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مراد النتشة من دبي: قامت الفنانة المصرية يسرا بتسريب أخبار عن رغبتها في إعتزال الفن وإرتداء الحجاب، وأنها تقرأ العديد من الكتب الدينية وتشاهد القنوات الفضائية الدينية بتركيز شديد هذه الايام.
هذا الخبر سيؤدي إلى دفع الجمهور لمشاهدة آخر مسلسل ليسرا، إن كانت ترغب بالفعل في الاعتزال، وطبعاً سيتم تسويق العمل بشكل كبير يحقق أكبر الايرادات وسوف تصمت يسرا ولن ترد على الشائعة حتى تعرف رد فعل الجمهور على المسلسل فاذا حقق النجاح ستقوم بنفي الشائعة، وإذا فشل فأقرب طريق للهروب من مواجهة الجمهور وجذب أنظاره إلى موضوع آخر خلاف فشل المسلسل تأكيد يسرا علي رغبتها في اعتزال الفن الذي تشبعت منه وقدمت كل ما ترغب فيه.
جاء هذا الخبر كنوع من التسويق لمسلسل يسرا المعروض حالياً في رمضان حسب صحيفة "القدس العربي"، حيث تقوم حالياً الفنانة وشركة إنتاج مسلسلها الجديد "اللحظات الحرجة" الذي تموله شركة أميركية وينفذ الحلقات المخرج شريف عرفة كمنتج ومنفذ لها ويشرف على الاخراج اكثر من مخرج، وهو نوع من أنواع الترويج التي بات تعتمدها بعض شركات الانتاج الفني، في ظل الكل الهائل من المسلسلات المعروضة في هذا الشهر.
muradnatsheh@hotmail.com

اعتزال يسرا وإرتداؤها الحجاب.

تقاسيم رقميّة

تقاسيم رقميّة
GMT 16:45:00 2006 السبت 30 سبتمبر عبدالقادر الجنابي




1-
الانترنت عالم فسيح، وهو مُكوِّنٌ ثقافي في المجتمعات الحالية. فهو يشكل، من وجهة نظر العالم المتطور كأوروبا وأمريكا، امتدادا للحرية الفكرية ووسيلة تفضي بالباحث إلى كل ما لم يخطر بباله. فاستخدام الأوروبيين للانترنت استخدام معرفي، غرضه الاستفادة والاطلاع والتمتع. بينما، الانترنت من وجهة نظر المجتمعات العربية، ليس سوى نافذة تطل على ما تفتقر إليه هذه المجتمعات: الحرية الفكرية.. إنه المرآة التي ينعكس على سطحها الثقافة الغائبة في الحياة العربية اليومية. وها أن حالة استمنائية تتجلى في علاقة قارئ الثقافة الذي يعيش في دمشق، الخليج.. الخ، مع محيط ثقافي فاقد الهوية اسمه الانترنت. فالثقافة الافتراضية المتجلية بالانترنت هي أشبه بصورة يَنظر إليها هذا القارئ لكن غير مسموح له بتفعيلها عمليا ودون خوف...الانترنت لايزال، عندنا، مجرد شاشة، وليس كما يفترض ومعمول، في أوروبا مثلا، أداة بحث. من هنا نجد آلاف المواقع الثقافية، لكنها مفرغة من الدور الثقافي: البحث الجدي، إيقاظ الوعي والشعور بالمسؤولية... إنها أشبه باستبدال كبت واقعي يومي بحرية وهمية وإيهامية لانتيجة لها.
2-
على أن هناك فضيلة كبيرة في انتشار الانترنت: وهي الشعور بحرية التعبير وإحساس المتلقي – المشارك بفرديته. فالانترنت يحرر الثقافة من نخبوية زائفة: فالنشر في الانترنت يولّد شعورا إنسانيا لدى الكاتب الهامشي إزاء فرديته: صفة المُقدس التي يتحجّب بها كثير من الأسماء الزائفة، تُنزع عنهم وعن مؤسساتهم وعما يمثلونه من فكر. فأغلب كتاب اليوم، الهامشيين خصوصا، الذين يعانون من النشر على الورق في بلدانهم، وجدوا في الانترنت فرصة أكبر للمضي في كتابات أجرأ وأعمق حتى مما كانوا يطمحون إلى التعبير عنه ورقيا. غير أن البعض يشط أحيانا، ناسيا أن التعبير الحقيقي عن حرية حقيقية يتطلب، دوما، أن يستبصر كل فرد بعمق مسؤوليته الخاصة، على حد عبارة هوركهايمر.
3-
الانترنت بقدر ما هو كهف مفتوح على كنوز لانهاية لها من الثقافة: افتح يا سُمسم، وكل يغرف وعلى هواه، هو كذلك مكان تجريبي بامتياز: فأنت هنا أمام كل أنماط الكتابة والتفكير والانفكاك اللغوي الذي يوحي للقارئ انه انتقل فعلا من أجواء الصحيفة الورقية التي اخذ يراها القارئ المعاصر تعبيرا تقليديا، إلى صلب حركية حياته اليومية المعاصرة حيث الكلام تنبع قوته أحيانا من الغلط النحوي وفوضى التركيب. وبما أن لكل تقدم ثقافي ناحية سلبية: فللانترنت ناحية سلبية هي الأكثر انتشارا في العالم العربي: سهولة سرقة أفكار الآخر علنا.*
4-
للانترنت إشكالية ميتافيزيقية: عندما يُدفن صديق، ويوضع شاهد على قبره، تتم قطيعة مع حياة ما، وتصبح الصميمية مع هذا المفقود جزءً من ماض بعيد، بينما عندما يُحرق جثمانه ويلقى رماده في الهواء الطلق، شك يأخذ طريقه إلى ذاكرتنا، يحيل الموتَ المؤكدَ هذا إلى مجرد غياب، أو اختفاء قد يتراءى ثانية. هذا الشعور عينه، على نحو آخر، يتملك الكاتب، عندما تُنشر مادته في مطبوع ورقي مؤرخ وملموس، بأنه قد انتهى منها، وباتت في الأرشيف، والآن عليه بشيء جديد. بينما، عندما تُنشر في الانترنت وتختفي بعد أسبوع، شهر أو عام، يشعر الكاتب كما لو أنها لم تُنشر، وإنما فقط وزعت بين شلة من أصدقاء، فيتراءى ألف سبب لنشرها ثانية وثانية، دائما للمرة الأولى. هذه العلاقة المقلقة التي يولدها الانترنت بين الكاتب وكتاباته، تجعل من كل نص متعدد الولادة. وكأن كل نص في الانترنت شبحٌ، وفي عالم الورق مجرد جثة.
الانترنت – النشر الرقمي مكانه في الشمس، دائم الاخضرار. النشر الورقي مصيره الاصفرار في السراديب الظلماء. لكل مكانه في تاريخ الأفكار. لكل ليله في ديوان المصير.
ملاحظة: هذا المقال كتب خصيصا للصفحة الأخيرة من المجلة الشهرية العراقية "مسارات" عدد تموز 2006.
* اليك أسهل طريقة للكشف عن السرقات: استنسخ عبارة من كلمتين مميزتين في مقال تشك انه مسروق، والصقها في غوغل، وانقر ابحث.. وستجد أمامك الأصل المسروق.. أحيانا تضطر الى معاودة المحاولة بكلمتين أخريين.

تقاسيم رقميّة.

يؤنّثني مرتين لآمال موسى

يؤنّثني مرتين لآمال موسى
GMT 9:00:00 2006 الأحد 1 أكتوبر د حسن القرواشي
 

 

 

 

 

 

 


 

 

 

 

 


نشيد الكيان والأديم
رغم أن "يؤنّثني مرتين" هو ثالث ديوان للشاعرة المبدعة آمال موسى، فإن علاقته بالديوانين السابقين "أنثى الماء"و"خجل الياقوت" إن على مستوى الشكل أو المعنى متينة ومبنية على التجاور والتجاوز. ففي مستوى الشكل صدّرت الشاعرة القسم الأول من "يؤنّثني مرتين" بأبيات مأخوذة من "خجل الياقوت" والقسم الثاني بأبيات مأخوذة من "أنثى الماء" لتوحي ربما بأن التجربة الشعرية التي تعيشها وتسعى إلى نشرها والتعريف بها واحدة جوهريا ومازالت لثرائها وتعقدها في حاجة إلى التمحيص والاكتناه . وفي مستوى المعنى ظلّت تسعى إلى تعميق رؤاها الفكرية وتجويد عالمها الإبداعي عساها تبلغ حالة الكمال هاجسها المركزي الذي بدت به من خلال أشعارها متمسّكة في الوجود إنسانا وفي الإبداع شاعرة. ولا نجانب الصواب إن اعتبرنا أن الذات المؤمنة بنجاحها لكمالها والمتمسّكة بحقيقتها ليقينها والفاعلة في غيرها لنجاعتها هو الخيط الناظم لمختلف قصائد " يؤنّثني مرتين" والمؤسّس لرؤية وجودية وجمالية شعرية في آن. تعبر عن ذلك جزئيا ورمزيا الفاتحتان اللتان بهما عنونت آمال موسى القسم الأول من الديوان "روح أوركستراليّة" والقسم الثاني منه "الجسد نصّ اللّذة". في الجزء الأول تركيز على النفس/الروح مجالا وعلى السؤال منهجا وفي الثاني على الجسد موضوعا وعلى الفعل منطلقا للتغيير ولكن في كلتا الحالتين لم تخرج الشاعرة عن عالم الذات /الأنا الذي منه انطلقت وعيا ومعينا للحقيقة ومنه خاطبت المتلقي تأسيسا لقيم منشودة وعليه اعتمدت في تهديم السائد وإعادة بنائه بطريقة من شأنها أن تحقق التناغم بين عالم الأنا/الذات الشاعرة الأنثى المتدبرة لأمرها وبين عالم الغير بمختلف مكوناته البشرية وغيرها.
النواة المركزية في الديوان متكوّنة إذن من النفس/الباطن أو الداخل والجسد/الخارج. في باب النفس تصوير لمشاعر الاحتراق في العشق والحيرة والرفض والتهشّم والتبعثر والتفتّت والرغبة ونظر في الزمان والفناء والخلق والموت وسعي لتمييز أصيل القيم من الزائف الرديء قصد بناء الكيان والوجود على أسس صلبة. لقد ندّدت الشاعرة في "وفي نفسي وقعت"بكل وجود غير أصيل يتخذ من الآخر منطلقا :
"ألا تبّت نفس
لم تقع في نفيسها. "
واعتبرت أن الموت والتهاوي هما المآل المحتوم :
"فارغا
من كل هوى
يموت
من وقع في غير طينه.
وسكن في النفوس المجاورة. . .
من وقع في غيره
كمن تهاوى
من الثّريّا في ليل غاسق".
وفي المقابل مجّدت من تجذّر في ذاته واستمع إلى نفسه:
"ومن أدرك في عناصره الحلول
كمثل من قطف النّجوم عند قرن الشمس".
في الحالة الأولى وهن وتهشّم وانهيار وفي الثانية اقتدار يصل إلى حد الخارق العجيب. ولهذا اختارت الشاعرة، من منطلق الوعي والتدبر وحتى لا تكون ناقصة هوى إذ في رأيها:
"كل الواقعين في أنصافهم المتوهّمة
ناقصون هوى"،
أن تسكن في ذاتها وأن تشفع لنفسها بنفسها وأن تتخلّص من الأوهام:
"أقسم أنّي لن أروم غيري متّسعا
وعد نفس
وعت بلادها الشّاسعة وفصولها المتناهية".
ومن اللافت أن التأكيد على النصف المتوهّم وقد يكون الرجل بالنسبة إلى المرأة العاشقة حسب الشاعرة قد أدى إلى تمجيد المرأة/الأنثى ودعوتها إلى أن تعي سامي منزلتها وتمارس حياتها بكل عناصرها الأربعة :الماء والتراب والهواء والنار، دون أن تصبح تلك الدعوة دعوة إلى الثورة والتطاول على الرجل. إنها دعوة تحرّك الذات وتبثّ الوعي في بنات آدم من خلال مراجعة الموروث السائد دون أن تصبح العلاقة بين المرأة والرجل متوتّرة أساسها العداء والصراع . وتعد "أنثى يخبئ فيها الماء" من القصائد المعبّرة عن هذا المشروع، فيها أشارت إلى التناقضات التي تعيشها الأنثى وأبرزت الأسباب التي جعلتها تعيش مأساة مستمرة بدت قدرا محتوما لا مفر منه. فابنة آدم مازالت تعيش مفارقات كبّلتها بها التقاليد. إنها لا تتجرأ على الخروج على السائد فتعتبر على سبيل المثال " ذخائر التفاح خطيئة"بل تتبجح بما ينبغي التخلّص منه ومحاربته. ولهذا وفي نبرة تدل على الاستبطاء لطول المدى استنكرت الشاعرة وضع الاضطراب والغم الذي تعيشه المرأة:
"طال تململك يا ابنة آدم
تعدّين ذخائر التّفّاح:
خطيئة
خطيئة
خطايا"،
ولكنها في نفس الوقت كشفت عن الأسباب التي جعلت مصيرها مأساويا في التاريخ:
"فأدركت
لماذا كلّ الإناث يمتن غرقى
ولماذا أخاتل قدري
لأصلّى بذات اللهب".
إلا أنه لا يمكن أن نعتبر أن الشاعرة قد استسلمت لهذا الوضع والقدر، بالعكس لقد سعت إلى تمجيد الأنثى وإلى قلب الوضع بهدوء عندما حملت المرأة رغم المحن والخسارات على تسلّق الأعالي واكتشاف العزيز والباسق فيها:
"دع قلبك فارغا
فلا فارس
يليق بصلواتك،
غير الله".
وعلى غرار "الأنوثة الكبرى في حالة سكر"، تحررت الشاعرة من جلّ القيود والضغوط وأفصحت عن رؤيتها وعن الحلول التي ترتئيها لتتجاوز المرأة حالة الغبن عندما جعلت الأنثى محورا لنشيد به انتصرت على التهشّم والتبعثر وبه ألغت كل التناقضات المكبّلة لها وأزالت المفارقات اللاصقة بكيانها ووجودها، فصاغت هوية جديدة للمرأة أساسها الشعر والصدق و الألوهية ومقصدها التصالح مع الذات والتاريخ ومن ثم التصالح مع المحيط ولكن باعتماد منطلقات جديدة حديثة:
"النّساء اللّواتي في وجوههن بصمات الإله
هنّ الشّاعرات
تجلّى في قصائدهن الصدق نشوة
فسكرت الأنوثة الكبرى
وتمايل الشّعر جداول ماء".
ورغم أن المرأة عنصر أساسي في القسم الثاني من الديوان، فإن مراكز الاهتمام اختلفت عما هو موجود في القسم الأول. فلم يعد رصد عالم المرأة الباطني الوجداني شعريا إبداعيا هو المطلب الرئيسي بل تجاوزت الشاعرة الرصد إلى التنديد والمطالبة بالتغيير ولكن دائما بطريقة هادئة لبقة أساسها لفت الانتباه إلى ما تغيّر، وبذلك اقترن الشعر بالفكر والفن بما يشبه الالتزام الخفي. لقد أصبحت المرأة وإن كانت محاصرة مطلوبة لروحها ولجسدها في "هيئة الماء" مصدرا رهيبا يرتجف منه الرجال وعند استجابتها ورد فعلها يتضاءل الرجال ويتقلّصون. إنها تجسّد النواة إزاء الهامش/الرجل والفوز إزاء الفشل. وعلى هذا الأساس وجدنا في "الحجب"و"في الماضي المستعمل"وفي "الطعام المتداول" دعوات رفض للمألوف المرفوض وتبنيا صريحا لقيم الحرية وتأكيد الأنا واعتدادا بالنفس وعودة في الحقيقة إلى الذات ومنها إلى المجتمع. ففي "الحجب":
"(ف)لا يليق بحرّة
أن تلبس ثوبا قديم الأزرار.
ورأسها شجرة
تحط فوقها عصافير
عصيّة الصّيد".
و"في الماضي المستعمل"خروج على ما يبدو طبيعيا ومقدّسا:
"أنبذ كثيرا أزواج الآباء والأمهات.
لا أطيق أن أرث أبي.
لا أطيق أن يكون لي طفل بعد طفلي البكر".
و"في خدعة"يكون الفعل أساس العلاقة بين الرجل طالبا متلمسا والمرأة ملبية مستجيبة:
"جئت باسطا كفّيك
إلى مائي
وناري
وهوائي
وترابي. فلبّى مائي دافقا
ولم ينهرك ترابي".
لقد امتزج في "يؤنّثني مرتين" ما أنتجه العقل وعيا وأفرزه الوجدان انفعالا فاقترن الفن بالفكر والإخبار بالإيحاء. وفي كل ذلك كان هاجس إعادة بناء الذات والحقيقة والحياة مركزيا. ولم تدرك الشاعرة ذلك عبر عالم شعري معقّد أو بخروج لافت عن المخيال الشعري أو تقيّد قاتل به. فذلك أمر بدا غير مفكّر فيه ما دامت تنطلق من الراهن ومن الموجود. ولذا كان معجمها اللغوي صورة من عالم اليوم: روح أوركستراليّة، بيت الاستحمام المفضّل، النّوم على حافة الطريق، مفتوحة على مصراعيّ، ناي وسكسفون، حرص بوليسي. . . إلا أن هذا الارتباط بالراهن وبراقصات الملاهي في "ياليتني كنت زجاجة" وبالذكور الذين في رأسهم قات في "قلال تملأ السّراب" اقترن أيضا بالتراث وبالمخزون الثقافي الفكري لا الإبداعي المرتبط بأقدم الحضارات الشرقية وبالأديان التوحيدية. وفي هذا السياق يبدو الارتباط بالموروث الثقافي مادة لا خيالا لافتا. فقد كانت العناصر الأربعة مادة محورية في الديوان وأوراق التوت وآدم وعشتاروت وأنكيدو وحفيد الأعشى وابنة أبي لهب. . . أساسية، بل إننا نجد أحيانا استعمالا للبناء القرآني لغة ونسقا في "الربّ يملأني بذرّة حب". ورغم ذلك استطاعت الشاعرة آمال موسى أن تسخّر ذلك الموروث للقطعية التي رامتها فكريا واضطلعت بها فنيا في الديوان. ولئن كان الاستدلال على هذه الخاصية ممكنا من خلال تتبع كل السمات الأسلوبية في أعمال الشاعرة فإن الاقتصار على عنصر الماء كفيل وحده بإبراز العلاقة الجدلية المخصبة بين الطارف والتليد وانبجاس التجديد من عناصر استهلكت استعمالا. فالماء في هذا الديوان غير الماء في الحياة وفي الأساطير ووظائفه متعددة بتعدد الحالات الشعرية التي عبرت عنها الشاعرة وصوّرتها. إنه أصل الوجود لا شكّ ولكنه أيضا قاتل متسبب في الغرق وماكر داهية يدرك سبيله بنفسه وتعجز الحواجز عن التصدي له وإيقافه وهو في نفس الوقت علامة المعرفة العميقة لا يدرك له قرار عندما ينظر إليه تماما مثل الماء الساكن. في الماء ينام الياقوت ولكن الأنثى تموت به، فيها يخبئ آدم الماء ولكن كلما حدّق فيه الإنسان أدرك عجزه و"قلة حيلته في الوصف"، إنه علامة الاستجابة القوية كلما بسط الرجل كفّيه إلى المرأة وفي نفس الوقت هو علامة البطء مرتبط بالتراب. لقد استطاعت الشاعرة بهذا التوظيف للموروث في مستوى التخييل وبتجاوز الدلالة الإخبارية المعجمية في مستوى اللغة نحو الإيحاء وبالانطلاق من الواقع أن تؤسّس لنفسها نهجا في الإبداع متميّزا. فهل ستظل في أعمالها القادمة لصيقة بالماء وبالأنثى أم ستتجاوزهما نحو فضاء آخر؟

يؤنّثني مرتين لآمال موسى.

آفة الديمقراطية

نـــــــــــــــــــــــــزار حيدر

NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

لم يخلق الله تعالى من هو فوق المساءلة، لسبب بسيط جدا وهام في نفس الوقت، ألا وهو أن الله تعالى خلق الإنسان مسؤولا، له حقوق وعليه واجبات، وليس في هذا الكون من له حقوق وليس عليه واجبات، إلا الخالق عز وجل، والى هذا المعنى يشير الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بقوله {أما بعد، فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقا بولاية أمركم، ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم، فالحق أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له، ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه، لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه، لقدرته على عباده، ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه، ولكنه سبحانه جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه، وتوسعا بما هو من المزيد أهله}.

إن المساءلة، هي حجر الزاوية في بناء النظام السياسي الصالح، لأن ترك المسؤول يمارس السلطة بعيدا عن أعين الناس، ومن دون مساءلة أو رقيب، سيشجعه على إساءة التصرف بها، ما ينتهي في أغلب الأحيان إلى الفساد والطغيان، لأن السلطة غنى، ونهاية الغنى، من دون رقيب، طغيان، والى هذا المعنى أشارت الآية الكريمة {إن الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى}.

وان أخطر عدو للمساءلة، هو مرض عبادة الشخصية التي تبتلى به الشعوب التي ترزح تحت نير الأنظمة الشمولية، وبكل أنواعها، ولذلك سعى الإسلام وقادته العظماء إلى معالجته ونسف هذا المرض من جذوره، من خلال تبسيط علاقة الناس بعضهم مع البعض الآخر، وعدم التمايز بين الحاكم والمحكوم، وإذابة الفروقات المصطنعة بين الطبقات الاجتماعية (الحاكمة والمحكومة) لأن مرض عبادة الشخصية، يبرر للزعيم أخطاءه وتصرفاته المنحرفة، الأمر الذي ينمي عنده روح التعالي والتجبر والاستبداد، بعد أن تتراكم الأخطاء والتبريرات.

فعندما وقف ذلك الأعرابي أمام رسول الله (ص) ليسأله عن دينه، ارتعدت فرائصه، ظنا منه أنه يتكلم مع حاكم جبار أو ملك طاغ أو سلطان مستبد، أو أنه سيؤخذ بالنواصي والأقدام إذا ما أساء أدب التعامل مع الملوك، فبادره الرسول (ص) مطمئنا بقوله؛ {ويحك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القد}.

وفي هذا الصدد، ينقل لنا التاريخ أن الرسول الكريم، لم يكن ليتميز عن الناس قيد أنملة، ولذلك عندما كان يدخل عليه زعماء العشائر في مجلسه العام مع أصحابه، لم يكن بامكانهم تمييزه عنهم بلباسه أو حرسه الخاص أو بطريقة جلوسه، فكانوا يسألون (أيكم محمدا).

وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحرض الناس على مساءلته والنصيحة له، زارعا فيهم الجرأة على السلطان حتى لا يتردد الناس في مساءلة الحاكم، وهو الزعيم المنتخب من قبل الأمة، في أول انتخابات عامة، حرة ونزيهة، يشهدها المسلمون (الصحابة على وجه التحديد) في حياتهم.

يقول عليه السلام {أيها الناس، إن لي عليكم حقا، ولكم علي حق، فأما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا، وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم).

ووقف ذات مرة خطيبا في المسلمين، يقول لهم:

{ان خرجت منكم بغير القطيفة التي جئتكم بها من المدينة، فانا خائن} قال هذا الكلام بعد أربع سنوات من الحكم والسلطة، في اشارة منه الى ان الحاكم الذي يثرى من بيت المال، على حساب حقوق الناس، فهو خائن لشعبه وبلده.

بالله عليكم، هل تعرفون حاكما يجرئ الناس على اتهامه بالخيانة غير أمير المؤمنين عليه السلام؟ وكم من حاكم أو موظف صغير نمت أمواله بمجرد أن اعتلى منصبا أو تصدى لمسؤولية، من دون أن يجرؤ أحد على محاسبته ومساءلته فيقول له مثلا، من أين لك هذا؟.

مساءلة الحاكم، إذن، حق من حقوق المواطن، وليس منحة يهبها له السلطان، بل انه يرقى، في أحيان كثيرة، إلى مصاف الواجبات (الدينية والوطنية) فعندما يتوقف صلاح النظام على المراقبة الشعبية للسلطة، وعلى مساءلة الحاكم، فان المحاسبة والمساءلة هنا تكون واجبة عينية، على كل مواطن حريص أن يمارس هذا الحق (الواجب) حتى لا يختل النظام السياسي.

ومن الواضح، فان تعريف الرعية بحقوقها من قبل الحاكم، ودعوته لهم بالنصيحة له، تعد القمة في تحريضهم على المساءلة، من دون خوف أو تردد.

كما أنه (عليه السلام) كان يعلم وزراءه فن المكاشفة مع الناس، فكان يرفض أن يدبروا أمورهم بليل، ولم يقبل منهم التدليس إذا ما تناقل الناس فضيحة من فضائحهم، مالية كانت أو سياسية أو إدارية، فكان يدعوهم إلى المبادرة لمكاشفة الناس على الهمس فضلا عن المساءلة، فكتب يقول إلى مالك الاشتر عندما ولاه مصر، في عهده النفيس الذي دونه له، يحثه على المبادرة إلى توضيح ظنون الناس السيئة به، حتى قبل مواجهتهم له، علنا وليس بالسر{وان ظنت الرعية بك حيفا فاصحر لهم بعذرك، وأعدل عنك ظنونهم باصحارك، فان في ذلك رياضة منك لنفسك، ورفقا برعيتك، واعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحق}.

لا يمكن أن نتصور نظاما سياسيا صالحا، من دون مشاركة شعبية حقيقية، تتجلى في المراقبة والمساءلة، ولا يمكن أن نتصور مشاركة شعبية فاعلة، في ظل انتشار ظاهرة (عبادة الشخصية) في أي مجتمع ، فهذا المرض يعفي الحاكم أو الزعيم من تحمل نتائج أخطائه وتصرفاته المنحرفة مما ينمي عنده روح التعالي والاستبداد.

ان مفهوم (عبادة الشخصية) يشير الى تمجيد الحاكم بصورة مطلقة واضفاء صفات القداسة عليه من خلال اعتبار كل ما يقوم به صواباً لا يمكن تخطئته أو الرد عليه. كما يضفي هذا المفهوم على شخصية الحاكم صفة المنقذ أو المخلص الذي ينقذ شعبه من الجهل أو الفقر أو الاستعباد أو الأعداء الخارجيين، وهكذا تؤسس (عبادة الشخصية) لمبدأ تفوق الحاكم وأبويته مقابل دونية الشعب وقصوره بحيث يظهر هذا الأخير قاصراً كالطفل الذي لا يمكن أن ينمو بصورة صحيحة دون رعاية الحاكم وإرشاده.

وتهدف (عبادة الشخصية) الى تكريس فكرة استحالة الاستغناء عن الحاكم (المعبود) وعدم جواز مراقبته ومساءلته، وهناك عوامل عديدة تساهم في شيوع (عبادة الشخصية) أهمها وجود اعلام وثقافة أحاديين تمجدان شخص الحاكم، الى جانب ضعف الوعي الديمقراطي وغياب المؤسسات الرقابية الجادة.

ويتضخم مرض عبادة الشخصية أكثر فأكثر في المجتمعات الدينية، وذلك لأسباب كثيرة، منها، نوع الثقافة التي رسخها سلاطين المسلمين والتي تقول بأن الحاكم هو ظل الله في الأرض، فكيف يجوز إذن محاسبته ومساءلته ؟ كما أن كل موظف يعينه السلطان هو ظل الله في الأرض بالنيابة أو بالواسطة، وان الأرض التي يمشي عليها السلطان، هي ملك له، لا يجوز التصرف بها، وهكذا.

كما أن لاختلاط مفهومي التقديس والاحترام عند الناس، يحول دون مساءلة الحاكم، فبينما يعني التقديس طاعة السلطان على كل حال، فان الاحترام يعني تقدير علمه وعمله الصالح، من دون أن يعني ذلك إتباعه بعيون مغمضة.

ولقد حارب الإسلام وقادته الميامين التقديس أشد محاربة، فعندما سئل رسول الله (ص) عن معنى الآية المباركة {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا اله إلا هو سبحانه عما يشركون} وفيما إذا كانت الأقوام السالفة قد عبدت علماءها بالفعل بدلا عن الله تعالى، قال {لا، وإنما أمروهم فأطاعوهم}.

لنقرأ معا هذا الحوار الرائع بين الرسول الكريم وأحد أفراد رعيته، والذي يشير الى مدى بساطة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، التي كرسها رسول الانسانية (ص):

بينما النبي (ص) في الطواف، اذا سمع أعرابيا يقول؛ يا كريم، فقال النبي خلفه، يا كريم، فمضى الأعرابي الى جهة الميزاب، وقال يا كريم، فقال النبي خلفه، يا كريم.

فالتفت الأعرابي الى النبي، وهو لا يعرفه، وقال له؛ يا صبيح الوجه، يا رشيق القد، أتهزأ بي لكوني أعرابيا؟ والله لولا صباحة وجهك ورشاقة قدك، لشكوتك الى حبيبي محمد (ص).

فتبسم النبي وقال؛ أما تعرف نبيك يا أخا العرب؟ قال الأعرابي؛ لا، قال النبي، فما ايمانك به؟ قال، آمنت بنبوته ولم أره، وصدقت برسالته، ولم التقيه، فقال النبي، يا أعرابي، اعلم أني نبيك في الدنيا وشفيعك في الآخرة، فأقبل الأعرابي يقبل يد النبي (ص) فقال له النبي؛ مه يا أخا العرب، لا تفعل بي كما تفعل الأعاجم بملوكها، فان الله سبحانه وتعالى بعثني لا متكبرا ولا متجبرا، بل بعثني بالحق بشيرا ونذيرا.

فهبط جبريل على النبي، وقال له، يا محمد، السلام يقرؤك السلام ويخصك بالتحية والاكرام، ويقول لك، قل للأعرابي لا يغرنه حلمنا ولا كرمنا، فغدا نحاسبه على القليل والكثير، والفتيل والقطمير، فقال الأعرابي، أو يحاسبني ربي يا رسول الله؟ قال، نعم يحاسبك ان شاء، فقال الأعرابي، وعزته وجلاله، ان حاسبني لأحاسبنه، فقال النبي (ص) وعلى ماذا تحاسب ربك يا أخا العرب؟ فقال الأعرابي، ان حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته، وان حاسبني على معصيتي حاسبته على عفوه، وان حاسبني على بخلي، حاسبته على كرمه، فبكى النبي حتى ابتلت لحيته.

فهبط جبريل على النبي، وقال، يا محمد، السلام يقرؤك السلام، ويقول، يا محمد، قلل من بكائك فقد ألهيت حملة العرش عن تسبيحهم، وقل لأخيك الأعرابي، لا يحاسبنا ولا نحاسبه، فانه رفيقك في الجنة.

بهذا الخلق ربى الرسول الكريم المسلمين، وبعقل منفتح غير متعصب أو متحجر كان يصغ اليهم ويحاورهم ويسمع منهم، فلا اكراه ولا فرض ولا اجبار على ايمان أو معتقد، ولا تقديس مزيف، ولا هم يحزنون.

كما أن لاستغلال بعض (رجال الدين) طيبة وبساطة الناس وإيمانهم الكبير بالدين واحترامهم لعلمائه، دور في تكريس مرض عبادة الشخصية، الذي ينسف مبدأ المساءلة من جذوره، فكم من أتباع لهذا (المعمم) أو ذاك، شنوا الحروب وتقاتلوا مع الآخرين من أجل صاحبهم، من دون أن يعرفوا لماذا؟ وعلى ماذا يتقاتلون؟ وما الصراعات المرجعية والحروب الباردة، والساخنة بين المعممين، التي يشنها أتباعهم بالنيابة، الا دليل على ذلك.

ايضاً، للتربية الحزبية الشمولية دورٌ كبيرٌ في استفحال مرض (عبادة الشخصية) اذ تكرس هذه التربية لدى الأعضاء الالتزام المطلق بنظرية (نفذ ولا تناقش) وتعليمهم أن الزعيم شخصية متكاملة لا يمكن أن تخطىء وبالتالي فلا داعي لمراقبته أو مساءلته، خاصة في التنظيمات ذات القيادة (الدينية) أو (العشائرية) أو تلك التي تستنسخ تجارب اليسار في المعسكر الشرقي المنهار.

وهناك تناسبٌ عكسيٌ بين المساءلة والجهل، فكلما كانت نسبة الأمية والجهل عالية، كلما خبت فاعلية المساءلة، والعكس هو الصحيح، لأن المجتمع الجاهل والأمي أكثر استعداداً لأن ينظر بقدسية إلى الزعيم وتنزيهه عن الخطأ ما يؤدي إلى تخلي المواطن عن حقه في المساءلة.
أضف إلى ذلك، تلغي (عبادة الشخصية) كل محاولات صناعة الرأي العام التي تبذلها مؤسسات المجتمع المدني، والإعلام الحر، إذ أن كلمة واحدة من (معبود الجماهير، الزعيم الموهوب) قادرة على نسف تأثير مئات المقالات والحوارات، ولذلك، لا نجد في البلاد التي تبتلي شعوبها بهذا المرض، معنى للرأي العام، لأن كلمة الزعيم (قرآنا) فوق أي كلام آخر، ولذلك فاننا نجد صناعة (الرأي العام) رائجة في البلاد التي يحكمها النظام الديمقراطي، الذي لا يشكو من مرض (عبادة الشخصية) أما في البلدان التي تحكمها الأنظمة الشمولية، الوراثية والعسكرية، فلا تجد لهذه الصناعة أي رواج، لأن الحاكم هو الرأي العام، وأن السلطة هي التي تنفرد بقيادة هذا الرأي العام في البلاد، وان كل من يحاول أن يسبح عكس هذا التيار، فسيكون مصيره السجن والمطاردة وبالتالي القتل والالغاء من الحياة.

