١٠‏/١٠‏/٢٠٠٦

حضور قوي للكتب متعددة الوسائط في معرض الكتاب الدولي

يتجدد اللقاء بين الناشرين وأصحاب المكتبات والكتاب والقراء في مدينة فرانكفورت، التي تتحول خلال احتضانها لمعرض الكتاب إلى قبلة محبي الكتب الأولى. معرض هذه العام يتميز بحضور قوي للكتب متعددة الوسائط.

 

لا شك أن اختراع يوهانز جوتنبرج أول آلة طباعة وضع حجر الأساس لثورة معرفية كبرى. ومنذ ذلك الحين تحولت مدينة فرانكفورت إلى واحدة من أهم أماكن عرض الكتب في العالم. واليوم، وبعد نحو 550 عاماً من هذا الاختراع الفذ، ومع أننا مازلنا نتحدث عن "معرض الكتاب"، إلا أنه لم يعد يقتصر على عرض "منتجات دور النشر" من كتب مطبوعة، بل تتطور الأمر كثيراً وأصبح للوسائل التثقيفية الجديدة مكانها في المعرض. لذلك يعتبر التركيز على الازدهار الكبير في مجال النشر الالكتروني أحد محاور المعرض الأساسية، فالكتب المطبوعة تكاد تمثل نصف المعروضات فقط، بعد أن أصبح هناك العديد من المنتجات الحديثة، مثل الكتب المسموعة والإنتاج الصحفي الالكتروني، وكذلك الألعاب والأدوات الكتابية، والأفلام التي تمثل فرصة هامة بالنسبة لأصحاب المكتبات.

 

المعرض ملتقى خبراء التكنولوجيا

 

حضور هندي قوي في معرض هذا العام Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  حضور هندي قوي في معرض هذا العام ومع أن هذا التطور الذي يؤثر على كل التخصصات في وسائل الإعلام، يجلب معه بعض المخاطر، إلا أنه يفتح أيضا ًفرصاً واسعاً للنشر. وتفاعلا مع تلك المتطلبات الحديثة، تكثر المناقشات وورش العمل المختصة بهذا الموضوع خلال المعرض. وفي صالة المعلومات المتخصصة والعلوم يمكن لزوار المعرض التعرف على الكثير عن وسائل الإعلام الرقمية وكيفية إنتاجها واستخدامها وتوفيرها للجميع. كما يمكن أيضاً مناقشتها عبر الانترنت من خلال المنتدى الخاص أو من خلال الاجتماع الالكتروني للجمعية الألمانية لعلوم الاتصال، الذي يُعقد بالتوازي مع المعرض.  كما يجمع "السوق الرقمي" بين خبراء تكنولوجيا المعلومات، حيث يسمح لشركات البرمجيات بالتسويق لمنتجاتها متعددة الوسائط، خاصة في المجالات الأكاديمية والتقنية. وفي معرض تعليقه على هذا التطور يقول شتيفان فوسل، مدير معهد المكتبات في جامعة ماينز الألمانية: "لقد أصبح الكتاب قطاعاً مهجوراً، لأن معظم الباحثين في ألمانيا اليوم ينشرون أبحاثهم العليمة على شبكة الانترنت".

 

جوجل وأزمة نشر الكتب الالكترونية

 

حضور قوي للكتب متعددة الوسائط في معرض الكتاب الدولي  Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  حضور قوي للكتب متعددة الوسائط في معرض الكتاب الدولي لقد بدأ نشر المواد العلمية في وسائل الإعلام الالكترونية منذ فترة طويلة. أما اليوم فتكمن التحديات الرقمية الجديدة فيما يسمى "بالمدونات"، حيث يسمح لأي شخص كتابة ونشر ما يريد أو "البحث عن نص أونلاين"، ويعني ذلك البحث عن نص داخل الكتب عن طريق الانترنت. وهي الخدمة الالكترونية التي بدأت جوجل بتقديمها منذ عامين تقريباً، حيث يمكن البحث عن كلمة أو موضوع ما وقراءة الصفحات المتعلقة به عن طريق الانترنت دون مقابل، وهو ما تسبب في مشكلة بين شركة جوجل وبين الناشرين والكتاب. وفي هذا الإطار سيكشف مدير المعرض، الذي يصف هذا الأمر بأنه سيء جداً، النقاب عن نظام جديد يسمح للناشرين بالحفاظ على حقوق النشر بوضع شروط لنقل محتويات الكتب على شبكة الانترنت. وفي اجتماع اليوم توصل 40 ناشر إلى اتفاقية لنشر الكتب عن طريق الانترنت دون الإخلال بحقوق النشر.

 

البرليناله ضيف في معرض فرانكفورت

 

الأفلام تحتل جزءاً هاماً من فعاليات المعرضBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  الأفلام تحتل جزءاً هاماً من فعاليات المعرض ومنذ أربع سنوات يهتم معرض فرانكفورت للكتاب بتخصيص مكان لعرض الأفلام والمواد الفيلمية ومحاولة الربط بين المجالين. فمنذ ثلاثة أعوام يقدم معرض فرنكفورت الدولي للكتاب سنوياً جائزة "أفضل فيلم  مأخوذ عن رواية أدبية عالمية" وفي هذا العام فاز المخرج أتوم إيجويان عن فيلمه "حيث تكذب الحقيقة" بهذه الجائزة.  ومن ضمن عروض الأفلام أيضاً هناك يوم خاص لعرض أفلام البرليناله، على شرف مهرجان برلين للفيلم الذي يقام في فبراير/شباط من كل عام. يذكر أن الهدف من هذه الفعاليات هو تشجيع الأفلام المأخوذة عن أفلام روائية، علاوة على التسويق لمعارض الكتب لتجذب صانعي الأفلام أيضاً. كما يهتم المعرض هذا العام بعرض أفلام "بوليوود" الهندية للتعرف أكثر على ضيف شرف هذا العام.

 

 

 

سمر كرم

متهم يوجه لكمة إلى حارسه ويسب القاضي

وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان " .

متهم يوجه لكمة إلى حارسه ويسب القاضي.

أخبار حقوق الانسان في العالم العربي

File Attachment: CIHRS - 051006.doc (38 KB)

File Attachment: CPJ - 031006.doc (33 KB)

File Attachment: HRInfo - 021006.doc (30 KB)

File Attachment: HRInfo - 031006.doc (47 KB)

File Attachment: HRInfo - 041006.doc (31 KB)

File Attachment: HRInfo - 061006.doc (29 KB)

File Attachment: HRW - 061006.doc (38 KB)

File Attachment: نشرة آيفكس 39.doc (95 KB)

 

حقوق الانسان في البلاد العربيةسوريا نموذجا

شاكر الدجيلي .... تحية وسلاما

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

 

     تعاني البلدان العربية وبسبب من التخلف الاجتماعي والموروث الاستبدادي من هدر الحريات الفردية بذرائع بالية !! وتبدي قوى الاستبداد والتخلف والمحافظة او ما نطلق عليها " التخاريف الاجتماعية " في بلدان العالم العربي مقاومة مستميتة  لجهود المجتمع الدولي نحو استكمال كل القواعد والضوابط لتأمين الحقوق والحريات الفردية وضمان تطبيقها على نطاق العالم  بأجمعه ! وبذلك تواجه الشرعية الدولية لحقوق الانسان كوابح عرقلة كل قوى الاستبداد بالوانها الدينية و العلمانية والتي لها جذور في مجتمعاتنا وتلقى دعماً من قبل حتى من يدعي التنوير بحجة "مقاومة الغزو الثقافي" او "دعم المقاومة والجهاد".

     جاء في الاعلان النهائي لمؤتمر فيينا لحقوق الانسان المنعقد في حزيران 1993 " جميع حقوق الانسان عالمية وغير قابلة للتجزئة . ويتوقف كل منها على الآخر ويرتبط به ."

     ان  مفهوم " حقوق الانسان " في الفكر الانساني الحديث هو انتقال مهم في الموقف من العالم وزاوية النظر اليه ...  انتقال وضع مفهوم الانسان في مركز الصدارة والاهتمام بدل مفهوم الرب والدين والطماطم المقدسة والجمود العقائدي  .. فانتقل مركز التفكير البشري من السماء الى الارض والواقع . ولسنا هنا بصدد سرد التطور التاريخي لمواثيق حقوق الانسان والمواطن ... ولكن لابد من الاشارة الى انه  في عام 1948 صدرت عن هيئة الامم المتحدة  ديباجة " الاعلان العالمي لحقوق الانسان " . وضم  الاعلان العالمي حريات وحقوق الانسان في علاقته مع الدولة ، والحريات والحقوق الاجتما اقتصادية  ... مع واجبات الفرد تجاه المجتمع ! .. وتألف من (30) مادة . لا تعني حقوق الانسان تحريره من الاضطهاد السياسي والاجتماعي والديني والعرقي وغيره فقط  بل منحه الحق في حرية التعبير والانتماء السياسي والفكري والآيديولوجي والديني والمذهبي ، وتحريره من الفقر والفاقة والجهل والمرض ... فمصطلح " حقوق الانسان " واسع له مدلولاته السياسية والانسانية ، وهو ملازم للديمقراطية كوجهان لعملة واحدة ! . حقوق الانسان – حقوق يحددها النظام الاجتمااقتصادي والسياسي للمجتمع ، وتكفلها الضمانات السياسية والاقتصادية والحقوقية – القانونية ... ولا يتمتع بكامل الحقوق في الرأسمالية الا من يملك الرأسمال !.ان حقوق الانسان مبدأ عام هو ثمرة النضالات التاريخية للبشرية رغم تعدد الصياغات والمفاهيم عن مضمونها . وثقافة حقوق الانسان تعني بالوعي العام المقاوم للظلم وحماية شرعية حقوق الانسان.وتتكون الشرعية الدولية لحقوق الانسان من :

  1. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الامم المتحدة في 10/12/1948 ويضم (30) مادة ، وهو محك مقياس درجة احترام المعايير الدولية لحقوق الانسان والتقيد بها .. لأنه تفاهم مشترك لجميع شعوب الارض.
  2. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختياري الملحق به الذي بدأ نفاذه بتاريخ 16/12/1966. وفر العهد للبشرية حق التمتع بالحقوق المدنية والسياسية ، وحريات الفكر والرأي والتعبير والتنقل والاقامة وتحريم التعذيب والاعتقال التعسفي وتوفير الحماية !.
  3. العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حسبما ورد في قرار (2200) عام 1966 (الامم المتحدة). وقد وفر هذا العهد الحق في العمل بشروط العمل العادلة ، والحق في تكوين المؤسساتية المدنية والجمعيات والحصول على الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية وضمان العيش الكريم !.
  4. الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري قرار (2106) عام 1965 عن الامم المتحدة .
  5. اعلان استوكهولم عن مسؤولية وحقوق الانسان تجاه البيئة عام 1972 عن الامم المتحدة . ويتضمن الاعلان 26 بندا ... كما تضمنت خطة العمل الصادرة عن المؤتمر (109) توصية ... وعن المؤتمر تأسست اليونيب (UNEP - منظمة الامم المتحدة لبرنامج البيئة ) لحماية البيئة وحل مشاكلها . 
  6. الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها قرار (3068) عام 1973 عن الامم المتحدة.
  7. اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة قرار (24/180)عام 1979.
  8. اتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة القاسية عام 1984.
  9. اتفاقية حقوق الطفل عام 1989.
  10. القرار 688 الصادر في 5/4/1991 عن مجلس الامن الدولي  -  يكفل حقوق الانسان والحقوق السياسية لجميع العراقيين .

 

    لم ينل نشر ثقافة حقوق الانسان في البلاد العربية الاهتمام اللازم بسبب المخلفات الثقيلة للنظم الاستبدادية والشمولية القائمة ، وزيف ادعاءات الرأسمال الكبير كونه حامي حمى الديمقراطية و حقوق الانسان بتحويله لهما الى حفلات تنكرية لتحقيق مصالحه ومطامعه في بلداننا !. ولا تعارض العولمة الرأسمالية والادارة الامريكية سياسة القمع الدموية للانظمة العربية والاقليمية الا في حال احساسها بعدم امتثال هذه الانظمة بالقدر الكافي لسياستها. ان مصالح كلا الطرفين اي امريكا والانظمة العربية والاقليمية تتفق على البطش والدكتاتورية في هذه البلدان لان ذلك يشكل ضرورة من ضرورات بقاء الانظمة نفسها وادامة النفوذ والهيمنة الامريكية في المنطقة. وما يجري في السجون وخارجها في هذه البلدان هو امتداد وجزء لما حدث ويحدث في العراق وسوريا ..... القمع والبطش وامتهان الكرامة الانسانية..... وتتفنن اجهزة القمع في سحق مواطنيها وتستعمل احدث ما توصلت اليه التكنولوجيا من وسائل التعذيب والبطش الفردية والجماعية . ويتم تخصيص الامكانيات المالية الطائلة في حين تعاني الملايين من البطالة والبؤس ....ويتميز تعامل هذه الانظمة مع السجناء السياسين بشكل عام في عدم الاعتراف بوجود معارضة سياسية ولذلك فان كل معارض هو بنظرها خائن وعميل للاجنبي او معاد لمصالح الشعب والثورة ....عمليات تلفيق التهم واختلاقها وممارسة التعذيب على السجناء واجبارهم على الاعتراف بتلك التهم ، انتزاع البراءات واجبار المتهم على التعهد بعدم ممارسة العمل السياسي من التقاليد الراسخة للانظمة الشمولية في البلاد العربية .

 

·       حقوق الانسان في سوريا

 

    وصل البعث السوري الى الحكم في الثامن من آذار 1963 اي بعد شهر من الانقلاب الدموي في العراق !... جلادون  اسقطت الوثائق والأعترافات ورقة التوت عن عوراتهم وبينت للعيان عمالتهم وصلاتهم المباشرة بالمخابرات الأمريكية بعدما عثر على مكتب الشهيد عبدالكريم قاسم اضبارة للدكتور ( إيليا زغيب ) والذي كان منتدبا للتدريس في جامعة بغداد وقتذاك ، وكان عميلا للمخابرات الأمريكية ، وظل لسنوات عديدة يقوم بنقل المراسلات بين القيادة القطرية في العراق والقيادة القومية لبعث عفلق ...كما لعب ( وليم ليكلاند ) وهو مسؤول مركز المخابرات الأمريكية في العراق والذي كان يعمل في السفارة الأمريكية بوظيفة مساعد الملحق العسكري دوره المكلف به من تخطيط وتدبير للأنقلابات البعثية ، وبالاخص الانقلاب العراقي ، بما فيه إذاعة اسماء وعناوين الشيوعيين والقوى التقدمية من اذاعة تبث من الكويت . ولا ينسى احد مقولة امينهم القطري وقتذاك علي صالح السعدي ( جئنا بقطار امريكي ) ولا تزال الأيام السود لأنقلاب شباط راسخة في ذاكرة الناس ، وبيانهم المشؤوم رقم (13) . ويقدر ضحايا انقلاب شباط البعثي في العراق ( 5000 ـ 12000) قتيل ، وعشرات الآلاف من المعتقلين ... ثم عاد بعث ( البكر ـ صدام ) ، مرة ثانية للسلطة في 17 تموز 1968 وهذه المرة بتخطيط ودعم المخابرات الأمريكية والبريطانية ايضا ودعم بعض دول الجوار. كان استلام البعث الفاشي في العراق للسلطة مرتين واستلام البعث السوري السلطة في دمشق بمساعدة الأدارة الأمريكية.

   اقتطع البعث السوري جزءا من اراضيه واهداها الى اسرائيل في هزيمة الخامس من حزيران 1967 ..وستبقى هضبة الجولان السورية وشعبها الابي شوكة في اعين البعث السوري الفاشي ورمز للتحالف الصهيوني الفاشي ... وصدق الرفبق فهد حين اكد ان الفاشية والصهيونية توأمان لبغي واحد هي العنصرية ربيبة الاستعمار ! .. ثم قام الاسد الاب بحركته التهريجية والتي اطلق عليها "التصحيحية" لأعادة بعثه الضال الى رشده .. وشهدت علائق الاخوين العاقين البعثيين السوري والعراقي فترات من التوتر والاحتقان السياسي ركضا وراء سطوة ونفوذ قوة الهيمنة على الجناحين معا ! وانجرت الاحزاب الشيوعية في هذين البلدين الى الكمين والخدعة الراديكالية لبعض اوساط البعث لتعش عمى الالوان السياسي في جبهات قائدها البعث الذي جهد لأذلال وتركيع الطبقة العاملة والفلاحين والكادحين بعد ان حول الهدف النبيل في الاشتراكية الى مجرد عمليات حسابية تجارية (1+1=2) والوحدة الى عزلة اقليمية افلاطونية والحرية الى فاشية مع سبق الاصرار ! اما امة عربية واحدة وذات رسالة خالدة فكانت لغوا فارغا من المبتكرات العفلقية رغم انها سجلت له براءة اختراع !. الجبهة الوطنية في سوريا يجلس فيها أناس فقدوا الصلة بشعبهم وقضية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهمهم الحفاظ على مراكزهم ودفء مقاعدهم الوزارية أو الحزبية حيث يستلمون رواتبهم من الدولة، إنهم جماعة من المصفقين للرئيس أياً كان هذا الرئيس ما دام أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي ، قائد الأمة وحامي حمى الأحزاب المدجنة قومياً وفكرياً وسياسياً وأخلاقياً ، ومن المؤسف أنهم يحملون راية الحرية والديمقراطية بصورة عبثية ومذلة.

      بحجة البعبع الاسرائيلي عسكر البعث بلدانهما بحماقة ، تارة مع الشرق وتارة مع الغرب ، لتتخلص المراكز الرأسمالية من اسلحتها الفاسدة .. وفاقمت عسكرة المجتمع وزج الجيش في معارك ضد الشعبين السوري والعراقي ، والطبيعة الدكتاتورية والشمولية للانظمة الحاكمة ..... فاقمت الانقسامات الاثنية والطائفية والعشائرية  بشكل واضح ليطمس اي دور حقيقي للوحدة الوطنية . سيطر حزب البعث السوري على الحكم ومنع النشاط السياسي داخل القوات المسلحة، وانفرد بالنشاطين السياسي والنقابي  في ميادين الشباب والطلاب  ، ونشر أجهزة الامن في أركان الدولة والمجتمع ، وامسك البعث بالسلطة عبر مافيات الفساد وتعشيره البلاد ....  

    فرغت السياسة الأقتصادية لدولة البعث في دمشق الابية التخطيط المركزي والتنمية من المضامين التحررية وادمجت مصالح الطغمة الحاكمة بالمصالح الرأسمالية وأحكمت من طوق التبعية للسوق الرأسمالية لتتفشى النزعة الاستهلاكية ويسود التبذير والنشاط الطفيلي . وابرمت العقود الاستراتيجية تحت إشراف مباشر من الاسد الاب ( اليوم من الاسد الابن ) أعلى سلطة سياسية في البلاد ، والحكومة السورية وبدعم جماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا . وقد ضربت التنمية السورية عرض الحائط بسياسة البرمجة وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية، وخلقت فجوة كبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع الكثيرة المتعاقد على تنفيذها مما أدى إلى رفع تكاليف تلك المشاريع أضعاف ما كان مقررا لها، إضافة إلى سياسة البذخ المفرط في إقامة تلك المشاريع. واليوم يعيش المواطن السوري ليأكل ويشرب ويعمل مضاعفة ويتاجر ولينام ! هذه تربية البعث الفاشي في سوريا !

    وليست سجون حكام دمشق مدارس وجامعات تراعي حقوق المساجين الذين تغص بهم هذه السجون - واكثرهم دخلها دون محاكمة - واكثرهم لن يخرج منها الا جثة هامدة تلقى في مزبلة السجن ولا تسلم لاهلها. وليس غريبا ان حكومة البعث السوري التي امتد سلطانها قرابة 45 عاما  تمارس حتى الان الاحكام العرفية وحالة الطوارئ رغم ان آخر مواجهة مع اسرائيل مضى عليها اكثر من ربع قرن !. ليس هناك دستور دائم حتى الان في سوريا بذريعة البعصة الصهيونية ، والاستفتاءات والانتخابات فيها صورية على الطريقة الصدامية ( 99.9%). هناك تعذيب ممنهج ومعتاد ويومي يقوم به رجال الأمن ضد مواطنيهم ...فبالإضافة إلى التعذيب والقتل هناك ظاهرة الاختفاء القسري وظاهرة العزل حتى أن السجين لا يعرف شيئا عما يحدث في خارج السجن لسنوات طويلة. السجون السورية تدرج تحت بند الأمن القومي ممنوع الإقتراب أو التصوير حتى أسوارها الخارجية لأنها مناطق عسكرية وأمنية محرمة قد يدفع حياته من يقترب بكاميرا من أسوارها. إذ ان النظام السوري والذي كان يسمى وطنيا يوما ما  قد ترك بصماته فيكل مكان وخلق المناخ الكئيب من التعذيب والقمع والبؤس والخراب.... ولم يسلم من القمع حتى  نشطاء ومنظمات وقوى المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان وسط تراجع حاد لحالة الديمقراطية وحقوق الإنسان .

    عمق البعث السوري ، وخاصة عند جيل الشباب الذين ولدوا وترعرعوا في ظل نظام الاسدين ،  ذهنية "الأنا" العربي المتعالية على "الأخر" والرافضة له ، فهي الأرقى والأفضل والأكثر قدرة على القيادة ..... أما الآخر فهو الأدنى والأضعف والأسوأ والذي ينبغي له أن يخضع للعربي الأنقى دماً والأوسع دماغاً والأكثر ذكاءً وإبداعاً! .. ولا يقر حكام سوريا بالحقوق القومية للشعب الكردي في منطقة الجزيرة فداسوا بالأقدام على حقوق الإنسان وحقوق القوميات وعلى أسس العلاقات الدولية بسياساتهم المدمرة !.  التوتر في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا  بلغ نقطة الغليان بعد مقتل العشرات من الابرياء وإلقاء اللوم على السلطات السورية في مقتلهم. الأكراد يشعرون بالغضب الشديد، كما هو واضح من البيانات الصادرة عن أحزابهم السياسية المحظورة.

      لقد بقي حزب البعث السوري في الحكم أضعاف الفترة التي كان الحكم الهتلري في الحكم تقريباً وضعف فترة بقاء شقيقه اللح في بغداد  . واستطاع خلال هذه الفترة ذات الأجيال الستة  أن يترك تأثيره المباشر والشديد عليها بعد ان أجبرت على الارتباط بفكر البعث وممارساته ، والتي لم تتعرف على القوى السياسية الأخرى التي ناضلت طويلاً في سوريا قبل وأثناء وجود البعث في السلطة بسبب محاربته لها وسعيه لاستئصالها وتقزيمها وشقها ( مثلما فعل مع الشيوعيين الذين تشرذموا اليوم الى خمسة او ستة احزاب ) ، وأن التربية التي اعتمدها بعث سوريا تميزت بوجهتها الاستئصالية للفكر الآخر والشخص الآخر وغرس الفكر الاستبدادي والعنصري والقمعي المشوه في أدمغة الأطفال والشباب خاصة في المناطق العربية من سوريا (البعثنة) .

   المخابرات السورية تعج بالضباط  وشركائهم من زعماء عصابات مافيا النهب وتبييض الأموال لتشكل العصابة القذرة التي يستند عليها الاسد الابن الذي يلعب دور الصبي المسكين الذي آخر من يعلم بمخططات مخابراته .  محمد سعيد بخيتان ،  غازي كنعان ، آصف شوكت ، هشام بختيار ، بهجت سليمان ، ماهر الأسد ، ذو الهمّة شاليش ، أحمد درغام ، فوزي الراوي ... وأخرون اسماء معروفة لا يستطيع الشعب العراقي محوها من ذاكرته  بعد ان تورطت في الأنشطة التجارية غير المشروعة مع نظام صدّام حسين خلال الفترة 1997 ـ 2003، و تأمين وصول الدعم اللوجستي للإرهاب البعثي الفاشي في العراق  ، وأرسال المتطوعين لصالح الأرهاب الاصولي الإسلامي بتجنيد الشبان من الأوساط الشبابية التي تؤم المساجد وتأمين وصولهم  العراق ، والاشراف على  تهريب الأموال العراقية إلى سورية ولبنان ، وإدارة تمويل الجماعات الإرهابية في العراق ، مقاولات ـ الشراكة لعمليات الإرهاب في العراق ، التعاون مع الحرس الثوري الإيراني وجماعة المرشد علي خامنئي وعصابة الرئيس احمدي نجاد  لتأمين التسلل عبر الحدود العراقية – الايرانية و الحدود العراقية – السورية .  إن العراقيات والعراقيين الذين يرفضون الاحتلال الأمريكي للعراق بشكل تام، والذي كان النظام البعثي المماثل للنظام السوري سبباً له ، ويعملون من أجل التعجيل بإنهائه العملي وليس القانوني فحسب ، يعجبون للوقاحة التي تتميز بها القيادة السورية واعلامها الساقط الذي يتحدث عن احتلال العراق، وهي تعيش يومياً ومنذ ما يزيد عن ثلاثة عقود قرب مرتفعات الجولان السورية المحتلة من قبل إسرائيل.

    ويسهم بعث دمشق اليوم على عودة الفكر القومي المندحر والصدامية الى العراق بأنسلال الحية الرقطاء دون أن نشعر بضجة أو ضوضاء .انهم بيننا في بغداد يملكون المال الذي اقتطعه القائد الضرورة من افواه الجياع ومن حياة المرضى ، ويمتلكون السلاح وقطع الغيار ومعدات التفخيخ .. بعد ان أمنوا العقاب والملجأ الآمن في قصور الاسد ...  فعادوا الى الشارع يرقصون ويهللون لجزارنا ويرفعون صوره البشعة والرديئة تحدياً لنا ، بعد ان شعروا أن احاسيسنا في طريقها للموت ، واننا اختلط حابلنا بنابلنا فلم نعد نتعرف على وجوههم ولانتذكر سكاكين الذبح المعمية التي كانوا بها يذبحوننا ، ولانتذكر أسماؤهم وشكل وجوههم . انهم بيننا أنسلوا بصمت بعد ان كانوا يرتجفون هلعاً في الأيام الأولى من سقوط طاغيتنا . وزعوا ادوارهم بدقة بين كاتب ومحلل سياسي وصحفي ومتخصص في الموت والتفخيخ ومن يجيد اللطم على الوطن ومتخصص في خطابات الرثاء وعاهرة لاتجيد سوى الردح والشتائم واتهام الجميع سواها ومثلومين وأشباه رجال وشلة غادرة عدتهم وعددهم وحتى رواد لحركة حقوق الانسان مع الاسف  . لكنهم بدأوا يظهرون في الشوارع والمقاهي وفي التظاهرات السلمية يلبسون غير ملابسهم ويلتحون ويغيرون ملامحهم ويكثرون من ذكر الله في العلن وقائدهم الجرذ في الخفاء بصوت منخفض ... ويعلقون صورته تعويذة وتذكار لعل زمانهم يعود مادام الناس في غفوة ثانية . انهم ينافسون الشهداء في راحتهم فيقلقونهم ، ويدنسون قبورهم وبصلافة العاهرة التي تعير الناس بالشرف يتحدون العراقيين. عشرات الأسئلة هي مثارة حول عودة مافيات البعث والمافيات الطائفية الى السلطة ومن المستفيد من ذلك ... !. إن الدولة السورية وأجهزة الأمن السياسي فيها مسؤولةٌ مسؤوليةً كاملة ًعن قتلى العراق الذين سقطوا بسبب التفجيرات والانتحاريين بسبب سماحها لهم بالعبور والمشاركة ودعم تلك الجهود بهدف إشغال "العدو الأمريكي!" بمشاكل العراق لكي لا يتقدم صوب سوريا... هذا هو حال نظام الملالي في قم وطهران ( حقوق الانسان مغيبة في ايران ، ولا زال دم ابناء الشعب الايراني الابرار لم يجف ، وخاصة ابناء الاقليات القومية ، وسيقدم الشعب الايراني من قرر واقدم على تغييب الرفيق العزيز كيان الدين نوري واعضاء المكتب السياسي لحزب تودة المناضل وكوادره السياسية المتقدمة الى المحاكم .. وفي مقدمة هؤلاء مشعوذي ولاية الفقيه الخمينية )! ..

