٩‏/٨‏/٢٠٠٥

كيف تتسول عبر الانترنت

" لم أكن أرغب في جمع الأموال، ولكن كي أثبت
جدارتي في مجال التسويق "
بهذه الجملة لخص ريتش شميت هدفه من إنشاء موقع
givemedollar ليصبح بلا فخر أول شحاذ إلكتروني في
العالم. ولسنا هنا بصدد استعراض هذه الظاهرة التي
انتشرت منذ سنوات، ولكن بصدد تحليلها بعد أن
تزايدت، وأصبحت أشبه ما يكون بالشيء العادي لدى
بعض المستخدمين سواء أن ينشئوا مواقع للشحاذة أو
يتبرعون لبعض الأشخاص وهم لا يعرفونهم.
ويأتي انتشار الفكرة في الأساس بسبب نجاح خبير
التسويق ريتش شميت في جمع 315 ألف دولار، وتلقي
أكثر من 40 ألف رد حول موقعه هذا الغريب من نوعه،
ويأتي هذا النجاح نتيجة أسلوبه الموجز في عرض
فكرته، حيث توجد في الصفحة الرئيسية دعوة موجزة
للتبرع بدولار واحد دون إبداء أي استجداء للعطف أو
شرح الأسباب، وقد حرص العديد من الأشخاص على
التبرع بالدولار المطلوب من أجل عرض رسالة موجزة
على الموقع، وكان من أطرف العبارات الموجودة التي
بعث بها أحد المتبرعين "من أكثر جنونا ؟ هل أنت
بسبب فكرتك العجيبة أم أنا لأنني تبرعت بالدولار؟".
وقد صرحت ميشيل هايمبوجر كبيرة متصفحي الإنترنت
بموقع ياهو، بأن شركة ياهو قد دفعتها هذه الظاهرة
إلى إنشاء قسم جديد بعنوان الاستجداء الإلكتروني،
ويضم حوالي 51 موقعا تدور حول فكرة التسول لأسباب
مختلفة.
فعلى سبيل المثال، قامت مواطنة أمريكية تدعى كارين
بإنشاء موقع للتسول لسداد ديون عليها تقدر بحوالي
20 ألف دولار، وقد جمعت ما يقرب من 13 ألف دولار.
وإذا كانت هذه هي نوعية الرسائل في الغرب، والتي
تطالب بسداد الديون أو مبالغ لاستكمال الدراسة،
إلا أن الوضع مختلف في الوطن العربي تماما، حيث
تتركز المطالب حول مبالغ للعلاج، أو من أجل إطعام
طفل صغير، وما إلى ذلك من الأشياء التي تؤثر على
عواطفنا كشعوب حساسة تجاه هذه الإنسانيات، ولكن
حتى الآن مازال هناك شيء محير ألا وهو أن هذه
المبررات غير مقنعة، فما هو السبب الذي جعل البعض
يتبرعون لهذه المواقع؟ وقد أجابت على هذا التساؤل
دراسة مسحية أمريكية تؤكد أن الإعجاب بالفكرة هو
فقط الذي دفع الناس كي يتبرعوا بغض النظر عن
مصداقية الشحاذ، وإذا انتقلنا إلى منطقتنا
العربية، نجد أن من أكثر ردود الفعل الإيجابية
التي قام بها مستخدمو الإنترنت العرب هو أنهم
قاموا بإرسال الرسالة لعدد آخر من الأصدقاء لعلهم
يكسبون ثوابا من نشر رسالة هذا المحتاج لعدد أكبر
من الناس، وبسؤال بعض المستخدمين للشبكة، أكدوا
أنهم جربوا أن يتصلوا برقم الهاتف المحمول المكتوب
في الرسالة الإلكترونية ولكنهم وجدوه غير موجود
بالخدمة.
ولا يخلو موضوع التسول هذا من الطرافة، ففي أحد
المواقع تقول الشحاذة صاحبته "يجب أن تتبرع لي
بالنقود، فمجرد التفكير في أن شخص بموهبتي يمكن أن
يعمل ويتعب فهذا مؤسف جدا، وقد يتسبب في إزالة
طلاء أظافري"، والغريب أنه بالرغم من هذه الرسالة
الاستفزازية إلا أنها تلقت بعض التبرعات وبعض
التهديدات بالقتل أيضا.
وإذا كانت فكرة هذه المواقع قد أعجبتك وتريد أن
تتجه لهذا المجال التقني المربح، فما عليك إلا
كتابة رسالة مؤثرة ومدمعة للعيون، ويفضل أن تكون
بالإنجليزية حتى وإن كانت موجهة إلى العرب، فقد
أكد الكثيرون تأثرهم بالرسائل المكتوبة بلغة
أجنبية فضلا عن أنها تعطي بعضا من الاحترام
لصاحبها، وذلك على أساس أنه يعرف لغة ثانية ويقدر
في الآخرين معرفتهم بها، وبعد ذلك قم بإرسال هذه
الرسالة إلى أكبر عدد من الأصدقاء ولا تنسى أن
تكتب في نهايتها "أرجو أن ترسل هذه الرسالة إلى
أكبر عدد من الناس كي تكسب ثوابا كبيرا"، ولا
تتعجب إذا جاءتك بعض التبرعات فرزق الـ... على
الـ... "
ولكن إذا لم تعجبك الطريقة التي اقترحتها عليك،
فيمكنك أن تقوم بدراسة أصول الشحاذة على الإنترنت
عن طريق المتخصصين في ذلك، وأن يتم تدريبك على
أيدي خبراء النصب التقنيين، فهؤلاء أسسوا صندوقا
للشحاذة عبر الإنترنت، وهي جهة تقوم بتعليمك أسس
التسول وكسب العيش دون أي مجهود، فقط قم بكتابة
بريدك الإلكتروني، وسوف يراسلوك باستمرار ليطلعوك
على النظريات العلمية الحديثة في الشحاذة بعيدا عن
المفهوم التقليدي للمتسول الفقير صاحب الملابس
الممزقة، فهدف القائمين عليها - كما هو مكتوب في
صفحتهم الرئيسية - "مهمتنا أن نعلمك كيف تتسول على
الإنترنت" وذلك عبر منظمة Foundation for Internet
Begging (FIB) ، وهكذا تحولت ظاهرة التسول من فكرة
تسويقية إلى منظمة عالمية لها العديد من الأعضاء
والمواقع، والغريب في هذا الشأن أن هذه المواقع
تستقبل كل يوم المزيد والمزيد من الدولارات.

عن موقع - محيط

ليست هناك تعليقات: