١٥‏/٣‏/٢٠٠٦

عبد الوهاب البياتي: سيرة ذاتية لسارق النار

عبد الوهاب البياتي: سيرة ذاتية لسارق النار


t1901 خالد المعالي

عندما توفي الشاعر عبدالوهاب البياتي في الثالث من اب عام  1999ودفن، بناء على وصيته، في مقبرة الشيخ محيي الدين بن عربي ( توفي عام 1240م) بدمشق، ذلك الشاعر والمتصوف العربي المعروف، يكون البياتي قد استشرف هذا المسار منذ بدايته تقريباً، وكانت خطاه تعبيراً صريحاً عن رؤاه الشعرية والإنسانية، وكان ذلك متماهيا مع شعراء عصره أمثال التركي ناظم حكمت الذي خصه قبيل وفاته المفاجئة عام (1963) بكلمة تقريضية لأحد دواوينه المترجمة الى الروسية، أو شعراء أخرين مثل: لوي أراغون، غارسيا لوركا، بابلون نيرودا، رفائيل البرتي أو فلاديمير ماياكوفسكي أو حتى كاتباً كأرنست همنغواي، أو البير كامو... فالبياتي كان مثال الشاعر الكوزموبولتي، وهم لم يفته في غمار كل هذا التوزع أن يأخذ بطرف من لواعج الصوفيين المسلمين.. فالذي كان يعني الشاعر هو إقامة العدل على الأرض.
إلا أنه شاعر كانت تغريه منذ البداية لعبة تغريب المكان، لعبة أن تكون واقعياً، فيما أنت توهم بالواقع، الأمر الذي دفع شاعراً كأنسي الحاج، إلى أن يكتب مبكراً عن شعر البياتي وذلك خلال عرضه لأحد دواوين الشاعر البياتي وعن حق: " انتقلت في الاسبوع الماضي إلى بلدان و(مدن) عديدة منها العراق، وفلسطين،  ومارسيليا في فرنسا، وشيكاغو، وطهران، والصين، وسوريا، ومراكش وتونس والجزائر.. وكان بودي لو أبقى مدة طويلة في " وارشو" بعدما ذهبت اليها على جناحين من الشوق عبر شعر البياتي.. ذلك أن شعر البياتي في " حريته" وشبه كونيته وشموله، ينقلك- ولو بالرائحة- الى افريقيا الشمالية أو إلى الصين فيجعلك- ولو بمقدار زهيد- حاضراً معه في تلك البلاد.." أنسي الحاج ( شعر، عدد ,19572).
فحينما بدأت حركة مايسمى بالشعر العربي الجديد، والتي كان رائداها بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، ذكرت أسماء إضافية أخرى الى جانبيهما، لكن اسم عبدالوهاب البياتي الذي  أخذ يتردد الى جانبيهما، بقي ثابتاً، بل أخذ يبرز ويتسع وينتشر. حتى اعتبر ثالث اسم في مجموعة التحديث الشعرية التي برزت في العراق. ففي مجموعته الشعرية الثانية( صدرت مجموعته الأولى : ملائكة وشياطين عام 1950، ولا علاقة لها بالتجديد المذكور) " أباريق مهشمة" التي صدرت طبعتها الأولى ببغداد عام 1954، ثمة قصيدة هي " سوق القرية" التي تبدو للقارئ العجول وكأنها تقليد محض لقصيدة بدر شاكر السياب " في السوق القديم"
التي كتبت في 1948/11/3، وربما هي كذلك من الجانب الخارجي، فربما أوحت تلك القصيدة المذكورة للبياتي بقصيدته تلك ، لكن البياتي استطاع من خلال استلاهمه لقصيدة السياب، كما يؤكد سركون بولص أن " يكتشف اسلوب المونتاج بوعي، فالبياتي استطاع بهذه القصيدة ان يكتشف تقنية التراكم وتوزيع اللقطات.. لكأن الشاعر بنّاء يشيد بيتا، لبنة لبنة، وحجرا فوق حجر". من قصيدة السياب المذكورة أعلاه ولدت تقنية البياتي التي ميزته وأعطته لونا جديداً وخاصاً.... ولكنه رغم محاولاته اللاحقة التوسع في  هذا المضمار، إلا أنه لم يخط أبعد من هذا كثيرا...
لقد عرف عن هذا الشاعر زهده ونقمته، وهما قد مثلا لديه أعز ما يملك،  فقد كان مكتفياً بما يقيم أوده، وكان متواضعاً بشكل ثر، تجده حتما حينما تريده، ولست أنسى لقائي به للمرة الثانية ( ذلك أن المرة كانت عام  1976وكان عمري عشرين عاماً، في مكان عمله بوزارة الثقافة العراقية ببغداد، حينما قدمت اليه من قريتي البعيدة، طالباً نصيحته في محاولاتي الشعرية الأولى) حيث وجدته هكذا صدفة أمامي في مقهى المودكا( مقهى شعبي يؤمه الأدباء في وسط بيروت) جالساً في شارح الحمرا... وحينما منحت له جائزة العويس  لانجازه الشعري ( وهي جائزة ذات مردود مالي معقول) تكفل البياتي بنشرة عدة مجاميع شعرية لشعراء عراقيين مقطوعين ( ذلك أن دور النشر العربية اليوم وربما البارحة أيضاً، لا تنشر دواوين شعرية الا على حساب مؤلفيها، إلا فيما ندر). ثم لم يكتف بهذا، اذا قام بسابقة وهي تمويل جائزة شعرية باسمه من أجل اسناد الشعراء الجدد.
كان رهان البياتي على أهمية التجربة أساسياً، تاركاً للتجريب أهمية دنياً وهامشاً ضئيلاً، فهو يرى مثلاِ، وهو محق تماماً في هذا، بأن تجربة شاعر مثل أدونيس " ليست لها جذور فلسفية أو وجودية، وهي تنطلق من الكلمة الى الكلمة، وتقفز من اللفظ الى اللفظ، ولا تحدق فيما وراء الكلمات والألفاظ.. وليس في جهده أية معاناة حقيقية" ذلك  أن الحداثة والتجديد حسب رأيه " ينبعان من المعاناة الروحية والمادية معاً".. والمتأمل لعمل أدونيس فهو  يراه " يجلس متأملاً وقارئاً، ويعيد  انتاج ما قرأ، وأحياناً بالأسلوب نفسه... لهذا ترى أن تأِثيره سطحياً ولفظياً أكثر مما هو تأثير عميق وحقيقي.." وبهذا التعبير الذي ورد في حوار نشر بعد وفاته، يكون البياتي قد استطاع وصف شعر أدونيس بدقة!!
ولد عبد الوهاب البياتي( عائلته ذات أصول تركية على الأغلب) عام  1926بقرية صغيرة قرب بغداد، سكنت عائلته فيما بعد بغداد في محلة " باب الشيخ" قرب مرقد " الكيلاني" ( متصوف معروف وله أتباع في آسيا) وهناك أكمل دراساته الأولية، ليلتحق لعام في الكلية العسكرية، التي سيتركها الى دار المعلمين العالية التي حصل منها على ليسانس في اللغة العربية وآدابها عام   1950.مارس التدريس في المدارس العراقية، حيث كان من تلاميذه في مدينة الرمادي الشاعر العراقي سركون بولص، شارك في تحرير مجلة " الثقافة الجديدة" التي أصدرها الحزب الشيوعي العراقي، ففصل على أثرها ( 1953) من وظيفته وطورد مما اضطره الى مغادرة العراق فيما بعد، الى سوريا ثم بيروت والقاهرة، حيث أقام هناك وعمل محرراً ثقافياً في جريدة " الجمهورية" القاهرية.
ساهم انضمامه للحزب الشيوعي العراقي (رغم ادمانه التغيب عن الاجتماعات الحزبية، كما يعترف الشاعر العراقي المعروف سعدي يوسف، الكرمل، عدد ,199961) في ابراز شهرته وتكريسه كشاعر اليسار العربي التقليدي بامتياز، حيث نشرت كتبه في طبعات عديدة وتداولتها الأيادي كمنشور سري، كما ترجم العديد من دواوينه الى لغات مختلفة، وعلى الأخص في " البلدان الاشتراكية" ولم تحظ بالاهتمام في البلدان الأخرى الا بعد سنوات فيما بعد. إلا أنه لم يمنح مثلاً جائزة " لينين"، بل نالها " شعراء" عرب لا أهمية تذكر لهم بتاتاً، بل لا يتذكرهم اليوم أحد ما. شارك في الكثير من اللقاءات التي كانت تعقد آنذاك، مثل مؤتمر الكتاب والفنانين العالمي الذي عقد بدعوة من مجلس السلم العالمي الذي عقد عام  1958في النمسا، وعلى إثرها دعي الى زيارة الاتحاد السوفيتي وهناك تعرف شخصياً الى الشاعر التركي ناظم حكمت.
عاد الى بغداد بعد قيام ثورة  14تموز  1958حيث عين  مديراً للتأليف والترجمة والنشر في وزارة المعارف العراقية، ثم عين ملحقاً ثقافياً في سفارة العراق بموسكو عام 1959.لكنه ترك هذا العمل عام  1961وعمل استاذاً في الجامعة وفيما بعد براديو موسكو حتى عام  1964.سافر الى مصر عام 1964، بعد أن أسقطت عنه جنسيته وسحب منه جواز سفره عام  1963، وأقام هناك حتى عام  1972وفي أثناء ذلك أعيدت له جنسيته عام 1967، فعاد عام  1971الى بغداد وعمل مستشاراِ  في وزارة الثقافة العراقية حتى عام  1979ومنذ عام  1980مستشاراً ثقافياً في سفارة العراق بمدريد حتى تقاعده عام 1990،
حيث عاد الى بغداد وخرج منها بعيد انتهاء حرب الخليج عام  1991حيث أقام في عمان/ الأردن حتى عام....؟؟ أسقطت عنه جنسيته ثانية، ومنذ عام أقام في دمشق حتى وفاته. وقد نشرت الصحافة العراقية الرسمية ببغداد عنه خبرا مقتضباً جداً عن وفاته ومليء بالسموم، فهو أشار الى أن المتوفي حظي بعناية خاصة من لدن صدام حسين، وذلك بتعيينه مديراً للمركز الثقافي العراقي في  مدريد، وكم تبدو هذه الإشارة لئيمة، ذلك أن الشاعر كان عام  1959مستشاراً ثقافياً وأسقطت عنه جنسيته لمرتين ومن لدن النظام ( وحزبه الحاكم) ودفن حال حال المئات من العراقيين المنفيين خارج بلاده.
لقد حاول البياتي أن يكون سارقاً للنار من أجل البشر، ومهما كانت هذه الطريق وعرة ومليئة بالمطبات التي قد تكون قد قادته خلال مضائق شائكة، إلا أنه ربما كان يصف نفسه.. " أنا منفي داخل نفسي وخارجها، مبصر وأعمى، ميت وحي في حوار أبدي، صامت مع موتي في رحلة الليل بالنهار.. ان اليقظة التي أعيشها، والوعي الحاد بالعالم والأشياء جعلاني أشبه بالشاهد والمتهم والقاضي.".

حول كتاب تاريخ كيمبردج للأدب العربي

حول كتاب تاريخ كيمبردج للأدب العربي د. السبيل لـ "الرياض":فكرة إخراج الكتاب نبعت من قيمته في الأوساط الأدبية العربية والغربية


T444 حوار - يحيى الأمير

واحد من ابرز المؤلفات التي اخرجها نادي جدة الأدبي والثقافي ضمن ما تفعله المجموعة المنتجة القائمة على هذا النادي وأعماله، من رأسه من عبدالفتاح أبومدين وانتهاء بجميع اعضائه والعاملين فيه.
هكذا يصبح العمل الثقافي والادبي هماً قومياً وتصورا امميا يفتح المغلق والمغيب والمنسي ويأتي به الى دائرة الضوء.
هذا ما صُنع مع كتاب: تاريخ كيمبردج للأدب العربي، الذي تناول جميع عصور الادب العربي بدءا بالجاهلي وانتهاء بالعصر الحديث، ومع ما يشكله هذا الكتاب من اهمية بالغة بمختلف اجزائه ظل مغيبا ومنسيا وبعيدا عن الاهتمام من المؤسسات والهيئات الثقافية العربية ناهيك عن الداخلية، حتي نبه الاوفياء في نادي جدة الى حيويته واهميته وحسرة غيابه فقاموا بترجمة الجزء الأخير منه والذي يختص بالادب العربي الحديث ويضم خمسة عشر بحثاً كالتالي:
1- الخلفية لمحمد مصطفى بدوي وترجمة د. محمد الشوكاني.
2- الترجمات والتبني لبيير كاكيا وترجمة كذلك د. الشوكاني.
3- الشعراء الاحيائيون ل: س. شوميخ وترجمة احمد الطامي.
4- الشعراء الرومانسيون ل. أوستل وترجمة محمد العبداللطيف.
5- شعر الحداثة لسلمى الجيوسي وترجمة سعد البازعي.
6- نشأة الرواية لروجر ألن وترجمة لمياء باعشن،
7- الرواية الناضجة خارج مصر لروجر ألن وترجمة محمد القويفلي.
9- الرواية المصرية من زينب إلى  1980الميلادي كيلباترك وترجمة حسن النعمي.
9- القصة القصيرة الحديثة لصبري حافظ وترجمة عبدالعزيز السبيل.
10- المسرحية العربية.. التطورات المبكرة لمحمد مصطفى بدوي وترجمة ابتسام صادق.
11- المسرحية العربية منذ الثلاثينات لعلي الراعي وترجمة صالح الغامدي.
12- كتاب النثر لبيير كاكيا وترجمة عفت خوقير.
13- النقاد لبيير كاكيا وترجمة سعاد المانع.
14- الكاتبات العربيات لمريم كوك وترجمة أبو بكر باقادر.
15 شعر العامية لمارلين بوث وترجمة عبدالله المعيقل وسالم الخماش.
أسئلة ملحة وكثيرة يطرحها هذا الكتاب ناهيك عما يمثله ما طرح للتصور القائم عن الأدب العربي عند الآخر، أضف إلى ذلك الطرح المختلف عما درج عليه احيانا عند المؤرخين العرب، واسئلة كثيرة عن مصير بقية الأجزاء وعن المناطق العربية التي حضرت ضمن هذا الكتاب وغياب مناطق اخرى، والمنهج الذي اتخذه مختلف الكتاب في تناول الموضوعات التي بحثوها، ووجود كتاب عرب ومدى التباين او التشابه بين طرحهم وطرح سواهم من غير العرب الدكتور عبدالعزيز السبيّل استاذ الادب والنقد بجامعة الملك سعود بالرياض، كلية الآداب، وصاحب مشوار عريض مع نادي جدة هذا النادي الذي يمثل حرجاً لبقية الاندية بنجاحه واشتماله على اسماء كانت بجهودها خلف ذلك النجاح.
الدكتور السبيل احد محرري الكتاب والقائمين عليه اعدادا وترتيبا بل ومشاركة من خلال ترجمته لاحد البحوث التي تضمنها الكتاب.
تواصلنا معه في ثقافة اليوم مبتهجين متسائلين متداخلين حول هذا الكتاب بالغ الأهمية.. وانجلى ذلك التواصل عن هذه المحاور والاسئلة ضمن الحوار التالي:
ما الفكرة المشروعية التي تقف خلف اختيار الكتاب وتبني اخراجه؟
- نبعت الفكرة من قيمة الكتاب في الأوساط الأدبية سواء كانت عربية او غربية او القارئه لهاتين اللغتين، ومن جانب آخر كنا نبحث في اطار ادبنا العربي عن كتاب يتسم بالشمولية في تناول موضوعات الادب العربي الحديث ولم نجد كتاباً يتسم بهذا الطابع الشمولي لكافة اجزاء وجوانب الادب العربي ولذلك ثم اقتراح ترجمة هذا الكتاب من قبل متبني نشر هذا الكتاب وهو نادي جدة الأدبي.
ما أبرز القضايا والمحاور التي تناولتها هذه الدراسات؟
- الكتاب يتناول جزئيات متكالمة وشاملة بالنسبة للأدب العربي الحديث شملت الشعر باتجاهاته المختلفة بدءا من المدرسة الاحيائية وانتهاء بقصيدة الحداثة وما بينهما، الرواية ايضا منذ البدء إلى وقتها الحاضر، القصة القصيرة، المسرحية، جوانب أخرى ككتاب النثر والكاتبات العربيات، وغير ذلك.
هل للكتاب أجزاء اخرى تتناول مراحل مختلفة من الأدب العربي؟
- نعم.. الكتاب في أصله اربعة اجزاء، لكن نحن في المرحلة الأولى ركزنا على هذا الجزء والمتعلق بالادب العربي الحديث كمرحلة اولى ونأمل ان يكون بالامكان ترجمة الاجزاء الثلاثة المتعلقة بالادب القديم.
ما المرحلة الادبية التي شملتها بقية أجزاء من هذا الكتاب؟
- بدأت الدراسات من العصر الجاهلي وصولاً الى هذا العصر وهي خمسة مجلدات احدها الى نهاية العصر الاموي واثنان للعصر العباسي وآخر للادب الأندلسي.
متى بدأ تبني جامعة كيمبردج لهذا المشروع؟
- بالنسبة لهذا الجزء الخاص بالأدب العربي الحديث فقد صدر حسب علمي عام 1992م.
هل ينتمي كتاب هذه الدراسات لمدرسة فكرية معينة او توجه معين يعتبر جامعاً بينهم؟
- في الدرس الاكاديمي ومن خلال القراءة الاكاديمية يصعب تحديد ما اذا كان هذا الكاتب او ذاك صاحب توجه فكريّ معين على اعتبار ان هؤلاء الكتاب يتناولون هذه القضايا من منطلقات اكاديمية بحتة وكان هناك حرص على التعامل مع النصوص اكثر من محاولة اضفاء ايديولوجية معينة على هذه الكتابات، ثم انني انظر اليهم على انهم كتاب عرب فهم ممن درسوا الثقافة العربية دراسة واسعة وكل اهتماماتهم تصب على التأليف والكتابة في الادب العربي ولذلك فكل الذين ساهموا في هذا الكتاب لديهم كتابات كثيرة ومتعددة عن الأدب العربي.
ما القيمة المنهجية التي يضيفها هذا الكتاب على ما سبق وطرحه مؤلفون عربٌ في هذا المجال؟
- هنا تأتي مسألتان الأولى الرؤية التي نستطيع وصفها بالرؤية الموضوعية التي يشتمل عليها الكتاب في رؤيته الشمولية للأدب العربي الحديث، والثانية: شمولية الطرح في كتاب واحد يتناول هذه الاجزاء وهي اجزاء متكاملة.
بماذا يتميز هذا الكتاب في منهجه وتناوله عما طرح المؤلفون العرب من تاريخ للادب العربي؟
- انا لست هنا في مجال أن اقول: إن هذا الكتاب يتميز عن بقية الكتب الاخرى دعنا نقول انه يختلف كما يختلف اي كتاب عن كتاب آخر لكن يمزج هذا الكتاب بين جانبين الجانب التاريخي والجانب النقدي في التعامل مع النصوص، ولأن الكتاب كتب باللغة الانجليزية فلذلك يحرص مؤلفوه على الدخول في بعض التفصيلات لإعطاء القارئ الغربي وغير المتعرف بشكل كبير على الأدب العربي وهي تفصيلات شعرنا معها بان القارئ العربي لا يزال بحاة اليها، ففي كثير من المؤلفات العربية يتصور المؤلف العربي ان هذه قضية معروفة للقارئ فيتجاوز الكثير من المفاصل الادبية تاريخيا وفكريا لينطلق إلى فضاءات اخرى انما الامر ليس كذلك دائماً، نلحظ كذلك جانب التوثيق وبالذات فيما يتعلق بوفاة الكاتب وولادته وصدور الكتاب ودقة هذه المعلومات، انما لا يزال كثير من كتابنا العرب لا يهتم بهذه المسائل الاكاديمية الدقيقة وهي تلعب دوراً كبيرا في فهم النصوص ووضعها في اطارها التاريخي.
ما مدى اعتماد هؤلاء الكتاب على مصادر الأدب القديم ورجوعهم إليها لتأطير مسيرة الأدب العربي؟
- انت تعلم أن الكتاب يتحدث عن الأدب العربي الحديث وبالتالي فهو ليس مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالكتب الأدبية القديمة لكن حينما تقرأ تشعر أن الكتاب كان على وعي ومتابعة بالأدب العربي عموماً، ولذلك تلحظ أن كل واحد منهم كتب فصلاً يدخل ضمن إطار اهتمامه واختصاصه فروجر آلن مثلا لم يكتب عن الشعر شيئاً على اعتبار أن اهتمامه هو السرد والرواية تحديداً فبالتالي يرِّكز على جانب الرواية لان هذا هو الفن الذي يلم به ويتابعه منذ وقت طويل.
الا يمكن اعتبار ما تقوم به جامعة كيمبردج نوعا من الدراسات الاستشراقية خاصة في ضوء المفاهيم الحديثة والمستجدة في الدرس الاستشراقي؟
- انا لا ارى ان يدخل في هذا الاطار على اعتبار ان هؤلاء لا يدرسون الادب العربي ليقدمونه للعرب بتفسير مختلف بقدر ما هم يقدمونه للقارئ كمحاولة لتعريف بهذا الأدب والتعريف بالبصمات الكبرى التي تركها في مراحل مختلفة.
لكن الاستشراق له تجليات ومظاهر مختلفة غير ما ذكرت من انه تقديم المدروس لاهله بصورة مختلفة؟
- علينا ان ندرك في مثل هذه الحالة وحين التعامل مع مثل هذه الكتابات انها ليست من منطلقات استشراقية بل من منطلقات استشرافية فانا لا اجد فرقاً وانا اقرأ لصبري حافظ او لمادلين بوث، لانهما تبنيا هذه الثقافة لدرجة نشعر معها وكأنهما اصبحا جزءاً منها خلاف بعض الدراسات الاستشراقية التي تنطلق من محاولة تفسير بعض الرؤى العربية وبعض مظاهر الأدب العربي من منطلقات علاقتها بالغرب او الجانب الصدامي او مراحل العلاقات غير الايجابية بين العربي والغربي.
هل قامت جامعة كيمبردج بمثل هذا المشروع مع آداب أخرى غير عربية؟
- حدث ذلك مع آداب عالمية منها الأمريكي والانجليزي والألماني والإيطالي والروسي وأدب أمريكا اللاتينية.
على اعتبار أنهم صنعوا ذلك أم لم يصنعوه ترى ما المبرر الاختياري لتناول الأدب العربي بدراسات في مثل هذا الكم؟
- جامعة كيمبردة تدرك قيمة العربي وهي من الجامعات العريقة التي تقدم الأدب العربي وهناك أقسام كثيرة لدراسة الأدب العربي وبالتالي ففكرة وجود الأدب العربي من جامعة كيمبردج هذا ليس امراً جديداً او مزيدا فنحن ندرك لو اخذنا كمثال: مجلة الأدب العربي التي تصدر من هولندا وهي احدى المجلات المتخصصة في جامعة انديانا هناك سلسلة متخصصة تصدر عن الادب العربي والادب الاسلامي، وهكذا في جامعات كثيرة حينما تشتمل على اقسام تهتم بالدراسات الشرقية والدراسات العربية والاسلامية بشكل خاص، فبالتالي جزء من عمل هذه الاقسام ان تحاول خدمة هذا الادب وتقديمه.
كيف تعاملت الدراسات من الوجهة النقدية مع النصوص التي تعرضت لها؟
- احيانا يتعامل مع النص على انه نص فقط، وهذا ليس بالمستمر فاحيانا يتعامل معه بصفته وثيقة تاريخية فنحن ندرك انه حصل للشعر العربي وللرواية العربية تحولات ليست فنية وان كانت نتائجها فنية الا ان التحولات سياسية وايديولوجية وبالتالي اثرت على الاتجاهات الفنية في الادب ولذا تجد بعض الدراسات محاولة للاشارة لابرز هذه التحولات، اضف الى ذلك التعامل مع النص بمفرده ودلالاته الرمزية.
مؤخراً صدر عدد جديد من مجلة (فيندوت) أو النافذة وهي مجلة نرويجية، صدر العدد خاص بالأدب العربي وبخاصة الحديث واشتمل العدد على دراسات ذهب اكثرها الى الربط الاكتشافي بين ما يقدمه الأدب وبين صورة الحياة التي انتجت هذا الادب، كيف ترى هذا الطرح وهل قام كتاب كيمبردج على شيء من ذلك؟
- هنا يصعب الإلمام برواية كل كاتب حول ما طرحه لاننا نتعامل مع كثير من الاسماء والاعمال انما علينا ان ندرك مسألة مهمة ان وجهة نظر الناقد لابد ان تكون موجودة سواء كان مداحاً ام قادحاً، ام متعاملاً بحيادية ونحن نطلب من الناقد أن يكون له حضوره، ولذلك فهناك آراء مبثوثة ومطروحة على كل حال حول هذه المسائل ولكن الرؤية العامة التي أجدها في هذا الكتاب هي: غياب اعطاء وجهة نظر شخصية حول قضية من القضايا بقدر ما كان الحرص على تقديم الواقع فهو اشبه ما يكون بالمسح التاريخي او البانوراما التاريخية للأدب العربي الحديث اكثر من كونه تعاملاً نقديا نصيا مع معطيات هذا الأدب.
القارئ لم يطلع على الادب العربي بشكل متزن وممنهج.. هل تثق في ان الصورة التي يقدمها هذا الكتاب هي الصورة الوافية والمراد بعثها وتقديمها؟
- اثق في ان هذا الكتاب سيعطي صورة تقترب الى حد كبير من الواقع واكاد اجزم ان مثل هذا الكتاب لا يعدو ان يكون نافذة الى قراءة الأدب العربي في اطاره العام لكنه لا يدخل في كافة التفصيلات وان كانت تختلف من كاتب الى آخر، وبطبيعة الحال فمن المشاكل التي لاحظناها في هذا الكتاب التركيز على الآداب في مناطق معينة دون غيرها. وهي المراكز الثقافية التقليدية، مصر، الشام، فانا شخصياً ارى ان القاهرة، بيروت، دمشق، لم تعد هي المراكز الثقافية، تقليدياً هذا الكلام صحيح لكن الوضع الآن خلاف ذلك وهذا يقودنا الى اشكالية في تعاملنا مع الأدب العربي فما زال الأدب في مصر والشام مثلا يأخذ الحيّز الاكبر في دراسة الأدب فنحن في الجزيرة العربية أو في المغرب العربي، او السودان نعاني من ان الادب في هذه المناطق الى الآن لم يتم تناوله في مصر والشام.
من الاسباب توفّر هذه النصوص وان ابناء هذه المناطق ما زالوا تحت التأثير الثقافي القديم فهم حتى في الكثير من دراساتهم يتجهون الى دراسة تلك الآداب، فمن مظاهر هذا انك وانت تتحدث عن الادب الرومانسي ليس هناك حديث الا عن مصر وكأن الجزيرة العربية والمغرب مثلا لم يوجد فيها هذا التيار، بل حتى التيار الحداثي يتم التركيز في دراسته على تلك المناطق التقليدية، تأتي الى الرواية فلا تجد ذكرا لها الا في تلك المناطق، ولذلك رغم ثقتي في هذا الكتاب رغم شموليته الا انه ظل في اطار ضيق من حيث المساحة الجغرافية وفي ان الكتاب ظهر في التسعينات او قبل ذلك وحينما نتساءل نحن مع هؤلاء الكتاب تجد ان الاشكالية هي عدم توفر الكتب والمصادر لديهم.
مريم كوك في تناولها للكاتبات العربيات ذكرت بعض الاسماء من الجزيرة العربية وكان المصدر الذي اعتمدت عليه هو كتاب: ليلى محمد صالح أدب المرأة في الجزيرة العربية وهو كتاب جميل وجيد لكنه ليس كتابا نقديا مما يعطينا دلالة انه حتى الكتب التي ألفت عن ادبنا في هذه المنطقة لم يصل بعد الى كثير من دور العلم والدراسات والثقافات المختلفة وهذا ما تعاني منه كثير من البلدان العربية التي ظل ادبها - رغم قيمته الفنية الكبرى - محصورا في المنطقة الجغرافية الضيقة التي يعيش فيها.
وهذا لا يعني ان قصر الفترة العمرية للأدب او حداثة استهلاله كحركة يمثل عذرا فالآن ونحن في بداية قرن جديد وهناك انتاج ادبي ضخم سواء في الجزيرة العربية او غيرها من البلدان التي نشعر انها في منأى عن مراكز التأليف والنشر التقليدية كالشام ومصر فانا اشعر ان هناك مسؤولية يتحملها الأدباء والمثقفون والجهات الرسمية ذات العلاقة بالأدب المحلي فمن الضروري ان تبذل جهودا لايصال ذلك الأدب إلى مختلف المناطق والمراكز الثقافية والاكاديمية.
في رقبة من تعلق هذا الغياب لأدبنا وانتاجنا الثاقفي والابداعي؟
- الدور الثقافي والأدبي لا اعتقد انه في رقبة شخص او حتى مؤسسة واحدة لكن دعني اتساءل فيما يتعلف بالمؤسسات الثقافية المحلية من منطلقين: أولاً يجب ان تكون هناك قناعة من المؤسسة الثقافية بهذا الادب المنتج محليا، ثانيا: يجب أن يكون المسؤولون في هذه المؤسسات الثقافية على مستوى ثقافي واكاديمي وادبي بحيث يمكن لهم الحكم على هذه الاعمال، هناك جهود تبذل وهناك اموال تصرف ولكن في كثير من الاحيان نحن كثيرا ما نمزج بين الوجود الثقافي والاعلامي، فوجودنا في كثير من المثابر لا يعدو كونه وجودا اعلاميا اشبهه دائما بانه اقرب ما يكون للالعاب النارية التي تهج وتبهر في لحظتها لكنها سريعا ما تتلاشى ولذا فمن المهم ان نتحول نحن من هذا الوجود الإعلامي السريع الوضّاء المنطفئ بسرعة الى وجود آخر يتمثل في مستوى من الوجود افضل وحقيقي لادبنا بصورته الفعلية وصولا به خارج الحدود.
لو ان هذا المنتج الادبي وصل الى ارجاء مختلفة من الوطن العربي كيف تتوقع ان يكون تلقيه واين سيكون موقعه على ساحة الأدب العربي.
- دعني اعود تاريخيا لاتذكر طه حسين حينما اطلع على الشعر في الجزيرة العربية وفوجئ  بهذا المستوى وقال كأن للشعر القديم عودة لمنطقة الجزيرة العربية، وغيره كثير من الأدباء والنقاد العرب يفاجأون حينما يصلهم الادب المنتج في الجزيرة العربية لسبب بسيط فانا لا اعتقد ان انتاجا خاصا بالجزيرة العربية فنحن نتحدث مكانا فقط والا فهو استمرار واتصال لما هو منتج في الثقافة العربية فهؤلاء الكتاب هم انتاج للثقافة العربية وليس انتاجاً محليا صرفا، الا ان الغياب رسخ مسألة ثقافة الاطراف مع ان اصحاب ثقافة الاطراف هم اكثر ثقافة من ثقافة المراكز التقيدية في كثير من الاحيان.
المراكز والمؤسسات الثقافية المحلية الموجودة في الخارج الا ترى أنها ترسخ فقط مشهد الالعاب النارية والحضور الإعلامي فقط؟
- هذا - بكل أسف - ما اجده من خلال مشاهدة للكثير من الفعاليات سواء اكانت المؤسسات مقيمة في الخارج او جاءت على هيئة بعثات فقط وسأضرب لك مثلاً.. فقد تقام احيانا معارض - احيانا - للكتاب السعودي وتذهب فتفاجأ بغياب الكتاب الادبي والثقافي والابداعي ونجد الناس يتساءلون عن اسماء ثقافية وادبية معروفة فلا يجد شيئا لهم او عنهم وتكتشف ان الكتاب الممثل في هذه المعارض هو الكتاب الصادر من جهة رسمية حكومية اكاديمية او ثقافية. ونحن ندرك ان جزءا كبيرا من انتاجنا الثقافي والابداعي يصدر عن دور نشر تجارية محلية او عربية. هذا الانتاج يظل غائبا عن هذه المعارض وهذا يعني غياب جزء مهم من الثقافة المحلية، ويجدر بالجهات المنظمة ان تعمل على تلافي هذا القصور.
كيف يمكن ذلك؟
- الوسائل كثيرة وواضحة لمن يمثل هذا الامر بالنسبة له قضية، لكن عليك أن تدرك ان بعض المسؤولين عن هذه الفعالات الثقافية لهم باع طويل في العمل الاداري لكن الثقافة لا تمثل لهم هما او هاجسا، وما دام الامر كذلك فان نسبة التفاؤل تتضاءل.
هل هناك جديد ومختلف في تناول هؤلاء الكتاب والنقاد للأدب العربي - من خلال ما قرأت - عما هو موجود لدى الكتاب والنقاد العرب؟
- من خلال ما قرأت نجد ان هناك رؤى منثورة هنا او هناك تمثل فعلا شيئا جديدا او رؤية جديدة مثلها مثل تلك الرؤى التي يكتها ويبرزها الكتاب حول اي قضية ادبية يتناولونها.
العديد من الذين ارّخوا للادب العربي كان عملهم عبارة عن مسح تاريخي اصم دون تدخل او نقد لمراحل او اشخاص مثلا ما رأيك؟
- هذا الكلام قد يكون صحيحا بشكل عام لكن العديد من الكتاب توقفوا عند مظاهر معينة وابرزوا اشياء محددة وهذا يعد موقفاً بحد ذاته بالنسبة لكتاب كتّاب الادب العربي الصادر عن جامعة كيمبردج فهم لا يمثلون توجها واحدا بل كتب كل منهم بحكم اهتمامه وتوجهه ورؤاه لذلك تختلف هذه البحوث اذ تجد بعضها أقرب ما يكون للمسح التاريخي، في حين تجد بحثاً آخر تبرز فيه الرؤى النقدية والأحكام القرائية وبعضها يجمع بين هذا وهذا فهم في تناولهم الاكاديمي لا يسيرون على وتيرة واحدة فهناك الخط العام الاكاديمي الملتزم بشروط الخط الاكاديمي وهناك من يركز على تناول من ما في فترة معينة وهكذا.
هل ترى ان هناك حاجة لاعادة قراءة الآدب العربي وفق العقلية الجديدة والمحاكمة الجديدة ووفق ما ورثته الاجيال السابقة؟
- الأدب العربي - حتى الجاهلي منه - لا يزال هناك مجال كبير للتعامل معه والبحث فيه خصوصا حينما نبتعد عن تاريخ الادب الى دراسة الادب وهذه الدراسة لا اعتقد انها اعادة كتابة بقدر ما هي اضافة والاضافة مطلوبة ونحن نتوقع اننا في كل دراسة للنص الواحد عبر اذهان مختلفة اكاد اجزام اننا سنخرج برؤى مختلفة على اعتبار ان النص يظل حيا عبر الازمان.
نحن في دراسة نعيش مسكلة تقليدية كبرى تتمثل في انصرافنا إلى التاريخ اكثر من الادب، إلى اليوم لا نزال ندرس في مدارسنا وجامعاتنا الادب الجاهلي ثم الإسلامي، ثم الاموي ثم العباسي ونحن هنا لابد من تحول من دراسة الأدب عبر عصور التاريخ الى تناول الظواهر الادبية ودراستها عبر العصور لنرى ماذا يحدث من تحّول في مسار النص الأدبي.
البحوث والدراسات التي تناولت حركة الشعر الحديث وتحولاته هل ركزت على الخفيات والبواعث التي ادت الى تلك التحولات ووقفت خلفها؟
- في كثير من الاحيان - نعم - فالكير منها تربط بين التغيرات السياسية والاجتماعية وانعكاس ذلك على الأدب.
ماذا عن بقية الاجزاء.. ولم تأخرت ترجمة هذا الكتاب وتأخر الاحتفاء به؟
- اولا: لابد من وجود قناعة بأي عمل يراد ترجمته ولعل بعض الجهات رأت ان هذا العمل من قبيل (هذه بضاعنا ردت إلينا) هذا جانب، الجانب الآخر هو اننا في مؤسساتنا العربية لسنا على قدر كبير من التواصل مع ما يحدث في الغرب، فعدد كبير من المهتمين بالأدب العربي فوجئ بوجود هذا الكتاب أصلا باللغة الانجليزية.
اما بقية الاجزاء فبحكم مشاركاتي مع العديد من الزملاء في ترجمة هذا العمل يوجه لي هذا السؤال دائماً: ماذا عن بقية الاجزاء؟ ما زلت اتمنى أن نجد تلك المؤسسة الثقافية القادرة على تبني ترجمة بقية الأجزاء.

عز الدين المناصرة : قصيدة النثر

عز الدين المناصرة : قصيدة النثر.. نص مفتوح بايدلوجيا العولمة


T19

لعل مصطلحاً أو شكلاً أو جنساً كتابياً لم يمثل اشكالية ثقافية ولغوية وعصرية كما هو الحال في قصيدة النثر، التي كلما اتسع الزمن اتسعت دائرة البحث عن المصطلح وعن البداية واحتدام التنظير المقارب والمبتكر، وتزايدت الترجمات المصاحبة لكل ذلك التنظير.. ولقد ظهرت العديد من البحوث والدراسات التي انطلقت من اشكالية هذا الجنس الابداعي معلنة الاشكال بشكل يوضح ان ما سيكتب مجرد مقاربة تناقش آراء ومعطيات سابقة.
قصيدة النثر.. نص مفتوح   عابر للانواع كما يصفها عز الدين المناصرة في كتابه الجديد: اشكاليات قصيدة النثر.. ولعله الكتاب الاول الذي يتعاطى هذه المسألة من جوانب نظرية وتطبيقية ومحاكماتية.. وقد صدر الكتاب مؤخراً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
كان الفصل الاول في الكتاب: قصيدة النثر اشكاليات التسمية والتجنيس والتاريخ افتتح الفصل بعبارة للمؤلف: "الديمقراطية هي ان تقهر نفسك، عندما تكون قادراً على قهر الآخرين" وعبارة لمحمد الماغوط: "أنا اكتب نصوصاً ولن أغضب إذا قيل انني لست شاعراً، وانما كاتب نصوص".
وعبارة لياكبسون: "القصيدية" ليست اجبارية للفعل الابداعي، يكفي ان نتذكر المرات الكثيرة التي كان فيها الدادائيون والسورياليون يتركون صناعة الأشعار للصدفة.
بحث المناصرة اول الأمر وكمقدمة ظاهرة الشبيه بقصيدة النثر.. معدداً بعض المصطلحات التي اطلقت على هذا الجنس في فترات تنظيرية مختلفة مثل: الشعر المنثور، النثر الغني، الخاطرة الشعرية، النص المفتوح، الشعر بالنثر، النثر بالشعر النثيرة، النثر الشعري.. وغيرها.
ثم اخذ يتتبع البداية من خلال اول مجموعة عربية صدرت من نوع الشعر المنثور إذ يعد (هتاف الاودية) لامين الريحاني اول ما صدر من ذلك النوع، وتتبع العناصر الفنية التي اشتملت عليها تلك الكتابات وبخاصة في نص "إلى جبران"، وبعد جبران بدأت بعض الكتابات التنظيرية حول هذا الجنس السائد من ذلك ما كتبه رشيد الشعرباق العام 1928م ومقدمة لويس عوض في كتابه: بلوتو لاند وقصائد اخرى الصادر في عام 1947م ومن هنا يظهر ان الشعر المنثور وانطلاقا من المتحقق النصّي.. انتج بشكل السطر الشعري واستخدم بعض القوافي أحياناً وهو في نفس قدّم ما يشبه قصيدة النثر أي كتب بلا وزن ولا قافية..
اما المرجعية غير العربية فقد ساهمت في تعميق اشكالية المصطلح من خلال ما حدث من نقل حرفي للمصطلحات والمفاهيم غير العربية إلى العربية حتى ان شاكر لعيبي كان يقول: بقبول قصيدة النثر بوصفها شكلا اوروبيا! إذ لا يوجد شبيه لها في التراث العربي.. وهذا ما دعا بعض المدافعين عن قصيدة النثر إلى العودة إلى التراث واستخراج نصوص ونماذج لشعراء.. على ان شبيهة بقصيدة النثر انطلاقاً من المتحقق النصي لا من القصدية.. فأوردوا نماذج لسطيح الكاهن، وقس بن ساعدة الايادي وابوزيد البسطامي، وجلال الدين الرومي والنفري وغيرهم..
ويعلل المناصرة عودة الجدل حول التسمية إلى ان كتاب قصيدة هم الذين يعاودون الطرح دائماً في هذه القضية وكذلك ما إذا كان هذا الجنس مرحلة تطوريةة للقصيدة العربية وبحث البداية ومكانها والشكل الذي تكتب به قصيدة النثر..
وتحدد سوزان برنار قصيدة النثر بالآتي: ان النثر الموقع الذي تستخدمه قصيدة النثر متميز عن الشعر الحر وذو طبيعة مختلفة.. قصيدة النثر المكتوبة بالنثر الايقاعي تتميز من النثر الايقاعي تمايز القطعة الموسيقية من الكآبة الطباقية لأنها تفرض على النثر الايقاعي تنظيماً شكلياً وبناءً عاماً ليكون من ذلك وحدة واحدة وكياناً فنياً.
ولعل مقالة ادونيس سنة 1960م عن قصيدة النثر أول مقالة نقدية واضحة المعالم عن خصائص قصيدة النثر على انه الخصائص التي طرحها أدونيس هي نفس الخصائص التي طرحتها سوزان بزنارو بعد أدونيس تظهر مقدمة أنسي الحاج في مجموعته "لن" العام 1960م وفيها تماثل كبير مع ما طرحه ادونيس في مقالته السابقة ويتبعهما في ذلك بول شاوول الذي يرى ان مسألة قصيدة النثر قد حسمت منذ ان كتبها  توفيق صايغ عام 1947م.
ودعم كل ذلك بظهور مجلة فراديس والتي تضمن العدد المزدوج منها  6-  7انطولوجيا عربية واجنبية لقصيدة النثر، وحوت كذلك بعض المقالات النقدية والتنظيرية وإلى العام 1996م حين اصدر الباحث اللبناني أحمد بزون كتابه "قصيدة النثر العربية الاطار النظري".
لقد أصبحت قصيدة النثر جنساً شرعياً في الوطن العربي بحكم وجودها الواقعي وبالنظر إلى كمية المجموعات الصادرة منذ العام 1985م إلى يومنا الحالي نجدها تعد بالمئات خاصة بالنظر إلى اولئك الذين أصبحت عندهم قصيدة النثر شكلاً ثالثاً بين الشعري والسردي.
ولقد سجل العديد من الشعراء والنقاد مواقف متباينة من قصيدة النثر كما لدى شربل داغر، وجودت فخر الدين ومحمود درويش وأحمد عبدالمعطي حجازي وسميح القاسم وعباس بيضون وعبده وازن وبسام قطوس وغيرهم..
وبالاجمال فقد رسخت موجة الروّاد وموجةالستينات والسبعينيات قصيدة النثر بأشكالها المختلفة لتواصل موجة الثمانينات اشباع حركة قصيدة النثر لكن الانفجار الكبير حدث منذ أوائل التسعينات فتحولت قصيدة النثر نحو السيطرة شبه التامة على وسائل الاعلام في ظل ثقافة العولمة والتشظي الكبير فبعد ان كانت مركزية قصيدة النثر تدور في لبنان، فلسطين، سوريا، العراق اخذت تنتشر مع بداية التسعينيات لتشمل الخليج العربي، مصر، المغرب العربي.
ان قصيدة النثر منذ منتصف الثمانينات هي (قصيدة العولمة) وهي تعبير طبيعي عن حالة التشظي العربية منذ نهاية الحرب الباردة وهي أيضاً تعبير عن (حالة التجريد) و(تبريد اللغة الشعرية) الذي يلتقي مع مفهوم محو الهوية.. الذي تريده العولمة والفصل الثاني من الكتاب: قصيدة النثر تبريد اللغة الشعرية - قراءة النصوص وفيه نصوص واسماء تكاد تمتد على مدى ثلاثين سنة من  1970- 2001م.
وجاءت النماذج كالتالي: لُفظ في البر لعباس بيضون، غيوم لانسي الحاج، قبر سياحي لفاضل العزاوي، نص الكتلة ونص البياض لبول شادول، مرئيات سردية لسركون بولص، المثاقيل لسليم بركات، تخت شرقي لشربل داغر، تاميراس لرياض فاخوري، تأويل المكان لمؤيد الراوي، صوفية مسيحية لسمير الصايغ، في صحة مريم لمحمد العبدالله، العابر في منظر ليلي لبسّام حجّار، المجموعة الثانية من الاسماء والنماذج وضمت: (تحت شمس الجسد الباطن) لعقل العويط، (كيف) لشاكر لعيبي، (مرتقى الأنفاس) لامجد ناصر، (هذيان الجبال والسحرة) لسيف الرحبي، (أفعال مضارعة) لوليد خازندار، (أشغال يدوية) لزكريا محمد، (الجزر) لغسان رقطان، (حالات) لخالد درويش، (منذ  نبات آوى) لقاسم حداد، (الواح اورفيوس) لنوري الجراح، (طائر الرذاذ) لحلمي سالم، (هكذا قلت للهاوية) لرفعت سلام، (موت الاشياء من حولك) لمنذر عامر، (اشراقات) لمحمد حسين القاضي، (بصل أخضر) لباسم النبريص، (التوقيعة) لزياد العناني، (زير لغات) لنجوان درويش (توجد الفاظ أوحش من هذه) لحسين البرغوثي وغيرهم، وتجارب ونماذج اخرى لمن يسميهم المناصرة.. نساء قصيدة النثر من امثال: ندى الحاج، وفاء العمراني، دنيا الأمل اسماعيل، مرام مصري، عائ
شة ارناؤوط، ندى خوري، سلوى الثعيمي، هالا محمد، روز شوملي، رانة نزال، غادة الشافعي.. وهذه النصوص تمثل الاطار العام لقصيدة النثر في الثلاثين سنة الاخيرة ( 1971- 2001م) تمثيلا صادقا فهي توضح الخطوط الرئيسية في الأساليب التركيبية المستخدمة في واقع قصيدة النثر مثلما توضح تعددية المنظور إلى العالم وترصد محطات التحول في الاساليب..
كذلك فمن خلال النصوص يظهر ان شعارات مثل: المغايرة، الاختلاف، الانشقاق وغيرها من مبادرات القطيعة.. انما يعلنها غالباً من هم ضعاف ومقلدون، اما ابرز ظاهرة من خلال تلك النماذج فهي ما يسميه المناصرة: تبريد اللغة الشعرية، من خلال ما يظهر في النصوص من تأمل هادئ للاشياء واهتمام باللغة السردية، كذلك فهناك ظاهرة الانفصال عن الاشياء فالمرئيات المتناثرة يعاد تركيبها في تشكيلات قد تكون تقليدية وقد تكون جديدة..
ومما تتميز به تلك النماذج طغيان السردية مما يجعل بعض النصوص أقرب إلى القصة القصيرة جداً، ولعل ابرز ما يلحظ في تلك التجارب:
- ظهور تطورات جديدة مثل الكثافة الشعرية مما يولد الصفاء الشعري مع وجود نصوص لا علاقة لها بتلك الكثافة وانما هي انسيابية مترهلة.
- النصوص تمتلك درجات متفاوتة من الشاعرية فهناك درجات عالية وهناك اخرى هابطة.
- ظاهرة التكرار الاسلوبي واضحة في كثير من النصوص وهنا يقوم الايقاع بلعب ادوار متعددة كاشباع الايقاع ومنح الصور شيئاً من الشعرية.
- لا تزال نصوص البياض تجريبية حيث يتم الخلط بين بنية المكان في الصفحة بما يتعلق بشكل الصفحة.
- تظهر في النصوص ما يمكن تسميته باللافتة الشعرية وهي غالباً سطر شعري مكثف له ملامح الحكمة أو الخلاصة بعد تأمل عصارة تجربة ما.
- تسيطر على كثير من النصوص أساليب الدفاع عن الذات النرجسية في مقابل قطيعية الجماعة.
- هناك نصوص لا تستخدم الاستعارات الشعرية أو حتى اللغة الشعرية الموروثة.
- في بعض النصوص صوفية اسلامية ومسيحية لكن الكثير منها يعبر بلغة مصطنعة أو يعيد انتاج صوفية موروثة.
- في نصوص التسعينات اهتمام اكبر بالتعبير عن الجسد بتجلياته السطحية والعميقة.
- في النصوص ما يمكن تسميته بالنص - اللقطة السينمائية.. وهناك نص التوقيعة المكثف جداً..
- في بعض النصوص سخرية سوداء سوريالية عبثية تعبر عن الاسترخاء العبثي تجاه العالم.
- هناك اهتمام بلغة الحياة اليومية ورسم الصور التفاصيلية.
- ايقاعات قصيدة النثر.. لا يمكن ان تقاس وهي غير منتظمة وبالتالي لا يمكن احصاؤها أو مقارنتها بالايقاع الشعري الموروث أو الحديث.
والفصل الثالث والاخير من الكتاب:
اشكاليات قصيدة النثر، اسئلة القراء، أسئلة الواقع واسألتي (استفتاء ميداني - آذار، حزيران، 2001م) هل هي جنس مستقل عابر للانواع؟!!
وهذا الفصل عبارة عن اجابات وتداخلات على اسئلة بعث بها المؤلف وكتب له حولها كل من: احسان عباس، عبدالملك مرتاض، نجيب العوفي، محمد المريسي الحارثي، محمد السرغيني، عبدالرحمن يانمي، محمد صالح الشنطي، شاكر لعيبي، محمد بودويك، إبراهيم ابوهشهش، غسان عبدالخالق، محمد عبيدالله، سليمان الازرعي، حكمت النوايسة، عبدالمجيد زراقط، غازي الذيبة، إبراهيم الخطيب، نادر هدى، أحمد بلحاج آية وارهام، زهير ابو شايب، عبدالكريم الناعم، محمد الباردي، ضياء خضير، محمد صابر عبيد، بشرى موسى صالح، ذياب شاهين، رائد جرادات، حبيب مونسي، زياد ابولبن، عادل الاسطة، ناسان اسبر، ناصر شبانة، ريمي ابوعلي، شاهر خضرة، محمد سليم الزبعي، رسول عدنان، حاتم النقاطي، محمد علاء الدين عبدالموالى، لارا الحمود، المهدي عثمان، رزاق الحكيم، عبدالسلام المساوي، بوجمعة العوفي، شربل داغر.
ولعل ابرز ما يمكن استخلاصه مما طرحه المؤلف ثم لخصه:
- ان الشعر المنثور والنثر الشعر هما ما مهدا لقصيدة النثر منذ اوائل الخمسينات حين صدرت مجموعة (ثلاثون قصيدة) لتوفيق صايغ.
- ولقد بدأت قصيدة النثر من وحدة السطر ووحدة الفقرة، حتى وصلت إلى التدوير الكامل كما بدأت من اللغة الرومانتيكية واليومية بتكثيف السطر الشعري والفقرة الشعرية ولكنها وصلت إلى درجة الصفاء اللغوي الشعري.
وبالنسبة لمسألة التجنيس.. فهناك من يرى ان قصيدة النثر شعر خالص وهناك من يرى انها نثر خالص وهناك رأي ثالث يرى انها جنس أدبي ثالث مستقل بما تحمله من درجات الشعرية ودرجات النثرية.
- وعلى امتداد خمسين سنة من قصيدة النثر العربية إلا انها لم تحصل على شرعيتها من التنظير النقدي لان التنظير كان شعاراتياً متناقضاً وكذلك بسبب وجود فجوة بين التنظير والنصوص.. لكن قصيدة النثر اكتسبت شرعيتها من كمية المنجز النصّي المتنوع ومن النوعي في النصوص أحياناً.
- وخلاصة.. فإن قصيدة النثر جنس مستقل ونص مفتوح على الانواع وعلى الآخر (هجين) اما ايدلوجيا قصيدة النثر فهي اديولوجيا العولمة بجمالياتها الشكلية ووحشيتها المرعبة فهي تعبير عن الحوار مع الآخر بشروط غير مثالية.. إذ تنطلق من التلذذ الوجودي المتعالي بالتبعية مع ملامح دونية واضحة خصوصاً إذا كان التوحيد القهري هو البديل لتنوّع الهويات.

