٩‏/٢‏/٢٠٠٦

أزمة الرسوم الكاريكاتورية: وسائل الإعلام العربية والأوروبية في قفص الاتهام


السلطة الرابعة ودورها في تقريب وجهات النظر بين الشعوب


Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: السلطة الرابعة ودورها في تقريب وجهات النظر بين الشعوب



يذهب البعض إلى أن طريقة تعاطي وسائل الإعلام العربية مع قضية الرسوم المسيئة لنبي الإسلام قد أدت من جديد إلى توسيع الفجوة بين الشرق والغرب. موقعنا يحاور عدداً من الصحفيين العرب لمعرفة دور الإعلام العربي في هذه الأزمة.



"قبل كل شيء وقبل أن نتساءل عن دور وسائل الإعلام العربية في هذه الأزمة، علينا أن نبحث أولا عن سبب نشر تلك الرسوم الكاريكاتورية في الصحف الأوروبية في هذا الوقت بالذات. كان يسهل على الأوروبيين توقع أن نشر تلك الرسوم الكاريكاتورية سيقابل بموجة استنكار وغضب عارمة في العالم الإسلامي. وبعد تفجر أعمال العنف في العالم العربي علينا أيضاً أن نتساءل عن سبب استغلال وسائل الإعلام الغربية لردود أفعال المسلمين واتهامهم بأنهم ضد ما هو غربي في بلدانهم وتصوير الرسوم على انها حدث عادي لا يستحق كل هذه الضجة "المسيسة". إن كل ذلك يأتي في وقت تتحدث فيه الجهات الرسمية عن الحوار والانفتاح على الآخر"، أسئلة تطرحها رانيا جعفر من جريدة الأهرام الأسبوعية المصرية في معرض حديثها مع موقعنا حول الاتهام الموجه لوسائل الإعلام العربية بتعبئة مشاعر المسلمين. ويأتي ذلك بعد أن أدى نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد في جريدة "يولاند بوستن" الدنمركية وإعادة نشرها في صحف أوروبية أخرى إلى إثارة ردود فعل واسعة في أنحاء العالم الإسلامي. وخرجت ردود الأفعال العربية والإسلامية عن حدود المألوف، فلم تقتصر على المظاهرات السلمية، وإنما تجاوزتها إلى مقاطعة البضائع الدنمركية وحرق أعلام عدة دول أوروبية، وإشعال النيران في سفارتي الدنمرك والنرويج في دمشق، بالإضافة إلى القنصلية الدنمركية في بيروت. ومع إصرار وسائل إعلام أوروبية على إعادة نشر الصور وباسم حرية الصحافة يستمر تأجيج مشاعر المسلمين ضد الغرب واستفزازهم.



صورة الغرب ضحية الأزمة



حادث اشعال النيران في السفارة الدنمركية في دمشق Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : حادث اشعال النيران في السفارة الدنمركية في دمشق مما لا شك فيه أن الأزمة الراهنة قد هزت صورة الغرب في الإعلام العربي. موسى قوس، المنسق الإعلامي بالمعهد الفلسطيني لتعزيز الحوار العالمي والديمقراطية (مفتاح) في القدس، يعتقد أنه قبل هذه الأزمة: "كان يُنظر إلى الغرب كمنارة للقيم الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الإنسان. لكن بعد تفشى أزمة الرسوم يُتهم الغربيين حالياً في الإعلام العربي بوجه عام بأنهم ينظرون إلى المسلمين نظرة استعلائية تتسم بنوع من الاحتقار والكراهية، خاصة عندما يتعلق الأمر بأكبر الرموز الإسلامية". وعن دور الإعلام العربي في تصعيد هذه الأزمة يقول قوس: "لا يمكن أن نقول أن الإعلام العربي لم يكن منحازاً. فالإعلام العربي تعاطى مع القضية كما لو كانت معركته الخاصة، بالإضافة إلى أنه حاول إثارة القضية بشكل ضخم." ويرى قوس أن للإعلام العربي دور كبير في تأجيج المشاعر الدينية عند كافة المسلمين في شتى أنحاء المعمورة، مما أدى إلى تفجر أعمال العنف والاعتداء على المنشآت الأوروبية في سوريا ولبنان، على حد تعبيره.



"يبقى الدين رضيعاً للسياسة"



من هو المستفيد من هذه الأزمة؟ Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : من هو المستفيد من هذه الأزمة؟ أما سلطان خطاب، الصحفي بجريدة الرأي الأردنية ومدير دار العروبة للنشر، فيرى أنه هناك تباين في طريقة تعاطي وسائل الإعلام العربية مع إشكالية تصوير وتجسيد الرموز الدينية الإسلامية، "فبعضها تعاطي معها بصورة راشدة وبعضها لم يتعاط كما يجب مع هذه القضية. البعض أجج الأزمة ليس فقط بسبب الرسوم وإنما نكاية في الأنظمة. هناك تعبيرات متطرفة لها علاقة بالمواقف السلبية من الأنظمة العربية، التي لم تحرك ساكناً إزاء مقدسات أخرى غير الرسول"، على حد قوله. في هذا السياق يرى سلطان خطاب أن الدين يتم تسييسه ليس من قوى التطرف فحسب، وإنما على أيدي الحكام العرب أيضاً، وبالتالي فإن "الدين ليس مستقلاً." واستشهد الصحفي الأردني بمقولة ابن رشد الشهيرة "يبقى الدين رضيعاً للسياسة."



"حرية التعبير حق مقدس، لكن...



رانيا جعفر، جريدة الأهرام ويكلي Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : رانيا جعفر، جريدة الأهرام ويكلي مازال الإعلام الغربي يساند الصحيفة الدنمركية التي تسببت في وقوع هذه الأزمة، ليس من مبدأ الدفاع عن الرسوم الكاريكاتورية بحد ذاتها أو عن ما تحمله من مغزى ومضمون، وإنما من مبدأ الدفاع عن الحرية الفكرية وعدم خضوع الصحافة لرغبة هذا الطرف أو ذاك. على ذلك يعلق موسى قوس بالقول: "حرية التعبير حق مقدس والكل يقدر ذلك، لكن حرية التعبير تنفي في نفس الوقت إهانة الأديان وإيذاء مشاعر الآخرين." أما سلطان خطاب فيرى أن حرية التعبير "يجب أن تفهم على نحو يختلف قليلاً، فحرية التعبير ليست مطلقة. فلا تستطيع الأنظمة العربية أن تبرر الأعمال المشينة كحرق السفارات في دمشق وبيروت بأنها حرية تعبير أيضاً كما حدث في دمشق وبيروت." أما رانيا جعفر فترى أن حرية التعبير "يجب ألا تستغل كغطاء لعدم قدرة وسائل الإعلام الغربية على التعامل بطريقة سليمة مع المقدسات الإسلامية. فحرية التعبير ليست حكراً على الغرب. ويجب ألا تعطي وسائل الإعلام الغربية انطباعاً بأن هذه الحرية حق غربي يجب الدفاع عنه أمام العالم الإسلامي. علينا ألا نغفل أن هناك أيضاً عددا من الجهات العربية والإسلامية، التي تعمل على تعزيز حرية التعبير في الدول، المتواجدة بها منذ سنوات."



...هناك ثمة ازدواجية في المعايير"



يجب ألا يتوقف الحوار بسبب أعمال العنف Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : يجب ألا يتوقف الحوار بسبب أعمال العنف أما موسى قوس فيعتب على بعض الهيئات الإعلامية في أوروبا ازدواجية المعايير وعدم الكيل بمكيال واحد في التعامل مع القضايا الدولية. ويضيف قوس في هذا السياق: "يجب إعادة تعريف حرية التعبير. وهذا ما يقع على عاتق الأمم المتحدة. فلا بد أن توضح الأمم المتحدة أن القضايا الدينية الحساسة أمور مقدسة لا ينبغي المساس بها بذريعة حرية التعبير." وتأتي أزمة الرسوم الكاريكاتورية بعد أن أظهرت العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا حماسة وجدية في محاولاتها الهادفة إلى تفعيل الحوار الثقافي بين العالم الإسلامي وأوروبا. لكن من المؤكد أن الأزمة الراهنة سيكون لها عظيم الأثر على هذا الحوار. في هذا السياق يقول سلطان خطاب: "نلاحظ الآن شيئاً جديداً بعد أن تقربنا الى الحضارة الغربية واعتبرنا أن بنينا وبينها جسراً. كان على الغرب أن يدرك من خلال مستشرقيه ومن خلال بعثاته الدبلوماسية وسفرائه أن للشرق حساسيته إزاء الأديان والتقاليد." ويدعو خطاب المثقفين الغربيين إلى أن يدركوا خصوصيات الشعوب الإسلامية، وأن ينظروا الى الشرق بمنظور الشرق، كما نرى الغرب نحن أيضاً بمنظوره." يجب أن تستخلص من هذه الزوبعة الدروس والعبر ويجب ألا تتحول إلى صراع حضارات بالمعنى الذي تريده بعض الأوساط هنا أو هناك، وإنما لابد أن تكون نوع من الاحتكاك الذي تبنى من خلاله الجسور بين الثقافات.



//ونلفت الانتباه الى أننا سننقل غدا رأي الطرف الآخر: كيف يقيم الخبراء والصحفيون في الغرب القضايا التي طرحناها على الصحفيين العرب؟//



ناصر شروف / علاء الدين سرحان


شخصيات ألمانية بارزة | 06.02.2006


عمانوئيل كانط ـ فيلسوف المثالية والسلام الأبدي


كانط: إعمال العقل ضرورة حياتية


Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: كانط: إعمال العقل ضرورة حياتية



يعد الفيلسوف الألماني كانط من أهم آباء الفلسفة المعاصرة فهو أول من شدد على ضرورة التفريق الصارم بين الأخلاق كمنظومة قيمية تربوية وبين الدين. كما يعد كانط رائد السلام الأبدي الذي يهدف إلى تأسيس منظومة عالمية لحفظ السلام



يرتبط اسم الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط، الذي يعتبره البعض بمثابة أكبر فيلسوف عرفته أوروبا منذ قرنين على الأقل، ارتباطا وثيقاً بندائه الشهير الذي استهله بعبارة "اعملوا عقولكم أيها البشر."، التي يعد من أهم شعارات حركة التنوير الأوروبية التي أعادت الاعتبار إلى سلطة العقل وأوليته، علاوة على تأكيدها على ضرورة احترام فردية كل إنسان واستثمار تنوع المواهب البشرية بعيداً عن الإرث الجماعي التقليدي. وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الصيحة الكانطية عبرت بشكل واضح عن النقلة النوعية التي شهدتها أوروبا آنذاك في القرن الثامن عشر في عصر التنوير. وعلى هذا النحو ساهم كانط في تبديد غياهب ظلام العصور الوسطي المحيطة بالعقول.



طفولة متواضعة



صورة مرسومة لفيلسوف الأخلاق Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : صورة مرسومة لفيلسوف الأخلاقولد كانط في مدينة كونيغ سبيرغ في شمال ألمانيا التي تعد اليوم جزءاً من روسيا يوم 22 أبريل من عام 1724 في عائلة فقيرة. وتعرف على مكارم الأخلاق منذ نعومة أظفاره عن طريق والدته، الشيء الذي ترك تأثيراً كبيراً في كتاباته ورؤيته للعالم فيما بعد. وحصل هذا الفتي اليافع على شهادة الدكتوراه في الفلسفة ليصبح فيما بعد أستاذاً في الجامعة. ثم انخرط في مطالعات فكرية مكثفة شملت نيوتن وهيوم وبالأخص الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الذي وضعته أعماله على الطريق الصحيح، لأن روسو ركز على أولية الأخلاق ووضعها في مرتبة تفوق العلم والدين. ثم تدرج كانط في المناصب الجامعية حتى أصبح عميداً لجامعته بين عامي 1786 و 1788. وفي أثناء ذلك نشر أهم المؤلفات الفلسفية في عصره كنقد العقل الخالص، ونقد العقل العملي.




ماهية عصر التنوير



أطروحة السلام الأبدي لكانط لم تفقد من أهميتها حتى اليوم Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : أطروحة السلام الأبدي لكانط لم تفقد من أهميتها حتى اليومأجاب عمانوئيل كانط عن السؤال الجوهري الذي يستكشف ماهية عصر التنوير بقوله:" إنه خروج الإنسان عن مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد." كما عرَّف القصور العقلي على أنه "التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو السلوك في الحياة أو اتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا." ومن هذا المنظور جاءت صرخته التنويرية لتقول: "اعملوا عقولكم أيها البشر! لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم! فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب. تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر. فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها. لكن كانط لم يفهم التنوير نقيضاً للإيمان أو للاعتقاد الديني، وإنما شدد على أن "حدود العقل تبتدئ حدود الإيمان". كما حذر من الطاعة العمياء للقادة أو لرجال الدين كما حصل في دولة بروسيا لاحقاً.



نحو السلام الأبدي



نصب تذكاري لكانط في مسقط رأسه، كاللينينغراد Bildunterschrift : نصب تذكاري لكانط في مسقط رأسه، كاللينينغراد بلور كانط مفهوما جديداً من نوعه لطبيعة العلاقات بين الدول على أرضية تقوم على القانون الدولي، كما سعى إلى إقامة السلام الدائم بين الشعوب عن طريق عدم اتخاذ الإنسان وسيلة وإنما دائماً غاية، وهو ما يعني إحترام الكرامة الإنسانية لدى الآخر بأي شكل كان. وانطلاقا من هذا المفهوم الذي يرى أن تحقيق السلام لن يتم إلا عبر تغيير الإنسان وتربيته أخلاقياً بهدف جعل الحرب أمراً مستحيلاً. يذكر أن هذه النظريات الفكرية المثالية أدت لاحقاً إلى تشكيل عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى من أجل حل الصراعات بين الدول على أساس القانون الدولي. وفي النهاية أدت أطروحاته التي لم تفقد أهميتها حتى الوقت الحاضر إلى تطوير عصبة الأمم لتتحول إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.




لؤي المدهون


كأس العالم 2006


الحظ يُدير ظهره لنسور قرطاج ويدعو للتفكير في نهائيات كأس العالم 2006


النيجيري يوسف أييلا ينتزع الكرة من النجم التونسي دوس سانتوس


Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: النيجيري يوسف أييلا ينتزع الكرة من النجم التونسي دوس سانتوس



خيبة أمل مريرة تُخيّم على تونس وعلى عشاق الكرة التونسية والعربية بسبب فقدان لقب كأس الأمم الإفريقية. وهناك أصوات تعالت تُشير إلى ضرورة التفكير في نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2006 التي تستضيفها ألمانيا صيف العام الحالي


أثار خروج المنتخب التونسي من بطولة الأمم الإفريقية على يد المنتخب النيجيري قلقاً عميقاً ومخاوف كبيرة لدى عشاق الكرة التونسية والعربية، لا سيما أن بطولة كأس العالم لكرة القدم 2006 أصبحت على الأبواب. إذ لم يتبق لانطلاق المونديال سوى نحو أربعة أشهر فقط. الآن وبعد أن ودّع نسور قرطاج كأس الأمم الإفريقية من الدور ربع النهائي، بدأت التساؤلات تزداد عن مدى استعداد التونسيين لبطولة العالم. هل سيكون بوُسع نسور قرطاج تقديم أداء قوي ومُشرف يُعطي صورة حسنة ومُشرّفة عن كرة القدم العربية والإفريقية؟ وهل سيكونوا قادرين على مجاراة أقوى المنتخبات العالمية التي تتمتع بخبرات واسعة على صعيد كرة القدم العالمية؟



كريم حقي يفقد الكرة واللقب Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : كريم حقي يفقد الكرة واللقبهذه التساؤلات بدأت تظهر الآن بعد أن مُني المنتخب التونسي بهزيمتين متتاليتين في بطولة كأس الأمم الإفريقية، كانت الأولى أمام غينيا بنتيجة صفر : 3 في آخر مباريات المجموعة C، بينما جاءت الثانية أمام نيجيريا في الدور ربع النهائي من البطولة الإفريقية، وذلك بركلات الترجيح بعد أن انتهى الوقت الأصلي والشوطان الإضافيان بتعادل الفريقين بهدف لمثله. هذا مع أن نسور قرطاج قدّموا في لقائهم مع نيجيريا أفضل أداء لهم في البطولة، لكن الحظ هذه المرة لك يبتسم لهم، كما فعل في النسخة الماضية من الكأس الإفريقية التي استضافتها تونس عام 2004 حيث نجح التونسيون آنذاك في حسم المباراة لصالحهم بالركلات الترجيحية بنتيجة 5 - 3 بعد أن كان الوقتان الأصلي والإضافي انتهيا بتعادل الفريقين بهدف لمثله. إذاً كان لقاء الفريقين في النسخة الـ 25 للبطولة تكراراً لسيناريو لقائهما في النسخة الماضية، لكن هذه المرة كان الحظ حليف المنتخب النيجيري.



لومير كان واثقاً من التأهل لنهائي البطولة


مدرب المنتخب التونسي روجيه لومير Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : مدرب المنتخب التونسي روجيه لومير


بخروج التونسيين من الكأس الإفريقية، أصبح من المؤكد أن مدرب المنتخب روجيه لومير فرنسي الجنسية لم يكُن محقاً عندما قال: "أنا واثق من التأهل لنهائي البطولة". إذ ها هو يخرج مع فريقه خالي الوفاض. ربما لم يُفكّر لومير في أن المنتخب النيجيري سيُقدّم أفضل ما لديه وسيبذل قصارى جهده من أجل التأهل إلى الدور التالي والظفر بلقب البطولة لتعويض خيبة أمله في الفشل في التأهل لمونديال ألمانيا 2006.



من الواضح أن لومير الذي أعلن مسؤوليته الكاملة عن خسارة فريقه أمام غينيا بثلاثية نظيفة والذي أكد أنه لن يُكرر الخطأ الذي ارتكبه في هذه المباراة حين أجرى تغييراً جذرياً لتشكيلة الفريق، من الواضح أنه لم يأخذ قدرات النيجيريين وخبراتهم الواسعة بعين الاعتبار، بل ركّز على الأداء القوي لفريقه والبداية القوية التي سجّلها نسور قرطاج في البطولة الإفريقية.



انطلاقة قوية لتونس في النسخة الـ 25 لكأس إفريقيا



النجم التونسي دوس سانتوس برازيلي الأصل Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : النجم التونسي دوس سانتوس برازيلي الأصلبدأ التونسيون البطولة بحماس كبير أثار فرحة الجمهور التونسي والعربي. ففي أول مباراة له ضمن منافسات المجموعة الثالثة ( المجموعة C ) سحق الفريق التونسي بقيادة مدربه الفرنسي الشهير روجيه لومير، سحق نظيره الزامبي بأربعة أهداف مقابل هدف، رغم تقدم الزامبيين بشكل مبكر في الدقيقة الـ 9 من الشوط الأول عن طريق اللاعب جيمس شامانغا. لكن نسور قرطاج نجحوا في قلب تخلفهم إلى فوز كبير بفضل نجم هجومهم المتألق دوس سانتوس الذي نجح في هزّ شباك المرمى الزامبي ثلاث مرات وزميله رياض بوعزيزي الذي أحرز الهدف الرابع لتونس.



وواصل التونسيون أدائهم القوي في لقاء المجموعة الثاني الذي جمعهم مع منتخب جنوب إفريقيا حيث نجح دوس سانتوس البرازيلي الأصل ورفاقه في حسم المباراة لصالحهم بهدفين نظيفين أحرزهما بن عاشور ودوس سانتوس الذي رفع رصيده في قائمة الهدافين إلى أربعة أهداف. وبهذين الفوزين الجديرين دخل الفريق التونسي دائرة الفرق المرشحة للظفر بأسمى لقب إفريقي. غير أن الهزيمة غير المتوقعة التي مُني بها أمام نظيره الغيني في الجولة الثالثة والأخيرة من منافسات المجموعة أثارت بعض التساؤلات حول قدرته على الدفاع عن لقبه. لتأتي الهزيمة الثانية الآن أمام نيجيريا في الدور ربع النهائي وتُبدّد أحلام التونسيين في الدفاع عن لقبهم وتقلب الأمور رأساً على عقب.



هاجس المونديال أكبر من هاجس كأس الأمم الإفريقية



كأس العالم 2006 Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : كأس العالم 2006وبعيداً عن أجواء كأس الأمم الإفريقية كان لومير أكّد أنه يخشى المنتخب السعودي ويحسب له ألف حساب، علماً أنه وقع مع المنتخب التونسي في المجموعة الثامنة التي تضم أيضاً المنتخبين الإسباني والأوكراني. وأضاف أنه يخشى أن يُشكل السعوديون عقبة كبيرة له في سعيه لبلوغ الدور التالي في المونديال. واعترف المدرب الفرنسي بأنه شاهد العديد من مباريات الفريق الأخضر السعودي للتعرف على أسلوبه في اللعب ومستوى لاعبيه. وأكّد أن مباراة فريقه مع الفريق السعودي في الـ 19 من يونيو/حزيران المقبل ضمن منافسات المجموعة الثامنة في المونديال لن تكون سهلة أبداً لأن الفريق السعودي يضم لاعبين أقوياء في صفوفه ولأنه يستعد للمونديال بطريقة جادة. ومن يعتقد عكس ذلك يكون مخطئاً.


وأضاف لومير: "المنتخب الذي يتأهل أربع مرات متتالية إلى نهائيات كأس العالم لا يُمكن أن يكون ضعيفاً وأن يكون تأهله جاء بمحض الصدفة. هذا بالإضافة إلى أنه ليس هناك فريقاً ضعيفاً في بطولة كأس العالم التي تضم أقوى الفرق العالمية. ومن المؤكد أن جميع المنتخبات المشاركة في المونديال ستُقدّم أفضل ما لديها، لذا لا أعتقد أن تكون هناك مباريات سهلة."


الفريق التونسي في يونيو 2005Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: الفريق التونسي في يونيو 2005بتأهل تونس إلى مونديال ألمانيا 2006 بجدارة، أثبت نسور قرطاج أنهم ينتمون إلى أفضل الفرق العالمية. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأداء القوي للتونسيين في بطولة الأمم الإفريقية ( باستثناء لقائهم مع غينيا )، فيتّضح لدينا أن هناك ما يُثير التفاؤل لدى عشاق المنتخب التونسي ومشجعي كرة القدم العربية، وأن هناك ما يُبشّر بالخير. لكن لتمثيل كرة القدم العربية خير تمثيل في بطولة عالمية تجمع أفضل الفرق العالمية، يتعين على نسور قرطاج الآن أن يُديروا ظهورهم لكأس إفريقيا وأن يضعوا مونديال ألمانيا 2006 نُصب أعينهم. بما أن البطولة العالمية تنطلق بعد نحو أربعة أشهر، فهذا يعني أنه ما زال هناك متّسع من الوقت لاستعادة الثقة بالنفس ولتقوية عزائم اللاعبين ورفع معنوياتهم ليكونوا على أتم الاستعداد للحدث العالمي الكبير.


علاء الدين موسى


Radwan Masmoudi in CNN

Dear colleagues:

I just wanted to inform you that I have been invited to a debate on CNN

Tonight (Paula Zahn) on the issue of the Danish cartoons and the

demonstrations and protests in the Muslim world.  The program will air

Tonight Live between 8 and 9 PM (EST).  Please watch me, and let me know

what you think.

With best wishes and regards,


                                               Radwan Masmoudi

 

وزراء الداخلية العرب يسعون لإحكام سيطرتهم على الإنترنت

17 منظمة حقوقية عربية ودولية تحذر من تزايد انتهاكات حرية الرأي والتعبير

الخميس 9 فبراير 2006

أعلنت 17 منظمة حقوقية عربية ودولية اليوم رفضها لمحاولة وزراء الداخلية العرب سن تشريعات تمنحهم حق إغلاق مواقع الإنترنت ، تحت زعم مكافحة الإرهاب .

وكان مؤتمر مجلس وزراء الداخلية العرب الذي عقد بتونس في نهاية يناير الماضي ، قد شهد ترحيبا باقتراح تقدم به وزير الداخلية المصري ، يهدف في ظاهرة إلى غلق مواقع الإنترنت التي تدعم الإرهاب أو تثير الكراهية ، في حين لم يقدم الوزير المصري أو مجلس الوزراء تعريفا واضحا ومحددا لماهية الإرهاب سوى التعريف الفضفاض الذي اقر عام 1998 ، والذي يفتح الباب على مصراعيه لمزيد من انتهاكات حرية الرأي والتعبير وحق تداول المعلومات ، وهي حقوق أساسية اعتادت الحكومات العربية على انتهاكها .

وقد أكدت المنظمات الحقوقية التي وقعت على هذا البيان ، على أن طرح هذا الاقتراح من الوزير المصري ، و أثناء عقده بتونس ، هو أمر يثير الشكوك بشدة حول مستقبل حرية استخدام الإنترنت في المنطقة ، لا سيما وأن كل من الحكومتين المصرية والتونسية ، قد اشتهرتا بعدائهما للإنترنت ، واعتيادهما على حجب العديد من المواقع دون الحصول على أحكام قضائية تعطي لهما الحق في اتخاذ هذا الإجراء المناوئ لحرية الرأي والتعبير .

وقالت المنظمات الحقوقية ، أن حجب أي موقع على شبكة الإنترنت عن المستخدمين ، لا يجب أن يتم دون إجراءات قانونية سليمة ، تنتهي بحكم قضائي واضح الأسباب ، ومن دوائر قضائية تتسم بالاستقلال ، فضلا عن وضع تعريف واضح ومحدد لماهية الإرهاب الذي قد تدعو إليه هذه المواقع .

وقد أثبتت التجارب والخبرات السابقة في المنطقة العربية أنه لا يمكن توطيد الأمن والاستقرار الدائمين إلا عبر احترام حقوق الإنسان الأساسية وضمنها حرية الرأي والتعبير ؛ وليس التضحية بها تحت أية ذريعة . أو السعي لفرض أمن واستقرار هش ، عبر ممارسات تلتف حول القانون الدولي وتخل بالتزامات الدول تجاه المعايير الأساسية لحقوق الإنسان .

المنظمات الموقعة :
  • الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (القاهرة)
  • اللجنة العربية لحقوق الإنسان (باريس)
  • المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (القاهرة)
  • جمعية الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان (جنيف)
  • مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف (القاهرة)
  • منظمة العدالة الدولية (لاهاي)
  • منظمة صوت حر للدفاع عن حقوق الإنسان (باريس)
  • جمعية حماية المدافعين عن حقوق الإنسان (باريس)
  • مركز هشام مبارك للقانون (القاهرة)
  • حابي للحقوق البيئية (القاهرة)
  • مركز الدراسات الريفية (القاهرة)
  • ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان (القاهرة)
  • الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (القاهرة)
  • مؤسسة حرية الفكر والتعبير (القاهرة)
  • الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب (القاهرة)
  • المرصد المدني لحقوق الإنسان (القاهرة)
  • الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية (القاهرة)




Arab Ministers of Interior are seeking to seize their control on the internet.
17 Arab and international human rights organization warns against the continuous violations of freedom of expression.


9 February 2006

17 Arab and international human rights organizations announced their protest on the endeavors of Arab ministers of Interior to legalize new laws giving them the right to close websites with the claim that they fight terrorism.

The conference of Arab ministers of Interior held at Tunisia on last January, welcomed the proposal of Egyptian Minister of Interior, which apparently aims to close websites supporting terrorism or websites arguing hatred. However, the Egyptian minister of Interior or the Egyptian Council of Ministers did not provide any clear or identified definition for Terrorism excluding the loose definition declared in 1998.

Such definition offers the best opportunity for more violations of freedom of expression and the right to exchange information. These are among the essential rights used to be violated by Arab governments.

The undersigned; Human Rights organizations emphasized that the suggestion of Egyptian Minister of Interior raised much doubts concerning the future of the freedom to use the internet in the region. Moreover, both Egyptian and Tunisian governments are famous for being anti-internet and their usual freezing of many websites without acquiring legal awards authorizing them to take such procedure which contradicts the right to freedom of expression.

Human rights organizations mentioned that the freeze of any website shall never be executed without proper legal procedures resulting in obviously justified legal award. Such award shall be judged by independent judges' bureaus. Furthermore, the so-called terrorism practiced by these websites shall be clearly defined.

Previous experiences in the Arab region proved that permanent security and stability may never be maintained without respecting basic human rights; including the right to freedom of expression, rather seeking the establishment of week stability by the practices snaking around International Law and violating the obligations on countries towards basic standards of human rights.

Organizations Signatures:
  • Arabic Network for human Rights Information (Cairo)
  • Arab Committee on Human Rights (Paris)
  • Egyptian Initiative for Personal Rights (Cairo)
  • Karama Association for Human Rights (Geneva)
  • Nadim Center for Psychological Treatment and Rehabilitation of Victims of Violence (Cairo)
  • International Justice Organization (La hay)
  • Free Voice Organization for Human Rights (Paris)
  • Human Rights Defenders (Paris)
  • Hesham Mubarak Center for Law (Cairo)
  • Dhabi Center for Environmental Rights (Cairo)
  • Rural Studies Center (Cairo)
  • Development and Human Rights Forum (Cairo)
  • Egyptian Association for Economic and Social Rights (Cairo)
  • Freedom of Thought and Expression Establishment (Cairo)
  • Egyptian Association against Torture (Cairo)
  • Civil Observatory for Human Rights (Cairo)
  • Egyptian Association for Raising Social Participation (Cairo)


التضحية وصناعة التاريخ .. ثورة الامام الحسين شاهدا
"اللهم تقبل منا هذا القربان"
بقلم: د. وليد سعيد البياتي
المملكة المتحدة – لندن
 
إشكالية المفاهيم
    تشكل القرابين جزءاً من التراث النفسي والروحي للامة في محاولة لتوثيق تواصلها مع السماء، وهي ليست ظاهرة تنطلق من فراغ نفسي او خواء اجتماعي كما تحاول الفلسفة المادية تفسيره، وهي ليست نتاجا للاحباط الروحي في تقويم العلاقة بين الانسان والخالق، ما يدفع الانسان في حالة من الانفعال الاحباطي الى تقديم نفسه اضحية او قربانا ليجد في موته الخلاص من اشكالية الحياة كما يتوهم بعض الفلاسفة المحدثين، كما انه لايمكن تفسير القرابين باعتبارها عوامل في فكرة التناقض بين المادي والالهي، او استلابا للعقل في بحثه المستمر عن مثل عليا، فتصبح القرابين اداة للتواصل بين الانسان والخالق خارج حدود مشروع السنن الالهية، ما يمكن اعتباره توارثا لامنطقيا ينتقل عبر الاجيال لترسيم و لترتيب علاقة الانسان بالخالق، ومن هنا لايمكن فهم القيمة العليا للقرابين خارج معايير السنن الالهية، بل ان القرابين هي من السنن الالهية.
 
القربان و الاخلاص المطلق
    يقول الحق سبحانه: (فلما بلغ معه السعي قال يابني إني ارى في المنام أني اذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت إفعل ما تؤمر وستجدني انشاء الله من الصابرين) الصافات/101 – 102، فيمكن اعتبار هذا النص مصداقا لفهم القربان كسنة الهية تسعى الى تحقيق مطلق الاخلاص لله تعالى عبر مطلق الخضوع للحكم الالهي، ولكن النص القرآني يؤكد انه لن يتحقق هذا الاخلاص بدون الفعل ولهذا: (فلما اسلما وتله للجبين، وناديناه أن يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم) الصافات/ 103- 107 لتتحقق بذلك قيمة الاخلاص عبر الفعل عندما يصبح مطلق القول مساويا لمطلق الفعل كما في حالة ابراهيم واسماعيل عليهما السلام، لتتكشف لنا حكمة السنة الالهية القربان باعتبارها تقييما لاخلاص العبد في مسيرته نحو تحقيق ارادة الله وفق السنن السماوية، مع التاكيد على اهمية العقل الانساني في ادراك الغايات التي تهدف اليها السنة السماوية من وراء القربان ولهاذ قال ابراهيم عليه السلام (فانظر ماذا ترى) تحقيقا لاستعمال العقل باعتباره احد مصادر التشريع، وبنفس المفاهيم ندرك فعل عبد المطلب جد الرسول الاعظم مع اصغر واحب اولاده اليه عبد الله والد نبينا الكريم صلوات الله عليه وآله.
    فالسنن تستمر بازلية الوجود والقرابين تطرح على مسار حركة التاريخ موثقة اخلاص المخلصين للعقيدة السماوية في تحركهم العبادي تحقيقا لمثل عليا دعت اليها الرسالات السماوية، لتتكرس بعد ذلك عبر ثورة كونية هدفت منذ البداية الى اعادة الموقف الى مساره الرسالي بعد الكم الهائل من الانحرافات التي اضرت بالعقيدة والامة على السواء، فلم يكن البحث المستمر عن الفداء والشهادة التي رافقتا ثورة الامام الحسين عيه السلام الا منهجا في تعليم الانسانية معنى الاخلاص المطلق، الذي لايعني ابدا الغاء حكم العقل، ما دام " كل ما يقبله العقل يقبله الشرع " ، وهنا فقط يمكن ادراك تضحية الامام الحسين واهله واصحابه عليهم السلام ليكونوا قرابينا على طريق العقيدة، من هنا تصبح القرابين تجسيدا حيا للعقيدة في طريق الحفاظ على الخط الرسالي، وعليه لم تكن التضحية مجرد انفعالا آنيا، ولا هوسا ورغبة في الفناء بلا معنى، بل كانت ترابطا بين الانسان في مستويات الاخلاص المطلق، وبين الله الخالق لتتجلى في حركة السيدة الجليلة سليلة النبوة والولاية، العظيمة زينب بنت الامام علي عليهما السلام، وهي تندفع نحو جسد اخيها وامامها الامام الحسين عليه السلام وهوالمضرج بدم الشهادة لتضع يديها الطاهرتين تحت جسده الشريف لترفعه بجهد الكبرياء والنبالة، وهي تلقي بطرفها الى السماء مخاطبة الباري تعالى في قولها: "اللهم تقبل منا هذا القربان" لتحقق تلك العلاقة العقائدية بين مطلق الاخلاص والولاء للعقيدة السماوية وبين تحقق مطلق الفعل بالاستشهاد، تلك الصرخة استوعبت كل معاني الايمان ومفردات العقيدة المتجسدة في شهادة الامام الحسين عليه السلام والتي اراد منها ان تكون توثيقا مستقبليا لتحرك الامة في مسار العقيدة للانفلات من حالة التناقض عبر التطلع لمستقبل تتحقق فيه الحضارة الكونية من خلال استلهام استمرارية السنن الالهية، تلك الصرخة الزينبية لم تكن مجرد انزعاجا عاطفيا، بل كانت تمثل ايمان الانسان بقدرته على صنع التاريخ، والتاثير الايجابي فيه.
   في الوقت نفسه تمثل هذه الصرخة الانسانية ادراكا واعيا بكون هذا القربان يشكل علاقة تعبدية مبنية على تحرك مسؤول نحو الله، فالحسين لم يكن قربانا لفداء البشرية وفق المفاهيم الكنسية للمسيحية عبر محاولة تفسيرها لعملية الصلب المفترضة، والتي أنكرها النص القرآني، ولم تكن شهادة الحسين فكرة طوباوية، او مثالية مغرقة في مثاليتها حد التطرف، بل ان الحسين عليه السلام قد جسد عمق العلاقة بين الشريعة وحركة التاريخ من خلال تأكيد الترابط بين الانسان الفاعل والمحرك للتاريخ وبين الله كمصدر للتشريع، ليؤكد مرة اخرى مفهوما يؤشر ان حركة الامام وسلوكه يمثل بعدا مستقبليا، ما يوضح القيمة الفعلية للامامة ككل باعتبارها مشروعا مستمرا لقيادة الامة على الخط الرسالي.
الرأي الآخر للدراسات - لندن
                                             
                                                       


To help you stay safe and secure online, we've developed the all new Yahoo! Security Centre.

ملتقى تونسي ايطالي حول "السياحة وديمومتها في افريقيا

ملتقى تونسي ايطالي حول "السياحة وديمومتها في افريقيا"
افتتحت صباح اليوم بتونس فعاليات ملتقى تونسي ايطالي حول "السياحة وديمومتها في افريقيا"بمشاركة عدد هام من الباحثين التونسيين والايطالين في المجال السياحي.
ويندرج هذا الملتقى الذى تتواصل اشغاله الى يوم 09 فيفرى الجارى في اطار الانشطة والبحوث التي تقوم بها خمسة جامعات ايطالية ولا سيما منها جامعة جنوة حول السياحة المستدامة في مختلف مناطق القارة الافريقية اى شمال افريقيا وجنوب افريقيا وافريقيا الوسطى وافريقيا الشرقية وافريقيا الغربية.
وقدم السيد خالد الشيخ المدير العام للديوان الوطني للسياحة التونسية لدى افتتاحه الاشغال بسطة عن المكانة الهامة التي يحتلها القطاع السياحى في الدورة الاقتصادية بوصفه يساهم بنسبة 6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام ويوفر 16 بالمائة من العائدات بالعملة الصعبة ويشغل اكثر من 90 الف شخص بصفة مباشرة.
واستعرض في هذا الصدد المقاربة التى توختها تونس لدفع هذا القطاع من خلال تبنى توجهات جديدة تتمثل في التمديد في الموسم السياحي وتوسيع مجالات نشاط القطاع ليشمل المناطق الداخلية لتونس الى جانب تنويع العرض مثل تطوير السياحة الصحراوية وسياحة الصولجان والسياحة الثقافية من اجل اقتحام اسواق جديدة.
وافاد في ذات السياق ان عدد الوحدات الفندقية في تونس بلغت مع موفي سنة 2005 ما يعادل 810 وحدة تقدر طاقة استيعابها الجملية ب 229 الف سرير مشيرا الى ان عدد السياح الذين توافدوا على تونس قد ناهز 5ر6 مليون سائح سنة 2005 قضوا 37 مليون ليلة سياحية بما وفر مداخيل بقيمة 2600 مليون دينار.
ولاحظ ان تونس التي تعد ثاني وجهة سياحية في افريقيا تستاثر ب 75 ر0 بالمائة من التدفقات السياحية العالمية و3 بالمائة من التدفقات السياحية في حوض البحر الابيض المتوسط.
وابرز من جهة اخرى ما تزخر به تونس من مخزون تاريخي وثقافي في القارة الافريقية والمنطقة المتوسطية ويتجلى ذلك من خلال جودة المنتوجات السياحية وتنوعها وتوزيعها الجغرافي اذ تتوفر تونس على 30 الف من المعالم والمواقع الاثرية والطبيعية والمتاحف والواحات والصحراء.
واستعرض في هذا السياق الاجراءات التي اتخذتها تونس لحماية الثروات الثقافية وتثمينها مع صيانة المحيط والتركيز على التهيئة السياحية المندمجة وذلك في اطار استراتيجية التنمية الشاملة للسياحة المستدامة.
واشارت مختلف المداخلات التي قدمها المشاركون الايطاليون بالخصوص الى ان البحوث والدراسات التي تقوم بها الفرق الايطالية في هذا المجال تهدف الى انجاز خرائط خاصة بالسياحة في افريقيا تساعد على التعريف اكثر بهذه الوجهات السياحية وتمكن من وضع سياسات موحدة لتطوير هذا القطاع وضمان ديمومته.

أخبــــــــــــــــــــار تونس.

محاضرتان حول حضور الفينيقيين و القرطاجنيين في سردينيا

ببادرة من كرسي بن على لحوار الحضارات و الأديان
محاضرتان حول حضور الفينيقيين و القرطاجنيين في سردينيا
ببادرة من كرسي بن على لحوار الحضارات و الاديان قدم امس الاثنين بالمعهد العالي للدراسات التجارية بسوسة الاستاذ بيارو برتلونى المسؤول عن كرسي الدراسات الفينيقية و البونيقية بكلية الاداب بجامعة ساسارى بسردينيا/ ايطاليا/محاضرتين على التوالي حول اثر الفينيقيين في جزيرة سردينيا و حضور قرطاج في جزيرة النوراجيين .
و افاد الاستاذ محمد حسين فنطر المشرف على كرسي بن على لحوار الحضارات و الاديان بالمناسبة ان هذا اللقاء يندرج في اطار تعزيز حوار الثقافات و الحضارات الذي من شانه ان يساهم في جعل الشعوب تعيش في كنف السلام والاحترام المتبادل .
وابرز التاريخ المشترك بين تونس و الضفة الشمالية للمتوسط الذي يتجلى بالخصوص في التأثر الاتني والثقافي المتبادل بين بلادنا و سردينيا منذ ما قبل التاريخ .
واكد من جهته الاستاذ بيارو برتلونى رئيس البعثة الايطالية الاثرية الى زاما/ جلمة بتونس ان الفينيقيين الذين بدؤوا يتوافدون باعداد قليلة منذ القرن الثامن قبل الميلاد على سردينيا لاغراض تجارية اندمجوا سلميا مع السردينيين مشيرا الى ان القرطاجنيين نظموا عمليات عسكرية بهذه الجزيرة منذ اواخر النصف الثانى من القرن السادس قبل الميلاد قصد التصدى للتوسع الاغريقى و استغلال الثروات المعدنية مثل الفضة و القصدير و استعمال السهول السردينية للزراعات الكبرى .
واضاف ان غزو سردينيا يمثل خطوة اساسية لتثبيت دور قرطاج كقوة دولية .
والح المحاضر خلال النقاش على ضرورة دعم التبادل بين كليات الاداب و العلوم الانسانية التونسية والايطالية لابراز التاريخ المشترك و النهوض بالحوار بين الحضارات .

أخبــــــــــــــــــــار تونس.

أخبــــــــــــــــــــار تونس


08 -02-2006
وفد أمريكي يزور مجلس المستشارين
" تونس هي معجزة إفريقيا مثلما هي سنغافورة معجزة آسيا"
" تونس هي معجزة إفريقيا مثلما هي سنغافورة معجزة آسيا"، هذا ما أكده أعضاء الوفد الأمريكي الذي يمثل «مجالس الشؤون العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية» مشيدين بالنقلة النوعية التنموية والحضارية التي حققتها تونس على مدى ثمانية عشرة سنة بفضل القيادة المتبصرة والحكيمة للرئيس زين العابدين بن علي وذلك رغم ثرواتها الطبيعية المحدودة وتعويلها فقط على كفاءة مواردها البشرية .
كما أعرب أعضاء الوفد الأمريكي الذي يضم عشر شخصيات لدى زيارتهم صباح اليوم مجلس المستشارين حيث كان السيد عبد الله القلال رئيس المجلس في استقبالهم عن إعجابهم بالزخم الهام من المكاسب والانجازات الرائدة التي حققتها تونس في كل القطاعات الاقتصادية ولفائدة كل الفئات الاجتماعية دون استثناء مؤكدين أن ذلك يترجم الإرادة السياسة للرئيس زين العابدين بن علي في جعل تونس نموذجا يحتذى بين الدول العربية والإفريقية والارتقاء بها إلى مصاف الدول المتقدمة .
وبينوا خلال اجتماع انعقد بالمناسبة برئاسة السيد عبد الله القلال وحضور نائبي رئيس المجلس وعدد من المستشارين ان زيارتهم إلى تونس التي تتواصل من 5 إلى 12 فيفرى الجاري تندرج في إطار الحرص على مزيد التعرف على التجربة التنموية في تونس والاطلاع على مقاربتها الإصلاحية في مختلف المجالات مؤكدين على ضرورة مزيد تطوير علاقات التعاون وتوسيع مجالاته بين البلدين الصديقين بما يخدم مصلحتهما المشتركة .
وكان رئيس مجلس المستشارين قد استعرض قبل ذلك ابرز النتائج والمؤشرات التنموية التي توفقت تونس الى تحقيقها رغم الوضع الدولي المتقلب والتي شملت بالخصوص مجالات التعليم والصحة والنهوض بأوضاع المرأة والارتقاء بمستوى عيش المواطنين وذلك في ظل مناخ سياسي يرتكز على قيم الديمقراطية والتعددية السياسة وسلم اجتماعية تسنى إرساؤها بفضل تكريس مبادئ التضامن والمساواة والعدالة الاجتماعية كما أشار إلى التحديات التي تحرص تونس على رفعها والمتمثلة بالخصوص في مزيد دفع قطاع التشغيل وتعزيز مكانة البلاد في مجال تكنولوجيات الاتصال الحديثة سيما اثر نجاحها في احتضان المرحلة الثانية من القمة العالمية حول مجتمع المعلومات فضلا عن إيجاد السبل الكفيلة بكسب رهان الاندماج الفاعل في مسار العولمة .
وأشار إلى دور مجلس المستشارين في إثراء الحياة السياسية للبلاد ودعم العمل التشريعي تكريسا للمسار الديمقراطي التعددي وجدير بالذكر أن «مجالس الشؤون العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية» يعد من أهم المنظمات الأمريكية غير الحكومية المهتمة بالشؤون الدولية وهي تضم قرابة نصف مليون عضو ولها فروع في سائر الولايات المتحدة الأمريكية وفي عدد من بلدان العالم وتعمل على التفتح على دول العالم والتعرف على خصوصياتها.

أخبــــــــــــــــــــار تونس.

أخبــــــــــــــــــــار تونس

إعجاب مجلس الشؤون العالمية الأمريكية بالمقاربة التنموية التونسية
تحادث السيد محمد النوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي صباح اليوم بتونس مع وفد أمريكي يضم عشرة شخصيات قيادية من بين أعضاء مجلس الشؤون العالمية الأمريكية يودون حاليا زيارة إلى تونس.
وتعد هذه المنظمة من ابرز المنظمات الأمريكية غير الحكومية المهتمة بالشؤون الدولية حيث تضم قرابة نصف مليون عضوا ولها فروع في سائر الولايات الأمريكية وعدد من بلدان العالم.
وتندرج هذه الزيارة في اطار رغبة المنظمة الأمريكية في التعرف على انجازات تونس ومقارباتها في مختلف المجالات.
وعبر السيد محمد النورى الجويني عن رغبة تونس في مزيد تطوير التعاون بين تونس والولايات المتحدة وتنويعه حتى يرتقي الى افضل المستويات خدمة للمصلحة المشتركة.
واشار الوزير في هذا السياق الى الإمكانيات المتوفرة والفرص الكفيلة بدفع التعاون الاقتصادي خاصة في ما يتعلق بالاستثمار وبعث المشاريع المشتركة والتبادل التجاري وهو ما يتطلب بذل المزيد من الجهود من الجانبين خاصة من قبل القطاع الخاص وهياكل المساندة لاستكشافها واستغلالها مستعرضا القطاعات الواعدة التي يمكن ان تثير اهتمام المستثمرين الامريكيين والتي يتوفر لها في تونس كل مقومات النجاح كتكنولوجيات الاتصال والمعلومات والطاقة وانجاز المشاريع الكبرى في مجال البنية الأساسية وقطاع الصناعات الغذائية وغيرها.
كما كان اللقاء فرصة قدم خلالها السيد محمد النورى الجويني للوفد الأمريكي عرضا حول مقاربة تونس في مجال التنمية التي ترتكز اساسا على تلازم البعدين الاقتصادي والاجتماعي مستعرضا النتائج الايجابية التي حققتها تونس في مجال دعم القدرة التنافسية للاقتصاد وتنويع قاعدته وتعزيز الطبقة الوسطى وتقليص نسبة الفقر وتطوير الدخل الفردى.
وعبر اعضاء الوفد الأمريكي عن اعجابهم بما حققته تونس من تقدم على جميع المستويات مما يؤهلها لان تكون شريكا فاعلا للولايات المتحدة الأمريكية منوهين بالمقاربة التونسية في مجال التنمية وما تتميز به من واقعية وتلازم بين النمو الاقتصادى والرقي الاجتماعي.
كما ثمنوا البعد التضامني في مختلف السياسات المعتمدة والذي امتد اشعاعه الى المستوى الدولي ليصبح مثالا يحتذى وذلك من خلال إقرار الصندوق العالمي للتضامن الذي تبنته المجموعة الدولية مؤخرا.

أخبــــــــــــــــــــار تونس.

عاشوراء

عاشوراء..جوهر الديمقراطية
نــــــــــــــــــــــزار حيدر
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

   تحت هذا العنوان، استضافني، مشكورا، الأسبوع الماضي، مركز دار السلام في العاصمة الاميركية واشنطن، لألقي محاضرة ضمن البرنامج الليلي الذي ينضمه المركز، احياءا لذكرى نهضة سيد شباب أهل الجنة سبط رسول الله (ص) الإمام الحسين بن علي عليهم السلام، والذي استشهد، مع ثلة من أهل بيته وأصحابه الميامين، في يوم العاشر من المحرم عام (61) للهجرة، على يد جيش الطاغية يزيد بن معاوية، على أرض كربلاء المقدسة بالعراق.
   عنوان المحاضرة استقيته من فكرة جوهرية تتمحور حولها الرسالات السماوية جمعاء.
   فبقراءة متأنية لآيات القرآن الكريم، نلحظ أن الهدف النهائي للرسالات السماوية، ولرسالة نبينا محمد بن عبد الله (ص)، يتجلى في تحقيق كرامة الإنسان، كانسان، بغض النظر عن لونه أو جنسه أو اثنيته، والى هذا المعنى تشير الآية الكريمة رقم (70) من سورة الإسراء{ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} وهي إشارة واضحة إلى أن الهدف هو كرامة الإنسان، وليس المسلم فحسب أو الشيعي على سبيل الفرض، إنما الهدف هو كرامة(بني آدم) وهي عبارة تعني كل البشر بغض النظر عن انتماءاتهم وأصولهم ومعتقداتهم، والى ذلك أشار الرسول الكريم بقوله(ص) {من آذى ذميا فقد آذاني}و{من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة}أو في قوله عليه وعلى آله أفضل التحية والسلام{من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت أنا خصمه، خصمته يوم القيامة}.
   السؤال الذي يلح هنا للإجابة عليه هو؛
   أين تتجلى كرامة الإنسان؟ وكيف؟.
   برأيي، فان كرامة الإنسان تتجلى في ثلاث قيم أساسية واستراتيجية، هي اليوم محور الديمقراطية التي يكتب ويتحدث عنها ويبشر بها العالم، تلك القيم الثلاث هي:
   أولا؛ الحرية، والتي تتمثل في حرية العقيدة والرأي والاختيار، وكذلك في حرية التعبير عن الذات.
   ثانيا؛ المساواة بين الناس، وعدم التمييز بينهم على أساس خلق الله سبحانه وتعالى، كالتمييز على أساس اللون والجنس والانتماء القومي أو الجغرافي، كما تتجلى المساواة في مبدأ تكافؤ الفرص، إذ لا يحق الاستئثار بالفرص لجماعة وحرمان أخرى منها، إذ لا بد أن يتمتع الجميع بنفس الفرص وعلى كل الأصعدة وفي كل المجالات.
   ثالثا؛ الشراكة الحقيقية والواقعية بين الناس في الشأن العام، فلا يجوز احتكار فئة للشأن العام، وحرمان الآخرين منه، بأية ذريعة، ولذلك، ليست الملكية من الإسلام في شئ، وان أي سلطة تقوم على أساس النظام الملكي الذي يفاضل بين الناس في الشأن العام على أساس القبيلة أو العائلة، التي يولد مولودها أميرا يتمتع بامتيازات خاصة على حساب سائر المواطنين، فهي باطلة لا أساس لها من واقع الدين أو الإنسانية أو حتى العقل، في شئ.
   إن أي انتقاص من أي واحدة من هذه القيم، يعد بمثابة الانتقاص من كرامة الإنسان.
   فتحديد حرية الإنسان، أو سلبها منه، بمثابة اعتداء على كرامة الإنسان، لأن العبودية ضد الكرامة، وان الإنسان إما أن يكون حرا أو أن يكون عبدا، ولا وجود لمنطقة وسط بين الحرية والعبودية، وان السلطة التي تنتقص، ولو ذرة من حرية الإنسان، إنما هي في حقيقة الأمر، تسلب كل حريته وليس بعضها، وبالتالي فهي تسلب كل كرامة الإنسان، لأن الكرامة كالحرية، وحدة واحدة لا تتجزأ، فإما أن يكون الإنسان كريما، أو أن يكون ذليلا.
   كما أن التمييز بين الناس على أساس اللغة أو اللون أو الجنس أو ما أشبه، يعد بمثابة انتهاك صارخ لكرامة الإنسان، لأنك، في هذه الحالة، تفاضل بين إنسان وآخر في أمر ليس له رأي فيه، إنما هي فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله عز وجل.
   نعم، يمكنك أن تميز بين الناس على أساس العلم والعمل وحسن الأداء والتقوى والصدق والأمانة والنزاهة والخبرة والتفاني والشجاعة، فتلك جميعا قيم وصفات يمكن للإنسان الحر، أي إنسان، أن يجتهد ليكسبها، وبالتالي ليتفاضل بها مع الآخرين، لأنها قيم قابلة للاكتساب، بامكان أي أحد أن يكتسبها، ولذلك لا يجوز لأحد أن يمنع أي إنسان من السعي لاكتسابها، والا فسنقع في المحذور مرة أخرى، ولارتكبنا خطأ التمييز بين الناس مرة أخرى، لأننا لم نفسح المجال أمام الجميع، وبالتساوي، لاكتساب هذه الصفات الحسنة والمهارات الايجابية، على أساس قاعدة مبدأ تكافؤ الفرص، لنفاضل، بعد ذلك، بينهم، فالفرصة أولا ثم التفاضل.
   كما أن تكريس الطبقية السياسية في المجتمع، من خلال احتكار الشأن العام من قبل زمر معينة وحرمان الآخرين منه، يعد بمثابة العدوان على كرامة الإنسان، الذي يعبر عن نفسه عادة من خلال المشاركة في الشأن العام، ولذلك فان سلطة الحزب الواحد، تتناقض مع كرامة الإنسان، لأنها تسلبه حق المشاركة في الشأن العام بحرية، كما أن الاستبداد والديكتاتورية، أنظمة حكم تصادر كرامة الإنسان، لأنها تسلبه حق المشاركة في الشأن العام، كما أن الأنظمة الملكية، تتناقض مع كرامة الإنسان، لأنها تبني سقفا سياسيا فوق رؤوس الناس، لا تسمح لأحد تجاوزه، فتقمعه، أو تقتله إذا أصر على تجاوز السقف السياسي المحدد للشعب.
   لقد استهدف السبط الشهيد بثورته الإصلاحية في العاشر من المحرم عام 61 للهجرة، إعادة الكرامة التي سلبتها السلطة الغاشمة من الإنسان، من خلال الممارسات المنحرفة التالية:
   أولا؛ إنها تعمدت إذلال الإنسان، كما قال شاعرهم معبرا عن ذلك؛
   فدع عنك ادكارك آل سعدى             فنحن الاكثرون حصى ومالا
   ونحن المالكون الناس قسرا             نســـومهم المذلـــــــة والنكالا
   ونوردهم حياض الخسف ذلا           ومــــــا نالـــوهم إلا خبـــــالا
   ثانيا؛ التمييز بين الناس، في العطاء أولا، ومن ثم في كل الأمور، تاليا.
   ثالثا؛ الاستحواذ على مقدرات الأمة، كما يشير إلى ذلك أحد ولاة السلطة بقوله(سواد العراق بستان لقريش، ما شئنا أخذنا منه، وما شئنا تركناه)، أو كما في قول الآخر(لنأخذن حاجتنا من هذا الفئ، وان رغمت أنوف أقوام).
   رابعا؛ قمع المعارضة، والحيلولة دون الإعراب عن رأيها في أية قضية تخص المسلمين عامة، بل وصل حد القمع إلى أن منعت السلطة كبار الصحابة من ترك منازلهم إلا بأذن خاص، وهو أول قرار يقضي بفرض الإقامة الجبرية على المعارضين، للحيلولة دون لقاءهم بالناس والإعراب عن آرائهم، التي كانت تخشاها السلطة.
   خامسا؛ الجبر والقهر والفرض، وسلب الناس حرية الاختيار التي تعد جوهر كرامة الإنسان.
   ففرضت السلطات البيعة على الناس بالإكراه، كما يعبر عن ذلك نص الرسالة التالية التي بعث بها الطاغية يزيد إلى واليه على المدينة المنورة، الوليد بن عتبة(أما بعد فخذ حسينا وعبد الله بن عمر وابن الزبير بالبيعة أخذا ليس فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلام)، ومن المعلوم جيدا فان فرض البيعة يسلب الإنسان حريته وبالتالي ينتقص من كرامته.
   سادسا؛ محاربة المعارضة في لقمة العيش حتى ترضخ لقرارات السلطة الغاشمة، فلقد صدرت الأوامر المشددة لحكام الأقاليم، أن(انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان، واسقطوا عطاءه ورزقه) وفي قرار آخر(من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم، فنكلوا به واهدموا داره).
   سابعا؛ إشغال المعارضة والهاء الناس، لإبعادهم عن التفكير بشؤون الأمة، وقضايا السلطة، والى ذلك تشير نصيحة أحد مستشاري السلطة، والتي أخذت بها لسنوات طويلة، بقوله(رأيي يا أمير المؤمنين، أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك، وان تجمرهم في المغازي، أي تحبسهم في أرض العدو ببعوث عسكرية طويلة الأمد، حتى يذلوا لك، فلا يكون همة أحدهم إلا نفسه، وما هو فيه من دبرة دابته وقمل فروه).
   وان أكبر تجاوز على كرامة الإنسان، تجلت يوم أن نزا على السلطة من لا يستحقها، ومن دون تفويض أو استشارة من الناس، وكأن السلطة ملك خاص لهذه الأسرة أو تلك القبيلة، فعندما حول الطاغية يزيد بن معاوية، الخلافة إلى ملك عضوض، يكون بذلك قد اعتدى على حرية الناس وكرامتهم، وقبل ذلك، يكون قد اعتدى على ابرز نص سياسي من نصوص القرآن الكريم، والذي يقول فيه الله عز وجل{وأمرهم شورى بينهم} فألغى، بالملكية، حرية الناس في الاختيار، وحال بينهم وبين الشراكة الحقيقة في الشأن العام، ولقد عبر السبط الشهيد عن هذه الظاهرة بقوله{على الإسلام السلام، إذا ابتليت الأمة براع مثل يزيد، ولقد سمعت جدي رسول الله (ص) يقول، الخلافة محرمة على آل أبي سفيان}، أو كما في قول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام{ولكني آسي أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا وعباده خولا والصالحين حربا والفاسقين حزبا، فان منهم من شرب فيكم الحرام، وجلد حدا في الإسلام، وأن منهم من لم يسلم حتى رضخت له في الإسلام الرضائخ} وتلك هي حالة الأمة والسلطة في ظل حكومة الطاغية يزيد بن معاوية، ولذلك كان لا بد للسبط أن يتحرك لتصحيح الأوضاع مهما كان الثمن، فهو{أحق من غير} على حد قوله عليه السلام.
   لقد اعتدت السلطة بكل هذه الممارسات، وأكثر، على كرامة الإنسان التي بعث الرسول الكريم من أجل تحقيقها، ولذلك كان لابد للإمام الحسين بن علي السبط، أن يتحرك من أجل إصلاح الأوضاع لإعادة الكرامة المسلوبة للإنسان في ظل السلطة الجائرة.
   وأن أول ما استهدفه الإمام الحسين عليه السلام، في ثورته، هو محاولة استثارة حرية الإنسان الذي غررت به السلطة، فخرج لقتال ابن بنت رسول الله (ص)، ولذلك تركزت أقواله حول قيمة الحرية التي إن تذكرها الإنسان وسعى إلى صيانتها، لم يفقد كرامته، وبالتالي لم يجرؤ على ارتكاب جريمة بشعة كتلك التي ارتكبها الأمويون وجيش البغي في كربلاء.
   تعالوا نقرأ ما قاله الإمام الحسين بن علي في هذا الصدد؛
  {إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم}{لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفر فرار العبيد}{موت في عز خير من حياة في ذل}{إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد فاسق فاجر شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله}{ألا وأن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجدود طابت وحجور طهرت وأنوف حمية ونفوس أبية، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام}.
   لقد حاول الحسين الشهيد عليه السلام، استثارة حرية الناس وغيرتهم وكرامتهم، ليعودوا إلى صوابهم فيفكروا بعقولهم دون أهوائهم، وبضمائرهم الحية دون الاستسلام إلى الشيطان الذي أغراهم فأغواهم فأنساهم ذكر الله عز وجل، لأن الإنسان الحر هو الذي يمتلك كرامته، والكرامة عقل سليم يفكر فيه الإنسان فيهتدي به إلى طريق الخير والصواب، وان الحر لا يرتكب جريمة بشعة يندى لها جبين الإنسانية، كجريمة قتل السبط الشهيد ابن بنت رسول الله(ص).
