٢٠‏/١‏/٢٠٠٦

الغــــــــــــــــــــــــــد

الحزب السوري القومي الاجتماعي

الغَــــــــــــــــــــــــــــــــد

رغم الصورة القاتمة، فإننا نجد أنفسنا أمام استحقاق يدفعنا إلى التعامل مع مسائل الوطن بشكل أكثر جدية، فمسيرة الوطن لعام مضى ترسم في الأفق صورة متماوجة لمستقبل مساحة جغرافية من الصعب تجاوزها أو رسم خلاصة إستراتيجية لها دون التعامل معها.
إن سورية سواء بواقعها العام أو بالتداخل الذي يرسمها مع محيطها ضمن الأزمة أو ضمن الانفراج هي في النهاية، أمامنا وربما أمام الجميع، تشكل نقطة فاصلة وشكلا اجتماعيا من الصعب رؤيته منفصلا عن الإيقاع العام.
إن ما لا يمكن تجاوزه هو " سورية " كتكوين سياسي يمتلك حق الاختيار مهما كان رأينا بحركته السياسية. و مهما حاولنا تحليل بنيته وإسقاط اتهامات وتقديم مبررات فإننا في النهاية سنجد أنفسنا أمام " الغد ".
" الغد " الذي لا يحتمل سوى امتلاك حق الاختيار والانتقال إلى خلق مساحات أوسع من تلك التي يشكلها ذلك التقييم الصارم الذي يفرضه البعض من خلال تصنيفات تتجاوز المجتمع وثقافته.
"الاختيار " الذي نبحث عنه، ينطلق بداية من التنوع الذي يبني المستقبل.
" الاختيار" ليس حلا سياسيا بقدر كونه حلا اجتماعيا يضمن لنا التعامل بحرية مع كافة المسائل التي تواجهنا، فهو يضع المواطن أمام حقوقه ومسؤولياته.
إن النفاذ إلى الزمن الجديد إنما يبدأ من الداخل وعلينا وفق هذه القناعة أن نرسم داخلنا على قياس الدخول إلى الزمن القادم وليس على شاكلة الصراعات السياسية التي سادت منذ الاستقلال.



لذلك فإن على عاتقنا أيضا إعادة صياغة بعض المفاهيم مثل " المعارضة "و " الثقافة " وما ينتج عنهما من مسائل فرعية تشغلنا جميعا و بشكل يومي بدء من حقوق المواطنة و انتهاء بإلغاء قانون الطوارئ والسماح بحرية الأحزاب.
إن سورية اليوم لا تعيش أزمة ولا تواجه استحقاقا مجهولين, و ما عايشناه منذ أكثر من عام يشكل علامات واضحة لمرحلة جديدة تفترض التعامل مع التكوين الدولي الجديد بممكناتنا الاجتماعية والخروج من حالة الحصار الناتجة عن اعتماد الحل السياسي فقط , فالأزمة السياسية والاقتصادية إنما هي نتيجة لانحسار التعامل الاجتماعي مع الشأن العام وهي نتيجة التفكير بأن الإجراء السياسي سواء اتخذته الحكومة أو المعارضة يشكل مخرجا، فالمخرج الحقيقي يكون بإعادة الاعتبار لواقعنا الاجتماعي والتوجه إليه بشكل مباشر .
إن شرعية الاختيار لا تقوم على فراغ لكنها يجب أن تستند إلى:
• ضرورة تجاوز مفهوم المرجعيات المعرفية التقليدية التي تنسحب بدء من التراث و صولا إلى تاريخ  الأحزاب، فهذه المرجعيات تبدو اليوم أسيرة تجربتها ونظرتها الذاتيتين ,فهي تنظر إلى البنية الاجتماعية ضمن محور واحد فقط يسعى في النهاية إلى " احتكار الحق", وهذا التجاوز لا يعني إلغاء هذه التجارب بل يعني التعامل معها بحدودها والسماح للتجربة السياسية بالانطلاق و تكوين مساحات "سياسية واجتماعية " جديدة .
• تثبيت الصورة الذهنية لسورية والتي تشكلت على الأقل منذ الاستقلال كدولة قائمة على التنوع ضمن المجتمع الواحد وعلى تعدد تجاربها التي أثرت على تكوين الطيف السياسي فيها بشكل مستمر ولا يمكن التوقف عند نقطة واحدة فالطيف السياسي واقع حيوي له حركيته وعليه إعادة إنتاج نفسه باستمرار لأن " الغد " لا يمكنه انتظار الرؤية القديمة مهما كان مصدرها.



إن شكل المواجهة التي تريدها سورية هي أساسا مواجهة مع ما يلوح في الأفق من مستقبل لا يقدم لنا سوى تجارب التفتيت وديمقراطية التعامل مع المجتمع على أساس الكتل " العددية" بدلا من ديمقراطية التمثيل السياسي على أساس الحداثة , فالديمقراطية بأهم معانيها إنما هي تمثيل للأحزاب التي تنظر إلى سورية بواقعها وليس بطيفها التراثي أو السكاني .
إن " المواجهة " بذاتها هي " الاختيار بعيدا عن النماذج الجاهزة " هذا الاختيار الذي يعرف أن "الغد " يحمل تمييزا واضحا بين المفاهيم ويريد الدفاع عن قيم الحداثة في الدولة و المجتمع ويريد الدفاع عما تحمله هذه القيم من حق " الاختيار " الذي يجعل الاختلاف ميزة بدلا من كونه صراع .

" الغد " ليس معجزة ننتظرها بل هو سعي لاستبدال " التحول الاجتماعي " الذي طرح منذ خمسينيات القرن الماضي إلى " ارتقاء " اجتماعي يحمل " معرفة المشاركة " بالدرجة الأولى وهو إدراك بأن المشاركة تعني وجود المستقبل فينا.
" الغد " هو التحول من " التراث الفكري " إلى الحق في التعامل مع هذا التراث بشكل يثبت مشاركة الجميع في الحياة العامة.
" الغد " هو عصبيتنا لوطن نراه في مواجهة المستقبل مجالا حيويا لمجتمع يحمل في بنيته ثقافة الحقوق وضرورة الحداثة.
" الغد " هو عصبيتنا لوطن نراه للجميع و فوق الجميع.

ليست هناك تعليقات: