١١‏/٦‏/٢٠٠٦

حميد عقبي بالمركز الثقافي المصري بباريس

خاص من باريس لكل يوم/

عرض  خاص لأفلام المخرج اليمني حميد عقبي بالمركز الثقافي المصري بباريس

سيشهد المركز  الثقافي  المصري بحي سان ميشيل بباريس  مساء الجمعة 23 يونيو عرض  خاص لافلام  المخرج  السينمائي حميد عقبي حيث سيعرض  فيلم  الرتاج  المبهور عن قصيدة الرتاج المبهور للشاعر عبد العزيز سعود  البابطين 32 دقيقة  وعرض فيلم ستيل لايف عن قصيدة حياة جامدة للشاعر سعدي يوسف 20 دقيقة و عرض فيلم سوق  بيت  الفقيه فيلم  وثائقي عن سوق بيت الفقيه الشهير باليمن 7 دقائق .
و سيحضر كادر  العمل و المشاركين  في الافلام  الفنان  العراقي سعدي يونس بحري – ليندا  و كاهينه الخالدي – المصور بوليص لوكارديه و  السكربت نيكولا لوبختر  و الفنان  الموسيقي الاخضر بوساف و مانويل بولنش  مهندس الصوت  و  المترجم جساس الاغبري  .
و ستبدا  الفعالية  في  تمام  الساعة  السادسة  و  النصف ستكون  البداية  تقديم للمخرج  و  كادر  الفيلم  من  قبل  الدكتور  محمود  اسماعيل مدير  المركز  الثقافي  المصري  بباريس  ثم  سيتم  عرض  الافلام  و  يتم  بعدها  الحديث  عن  تجربه أثارت  بعض  الجدل حيث  يقوم  المخرج  اليمني حميد  عقبي  بمعالجة  القصائد  الشعرية سينمائيا  و يتعاون  معه اصدقاء  من  الشرق  و  الغرب  و رغم  امكانيات  المخرج  و اصدقائه بسيطة  الا  انه استطاع انجاز  بعض الاعمال التي  يحاول ان يعرضها  في  مهرجانات  و  مراكز  ثقافية و  فنية  في  فرنسا  و  العديد  من  البلدان  العربية .
و يقول  المخرج  لدي  اعمال عديدة اكثر  من  عشرة  سيناريوهات لقصائد  شعرية  و  لكن للاسف  الامكانيات  المادية  تقيدني  هذه  التجربه  يمكن ان  تستمر اذا  وجدت  دعم  مادي كي  نستطيع  انتاج  المزيد  من  الافلام   لا يمكن  ان  نحكم  على  التجربة من  خلال  ثلاثة  افلام  فقط  انجزتها   مازال  لدي  الكثير  من الافكار  اود  طرحها في  افلام  اخرى و انا  اناشد المؤسسات  الثقافية  و  الفنية في  فرنسا  و  العالم  العربي ان تدعم  تجربتنا ماديا  و معنويا  و ان  يتاح  لنا  عرض  ما  أنجزناه  في  المهرجانات  و  الفعاليات الفنية  و  الشعرية  .


ملاحظة  الفعالية  يمكن  الاطلاع  عليها  على  موقع المركز  الثقافي  المصري بباريس
http://www.culture-egypte.com/evenements.asp

كربلائي في حضرة الصدر

كربلائي في حضرة الصدر
نضير الخزرجي*
الذكرى كأي ذكرى، حلوها او مرها، بلسمها او علقمها، تبقى عالقة بأهداب الماضي، تدغدغ ذؤاباتها راحة الحاضر، كلما تذكرها صاحبها أجمرت في حناياه أوار الماضي المندك بالحاضر والمندلع اللسان على المستقبل.
في ذكرى اعدام المفكر والفقيه السيد محمد باقر الصدر (1931-1980) وتحت عنوان (في الذكرى نجتر الألم والأمل ونقسم ان نبقى على الدرب)، كتبت في مجلة الشهيد، متحدثا عن اول لقاء لي مع الشهيد الصدر: "لم اكن قد رأيته من قبل الا عبر الصور، هذه المرة كانت مباشرة، لقد جمعتني معه حبل الثورة الواصل بين الرمز الثوري الاسلامي والجماهير المستضعفة التواقة الى الانعتاق من ربقة الجبروت والطغيان. لقد كان من حسن حظي ان تكون عيناني لا ترى امامها الا ذلك الوجه النوراني الذي تخللته بعض القسمات والاخاديد التي تحكي عن عظم المسؤولية وعن كبر الآلآم التي رضي ان يحملها هذه السيد الجليل خدمة في سبيل شعبه، انه الشهيد السعيد المرجع آية الله السيد محمد باقر الصدر.
فعندما دخل الضيوف غرفته المتواضعة أبيت الا ان أتخذ موضعا للجلوس يكون مقابلا له، لم أكن ادري ما السبب، لكن شيئا ما كان يساورني، ويجرني نحو هذا السيد العالم، جلست امامه غير ان حالة اخرى راحت تغشاني، فقد كانت عيناي قد انفلتت من عقالها وراحت تهمر دموعها، ولم اكن اعلم لماذا ابكي، هل لان القدر سيحمل هذا السيد بعد فترة قصيرة الى ربه شهيدا، ربما ذلك، وربما هي دموع الولاء.
وعندما رمت أن أرفع عيناي الى عينيه، خانتني حدقتاي، رفضت ان تلتقي نطراتها الى نور وجهه الوضاء، لأن نور كريمته أعياني، ولأن بريق عينيه كان أحدّ لمعانا من أن تتحمله عيناي. تسمّرت في مكاني لا أبدي حراكا، غير أن آذان قلبي انفتحت أبوابها على مصراعيها لتستمع الى ذلك الصوت الهادر، الصوت الذي انسلّ الى هذه النفس المحبوسة بين دفتي الترقب ليضع عنها أغلال الطاغوت والشيطان، لينبأها بأن الجنة تحت ظلال السيوف وان لكل شيء سناما وان سنام الاسلام الجهاد.
ما أروعها من كلمات خرجت من فم كريم، انها الكلمات التي امتزجت لعابها بدماء الحسين لتنبعث حمراء قانية تبشر بأن الساعة حانت وأذنت للثورة على الظلم والطغيان، الثورة على نظام حزب البعث الحاكم في بغداد.
كلمات الشهيد السعيد كانت تخبرنا عن استشهاده، عن دنو الساعة التي تخضب فيها كريمته التي أبى الطاغوت الا ان يراها حمراء امعانا في تهكمه على الحرمات والمقدسات.. قال الشهيد السعيد السيد الصدر في الجموع الحاضرة، ان: "كربلاء هي وطني" و"ان دماء الحسين الشهيد الذي سقط في كربلاء تجري في عروقي".
جاء مقالي هذا في الصفحة 58 من العدد (123) في مجلة الشهيد الصادر في طهران في (18/4/1984م)، التي عملت فيها محررا ثم مديرا لتحريرها حتى العام 1989م، متحدثا عن رحلة ولاء قام بها جمع من اهالي مدينة كربلاء المقدسة الى مدينة النجف الاشرف في (7/6/1979م)، وحينها كان الوفد بعد ان وصلنا الزقاق الذي يسكن فيه الفقيد الصدر، يردد بحناجر شدها الشوق الى مدينة الامام علي (ع)، ورؤية ابنها البار السيد محمد باقر الصدر: (جيناك سيدنا الصدر ونريد من الله النصر لو الشهادة). وبعد ان استقر المقام بالوفد الكربلائي بين جالس وواقف لصغر الحجرة وتواضعها، انبرى التربوي والمعلم السيد صادق آل طعمة، ملقيا كلمة قصيرة نيابة عن وفد اهالي كربلاء المقدسة، معبرا عن تضامن المدينة المقدسة مع سماحة الشهيد الصدر في محنته مع نظام صدام حسين.
وبعد ان انهى السيد صادق آل طعمة كلمته، ادار الشهيد السيد محمد باقر الصدر عينيه في عيون الحاضرين، وقال والدمعة ترقص في حدقتيه: "ارحب بكم يا أبنائي واخوتي وعشيرتي، اني اشم فيكم رائحة تراب كربلاء"، حتى اجهش الحاضرون بالبكاء، ثم ختم كلمته قائلا: "أضمكم الى قلبي يا أبناء مدينة الحسين، مدينة حَوَت تلك الدماء الطاهرة التي أراد السلطان ان يستميلها بالمال والجاه فأبت لأنها رأت مسألة الحق اكبر من ذلك..دماء مَن؟ انها دماء أقدس انسان على وجه الأرض .. اني اغبطكم يا أبنائي على مجاورتكم لقبر ريحانة رسول الله، فالانسان حينما يمسك تفاحة يبقى شذاها في يده، فكيف وأنتم أقرب الناس الى قبر الحسين بن فاطمة؟ اني أشم منكم رائحة الحسين. كربلاء الصغيرة بحجمها الا انها كبيرة بعطائها، فحدودها العقائدية كبيرة تمتد مع حدود الانسان الرسالي، ما من أنسان تكلم عن الانسانية الا وكانت كربلاء في ضميره، واعاهدكم أحبتي انني سأحذو حذو جدي الحسين".
وما ان ختم الفقيد السعيد كلمته حتى تعالت الهتافات: (عاش عاش الصدر .. الاسلام دوما منتصر)، وغيرها من الهتافات. وللمزيد، انظر: كتاب (محمد باقر الصدر دراسات في حياته وفكره، ص652، الصادر عن مؤسسة دار الاسلام في لندن)
هذه الحادثة، تعيد بشريط الذاكرة، الى الوفد الكربلائي الذي انطلق من امام جامع بن عوز في منطقة عقد السادة في كربلاء المقدسة، وهو يضم لفيفا من اهالي المدينة المقدسة من اطياف مختلفة، فمنهم من كان ينتمي لحزب الدعوة الاسلامية ومنهم من كان ينتمي لمنظمة العمل الاسلامي، وكان منهم المستقل، جمع الكل، احساس بالمسؤولية للدفاع عن السيد الصدر الذي حاصره القريب والبعيد، وهو دفاع عن الذات العراقية.
وعدد غير قليل من هؤلاء اعدمهم نظام صدام، كالشهيد السيد صادق آل طعمة وفيما بعد ابنه السيد ضياء صادق آل طعمة، والشهيد السيد منذر بن السيد حمد الشامي، والاخير جمعنى معه المعتقل في مديرية امن كربلاء بعد اشهر من هذه الواقعة، وكان المحقق الذي يستجوبه في الغرفة العليا في مديرية الأمن، يسأله عن رفاقه الذين كانوا معه في الوفد الكربلائي الذاهب الى لقاء الشهيد الصدر في النجف الأشرف!!، وقد عشت جانبا من التحقيق بنفسي، لان من عادة رجال الأمن في هذه المديرية، التحقيق في قضايا عدة، في جلسة استجواب وتعذيب واحدة، واتذكر ان الخطيب الحسيني السيد احمد النواب المقيم حاليا في لندن، كان ملقى على الارض، مغشيا عليه، يعذب في قضية مختلفة عن قضيتي وقضية السيد منذر الشامي.
ولمن لا يعرف، فان اللقاء الكربلائي النجفي، يعيد بعجلة الذاكرة، الى القيادي في منظمة العمل الاسلامي، الفقيد فلاح القباني، الذي كان يواظب اثناء ترؤسه للجلسات التنظيمية، المقامة بين مزارع كربلاء وبساتينها، على فرز نصف ساعة لتقديم دروس في علم الاقتصاد من كتاب (اقتصادنا) للشهيد السيد الصدر، ويطالب رفاقه بقراءة رائعتي الصدر (اقتصادنا)  و(فلسفتنا).
وتعيد بي الواقعة، الى فتى كربلاء المقدسة، وابنها المناضل، الحركي والمربي الفاضل، الشهيد مهدي كاظم الدوركي، الذي كان يدفع رفاق دربه من مدرسة الشيرازي، الى حب الآخر حتى وان اختلفنا معه في المدرسة الحزبية او المرجعية.
تعود الذاكرة وتعود، والثابت من واقع الحال آنذاك، ان وفود الولاء التي تحركت من محافظات العراق واقضيته الى زيارة الشهيد الصدر، قبيل فرض الاقامة الجبرية عليه في شهر رجب 1399هجرية، جمعت المختلف من المدارس الحزبية والمرجعية، على حب العراق وحب الآخر.

