٢٧‏/٢‏/٢٠٠٧










ترسّبات بين النسيان والذاكرة






GMT 18:00:00 2007 الثلائاء 27 فبراير


نصر جميل شعث






نصر جميل شعث من غزة: من شروط القائد، في عالم القيادة، تمتعه بالشخصية الكاريزمية. وفي عالم القصيدة، قاطرةُ الشروط، طالت أو قصرت، لابد من أن تقودها - أو تقود إليها - اللذة: أول أحكام الذوّاقة على جمال عمل ما. "حياة كسرد متقطع"، واحدة من القيادات الشعرية التي فاجأتنا بإمكانياتها وشخصيتها الفنية الجذابة؛ إذ استدرجتِ اللغةَ، ذاتها، لأوّل أحكام الذوّاقة، ومنها عبرت إلى الكاريزمية. بذلك يكون الشاعر أمجد ناصر رائداً، من رواد التجريب والتنويع والمفارقة في عالم القصيدة العربية، التي لا يني يتحدث شعراؤنا ونقادنا حول معاييرها واشتراطاتها الفنية والجمالية؛ كونها لا تدير عنقَها للعَروض. وما دمنا وصلنا، الآن، لعالم إدارة الأعناق، بعد أن كنا بدأنا المقال بإدارة الأعمال؛ فإنه يتعين علينا أن نذكر أنه في "حياة كسرد متقطع" تنفرد قصائد كاملة لطغيان الأنثى، تحت هذا الطغيان نجد الشاعر حثيث المسعى لفك الارتباط بالترسبّات الأيديولوجية. فإذا ما قابلتنا، في القصائد، أسماء تاريخية كـ "انطونيو" الشهواني القادم من الغرب "، وكيلوباترا "ملكة مصر؛ لا يمكن أن نقبل الأسماء إلا عند إجرائنا قلب المعلومات التاريخية قلباً بهدف الانقلاب على التاريخ وإعادة كتابته بطريقة خاصة؛ ليصبح "انطونيو" هو الشاعر القادم إلى الغرب من الشرق، و " كليوباترا " هي الايديولوجيا القادمة من غير الشرق إلى الشرق.. نظراً لاهتمام الشاعر باستعارة القناع، ووقوعه أسيراً في حب كيلوباترا، أو قتيلاً بسمّها الذي تجرّعه. " محاكاة مارك أنطونيو " هي القصيدة التي تشي بذلك، عبر قراءة ما بعد، وما وراء، عناوينها الفرعية الدرامية الأربعة : (المقهى، الشارع، الحفلة، وجه شبه).. مع التشديد على قراءة (الحفلة) وفك شفرات المُضيف الذي كانَ مَشغولاً (في بيته الإيديولوجي) بإعداد الطعام. بينما كانت صديقته (العروبة المراهقة العاشقة) مشغولة به. في حين كان بعض الضيوف (الرأسماليين) مشغولاً بالإيقاع بصديقة المضيف التي ظنت أنّ صديقها مشغول بالممثلة المعتزلة. " إنّ حياة كسرد متقطع " سرد لمغامرات وانفعالات وجهها عاطفي، وعمقها أو وجهها الآخر يضيء على الترسبات والانكسارات. فثمة قصة أو " سورة حب يائسة " جمعت أنطونيو بكليوباترا، أي الشاعر بالأيديولوجيا و: "بالتأكيد أن السمّ الحلو الذي تركته شفتاها (شعاراتها) على شفة أنطونيو (الشاعر) قد تغلغل فيه تماماً ". لذا، ستصبح تحولاتُ القتيل نَزَوِيةً، تجاه الأنثى، كما هو الحال في قصائد : "محاكات فاوست"، "محاكاة أنطونيو"، "ماذا في القبلة"، و"تحليل القبلة". وتأدبيةً تجاه الآخر (الجار)، كما في قصيدتي: "منازل القمر" و "جيرة". ولعبيةً تجاه الكينونة، كما في قصيدة: "استعداد للطيران". لنجد أنفسنا أمام شاعر يُوقّع كتابته بين نسيان الترسبات الأيديولوجية والتذكير بالترسبات الاستعمارية؛ بأسلوب يَحمل من السخرية ما يتناصّ مع الإرث الشعبي، والعداء والكراهية في البلدان العربية، للاستعمار الذي ستمثّله جارةُ الشاعر الأسيوي العربي، تلك العجوز الانجليزية مسز مورس التي يلعب معها الجار لعبةَ التأدّب. والتي تلجأ، بدورها، للحكم بالتعميم، الذي يشبه النسيان، عندما، تقصر تسمية الشرق على شبه القارة الهندية. حيث العلاقة الاستعمارية الأكبر والأهم بين الشرق والإمبراطورية المترامية الأطراف كانت . ولكن مسز مورس لا تقصد عدم اعتبار الأردن العربي، ولا أن نسيانها ضرب من ضرورب النفي في العدم؛ بقدر ما هو رَكن للصِغار. إنه حكم مفصلي وعملي من عجوز انجليزية ذات تقاليد وترسبات استعمارية في الذاكرة والثقافة. ولن تجديَ معها نفعاً تصحيحات الجار العربي الذي ألح عليها بأنه من الأردن. فكأنه شبه نسيان، في كِبَرِ العلاقة.








غلاف المجموعة
النسيان، لا الشيخوخة، في صميم الحياة أو القصيدة، عامل ومطلب مهم وفعال، لدى وعي أمجد ناصر. وهو نسيان مشترك أو متبادل بين الأطراف، حيث يهتم ناصر بالتقابل الحيوي الذي تنبني عليه مقولات وجبهات السياسة والثقافة، بل يبرزه ويميّزه، كما هو الحال، بين جارته الانجليزية في قصيدة " منازل القمر في لندن " وبين جدته العربية في قصيدة " استعداد للطيران ".


ولكن، قبل قراءة النسيان المتبادل بين الجيران، هناك أمر هام وخطير، وهو أن مسز مورس اسم كان استعاره الجار، من عنده، وسمّى به الجارة، مصرّحاً على لسان يِحيى : " لم يكن اسمها مسز مورس. هذا ما سميتها به لأعرف على أي جنب سأنام بين جاري مستر شارما وبينها في هلال لم تلمع وسطه نجمة واحدة. فلم أعرف اسمها قط رغم تبادلنا التحيات أو الكلام العابر عند مدخل بيتينا اللذين تفصل بينهما حديقتها المحسودة منا نحن الذين كلما رأينا عرقاً أخضرَ فكّرنا بماشية تأكل الأكياس وقشور البطيخ ". إنّ معالجة غياب الاسم الحقيقي للعجوز الإنجليزية بالاستعارة هو بمثابة خطأ في تصرّف العربي؛ فهو يشير إلى حقيقة جهل الجار بالآخر، فضلاً عن أفكار البداوة. فذلك، إنما، يجعله بمنأىً عن الإمساك بأي معرفة أو حقيقة عن هذا الآخر. إنّ هذا النوع من التصرّفات أو المغامرات، غير المحسوبة، يخلق غيابَ الثقة والفجوة والفروق الحضارية بين الجارين بسبب الاستعارة.


أما بالنسبة للنسيان المتبادل، فكما رأينا، في السطور السابقة، تنسى الجارة الانجليزية؛ أن جارها من الأردن، لأن ثمة ترسّباً أو استعماراً شائخاً، لكنه حاضر ويقظ، في الذاكرة والثقافة، لديها. حيث كانت الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس، في حين أن ذاكرة الجار القادم من البادية، لم تحظ بمعرفة اسم الانجليزية الحقيقي. وأما الجدة العربية، فتنسى، هي الأخرى، أن تفرق بين ملامح يحيى المقيم في لندن، والذي اعتاد زيارة الأردن، في مواسم الصيف، وأخيه أحمد المقيم في أمريكا. والحال نفسه، عندما يُصحّح لها الأمر يحيى، بعد أن تسأله الجدة، عن هويته وكينونته : " من أكون : فقلت لها : يحيى. قالت : ولكن يحيى في أمريكا. قلت : ذلك هو أخي أحمد، وأنا يحيى الذي يقيم في بريطانيا. قالت : الله يهدها.. كلها بلاد نجسة ". حال الحكم، إذاً، رَجْماً حاضراً نراه بصيغة دعاءٍ جاهز على لسان الجدة، ولكنّه عفويّ وحاسم. وهكذا يلعب الشاعر لعبة الكينونة، أو لعبة الحضور والغياب؛ مبرزاً ثنائية الإقامة عند الآخر المرجوم بدعاء العداء والكراهية، من قبل الجدة التي لم تفرّق، بذريعة الشيخوخة، بين يحيى وأحمد. وأما حكم يحيى على لعبة الكينونة التي يلعبها مع جدته العربية، في قصيدة " استعداد للطيران "، فهو أنها : " لعبة سخيفة طالت أكثر مما ينبغي " إذ هي تنطوي على الأخطاء والنسيان والتصحيح غير النافذ أو المغيّر، والتعميم والرجم المتبادل والجهل والاستعارة، في ظل هذا الخلط والتشابه الذي لا يلغي هوية أو كينونة أو تسمية بمقدار ما تترسّب الثنائيات المتناحرة في الكينونة التي تَختزل الأحكام والأخطاء فيها.
 
أمر هام آخر، وهو أن الجار الشاب يفسّر عجزه على لسان جدته عندما في قصيدة " استعداد للطيران " يَرِد النسيان كإحالة، هذه المرة، على عجز الإرادة؛ أكثر من كونه ذريعة من ذرائع الشيخوخة. إذ نقرأ أمجد ناصر يكتب : " ليست الشيخوخة بل النسيان، بل الرغبة بالتخفف من الوجوه والأصوات والتفاصيل (التي هي الجاذبية الأرضية ولاشيء غيرها) استعدادًا للإقلاع , ألذلك كانت ترى الخيوط تفلت من يدها من دون أن تبذل جهدا يذكر للامساك بها، مدخرة طاقتها الأخيرة للقفزة التي تفك ارتباطها بالوجوه والأصوات والتفاصيل المضنية ". بكلمة كبيرة، الترسبّات هي المعادل الجاذب والمختزل للوجوه والأصوات والتفاصيل. والتخفف منها شرط للإقلاع وفك الارتباط بالأيديولوجيا وإدراج لحظة الكتابة بين النسيان والتذكّر. فإذا ما نظرنا ليحيى (القناع) على أساس قرابته من الجدة المدخرة طاقتها للقفزة الأخيرة، فإنّ العين سترينا، إذا ما رفعنا القناع عن القصيدة، أن الشاعر ليس صاحب الطاقة المدخرة وحسب، بل والمستثمرة، عبر الكتابة التي تفك، الآن، ارتباطها بالترسبات. النسيان هو حيلة وذريعة وقناع لإرادة تمسك بعجزها. وكل نسيان لدى الشاعر محاولة محو للترسبات. ولدى الجدة حكم بتعميم إرث العداء الشرقي الشعبي على الغرب، ولدى مسز مورس إحياء لذاكرة الاستعمار وَرَكْن للدول في كبر الذاكرة المستعمرة.


لقد استدعت التحولات النزوية تنازلاتٍ وتوسلات من الشاعر الفحل واللاعب في الحياة. بل وأجبرته على تقديم التنازل الخلاق؛ فاحتاج الأمر إيماءةً وانتباهة منه أو " حيلة رجالية "، تجري مجرى الحكم، في عمله التجريبي، بضرورة تحرّر القصيدة من ذكورة الشكل، والمضمون كذلك. مع ذكورة الأول نجح، ومع خشونة الأخير لم يفلح؛ لأن ليس ثمة كتابة بيضاء، بل كتابة الترسبات، فيما هو يحاول نسيانها بالنزعة النزوية واللعبية.


على أية حال، تحضرني، الآن، رسالة من نادية لطفي إلى الروائي المصري إحسان عبد القدوس، وفيها تكتب : " أنت لا تعرفني، إذا كنت قد استطعت أن أدير عنقك في المرتين اللتين وقعت عيناك فيها عليّ.. في كلتا الحالتين لم أهتم بالتفاتتك كثيراً، فقد تعوّدت أن أدير أعناق الرجال. باختصار.. أنا جميلة.. واحدة من أجمل فتيات القاهرة، وقد قلت لك أني تعودت أن أديرَ أعناق الرجال، بما فيها عنقك ". فإذا كانت الرسالة الواثقة لسان حال " حياة كسرد متقطع "؛ فهذا يعني أن المسألة تأخذ بالتطور والتنّقل الناجح عبر أحكام اللذة، الكاريزما إلى أنثى تتحدى ! وهنا، حقاً، وصلنا إلى برهان الذات الفنية التي تتمتع بها حياة القصائد؛ بتفاصيلها المضنية، وسردها المتقطع الحافل بالانكسارات التي يلبسها الشاعر أو يحجبها بقناع المغامرات والنزوات العاطفية السريعة. قد يكون اهتمامنا بـ " حياة كسرد متقطع " بمثابة انحياز مرفوض من قبل الذكورة ذات النعرة الشكلية والدوجماطيقية. ولعل هذا ما يذكرنا بما قاله أحد النقاد الغربيين من أن هناك نقدين : نقد مذكر، وآخر أنثوي. النقد المذكر هو النقد الدوجماطيقي الذي بقرض معاييره على الأدب. النقد الأنثوي هو النقد التأثري الذي يستجيب لإغراء الفن في نوع من النشوة. ومن منا لا يسعى للنشوة ؟ الأنثى، في الحياة، تضعنا أمام جمال وسؤال الثقة، فإما المدح على أساس إغراء جمالية الوجود لنا، وإما الهجوم على الثقة، هجوماً لن يجدى نفعاً أمام حداثة القصائد وريادتها في عالم التجريب العربي، ورفعها السياج كلية عن نفسها، في لفتة باذخة من أمجد ناصر، وموفقة، على أية حال؛ كونها تثير التساؤلات عن الأمداد الممكنة للتحليق خارج الجاهز والاجتراري في حياة الفن المكتوب.

آلوكا

شِعر

آلوكا
GMT 15:30:00 2007 الإثنين 26 فبراير نامق سلطان




آلوكا
ليست مدينة على البحر
وليس فيها حانة
يرتادها الصيادون والأجانب
هي ليست حلما لأحد
الباحثون عن الدفء لا يعرفونها
ولا الباحثون عن الثلوج
لا متحف فيها
لا صالة رقص
لا مدينة ألعاب
ولا حدائق
هي ليست من بقايا آشور
ولم يمر بها الرومان يوما
ليس فيها دير قديم
ولا ضريح لصحابي جليل
أهلها لا يعرفون شكسبير
كي يبنوا مسرحا
أو يقيموا تماثيل لأبطالهم
العصافير تغني بها
كما في أي مكان آخر
والسعادة فيها لا ترتدي ثوبا مختلفا
ولا البؤس
آلوكا
تراب
و تلال
وبيوت قليلة منثورة تحت الشمس
آلوكا
صمت أليف
وروائح أشجار
وماء
وبضعة شيوخ
يجتمعون عند المساء
وعيونهم على طريق القرية
في انتظار من يمر بهم
غداً ،
أو بعد غد ...

آلوكا/ اسم بلدة شمالي العراق.
شاعر من العراق يقيم في الاردن








2 :عدد الردود




GMT 17:04:07 2007 الإثنين 26 فبرايرالعنوان: سلمت يداك يا نا مق


الأسم: بدل رفو المزوري

كم هو رائع حين اقرأ لاصدقاء ، عشنا وضحكنا وغنينا للموصل معا ، وان نلتقي على صفحات ايلاف بعد سنوات من غربتنا .. شكرا لك يا نامق بدل رفو\ النمسا








GMT 10:45:42 2007 الثلائاء 27 فبرايرالعنوان: شاعر باب نركال


الأسم: حكمت الحاج

نامق سلطان شاعر باب نركال هكذا أسميته أنا ذات أمسية عراقية جمعتنا رغم أنف القدر على مشارف جامعة الموصل التي يقع خلفها تمثال الاله نركال الاشوري هناك حيث قرأ علينا نامق سلطان وهو يمسك جناح نركال بيد وباليد الاخرى يمسك القصيدة كنا لوحدنا امام الحجر الطاعن في السنين انا وناصر ابو الهيجاء وباسل الشيخلي وأردال حسن ونامق سلطان والشمس الغاربة توا والتاريخ العراقي الأعمى من شدة العتاقة والقدم والباب المؤدي الى قصيدة عراقية حديثة معاصرة موغلة في التراث كان قدر هؤلاء الشعراء ان يتلمسوا بل ان يعرفوا كيف السبيل اليها متاخمة النضج والعقل والقبول هذا هو نامق سلطان الشاعر الآشوري فأين يا ترى باقي تلك الكوكبة المضيئة من خيرة شعراء التجديد في شعرنا العربي الحديث؟

آلوكا.

