١١‏/٣‏/٢٠٠٦

هل وصل باص طالبات الموصل نهاية النفق؟

الموصل 10/آذار/2006
هل وصل (باص طالبات الموصل) إلى نهاية النفق؟
لم تشهد الموصل منذ الاحتلال ولحد ألان مسالة شائكة وكثيرة التأويلات والتصريحات والتلميحات رغم الحوادث المؤلمة التي تعيشها مثل حادث الحافلة التي تقل طالبات معهد المعلمات في موصل الجديدة عند اعتراض حافلتهم من قبل قوات الاحتلال الأمريكية ،لدى مغادرتهم المعهد بعد الدوام الرسمي ليوم 27/شباط/2006 وما صاحب ذلك من روايات كثيرة ربما قسما منها فيها شئ من المبالغة لابل المغالطة ، وأظن سبب ذلك يرجع إلى طبيعة المجتمع العراقي والموصلي بصورة خاصة من حيث وضع المراءة فكيف الحال إذا كان الموضوع يتعلق بحافلة تضم اثر من أربعين فتاة فقط باستثناء السائق وتعترضهم أحدى دوريات الاحتلال للتفتيش ومطالبتهم بنزع أغطية الرأس وكذلك الجزء العلوي من الثياب.
ملخص مجريات الحادث:
الشئ المتفق عليه بالنسبة لموضوع الباص هو اعتراض دورية أمريكية للباص ظهر يوم 27/شباط/2006 لدى مغادرة الطالبات لمعهدهن وصعود أفراد من الدورية للباص والطلب من الفتيات خلع أغطية الرأس (الايشاربات) وكذلك جزء من الملابس (العلوي) لغرض التفتيش والثابت أيضاً أن الطالبات امتنعن عن تنفيذ هذه الإجراءات التفتيشية وان الباص بقي لمدة طويلة البعض قال 3 ساعات بعدها انسحبت الدورية الأمريكية وتوجه الباص إلى إيصال الطالبات  وكان أهل الطالبات في حالة من القلق الشديد على هذا التأخير غير المعتاد ، وفي صباح اليوم الثاني علمت إدارة المعهد بالموضوع وتم تبليغ المديرية العامة للتربية بواسطة إدارة المعهد وقد نظمت طالبات اعتصاما لغرض محاسبة الفاعلين عن هذا التجاوز والانتهاك ،وقد حضر إلى مبنى المعهد وسائل إعلام ومراسلي صحف وكذلك مندوبي ومصوري عدة فضائيات قامت بتغطية هذا الاعتصام وتسجيل عدد من اللقاءات مع قسم من الطالبات فضلا عن وقائع حديث السادة المسئولين ممن حضروا إلى المعهد للوقوف على خلفيات الحادث وتطوراته .
القشة التي قصمت ظهر البعير:
في اجتهاد للسيد محافظ نينوى وربما يكون في اجتهاده مصيبا أو مخطئاً  أوعز إلى   وسائل الأعلام الحاضرة والفضائيات عدم بث أي شئ عن الموضوع بعد حضوره إلى المعهد صحبة قائد الشرطة لأنه سيتصل (بقوات التحالف) ويطلب منهم تفسيرا لما حدث ،ولكن في اليوم نفسه بثت قناة الجزيرة شئ عن الموضوع وكذلك في اليوم التالي 2/3 نشرت جريدة الصباح الرسمية وتحت عنوان (طالبات معهد المعلمات بالموصل يطالبن القوات الأمريكية بالاعتذار) خبرا عن وقوع الحادث وكذلك انتشرت أخبار وتأويلات عديدة لحادث الباص من هذه الروايات ،أن مجندة صعدت إلى الحافلة وأخرجت ثدييها للطالبات وأمرتهن أن يخلعن ملابسهن ويفعلن مثلها وأخرى إن المجندة طلبت من الطالبات خلع الملابس وفي حالة الامتناع إرسالهم إلى أبي غريب وقالت لهم (وانتم تعلمون ماذا يجري لكم في أبي غريب) وان المجندة كانت تتكلم اللغة العربية ولكن بصعوبة هذه الروايات وغيرها كثيرة انتشرت في الموصل والعراق وكذلك على مستوى العالم من خلال عدد من مواقع الانترنيت.
هذه التداعيات والروايات أدت إلى ردود أفعال شديدة حيث خرجت تظاهرات طلابية ليومين متتاليين في منطقة المجموعة الثقافية بالموصل نظمها عدد من طلاب المدارس والمعاهد للمطالبة بوضع حد لمثل هذه الأفعال الاستفزازية وكذلك صدر بيان من هيئة علماء المسلمين برقم 226 (صرخة الحرائر) يدين ويشجب هذه الأعمال الاستفزازية. وكان هذا التصعيد في اعتقادي إزاء منع المحافظ من بث التغطية ومتابعة الموضوع إعلامياً وضع الإدارة والأمريكان في  موقف لا يحسدون عليه كان من نتائجه تشكيل لجنة تحقيقية من قبل الأمريكان مع عضو من مجلس محافظة نينوى لغرض التحقيق في الموضوع وبالفعل باشرت هذه اللجنة إعمالها في بداية الأسبوع الماضي والتقت بعدد من طالبات الباص وعددهم أربعة على أن تعلن النتائج خلال أسبوع.


المحافظ يصرح :
يوم الأربعاء المصادف 8/3/2006 وصل خبر إلى الكوادر الإعلامية والصحفية في الموصل إن نتائج التحقيق سوف تعلن يوم الخميس 9/3/2006 وبلغوا بالحضور إلى مبنى المحافظة وبالفعل حضر عدد من الإعلاميين والصحفيين هذا الاجتماع للوقوف على نتائج التحقيق وتم لقاء  المحافظ ونائبه حيث تكلم عن الحادث وقال ان النتائج النهائية لم تنتهي وان موعد إعلانها سيكون يوم السبت ولكنه أعطى موجزا للحادث وعلق قائلا إن الحادث جرى تضخيمه والمبالغة به إلى حد كبير وان الحادث كان عرضيا وروتينيا ولم يحصل فيه أي تجاوز او انتهاك على طالبات المعهد وان سائق الباص وأحدى الطالبات ممن تم أجراء التحقيق معهم انكروا ما اشيع في وسائل الأعلام من أمور تتعلق بالحادث.
كما انه اعتبر الحادث بسيطا جدا وشدد  هجومه على قناة الجزيرة وحملها مسئولية تهويل وتكبير هذا الحادث كما انه توعد بمحاسبة كل من يثبت استغلاله لهذا الحادث في تشويه الحقائق ،ولدى سؤاله عن سبب عدم السماح ببث التغطية الإعلامية للحادث وأنها لو أعلنت لما تطور الموضوع بهذا الاتجاه ،أجاب بأنه طلب من وسائل الأعلام عدم النشر أو بث التغطية إلا بعد التأكد من هذا الخبر بشكل صحيح .
وقد أكد على متابعته لهذا الملف رغم حدوث حالة مشابه لحادثة الباص صباح هذا اليوم/الخميس 9/3 ولكن مع حافلة أخرى كانت تقل طالبات ومدرسات في الساحل الأيسر من المدينة حيث تم اعتراضهم من قبل دورية أمريكية أيضا لغرض التفتيش إلا أن الطالبات والمدرسات غادرن الباص إلى الشارع وتركوا الأمريكان يفتشوا الباص .

موقف المديرية العامة لتربية نينوى:
وللوقوف على رأي تربية محافظة نينوى و تداعيات الحادث كان لنا عدة لقاءات مع السيد مدير عام التربية الأستاذ سعيد حامد والذي كان متألما كثيرا لما نشرته احد المواقع الالكترونية من كلام نسب إليه وهو أساساً لم يصدر عنه وقال أنني متابع الموضوع بصورة شخصية ونشدد على محاسبة الفاعلين  لهذه الانتهاكات في حالة ثبوتها ونطالب بالاعتذار  للطالبات وإدارة المعهد والمحافظة عموما.وكذلك مع الأستاذ رعد الحيالي مدير الأعلام التربوي والذي واكب الحادث منذ البداية حيث أطلعني الرجل على مذكرة مرفوعة من قبل إدارة المعهد تتضمن حصول اعتداء وانتهاك للباص الذي يقل عدد من طالبات المعهد وكذلك أطلعني على مذكرة مرفوعة إلى التربية موقعة من قبل 49 طالبة تؤكد حدوث تجاوز على باص طالبات المعهد ,ولدى آخر اتصال به يوم الخميس المصادف 9/3  أفاد بان برقية  وردت إلى المديرية من  وزارة التربية حول الموضوع تتضمن إطلاع وزير التربية على رسالة شكوى إدارة معهد المعلمات في الموصل حول حادث الاعتداء على طالبات كما أن الوزير أعلن تضامنه مع الطالبات وعوائلهن واستنكاره الشديد لهذه السلوكيات غير الحضارية وكلف مدير عام التربية شخصيا بزيارة المعهد ونقل مشاعره وتضامنه مع إدارة المعهد .
هذه أهم تداعيات باص طالبات معهد موصل الجديدة في الموصل ولا يزال أهل الموصل بانتظار النتائج والتي نأمل أن تكون منصفة وعادلة وترضي الشارع الموصلي والعراقي بعدما كثرة الأحاديث والتقولات والمثل الشائع يقول (وما آفة الأخبار إلا رواتها) .
    
فارس البكوع