٨‏/٩‏/٢٠٠٦

صدام لم يكن على علاقة بتنظيم القاعدة

GMT 19:30:00 2006 الجمعة 8 سبتمبر

أ. ف. ب.


 

واشنطن: اكد تقرير صادر عن مجلس الشيوخ الاميركي نشر اليوم ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين لم يكن له علاقة بشبكة القاعدة التي كان يخشاها كما يخشى الشبكات الاسلامية المتطرفة، بما يتناقض مع تأكيدات ادارة بوش قبل الحرب على العراق.

واكد تقرير لجنة الاستخبارات ان "صدام حسين كان يرتاب بالقاعدة ويعتبر الاسلاميين المتطرفين تهديدا لنظامه، ورفض كل طلبات القاعدة للحصول على مساعدات مادية".

ويدحض التقرير، الذي اعتبرته المعارضة الديمقراطية بمثابة "اتهام" موجه لادارة بوش، تأكيداتها المتعلقة بقدرة النظام العراقي السابق على انتاج اسلحة دمار شامل، كما يدحض كل التأكيدات المتعلقة بالاستنتاجات التي توصلت اليها اجهزة الاستخبارات حول العراق عام 2002.

ويبدو من التقرير ان النظام لم يكن يعمل على تطوير برنامج نووي كما لم ينشئ مختبرا متنقلا لتطوير اسلحة بيولوجية.
واعتبر التقرير انه كان من "الخطأ" الاعتماد على "المعلومات" التي قدمتها مجموعة معارضة عراقية هي "المؤتمر الوطني العراقي" بزعامة احمد شلبي.

واتهم السناتور الديمقراطي جون روكفلر، وهو الرجل الثاني في لجنة الادارة الاميركية بانها "لم تستخدم معلومات الاستخبارات كما كان يفترض بها، بهدف ابلاغها لصناع القرار. بل عمد المسؤولون في الادارة الى استخدام المعلومات انتقائيا فعمدوا الى تضخيمها او اخفائها بهدف تبرير القرار الذي كانوا اتخذوه مسبقا بشن الحرب على العراق".

وكانت ادارة بوش اكدت مرارا ان نظام صدام حسين يقيم اتصالات مع شبكة القاعدة التي نفذت اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 وادرجت ذلك ضمن الذرائع لتبرير الحرب على العراق.

صلاح هاشم يكتب عن مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي في نسخته الثانية والعشرين

شاهدت مقتل بن بركة بمهرجان الاسكندرية

GMT 8:45:00 2006 الثلائاء 5 سبتمبر

صلاح هاشم


الإسكندرية - من صلاح هاشم: لاشك أن المتأمل في مجموعة الأفلام الفرنسية، التي سوف تعرض في دورة مهرجان الإسكندرية السينمائي 22، وذلك في الفترة من 5 إلي 10 سبتمبر 2006، سوف يدرك علي الفور انها من أحسن الأفلام التي خرجت للعرض في فرنسا والعالم خلال العاميين الماضيين، واغلبها شارك ممثلا فرنسا في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، وحصد العديد من الجوائز، مثل فيلم "من فرط الدق توقف قلبي عن النبض" De Battre Mon Coeur لميشيل أوديار، الذي حصد علي 8 جوائز دفعة واحدة في حفل توزيع جوائز " السيزار " الفرنسية. كما سيدرك ايضا ان تلك المجموعة التي تضم فيلم " شاهدت مقتل بن بركة " J ai Vu Tuer Ben Barka لسيرج لو بيرون و فيلم " الشرطي الصغير " لاكزافيه بوفوا وفيلم " نظيف " Clean لاوليفييه السايس وفيلم " حالا " Tout De Suit لبونوا جاكو، بالإضافة الي الموضوعات التي تتطرق اليها،والرؤى التي تعبر عنها، والأساليب الفنية المتنوعة التي تنتهجها، تجسد السمة الأساسية في السينما الفرنسية الراهنة ألا وهي سمة " التنوع"..  بالإضافة إلي انها تمثل أكبر مشاركة من دولة متوسطية في الدورة 22، وكما كان الحال دوما في دورات المهرجان، الذي نتابع أعماله منذ عام 1992. وقد دفع هذا الأمر إدارة المهرجان، الي تكريم السينما الفرنسية من خلال تكريم المخرج الفرنسي المتميز سيرج لو بيرون، وعرض فيلمه " شاهدت مقتل بن بركة " في حفل الافتتاح، ويشارك لوبيرون ايضا في الندوة التي تعقد علي هامش تظاهرة " سينما المقاومة " في المهرجان..
 
 والواقع انه لولا الدعم المادي والمعنوي، الذي يلقاه المخرجون المصريون من امثال يوسف شاهين " وداعا بونابرت "، ويسري نصر الله " باب الشمس، "وعاطف حتاتة " الابواب المغلقة " وغيرهم من السينما الفرنسية، ما كانوا تمكنوا من صنع أفلامهم تلك الفنية المتميزة عكس السائد والتقليدي، التي انطلقت بالسينما المصرية الي العالمية، وفتحت لها ابواب التوزيع الخارجي في انحاء المعمورة علي مصراعيه. وكانت فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، من اوائل الدول الأوروبية التي تنبهت الي أهمية الدعاية لحضارة وثقافة فرنسا من خلال السينما، التي هي في الاصل كما نعرف اختراع فرنسي،.. وطورت من أدوات وآليات دعم وحماية صناعة السينما في فرنسا. وقد لايعرف البعض، ان هناك مكتبا للفيلم في وزارة الخارجية الفرنسية، يغذي المهرجانات السينمائية في العالم بالافلام الفرنسية روائية وتسجيلية، لكنه لايختار لها الافلام التي تعرضها، بل يترك لها حرية الاختيار، بالاضافة الي مؤسسة " يونيفرانس فيلم " التي تعد مسئولة بحق، عن الانتعاشة التي تشهدها السينما الفرنسية،وحضورها المتألق في أمريكا والعالم، ولا تكف فرنسا كل يوم كما خبرنا، عن ابتداع أساليب جديدة للدعاية للفيلم الفرنسي، كمرآة لحضارة ومجتمع وتاريخ وأسلوب حياة، وترويجه في العالم..
تري ماهي أبرز الملامح التي تميز أفلام المجموعة الفرنسية في المهرجان، وتعكس الهم السينمائي الفرنسي، وتشي بحق الاختلاف، والي حد تعبر هذه الافلام التي شاهدناها من قبل، وينتظر الجمهور السكندري عروضها بلهفة وشغف، تعبرعن تناقضات ومشاكل وهموم المجتمع،او بالاحري"المجتمعات الفرنسية" الجديدة وتطلعاتها ..
 
 شاهدت مقتل بن بركة: السير في حقل ألغام 
يقدم فيلم الافتتاح " شاهدت مقتل بن بركة " لسيرج لوبيرون تحقيقا في قضية مقتل المناضل المغربي المهدي بن بركة، لكنه يتحاشي اعادة تصوير الوقائع كما فعل المخرج الفرنسي ايف بواسيه عندما ناقش قضية اغتيال الزعيم المغربي الراحل فحولها الي فيلم بوليس بعنوان " الاغتيال " بل يحاول ان يصور في فيلمه من خلال التحقيق في جريمة قتل احد المجرمين الفرنسيين في فترة الخمسينيات، المناخ الادبي والاجتماعي والسياسي الفرنسي والعالمي، أي انه ينفذ الي القضية من خلال الاشياء التي عاشها وخبرها هو ذاته، ويتجنب اعادة تصوير ماوقع لبن بركة بالفعل بعد اعتقاله يوم 29 اكتوبر 1965 عن طريق البوليس السري الفرنسي وبالتواطؤ مع الشرطة المغربية وتعذيبه، حيث ان تلك الوقائع يختلف الجميع بشأنها ومازالت تفاصيلها غامضة، كما ان ملف القضية الذي افرجت عنه فرنسا اخيرا فتحوه فلم يجدوا فيه أي شييء، في حين كانت عملية اختطاف بن بركة، احدي النقاط السوداء في حكومة ديجول او الجمهورية الديجولية وجلبت عليها العار ولطخت سمعتها في الوحل، وكشفت عن ان حاكم فرنسا آنذاك – والله أعلم – كان طرطورا ,وآخر من يعلم، فقد كانت هناك حكومة فرنسية اخري في الظل، تحيك مؤامراتها في الخفاء وهو لايدري..
أراد سيرج لو بيرون، الذي يوظف السينما التسجيلية في بداية الفيلم ليحكي عن صعود حركة التحرر العالمي في الخمسينيات، وخطرها علي المصالح الامريكية ويشبكها في النسيج الروائي للفيلم، أراد ان يحكي عن اجواء ادبية واجتماعية وسينمائية واقتصادية في فترة الخمسينيات، ليقول ان السينما كانت متواطئة ايضا في خطف بن بركة، حيث وظفت الشرطة السرية أحد المجرمين (جورج فينجو) في عملية اصطياده واحضاره الي فرنسا، بحجة المشاركة مع الاديبة والروائية مارجريت دوراس في كتابة سيناريو فيلم يحكي عن حركة التحرر من الاستعمار في العالم آنذاك، وعلي أن يخرج الفيلم جورج فرانجو، واراد لوبيرون أن يحكي عن أجواء الخمسينيات، ليبين أن الفترة الحالية التي نعيشها، وبكل مافيها من أزمات وحروب، في العراق ولبنان وفلسطين، ما هي الا امتداد ونتيجة، أو محصلة طبيعية للخريطة الجديدة التي رسمتها المصالح الامريكية والغربية للعالم في تلك الفترة،بهدف ضرب حركات التحرر في العالم، والحفاظ علي الحكومات المتواطئة العميلة، تدور في فلك السياسة الامريكية المخابراتية في الشرق الاوسط وامريكا اللاتينية..
 ولذلك يتجاوز الفيلم التحقيق البوليسي المثير، بكل متبلاته وتحابيشه المعروفة، ويتقدم بايقاع متمهل وهاديئ، كي يناقش بالكثير من الجدية والالتزام، قضية هي اكبر من قضية بن بركة: قضية او مؤامرة اغتيال واختطاف الزعماء الوطنيين السياسيين في العالم كله، كما اغتيال رفيق الحريري في لبنان،.. قضية حق الشعوب في تقرير مصيرها، وحقها في الحرية والاستقلال، ليكون فيلمه ذاك التاريخي السياسي، شاهدا علي حقبة وعصر، تشكلت فيهما ملامح النظام العالمي الجديد، والواقع الحاضر الذي نعيشه، وبكل مافيه من أزمات وتناقضات وحروب، وقد قال لي سيرج لوبيرون في لقاء معه في ياريس، ان الاحتلال الامريكي للعراق، ليس الا نتيجة طبيعية ايضا لتلك الخريطة التي رسمت جغرافيتها في فترة الخمسينيات، للمحافظة علي مصالح أمريكا في المنطقة والعالم، أبد الدهر..
والواقع أن فيلم " شاهدت اغتيال بن بركة "، هو علي المستوي الشخصي الابداعي واهتمامات مخرجه، يعد نتيجة طبيعية للطريقة التي يفكر بها سيرج لو بيرون في السينما الفرنسية، كونها أداة، كما يقول المعلم الأكبر المخرج الفرنسي جان لوك جودار: أداة تفكير في قضايا ومتناقضات مجتمعاتنا، ومشاكل وأزمات عصرنا. هذه هي السينما كما يتمثلها سيرج، وكما يحاضر ويحكي عنها،ويدرسها حاليا لطلابه في جامعة باريس 8 " فانسان " الشهيرة ومنذ زمن, فقد كان ضمن مجموعة من نقاد وكتاب مجلة " لي كاييه دو سينما " كراسات السينما الفرنسية الشهيرة، انضمت الي الجامعة للتدريس في القسم المذكور، وأخرجت فيلم " شجرة الزيتون " عن القضية الفلسطينية، ووقفت الي جانب الحق الفلسطيني، وشرعية المقاومة، وجعلت من " شجرة الزيتون " فيلما كفاحيا نموذجيا ومثاليا وحصل الفيلم علي جائزة الجمهور في مهرجاني اورليانز-فرنسا و مهرجان قرطاج-تونس عام 1976 وقد عمل لوبيرون محررا وناقدا في مجلة " لي كاييه دو سينما " من 1967 الي 1984 واخرج 9 افلام تسجيلية و4 افلام روائية طويلة،عكست اهتماماته بالواقع الاجتماعي الفرنسي، ومشاكل المهاجرين العرب، كما في فيلمه " افتح ياسمسم " فيلم روائي تلفزيوني طويل، الذي اخرجه عام 1990، ويأتي فيلم " شاهدت مقتل بن بركة " فيلمه الروائي الطويل الرابع، ليؤكد علي هذا المنحي في الاهتمام من خلال السينما بالقضايا التاريخية والسياسية، وأظن ان الفيلم ربما يكون من أفضل وأهم وأنضج الافلام التي أخرجها ولحد الآن, ويفتح ضمن افلام فرنسية قليلة جدا، ملف علاقة فرنسا بماضيها الاستعماري في شمال افريقيا، وعلاقتها بالعرب، وهي منطقة جد ملغومة في الفضاء في السينما الفرنسية، ويخشي المخرجون الفرنسيون دوما الاقتراب منها..
 
 من فرط الدق: خلاصنا لا يكون الا بالموسيقي الفن
ومن ضمن أفلام المجموعة الفرنسية يبرز أيضا فيلم "من فرط الدق توقف قلبي عن النبض" لميشيل أوديار الذي عرض له المهرجان في العام الماضي فيلمه البوليسي الاجتماعي البديع "علي شفتي"، فقد حصل " من فرط الدق " علي 8 جوائز سيزار دفعة واحدة. كأحسن فيلم وأحسن أخراج واحسن اقتباس (عن فيلم أمريكي بعنوان " اصابع " بطولة هارفي كيتل) وأحسن تصوير وأحسن موسيقي وأحسن مونتاج الخ. كما اختاره النقاد الفرنسيون كأحسن فيلم فرنسي من انتاج 2005، ويحكي الفيلم عن رغبة شاب في تغيير جلده وحياته بالكامل، فقد جعلته الظروف يشتغل في وكالة لبيع العقارات تتولي طرد السكان من الشقق التي يحتلونها بالقوة، ويشارك في حملات اقصائهم عنها بالعنف، ويتورط في تصفية حسابات لوالده مع المافيا، وعصابات الجريمة المنظمة، ويحاول هذا الشاب ان يخرج من هذا النفق المظلم، الذي دفعته اليه ظروفه التعسة، ويجرب وهو ينتقم لأبيه، ان يعود الي حبه القديم، الا وهو العزف علي البيانو، وبخاصة بعد ان ماتت امه ميتة مأسوية، وكانت عازفة بيانو مشهورة، فيبدأ يتلقي دروسا خصوصية في العزف، علي يد مدرسة موسيقي صينية مهاجرة الي باريس ولا تتكلم الفرنسية علي الاطلاق، ويرينا الفيلم محاولة هذا الشاب العصبي وهو مثل قنبلة علي وشك الانفجار، من همه ويأسه من الحياة في كل لحظة، محاولته في التواصل مع نفسه ووالده ومدرسته، والناس من حوله، في مجتمعات فردية أنانية انهارت فيها العلاقات الإنسانية، وصارت خواء، وعلي كل فرد أن يبحث بنفسه عن خلاصه في وحدته، وان يتقدم وهو يحمل صليبه علي طريق الآلام والأشواك، ويسير علي أرض من حديد ساخن ومحمي، فيتطهر من عذاباته بالألم، ومثل طائر العنقاء يولد في قلب النار من جديد..
 وتلعب الموسيقي هنا دورا كبيرا في الفيلم، وتحضر كما لو كانت طوق النجاة الوحيد. بل ان الفيلم في شموليته الفنية، هو بمثابة تحية الي تلك الموسيقي التي تتآلف بها النفوس والأرواح،وتستطيع في أحلك الاوقات، ان تفتح لنا سكة للخلاص، نتصالح فيها مع أنفسنا، والعالم والناس من حولنا. ويعتبر جاك اوديار الذي منح الممثل الشاب رومان دوريس في هذا الفيلم أحد أبرز أدواره، من أبرز المخرجين المتميزين في السينما الفرنسية الجديدة و هو يكتب سيناريوهات أفلامه بنفسه.. 

 

الحنين الى "الموجة الجديدة"
وفي حين تقع إحداث " من فرط الدق " في باريس اليوم، يتجول بنا فيلم "حالا" لبونوا جاكو بين فرنسا واليونان والمغرب واسبانيا، وتقع أحداثه في فترة السبعينيات، حين تتلقي تلك الفتاة البرجوازية بطلة الفيلم مكالمة من صديقها (العربي)، يدعوها الي اللحاق به فورا، بعد ان ارتكب جريمة سطو راح ضحيتها إنسان، فتهجر حياتها البرجوازية الرتيبة المملة، وتتمرد علي اهلها وواقعها، وتهرب معه من بلد الي بلد، وتعيش حياة الحرية. وويروح بونوا جاكو يصور تلك المغامرة في الحال، بالكاميرا المحمولة علي الكتف، ليكون فيلمه بمثابة تحية الي سينما " الموجة الجديدة " في فترة الخمسينيات في فرنسا،التي هجرت الاستوديوهات، وانطلقت تصور من دون سيناريوهات علي الرصيف، لتمسك بتوهج الحياة ذاتها في افلامها العظيمة: "على آخر نفس" لجودار و"اربعمائة ضربة" لتروفو و"سيرج الجميل " لكلود شابرول وغيرهم، وتفتح من خلال السينما شباكا علي الحياة الحقيقية، بتلقائيتها وعفويتها المحببة، غير عابئة بالاخطاء التقنية.. بل لقد كانت تنشد اصلا في بعض الاحيان تلك الاخطاء، لتشي بأن السينما ليست معصومة من الخطأ وتأنف بطبيعتها مثل الحياة، بأن تكون محكومة بكادر أو أطار يسجنها، ويعوقها عن الحركة (والحركة كما نعرف هي جوهر السينما)، تأنف من أن تكون سينما جميلة في برواز، ومحنطة..  ولذلك يعتبر هذا الفيلم، بمثابة دعوة الي إعادة اكتشاف تلك الأساليب " الثورية "، التي ابتدعتها حركة الموجة الجديدة، واستلهامها في السينما الفرنسية من جديد، حتي لا تتجمد في قوالب وهياكل محفوظة وذهنية عقيمة، وهي دعوة فيها الكثير من الحنين الي تلك الأيام الخوالي، التي صنعت مجد السينما الفرنسية عبر الموجة الجديدة، والأفلام التي افرزتها، من اجل ان تكون السينما الفرنسية متمردة ومتجددة دوما، بابتكارات واختراعات الفن المدهشة..
 
 رحلة في قاع جهنم ودرس في الاداء
كما يعرض مهرجان الإسكندرية ايضا فيلمين فرنسيين جميلين، ويقدم من خلالهما درسين في السينما والاداء والتمثيل. يقدم درس الأداء الأول علي يد الممثلة الفرنسية القديرة اتالي باي، ومن خلال دورها في فيلم "الشرطي الصغير" لاكزافييه بوفوا، وتقوم فيه بدور مفتشة بوليس سكيرة في قسم شرطة، ويحكي عن حياتها ومشاكلها اليومية في العمل والبيت والشارع، وعلاقتها بشرطي شاب جديد انضم حديثا للخدمة، ويعمل معها في نفس القسم، وقد حصلت ناتالي باي عن جائزة " سيزار "- مثل جائزة " الاوسكار" – أحسن ممثلة في السينما الفرنسية لعام 2005 عن دورها في هذا الفيلم، الذي يقترب كثيرا في تصويره لرجال ونساء الشرطة الفرنسية، من روح الافلام التسجيلية التي تصدمنا بواقعيتها، ويتحاشي الوقوع في "النمطية " الرخيصة، التي تصور رجال الشرطة الفرنسيين كأبطال غير عاديين او كرجال فاسدين، وتضع حولهم دائما هالة، ولا تصورهم ابدا في جل افلام السينما الفرنسية كبشر آدميين من لحم ودم، وتتألق ناتالي باي في هذا الفيلم، حضورا وتمثيلا وتشمخ بدورها الأخاذ، ولذلك لم يكن غريبا ان تحصل به علي ارفع جائزة للتمثيل في فرنسا.... كما تشمخ تلك الممثلة الصينية ماجي شونج، تشمخ بدورها في فيلم "نظيف" لاوليفييه السايس (تعتبر اجي حاليا من اشهر الممثلات الاسيويات) ويحكي الفيلم عن مأساة امراة تحاول ان تسترد ابنها الذي يعيش مع جده (يمثل دوره باقتدار في الفيلم الممثل الامريكي نيك نولت) وعليها بعد ان مات زوجها المؤلف الموسيقي، ان تكف كمدمنة عن تناول المخدرات والهيروين، لتصبح " نظيفة " منهما تماما اولا، وقبل ان يسلم لها ابنها، وتتعهد من جديد بتربيته. وهو فيلم من اجمل وانضج افلام السايس، ويكشف عن طموحاته، في الوصول بالفيلم الفرنسي الي تلك الجماهيرية او الشعبية المتحققة للفيلم الامريكي علي مستوي العالم، ومازالت مفتقدة وغير متحققة في الافلام الفرنسية بعد، كما يحكي عن اجواء عالم موسيقي "الروك" في فترة الثمانينيات، ويشير او يوحي من بعيد بقصة الحب، التي ربطت بين الفنانة اليابانية يوكو اونو، والملحن الموسيقار البريطاني الفذ جون لينون، واغنيتهما الشهيرة " تخيل " التي صارت شعارا لحركات السلام في العالم، وعززت من شهرة جون، الذي كان عضوا في فرقة البيتلز، وكاتب ومؤلف أحلي وأجمل اغانيها، قبل ان يغتاله للأسف في نيويورك احد المجانين المهووسين من عشاق أغانيه. ويكشف الفيلم الذي يتنقل بنا بين كندا وامريكا وفرنسا، يكشف عن رحلة عذاب مع الالم، فالتخلص من الادمان علي المخدرات كما يحلو للبعض ان يصور، ليس نزهة في بستان سعادة، بل رحلة هبوط في قاع جهنم، وتتطلب تضحيات جد جسيمة،ومن دونها لايصبح المرء "نظيفا "، ويعثر يقينا علي خلاصه. كما يكشف ايضا عن ايمان وثقة السايس، في قدرة الانسان علي ان يحب ويغفر، وقدرته علي ان يغير من حياته في النهاية اذا اراد، بقوة الايمان،وبأس العزيمة التي لاتقهر.وقد حصلت الممثلة الصينية ماجي شونج علي جائزة احسن ممثلة في مهرجان " كان " السينمائي الدولي لعام 2004 عن دورها في هذا الفيلم الجميل.ولاشك ان مجموعة الافلام الفرنسية المتميزة جدا، والتي تعرض في هذه الدورة 22، تطرح بالفعل " وليمة " فرنسية فنية دسمة، بمتعة وسحر وثقافة السينما الفن، وهي تستحق جميعها المشاهدة عن جدارة.وسوف نتوقف عند أهم أفلام وأحداث وفعاليات الدورة 22، في رسالة قادمة ل " إيلاف " من مهرجان الإسكندرية..

كتابة تنظيرية ومختارات قصينثرية

الشاعر والناقد التونسي حاتم النقاطي:

Hatem

قصيدة النثر كتابة ابداعية / تنظير

قصائد مختارة

إسهامة نظرية وقصائد نثرية

 

 

بيان حول الاغلاق الاداري لجمعية انصار السجين

File Attachment: ansar al sajeen.doc (34 KB)
English version below
انتهاك جديد لحرية التعبير في السودان
اغتيال الكاتب السوداني " محمد طه "

القاهرة في 7 سبتمبر 2006م

أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان اليوم اغتيال الكاتب السوداني "محمد طه" رئيس تحرير صحيفة " الوفاق "والذي عثر عليه مذبوحا في منطقة نائية في العاصمة السودانية الخرطوم ,"بعد اختطافه قبل يومين علي أيدي مسلحون من منزلة .

ومحمد طه الذي عمل مستشار افي وزارة العدل وفصل من الخدمة بسبب مواقفه السياسية بعدها عمل مديرا لتحرير "صحيفة الوفاق " . , و معروف بأسلوبه الحاد في كتابة المقالات ومواقفه المناهضة للمتمردين في دارفور وقد سبق أن تم إضرام النار في مقر صحيفته بعد نشره مقالا عن شيوع حالات الاغتصاب في دارفور .

ويأتي مقتل "محمد طه" كحلقة ضمن سلسلة من الانتهاكات الجائرة التي يتعرض لها أصحاب الرأي في المنطقة من حملات تحريضية من جانب أصوليين إسلاميين فمن المرجح أن يكون مقتل محمد طه أتي علي خلفية نشره مقالات اعتبرها الأصوليون مسيئة للرسول قدم على إثرها في شهر مايو عام 2005 إلي المحاكمة وسط أجواء تحريضية قادها أساتذة جامعات وهيئات دينية رسمية و أئمة مساجد مطالبة بإعدامه ووقف اتحاد الصحافيين السودانيين موقف المدين وليس المدافع عن حرية الرأي والتعبير .

ورغم اعتذار محمد طه عن المقالات المنشورة في بيان رسمي صادر عنه أثناء المحاكمة معتبرا نشر المقالات " بالشكل المنشورة به " مجرد خطأ فني لا يزعزع إيمانه العميق بالإسلام تبقي تلك الحملات التحريضية وفتاوى الدينين بالقتل لمجرد الاختلاف في الرأي باقية حتى تتلقفها أي مجموعة متطرفة أو حتى شخص مختل لتنفيذ الفتوى كما حدث للكاتب المصري فرج فوده أو الاعتداء علي الكاتب الراحل نجيب محفوظ في مصر

والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إذ تدين مقتل الصحفي محمد طه معتبرة ذلك انتكاسة لحرية الرأي والتعبير وعودة إلى محاكم التفتيش , تطالب الحكومة السودانية بفتح تحقيق موسع وشامل حول اختطاف ومقتل الصحفي و عدم إعطاء الفرصة لإفلات القتلة من العقاب




Another violation of freedom of expression in Sudan
Assassination of The Sudanese Columnist "Mohamed Taha"

Cairo, 7 September 2006

Cairo, 7 September 2006 - The Arabic Network for Human Rights Information (HRinfo) deplores the murder of "Al-Wafaq" Editor; Mohamed Taha who was kidnapped from his house and beheaded in a far place in Khartoum by unidentified gunmen.

Mohamed Taha worked as a consultant at Ministry of Justice before he was fired because of his political stances. Then, he became the editor of "Al-Wafaq" newspaper. Taha is known for his offensive articles and adopting stances confronting Darfur rebellions. His enemies set fire in his newspaper headquarter of over publishing an article on rapes in Darfur.

The murder of Mohamed Taha is an episode in the series of oppressive violations suffered by intellectuals in that region. Islamists used to launch inciting campaigns against them. It is likely that the murder of Mohamed Taha came as a result of publishing a number of articles that angered Islamists because they perceived these articles as defaming prophet Muhammad. On May 2005, he was trialed in an inciting conditions led by university professors, official religious authorities and mosques' imams. They demanded his execution. In the main time, Sudanese journalists stood at the side of condemners rather than defenders of the right to freedom of expression.

Mohamed Taha issued a press release to apologize for such articles, during his trial. He considered that "the way the articles were offensively published" is merely a technical fault which has no influence on him as a Muslim believer. However, the inciting campaigns calling for his assassination for no reason other than adopting a different opinion continued. They offered the opportunity for any extremist group or insane person to kill him. The same took place in Egypt when the prominent writer Farag Fouda and Nobel Winner novelist Naguib Mahfouz was previously attacked under similar circumstances.

While The Arabic Network for Human Rights Information (HRInfo) condemns the murder of journalist Mohamed Taha and considers this a retreat of freedom of expression state; HRinfo calls upon the Sudanese government to conduct an open investigation into the kidnapping and murder of Taha. Perpetrators should not escape from penalty.
الناصري: منفي منذ مجيئي الى العالم

GMT 12:45:00 2006 الخميس 7 سبتمبر

إيلاف


حوار مع الشاعر العراقي نصيف الناصري
اشعر الان انني عشت وساعيش في جميع العصور.
انا شاعر عربي ولا يمكنني الا ان انطلق من ارثي العميق.
انا ضد الشعارات والتداعيات والانشاءات الشعرية الفارغة.
الشعر العراقي هو الاكثر حضورا وفاعلية في الساحة العربية.

حاوره مازن المعموري: لابد لاي متابع للشعر العراقي في اكثر مراحل تطوره تعقيدا في الثمانينات من القرن المنصرم ان يدرس النصوص المهمة والاسماء التي رسخت تجربة قصيدة النثر في وقت كانت قصيدة النثر ممنوعة من النشر وان اي خروج عن دائرة المؤسسة الثقافية يعد خرقا للنظام السياسي اولا ودخول العراق نفق الحرب المظلم في تلك المرحلة ادى الى تغيير البنى الاساسية للمجتمع بشكل قسري وهمجي وانحلال البنية الثقافية وانفصال المجتمع عن المثقف.
كان لهؤلاء الشعراء الشباب اثر واضح فيما بعد لتاسيس نموذج شعري جديد فتح نوافذ العالم على مصراعيها لانجاز احلام كان لها ان تتحقق لولا الحرب، ماذا بعد ذلك، هرب البعض من الجيش وسافر وانتهى البعض الاخر خارج العراق، ولك ماشأت من الاحداث الغرائبية التي عانى منها المجتمع العراقي بشكل عام، ويمكن لمن يريد الاطلاع قراءة ماكتبه محمد مظلوم حول الجيل الثمانيني، مرحلة التاسيس.  في هذا اللقاء الذي اجده ضروريا مع الشاعر نصيف الناصري وهو احد اقطاب الجيل الثمانيني. تحدث الشاعر عن مجمل الاشياء التي تهم الثقافة العراقية والشعر مضيئا المناطق المظلمة في تجربته الشعرية وتجربة جيله.

* كان لظهور جيلك الأثر الكبير على الساحة الأدبية وكان لأقرانك مثل محمد مظلوم وصلاح حسن وصاحب الشاهر ومحمد تركي وركن الدين يونس وخالد البابلي وعبد الأمير جرص وخالد مطلك والقائمة تطول. لقد صنع كل واحد منكم تقاليد جديدة لم تكن موجودة في وقت كانت الحرب لا تتحمل التمرد والمشاكسة. لقد نزل الشعر الى الشارع وهذا التصريح احتفظ فيه لنفسي. هل تعتقد انكم خلقتم قطيعة مع الأجيال السابقة؟
- لم يكن هناك أي أثر شعري أو ثقافي يذكر لما تسميه جيلي في الساحة الأدبية العراقية من عام 1980 الى عام 1990، فقد كنا نكتب قصيدة النثر شبه الممنوعة من النشر في الصحف والمجلات التي تصدر بالعراق ونحتفظ فيها لأنفسنا أو نقرأها في البداية لبعضنا بمقهى { البرلمان } وبعدها في مقهى { حسن عجمي }. عندما مات صاحب الشاهر كان عمري الأدبي سنتين فقط. عبد الأمير جرص وخالد مطلك عرفناهم بعد عام 1990 ولم يقدما أي شيء حتى على الصعيد الشخصي، ولم يصنع أي واحد منا تقاليد جديدة أو ما شابه. الشعر لم ينزل الى الشارع حينذاك لأنه بصراحة لا يوجد شعر حقيقي في العراق با ستثناء سعدي يوسف وسركون بولص وأسماء أخرى تعيش في المنفى وكانت نتاجاتهم ممنوعة في العراق ونتداولها سرّاً. لم نخلق أية قطيعة مع الأجيال السابقة لأنها ميتة أساساً، وما زالت لغة الشعر العراقي وموضوعاته وأشكاله متشابهة. أحصيت الشعراء الذين بدأوا كتابة الشعر في الثمانينيات وكانوا 123 شاعراً ولك الآن أن تتساءل أين انجازات هؤلاء؟ وأين هم الآن وما هي مشروعاتهم وادعاءاتهم الطنّانة؟

* هل يمكن اعتبار الجيل الثمانيني قد أسس خطاباً مضاداً حقيقياً عكس ابتعاد الجيل السبعيني عن جوهر الشعر؟
- لم يؤسس شعراء الثمانينيات أي خطاب مضاد باستثناء الاصرار على كتابة قصيدة النثر وقد تبعهم شعراء السبعينات في هذا المشروع، ولا أعتقد { أستثني هنا بعض الأسماء } انهم اخلصوا لجوهر الشعر، فقد كتب الكثير من هؤلاء وأصدروا مجموعات تمجد حروب صدام صدرت عبر سلسلة { ديوان المعركة } وسلسلة { كسر الحصار الثقافي } التي أنشأها عدي صدام حسين وأشياء تافهة أخرى تخون الجوهر الحقيقي للشعر. مشكلة شعراء السبعينيات في العراق هي نفس مشكلة شعراء السبعينيات في العالم العربي. الايمان بآيديولوجيات معينة والتبشير بطروحاتها الغوغائية على حساب الجوهر والوظيفة الأساسية للشعر. عندما أعود الى قراءة أعمال 73 شاعراً ظهروا في السبعينيات بالعراق أشعر بالكارثة. ليس هناك أي ابداع حقيقي رغم الادعاءات والصراخ الذي ملأ وسطنا الشعري طويلاً.

* لقد وقف الجيل الستيني ضد المتغيرات الكبيرة في اللغة الشعرية وكانت المؤسسة الثقافية تتحمل عبء مفاهيم الحداثة، وكان كل من خالد علي مصطفى، سامي مهدي، حميد سعيد وآخرون يشعرون بالورطة الثقافية معكم، وهؤلاء لايمثلون الجيل الستيني بقدر ما يمثلون المؤسسة السلطوية. ماهو أثر ذلك في الواقع؟
- لا يمثل هؤلاء الشعراء جيل الستينيات. ندين لجيل الستينيات الحقيقي في الكثير من المغامرة والتجريب في اللغة والأشكال والموضوعات والمحاولات الدائمة للخروج من التقاليد الشعرية التي رسّخها الشعراء الذين ظهروا قبلهم. ولا أعتقد اننا كنا نقرأ ونتابع هؤلاء الشعراء الذين ذكرتهم، كما أن هؤلاء لم تكن لديهم أي ورطة معنا لأننا لم نكن نستطيع نشر نتاجاتنا في الصحف والمجلات آنذاك وبالتالي فهم لم يقرأوا لنا. كان سامي مهدي رئيس تحرير صحيفة { الجمهورية } يسمح بنشر قصائد ركيكة وتافهة لشعراء معينين من شعراء الثمانينيات، ومثله كان يفعل حميد سعيد رئيس تحرير صحيفة {الثورة}.

* لابد أن أبدأ من جان دمو. لجان موقع خاص في القلب، وكثيراً ما يقال أن جان دمو هو الذي أسس ظاهرة الصعلكة في الشعر العراقي. هل يمكن اعتبار الصعلكة أولى مظاهر التمرد على الواقع القذر الذي عاشه الجيل، وما هو تأثير جان الشعري؟
- ليست هناك صعلكة في الشعر العراقي، ولو كانت الصعلكة أولى مظاهر التمرد على الواقع القذر لكان الآن شعرنا وواقعنا بعافية كبيرة. لا تأثير شعري لجان دمو وهو كما وصفه عبد القادر الجنابي {شاعر بلا قصيدة}. جان كان مريضاً عبر افراطه في الكحول وقد استطاع أن يجذب حوله الكثير من الكحوليين والعاطلين عن الفعل الشعري والحياتي.
 
* لابد من الاشارة الى كتاب ( الموجة الجديدة) ومدى تاثيث المشهد الشعري، هل يمكن الاشارة الى أهمية المنجز باعتباره الولادة الاولى لكم؟
- كتاب {الموجة الجديدة} من اعداد وتحرير زاهر الجيزاني وسلام كاظم وهو انطولوجيا بائسة ضمت 53 شاعراً لا يجمعهم جامع وقد كانت فيها 6 قصائد نثر ل 6 شعراء فقط. كانت قصيدتي في {الموجة الجديدة} عبارة عن خراء ولا أتذكرها الآن أبداً.

 * كانت لك مذكرات مؤلمة، قرأناها جميعاً، هل تعتقد أن الألم كان أحد العناصر المنتجة للنص؟ بمعنى آخر، هل يمكن قراءة نصيف الناصري من خلال الواقع الذي عاشه؟
- ليست هناك قوانين معينة في الابداع عبر الألم والسرور وسواهما من الأحاسيس. الألم الذي تحدثت عنه في كتابي { معرفة أساسية – الحرب. الشعر. الحب. الموت } عاشه أغلب الناس والشعراء الذين ابتعدوا عن المؤسسة الثقافية الرسمية في عراق الثمانينيات. من الصعب الآن قراءة الواقع الذي عشته في الماضي، ذلك لأنني كما أوضحت في حوار أجراه معي الشاعر عبد العظيم فنجان ونشره في موقع { ايلاف } قد قمت بتمزيق 7 مجموعات شعرية لي عندما كنت في الأردن عام 1996. أردت في عملي هذا أن أبدأ من جديد واعتبرت أن ما أنجزته في السابق هو مجرد تمرينات لما هو قادم. ولكن يمكن التعرف الى بعض الألم الذي عشته في الماضي من خلال مجموعتي { أرض خضراء مثل أبواب السنة } التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 1996، وهو ألم يبدو لي الآن مازال مستمراً ولا أستطيع التخلص من جذوته المشتعلة دائماً.
 
 * الى أي مدى حقق الشعر العراقي حظوراً خارج العراق؟
- الشعر العراقي معروف في الخارج منذ عشرينيات القرن الماضي وهو الأكثر ابداعاً وقوة من الشعر الذي يكتب في البلدان العربية. أغلب الاندفاعات في الشعرية العربية في القرن العشرين ظهرت في العراق. بداية من الثورة التجديدية في الخمسينيات مع السياب ونازك والبياتي وسواهم، وصولاً الى الحساسية الأكثر جدة ومغامرة التي قام فيها شعراء الستينيات في العراق وغيروا النظرة الى الشعر وجوهره ومفهومه عبر اصرارهم على ازاحة الاجتماعي والآيديولوجي وكل ما من شأنه أن يخون الشعر كفن جمالي ومقدس.

 * لقد حقق الحب جذوة كبيرة، ومازلت تعيش آلامه، فالى أي مدى استطاعت الغربة ترتيب نصيف الناصري من جديد أم أن الماضي بقي ملازماً لك طيلة هذه الفترة؟
- أنا مغترب ومنفي منذ مجيئي الى العالم. عشت حياة عاصفة ولا انسانية في الماضي. { 12 سنة جندي هربت فيها عدة مرات وعشت حياتي متخفياً. 3 سنوات بعد تسريحي من الجيش أمضيتها ببغداد على الرصيف في الصعلكات والكحول من دون وظيفة معينة. 4 سنوات تشرد في العاصمة الأردنية عمّان التي لم أستطع أن أكتب فيها سوى قصيدة واحدة عن موت صديقي الشاعر المرحوم رياض ابراهيم }. في مدينتي السويدية هذه التي يعيش فيها بشر من 165 دولة. استطعت أن أجد الوقت الكافي للتأمل والقراءات العميقة وتطوير مشروعي الشعري عبر العزلة التي حرصت وأحرص عليها الآن. بعد العودة من المدرسة الاجبارية { سوق العمل مغلق في السويد دائماً ويتوجب عليّ الذهاب كل يوم الى دراسة اللغة من أجل أن يدفعون لي نقود الطعام وايجار البيت } أغلق بابي ولا التقي أحداً باستثناء صديق أو صديقين من الكتّاب العراقيين. حاولت التخلص دائماً من الماضي المؤلم الذي دمّر حياتي في الحب والحنين والأشواق، وأستطيع القول انني بعد أنجزت 7 كتب خلال 8 سنوات هنا، أشعر انني أصبحت أكثر دقة في عملي الشعري وتنظيمي الحياتي.

 * هل تعتقد أن الوعي الآن وبعد المجموعة السادسة غير الكثير من وجهات نظرك حول الشعر والتجربة؟
- لم يتغير فهمي لجوهر ووظيفة الشعر أبداً، لأنني منذ البداية أردت كتابة شعر ينأى عن أشنات وطحالب الواقع اليومي ويحرص على الحفاظ بالجوهر العميق للفاعلية الشعرية الحقيقية. أما التجربة الشعرية فهي قد تطورت كثيراً عبر الخبرات الحياتية والمعرفية والتجارب المختلفة. أغلب تجاربي في الحياة والمعرفة تظهر واضحة الآن في القصيدة التي أكتبها وأحاول أن أنأى بها عن ماهو سائد في الشعرية الراهنة.

* ساتوقف عند المجموعة الاخيرة، هناك اختلاف شاسع في المنجز الشعري وهناك اختراق للتجنيس، هل يمكن الاعتراف أخيراً بظهور جنس أدبي جديد اذا جاز لي التعبير؟
- مجموعتي السادسة امتداد للمجموعتين السابقتين المنشورتين في مواقع { ايلاف } و { الحوار المتمدن } و { بيت الشعر العراقي } وقد حاولت في هذه المجموعة أن أٌقدم شعراً كما قلت ينأى عما هو سائد في الشعرية العربية والعراقية من خلال اللغة الجديدة البعيدة عن الإرث الممل، ومن خلال معالجة موضوعات الشعر الكبيرة في الموت والزمان والحب والتحول والصيرورة والسأم وما وراء الطبيعة. في محاولاتي للاختلاف عن الآخرين حاولت وما زلت أحاول أن أخلق كلمات جديدة. أغلب الذين يكتبون الشعر منذ سنوات طويلة، يكتبون في لغة موروثة ولا يحاولون خلق كلمات خاصة بتجاربهم ورؤاهم. مشكلة هؤلاء هي الكلمات وليست اللغة. وبالنسبة للتجنيس فلا أعتقد أن هناك اختراقاً كما تقول، ذلك لأننا تعودنا أن نقدم قصيدة حسب المواصفات المطلوبة والجاهزة في الشعرية الراهنة. ليست لدينا كما في آداب أخرى أشكال شعرية مثل النص المفتوح كما عند ميشال ديغي أو لوكايزيو ولا الملاحم أو السونيت والبالاد الذي تتداخل فيه عناصر الحوار والحكاية وأشياء أخرى، ولا عندنا القصيدة الدرامية ولا الأنشودة.

* هناك تحليق واضح نحو ما يمكن أن أسميه فضاء شعرياً مطلقاً، بمعنى أن الموضوع قد انتهى الى غير ما رجعة، وأن اللغة هي الفضاء الشعري الذي يتعامل معه القارئ؟ هل تؤمن في القارئ؟
- حاولت في المجموعة الأخيرة أن أقدم شعراً تكون مناخاته المطلق بشكله السري والعميق. الموضوعات وهي تسمية لا أحبذها هنا، موجودة وقد ذكرتها قبل قليل. لا نستطيع أن نقدم قصيدة ونتحدث فيها عن المطلق بلغة صحفية. ينبغي خلق أشياء جديدة من أجل التخلص من الكتابة وفق العادات والركاكة والتقليد. يتملكني شعور بالاحباط وأنا أرى أغلب الشعراء العرب والعراقيين يكتبون بلغة وأنساق وأساليب متشابهة. وبالنسبة الى القارئ فأنا أود دائماً طرد القارئ من قراءة القصيدة، لأنه بصراحة غبي ويود أن يفهم، واذا مهدنا له مهمة الفهم فأنه يدمر عمل الشاعر. في جميع العصور كان جمهور الشعر الحقيقي قليلاً. وهنا تكمن قداسته وجذوته المستمرة أبداً. الموضوع المعين والواضح في القصيدة الراهنة انتهى منذ زمن طويل. لا يمكننا التفكير في كتابة القصيدة. التفكير يقتل كل شيء. الكلمات لا الموضوع هي التي تخلق القصيدة كما يقول بول فاليري.

 * لقد حلق العشق في فضاءات الصوفية، في مجموعتك الاخيرة { فجر الزمان الممتد بين الوجود والماهية } فكأن الحلول الحاصل بين روح الشفيع والشفيعة قد احتوى العالم وأصبح المعادل الموضوعي للواقع، هل تعتقد أن اللغة الصوفية هي غاية الشعر؟
- لا أعتقد أن اللغة الصوفية هي غاية الشعر. الشعر يستطيع خلق لغته الشفيفة والخطرة والخاصة دائماً، بشرط الاخلاص للتجربة والمغامرة والتجريب الدائم. في محاولتي عبر هذه المجموعة أردت التوحد في الروح الكبيرة للعالم لكن ليس من منظور لاهوتي. السيدة الشفيعة في هذه المجموعة تمثل عندي المجهول أو بعبارة أخرى { السيدة الغريبة } عند الشاعر الروسي الكسندر بلوك أو السيدة الجميلة عديمة الرحمة في الآداب الاوروبية، لم أحاول أن أجد في بحثي عن طيفها للعالم معادلاً موضوعياً في الواقع. محاولاتي هنا ضرورية بالنسبة لي لامتلاك الجوهر السري لأشياء العالم. أشعر الآن انني عشت وسأعيش في جميع العصور. ربما هي حالة توحد مع الروح الكلية للطبيعة. منحتني هذه التجربة الفهم لعميق لجوهر الموت. موت الانسان والأشياء في الطبيعة.

 * هل تعتقد أن تجربة الشعر العراقي قد نضجت ثمارها الحداثية على ايديكم وهل يمكن الاشاره الى أهم الاسماءالمجاورة لكم؟
- لا يمكننا القول أن ثمار التجربة الشعرية الحداثية في العراق قد نضجت على يد شاعر معين. يجب أن لا ننسى المغامرة الستينية في شعرنا العراقي وهي مغامرة كبيرة وأصيلة استطاعت أن تنقل شعرنا من أنماطه وأساليبه وأساطيره السابقة التي حاول أن يعكسها الشعراء الرواد على واقعنا المتردي عبر النظرة الآيديولوجية للشعر، الى آفاق أكثر سعة ومسؤولية في التعامل مع العالم والنظرة العميقة للشعر وجوهره. يشكو البعض الآن من كثرة عدد الشعراء في العراق. هذه الحالة ليست غريبة على الوسط الشعري في العراق. في كل عقد يظهر عشرات الشعراء ويحاولون ايجاد أشياء جديدة عبر التجريب والمغامرة والجهود الكبيرة. تهمنا المحصلة النهائية وهي بقاء عدد صغير جداً من هؤلاء يواصلون الابداع الحقيقي. اذا كان لا بد من ذكر أسماء من شعراء الثمانينات منحت شعرنا الراهن دفقات جديدة ورائعة، فأود أن اذكر حسب رأي شخصي خاص بي الشعراء محمد مظلوم وباسم المرعبي ومحمد النصار وصلاح حسن وأحمد عبد الحسين وطالب عبد العزيز وناصر مؤنس وأرجو هنا أن لا يعتبر ترتيب هذه الأسماء حسب الأفضلية. كل شاعر من هؤلاء له ابداعه وتجاربه وميزاته الجديدة والخاصة التي تميزه عن الآخرين.

* هناك تغلغل عميق في الارث العربي لمفهوم العشق داخل مجموعتك الأخيرة { فجر الزمان الممتد بين الوجود والماهية } هل تحاول تمرير شفرات تعتمد الثقافة العربية مرجعاً لك؟
- أنا شاعر عربي ولا يمكنني الاّ أن أنطلق من إرثي وهو إرث كبير وعميق على صعيد الابداع والتجربة الانسانية. مفهوم العشق كما يبدو في مجموعتي الأخيرة ينطلق من العشق العربي وهو عشق خائب فيه ألم وحسرة شعرية مستمرة. طبعاً سيكون من المستحيل أن أمرر شفرات تعتمد الثقافة العربية فقط كمرجعيات معرفية في نصوصي. لأنني الآن غير منقطع عن الثقافة الانسانية كلها.

* هل يمكن الحديث عن العشق خارج لغة الجسد أم أن العشق هو الطبيعة بمفهومها المطلق؟
- لا يمكن الحديث عن عشق خارج الجسد. كان الشاعر العربي العذري حسب ما يقول هادي العلوي لا يحب حبيبته ككيان انساني له جسد ورغبات محمومة. انه يحب الحب فقط. في حبي الخائب والعاثر لانخيدوانا سعيت دائماً الى خلق علاقة حميمة مع الحب كمطلق من خلال منظور شعري. ربما هي محاولة تعويض شيء مفقود وعصي. لقد تغيرت الان مفاهيم العشق كلها وأصبح امتلاك المحبوب سواء كان رجلاً أو امرأة يجري بطريقة أكثر سهولة. لكن من جهة أخرى وهنا أود أن أوضح الطريقة المختلفة في العشق خارج نطاق الثقافة والعالم العربي. تتعرف على فتاة ما أو هي تتعرف عليك في مكان معين وربما تذهبان الى السرير بعد احتساء فنجان قهوة أو وجبة طعام. تتكرر اللقاءات أو تعيشان معاً ثم يأتي الحب بعد شهر أو أكثر أو تتركها وتتركك. ليست هناك طريقة معينة في الحب. في حالتنا العربية تبدو المسألة مرضية وبحاجة الى علاج نفسي طويل.

* لغتك متعالية في المجموعة الأخيرة. الى أي مدى تربط المعرفة بالنص الحديث؟
- ما يرّسخ النمطية والتفاهات والغثيان في الشعرية العربية الآن، هو الاصرار الدائم على كتابة الشعارات والانشاء والتداعيات الفارغة من أي جوهر معرفي أو شعوري. لا أعتقد أن لغتي متعالية في مجموعتي الأخيرة. كيف يمكنني التعبير عن محنة الانسان في متاهة العالم ووحشته، ومسائل ما وراء الوجود أو الزمان أو التحول والصيرورة في الطبيعة وفي الأشياء من خلال لغة انشائية تخلو من الأفكار والأحاسيس؟ ما يعوز شعرنا العربي الآن هو الأفكار العميقة. تمت وتتم الآن التغطية على مشروعات وتجارب شعرية كبرى في الشعر العربي من أجل ترسيخ الجماهيري والآيديولوجي وتلبية احتياجات القطيع عبر مفاهيم سياسية واجتماعية واعلامية بعيدة عن جوهر الشعر. يظهر النقد المتهافت تجارب شعرية هزيلة لأسماء طنّانة تتغنى بمشروعات التحرير ووحدة الأمة العربية وقضية فلسطين، ويحجب هذا النقد ووسائل الاعلام المتهافتة مثله التجارب الكبيرة والحقيقية لشعراء من أمثال خليل حاوي وتوفيق صايغ وشوقي أبي شقرا وبلند الحيدري وسواهم. كل نص شعري يخلو من المعرفة لا يستحق القراءة. كيف يمكننا قراءة قصيدة لا تقدم لنا سوى لعثمات وتأوهات تافهة وفارغة للشاعر الذي يكتبها؟ أعتقد أن الثقافة المتجددة وتجاربها المستمرة مع المعرفة ضرورية جداً لاعطاء النص بعده الابداعي العميق.

* هل نستطيع الحديث عن خطاب انثوي أو ذكوري والى أي مدى يمكن أن يتحقق ذلك؟
- لا يمكننا الحديث أبداً عن خطاب انثوي أو ذكوري في الابداع. المناسبة الدائمة التي يتكرر فيها هذا الحديث عندنا نحن العرب، عن الفصل بين الخطاب الانثوي والخطاب الذكوري في الكتابة هو أن المرأة عندنا تخلق لغتها المتخلفة والقاصرة عن لغة الرجل بسبب الثقافة الذكورية المنحطة السائدة والمفاهيم والعادات والأخلاق. تقرأ لشاعرات من أمثال ايديث سودغران وكارين بويا وسوزانا روكسمان وبوديل مالمستين وكارين لينتز من السويد، وآنّا اخماتوفا وآنّا أحمدولينا ومارينا تسفيتايفا من روسيا، وسيلفيا بلاث واليزابيث باريت براوننغ واميلي ديكنسون واميلي برونتي وسواهن في اللغة الانكليزية، ولا تشعر بمفاهيم خاصة في الخطاب الابداعي تفصل كتابة المرأة عن كتابة الرجل. وهنا أود أن أشيد بمحاولة الشاعرة الكوردية السورية خلات أحمد في مجموعتها المهمة {أوشحة الفجر / الترياق} حيث كتبت مجموعتها هذه بصيغة جمالية وشعرية عالية وهي تعالج موضوعات عالجتها الشاعرة الاغريقية سافو بجرأة ولطافة. الشعر الذي تكتبه المرأة العربية متخلف جداً. اذا استثنينا تهويمات نازك الملائكة وفلسطينيات فدوى طوقان وجرأة سنية صالح وصباح زوين خراط وجمانة حداد وامل الجبوري ومنى كريم وسعدية مفرح ودنيا ميخائيل {استثني هنا الشعر الذي كتبته شاعرات عربيات بلغات أخرى}. لا أعتقد اننا سنعثر على ابداع حقيقي في الشعر النسوي العربي الآن. قد يبدو رأيي هذا متطرفاً لكنني شديد الاقتناع فيه. نعرف أن الشعر الذي تكتبه النساء العربيات تدور أغلب موضوعاته حول العلاقة الوهمية والمأزومة مع الرجل دائماً. تصفح الآن أي مجموعة شعرية لشاعرة عربية فستجد أن أغلب موضوعاتها هي العلاقة اللامتكافئة في الجنس والحب مع الرجل. أود أن أقرأ لشاعرة عربية ابداع يتحدث عن معاناتها الوجودية وعن القلق الذي تشعر فيه من الموت والحياة أو عن موضوعات الزمن والطبيعة والمعرفة، وأعتقد انك لو تسأل الآن الشاعرة لميعة عباس عمارة التي زاملت بدر شاكر السياب في سنوات الدراسة عن آخر قصيدة كتبتها، فستجيبك انها قصيدة غزل.

* الجملة الشعرية لديك طويلة وغير منقطعة وتبدو للوهلة الأولى لغة مقعرة، وهو تحول كبير لم نشهده عندك من قبل.
- الرهان الدائم عندي حول المران الطويل في الكتابة هو الذي يجعلني أواصل المغامرة والتجريب من أجل خلق لغة وكلمات وأنساق خطابية جديدة للقصيدة التي اكتبها عبر الصراع الطويل مع اللغة وانزياحاتها وبلاغتها. ما عادت الطريقة الغنائية الآن في النص الشعري تلبي الحاجات النفسية والشعورية للشاعر. لا يمكنني أن أكتب جملة من سطرين أو أكثر وأنا أحاول التعبير عن محنتي الدائمة من زوال الأشياء في العالم، أو استحالة وجود الانسان على الأرض كما يقول هايدغر. أنا أعيش حيرة كبيرة ووعي مدمر في التحولات وصيرورة الانسان والعالم والزمن والطبيعة. عندما صدرت مجموعتي {أرض خضراء مثل أبواب السنة} عام 1996 كتب عنها الشاعر خيري منصور في صحيفة { الدستور } الأردنية أن لغتها محتدمة. أنجزت بعدها 4 مجموعات وواصلت التصعيد والاحتدام عبر التجريب الدائم لأن المشاكل التي واجهتني في الحياة وتجاربها تطلبت مني أن أغيّر في كل حين طرائقي الكتابية وقاموسي اللغوي والانساق الخطابية في النص.

* هل كان للعزلة دور في انتاج هذه اللغة أم هي مشكلات وعي جديدة؟
- الاثنان معاً، لكن ربما يكون العامل الأول أقل شأناً وسأوضحه الآن. بعد نهاية دوام المدرسة اليومي أعود الى البيت وأبقى الى اليوم التالي مع القراءة والكتابة والموسيقى والتأمل وحيداً { قبل تعرفي الى شبكة الانترنت }. أحياناً التقي صديق أو أكثر أثناء النزهات المسائية لمدة معينة وأعود من حيث أتيت. في المدرسة أثار انتباهي ذلك الحديث السريع والجمل الطويلة التي لا تنقطع في كلام الناس الذين يعيشون مثلي بمفردهم. اكتشفت أن العزلة تجعلني أتكلم كثيراً جداً حين التقي الناس في الخارج للتعويض عن ساعات الصمت الطويلة في البيت، وبما انني كنت معجباً في الشاعر الأمريكي آلن غينسبرغ وحاولت في الماضي أن تكون جملتي الشعرية طويلة كما هي عنده، فقد استثمرت هذه الحالة الغريبة وواصلت المران الدائم في الكتابة حتى تجلت أخيراً في مجموعاتي الجديدة. الوعي الشعري الذي يتطور باستمرار عبر التجارب والأحاسيس المختلفة، كان له الدور الأساسي في انتاج هذه اللغة التي أستخدمها الآن من دون قصدية.

القاعدة تبث شريطا يكشف التخطيط وعمليات التدريب لتنفيذ هجمات ايلول
2006/09/08
هاجم الانظمة العربية وخاصة السعودية
لندن ـ القدس العربي :
في الذكري السنوية لهجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 اظهر تسجيل لتنظيم القاعدة منسق الهجمات رمزي بن الشيبة مجتمعا مع زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن اثناء التحضير للعمليات.
وفي التسجيل الذي بثته قناة الجزيرة امس وانتجته مؤسسة سحاب تظهر وصيتا وائل الشهري وحمزة الغامدي اللذين شاركا بتنفيذ هجمات ايلول.
ويرصد التسجيل تفاصيل الحياة اليومية للمنفذين في افغانستان وقت التحضير للهجمات. كما يكشف متابعة بن لادن اللصيقة للتخطيط للعمليات ولمنفذيها.
وبثت الجزيرة اجزاء من التسجيل الذي قالت ان مدته اكثر من ساعة. ويأتي التسجيل في الذكري الخامسة لهجمات ايلول، وفيه تقدم القاعدة روايتها للتفجيرات والاسباب التي حركتها وتحركها لشن الهجمات، حيث اكدت ان من الاسباب الوجود الامريكي في المنطقة. كما يشن الشريط هجوما عنيفا علي الانظمة العربية خاصة النظام السعودي ويكشف الشريط عمليات التدريب التي مر بها المنفذون، حيث اشرف علي تدريبهم ابو تراب الاردني الذي قضي في قندهار.
ويبدو المنفذون في الشريط وهم يتدربون علي استخدام الاسلحة، والسكاكين، وعلي سرعة الحركة والقتال، وتزوير الوثائق. ويظهر الشريط متابعة بن لادن لكل خطوات التدريب.
ويحاول شريط القاعدة الرد علي الرواية الامريكية ضد ما تسميه بـ الارهاب حيث يبدأ الشريط بصور من انتفاضة الاقصي في الاراضي الفلسطينية وخاصة صور محمد الدرة، كما يتضمن صور العنف الامريكي في العراق، ويظهر كذلك صور مجزرة قانا، مما يشير الي ان القاعدة تعتبر ان اسباب هجماتها ما زالت مستمرة، وبالتالي تتوعد بمواصلتها.
ويظهر الشريط متابعة تنظيم القاعدة لوسائل الاعلام العربية والعالمية، حيث يوثق تقارير وتغطية وسائل الاعلام العالمية لتحرك القاعدة، مما يدل علي امتلاكهم ارشيفا كبيرا، ويؤكد ان القاعدة ما زالت متواجدة بقوة، خاصة ان الشريط يبدو انه نفذ بحرفية عالية.