يحيى الأمير

'Da Vinci' documents could hold key

’Da Vinci’ documents could hold key





By César G. Soriano, USA TODAYWed Mar 15, 8:11 AM ET



Da Vinci Code author Dan Brown spent a grueling second day on the witness stand here Tuesday, defending his book against charges of copyright infringement. But the person at the heart of the case was not even in court: his wife, Blythe.



For all the secrets central to the best-selling thriller, Blythe Brown could be the greatest mystery of all. In court testimony, Dan Brown has revealed how his wife’s research played a major role in the book’s success. It was her idea to include concepts of the sacred feminine and the holy bloodline theory, which contends that Jesus and Mary Magdalene married and had a child.



Blythe Brown "is passionate about art and secret history and was enjoying educating herself and being involved in the research," the author wrote in a 69-page witness statement.



Her research has become a primary focus in the suit brought by Michael Baigent and Richard Leigh, two of the three authors of Holy Blood, Holy Grail. Their attorney, Jonathan Rayner James, grilled Brown about his wife’s research methods Tuesday, charging she cobbled together unattributed material from several sources, including Holy Blood, Holy Grail, and used them to create documents that became the synopsis for The Da Vinci Code.



Brown, sounding testy, repeatedly denied that his wife created the documents, noting that one contained British spellings and punctuation.



Blythe Brown has not been subpoenaed to testify and has not been seen in court. A spokesman for Random House, which published The Da Vinci Code, declined to say where she was, citing company policy not to comment on the couple’s personal lives.



"I am an individual who values my privacy highly. So does my wife; she in particular finds all book-related public attention intrusive," Brown wrote in a separate statement.



Blythe Brown, an art historian and painter, met her husband in 1991 in Los Angeles, where she was working as director of artist development at the National Academy of Songwriters and he was attempting to break into the music business. Dan Brown credits Blythe with launching his second career as an author.



Brown, 41, and the former Blythe Newlon, 53 according to Britain’s Observer newspaper, married in 1997 and now reside in Rye, N.H. The Observer described Blythe as, "if not the real brains behind The Da Vinci Code, then certainly a creative energy as indispensable to her husband as the Mona Lisa herself."



"My wife has always been a tremendous support system," Brown wrote in the witness statement.



Describing their working relationship, Brown told the court Tuesday his wife is his primary researcher, often sending him troves of information by e-mail. "It may sound very cold, but that’s how we communicate, even at home," he testified.



By his account, The Da Vinci Code was a husband-and-wife collaboration. But only his name is on the cover. Her name appears on the dedication page: "For Blythe ... again. More than ever."

Google Toolbar Beta for Enterprise

Google Toolbar Beta for Enterprise

Google Toolbar Beta

Google Toolbar Beta

فرويد – منظر الروح وكاشف الأعماق

| www.dw-world.de | © Deutsche Welle.


