٢٣‏/٢‏/٢٠٠٧

قبل اعلان جوائز الاوسكار










مرشحو أوسكار أفضل موسيقى تصويرية






GMT 22:00:00 2007 الثلائاء 20 فبراير


عبدالقادر الجنابي






تنبيه: يمكنك سماع مختارات من الموسيقى المرشحة وذلك بالنقر على العناوين اللاتينية المحصورة بين قوسين ومكتوبة باللون الأخضر في سير الموسيقيين.


عبدالقادر الجنابي من باريس: إن الأفلام الخمسة التي تم ترشيح موسيقاها لأوسكار أفضل موسيقى تصويرية هي: "بابل"، "متاهة ﭙان"، "الملكة"، "ملاحظات حول فضيحة"  







مصطلحات
score
قطعة موسيقية مدوّنه يكتبها لفيلم ما موسيقي تم الاتفاق بينه والمخرج. وهي تمثل الخلفية، أو أحيانا الأرضية، الإيقاعية للمشهد لتصعيد توتره الدرامي.


soundtrack
شريط صوتي يطلق منذ خمسينات القرن الماضي على كل اسطوانة فيها قطع موسيقية أو أغان تم استعمالها في فيلم ما.


Minimalism


الأدنــَويّـة أي استخدام الحد الأدنى من الآلات والتقليل من الإيقاعات في قطعة موسيقية مدونة. وخير من يمثل هذا التيار في الموسيقى السينمائية فيليب غلاس.. ولا يستخدم الموسيقى إلا في حالات جد قليلة وبإيقاعات قليلة وحد أدنى من الآلات، على عكس ما يعمله بعض الموسيقيين من حشو كل مشهد بالموسيقى واستخدام اوركسترا كبيرة.


اقرأ ايضا: تاريخ جائزة الأوسكار


و"الألماني الجيد". والموسيقيون هم تباعا الأرجنتيني غوستافو سانتاولالا، الأسباني خافيير نفاريت، الفرنسي ألكسندر ديبلا والأميركيان فيليب غلاس وتوماس نيومان. ويبدو من عناوين الأفلام أن الاختيار لأفضل موسيقى تم اعتبارا من شهرة الفيلم أكثر من فرادة الموسيقى وجماليتها باستثناء "الألماني الجيد" تم ترشيحه فقط لأفضل موسيقى تصويرية. في الحقيقة، إن الاختيار لم يعد محصورا بأعضاء قسم الموسيقى، كما كان في خمسينات القرن الماضي، وإنما يحق لكل أعضاء الأقسام الأخرى داخل أكاديمية فنون السينما التدخل والاختيار. قد يسأل أحد لماذا لم يتم ترشيح الموسيقى الرائعة والمذهلة التي وضعها الموسيقار الكبير جون وليمز لـ"مذكرات فتاة الغيشا"، فإننا نجيبه بأن هذا الفيلم ليس من انتاج عام 2006.


 ويخمن عدد من النقاد أنه من المحتمل أن يفوز الارجنتيني غوستافو سانتاولالا بأوسكار أفضل موسيقى لأن الفيلم مرشح لعدة جوائز ناهيك بأنه يتجاوب وأحداث العالم الجيوسياسية كما أن الأسطوانة أصبحت أكثر مبيعا لأنها ضمت، إلى جانب القطع التي كتبها سانتاولالا، موسيقى إثنية متنوعة ومطلوبة جماهيريا. وإذا جاءت فعلا النتيجة هكذا، سيغضب معظم النقاد وعدد كبير من هواة الموسيقى السينمائية، فأنهم لايرون أي أصالة في عمل سانتاولالا ليأخذ جائزة اوسكار ثانية، خصوصا أن الأكاديمية خيبت آمالهم العام الماضي عندما منحته أوسكار افضل موسيقى تصويرية على موسيقاه الباردة المتلخصة بتقاسيم على الغيتار لفيلم "بروك باك ماونتن". 


الموسيقيون الخمسة وموسيقاهم المرشحة لنيل الأوسكار:
1- غوستافو سانتاولالا (مولود في بوينس ايريس 1952) موسيقار أرجنتيني الأصل، استقر اعتبارا من ثمانينات القرن الماضي في الولايات المتحدة فلعب دورا كبيرا في رواج الموسيقى اللاتينية وأصبح مرجعا كبيرا في الإيقاعات الموسيقية اللاتينية. وضع موسيقى عدة أفلام منها "21 غرام"  و"بروك باك ماونتن" الذي نال جائزة اوسكار أفضل موسيقى تصويرية لعام 2005.