     في ظل عالم جديد استطاع تحطيم القيود والعوائق والحواجز التي كانت تحول دون انتشار الأفكار والآراء المسموعة والمقروءة والمرئية والمكتوبة التي أصبحت تجري من كل حدب وصوب. وفي ظل عالم الفضاءات المفتوحة لتبادل المعلومات التي ازدحمت فيها قبة السماء بالأقمار الصناعية التي تبث آلاف الساعات يومياً من مختلف المواد ولجميع الشرائح. وفي ظل ثورة شاملة للاتصالات والمواصلات والتي أصبح من الممكن فيها تبادل الأحاديث ووجهات النظر والتخاطب بين الناس بالصوت والصورة وعبر القارات والمحيطات دون أن يعرف بعضهم بعضاً.وفي ظل هلامية القوانين الإعلامية في سوريا تحجب الحكومة السورية المواقع الالكترونية وبالاخص تلك الصادرة عن جمعيات حقوق الانسان مثل المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان ، لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية ، المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية ) ، المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية ، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ( FIDH )، المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT)..الخ. لا عجب ذلك في بلاد  تشهد التنكيل بالمناضلين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني والتصعيد  في الأساليب البوليسية والقضائية التي تَكشف مرة أخرى عن مضي النظام الشمولي قدما في قمع القوى الحية في المجتمع كي ينفرد بتقرير مصير الوطن، ونهب ثرواته، واستغلال قوة عمل الأكثرية المعوزة والمفقرة من الشعب السوري. وتأتي هذه الممارسات في الوقت الذي تَستكمل فيه الولايات المتحدة مخطَّطَها لإعادة تنظيم المشرق العربي من أجل نهبه واستباحة هويته القومية وثرواته الاقتصادية بصورة وحشية.... ما يؤكد مجددا أن النظام الحاكم الذي تعايش طوال العقود الماضية مع سياسات الأمبريالية الأمريكية يَعتبر أن خصمه الرئيس هو الشعب في سورية، وليس الآلة العسكرية والاقتصادية الأمريكية، وذراعها إسرائيل.وكانت السلطات درجت في الآونة الأخيرة على استخدام أزلامها في "المنظمات الشعبية" التابعة لها للاعتداء على المتظاهرين بالضرب بالهراوات والقضبان الحديدية.

      تمنع السلطات السورية وإدارة المخابرات العامة في مخالفة واضحة للدستور السوري وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان رموز ودعاة حقوق الانسان في دمشق من مغادرة البلاد حتى وان كانت لتلبية دعوة حضور مؤتمرات حقوق الإنسان الدولية ( انظر: الدكتور رضوان زيادة ومؤتمر "في إطار العدالة الجنائية – التحديات المعاصرة والإستراتيجيات المطلوبة في العالم العربي"....والذي كان من المقرر أن يعقد في عمان بدعوة من مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان وبرعاية شخصية من أمين جامعة الدول العربية الدكتور عمرو موسى).وتصرف من الخدمة دون بيان الأسباب لمن تشاء وبحجة الاستناد الى المادة 137 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /50/ لعام 2004 وتعديلاته !. (سبق لرئيس مجلس الوزراء السوري وأن استعمل صلاحياته بموجب القانون المذكور وأصدر عام 1998 قراراً بصرف الدكتور عارف دليلة من الخدمة العميد السابق لكلية الاقتصاد في جامعتي حلب ودمشق  والمعتقل حالياً في السجن السياسي المدني منذ تاريخ 9/9/2001)( كما جرى اوائل حزيران 2006 فصل سبعة عشر مواطنا من نشطاء المجتمع المدني كانوا وقََّّعوا وأيَّدوا "إعلان دمشق بيروت"، وبصورة انتقامية جائرة من عملهم . ونفذت حملة الاعتقالات أجهزة أمن الدولة دون مذكرة توقيف أو استدعاء قضائي صادر عن السلطات القضائية المدنية، وجرى أحالة الضحايا إلى القضاء المدني الذي كان قد لحق به الفساد منذ سنوات واستشرى بعدما تحول إلى أُلعوبة لتلبية أهواء الراشين الفاسدين وتوجيهات الأجهزة)* . العار للاستخبارت وقضاءها في سورية . وتحاكم محكمة الجنايات الأولى  المعارضة السورية بتهمة الاتصال بدول أجنبية بقصد العدوان على سوريا  ... وحقيقة الامر رفض المعارضة السورية جهاراً نهاراً طبيعة النظام السوري الفاشية مثلما رفضت الضغط العسكري أو الاقتصادي على سوريا و استنكارها ازدواجية الخطاب السياسي الرسمي ومطالبتها بالعلانية والشفافية  وبمزيد من الحريات الديمقراطية والحقوق المدنية والسياسية ( انظر : الدكتور كمال اللبواني مؤسـس التجمع الليبرالي الديمقراطي في سوريا الذي اعتقل في 7/11/2005  بمجرد وصوله لمطار دمشق الدولي بعد مقابلة أجراها مع قناة الحرة )( أقدام السلطات السورية صباح 22/5/2005 على اعتقال المحامي  محمد رعدون رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية ، إذ داهم الأمن السياسي مكتبه في مدينة اللاذقية واعتقله مخفوراً ،ومن ثم تم نقله إلى العاصمة دمشق )!!.ومنذ شهر آذار 2006، تقوم السلطات السورية بحملة اعتقالات واسعة في صفوف الشخصيات السياسية والمدنية للمعارضة من مثقفين ومناضلي المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان..... موجة جديدة من الاعتقالات تأتي ضمن السياسة الشمولية والدكتاتورية للحكم: انتهاكات منهجية للحريات وحقوق الإنسان، توقيفات خارج إطار القضاء واعتقالات تعسفية، تعذيب وترهيب مع محاكمات جائرة ( من ابرز المعتقلين : ميشيل كيلو ، محمد مرعي ، غالب عامر ، نضال درويش ، كمال شيخو ، محمد محفوظ ، خالد خليفة .. ) .

    لقد فشلت سوريا البعث بتحرير النخبة السياسية من تماهياتها الجزئية لتتمكن من تجسيد مثال الوطنية وأن تحرر معها الدولة ومؤسساتها من احتمال ارتهانها للعصبيات الخاصة، حتى تتحول بفضل سياساتها الوطنية إلى دولة امة، أي دولة مواطنيها. وتجاوزت ارادوية البعث السوري حدود الموضوعية لتخلق لها اوهام نضالية وكفاحية تصحو عليها ليل نهار ( انقلاب 8 آذار 1963 ، الحركة التصحيحية ، هزيمة 1967 ، حرب 1973 ، دخول القوات السورية الاراضي اللبنانية ، حرب حسن نصر الله مع اسرائيل .. ... كل ذلك بالارشفة التاريخية للبعث السوري انتصارات ومنجزات عظمى ) وسلطات دكتاتورية شمولية باسناد من قوى متذبذبة فقدت الثقة بنفسها قبل ان تفقدها بالآخرين ( جبهة وطنية شكلية ) واستبداد بالغ اساسه قمع حقوق الانسان . وقد اثبتت سوريا للملء  موضوعة الفكر القومي المندحر الذي فشل في شحذ الوعي الوطني للأفراد، بصرف النظر عن مذاهبهم الدينية، والتطلع المشترك والشامل لنهضة حضارية عربية كبرى، تنقل المجتمع إلى مصاف المجتمعات الحديثة المتمدنة الديمقراطية، وتساعده على تجاوز انقسامات المجتمعات التقليدية الموروثة، وتحرر الفرد من التبعية لعصبية العشيرة والقبيلة والطائفة الدينية اي من التخاريف الاجتماعية والولاءات دون الوطنية !!... في سوريا اليوم دولة علمانية صورية استبدادية ، ويستعد الاسد الابن لأعداد ابنه البكر لوراثته هو ايضا .. وعلى الشعب السوري السلام !.

   إن ما يجري في سوريا اليوم يعتبر تجاوزاً فظاً على حقوق المواطنة وحقوق الإنسان وحقوق القوميات ، ويضع هذا الواقع على عاتق العالم كله مهمة التحرك لمنع ما يجري هناك ومساندة قوى المجتمع المدني السورية وكل المناضلين في سبيل الديمقراطية ومن أجل إزاحة الدكتاتورية عن السلطة. إن مهمة السوريين النضال لتأمين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية للشعب السوري وإنقاذه من سياسات البعث الراهنة، ومن واجبنا تقديم الدعم السياسي والمعنوي الكامل له.

 

·       التدخل في شؤون منظمات المجتمع المدني في البلدان العربية

 

    من منطلقات القومانية الاستئثارية المندحرة يبذل البعث السوري الجهد لعرقلة مسيرة منظمات المجتمع المدني في البلدان العربية بل وكامل الحركات السياسية الديمقراطية والوطنية فيها .. ويحول زقها بالاموال والمقدرات المادية لتدجينها وتسييرها على هواه بناء على اوهام ان البعث هو قائد الأمة وحامي حمى الأحزاب المدجنة قومياً وفكرياً وسياسياً وأخلاقياً  .. وتعشعش اليوم في سوريا عشرات المكاتب – الدكاكين السياسية والمهنية ، واجهة للديمقراطية البعثية المخصية ، وتأوي الحكومة السورية بقايا قيادات البعث العراقي الى جانب قيادة قطر العراق في سوريا ( قيادة تبادل مسؤوليها الادوار في بغداد ودمشق قبل سقوط صدام حسين ، هذا القيادي يهرب الى بغداد .. ويعود بعد اعوام .. تسلية وضحك على الذقون!! وجلهم من الحثالات الطبقية والتجارية ..).. وفي دمشق مكتب المنظمات الشعبية العراقية ومكتب شؤون العراق في القيادة القومية ومهمتهما مخابراتية بحتة !! .. وفيها بقايا بعض المنظمات الفلسطينية والعربية .. وتأوي سوريا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لعصابة حماس الأرهابية الذي القى خطبته النارية في الجامع الكويتي في دمشق اثناء صلاة الجمعة ليوم 12/8/2005 والتي حث فيها المصلين ومن سمع خطبته على دعم العمليات الأرهابية في العراق بالتطوع لها تحت مسمية " الجهاد بالنفس " ، أو دعمها بالمال . فدعم العمليات الأرهابية في العراق " اهم من دعم المقاومة في فلسطين " في نظر هذا الروزخون ، ولقد نشرت ذلك جريدة اللواء السورية .

   ومثلما اختفت آثار جريمة اغتيال القائد الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو في سوريا عام 1959، اختفت آثار القائد الشيوعي العراقي شاكر الدجيلي في سوريا.والدجيلي ناشط سياسي له صفة إستشارية في الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان)! وعضو في الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الإنسان / السويد ! اختطف شاكرالدجيلي بتاريخ 31/3/2005 ومن صالة ترانزيت دمشق في وضح النهار وامام مرأى ومسمع من الحكومة العراقية من قبل المخابرات السورية وليس من هناك من حرك ساكنا ! اختطف النظام السوري الدجيلي بذات الطريقة إثناء "الضيافة العربية"، ولا نعرف مصيره على أيدي زبانية الجحيم البعثي السوري الآن.... والجميع يتفرج ! يالها من محنة . 

   وفي سوريا ايضا وبدفع من زبانية البعث والاصوليات الاسلامية الصديقة رفض اتحاد الكتاب العرب شرعية الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق وليشغل الكرسي الذي كان يشغله المجرمون والقتلة وكاولية ثقافة حميد سعيد ومحمد سعيد الصحاف وهاني وهيب وسامي مهدي وعبد المنعم حمندي وجواد الحطاب ورعد بندر وامل الجبوري ونصيف الناصري وخالد علي مصطفى وعبد المطلب محمود ولؤي حقي وأديب ناصر وباقي زمرة هز الوسط البعثية! رفض اتحاد الكتاب العرب عضوية منظمة الجواهري والبياتي ورشدي العامل وكوران وشيركو بيكس والتي يقودها اليوم ادباء عراقيون نار على علم لأنها لا تنسجم مع اخلاقيات البعث في ضرورة مديح الاسد الاب والابن ومتطلبات الامن القومي ! مجدا للمثقف العراقي شهيدا وسجينا وملاحقا عصيا على التدجين ...!! . الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق الذي رفضت عضويته في اتحاد الكتاب العرب رفض هو الآخر مسايرة ضغوطات الابتزاز على سياسته المعلنة واكد مرارا انه لا يقبل في عضويته المتملقون واشباه الادباء والكتاب والمتطفلون والاوصياء على الادب والثقافة ، ومن الذين سجلوا مواقفهم على صفحات مجلات وصحف النظام المسحوق ونشروا القصائد والقصص والمقالات والتهاني والأحاسيس والمشاعر في اوسع عملية استخفاف بعواطف الناس المغلوبين على امرهم ، وكتبوا عن بطولات صدام المهزوم الموهومة وحولوا هزائمه الى نصر مؤزر وسموه بطل التحرير القومي ، وكتبوا عن ايام حكمه باعتزاز وعدوها بانها فخر العرب والعراقيين وانه نعمة من الله تعالى ... وذهب البعض الى وصفه بانه النبي والاله وانه حلم باسرائه ومعراجه وانه الغالب لا المغلوب والزاهي الاسعد والحاكم الامثل الاوحد والمتحضر الاول وحامي المقدسات وموحد الشعب غير المفرق والقوي الامين والزاهد والمتصوف المتدين الذي لا مثيل له ومخترع الوصايا . وقال عنه البعض بانه الكرامة والخبز والنعمة..... اكد الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق الذي رفضت عضويته في اتحاد الكتاب العرب انه لا يقبل في عضويته اولئك الشحاذون والمنافقون وقتلة العراقيين الذين سجلت لهم شرف سرقة خبز الجياع وعزهم باستلامهم دنانير الطاغوت الاخرق عن كلمات تافهة ذليلة كسيحة لا تنتمي الى الادب ولا الى أي جنس ثقافي اخر ، والذين كتبوا ممجدين الحرب والقتل والقنابل وازيز الرصاص باسلوب رخيص ومبتذل ، والذين تجردوا من كل التزام اخلاقي فاصدروا عشرات بل مئات من روايات ( قادسية صدام ) وقصص تحت لهيب النار ودواوين القادسية التي تحتفي وتشجع وتمارس نزعة القتل والموت وتستهين بمشاعر واحاسيس المواطن العراقي والذي قال عنها الناقد الدعي سليم السامرائي إنه (أدب ضرورة) !. واصل ادباء (بالروح بالدم ) اصرارهم على عدم الاعتذار العلني للعراقيين عنما اقترفوه من آثام وتبرئة صفحاتهم الملطخة .

     الجماهير صانعة التاريخ . وتاريخ الشعوب لا يصنعه غير الابناء النجباء الشرفاء الذين يسطرون ملاحم الاباء والشهامة ،لا الذين يساهمون بافعالهم النكراء في تشويه التاريخ وتجييره باسم وأفعال شخص واحد هو الدكتاتور او الطاغية او الرئيس القائد او الولي الفقيه ... الخ  .

  وفي سوريا ايضا جرى التوقيع  على اتفاقية دمشق ثمرة جهود  المنظمات النقابية العمالية في العراق ( قرابة 6 اتحادات عمالية نقابية - الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق/ سابقا في العهد الصدامي وبقيادة جبار طارش ، الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق  IFTU/ بعد سقوط الطاغية ، الاتحاد العام لنقابات العمال في جمهورية العراق/ جماعة خليل المشهداني ، اتحاد نقابات العراق المستقلة / التيارالصدري ، التجمع المهني المستقل / الدعوة الاسلامية ،  .......) لتنسيق العمل وفق آليات الديمقراطية الشرعية النقابية . وكما كان متوقعا  فوجئ الجميع بالهيئة القيادية في الاتحاد العام لعمال العراق( GFTW)**  وقرارها  رقم 12 في 20/2/2006 بتسمية اعضاء للمكتب التنفيذي وتوزيع المسؤوليات عليهم وتعيين عدد آخر في مواقع المسؤولية لنقابات بغداد بشكل لا يناسب وحجم وقدرة كل اتحاد .... ويبدو جليا للعيان ان مرتزقة بقايا البعث العراقي قد اغتصبوا وغنموا ما لم يكن يحلمون به هذه المرة ايضا اي وبالرعاية السورية ( انظر: سلمان محمد هادي المشهداني /عضو فرع في البعث العراقي وامين سر شعبة الشعلة ، كريم عبد الله حمزة / عضو قيادة فرقة ، خليل ابراهيم المشهداني / ضابط مخابرات في عهد صدام حسين وعضو شعبة ، محسن علي عفريت / عضو فرقة ، مهدي حسيب علي / عضو قيادة فرقة )! واكد المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق IFTU  ان هذا القرار غير شرعي ومخالف للاتفاق الموقع في دمشق 9/9/2005 بين الاتحادات العمالية والذي تم تحت المظلة السورية والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ، وخرقا للفقرة ب من المادة الاولى التي تؤكد " ان تقوم  الهيئة القيادية باجراء المسح الميداني للمنظمات النقابية على أرض الواقع ..."  . لم تلتزم الاطراف الاخرى بجوهر الاتفاق ولم يجر المسح وصولا الى تنظيم الانتخابات النقابية العمالية العامة بشكل ديمقراطي وحر ومستقل !.. ويسهم هذا التخبط  والتعمد والتخريب في ابعاد  الحركة النقابية اكثر عن الاوضاع المعيشية للعاملين والشغيلة ومتوارية متوانية عن مطالبهم العادلة ....  انها مصيبة جديدة اذا ما قدر لهذا التخبط ان يجد طريقه الى أوصال مؤسسات المجتمع المدني، انها محنة تستهدف تمزيق هذا المجتمع اكثر مما هو ممزق، وتشويه منظماته الجماهيرية اكثر مما هي مشوهة.