   لقد اعتدى الحكم الأموي على كرامة الإنسان فسلب حريته وميز بينه واستولى على السلطة بالقوة، وعندما قرر الإمام الحسين عليه السلام الثورة على هذا الواقع الفاسد، إنما استهدف إعادة الكرامة المسلوبة للإنسان أولا، من خلال إثارة قيم الحرية والمساواة والشراكة الحقيقية في نفوس الناس، لإشعارهم بآدميتهم، لأن إنسان بلا حرية، هو إنسان بلا كرامة، وأن إنسان بلا كرامة، هو إنسان بلا آدمية، لأن آدمية الإنسان بحريته وكرامته، كما أن إنسان لا يمتلك حق التعبير عن نفسه ورأيه وما يعتقد به، لهو إنسان مسلوب الإرادة، أي مسلوب الحرية والكرامة، انه إنسان ميت الأحياء، ولذلك، فان أول ما تستهدفه كل الدعوات التي تدعو إلى تشييد الأنظمة الديمقراطية في أي بلد من البلدان، إنما تدعو، أولا، إلى تحرير حرية الإنسان، وتحرير إرادته، لتحرير كرامته التي يسلبها النظام الاستبدادي والديكتاتوري، ولذلك جاء في القرآن الكريم متحدثا عن فلسفة بعث الرسول الكريم{ليضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} لأن أول خطوة في طريق تبليغ الرسالة تتجلى في تحرير الإنسان، ليتمكن من اتخاذ قرار الهدى والرشاد بكامل حريته بعيدا عن الفرض والإكراه والجبر من قبل القوى المتسلطة بغير حق.
   من هنا نفهم، أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام، لم تكن ثورة طائفية أو أنها تنحصر، في أهدافها، بفئة معينة من الناس دون غيرهم، أبدا، بل أنها ثورة إنسانية أولا وقبل كل شئ، لأنها استهدفت (كما هو الإسلام) كرامة الإنسان كانسان بغض النظر عن أي شئ، لأن الحسين عليه السلام، وهو ترجمان القرآن الكريم، يؤمن بأن للإنسان كرامته التي فطر الله الناس عليها، ولذلك لا يجوز لأحد أن يعبث بها أبدا.
   إنها ثورة من أجل الإنسان، وأن من يحاول أن يحصرها بفئة معينة إنما يظلم نفسه أولا، ويظلم الثورة وصاحبها ثانيا.
   إن من الجريمة بمكان التعامل مع ثورة الحسين عليه السلام بطائفية، فنقول إنها ثورة شيعية أو أنها تخص الشيعة فقط، كما أن من الجريمة بمكان التعامل معها بأنها ثورة إسلامية أو أنها تخص المسلمين فحسب، إنها في الحقيقة ثورة إنسانية، على البشرية أن تحيي ذكرها كل عام، بل في كل يوم، فلولاها لما بقي شئ من كرامة الإنسان التي سحقتها السلطة الغاشمة، أو كادت، بسياساتها اللاانسانية المتعجرفة.
   الحقيقة التي يلزم أن نتذكرها بهذه المناسبة، هي أن كل حركة أو ثورة أو سلطة لا تأخذ في حساباتها كرامة الإنسان، فتسعى لتحقيقها من خلال تكريس حرية الإنسان والمساواة بين الناس والحث والسعي على إشراكهم في الشأن العام، لهي حركة لا تمت إلى الحسين عليه السلام بصلة، وان تزيت بزي الحسين(ع) أو رفعت شعارات حركته الإصلاحية، لأن السبط عنوان كرامة الإنسان، فأية حركة إصلاحية (حسينية) هذه التي تتجاوز على كرامة الإنسان؟ وأية سلطة صالحة تلك التي تسحق حرية الإنسان؟ وأية ثورة إنسانية تلك التي تميز بين الناس وتسلبهم الفرص ولا تمنحهم حق المشاركة في الشأن السياسي العام؟.
   إن الحركة الإصلاحية، أية حركة، هي تلك التي تبذل قصارى جهدها من أجل تكريس كرامة الإنسان من خلال احترام حريته وعدم التجاوز على حقوقه في المساواة وحرية الاختيار والمشاركة الحقيقية في الشأن العام، والا فهي حركة أموية مهما تجملت بالشعارات البراقة، وتغنت بالأهداف الحلوة والمعسولة، لأن الفرض والإكراه ليس من وسائل الحركة الإصلاحية الحقيقية، أبدا، وأن الذبح والقتل والتفجير والسيارات الملغومة والأحزمة الناسفة ليست الوسيلة لبناء مجتمع الكرامة الإنسانية، أبدا.
   إن الحسين عليه السلام، لم يفرض نفسه وأهدافه على أحد أبدا، إنما حاول إقناع الناس وسعى لكسب إيمانهم به طوعا وليس كرها، ولذلك فهو بذل جهودا جبارة من أجل توضيح وتحديد أهداف حركته الإصلاحية كما في أقواله التالية؛
   {فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، والدائن بدين الله، الحابس نفسه على ذات الله}في إشارة منه إلى أن السلطة القائمة ليست شرعية أبدا{ألا واني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا، أصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين}في إشارة منه إلى أن المطلوب هو قبول الحق فيه وليس قبول شخصه{أما بعد، فاني ادعوكم إلى إحياء معالم الحق وإماتة البدع، فان تجيبوا تهتدوا سبل الرشاد}في إشارة إلى الهدف الأسمى لحركته الإصلاحية{وأنا ادعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، فان سمعتم قولي واتبعتم أمري، أهديكم إلى سبيل الرشاد}وفيه تخيير بلا فرض أو إكراه أبدا{أيها الناس، إن رسول الله (ص) قال، من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير ما عليه بفعل ولا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله، ألا وأن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفئ واحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير، وقد أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم، وأنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فان تممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم، فاني الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله(ص) نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم، فلكم في أسوة}وهي إشارة واضحة إلى أن بيعتكم لي، هي التي أقامت الحجة علي وعليكم.
   هذا من جانب، ومن جانب آخر، لم يكن الإمام عليه السلام، متهالكا على سلطة أبدا، فكان يقول بهذا الصدد؛
   {اللهم انك تعلم أنه لم يكن ما كان منا، تنافسا في سلطان ولا التماسا من فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وأحكامك}وهو نفس الخطاب الرسالي الذي نطق به أبوه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، عندما انثال عليه الناس يطلبون البيعة للخلافة، فقال{أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، لألقيت حابلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز} لماذا؟ لأن السلطة بالنسبة للإمام حق يسترد لمظلوم أو باطل يسقطه عن ظالم، والا فلا خير في سلطة أبدا، والى هذا المعنى يشير الإمام عليه السلام بقوله{الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه} فلا محاباة، في قاموس الإمام، ولا أثرة ولا محسوبية ولا رشاوى ولا فساد إداري أو مالي ولا تمييز بين قوي وضعيف، أبدا.
   بل أن الإمام السبط عليه السلام، لم يشأ أن يقتتل المسلمون بسببه، ولم يشأ أن تراق الدماء بسببه، ولذلك، عندما وصله خبر استشهاد سفيره إلى الكوفة ابن عمه مسلم بن عقيل عليه السلام، في منطقة بين مكة والعراق تسمى (الزبالة) لم يشأ أن يخفي الخبر على من التحق به في مسيره من المدينة إلى الكوفة، ولذلك جمعهم وأخبرهم بالأنباء غير السارة، وأذن لمن شاء بالانصراف حتى لا يقولن أحد أن الحسين أجبره على مسير أو بيعة أو قتال أبدا، فقال لهم عليه السلام{أما بعد فانه قد أتاني خبر فضيع، قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج، ليس عليه منا ذمام} لأن الإمام كان واضحا في أهدافه، طاهرا في وسائله وأدواته، ولذلك كانت ثورته رسالية وربانية وإنسانية.
   فعل ذلك عدة مرات، وكرره في آخر لحظة سبقت قرار الحرب في يوم العاشر من المحرم، بل أنه بادر إلى عقد عدة اجتماعات سرية وعلنية مع قائد جيش البغي لثنيه عن القتال، ولقد نجح في ذلك، إلا أن الأوامر المشددة التي صدرت عن الدعي بن الدعي عبيد الله بن زياد بن أبيه، والقاضية بقتل الحسين أو استسلامه، وهيهات، هي التي أفشلت كل جهود السلام.
   لنقرأ المقطع التاريخي التالي الذي يرسم لنا الصورة التي كانت عليه الأوضاع في كربلاء قبيل بدء الحرب؛
   {حتى إذا قدم عمر بن سعد قائد الجيش الأموي، فاوضه الحسين طويلا وأقنعه بأن يمسك الطرفان عن القتال ويرجع الحسين من حيث أتى أو يذهب إلى حيث يريد من بلاد الله، وكتب عمر بن سعد بذلك إلى عبيد الله بن زياد فأبى وكتب إليه: أما بعد فاني لم أبعثك إلى الحسين لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السلامة والبقاء ولا لتقعد له عندي شافعا، أنظر فان نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم إلي سلما، وان أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم، فإنهم لذلك مستحقون، فان قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره فانه عاق شاق قاطع ظلوم، وليس في هذا أن يضر بعد الموت شيئا، ولكن علي قول، عهد للخليفة يزيد، لو قد قتلته فعلت هذا به}.
   لقد حاول السبط الشهيد عليه السلام، أن يلقي الحجة بكل وسائل الحوار والمنطق السليم والحق الواضح، إلا أن القوم قد استحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله عز وجل، فارتكبوا جريمة هي من أبشع الجرائم في تاريخ البشرية.
   وأن من يريد أن يثأر لكرامته التي اعتدت عليها الإساءات التي تعرض لها الرسول الكريم(ص) في الإعلام الغربي، عليه أولا أن يحيي قيم الثورة الحسينية في نفسه ومشاعره وأحاسيسه، لتتحول إلى كرامة حقيقية تتشبع بها شخصيته، ولا يكون ذلك إلا بإعلان الولاء، أولا، لآل الرسول الكرام الذين قتلوا في كربلاء في العاشر من المحرم عام 61 للهجرة، إلى جانب إعلان البراءة ممن قتلهم واعتدى عليهم، ولولا تلك الإساءة الكبيرة التي تعرض لها الرسول الكريم(ص) بقتل سبطه وسيد شباب أهل الجنة، على يد السلطان الجائر الذي تلبس بلبوس الإسلام، وأمام مرأى ومسمع المسلمين، لما تحولت الطريقة البشعة تلك إلى (ثقافة) تتوارثها أجيال الأمويين، بالانتماء السياسي وليس بالنسب، لتصل إلينا اليوم طرق وأساليب يعتمدونها الورثة في قتل الإنسان على الهوية، كما يجري اليوم في العراق، فيقتل الإنسان العراقي على الهوية والانتماء، وبنفس الطرق والأدوات التي استخدمتها الفئة الضالة التي قتلت السبط الرسول(ص).
   وأقولها بصراحة، فلولا استباحة الإرهابيين، الذين يتلفعون بالدين لتنفيذ جرائمهم وتحقيق مآربهم، لدماء الأبرياء، ولولا سكوت (علماء الإسلام) على هذه الجرائم، لما تجرأ أحد على الإساءة إلى مقدساتنا أبدا.
   إن تجاوز الإرهابيين على كرامة الإنسان، هو الذي جرأ الآخرين على التجاوز على مقدساتنا، والإساءة للرسول الكريم(ص).
   إن اكبر إساءة تعرض لها الرسول الكريم(ص) على الإطلاق، تمثلت في قتل سبطه الشهيد على يد حاكم جائر أساء للرسول عندما نزا على منبره، وهو الذي يعبد الله على حرف.
   استغرب حقا، كيف تثور غيرة (المسلم) لكرامة دينه ونبيه عندما يسئ (إعلام الكفار) لنبيه برسم، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، ولا تتحرك في جسده شعرة، وهو يمر على ذكرى السبط الشهيد ابن بنت رسول الله (ص)، والذي قتل بتلك الصورة الشنيعة في رمضاء كربلاء، محاولا نسيانها أو تجاهلها، كما هو حال الإعلام (العربي) الذي يوصل الليل بالنهار، في أيام الذكرى، طربا ومجونا وخلاعة؟ ألا يرى (المسلم) في ذلك تناقضا صارخا يا ترى؟ أم ماذا؟ أم أنه لا يرى في قتل السبط أية إساءة للرسول الكريم(ص)، ولذلك لا يعير ذكراها أهمية تذكر؟.

السابع من شباط 2006