* إعلامي وباحث عراقي
الرأي الآخر للدراسات – لندن
alrayalakhar@hotmail.com

نــــــــــــــزار حيدر في حوار مع رئيسة تحرير موقع (سعوديات نت)

نــــــــــــــزار حيدر في حوار مع رئيسة تحرير موقع (سعوديات نت) عن مقتل زعيم الارهابيين في العراق:

هكذا يموت التافهون

أجرت رئيسة تحرير موقع (سعوديات نت) الالكتروني، السيدة نوال اليوسف، حوارا مع نــــــــــــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، وسألته عن معنى مقتل زعيم الارهابيين في العراق اليوم، وما اذا كان ذلك سيضع حدا للعنف الذي يجتاح بلاد الرافدين العزيزة؟.
كما سألته عن رأيه بوزراء الملف الامني في حكومة السيد نوري المالكي، والذين منحهم مجلس النواب أمس الثقة الدستورية؟ والأولويات التي ينتظر العراقيون من الحكومة انجازها على وجه السرعة؟.

ادناه نص الحوار:

   السؤال الاول:

   ما هو تعليقكم على مقتل زعيم الارهابيين في العراق، وفي هذا الوقت بالذات؟.
   الجواب:

   بادئ ذي بدء، أود، أولا، أن أهنئ كل ضحايا الارهاب في العراق وعموم العراقيين، بمقتل زعيم الارهابيين وكبير القتلة المجرمين، سائلا العلي القدير أن يأتي عليهم الواحد تلو الآخر، حتى آخرهم، لينعم العراق وشعبه بالأمن والحرية والسلام والتعايش السلمي.
   أبارك للعراقيين صمودهم الذين نزعوا به سلاح هذا الارهابي العتيد، فلولاه لما يئس الذين من خلفه، الذين صنعوه وسوقوه اعلاميا، ليقضوا به وطرهم حتى حين.
   الحمد لله، فلقد تخلى عنه، أخيرا، من كان يقف خلف هذا الارهابي وتركه يلقى مصيره الأسود.
   تركته الأنظمة العربية الطائفية الشمولية التي تخشى تجربة الديمقراطية في العراق، فسكتت على جرائمه دهرا، فيما دعمته بعضها بأسباب الديمومة والاستمرار.
   وتركته عدد من الأسر الحاكمة في المنطقة، ممن تخشى على عروشها، الهزة التي ستطيح بها اذا ما استقر العراق، أو هكذا تتصور.
   تركه علماء البلاط وفقهاء السلطان من التكفيريين الطائفيين، الذين يرون في دور الأغلبية العراقية نذير شؤم عليهم وعلى عروشهم الدينية الطائفية المتهاوية.
   تركه الاعلام الطائفي العنصري الحاقد، الذي ظل ينفخ فيه حتى انفجر على صخرة الصمود العراقي.
   هكذا، اذن، يموت التافهون، ممن باع آخرته بدنيا غيره، ظنا منه بأن من يستعمله أداة لتنفيذ أجنداته الخاصة سيعطف عليه بفتات، واذا به يجازيه القتل والى الجحيم.
   أتمنى أن لا يكرر من ظل يقف وراء هذا الارهابي ، خاصة عدد من أجهزة المخابرات الاقليمية والدولية، وعلى وجه التحديد، المخابرات الاردنية، نفس التجربة مرة أخرى، فيعمد الى تجنيد أدوات أخرى لذات الأغراض والأهداف.
   أتمنى أن يكونوا جميعا قد استوعبوا الدرس الذي سجله صمود العراقيين وتحديهم وثباتهم وصبرهم وعظهم على النواجذ، من أجل الهدف الأسمى المتمثل ببناء العراق الجديد، وصيانة وحدته، أرضا وشعبا.
   أتمنى أن يكونوا قد تعلموا درسا مفاده بأن التهديد والقتل لا ينفع سياسة لاركاع العراقيين واذلالهم، ولو كانت هذه السياسة تنجح معهم لنجح الطاغية الذليل صدام حسين الذي سامهم العذاب على مدى أكثر من ثلاثة عقود، لينتهي به المطاف في بالوعة مهجورة في الصحراء.
   نعرف جميعا، بأن الارهابي القتيل كان يحمل في عقله المريض تفاصيل أخطر مشروع طائفي لتدمير العراق، خططت له وحاولت تنفيذه، أكثر من جهة محلية واقليمية ودولية، من خلال اثارة النعرات الطائفية بين العراقيين، ولقد حاول تفجير الشارع العراقي بحرب طائفية ما كانت لتبقي ولا تذر، لولا صبر العراقيين وتحملهم، ولولا الحكمة الواسعة التي تتصف بها قياداته الدينية على وجه التحديد، ولذلك فان مقتله مؤشر على فشل مشروعه الذي نأمل أن يقبر بجانبه من دون رجعة، باذن الله تعالى.

   السؤال الثاني:

   يرى البعض، أن مقتل هذا الارهابي هو انتصار للحكومة العراقية، وقوة دفع حقيقية للعملية السياسية الجارية في العراق.
   ماذا ترون انتم؟.
   الجواب:

   بالتأكيد، فهو انتصار ليس للحكومة العراقية فقط، وانما لكل العراقيين الذين تحولوا خلال السنين الثلاثة الماضية الى مشروع قتل وتدمير وذبح وتفخيخ لهذا المجرم الارهابي.
   برأيي، فان مقتله سيعطي العملية السياسية زخما جديدا يدفعها الى الأمام، كما أنه سيمنح العراقيين ثقة اضافية بالمشروع السياسي الجديد الذي تبنوه منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام 2003 ولحد الآن، والقائم على أساس المشاركة الحقيقية بين مختلف مكونات الشعب العراقي من دون تمييز.
   ولذلك فرح العراقيون بمقتله، فيما حزن عليه من يشبهه في الهدف والوسيلة، من التكفيريين والطائفيين وأيتام النظام الشمولي البائد.
   السؤال الثالث:

   بعد مقتل زعيم الارهابيين، هل تعتقد بأن تنظيمات الارهابيين في العراق ستنهار بالكامل؟ وهل ترى أن ذلك سينهي موجة العنف التي تجتاح بلاد الرافدين العزيزة؟.
   الجواب:

   يستحسن أن لا نسترسل في التفاؤل المفرط، بمقتل زعيم الارهابيين في العراق، فالحرب على الارهاب حرب طويلة الأمد، لأنها حرب بين قوى النور وقوى الظلام، انها حرب مصير، فاما أن يكون الشعب العراقي أو أن يسود الارهاب والقتل والتدمير، فتعود عقارب الزمن العراقي الى الوراء.
   ان المجرم القتيل لم يكن سوى أداة بيد من صنعه لتدمير العراق والعملية السياسية الجديدة، من بين عدد كبير من الأدوات، وأن من صنعه واستخدمه طوال الفترة الزمنية الماضية، لتنفيذ سياساته وأجنداته الخاصة، لقادر على أن يصنع أمثاله اذا ارتأت مصالحه ذلك، واذا كانت أجهزة المخابرات الدولية والاقليمية التي ارتأت التخلص من هذه الأداة الآن ولأسباب خاصة، فهذا لا يعني بالضرورة أنها قررت تصفية كل أدواتها والى الأبد، فقد تكون سياستها في المرحلة القادمة تجديد الأدوات بعد أن كادت اللعبة أن تنكشف على الملأ، الا أن المأمول من بقية الأدوات والدمى، أن تعتبر بمصير زميلها القتيل علها تعود الى رشدها فلا تتورط بدماء الابرياء من أجل حفنة من المال الحرام مغلف بفتوى طائفية حاقدة، ومعبأ بشعارات دينية كاذبة ومنافقة وغير حقيقية كالجهاد والمقاومة وما الى ذلك من الخزعبلات والاكاذيب المفضوحة.    هذا من جانب، ومن جانب آخر، فعندما تكون ماهية الحرب، أية حرب، بهذا المعنى الفلسفي العميق، فانها، بطبيعتها، تكون حرب طويلة الأمد، خاصة عندما يشهد الواقع انقلابا جذريا على الماضي الأسود، كما هي عليه الحال في العراق اليوم.
   فالعراق لا يشهد عمليات ترقيع للواقع السياسي المر الذي عاشه العراقيون طوال نيف وثمانين عاما، بل انه انقلاب جذري على موروث سياسي تأسس على الخطأ واستمر كل تلك الفترة الزمنية، حتى اذا نزا النظام البائد على السلطة في تموز عام 1968 قضى على كل ما من شأنه أن يساهم في بناء الانسان والأوطان.
   وهذه هي حال الانقلابات الجذرية في القيم والمفاهيم والأسس، عندما تمس واقعا ما، فهي تظل تشهد صراعا دمويا بين قوى الخير والشر، قوى النور والظلام، لحين أن يدب اليأس في الباطل، فترتعد فرائصه وتتحطم مفاصله،  فيعلن هزيمته، فينتصر الخير على الشر، والحق على الباطل.
   واذا قرأنا تاريخ الأمم والشعوب، فسوف لن نجد في حالة العراق بدعا من هذا التاريخ.
   لنأخذ مثلا على ذلك حركة الاسلام أيام التأسيس الأولى على يد رسول الله (ص) ألم يستمر الصراع بين الخير والشر قرابة نيف وعشرين عاما قبل أن ينتصر الاسلام وتتهاوى أركان الشر المتمثلة بعتاد قريش وجبابرتها؟ فلو لم يكن الاسلام يستهدف استحداث انقلاب جذري في مفاهيم وقيم المجتمع آنذاك، لما دام الصراع المرير بين الخير والشر كل تلك الفترة الزمنية، بل للجأ الطرفان الى التفاوض على الغنائم ولتنازل كل طرف عن بعض امتيازاته لصالح الاخر، ولسار كل طرف الى منتصف الطريق للالتقاء بالآخر ولأتفق الجانبان على تقاسم الحصص والغنائم ولانتهى الصراع بينهما في أسرع وقت، كما هو حال تجار السياسة ولصوص الأوطان الذين يتنازلون عن حقوق الناس للآخرين، بمجرد أن يمس الصراع مصالحهم الشخصية.
   ما يجري في العراق اليوم هو صراع من هذا القبيل، ولا يمكن أن تكون نتيجته الا أن ينتصر العراقيون في هذه الحرب الشعواء التي يشنها عليهم الارهابيون من التكفيريين وأيتام النظام البائد والطائفيين الذين لا يقدرون، حتى الآن على الأقل، على استيعاب ما يجري في العراق منذ سقوط الصنم، ممن يريدون أن يعودوا بالعراق الى سابق عهده، تحكمه الأقلية على أساس التمييز الطائفي والاثني، فتعود تستفرد بالسلطة، من دون أن يشاركها أحد من العراقيين فيها.
   السؤال الرابع:

   يرى بعض المحللين السياسيين، أن مصرع زعيم الارهابيين يعد فرصة كبيرة لتحقيق المصالحة الوطنية في العراق، كما أنها فرصة للدول التي لم تقف الى جانب الشعب العراقي في محنته وهو يواجه تحدي الارهاب ويسعى لبناء بلده من جديد لتعيد النظر في مواقفها.
   ما هو تعليقكم انتم على ذلك؟.
   الجواب:

   يأمل العراقيون أن يقتنص الجميع الفرصة لاعادة النظر في سياساته السابقة، ولكن، بين الأمل والحقيقة مسافة لا يردمها الا التفكير الواقعي المبتني على أساس الاعتراف بارادة العراقيين التي اختارت العملية السياسية الجديدة، القائمة على أساس المساواة والتداول السلمي للسلطة، ونبذ العنف والارهاب.
   ان على الهيئات السنية في العراق، التي لا زالت تتخذ موقفا سلبيا من العملية السياسية الجارية في البلاد، ساعية الى توظيف أجندات مجموعات العنف والارهاب، أن تعتبر بالنهاية المذلة لهذا المجرم لتعيد بالتالي النظر في سياساتها المشبوهة وغير الوطنية المتورطة في الارهاب، لتقرر الالتحاق بالعملية السياسية الى جانب بقية الفرقاء بمن فيهم السنة الآخرين الذين استنتجوا في نهاية المطاف بأن الارهاب ليس هو الحل وأن العنف لا يخدم البلاد، كما أن العنف والارهاب لا  يحققان مصلحة لأحد، ولا يمكن أن يكونا الوسيلة المناسبة لانتزاع حقوق أية فئة أو مجموعة، فاتخذوا قرارهم الشجاع والقاضي بفك ارتباطهم بجماعات القتل والذبح والتفخيخ ليلتحقوا بالعملية السياسية كشركاء حقيقيين، أو هكذا نأمل منهم ونتوسم فيهم.
   انهم بحاجة الى اعادة قراءة للمشهد العراقي، تتحلى بالشجاعة والموضوعية والواقعية، حتى لا تأخذهم العزة بالاثم، فيصروا على مواقفهم غير الصحيحة، اذ ليس المشكلة في أن يخطأ المرء، لأن كل ابن آدم خطاء، انما المشكلة، كل المشكلة، تكمن في أن يصر المخطئ على ارتكاب الخطأ، وهو يرى أن الواقع يتغير، ولذلك فان خير الخطائين التوابون.
   عليهم أن يعترفوا بهذا الواقع ويتنازلوا لارادة العراقيين التي سجلت رأيها في صناديق الاقتراع بالدم وبالتضحيات الجسيمة، بكل عزيمة واصرار وثقة.
   عليهم أن يعترفوا بخطاهم، ولو كان ذلك مع أنفسهم، ليقدروا على البدء بالتفكير الجديد والسليم.
   كذلك فان على الأنظمة والمؤسسات العربية السياسية منها والاعلامية، أن تتعظ بمصير هذا الارهابي المجرم، لتعيد، كذلك، موقفها من كل ما يجري في العراق، فلا تظل تدعم مجموعات العنف والارهاب بالفتوى الطائفية الحاقدة والمال الحرام والدعاية السوداء المظللة، والدعم اللوجستي.
   عليهم أن يقرروا، فورا، الوقوف الى جانب العراقيين في محنتهم فيغيروا من مواقفهم السياسية ولهجتهم الاعلامية التي لا زالت تحاول تضليل الرأي العام العربي، والا ماذا نسمي تباكي احدى فضائيات العنف الطائفي الحاقد، على بنود اتفاقيات جنيف لأنها انتهكت جراء نشر صور المجرم بعد مقتله، على حد زعمها، في الوقت الذي رأيناها ونراها يوميا وهي تحتفي بالافلام التي تصور المجرم القتيل أو أحد أعوانه، وهم يذبحون ضحاياهم ويقطعون رؤوس الناس؟.
   ألا يعني ذلك أنهم، وكما يبدو لي، لا يفكرون بشكل جدي في تغيير مواقفهم بالاستفادة من هذه الفرصة الذهبية؟.
   ان عليهم أن يستغلوا الفرصة، بالفعل، لتغيير كل سياساتهم ازاء العراق، والقائمة على الحقد والكراهية والخوف والريبة مما يجري فيه من اعادة بناء النظام السياسي واستبداله بالديمقراطية والانفتاح والمشاركة الحقيقية، بعد عقود طويلة من حكم الأنظمة الاستبدادية الشمولية، ليكونوا عونا لهم.
   السؤال الخامس:

   ما هو تقييمكم لوزراء الملف الأمني في الحكومة الجديدة والذين نالوا أمس ثقة مجلس النواب العراقي؟.
   الجواب:

   لقد قلت في مقال سابق، أنه، ومن أجل أن لا أظلم الحكومة العراقية الجديدة واستعجل الحكم عليها، فسأمنحها مدة ستة أشهر لنتأكد جميعا ما اذا كانت جديرة بالاحترام والتقدير من خلال انجازاتها الوطنية الاستثنائية، أم لا؟.
   للأسف الشديد، فلقد تحول موضوع تسمية الوزير أو الوزراء، مجرد تسميتهم، الى انجاز، أو هكذا يخيل للناس، وهذا خطأ كبير، فتسمية الوزير ليس هو الهدف وانما هو الوسيلة من أجل تحقيق هدف أسمى يتجلى في الانجاز.
   ما فائدة تسمية الوزير، أي وزير، اذا لم يثبت حرصه على العراق وشعبه الأبي وأمانته على المال العام، واذا لم يثبت كفاءته وقدرته على انجاز الفعل الذي ينتظره العراقيون الذين منحوه الثقة من خلال نوابه في مجلس النواب، الذين حازوا على ثقة العراقيين من خلال صندوق الاقتراع؟.
   العراقيون ينتظرون الأفعال والانجازات، وهم، وبصراحة أقول، غير مكترثين بالأقوال كثيرا، فلقد اتخموا شعارات براقة ووعود معسولة وكلام جميل، وبقي أن يلمسوا الانجاز الذي يداوي جراحهم النازفة منذ عقود طويلة.
   انهم ينتظرون أن يباشر الوزير بالعمل لينجز الذي عليه من الحق، خاصة وزارات الملف الأمني، الذي يعد حجر الزاوية في توكيد أو انهيار مصداقية الحكومة الجديدة.
   وفي كل الأحول، فان العراقيين يتضرعون الى العلي القدير لأن يسدد خطا الحكومة، لتنجح في مهامها التاريخية الموكولة اليها، ويبقى على الحكومة أن تثبت قدرتها وكفاءتها من خلال ابداء اهتمام أكبر بآلام المواطن العراقي وآماله وتطلعاته.
   السؤال السادس:

   ماذا تقول للشعب العراقي ولحكومته الجديدة بعد مصرع زعيم الارهابيين اليوم؟.
   الجواب:

   أقول لهم، انها البداية لمشوار طويل من الحرب على الارهاب، وعليهم جميعا أن يستعدوا لمواجهة كل الاحتمالات، فقد يحاول الارهابيون الرد على مقتل زعيمهم، بتصعيد جرائمهم، وهذا ما يتطلب من الشعب والحكومة الاصطفاف خلف بعض لمواجهة كل الاحتمالات السيئة، فاليقضة مطلوبة، والوعي السياسي والأمني لازم ضروري من ضرورات تحقيق الانتصار على الارهابيين في هذه الحرب المقدسة، من أجل عراق جديد خال من العنف والارهاب بكل أشكاله.
   ومن دلائل الوعي والحذر، أن يضع الجميع الخلافات الثانوية جانبا، من أجل أن ينشغلوا بالواجبات فقط، أما النوافل والمستحبات، فعلى الجميع تأجيل النظر فيها والحديث عنها، فاذا ما أضرت النوافل بالواجبات، يلزم التأجيل الى الوقت المعلوم والمناسب.
   السؤال السابع:

   وما هي توقعاتكم لمشروع الوحدة الوطنية الذي من المتوقع أن ينطلق في العراق، اثر اعلان السيد المالكي للمصالحة الوطنية مؤخرا؟.
   الجواب:

   في الحقيقة أنا لا أفهم ما هو المقصود بالمصالحة الوطنية، وبين من؟ ومع من؟.
   فمن جانب، يصف الجميع الحكومة العراقية الجديدة، بأنها حكومة وحدة وطنية، على اعتبار أن كل العراقيين ممثلين فيها أو تحت قبة البرلمان، ومن جانب آخر يتحدث البعض، وخاصة جامعة الدول العربية، عن مشروع تطلق عليه تسمية المصالحة الوطنية.
   طيب، اذا كان كل العراقيين مشتركون في الحكومة، وهذا باعتراف العراقيين أنفسهم، وكل دول التحالف الدولي، بل وباعتراف حتى من يدعو الى المشروع الآنف الذكر، فماذا تعني المصالحة الوطنية اذن؟.
   الا اللهم أن يكون المقصود من التسمية هو المصالحة بين الضحايا والجلادين الذين رفضوا المشاركة في العملية السياسية واختاروا السلاح كوسيلة للتأثير في الشارع العراقي، ليس لأن أحدا من العراقيين رفض مشاركتهم، أو أن قوة معينة أبعدتهم عن المشاركة، وانما لأنهم يرفضون العملية السياسية من أساسها، فهم لا يؤمنون بالديمقراطية، ولا يعتقدون بصندوق الاقتراع، فهم لا زالوا مسكونين بنظرية التفرد والاستفراد والاستعلاء والنظرة الفوقية للآخرين، وعدم الاعتراف بالآخر، بغض النظر عن المنطلقات، ما اذا كانت طائفية أو عنصرية أو أي شئ آخر.
   أقول اذا كان المقصود بالتسمية، هو مصالحة الضحايا مع أمثال هؤلاء، فان المشروع مرفوض جملة وتفصيلا، لأنه يعتمد الظلم في أساس منطلقاته، وهذا ما لا يمكن القبول به من قبل كل العراقيين، والا لما جازفوا وتحدوا كل الصعوبات من أجل أن يصلوا الى صندوق الاقتراع ليقفوا أمامه  ليدلوا برأيهم وصوتهم في الانتخابات العامة التي أفرزت مؤسسات الدولة العراقية الجديدة.
   هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان الباب لا زال مفتوحا ولم يوصد بوجه أي عراقي يريد المشاركة في العملية السياسية، شريطة أن يلقي السلاح ويعترف بها وبأدواتها ونتائجها، ومن ثم يقرر أن يشارك فيها من دون شروط مسبقة.
   السؤال الثامن:

   يرى بعض المراقبين ان احتواء المسلحين الذين يرفعون السلاح بوجه العملية السياسية من قبل الحكومة العراقية الجديدة، سيعجل في وضع حد للعنف والارهاب في العراق.
   ماذا ترى أنت؟.
   الجواب:

   لقد بذلت كل الأطراف العراقية، السياسية منها والحزبية والدينية، جهودا مضنية من أجل اقناع المجموعات المسلحة من غير المتورطة بدم العراقيين، لالقاء سلاحها والمشاركة في العملية السياسية.
   ولا زال هناك من يبذل الجهود الكبيرة من أجل تحقيق ذلك، ولكن يبدو لي أن من أراد أن يقتنع بالعملية السياسية ويلقي سلاحه، قد اقتنع بذلك وأقدم عليه، أما الباقون فاعتقد بأنهم لا يريدون أن يقتنعوا بذلك ولذلك يرفضون التفكير بصوت عال من أجل أن يصلوا الى النتيجة الايجابية التي وصل اليها من قبل، الكثير ممن حمل السلاح ثم ندم عليه.
   برأيي فان مما لا شك فيه، أن أي حوار مع أي مسلح لم يتورط بالدم العراقي، انما هو أمر محمود بل مطلوب، خاصة في هذا الوقت، وعلى وجه الخصوص، اليوم وبعد مقتل زعيم الارهابيين، لأن ذلك سيصيب الكثير من المسلحين بالاحباط واليأس، ما سيدفعهم الى اعادة النظر والتفكير بطريقة واسلوب عملهم، ولذلك ينبغي أن يفتح العراقيون، الحكومة على وجه التحديد، أمامهم ولهم نوافذ أمل جديد يدفعهم ويشجعهم على الاسراع في اتخاذ القرار الصحيح بنبذ السلاح والايمان بالعملية السياسية للالتحاق بها، كل على طريقته.
   الذي أتمناه هو، لو أن أي مسلح وجد أمامه نافذة جديدة تفتحها الحكومة أمامه، عليه أن لا يقرأها خطأ، فيتصور بأنها دليل ضعف أو عجز مثلا، بل عليه أن يفهمها على أنها دليل جديد على حرص العراقيين على انتشاله من ورطته لاحتضانه وضمه الى صدر العراق الكبير والحنون على أبنائه كالأم الحنون على ابنها الرضيع.
   أما اذا قرأ أحدهم الأمر بطريقة خطأ، فسيحرم نفسه فرصة جديدة، وهو بذلك سيظلم نفسه وبلده وشعبه، وهو سيندم في نهاية المطاف ويلعن الساعة التي أغواه فيها الشيطان الرجيم الذي يزين لأوليائه زخرف القول غرورا، كما يحسن لهم الخطأ ليسيروا اليه ويقعوا فيه، وبعد ذلك، تراه يتبرأ منهم، براءة الذئب من دم يوسف.
   السؤال التاسع:

   ما هو رأيكم في نشر ثقافة التسامح في العراق؟ خاصة مع القوى التي لا تريد أن تشارك في العملية السياسية الجديدة، ولا زال يعلن ولاءه للطاغية الذليل صدام حسين؟.
   الجواب:

   وهل هناك غير التسامح علاجا لمشاكل العراق؟.
   ان ثقافة التسامح هي الحل الأنجع للأزمة التي يمر بها العراق، فالعنف والتحدي وسياسات الانتقام والثأر والانشداد الى الماضي من دون التطلع الى المستقبل والفرض والاكراه، ان كل ذلك لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا، ولذلك فان علينا جميعا، كعراقيين، أن نعمل على اشاعة روح التسامح القائمة على الاعتراف بالآخر والتنازل أحيانا، اذا اقتضت المصلحة العليا، عن بعض حقوقي للآخرين من أجل تهدئة المخاوف وتطمين النفوس المسكونه بالرعب من الحاضر الجديد، والى هذا المعنى أشارت الآية الكريمة في كتاب الله العزيز والتي تقول{ان الله يأمر بالعدل والاحسان} فالعدل، كما هو معروف، يعني أن يأخذ كل ذي حق حقه، أما المعروف، فهو أن يتنازل صاحب الحق عن بعض حقوقه، وبطيب خاطر، الى الآخر من أجل تحقيق مصلحة عليا أكبر من هذا الحق أو ذاك، وهذا ما نحتاجه اليوم في العراق الجديد.
   ليس هناك أية مشكلة في أن يجهر المواطن بموالاته لأي كان، وان كان للطاغية الذليل، اذ أن من حق كل مواطن أن يعتقد بما يشاء، شريطة أن لا يلجأ الى السلاح لفرض ما يعتقد به هو شخصيا على الآخرين، فذلك هو الخط الأحمر الذي لا يجوز تجاوزه والتورط فيه أبدا.
   لقد قرأت قبل أيام، عبارة يتخذها أحد المواقع الالكترونية العراقية شعارا له، تقول العبارة{نحترم الآخر ولو اعتقد بحجر، لكن، أن يرمينا به، فسنرد الحجر من حيث أتى}.
   ما أحلى وأجمل وأروع هذه العبارة بمفهومها الانساني، وكم أتمنى أن يتخذها العراقيون شعارا لهم ينقشونه بماء الذهب ويعلقونه في بيوتهم ومكاتبهم وأماكن عملهم، لتتحول الى واقع فعلي يتعايش معهم، فليؤمن العراقي بما يراه صحيحا، اذ ليس لأي أحد سلطة على قلوب وعقول ووعي الناس، شريطة أن يحترم آراء الاخرين وخياراتهم وما يؤمنون ويعتقدون به، أما أن تؤمن أنت بما تراه صحيحا وتمنعني من أن أعتقد بما أراه أنا صحيحا، فذلك هو الظلم بعينه، والذي  ينبغي أن لا نتورط فيه.
   كذلك، فان من حقك أن تؤمن وتعتقد بما تراه صحيحا من آراء وأفكار ومبادئ، بل وحتى أشخاص، أما أن تلجأ الى العنف والارهاب والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة لترغمني على الاعتقاد والايمان بما تعتقد وتؤمن به، فهذا ما سأقاومه لا زال في عرق ينبض بالحياة، فاذا كان من حقك أن تؤمن بما تشاء، فبالتاكيد ليس من حقك أن ترغم الآخرين على الايمان بما تؤمن به، أبدا.
   ليؤمن ويعتقد كل عراقي بما يشاء، وليكن الحوار وقوة المنطق والدليل والاعتراف بالآخر، هو سلاحنا الفعال والأمضى في الاقناع وتغيير وجهات النظر.
   بدوره، فان ذلك بحاجة الى أن يتعلم العراقيون فن الاصغاء، فكما يحب الانسان أن يصغ اليه الآخرون عندما يتكلم، عليه كذلك أن يتذكر بأن الآخرين، كذلك، يحبون أن يصغي اليهم عندما يتحدثون، فاذا تعلمنا جميعا فن الاصغاء بنفس الدرجة التي نعرف فيها فن الحديث، فسنكون قد قطعنا أشواطا مهمة على طريق الحوار والاعتراف بالآخر والجدال بالتي هي أحسن.
   وأخيرا:
شكرا جزيلا للأخت الكريمة السيدة نوال اليوسف، وشكرا لموقع (سعوديات نت) الالكتروني لاتاحته لي هذه الفرصة الثمينة لأتحدث بها الى رواد الموقع والى كل من سيقرأ الحوار.
   متمنيا التوفيق والسداد للجميع.
  
   8 حزيران 2006

تهديد الشاعر عدنان الصائغ في مهرجان المربد الثالث 2006 - بالصورة والفيديو -

حادثة التهديد التي تعرض لها الشاعر عدنان الصائغ في مهرجان المربد الثالث 2006
- بالصورة والفيديو -

حصل موقع الشاعر عدنان الصائغ، على شريط فيديو مصور لحادثة التهديد التي تعرض لها في مهرجان المربد الثالث، في الجلسة الشعرية الرابعة، مساء 16/4 بعد إلقائه مجموعة من قصائده التي حملت عنوان "نصوص مشاكسة قليلاً" وعلى إثرها غادر الشاعر البصرة متجهاً إلى الكويت ومنها إلى مقر إقامته في لندن..
3/6/2005 لندن
http://www2.hemsida.net/adnan/ara/index.asp
adnan2000iraq@hotmail.com

* الفيلم (مدته 3 دقيقة و15 ثانية)
www.mouthanna.com/adnan.mpg
أو
www.mouthanna.com/adnan.wmv

** صور
http://www.mouthanna.com/adnan.html

*  *  *

واقرأ:
نصوص مشاكسة قليلاً
http://www.iraqiwritersunion.com/modules.php?name=News&file=article&sid=10211

بيان من الشاعر عدنان الصائغ
http://www.middle-east-online.com/?id=37744

مطر المربد
http://www.sotaliraq.com/26052006-Adnan-Al-Sayegh.htm


الثقافة الثالثة في معرض تشكيلي مشترك

الثقافة الثالثة
في معرض تشكيلي مشترك

د. حسن السوداني
مالمو السويد
swdiny@yahoo.com

تستمرشبكة الفنانين المهاجرين في الاتحاد الاوربي في اقامة معارض فنية مشتركة تضم اعمال الفنانين التشكيليين المنضوين فيها, وهو عدد تجاور المئات من مختلف بلدان الاتحاد الاوربي, ويأتي معرضها الحالي والذي سيفتتح  في مدينة مالمو السويدية وبمشاركة ثلاثة فنانين عراقيين مغتربين هم .عبد الكريم السعدون من مدينة يوتوبوري السويدية و ياسين عزيز من العاصمة السويدية ستوكهولم وعبد الامير الخطيب من العاصمة الفنلندية هيلسنكي دليل على استمراريتها في تحقيق اهدافها كما يشكل نقلة جديدة من حيث التنظيم وطريقة العرض وهو ما دأبت على تقديمة قاعة اور للعروض التشكيلية و التي يشرف عليها الفنان التشكيلي العراقي جعفر طاعون.
ورغم تعدد مرجعيات هؤلاء الفنانين واختلاف اساليبهم فقد  اتفقوا على تقديم تجاربهم  في اللوحة كما في الاعمال التركيبية  وياتي عنوان المعرض "الثقافة الثالثة" وهي فكرة طرحها للتأمل الفنان أمير كاتب كجزء من مشروع فني ضخم يحاول فيه جمع عشرات الفنانين من معظم دول اوربا تجمعهم ثيمة واحدة هي ابتعادهم عن ثقافتم الاصلية  الاولى وعيشهم في دول الاغتراب وتفاعلهم معها وتاثرهم بثقافاتها . يحاول المعرض التركيز على دراماتيكية التحولات الداخلية الحسية منها والفنية التي قد تؤثرعلى رؤية الفنان المغترب وتاملاته او حتى على قراءته لمساحات الجمال والطبيعة
الفنان عبد الامير الخطيب يعمد الى استخدام ثيمة في معروضاته تتمثل في سبر غور اللوحة بفعل مشاكس واختراقها بأحداث ثقب في داخلها او مركزها وتمحور مفردات اللوحة على تلك الفتحة, ولعل اقتناص هذه الثيمة كدلالة متعددة التأويل تعبر عن توظيف معرفي  لمفردات حياتية قد تكون  ذات اشتراكات مختلفة لهم ثقافي عالمي. فالفتحة او الثقب علامة تبدأ منها الحياة" الولادة" مرورا بمئات الاحالات السرية وانتهاءً بفتحة الموت المتأرجحة بين الاوزون والقبر وما بينهما. ففي واحدة من تلك التجارب ينتشر على جوانب الفتحة في اللوحة عدد كبير من المفاتيح المتشابكة والمتناثرة وربما السؤال الملح هنا هو: ماذا يريد الخطيب من تلك المفاتيح واية مغاليق يريد ان يولجها عبر ذلك الثقب الموغل بالعمق؟ وربما الاجابة عن ذلك السؤال تتعقد كثيرا في عالم لا مفاتيح لمغاليقه أو لا مغاليق لفتحاته الجديدة‍‍‍‍‍‍. ان استخدام تلك الفتحة يشكل من ناحية اخرى دعوة للمتلقي بتوظيف البعد الثالث المتمثل بالعمق وهو سعي حثيث لمحاورة جمهور صامت غالبا ما يمر سريعا لا توقفه الا مثيرات محددة ربما يكون الثقب واحد منها. كما انها تشكل نوعا من الحوار الحضاري مع الاخر او كجزء من حوار الثقافات وربما ذلك يصب في هدف شبكة الفنانيين التي يتولى رئاستها  الخطيب منذ سنوات, ومن عناصر الحوار تلك هو الوجود الحقيقي للمثقفين المهاجرين في البلاد الاوربية والذي ينبغي الانتباه اليه وعدم تجاهله او النظر اليه كأدب او فن مهاجر ايضا وهي نظرة غالبا ما تتسم بالدونية او عدم الاكتراث, وفتحات الخطيب تلك ثير نمطا من هذه التساؤلات او الاعتراضات او الاحتجاجات او سمها ما شئت خاصة اذا تمحورت في توظيف خاص داخل عمل تركيبي يستمد فكرته من " صندوق العجائب" او الحكايات المخبوءة التي نكتشفها في مكنوناته.
اما الفنان عبد الكريم  السعدون من مواليد بغداد . بكالوريوس نحت ،كلية الفنون الجميلة بغداد .وعضو نقابة الفنانين العراقيين . عضو جمعية التشكيليين العراقيين . عضو نقابة الصحفيين العراقيين . عضو مؤسس للجنة الكاريكاتيرية العراقية . مؤسس رابطة الكاريكاتيريين الشباب .نشرت تخطيطاته منذ  1979 في معظم الصحف و المجلات العراقية .كما نشرت تخطيطاته في بعض  الصحف  و المجلات العربية لندن ،باريس ،عمان،مدريد. متفرغ حاليا للتصميم و الرسم . وله الكثير من المعارض الشخصية : 1984 قاعة الرشيد ،بغداد .1987 قاعة الرواق بغداد 1992 مركزالفنون ، بغداد ، 1992 قاعة جمعية التشكيليين العراقيين ، بغداد .  2001 قاعة اكد بغداد، 2002 قاعة المركز الثقافي مدريد، 2004 قاعة( لير سنتر) فال شوبنك السويد  وقد خضعت تجربته لللعديد من الفحوص النقدية , فقد كتب عنه الناقد عادل كامل مشخصا تجربته بالقول " عبد الكريم السعدون ، في هذا الإطار ، منح بصره حرية اكبر في الانتقال ، وفي ذات الوقت ، لا يظهر تطرفاً في القطيعة فخبرته تقود التجربة الفنية إلى معالجة منهجية ، كلاسيكية غالباً . فهو يمتلك قاعدة الامتداد .. ولكنه سيمارس دور الرقيب في عمليتي الحذف والإضافة . ان اللوحة لديه ، منذ البدء ، غير منجزة الا عبر تعديلات تستند الى خبرته ، وحذره ، امام تراث جدير بالتأمل ، فالفنان سعدون ، لا يمنح الافكار الكبرى الا اشارات مدفونة داخل ذاكرته المتوقدة .. فهو شديد الصلة بالمشاهد الواقعية ، متفوقاً على التجارب الأكثر نجاحاً لدى زملائه ، تلك التي اعتمدت خلاصات أوربية .. فنظام اللوحة ، بالحذف والإضافة ، مر بمختبر بالغ التعقيد ، ولكن بخلق كان جواد سليم ، قد نبهنا أليه : الولع بإشكالنا ، بعد الانشداد النفسي لمحركاته . وسعدون لا يقلب مفاهيم الرسم ، لصالح ( الحداثة ) كحذف للتجربة العراقية في الرسم.
اما الفنان ياسين عزيز علي فهو من مواليد بغداد, بكالوريوس فنون تشكيلية من اكاديمية طهران للفنون 1987, عضو جمعية التشكيليين العراقيين في السويد . اقام العديد من المعارض الشخصية داخل وخارج السويد. ويتميز الفنان ياسين عزيز ببحثه الدائم عن التأثيرات المحيطة باللوحة من سيسولوجية او اركولوجية وانعكاساتها داخل اللوحة او تاثيراتها على الفنان .
ويقول  الفنان ياسين في هذا الموضوع" ان فن التجريد الشرقي يختلف  عن التجريد الغربي بعناصر متعددة منها الالوان , ففي كل لون لنا حكاية ومكان وشخوص, فالاخضر يمتد بحكايته الشرقية من المغرب حتى الصين,للالوان فلسفة منشطرة بين الشرق والغرب لكنها لاتقف حيال الحياة وتداخلاتها ومن هنا جائت فلسفة الاشراق والفلسفة الافلاطونية,نحن خرجنا للفضاء قبل اي مرحلة فنية سبقتنا مع الخيال وصورنا ورسمنا لونا كذلك التجريد قبل الاكاديمي والاكاديمي قبل التجريد كان على ارضنا منذ اقدم العصور.اهم الواني الرماديات من الاخضر والازرق والتدرج البني ,اميل للالوان الهادئة اكثر", ان استمرار هذه الشبكة في العطاء وابراز الجديد والمنوع في مختلف بلدان الاتحاد الاوربي يشكل نمطا من الحوار الجمالي الهادئ مع الطرف الاخر والذي بات اليوم مفقودا وسط تصاعد نغمة الارهاب الملتصق في النهاية بهؤلاء القادمين من البلدان التي كتب عليها تقديم الدفاعات عن نفسها في كل الاحوال والمناسبات.

 




أي طرطرا تطرطري

أي طرطرا تطرطري
عبد السـتار نورعلي



أي طرطرا تطرطري
بـلادُنـا    في  ســقـرِ*

لـيـس بها مـن صائلٍ
الا لصوصَ  الحضـرِ

جاؤوا على أحلامـنـا
كي  ينعـمـوا بالـدُرَرِ

لاتنـتشـي صــدورُهم
من غير لونِ الأخضرِ

أما  الفـقيـرُ  معدمـاً
ليـسَ لـهُ  في النـفــرِ

مائـدة ٌ  منـصـوبة ٌ
للأشــرِ   للـبـطـرِ

والناسُ ذي حياتهم
عـلى  أكـفِ القـدرِ

ما لهمو من وطن ٍ
إلا  ترابَ الحُـفـرِ

فـأرضـنــا  مبـاحـة ٌ
لمـنْ يـبـيـعُ يشـتري

لـقـاتـل ٍ    لـســارق ٍ
فاقوا جميعَ الأعصرِ

أمـا النقيُ مخـلصاً
صـارَ عـديـمَ الأثـرِ
*  *  *  *
أي طرطرا تطرطري
قـومٌ   قـصـيرُ  النظرِ

يريـدهـا  نـاضـجـة ً
معـجــونـة ً بالـثـمرِ

دون شـرارٍ من لظىً
أو لسـعـةٍ  من خطـرِ

يقـطـفُ منهـا مايشـا
مـن لـؤلـؤٍ  وجـوهـرِ

ويرتـمي  في كأسـها
يشـربُ  ضوءَ القمرِ

بلا رياح ٍ من وغىً
أو رجـفةٍ من سـهرِ

يا لـكَ  منْ أمـثـولةٍ
قـومٌ  كثيرُ الضجرِ
*  *  *  *
أي طرطرا تطرطري
وأبـشـري ،  وأنـذري

فلا  تكـونـوا  غـفـلـة ً
فـشـعـبـنا في الخـطرِ

تحيـطـهُ  مجـمـوعـة ٌ
تحيـكُ جمـرَ الشـررِ

وتـرتـدي   أقـنـعـة ً
زاهية ً في المنظـرِ

لكـنـهـا   ســِكـيـنـة ٌ
مسـنونة ًٌ في الظهرِ
*  *  *  *
أي طرطرا تطرطري
قـومٌ  عـديـمُ  الـبـصـرِ

يـحســبهـا خالـدة ً
دائـمـة ً للـبـشــرِ

لا يسـتـقـيـمُ أمرها
إلا  بخبــثِ العنصرِ

يـأكـلُ مـن يميـنها
يسـارها كالمِنـشـرِ

لا ترتوي بطـونـهم
منْ يابـسٍ وأخـضـرِ

ولا يـرون في المدى
من نابضـاتِ العـِـبـرِ
*  *  *  *
أي طرطرا تطرطري
وأنشـري    وعـبـري

يا نـفـسُ عن سـريرةٍ
مكـنوزةٍ    بالـصـُوَرِ

هذا  ابنُ باغ ٍ قد عوى
ذئـبٌ  خبيـثُ العنصـرِ

فـي نابهِ  لونُ الـدما
من مذبحـاتِ البشـرِ

لـصٌ صفيقٌ  يرتـدي
ثـوبَ  التـقي الأزهـرِ

بينَ الأغـاني يحتسي
أقداحَ  شـعرٍ عنتري

ذاكَ ابنُ عالٍ قد حوى
كلَ  انتفـاض ِ الأنهـرِ

في  قـامـةٍ  منْ باسـق ٍ
من جــذرِ زهـوٍ أنـورِ

لـكـنهُ  الدهـرُ  الـذي
يهوي بطيبِ الجوهرِ

يُعـلـي  فحيحـاً أجرباً
يُخفي زئيـرَ القسـورِ
*  *  *  *
أي طرطرا تطرطري
وهـلـلي   ،  وكـبـري

فقد  أتانا  منـقـذ ٌ
بطبلهِ  والمزهرِ

يحملُ في جعبتهِ
كلَ لـذيذٍ  نضـرِ

فلا تخافوا عطشاً
وجوعُكمْ في سفرِ

خزائنٌ من ذهبٍ
وفضةٍ  وجـوهرِ

جنائنٌ تعلو المدى
أثمارُها  في الأثرِ

فلا تخـوضي  شـكوة ً
فلتنظري ولتصبري!
*  *  *  *
أي طرطرا تطرطري
وطبـلــي    وزمـري

وأجـجي    مشـاعـلاً
يا نفـسُ ، ثم  حبري

حـروفـَـنــا   كبـيــرة ً
مقـرونـة ً   بالـعــبـرِ

بينا هـوى إنـسـانـنا
لا يهتـدي  بالبصـرِ

بلادنـا ، بلادنـا
أنتِ سجلُ العبرِ!

* الشطر الأول (أي طرطرا تطرطري) اقتباس من قصيدة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري :
أي طرطرا تطرطري      تقدمي ،  تأخري

الثلاثاء  23 مايس 2006




الاستفتاء فلسطيني لكن لارادة الغير

الاستفتاء فلسطيني لكن  لارادة الغير
امير مخول

القوى الطاغية دوليا عاقبت جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع لانها اجرت انتخابات دمقراطية للمجلس التشريعي لا مثيل لها في ظل الاحتلال. انتخابات عبرت عن الارادة الشعبية لهذا الجزء من الشعب الفلسطيني وعكست ارادة شعبنا العامة المصممة على النضال من اجل كنس الاحتلال والتحرر الوطني وحق العودة, وعدم الرضوخ للاملاءات الامريكية الاسرائيلية ورفض اخضاع الحق الفلسطيني لمعايير القوة الحالية احادية الجانب والرأس.

وان كانت وثيقة الاسرى معقولة كاساس لحوار وطني من حيث مضمونها وما تبقيه من هامش وامكانيات لتفسير بنودها من قبل كل طرف, الا ان اساءة استخدامها وبالذات من قيادات في حركة فتح ومقربة من رئاسة السلطة الفلسطينية قد حولتها الى اداة للصراع  بدلا من الوفاق الوطني.  وقرار رئيس السلطة الفلسطينية احالتها لاستفتاء شعبي قد يفقدها مصداقيتها كونها تستخدم وظيفيا – بخلاف مضمونها واهدافها -  لشطب قرار جماهير الشعب الفلسطيني في انتخابات المجلس التشريعي الاخيرة انها تستخدم لسلب ارادة الشعب الفلسطيني رضوخا للاملاءات وللعدوان الاسرائيلي والدولي الجائر على هذه الارادة.

فالاستفتاء يستخدم عادة لبلورة وتعزيز الوحدة الوطنية في مثل ظروف الشعب الفلسطيني, لكن ما يلوح به من استفتاء هو التفاف على الحوار الوطني بين من انتخبوا اي تم تخويلهم اتخاذ القرار. انه تسديد ضربة قد تكون في غاية الخطورة للوحدة الوطنية الفلسطينية واحداث شرخ سيدفع شعبنا ثمنه غاليا. والحديث ليس عن اجراءات الاستفتاء التي قد تبدو استنفدت لكنها اجراءات صورية لتراجع وطني خطير.

هذا فلسطينيا, وفي مقابل اسرائيل فالمحاججة ان في هذا القرار الرئاسي اخذ زمام الامور,  فيه محاصرة ذاتية لدور السلطة الفلسطينية للداخل الفلسطيني وليس للخارج بمفهوم السيادة والحماية. ان مثل هذه المعادلة بل اتاحة المجال للولايات المتحدة واسرائيل بتثبيت تفوقهما على الارادة الفلسطينية المستقلة وهي اغلى ما يملك شعبنا اليوم. فما يجري فعليا ان "اخذ زمام الامور" يتم في حلقة الاملاءات الامريكية الاسرائيلية وليس في اطار السيادة الفلسطينية. وتطويع الارادة الفلسطينية للاملاءات الدولية الاسرائيلية الامريكية هو تخلي عن اركان الارادة الفلسطينية وحركة التحرر الوطني الفلسطيني وضرب



اسرائيل والولايات المتحدة اثبتتا حقا انهما قادرتان على هزم جيوش وانظمة لكن ليس شعوبا مناضلة, وكذلك ليس انظمة تحترم شعوبها وارادتها, وان كان عدوانهما المتواصل قد جوبه فلسطينيا بصقل الوحدة الوطنية والمقاومة, فان الحالة الفلسطينية الراهنة تسدد ضربة فلسطينية ذاتية لهذه الوحدة ولهذا الصمود.

سوف يتخطى شعبنا استفتاء الالتفاف على الارادة الوطنية وتطويعها لارادات اخرى, لكن الثمن لن يدفعه من قرر الاستفتاء وانما شعبنا بلحمته الداخلية ووحدته النضالية.


مجرد اجراء الاستفتاء سيجعل اسرائيل معفية من تبعات جرائمها التاريخية واليومية وسيجري عملية غسل الجرائم الاسرائيلية بايد فلسطينية باسم الواقعية وتحت شعار "استراتيجية المفاوضات" المحكومة مسبقا بميزان القوى الاسرائيلي والتي تستبعد ارادة الشعب الففلسطيني كونها لا تعبر عن روحه. كما ان الاستفتاء يسهم بمجرد المبادرة اليه بمحاصرة المقاومة الفلسطينية للاحتلال وتجريمها.

هناك قوى فلسطينية محلية داخل الخط الاخضر رات من دورها التجند الاعمي الى صالح فتح بدل التجند للدفاع عن نتائج انتخابات التشريعي, وهناك من حدد موقفه على اساس فئوى وليس على اساس وطني مرجعيته ارادة الشعب الفلسطيني. ليس المطلوب من اية قوة سياسية وطنية في الداخل ان تدعم هذا الطرف او ذاك, لكن واجبها الوطني ان تحترم نتائج الانتخابات وتدافع عنها.

استفتاء اي استفتاء يحدد حدودا مستقبلية للدولة او للقضية الفلسطينية اي يتعلق بالحل الدائم مرجعيته هي الشعب الفلسطيني كله وليس جماهير شعبنا في الضفة والقطاع وحدها. اليس من حق اللاجئين في الشتات ان يشاركوا في تحديد مستقبل القضية الفلسطينية وأليس من حق جماهيرنا فلسطينيي48 ان تشارك في تقرير المصير, ام ان الجزئين الاخيرين اصبحا عبئا على قيادات فلسطينية وليسوا شركاء في رسم ملامح المستقبل الفلسطيني؟!

رئيس السلطة الفلسطينية هو رسميا رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية, وهو بقراره الاستفتاء انما يخضع م ت ف للسلطة الفلسطينية المحكومة بسقف اتفاقيات اوسلو التي حررت اسرائيل ذاتها من الالتزام بها بعد ان افشلتها, وابقتها ملزمة للفلسطينين فقط.

ان نداء الوجب الفلسطيني الى رئاسة السلطة وم ت ف الرسمية ان كفوا عن محاولات تطويع الارادة الفلسطينية احترموا فعلا نتائج انتخابات المجلس التشريعي وفوز حماس بها ولن يكون اسلم من تقاسم السلطة  بين الرئاسة والحكومة وفق المرجعيات الفلسطينية.

ان وثيقة الاسرى صادرة عن مناضلين حقيقيين, لكن المجلس التشريعي مركب من مناضلين فلسطينيين ايضا, وهو انتخب وهو المخوّل من جماهير الشعب الفلسطيني, واساءة استخدام الوثيقة من قبل قيادات فلسطينية عليا قد يؤدي الى انشقاق في الحركة الاسيرة وبالذات في الوحدة الوطنية الاسلامية التي اثبتت انها الاساس لصمود الاسرى كجزء من صمود شعبنا.

فمن يريد ارادة حرة للشعب الفلسطيني عليه اولا وقبل كل شيء احترام هذه الارادة والدفاع عنها دون هوادة فلسطينيا ودوليا,  وعليه دعم الحكومة الفلسطينية وشرعيتها وعدم الالتفاف من خلال استفتاء يبدو لدعم الارادة الفلسطينية لكنه ما يقف وراءه هو ارادة الغير المفروضة!!


5/6/2006

رغم كل الاحباطات

... رغم كل الاحباطات
عندما يصبح الصباح فتجد الأبواب موصدة من داخل البيوت ، فتكره أن تخرج إلى الأبواب الموصدة دوما ، مؤكدة انه لن ولن يتحقق مراد كل من لا سبيل له إلى الحياة من دون ارث أو عون اجتماعي يقف ظهرا مسندا إياه لدى الحاجة، في هذا الوقت من الصباح حين نقول يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ونتخطى عتبة المطبخ متوجهين إلى أول باب صددناه خوفا من أن نهاجم أو نسرق بالليل ، لكننا في واقع الأمر نسرق كل يوم في وضح النهار وعلانية دون أن يكون للآمن تدخل لا سريع ولا بطيء،عندما نتوجه إلى الباب الموصد رهبة منا نعلم مسبقا أننا اما أن نعود بكرامتنا التي خرجنا بها أو نعود من دونها حين يتخطى احد الذين سنتعامل معهم هذا اليوم دون مسبق معرفة منا بهم حدود اللباقة وحدود الإنسانية التي اندثرت وحل مكانها عالم من ألأوباش على المحك ، بمجرد ما توجه لهم كلمة يفهمونها على هواهم يتشبثون بخناقك ويعلمونك أصول الهمجية التي انتشرت بالبلاد كوباء سرطاني يزحف كل يوم الى جميع البيوت من شدة القهر والانتظار الممل الذي عاينه دوي العقول النيرة الذين ألزموا على العودة الى ما قبل سنواتها الدراسية الطويلة والمضنية التي تحملوها بويلاتها التي ان شابهت ، فإنما تشابه حالات الفقر في السودان او مالي أو غيرها، خوفا من أن يفقدوا اللقمة التي يقدمها لهم أباء صنعوا من حديد من شدة البأس والجلد ، ولكي يرحموا أنفسهم من الضمير الذي يعذبهم كل ثانية من اجل الوعود التي تقدموا بها إلى أبائهم عندما كانوا يدرسون في الجامعات والمعاهد ويقدمون الإجازات والماجستيرات والدكتورات عربون مصداقية لتلك الوعود ، فيجلسون على طاولات المقاهي بالسعات الطوال خوفا من اللقاء العائلي الذي تنبطح فيه النظرات المستفزة التي يتجاوزونها احيانا بالمزاح واحيانا بالعزوف عن الاكل راغبين في الخروج الى تلك الابواب الموصدة احيانا في تحدي واخرى في استسلام يائس. ولان وضع الذكور ارحم من وضع الاناث ، او انه اكثر بؤسا ، لم نعد ندري في الحقيقة ايهما اشد وطئا ، فان معامل القطن والخياطة او مكاتب المحامون و الاطباء او ربما التطوع في الهلا ل الاحمر او التدريب الذي مللنه في جميع الادارات العمومية الملئى بالمتعطشين الى اللحوم البيضاء والمتأمرين والطامعين اصحاب الشواهد الابتدائية ، المالكون، اصحاب الفلل والبيوت العامرة ، ارحم ،من سجن التحرشات التي تفتح ابواب الشر على مصراعيها و اهون من الاحساس بالتفاهة والمرارة داخل أوساط تنعتهم بالمثقفات أو القاريات ، وويلهن من ألقاب تجلب العار أكثر منه العزة . ولا ابهى أن تجدهن في الكباريهات والحانات الليلية ،فالتطور الاجتماعي والرقي الفكري اصبح يلزم المتعاطيات للانشطة الاجتماعية الليلية ان يكن من الحاصلين على الشواهد العليا حتى يتمكنوا من العيش كبقية خلق الله الذين لم يعد لوجود الله وطاعته اهمية قصوى نحو اهمية ايجاد الإيواء وسد الحاجة القصوى من مأكل وشرب واداء لفواتير الكهرباء والماء التي اصبحت تضرب كل شهر حدها الاقصاء في اذلال من لم يكن ليدل في الأيام الخوالي ، ولكن كما يقولون الزمان دوار ويا ويل من بلغه حاله المشين . وتصر العادات والتقاليد ان تكون حوار لأهل المناطق المختلفة من الأوطان كما تصر على توحيد صفوف من لا صفوف لهم ، لكنها في الوقت آنه لا تعترف بالتطورات المرطونية التي تفرضها التحولات الدولية في جميع الاتجاهات الحياتية ، خاصة عند النخبة الامية التي تنتشر بشكل عشوائي كالبناء العشوائي الذي اصبح مضهرا من مظاهر الحياة الجمالية للمدن ، وطبعا هي ناتجة عن من شمله الزمن بحبه وعطفه المهعود فيه ، لذلك يخلق تصادم عنيف بين الاتي والفائت ، وبين التنورة والجلباب وبين الوشاح والشعر المستعار ، وتنتحر غالبا و دائما نتيجة ذلك التصادم كل اسباب الحوار التي يتشبت فيها كل من القديم والحديث باصول عهده وعصره ، وبدلا من التقارب الذي غالبا ما يحدث في الدول الغربية المتولد عن التبحر في اصول التربية واسباب الحوار والتمدن الذي نشأ منذ ازمنة غابرة ،فاننا نصر على التباعد لاننا مازلنا نتخبط في علاجات تتكرر على مسامعنا منذ عقود دون ان تتبدل ، والنصيحة ان يكون التبدل وان لم يكن في المضمون ان يكون في الشكل لان ما يعرض علينا هو هو برتابته وملله الدائم . وفي اصرار على ان يكون لاجيال نحلم بان نهبها حياة يترابط فيها القديم والحديث ويسمح فيها الفائت للاتي بان يخلق ويبدع ويعطي كما اعطى ويعطي ابن الاروبي الذي تنبهر له الافئدة والعيون من شدة الذكاء والفطنة ، طبعا لايمكنني ان اقول ان ابناءنا غير ما عليه غيرهم ولكن يمكن ان نرى اننا لا نبلي للابداع أهمية ، بل ان توجهاتنا غالبا ما تكون الى غير ما ننتمي اليه ، او ما نريده ، هذه الارادة التي قد لا تظهر الا بعد امد طويل من الكد والجهد في دروب من البحث عن اللقمة بدل ايجاد الذات ، والعرفان بحبايا خص الله بها كل منا عن الاخر وجعلها مجال للخلق والتطور الذي نحتاجه بشدة هكذا نحيى صراعات العيش والبقاء كل يوم لكننا نرجو دوما وابدا كل مساء حين نعود الى البيوت التي سنغلقها علينا من جديد ان يكون اليوم الفائت صفحة تطوى الى الابد في مراودة عنيفة لامل قد يكون له بصيص ذات نهار .
وكلــــــــــــــــــنـــــــــــــــا أمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــل
بقلم: امينة هنيئا