فرويد – منظر الروح وكاشف الأعماق


سيجموند فرويدسيجموند فرويد



نسج فرويد في عمله الفكري نظرية متكاملة للتحليل النفسي أصبحت حجر زاوية في الدراسات الإنسانية. أما في العالم العربي فلا يزال التحليل النفسي يحبو على درب البداية. تحليل من رشيد بوطيب بمناسبة مرور 150 عاما على ميلاد فرويد





قبل مائة وخمسين عاما، وبالضبط في السادس من مايو 1856 ولد سيجموند فرويد مكتشف التحليل النفسي. هذا العالم الذي مازال عمله يثير الكثير من الأسئلة والخصومات سواء في ميدان العلوم الاجتماعية أو الطب النفسي أو الفن والنقد الأدبي. فرويد كما يقول مؤرخو تاريخ الأفكار أحد العمالقة الثلاث الى جانب داروين ونظريته عن النشوء والارتقاء والى جانب كوبرنيك، أحد هؤلاء العمالقة الذين جرحوا نرجسية الانسان وأزالوا القناع عن مركزية الذات والوعي الانسانيين سواء اتجاه العالم الخارجي أو اتجاه الأقاليم الروحية للانسان. أراد فرويد أن يكشف الغطاء عن الطبيعة البشرية بدل أن يتركها سجينة سلطة البيولوجيا، أراد مساعدة الانسان على أن يحيا حياته الفردية في المجتمع.



لكن بعد سبعة واربعين عاما من حياته في فيينا، اضطر سنة 1938 في الثالث والعشرين من سبتمبر وهو في الثانية والثمانين من عمره، ثلاثة اسابيع فقط بعيد اندلاع الحرب العالمية الثانية إلى مغادرة موطنه وأبحاثه باتجاه بريطانيا بعد أن عمد النازيون الى حرق كتبه في مدينة نورنبرغ. سنة 1939 توفي فرويد لكن نظريته ومنهجيته عرفتا انتشارا واسعا في العالم، خصوصا في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في حين ظل التحليل النفسي محظورا في الاتحاد السوفياتي وفي أغلب الدول غير الديمقراطية.



التحليل النفسي في أزمة؟



كثر الحديث عن أزمة التحليل النفسي. يقولون بأنه قد تم تجاوز فرويد. لقد اكتشف المجتمع المعاصر بأن عمله لا يكفي من أجل فهم الانسان، ولا من أجل تأويل عميق لعلاقته بالعالم.على هذه الادعاءات يرد المحلل النفسي الكبير جاك لاكان قائلا:



فرويد شاباBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: فرويد شابا"إنها مجرد ترهات. بداية، الأزمة. ليس هناك أزمة ولا يمكن أن تكون. فالتحليل النفسي لم يكتشف بعد حدوده الخاصة، ليس بعد. هناك أشياء كثيرة يجب اكتشافها في التطبيق وفي المعرفة. في التحليل النفسي ليس هناك حلا فوريا، بل فقط البحث الطويل والصبور عن الأسباب. ثانيا، فرويد. كيف ندعي أنه قد تم تجاوزه في الوقت الذي لم نفهمه بعد بطريقة شاملة؟ المؤكد، هو أنه جعلنا نفهم أشياء جديدة كل الجدة، لم يكن بإمكان المرء حتى تصورها قبله. من مشاكل اللاشعور إلى أهمية الجنس، ومن  الولوج  إلى الرمزي، إلى الامتثال لقوانين اللغة. لقد وضع مذهبه الحقيقة موضع سؤال، إنها مسألة تهم الجميع وكل شخص على حدة. مخالفة لكل ما يمكن أن نسميه أزمة. وأكرر: إننا بعيدون عن فرويد. واسمه قد ساهم أيضا في تغطية العديد من الأشياء، كانت هناك انحرافات، الورثة لم يتبعوا بإخلاص النموذج، مما تسبب  باللبس. بعد وفاته سنة 1939، زعم بعض تلاميذه تطبيق التحليل النفسي بشكل مغاير، مختزلين تعاليمه إلى بعض الصيغ المبتذلة: التقنية كطقس،  التطبيق المقتصر على علاج السلوك، وكوسيلة لإعادة تبيئة الفرد بوسطه الاجتماعي. إن ذلك نقيض فرويد، تحليل نفسي رفاهي، صالوني".



عالم الأعصاب والفيلسوف الألماني غرهارد روث يتفق مع لاكان على راهنية التحليل النفسي. ويرى بأن عشرين في المائة من مجموع المجتمع الألماني مرضى نفسيون. والعقاقير الطبية وحدها لا تكفي لعلاجهم. والبحث العلمي يؤكد أهمية فرويد. فنحن مدينون له بنظرية شاملة عن الروح. ومبحث الأعصاب يؤكد هذه النظرية على الأقل في ثلاثة جوانب أساسية: اللاوعي له تأثير كبير على الوعي وليس العكس. اللاوعي يتكون زمنيا قبل الوعي ومكوناته، والأنا الواعية لا تملك معرفة كبيرة بأسس احلامها وسلوكياتها.



التحليل النفسي والعالم الثالث


 


الاريكة التي كان يستخدمها فرويدBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: الاريكة التي كان يستخدمها فرويديعرف التحليل النفسي مقاومة كبيرة في العالم الثالث من طرف السلطات السياسية و ايضا من طرف ممثلي البنى التقليدية في المجتمع. فنحن أمام علم لا يمكن أن يسود ويشتغل الا في مجتمعات عرفت ما يطلق عليه فرويد القتل الرمزي للأب، وبلغة أخرى، في مجتمعات تؤمن بالفرد وحريته. فإذا استثنيا البرازيل التي عرفت التحليل النفسسي منذ سنة 1910 والتي تم فيها الاعتماد على هذا العلم من أجل فهم المظاهر الاجتماعية والتغيرات الناتجة عن الحياة المدينية والسلوكات الجنسية الطبيعة منها والشاذة، فإن افريقيا مثلا، ورغم تعرفها على التحليل النفسي مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية مع وصول محللين نفسيين افارقة وغربيين من الغرب، إلا أنها وبسبب استحاكم البنى التقليدية وانتشار الطب التقليدي وأيضا بسبب الوضعية الاجتماعية المتردية لهذه القارة، يعجز العديد من المحللين النفسيين الأفارقة على ممارسة علمهم. وتقول دراسة ظهرت مؤخرا في السنغال بأن تسعين في المائة من المواطنين يستشيرون أطباء تقليديين بخصوص مشاكلهم النفسية.



صورة لمتحف فرويد في بريطانياBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: صورة لمتحف فرويد في بريطانيا وفي العالم العربي، لم ينتشر التحليل النفسي كطريقة علاج ، بل نظرية يستهلكها المثقفون والأكاديميون والنقد الأدبي والاجتماعي، كما هو الحال في كتابات مصطفى حجازي عن سيكولوجية الانسان المقهور أو جورج طرابيشي عن الرواية العربية . وفي لبنان تاسست أول جمعية للتحليل النفسي في كل العالم العربي والاسلامي سنة 1980 من طرف فرنسيين ولبنانيين مسيحيين. سنة 2005 ثم تنطيم مؤتمر حول التحليل النفسي في المجتمع العربي والاسلامي بمشاركة اسماء لامعة في هذا الميدان من مثل فتحي بنسلامة وسمير قصير الذي تم اغتياله ثلاثة اسابيع بعيد هذا الاجتماع، وطرح هذا المؤتمر قضية العلاقة بين السلطة والحرية في مجتمع محكوم بالاسلام. وفي المغرب، يعتبر جليل بناني أول مؤسس لجمعية للتحليل النفسي في شمال افريقيا، تحت حكم الحسن الثاني، في زمن كان ممنوعا فيه النطق علنا باسم التحليل النفسي. وهكذا ارتبط التحليل النفسي منذ بداياته بالمجتمعات الديمقراطية، وهناك حيث تبدأ المجتمعات بطرح أسئلة على تاريخها والانتفاض ضد  وصاية التقاليد، هناك فقط يمكن لهذا العلم أن يبدأ رحلة اكتشاف الأقاليم المجهولة للروح الانسانية.


 


رشيد بوطيب

حول ترجمة الشعر وتجربة غونار أكيلوف

ترجمة الشعر
أهي محافظة على الأصل أم إعادة صياغة شعرية؟

عبد الستار نورعلي


الشاعر السويدي غونار أكيلوف* 1907-1968 أطلق على تراجمه الشعرية من اللغات الأخرى إلى السويدية مصطلح (أومديتننغ)* بمعنى إعادة الصياغة الشعرية) أي خلق نص جديد من رحم وإيحاء المضامين التعبيرية في الصورة والمعنى لنص ثان بلغة أخرى ، فهو والحالة هذه خلق إبداعي يحتسب للمترجم أيضا ، فالترجمة إذن في رأي أكلوف منتج إبداعي ، ولذا نلمس فرقاً في الجودة والرقي بين ترجمة وأخرى,أحياناً لنص مترجم واحد . لقد انطلق الشاعر في موقفه هذا من كون الشعر ذا ارتباط عضوي عميق متلاحم باللغة التي يُصاغ بها عبر مجموعة من القيم و العلاقات التعبيرية المؤدية إلى الخلق الشعري الإبداعي ، تشمل الإيقاع والقواعد اللغوية التركيبية لفظية وجملية من نحو وصرف وإيقاع صوتي إلى جانب المخزون الثقافي والإرث الإبداعي والمخيلة الخالقة للصور التعبيرية الموحية الناقلة للمضمون والمعنى والأحاسيس الكامنة وراء النص المبدع (بفتح الدال) من أجل نقل إحداث الأثر المطلوب والمأمول في المتلقي . مضافاً إلى كل ذلك أهمية العلاقة الجيوخيالية بين الشاعر والمتخيَّل المخلوق ، أي الاتصال البيئي المعاش بين الإنسان والمحيط الطبيعي الماحول المكوِّن للذاكرة التخيلية للفرد عموماً ، بمعنى نظام خلق وإيصال الصورة التعبيرية المتصلة بالمعاني والأحاسيس والمشاعر من خلال التداعيات المنبثقة عن التجربة الحياتية ومكوناتها في النفس . وهي الصلة الدقيقة غير المرئية العفوية الالتقاط التي تنسج تأثيراتها في تكوين المخيلة والذاكرة الحافظة الخازنة لتجد طريقها الى وسائل التعبير المختلفة ومنها الشعر. وهنا يأتي دور اللغة في النقل من خلال ألفاظها وقواعدها وتأسيساتها وخصائصها الذاتية المرتبطة بالأمة وإرثها الثقافي واللغوي في الصياغة والتربية اللسانية اللفظية والتعبيرية والمخيلة الخاصة المتصلة بكل ما أسلفنا ، الى جانب الميزة الصوتية المنطوقة لكل لغة في إيقاعها ونبرها وتلفظها لخلق التأثير المرتجى في المتلقي وهو ما نطلق عليه اسم الوزن في قاعدة الشعر .

كل هذه العوامل والعلاقات مجتمعة تساهم في عملية الابداع الشعري ، وبما أنها تختلف من أمة الى أخرى ومن لغة الى غيرها ومن فرد إلى فرد باختلاف البيئة والمحيط الجيوخيالي واختلاف التجارب الحاضرة والماضية والموروث الثقافي والذاكرة المختزنة ، فبالضرورة يختلف الخلق والابداع و التأثير المطلوب منهما ، وعليه يتمايز التلقي والمعايشة المهدوفان .

وكمثال فلنتصور تأثيرات ظواهر طبيعية كالليل والثلج والرياح على فردين أحدهما يعيش في قيض الصحراء الحارة اللاهبة وآخر في برد بيئة المناطق القريبة من القطب . ما الذي توحيه في معايشة و تلقي الإثنين . بالتاكيد تثير عند الأول مشاعر من الارتياح في وسط بيئي محرق توحي إليه بالتوق إلى البرد لإطفاء اللهيب المرافق له مع النهار وشمسه الساطعة الملتهبة ، أما الرياح فتأتيه بعواصف الرمال لتضيق وتخنق أنفاسه وتضيع عليه علامات الطريق وتثير في نفسه مخاوف التيه في البيداء وما تجره من موت محتمل . أما الليل ففيه القمر الهادئ المنير الجميل والنجوم اللامعة الصافية التي تبعث في النفس أحاسيس الارتياح والتأمل إضافة الى الاهتداء بها على الطريق ، لذا رأينا مشاعر الشوق والصبابة والتغزل وتشبيه الحبيب تورق وتخضر وتجد تعبيرها فيه . ويكون السير والسفر في آنائه تجنباً لقيض الشمس في النهار ، ولفظة (السُّرى) خير دليل على الايحاء ، مع أن الليل يثير الشجون أيضاً للهدوء والتأمل اللذين يصاحبانه. أماالفرد الثاني نزيل القرب من القطب فتبعث فيه ظواهر الثلج والليل والرياح مشاعر الاحتصار والضجر والاكتئاب والضيق والملل الخانق ، فالليل صاحب طويل قارس فيه سكون مميت قلما يتمتع فيه الفرد بالنجوم والقمر ، والثلج تجمد معه الحياة و النشاط الانساني فيدفع المرء إلى ملازمة مسكنه ومكتبه ومحله ، وهو مثير للخوف والضياع والهلع يرسم في الذاكرة والمخيلة صور الذئاب والدببة والقشعريرة في الجسد ، لذا فإن حوادث الانتحار عالية في مواسم الشتاء والبرد والليل الذي لا ينتهي في هكذا بيئة ، بينما قلما نسمع عن حوادث انتحار في البيئة الأولى . من كل ذلك فإن تداعيات ومعاني ومؤثرات الأحاسيس الشعرية المعبر عنها بالمخيلة التصويرية لهذه الظواهر تختلف في ايحاءاتها وإيماءاتها ومضامينها وتأثيراتها في كل حالة من الحالتين فيكون التلقي والمعايشة الداخلية في النفس مختلفين معهما ، وكذا مجموعة القيم الثقافية والاجتماعية والتجربة الحياتية ، وبالضرورة اللغة أيضاً . فالجغرافية خالقة المخيلة ومؤطرتها ورحمها الأم ومبعث المعاني في الصور المرسومة . والحالة هذه لا تقتصر على المبدع الخلاق فحسب وإنما تنسحب على المتلقي ومنه المترجم ، ومهمة الثاني قد تكون أصعب بكثير لأهمية عنصر المعايشة والفهم الضروريين للحالتين معاً المترجم منها والمترجم إليها ليكون النص قريباً من الأصل إن لم يكن هو ، وهو ما يعتبر شاقاً ومجهداً للغاية فيعيدنا إلى ما قاله الشاعر السويدي أكلوف حول ترجمة الشعر . ليثير التساؤل : هل تبقى الصورة هي نفسها في إيقاعها وتأثيرها على المتلقي الجديد كما هي على المتلقي في أصل النص ؟
ومما يدعم رأي الشاعر السويدي الترجمات المختلفة لنص واحد إلى لغة واحدة لها نفس الخصائص والمؤثرات والبيئة ، فمثلاً لو أخذنا ترجمات رباعيات الخيام إلى العربية لعدد من المترجمين العرب لوجدنا اختلافاً جلياً بينها من حيث اللغة والايقاع والوزن والتأثير الحسي رغم المحافظة على المعاني والصور التي عبر عنها الشاعر الأصل عمر الخيام . فترجمة الشاعر أحمد الصافي النجفي تعدُّ أقرب الترجمات الى النص وذلك لمجاهدة المترجم في المحافظة عليه روحاً وصوراً وتعبيراً وتأثيراً مطلوباً وحتى محاولة المقاربة اللغوية في اختيار الألفاظ الموحية للمعنى والصورة في كل من اللغتين مستنداً في كل ذلك على شاعريته وتمكنه ومعرفته الشاملة والعميقة بهما ، فقد عاش في ايران فترة من الزمن ودرس الفارسية وعمل في التدريس في جامعة طهران ، فكان بذلك على اتصال مباشر باللغة الفارسية وبالبيئة التي خلقت النص مما أهله لتكون ترجمته معتمدة ، ومع ذلك فلا تقترب من روح اللغة التي كتب بها الخيام ولا من أصل النص بعوامله الذاتية والموضوعية لتكون بالدقة المرتجاة ، وهذا ليس عيباً أو انتقاصاً إنما واقع موضوعي لا غبار عليه . أما ترجمتا الشاعر المصري أحمد رامي والشاعر العراقي صفاء الحيدري فلم تكونا محاولتين في الاقتراب الدقيق الحرفي من النص الجذر وإنما نقل روحه ومعانيه ومضامينه وصوره بلغتهما العربية وتأثير تلك الخصائص في نفسيهما عند التلقي ومن خلال أسلوبيهما الخاصين اللذين يتميزان بهما. في حين كانت ترجمة البستاني ترجمة نثرية دفعت البعض إلى القول بأنها من بدايات الشعر الحر ، ويمكننا أن نضيف بأنها ربما من بدايات قصيدة النثر الحالية .
وفي جانب الترجمة الجاهدة في المحافظة قدر الامكان على روح النص من خلال المعرفة الدقيقة العميقة والاحاطة الفائقة باللغتين المترجم منها والمترجم إليها دراسة ومعايشة هي ترجمات الأديب الكبير جبرا ابراهيم جبرا الراقية المعمقة لأدب وليم شكسبير لدرجة أنها أمست مرجعية موثوقة في باب دراسة شكسبير باللغة العربية .
و مع ذلك يبقى التساؤل المطروح حول ترجمة الشعر و امكانية المحافظة على النص الأصلي بروحه وإيحاءاته أم هي في كل الأحوال إعادة صياغة للنص باللغة الثانية ؟

لم يكن الشاعر السويدي أكلوف فقط من أشار إلى التغير الذي يطرأ على النص الشعري إذا ترجم إلى لغة أخرى والذي دفعه الى اطلاق مصلح جديد على ترجماته فقد سبقه بقرون أديبنا الكبير الجاحظ حيث قال :"والشعر لا يستطاع أن يترجم ، ولا يجوز عليه النقل ، ومتى حوِّل تقطع نظمه وبطل وزنه ، وذهب حسنه ، وسقط موضع التعجب ، لا كالكلام المنثور ، والكلام المنثور المبتدأ على ذلك أحسن وأوقع من المنثور الذي تحول من موزون الشعر .... وقد نقلت كتب الهند وترجمت حكم اليونان وحولت آداب الفرس ، فبعضها ازداد حسناً ، و بعضها ما انتقص شيئاً ، ولو حوِّلت حكمة العرب لبطل ذلك المعجز الذي هو الوزن .." .
إن الجاحظ يركز على جانب الوزن في الاخلال الترجمي بالنص الشعري ، والوزن مرادف الايقاع في التعبير المشاع ، بمعنى أن اختفاء الايقاع في الترجمة يقود الى تمزق النص وغياب الوزن وبالضرورة المتعلقة بهما فقدان الجمالية وعدم إثارة الاعجاب والمعايشة في نفس المتلقي . وقد استثنى الجاحظ النثر من اخلال الترجمة فهل والحالة هذه تدخل ترجمة قصيدة النثر في سياق ترجمة النص النثري ؟ أم أن ما يسمى بالايقاع الداخلي فيها سيختلُّ بالترجمة أيضاً وعليه فترجمتها هي أيضاً إعادة صياغة ؟


*- (Gunnar Ekel?f) -(omdiktning)