     وبتحريض سوري جرى نقل مقر اتحاد المهندسين العرب من بغداد الى بيروت اواخر عام 2004 وليبقى عادل الحديثي المسؤول الاول المباشر له، وهو من قياديي البعث العراقي / قسم الامن القومي !.... ( قسم الاراذل الياس فرح ، عبد المجيد الرافعي ، قاسم سلام ، بدر الدين مدثر  وممن كانوا يتقاضون من ثروة العراق آلاف الدولارات شهريا رواتبا لخدماتهم في تمزيق الأمة وبعثرة الشرف العزيز !) ... انه درس لمؤسسات المجتمع المدني ان تتجنب العاصمتين ....  السورية مؤقتا لحين إنقاذها من سياسات البعث الراهنة ! والايرانية مؤقتا لحين إنقاذها من سياسات الملالي الراهنة !

   كان تدخل سوريا في الشؤون الداخلية اللبنانية هو الاوسع والاكثر وضوحا للعالم أجمع! وبذلت الدولة السورية قصارى همتها لوأد الحركة الوطنية اللبنانية التي انطلقت اواسط سبعينيات القرن العشرين وتبلورت اهدافها لمقاومة الطائفية المتنامية على اراضيها ولمواجهة الاطماع الصهيونية ومخاطر التقسيم ولدعم فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي ... وتراث الحركة الوطنية اللبنانية تعمد بالشهداء كمال جنبلاط ، حسين مروة ، مهدي العامل ، جورج حاوي ، ... والرئيس رفيق الحريري . اغتالت المخابرات السورية رموز الحركة الوطنية اللبنانية بدم بارد وصلافة وقحة ، لم يكن آخرهم الرئيس رفيق الحريري !! انعكست التطورات الحاصلة على صعيد العلاقة السورية – اللبنانية، بعد صدور القرار الدولي 1559، واغتيال رفيق الحريري والتداعيات التي اعقبته، على الاوضاع في البلدين والتفاعلات الجارية فيهما، وارتباط ذلك بمساعي اطراف عدة لتوظيف تلك التطورات لصالحها. لقد دعى حسن نصر الله إلى حرق العراق وذلك استجابة لتعليمات ولي نعمته، مرشد جمهورية الملالي الإسلامية في إيران ونكاية بأمريكا... وبدعم لوجستي سوري قذر ! ثم أدخل  حسن نصر الله لبنان  إلى محرقة المغامرات الصهيونية  ثانية وبدعم لوجستي سوري أقذر وضوء أخضر من أحمدي نجاد ! أيحتاج نهجٌ مغامر أرعن بهذا الوضوح الى معجم لكي نفهمه ؟!!

    تقول وصال فرحة بكداش الامينة العامة للحزب الشيوعي السوري ( جماعة بكداش) وزوجة القائد الوطني السوري المناضل خالد بكداش :" نحن نسأل البابا هل شاهد جثث الشهداء الأطفال في قانا الأولى وقانا الثانية وأطفال الجنوب الذين طارت أشلاؤهم الطاهرة مع شظايا القنابل الإسرائيلية الملقاة من قطعاتها الحربية في لبنان؟! " .. ترد السيدة وصال على ما ذكره البابا عن الفاشية الاسلامية !... ونستدرك نحن اليوم في بغداد "  هل شاهدت وصال فرحة بكداش جثث عشرات الشهداء الأطفال والشيوخ والنساء العزل في كل أحياء بغداد والمدن العراقية الذين تطير أشلاؤهم الطاهرة يوميا مع شظايا السيارات المفخخة والعبوات الناسفة التي صنعتها الايادي القذرة لمخلوقات دربت في اقبية المخابرات السورية والايرانية وداخل الاراضي السورية والايرانية ؟! ... كل شهداء لبنان في حرب نصر الله الاخيرة مع اسرائيل لم يتجاوز عددهم شهداء العراق الابي ضد الارهاب في شهر آب 2006 وحده .. ان الله لفي خلقه شؤون وانا لله وانا اليه راجعون !"... ولولا اجلالنا للرفيق العزيز الراحل بكداش ، لأستخدمنا كلمات اقسى على السيدة بكداش !! .. لقد حول البعث السوري احزاب الجبهة الوطنية في سوريا الى مؤسسات تدار على هيئة شركات مساهمة ، ومن ثم قزم الاحزاب – الشركات ولا ضرورة للعمال والفلاحين والجماهير الواسعة ... ويكفي لها وجود تمويل المخابرات السورية  والكادر الضيق من الموظفين الذين يطلق عليهم مجازا اسم الكادر الحزبي ... احزاب -  كلاب صالونات تعوي ولا تعض !! وتتسم بدهاء الورع المزيف وانتقاء الكلمات التي لا معنى لها والتشدق بعبارات مميزة لأنصاف المتعلمين على شاكلة الصبي بشار الاسد ، وتغليب مصالحها الضيقة ، والجهل الفاضح بالواقع السوري وآفاق حركته الوطنية والاجتماعية والسياسية والقومية اللاحقة.... احزاب تمثل اليوم المصالح الرأسمالية المالية الاميركية والصهيونية المستترة ، وهي امتداد لجهل الطاغية صدام حسين وتوتاليتارية نظامه الارعن في بغداد ... ويبدو ان الاسد الابن ، هو الآخر ، بدأ مؤخرا  يزعج اسياده في الادارة الاميركية !!. 

     حزب الله وحركة حماس تكشفا بوضوح   عن أوجهها الخبيثة القبيحة مثلما تفعل قوى الاسلام السياسي في العراق اليوم وفعلت الصهيونية العالمية و يفعل ملالي قم وطهران ويفعل أسد زمانه في دمشق ... والتاريخ لا يرحم ! فالى مزبلته وبئس المصير .

 

 

* -  الموظفون المطرودون هم : سهيل أبو فخر وعصام محمود وفؤاد البني وكمال الدبس ومروان حمزة ونبيل أبو سعد وهيثم صعب وفضل حجاز ولينا وسلمى كركوتلي وناظر نصر وكمال بلعوص وغالب طربيه وعصام أبو سعيد ومنير شحود والدكتور نيقولا غنوم وسليمان شمر.

 

** -  الاتحاد العام لعمال العراق( GFTW) هو المنظمة النقابية العمالية التي خرج بها اتفاق دمشق !.

 

الحرب والارهاب

نـــــــــــــــــــــــــــزار حيدر

  

   هل أن الحرب على العراق، والتي أسقطت النظام الشمولي المباد، قللت من خطر الارهاب، أم أنها غذته بأدوات الديمومة وأسباب التوسع، لسبب أو لآخر؟.

   لقد بات هذا السؤال يدور في خلد الساسة وأروقة أجهزة المخابرات، وفي كل مكان، فلقد حل السؤال محل السؤال السابق (هل حققت الحرب أهدافها، المعلنة على الأقل؟).

   يكفي السؤال الجديد جوابا بالنفي على السؤال القديم، اذ أنه دليل قاطع على أن الحرب، التي أريد لها أن تكون سببا لاسقاط الديكتاتورية واقامة النظام الديمقراطي، ليس في العراق فحسب، وانما في كل منطقة الشرق الاوسط، حسب بما ادعاه مشرعو الحرب الأميركيون، اذا بهم يكتشفوا بأنها تحولت الى سبب مباشر لتغذية الارهاب.

   كل تقارير أجهزة المخابرات والاستخبارات العسكرية الأميركية، تقول وتؤكد بأن تلك الحرب غذت الارهاب، وكانت، ولا تزال، سببا لتفريخ مجموعات ارهابية جديدة، ليس في العراق فقط، وانما في الاتجاهات الأربعة من الكرة الارضية كذلك.

   كما أن العقلاء والمنصفين، كذلك، يؤكدون هذه الحقيقة، ولا ينفونها.

   ولكنني هنا سوف لن أعتمد هذه التقارير لاثبات صحة هذه الحقيقة، حتى لا أتهم بالانحياز الى الديمقراطيين في حملاتهم الانتخابية، التي ينشغل بها الرأي العام الأميركي هذه الايام، وهم يستعدون لخوض الانتخابات التشريعية ضد غريمهم اللدود، الحزب الجمهوري الحاكم، في نوفمبر القادم.

   وانما سأسرد الأدلة التالية التي اعتقد بأنها عقلية ومنطقية، تشير كذلك، الى أن هذه الحرب غذت بالفعل جماعات العنف والارهاب، خاصة في العراق، وللأسباب التالية؛

   أولا؛ كما هو معروف فان مجموعات العنف والارهاب تعتاش على أخطاء الآخرين التي تسعى لتوظيفها في مشروعها التدميري.

   كما ان هذه المجموعات تبحث عادة عن مادة (فكرية وثقافية ودينية ووطنية) لتوظيفها في تعبئة ضحاياهم.

   ولقد ارتكبت الولايات المتحدة كما هائلا من الأخطاء في حرب اسقاط الطاغية الذليل صدام حسين، اعترفت ببعضها السيدة كونداليزا رايس وزيرة خارجيتها، ما مكن الارهابيين من الاعتياش عليها كل هذه المدة من الزمن، ولقد نجح الارهابيون بامتياز في توظيف هذه الأخطاء لاصطياد ضحاياهم في الشباك التي نصبوها لهم في طريقهم، ولذلك رأينا كيف نمت مجموعات العنف والارهاب في العراق، على الأقل، وبشكل أميبي مطرد.

   فعندما نعت مجلس الامن الدولي تلك الحرب بالاحتلال، قدم الذريعة للارهابيين  ومنحهم الفرصة للتعبئة (الدينية والوطنية) للانطلاق بمشروعهم التدميري تحت مسميات مقدسة كالجهاد والمقاومة، وهي القيم التي يسيل لها، عادة، لعاب كل مواطن حريص على استقلال بلاده وسمعة شعبه، وهو يرى قوات اجنبية تدنس بلاده، وتنتشر في كل مدينة ومحلة وشارع، بغض النظر عن هوية من يحمل لواء هذا الجهاد أو المقاومة.

   هذا في الوقت الذي حرص فيه الرئيس الاميركي جورج بوش على نعت تلك الحرب بالتحررية، قبيل واثناء شنها على النظام الشمولي، كما كان يسعى لتحديد العدو المستهدف في هذه الحرب بالنظام فقط دون غيره من العراقيين.

   ثانيا؛ وهنا يقفز السبب الثاني، فلقد حاول العراقيون استيعاب فكرة ان هذه الحرب انما تمثل بوابتهم الحقيقية للانتقال من الديكتاتورية الى النظام الديمقراطي، بالاعتماد على تصريحات الرئيس بوش الآنفة الذكر.

   وعندما نعت المجتمع الدولي هذه الحرب بالاحتلال، حاول العراقيون تفسير ذلك برؤية ايجابية غير متشائمة او سلبية، وظلوا ينتظرون الايام والاسابيع والاشهر والسنين ليتاكدوا ما اذا كانت هذه الحرب احتلالا ام تحررا.

   طبعا لم يكن بوسعهم التاكد من ذلك بالكلام المعسول او بالشعارات البراقة، وانما بالافعال والانجازات الملموسة.

   ولقد طال انتظارهم من دون ان يلمسوا شيئا من هذا القبيل، فباستثناء التقدم بالعملية السياسية، والذي ما كنا لنشهده، لولا اصرار الاغلبية من العراقيين، وعلى رأسهم المرجعية الدينية وشخص المرجع السيستاني، على الجدول الزمني لتقدم العملية السياسية، بالرغم من الارادة الاميركية المعاكسة، التي حاولت بادئ الامر ان تضع العصي في عجلتها، لم يشهد العراقيون تقدما يذكر على اي صعيد آخر خاصة على الصعيد الامني والمعاشي ومشاريع اعادة البناء.

   ثالثا؛ منذ مدة ليست بالقصيرة بدأ الاميركيون يكافئون الارهابيين سرا وعلنا، ما شجعهم على التمادي في مشروعهم التدميري بعد ان شعروا بان خططهم بدأت تؤتي أكلها بين الفينة والاخرى.

   لقد ضغط الاميركيون بشخص سفيرهم في بغداد (زاد) كثيرا على العراقيين لاشراك الارهابيين وممن لا يؤمن بالعملية السياسية ولا بادوات الديمقراطية، بالسلطة، تحت مسميات عديدة كان آخرها ما اطلقوا عليه اسم (مشروع المصالحة الوطنية) هذا المشروع الذي مكن هؤلاء الارهابيين واعوانهم من السياسيين، من التغلغل والنفوذ الى كل مرافق الدولة الجديدة، لدرجة ان العراقيين باتوا يتندرون بالقول، ها لقد عاد البعثيون الى السلطة، ولكن ليس بالانقلاب العسكري هذه المرة وانما من خلال ادوات الديمقراطية والعملية السياسية.

   لقد تسببت الضغوط الاميركية بهذا الصدد، وبالتنسيق والتخطيط المشترك مع عدد من الانظمة العربية الطائفية كمصر والاردن والسعودية التي يزورها زاد بين الفترة والاخرى، للاستشارة او لتلقي الاوامر، اذ يقال في بغداد انه يتلقى مرتبا شهريا من الديوان الملكي السعودي، ان تم التحايل على نتائج صندوق الاقتراع، فلم تعد تحت قبة البرلمان اكثرية واقلية، لا سياسية ولا برلمانية ولا اي نوع آخر، وانما تم تقسيم السلطة بالتساوي لكل الفرقاء، وكأنه لم يخاطر العراقيون بارواحهم متحدين كل المخاطر للوصول الى صندوق الاقتراع ليدلوا باصواتهم لصالح من يريدون ان يمثلهم تحت قبة البرلمان وفي الحكومة وفي بقية مؤسسات الدولة.

   كما تم الالتفاف على الدستور بطرق مختلفة كان آخرها تشكيل لجنة لاعادة النظر فيه وهو الذي لم تمر على الاستفتاء عليه من قبل الشعب العراقي سوى اشهر قليلة.

   وبصراحة اقول للعراقيين، لقد تمت سرقة كل الجهود التي بذلتموها منذ سقوط الصنم ولحد الان، فلقد تم سرقة نتائج الانتخابات كما تم سرقة نتائج الاستفتاء على الدستور، وبالتالي فلقد تمت عملية المساواة بين القاتل والضحية، بين الظالم والمظلوم، فهل انتم واعون لما جرى ويجري؟ علما بان كل الذي جرى ويجري، انما تم تحت مسميات  وطنية مقدسة، وعلى راسها ما سمي بمشروع المصالحة الوطنية، فالادوات مقدسة اما  النوايا والاهداف المرسومة فغير مقدسة، بل ومشبوهة.

 

   {وأنا أكتب مقالتي هذه، وردتني معلومات دقيقة من العاصمة العراقية بغداد، تقول بأن القوات متعددة الجنسيات داهمت قبل ساعتين فقط، أي في تمام الساعة الواحدة ظهراليوم الجمعة، أحد بيوت رئيس جبهة التوافق، الدكتور عدنان الدليمي الكائن في منطقة المنصور، بناء على معلومات استخباراتية دقيقة، واكتشفت بأن المنزل تحول الى معمل لتفخيخ السيارات، وان سيارة واحدة على الأقل ضبطت معدة للتفجير في شهر رمضان المبارك، وقد كان في المنزل لحظة ضبطه من قبل القوات متعددة الجنسيات، سبعة أشخاص بينهم الدكتور الدليمي وأحد ابنائه.

   المصدر الذي توقع أن لا تعلن قيادة القوات متعددة الجنسيات عن هذا الخبر، حفاظا على سير العملية السياسية ومشروع (المصالحة الوطنية) قال، بأن القوات المداهمة كانت تتمنى أن لا تجد الدكتور الدليمي في المنزل، ليسجلوا الحادث ضد مجهول، من أجل الاستمرار في التعاون مع جبهة التوافق التي يتزعم قائمتها في مجلس النواب الدكتور الدليمي}.

 

   رابعا؛ كما ان نكوص الاميركيين عن كل التزاماتهم ازاء العراق والشعب العراقي، يعد سببا آخر لتغذية الارهاب في العراق.

   فمثلا، على الرغم من الاعلان عشرات المرات عن تسليم الملفات الامنية للقوات العراقية، في اكثر من محافظة ومدينة عراقية، الا ان الحقيقة تتكلم عن عكس ذلك، اذ لا زالت القوات متعددة الجنسيات هي التي تمارس عمليت الدهم والقتل والاعتقال العشوائي كل ساعة، ليس فقط في العاصمة بغداد، وانما في الكثير من المدن العراقية التي اعلن عن تسليم الملف الامني فيها للقوات العراقية.

   ان ذلك سبب اهانات كبيرة للحكومة العراقية التي تلتزم الصمت، وبكل اسف، ازاء هذه الخروقات، ما مرغ كبريائها وهيبتها بالوحل في نظر العراقيين.

   هذا على صعيد نقل مسؤوليات الملف الامني، اما على صعيد التدريب والتسليح للقوات العراقية، التي من المفترض انها تكون بمستوى المسؤولية والتحديات الكبيرة قبل ان تتسلم الملفات الامنية، فلا زال الاميركيون يماطلون في التزاماتهم وينكثون وعودهم على هذا الصعيد، علما بان مسؤولية تدريب وتمكين وتاهيل القوات العراقية تقع على عاتق الاميركيين، طبقا للقانون الدولي وقرار مجلس الامن.

   خامسا؛ مع علم الاميركيين بان لدول الجوار العراقي، وجلها حلفاء تاريخيين لواشنطن، دور كبير جدا في موجة العنف والارهاب الذي يجتاح العراق منذ سقوط الصنم ولحد الان، الا انهم لم يغيروا من سياساتهم او يعيدوا النظر في علاقاتهم معها بالمطلق، وهم القادرون على لجمهم وايقافهم عند حدهم.

   انهم يعلمون بان هذه الدول، كالسعودية والاردن واليمن وقطر واشباهها، مصدر مهم يتغذى عليه الارهاب في العراق، سواء بالفتوى الطائفية او المال الحرام او الدعم اللوجستي والاستخباراتي او بالدعم والتسويق الاعلامي الطائفي، ولكنهم مع كل ذلك تراهم لم يغيروا شيئا من المواقف ومن طريقة تعاملهم مع هؤلاء الحلفاء، ما قد يساهم في الضغط عليهم لايقاف دعمهم للارهابيين، ما غذى الارهاب لدرجة كبيرة.

   ولذلك فانا اعتقد بان الولايات المتحدة الاميركية هي اكبر محرض وداعم على الارهاب في العراق والمنطقة والعالم، من خلال تاييدها لسياسات الدول التي تدعم الارهاب وتحرض على العنف بكل الاشكال.

   سادسا؛ لقد تحولت الحرب على الارهاب في العراق الى حرب على العراق، فلقد دمرت حرب اسقاط الصنم كل شئ في العراق، بعد ان حول الاميركيون وبالتعاون والتنسيق مع حلفائهم في المنطقة كالسعودية والاردن وقطر ومصر وغيرها، العراق الى ساحة مفتوحة ومعركة مكشوفة لتصفية حساباتهم مع خصومهم، كتنظيم القاعدة على وجه التحديد.