كتاب جديد: على خطى ابن خلدون

كتاب جديد: على خطى ابن خلدون
GMT 18:30:00 2007 الثلائاء 27 فبراير رويترز




تونس: ميز كتاب عن حياة ابن خلدون وفكره الاحتفالات التي أطلقت في تونس هذا العام احياء للذكرى المئوية السادسة لوفاة العلامة والمؤرخ التونسي عبد الرحمن ابن خلدون. كاتبان تونسيان هما عبد الوهاب بوحديبة ومنيرة شابوتو رمادي ركزا على تعريف القاريء بشخصية وروح ابن خلدون المفكر الذي شغل الدنيا والناس منذ قرون ولايزال في كتاب بعنوان (على خطى ابن خلدون) أصدراه مؤخرا عن دار الجنوب للنشر بتونس. يحتوي الكتاب على 288 صفحة وبه 300 صورة. وتحدث بوحديبة عن ابن خلدون قائلا "انه رجل تاريخ واجتماع.. انه رجل عصره والعصور اللاحقة وهو في كلمة عبقري عانق الكونية باقتدار". ويتضمن الكتاب عدة صور لمعالم ومواقع عاش فيها او زراها ابن خلدون التقطت في الاندلس والجزائر وتونس والمغرب.
ولد ابن خلدون في 27 مايو ايار من عام 1332 في تونس وعاش متنقلا بين عديد من الاقطار العربية ليستقر في مصر ويبقي فيها حتى وفاته عام 1406 . عمل ابن خلدون بالتدريس في جامع القرويين في فاس بالمغرب وجامع الازهر بالقاهرة واشتغل ايضا في مجال القضاء وغيرها من مدارس المعرفة التي انتشرت في أرجاء العالم الاسلامي.
لم يقف مؤلفا الكتاب عند سرد الوقائع والتوقف عند مراحل حياته بل انهما استشرفا فكر ابن خلدون وغاصا في اغوار ميزت هذا الفكر. ركز بوحديبة على دارسة شخصية ابن خلدون المفكر والانسان ايضا وبرزت صور لعالم الاجتماع في مختلف حالاته وانفعالاته وانتصاراته وانكساراته في رحلاته بين المشرق والمغرب.
تميز الكتاب بنوع من تعاطف مؤلفيه مع عالم الاجتماع ابن خلدون حتى ان بوحديبة يقول في الصفحة 265 "وسلطت على خطاب لم يخل من التجريد اضواء ودية مفعمة بالتعاطف مع ذلك الذي يظل الجد بل الاخ الكبير وعلى أي حال الرائد الشهير".
لكن بوحديبة وهو فيلسوف وعالم اجتماع يرأس مجمع بيت الحكمة الثقافي بتونس نفى أن يكون هذا التعاطف قد دفعه الى تعظيم ابن خلدون معتبرا إنه اجتهد لانصافه من خلال التركيز على فكره ونظرته الاسشترافية. وتتصدر الصفحة الاولى للكتاب صورة طبعة قديمة لكتابه الشهير (مقدمة ابن خلدون) تعود الى عام 1857 .
وبوحديبة أيضا حاصل على الدكتوراة في العلوم الانسانية منذ عام 1995 وله نحو 20 كتابا. أما رمادي المؤلفة الثانية للكتاب فهي أستاذة في جامعة الاداب والعلوم الانسانية بتونس. وركزت رمادي على ابراز مختلف المراحل التاريخية في حياة ابن خلدون واسفاره من خلال وصف الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلدان التي سافر اليها مثل مصر والشام والاندلس.
وأوضحت جوانب في حياة ابن خلدون الشخصية مبينة ان ايامه لم تكن كلها سعادة بل تخللها شجن واحزان وخيانة وانقلاب السلاطين عليه وسجن بعد ان عاش في بلاط الملوك.
لكن بوحديبة قال ان هذه التجارب لم تكن سوى حافز لابن خلدون لمزيد من التفكير والتأمل ليفيد بعلمه وفكره العديد من الناس عبر العصور. وأخذت الصور حيزا هاما من الكتاب رغبة من المؤلفين في استعادة القاريء للبيئة التي عاش فيها هذا الرجل وعاش فيها معاصروه.
وقالت الناقدة حياة السايب عن هذا الكتاب انه "قد اوفى حق الرجل من العناية والاهتمام فهو كتاب من حيث المضمون حاول ان يكون شاملا حيث فهم اصحابه جيدا العلاقة بين النشأة والظروف الاجتماعية والتاريخية لكنهم لم ينفوا عن الرجل تفرده في عدة مجالات معرفية وفكرية". وحول الاسلوب قالت السايب انه "سهل الهضم وقد تم اقتطاع اكثر من فقرة من تأليف ابن خلدون للتدليل على سلامة الافكار". وأطلقت تونس هذا العام عدة احتفالات وتظاهرات ثقافية احياء للذكرى المئوية السادسة لوفاة العلامة والمؤرخ التونسي ابن خلدون.

كتاب جديد: على خطى ابن خلدون.