وإذا أردنا أن نحيي مبدأ المساءلة من جديد، لندفع الناس إلى المشاركة الفعلية والحقيقية في الشأن السياسي العام، علينا أولا أن نصحح المفاهيم الخاطئة التي عشعشت في أذهانهم، وأولها (عبادة الشخصية) إذ يلزم أن يفهم الناس بأن ذلك ليس من الإسلام أبدا، بل إن الإسلام ورسوله وأئمته حاربوا ذلك أشد محاربة، لأنه يعطل دور الإنسان ويحجر على عقله ويحوله إلى عبد ذليل يتبع الحاكم بلا بصيرة، كما أنه يرسم سقفا للناس، يخشون تجاوزه، فيظلون يعيشون تحته إلى أبد الآبدين.

يلزم إثارة (الدافع الذاتي) عند الناس، ليمارسوا واجب المساءلة مع كل من يتصدى للشأن العام، وان كان عابدا زاهدا ورعا تقيا.

كما يلزم إحياء مبدأ المسؤولية عند الناس، ونسف الاتكالية والاعتماد على الآخر في إدارة البلاد، وترديد المقولة السيئة (ما لنا والدخول بين السلاطين) أو (ضعها برأس العالم، واخرج منها سالما) وما إلى ذلك من الأمثلة التي تعبر عن واقع ثقافي سئ، والتذكير بأن الإنسان (كل إنسان) مسؤول عن كل ما يجري حوله، ليس في الآخرة فقط، وإنما في الدنيا كذلك، ولذلك جاء في الحديث الشريف {ملعون ملعون من بات شبعانا وجاره جائع} هذا يعني أن كل مواطن، وليس الحكومة فقط، مسؤول عن الحالة المعيشية للمواطنين الآخرين، الأقرب فالأقرب.

إن المسؤولية هي روح المشاركة، أما المساءلة فهي إطارها الصحيح السالم، ولذلك حث القرآن الكريم العباد على التحلي بروح المسؤولية، بقوله {إن السمع والبصر والفؤاد، كل أولئك كان عنه مسؤولا} ومن الواضح فان هذه الجوارح هي التي تشكل مركز ثقل الإنسان وما يمارسه في هذه الحياة الدنيا.

كما أن لإعادة الاعتبار إلى مبادئ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاصلاح، دور في خلق مبدأ المساءلة في نفوس الناس من جديد، لأن هذه المبادئ العظيمة هي المبرر الحقيقي والصالح لدفع الناس إلى مساءلة الحاكم، ولأنه ليس في هذا العالم من يحرم تطبيقها عليه، لذلك فان المساءلة، بدورها، لا يجوز أن نستثني أحدا منها.

لقد بذل الإسلام وقادته، جهدا كبيرا من أجل تأصيل هذه المبادئ، لأن غيابها عن المجتمع، يغيب روح المسؤولية وبالتالي يغيب معها مبدأ المساءلة، وهو أول طريق الاستبداد السياسي، ولهذا السبب وردت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تحث على مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما في قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} لأن بقية الأمم كانت لا تنهى الحاكم عن فعل الشر وكانت تطيعه طاعة عمياء وتخشى مساءلته، ولذلك انهارت قواعدها.

أما رسول الله (ص) فيقول بهذا الصدد {كيف بكم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيسلط الله عليكم شراركم، فتدعون فلا يستجاب لكم}.

نحن، إذن، أمام خيارين، لا ثالث لهما، فإما أن نحيي مبدأ المساءلة، ما يعني إلغاء عبادة الشخصية، أو أن نظل نسترسل مع هذا المرض، ما يعني إلغاء مبدأ المساءلة، لأن الأمرين متناقضان لا يمكن أن يجتمعا أبدا، فأيهما سنختار، ونحن نسعى لبناء نظام سياسي صالح، من أول شروطه الرقابة الشعبية ومساءلة الحاكم؟.

بانتظار ذلك اليوم الذي لا نرى فيه المواطنين يركضون خلف سيارة الزعيم، يلهثون كالقطط، وهو الذي تسلط عليهم بقوة الحديد والنار، من دون أن يستشيرهم أو يأخذ برأيهم، وبانتظار اليوم الذي تنتشر فيه ظاهرة المساءلة والمراقبة والمحاسبة للحاكم، في الساحات العامة، وكلما خرج الحاكم الى رعيته يريد أن يخطب فيهم، فالى متى يبقى الحاكم هو المتحدث الوحيد، وعلى الناس أن يصغوا اليه متسمرين أمامه لساعات، فاغرين أفواههم أمامه، لا ينبسون ببنت شفة؟.

23 آب 2006