   فبعد ان تبنى الاميركيون وحلفائهم في المنطقة ما اطلقوا عليه اسم (نظرية تجميع الجراثيم) وذلك بعد سقوط الصنم مباشرة، لنقل المعركة مع الارهاب من داخل دولهم الى الاراضي العراقية، بات العراقيون يدفعون ثمن هذه الحرب المفتوحة، انهارا من الدماء، واكواما من الرؤوس المقطوعة، وتلالا من الاشلاء الممزقة.

   فالولايات المتحدة منشغلة بمحاربة تنظيم القاعدة الارهابي الذي صنعته في افغانستان ابان الاحتلال العسكري السوفياتي لهذا البلد، والسعودية تدفع بالارهابيين الى العراق للتخلص من شرهم على حساب دماء العراقيين وامن واستقرار بلادهم، وقطر تدفع الاموال الطائلة لتشتري امنها، على حد قول وزير خارجيتها عندما سئل عن سر الاموال التي تتسرب من قطر الى الارهابيين في العراق، فيما كشف مصدر عليم في وقت سابق من ان الاتفاق بين قطر وتنظيم القاعدة الارهابي يقضي بدفع المال مقابل تعهد الاخير بعدم التعرض لمصالح دولة قطر، كذلك على حساب الدم العراقي واستقرار العراق وامنه.

   اما الاردن فهي الاخرى مشغولة بمحاربة الارهاب على اراضيها وبطريقتها الخاصة، من خلال تقديم الدعم الاستخباراتي واللوجستي للمجموعات الارهابية التي تنوي (الجهاد) في سبيل الله، ولكن ليس في الاردن وانما في العراق، واذا ما أخطأ الارهابيون الهدف احيانا، فلذر الرماد في العيون ولتظليل الرأي العام، كما حصل ذلك ذات مرة، ولم يتكرر.

   كما حولت الولايات المتحدة، الاراضي العراقية الى ساحة مكشوفة لتصفية حساباتها مع عدوها التاريخي اللدود ايران، من خلال الابقاء على قوات منظمة مجاهدي خلق الايرانية الارهابية في الاراضي العراقية، بالرغم من ان ذلك يعد انتهاكا خطيرا للدستور العراقي، والذي يسكت عنه، وبكل أسف، مجلس النواب والحكومة العراقية، على حد سواء.

   سابعا؛ ان الولايات المتحدة الاميركية تعطي انطباعا سيئا للغاية مفاده انها ذهبت للحرب في العراق لاسقاط النظام هناك بسبب عدائي شخصي مع الطاغية، أو كأن عميلا مدللا في بغداد تمرد على صاحبه فاراد الاخير تاديبه فشن عليه الحرب، وليس بسبب انها ارادت تمكين ومساعدة العراقيين على التخلص من النظام الشمولي الديكتاتوري الاستبدادي، ليحل محله نظاما ديمقراطيا جديدا، يكون نموذجا لشعوب المنطقة التي قررت واشنطن مساعدتها هي الاخرى للتخلص من انظمتها الشمولية واقامة البديل الديمقراطي في اطار مشروع نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط.

   أقول، ان أميركا تعطي مثل هذا الانطباع الخاطئ، عندما تظل تتعامل مع حلفائها من الانظمة الشمولية في المنطقة، بنفس الوتيرة والطريقة السابقة، وتكتفي منهم بالرتوش الديمقراطية فقط، من دون ان تشهد هذه الدول أي تغيير جوهري يذكر، اذ لا زال الذي يحكم في هذه البلاد، هي نفس الانظمة الوراثية الشمولية الاستبدادية، التي لا زالت تنتهك حقوق الانسان وتسحق كرامته، وتصادر حريته وارادته، وذلك يعني أحد أمرين، فاما ان الولايات المتحدة تراجعت عن مشروعها بالاصل، او انها ارادت ذلك الشعار لتسويق حربها في العراق، وفي كلا الحالتين تكون اميركا بذلك قد تحولت بهذه السياسة الى محرض حقيقي على الارهاب ومغذي حقيقي للعنف في العراق على وجه التحديد، لان ذلك يعني انها فشلت في اصل مشروعها، وهذا ما يحرض الارهابيين ويغذي مشروعهم التدميري، اذ كما نعرف فان اي نجاح يحققه المشروع الاصيل

( الديمقراطية) يتراجع بقدره المشروع البديل (الارهاب) والعكس هو الصحيح.

   ولا اعتقد هنا، بالمناسبة، ان اي عاقل يمكن ان يصف المشروع الاميركي في العراق بالناجح حتى يمكن اعتباره جاهزا للتصدير، حتى العراقيون لم يعودوا ينظرون الى هذا المشروع بهذه الرؤية، وهذا هو اخطر ما في القصة، لان ذلك سيمنح الارهابيين زخما كبيرا من قوة الدفع ما يمكنهم من الاستمرار في مشروعهم التدميري، الهادف الى تدمير حلم العراقيين وشعوب المنطقة باقامة الانظمة الديمقراطية التي تحترم حقوق الانسان وارادته وحريته، على انقاض الانظمة الشمولية الاستبدادية.

   الجدير بالذكر، ان هناك ادلة جديدة تشير الى ان الولايات المتحدة تعمل على مقايضة الديمقراطية في العراق، باتفاقات جديدة مع حلفائها الانظمة الشمولية في المنطقة، ولا تستثني هذه الجهود، الملف الفلسطيني، وامن اسرائيل واندماجها في مشروع الشرق الاوسط الكبير، واذا صحت هذه الادلة، فسيكون العراقيون في فوهة المدفع الاميركي الذي ظل ينطلق من دون مبرر او هدف او مشروع حقيقي، وانما للضغط والابتزاز فقط.

   ثامنا؛ واخيرا، فلقد ترك الاميركيون الارهابيين في العراق يعيثون فسادا في ارض الرافدين لينشغلوا في محاربة القوى الوطنية في طول البلاد وعرضها، ما غذى مجموعات العنف والارهاب، وساعدهم على التفريخ.

   ثم، وبعد كل هذا، تسألني، ما اذا كانت حرب اسقاط النظام الشمولي في العراق قد غذت بالفعل الارهاب، وفيما اذا كانت سببا مباشرا في تفريخ مجموعات العنف والارهاب، ليس في العراق فحسب، وانما في الاتجاهات الا ربعة من الكرة الارضية.

   واقول بصراحة جوابا على السؤال الذي صدرت به عنوان المقال:

   متى ما بدأ العراقيون يشعرون بأن يومهم أأمن من أمسهم، وان حاضرهم افضل معاشا من ماضيهم، فعندها فقط يمكن القول بأن هذه الحرب انما شنت على الارهاب وليس على العراق، لانقاذ الانسانية من خطر التدمير على يد الارهابيين، وليس من أجل تدمير العراق فوق رؤوس أهله الطيبين الطاهرين، وانها بالفعل، حرب ذات هدف يتمثل في اسقاط الديكتاتورية واقامة الديمقراطية، وليست حرب عبثية.

 

   29 أيلول 2006

       

         

 

    

شارع آخر

 

شعر : علي طه النوباني

 

 

مرّ من هنا

شعشع الأبيض من مركبته المسحورة

كان الربُّ إلى جواره

ذهبٌ يخرجُ من ألقِ الزجاج

زيتٌ على قماش

نقشٌ على جناح فراشه

كانَ يبتسم

جلدُ المقاعدِ الطريّة حوله

كان يبتسم

وأشعة الشمسِ أيضا

كانت تبتسم

***

كان الرحيلُ أشدّ تبكيتاً للضمير

وكانت الزهورُ الجميلةُ

مصنعاً للألم

***

ثمةَ شارعٌ آخر

تموءُ فيه الروح

مثل هيكلٍ قديم يضيق بالمسافة

يعجُّ بالأغاني

وتفوح من نوافذه

أبخرة العشق والنساء

***

الكاهنُ المعتق

كانت لحيتهُ مثل غيمة في غسق الغروب

أطلقَ الطيور من برجه المحدب

والتف مثل أفعى

وتدحرج فوق الجليد

أشار نحو الفراغ

ـ "حاول أن تقلِّدَني"

حدَّقتُ في قطني المبعثر

لم أكن واثقاً

ووجدتُني ألوذ بالفرار

إلى شارعٍ آخر

***

رأيتُ طفلاً في لفافة

يبولُ على قصة المجيء

كانَ الدخانُ يصّاعدُ في غابة البكاء والضحك

وكنتُ جائعاً

فانتزعتُ من حلقي صرةً من الغصّاتِ والمراثي

رأيتُ بينها ربةَ الجمال والسعادة

كانت ساقُها الوحيدةُ مثلَ مدخنةٍ شاحبة

فأغمضتُ عيني

ولذتُ بالفرار

إلى شارع آخر

***

رأيتهم معا

أحياءً وموتى

كانوا يجمعونَ الحجارة

يسكبونَ الكلامَ على أشيائهم

فتبدو مضيئة

لكنها في أوّلِ الظلام

تخلعُ قناعها

ثم تغفو في النوافذ البليدة

قالوا : تعال نزرع الكؤوس في مرافئ الرحيل

علَّـنا نتوهج مثل النجوم

لم أكن واثقاً

ولذتُ بالفرار

إلى شارعٍ آخر

بلا حيز ولا شجر

قماشٌ فر من زيته

والذي مرَّ من هناك       

من كوكبٍ آخر

كانَ يبتسم

***