فيلم "بابل" (مرشح لسبع جوائز) يتناول ثلاث قصص تتباعد أحداثها وتتلاقى في ثلاثة أماكن جغرافية متباعدة: الصحراء المغربية، الحدود الأميركية – المكسيكية وطوكيو... ولسد العجز اللغوي في التواصل الإنساني الذي يسرده الفيلم، ليس هناك حل سوى استخدام موسيقى اثنية متضاربة ومتنوعة، كرابط  لهذا التباعد والانفصال بين صلب القصص الثلاث. وقد برع الموسيقار غوستافو سانتاولالا، مع مشرفين على معرفة الموسيقى المغربية التقليدية واليابانية، باختيار ما يلزم من أغان اثنية (B7) ومغنين وآلات مختلفة وان يكتب هو قطعا موسيقية خاصة للفيلم تلعب دور الرابط أكثر مما اعتادته الموسيقى التصويرية كخلفية لتقوية المشهد. فالغيتار الذي كان يجيده سانتاولالا واستخدمه في موسيقى "بروك باك ماونتن"، تركه جانبا وراح يتعلم العزف على عود عربي ليخلق عبره جوا شرق أوسطي حقيقيا، وأكثر حميمية من غيتار "بروك باك ماونتن". وقد أعطى هذا الخليط المركب من الإيقاعات المتنوعة والمتباعدة، الفيلمَ حيوية وواقعية، بل حتى جعل من الاسطوانة رائجة وأكثر مبيعا. مما يرى بعض النقاد أن هذا الرواج والشهرة للأسطوانة التي صدرت في قرصين مدمجين CDs، قد يؤثران في قرار جائزة الأوسكار على حساب موسيقى الأفلام الأخرى المرشحة للجائزة. ( Bibo No Aozora)


2- خافيير نفاريت (مولود في برشلونة 1956) موسيقار اسباني الأصل ينتمي إلى تيار الموسيقى اللاالكترونية وموسيقى الأدنَوية  minimaliste (استخدام الحد الأدنى من الآلات والتقليل من الإيقاعات). سبق له أن عمل مع مخرج "متاهة ﭙان"* المكسيكي غويلرمو ديل تورو، وذلك في فيلمه السابق المشهور "عمود الشيطان الفقري" (2001). يقول ديل تورو عن فيلمه "متاهة ﭙان" (مرشح لست جوائز) بأن قصة فيلمه من نوع قصص وقت النوم، لذا تحتاج إلى تهْويدة (أغنية لتنويم الأطفال) تنطلق بالفيلم من البدء إلى النهاية. والفيلم يروي مغامرات فتاة صغيرة اسمها اوفيليا وسط صراع مسلح بين جنود اسبان وميليشيا متمردة. وهنا تأتي براعة الموسيقار خافيير نفاريت فالقطعة الأولى من الموسيقى التي وضعها (Long, Long Time Ago  ) تبدأ بتهويمة إيقاعية يسندها وقع وتري ثابت ونقرات على البيانو، وتتصاعد حزنا ينتهي بكورس يوحي بالجانب المعتم من الفيلم. والتهويمة هذه ستسيطر طوال الفيلم، خصوصا إيقاعات البيانو ليذكر المشاهدين بطفولية موضوع الفيلم. يبدع نفاريت في مقاربته الموسيقية للمشاهد حد ابتكار أسلوب جديد وهو التصعيد الموسيقي حد الذروة وفجأة يُحدث وقفات درامية لكي يعود من ذروة الإيقاع إلى بدايته. الكورس حاضر على نحو حلمي حزين. ورغم أن هناك تأثيرات واضحة لموسيقيين كداني ايلفمان وهوارد شور، يستطيع المتخصص تشخيصها، إلا أن النسيج الموسيقي وخصوصا الإيقاعي يبقى خاصا بأسلوب نفاريت (Guerrilleros) ... وهنا قد يلاحظ البعض أن تكرارا مملا يحصل عند سماع الاسطوانة... وبالفعل فأن الاسطوانة ضمت حتى القطع التي لم تُستعمل في الفيلم، لكن للأسف لم تُعلَم باشارة حتى يستطيع السامع تمييزها.


3- يعتبر الكسندر ديبلا (مولود في باريس 1961) واحدا من الموسيقيين الفرنسيين الجدد الذين ظهروا أوائل تسعينات القرن الماضي، وبعد ان ألف موسيقى لعشرات الأفلام الفرنسية، أصبح، في الآونة الأخيرة، معروفا عالميا بعد أن وضع موسيقى عدة أفلام هوليوودية وآخرها فيلم مأخوذ من رواية لسومرست موم: "الخمار المصبوغ".. والفيلم يروي قصة حب تدور في عشرينات القرن الماضي في شنغهاي. وقد امتاز ديبلا بقدرة فائقة على التكييف مع مختلف الإيقاعات الحديثة، الفولكلورية، الكلاسيكية والخفيفة.


في فيلم "الملكة" (مرشح لست جوائز) يضع موسيقى ذات طابع كلاسيكي بحت (The Queen ) ومن خلال ضرب نغمات الوتر على التوالي، وإيقاعات الآلات النحاسية للفرق العسكرية، وفجأة يسود نغم كئيب اوركسترالي على القيثار، كلما كان المشهد يتعلق بالملكة، ليخلق انطباعا لدى المشاهد مفاده أن هذه الملكة متأخرة عن زمنها وغارقة في جو ارستقراطي ملوكي لم يعد يلائم العصر الحديث( Queen of Hearts )، بينما عندما يتعلق المشهد بحياة الأميرة ديانا يستخدم آلات الكترونية وإيقاعات اكثر انفتاحا لكي يبيّن أن ديانا استطاعت أن تخرج العائلة الملكية من عزلتها وردم الهوة بين هذه العائلة وبريطانيا الحديثة.


وإذا تم القرار اعطاء الأوسكار إلى ديبلا، فبالتأكيد سيكون القرار قد أخذ في الاعتبار الموسيقى التي وضعها ديبلا لفيلم "الخمار المصبوغ" حيث تتضح قدراته على التلاعب بالآلات بشكل فذ وتنويعات تتراوح بين كمان جهير الكتروني منفرد وآلات نقر موسيقية مسيطر عليها بطرق جديدة. وساخر بايقاعاته الحزينة وفي الوقت ذاته مشرقة اشراقة الحجاب الخادع الذي تتقفاه بلغة سينمائية جديدة كاميرا المخرج الأميركي جون كوران. وكم كان فتحا تاريخيا جميلا في جعل موسيقار واحد مرشحا في عملين.. لكن يبدو أن اكاديمية فنون السينما اختارت "الملكة" لأن "الخمار المصبوغ" قد حصل على جائزة غولدين غلوب لأفضل موسيقى تصويرية لعام 2006.


4- فيليب غلاس (مولود في بالتيمور / ماري لاند 1937) موسيقار أميركي معروف بريادته للموسيقى الأدنوية المعاصرة. إضافة إلى أعماله الكلاسيكية (كونسرت، سنفونيات، اوبرات مقتبسة من اعمال شعرية وأدبية)، فقد كتب موسيقى عدة أفلام وهذه هي المرة الثالثة يتم ترشيحه للأوسكار، ولم يفز سابقا بالجائزة. الموسيقى التي وضعها فيليب غلاس لفيلم "ملاحظات حول فضيحة" (مرشح لأربع جوائز) تعتبر، في نظر عدد من النقاد، من أفضل ما وضع من موسيقى تصويرية. (First Day of School ) فالخروج كخافيير نفاريت، من الأسلوب الأدنوي الرتيب، إلى التنويع الأوركسترالي والكم الهائل من الميلوديا، متجنبا رتابة الأسلوب الأدنوي طوال الفيلم مستخدما إياه للحظات فقط، قد يأتي ثماره بجائزة الأوسكار لفيليب غلاس، وتجدر الإشارة هنا إلى أن غلاس كان مرشحا مرتين في السابق لجائزة الأوسكار لكن لم يفز بها. إن "ملاحظات..." عمل يعيد توزيع الإيقاعات الأدنوية على نحو يوظف فيه تقنيات الكونسرت لخدمة الشاشة توظيفا خلاقا حيث الفراغات المشهدية التي يفترض بالموسيقار أن يملأها دون أي إخلال بسيولة المشهد (Good Girl)، جاءت مليئة بالإيحاء، وبدينامية التدرج الإيقاعي دون تعقيدات بل في منتهى البساطة المريحة للسامع والمشاهد في آن.  ووفق أحد النقاد، انه يجب إسداء تحية إلى أكاديمية فنون السينما لترشيح فيلم "ملاحظات حول فضيحة" لأفضل موسيقى تصويرية.


5- أما توماس نيومان (مولود في نيويورك 1955) فسيرته جزء لا يتجزأ من تاريخ الموسيقى التصويرية، فهو الابن الأصغر لألفريد نيومان؛ أحد المؤسسين الكبار للموسيقى السينمائية في عصرها الهوليودي. لقد ترعرع توماس نيومان في بيئة موسيقية وسط إخوان، أعمام وأقرباء كلهم يعملون في مجال الموسيقى التصويرية. منذ ثمانينات القرن الماضي، واسمه مسجل في قمة الأفلام المشهورة كصاحب أسلوب موسيقي مجدد: "اللاعب" أشهر أفلام روبرت التمان، أو "الجمال الأميركي"، أو "خلاص شوهنشاك". والموسيقى التي وضعها لفيلم "الألماني الجيد" (مرشح فقط لجائزة افضل موسيقى) تلعب دورا سينمائيا يشد أوتار التواصل بين المشاهد وجوّانيّة المشهد المعروض أمامه: العاطفة الموسيقية الجهورية، الإيقاع المفاجئ، الحضور الأوركسترالي للموسيقى.... باختصار أن توماس نيومان في عمله هذا يختلف كليا عن بقية المرشحين. فهنا الأمر الموسيقي (Unrecht Oder Recht (Main Title) ) لا يريد أن يخضع لمطاليب الإيقاع الإثني كما عند سانتاولالا، أو تضبيط حركات الكونسرت وفق شروط الصورة المرئية كما عند فيليب غلاس، ولا حتى الاعتماد على الطابع الحلمي للإيقاع الأوركسترالي كما عند نفاريت، أو الاستخدام الأقصى لأرشيف الموسيقى الكلاسيكية كما عند الكسندر ديبلا... كلا. الموسيقى هنا تريد فعلا التذكير بالموسيقى التي كانت تلعب دور المحفز الجهوري لمشاهدي أفلام الماضي وشدهم، كما في الرواية البوليسية، إلى عقدة الفيلم ومساره الغامض ( Safe House): موسيقاه تكاد تكون عودة إلى مستودع الإيقاعات الماضية؛ إلى الإيقاع الهوليودي والبناء المحكم حيث الموسيقى تصعّد عاطفية الحدث السينمائي.. لكن بأسلوب معاصر ومتخلص من كل رتابة ومسموع سلفا...


يا ترى من سيفوز بأوسكار أفضل موسيقى تصويرية؟


جميع الموسيقيين الذين تم ترشيحهم بذلوا جهدا كبيرا في عملهم من أجل خلق تقاطب إيقاعي بين الأذن والعين... مما يصعب تخمين من سيفوز بجائزة الأوسكار. لكن في حال أن




عندما كانت بغداد سينما للجميع
تقرر اللجنة عدم إعطاء الجائزة إلى غوستافو سانتاولالا تفاديا للتكرار، فإنني أعتقد أن خافيير نفاريت هو الذي يستحق فعلا جائزة الأوسكار لمقاربته الموسيقية الجديدة التي استطاعت أن تجمع خيوط الأوركسترا بنسيج الأدنوية تحت خيمة السرد الكلاسيكي الحلمي المعهود في السينما الهوليودية... أما إذا اعطيت إلى توماس نيومان، المرشح للمرة الثامنة للأوسكار، فستكون ليس فقط تقديرا لقدرته على شق طريق جديد إلى الماضي دون الوقوع في التقليد، ولكن على الأقل كتتويج لمجمل أعماله التي أنجزها خلال ربع قرن.


 


هامش:


* ﭙان Pan في الميثولوجيا الإغريقية (وفون Faun في الأساطير الرومانية وهذا الاسم هو المذكر في العنوان الاسياني)، إله الرعاة والصيادين. كان دائم التجوّل وسط الحقول والغابات يلهو ويرقص مع الحوريات ويلعب على القيثارة والمزمار الذي اخترعه. وكان يبث الذعر في اي مكان يوجد فيه. وكان يُظنّ أنه ينام  في وسط النهار، لذا كانت هذه الفترة فترة هدوء وسكون عند الرعاة لئلا يقلق ذلك الاله العظيم. وكان الاغريق يصوّرونه في هيئة إنسان ذي قرنين قصيرين، كثّ اللحية، له جسم إنسان وذراعاه، بينما كانت سيقانه سيقان ماعز، يمسك في يده القيثارة وفي الأخرى خطاف الراعي والأناناس.

ليست هناك تعليقات: