٢٤‏/٢‏/٢٠٠٧

تابط منفى للشاعر العراقي عدنان الصائغ

 


صدر قبل أيام بمصر ديوان بعنوان (تابط منفى) للشاعر العراقي المقيم في لندن عدنان الصائغ يتضمن يوميات سيرته الذاتية خلال سنوات المنفي الاختياري الذي عاش فيه بعيدا عن بلده منذ غادره رغما عنه عام 1993 عقب المضايقات الفكرية والسياسية التي تعرض لها بسبب جرأته.

ويرصد عدنان الصائغ في ديوانه مشاعر وأحاسيس كل المغتربين العاشقين لاوطانهم وأحلام العودة التي لا تتوقف لكن ما يمنعهم هو الحال الذي يعيشه وطنه ومواطنوه بسبب الحلفاء والفرقاء، فالعراق الذي يفتقده حسب قوله "نصف تاريخه أغانٍ وكحل ونصف طغاة".

ويضم ديوان (تابط منفى) عددا من القصائد التي أطلق عليها صاحبها عنوان "قصائد مشاكسة" والتي تلقى الشاعر العراقي تهديدا بالقتل وقطع لسانه بسببها في نيسان/إبريل 2005 خلال الجلسة الرابعة لمهرجان المربد الشعري بالعراق وعلى أثرها غادر البصرة متجها إلى الكويت ومنها إلى مقر إقامته في لندن.

وقالت الكاتبة المصرية سوسن بشير مستشارة النشر في دار "آفاق" للنشر بالقاهرة التي صدر عنها الديوان لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) إن الديوان "يقع في 100 صفحة من القطع الصغير ويضم قصائد طويلة ومقطوعات قصيرة وتكوينات تنتمي جميعها لقصيدة النثر التي بدأت تلقى رواجا كبيرا بين الكتاب والقراء على حد سواء".

واعتبر عدنان الصائغ الديوان الجديد محاولة للتغلب على كل الصراعات النفسية التي عاشها في منفاه الاختياري طوال ما يقرب من 15 عاما ما بين الاردن ولبنان والسويد ولندن التي استقر فيها أخيرا مشيرا إلى أن كل ما يضمه الديوان كتب على بعد الاف الاميال من العراق في الفترة من 1993 إلى .2001

ورثى الصائغ في قصيدة (العبور الى المنفى) حال العراق ومعظم البلدان العربية التي يطلق فيها اسم الرئيس على كل شيء قائلا إن "الوطن يبدأ من خطاب الرئيس وينتهي بخطاب الرئيس مرورا بشوارع الرئيس وأغاني الرئيس ومتاحف الرئيس ومكارم الرئيس ومعامل الرئيس وصحف الرئيس ومعسكرات الرئيس وتماثيل الرئيس وأنواط الرئيس ومحظيات الرئيس ومدارس الرئيس ومزارع الرئيس وتوجيهات الرئيس".

وفي القصيدة الرئيسية (تابط منفى) يرد الصائغ بمرارة على عدة تساؤلات منها "أين وطنك؟ ابتلعته المجنزرات/ أين سماؤك؟ لا أراها لكثرة الدخان واللافتات/ أين حريتك؟ لا أستطيع النطق بها من كثرة الارتجاف" ويواصل " كيف لي أن أتخلص من مخاوفي وعيوني مسمرة إلى بساطيل الشرطة لا إلى السماء/ وبطاقتي الشخصية معي وأنا في سرير النوم خشية أن يوقفني مخبر في الاحلام".

ولد عدنان الصائغ عام 1955 بمدينة الكوفة وعمل بالصحف والمجلات العراقية والعربية حتى مغادرته العراق وهو عضو عامل باتحاد الادباء العراقيين واتحاد الكتاب العرب وعضو نادي القلم الدولي في السويد وحصل على عدة جوائز منها جائزة مهرجان الشعر العالمي عام 1997 في


روتردام وترجمت أشعاره إلى العديد من اللغات العالمية.

وتضم السيرة الادبية للصائغ عددا من المجموعات الشعرية التي يتميز أغلبها بالطابع السياسي المغلف بالرومانسية والعشق مثل "انتظريني تحت نصب الحرية" و"العصافير لا تحب الرصاص" و"سماء في خوذة" و"تحت سماء غريبة" إضافة إلى مختارات شعرية منها "خرجت من الحرب سهوا" و"صراخ بحجم وطن".

وحول حياته في المنفي، كتب "أنا شاعر جواب يدي في جيوبي ووسادتي الارصفة.. وطني القصيدة ودموعي تفهرس التاريخ.. أشبه السنوات والطرقات بعجالة من أضاع نصف عمره في خنادق الحروب الخاسرة والزنازين" ثم يقول "أقلعت في أول قطار إلى المنفى وأنا أفكر بالعودة.. شاخت سكة الحديد وتهرات العجلات وأنا مازلت مسافرا في الريح.. أتطاير بحنيني في قارات العالم مثل أوراق الرسائل الممزقة".

وفي حالة حنين للوطن يقول "سأرتمي في أحضان أول كومة عشب تلوح لي من حقول بلادي.. وأمرغ فمي بأوحالها وتوتها وشعاراتها الكاذبة.. لكني لن أطرق الباب يا أمي..


إنهم وراء الجدران ينتظرونني بنصالهم اللامعة.. لا تنتظري رسائلي إنهم يفتشون بين الفوارز والنقاط عن كل كلمة أو نأمة".

وينهي عدنان الصائغ قصيدته الرئيسية في ديوانه الذي حمل اسمها بحالة من التردد والقلق قائلا "لا اعرف في أي منعطف سيسدد أحدهم طعنته العميقة المرتبكة إلى ظهري من أجل قصيدة كتبتها ذات يوم اشتم فيها الطغاة والطراطير.. ومع ذلك سأواصل طوافي وقهقهاتي وشتائمي عابرا وليس لي غير الارصفة والسعال الطويل.. ليس لي غير الحبر والسلالم والامطار".

ثم يقول "سائرا مثل جندي وحيد يجر بين الانقاض حياته الجريحة.. لا أريد أوسمة ولا طبولا ولا جرائد.. أريد أن أضع جبيني الساخن على طين انهار بلادي وأموت حالما كالاشجار".


 

ليست هناك تعليقات: