٢‏/٣‏/٢٠٠٦

دماؤنا

                    هل ذهبت دماؤنا هدرا؟!

بقلم: د. وليد سعيد البياتي
المملكة المتحدة – لندن
albayatiws@hotmail.com

أصوات الانين
      هذه المرة لن اكتب في فلسفة التاريخ، ولن احاور في اشكايات المفاهيم، بل ساكتب في وجع الجراح، وسأجول في تلك المساحة من الالم، وسأقف على حافة الجرح المفغور الفاه والنازف حتى كي العروق، سأعيد الى اسماع اللاهين في صراع الكراسي اصوات الانين والصراخات التي ملأت اقبية العفن، سأحرك بركة الصمت في نفوس الغائبين عن ادراك وجع الايام والسنين، سأعيد حشو الجراح ملحا عسى ان يستفز اللاهثون وراء سراب العروبة والقومية التي استبيحت الفا والف ثم مازالوا يصرون على عذريتها!! سأصير حبرا اسودا في اقلام استهلكتها كلمات المديح على صحف حال لونها حتى ما عادت تبدو صفراء على الرغم من صفرتها، سأدق اسافين في حناجر إعلاميي فضائيات النعيق، حيث غربان الجزيرة مازالت تقرفنا بنعيقها اليومي.
     ايها الصامتون والعابثون بالتاريخ وبأنسانية الانسان، هذه جراحي بمساحة الوطن وبعمق العقيدة، هذه حنجرتي لم يكن حشوها الا سكاكين البعث في اقبية القهر، ها أنا ذا امامكم لا املك الا تاريخ الحسين، وعشق الحسين عليه السلام، ها أنا ذا بيدي من تربة كربلاء المذبوحة من عصر الحسين، ها أنا ذا شاهد عصري، وقلمي مازال ينزف وهل الكتابة الا جرح ينزف!! فكم من الجراح وكم؟؟ ايها الصامتون هل ثار الحسين ليعلمنا فلسفة الصمت؟؟ هل سقت دماه رملنا لتجف بعده الاقلام؟؟ هل جزوا رأسه الشريف ظلما وعدوانا لتجز حناجرنا عن اخراج الصراخ؟؟ هذه جراحنا مازالت فتية كما كانت منذ الف!! والنائمون مازالوا في غفوتهم منذ الف!! وفي كل مرة يريدونا ان نقدم اعناقنا للجزارين لتصير لهم قضية يتحاورون فيها في اجتماعاتهم ويتلقون من الجزارين عهودا لايوفي بها احد، ثم يملأون أذاننا بسوف.. وإننا.. وسنفعل.. وبكم من الوعود ولا شيء غير الوعود..

إنهم يقتلوننا ايها السيد
    منذ البدء حاول ان يقودنا الى ساحة الدهشة، لكني كنت قد توقفت عن الاندهاش، فقد امتلأت من الجراحات، وتعودت ان اعيش على ايقاع الانين ولم يعد ثمة شيء يثير دهشتي، ثم ان الرجل ليس ككل الاخرين، فهو جزء من تاريخ الجهاد، لكنه يثير التساؤلات لا الدهشة، فلماذا الانجرار خلف من استباح دمنا معلنا ذلك على النبأ؟؟ ولماذا ه ؟؟ لماذا تصرخ معلنا براءتهم وهم من اعترف بمساعدتهم للارهاب؟؟ ولماذا الصلاة في تكريت؟؟ وقبلها لماذا عمان؟؟ الم تكف كل تساؤلات الجرا ؟؟ هل نحن غنم معدة للذبح؟؟ هل كتب علينا ان نقدم رقابنا للجزارين لتصبح قضيتنا حكايا يتسامر بها القابعون خلف اقنعة الصمت؟؟ وعلى طاولات حوارات اللا جدوى؟! عجبا اين تلك النهضة الحسينية؟! إنهم يقتلوننا ايها السيد، فاحذر الدماء التي مازالت تلطخ اكفهم!! احذر الدماء التي مازالت روائحها تفوح من خناجرهم!! منذ الف وهم يقتلوننا ايها السيد!! منذ الف والشيعي متهم بتشيعه للحق، متهم بولائه للحق، متهم ببرائته من الباطل، متهم بطهارته من الدنس متهم بإنسانيته في زمن فقد الاخرون فيه انسانيتهم، إنهم يقتلوننا ايها السيد "مازالت عورة عمرو ابن العاص معاصرة تلطخ وجه التاريخ، وما زال ابو سفيان بلحيته الصفراء يألب باسم اللاة العصبيات القبلية...." إنهم يقتلوننا ايها السيد، فما زال ابو ذر رضوان الله عليه في الربذة، ومازال في الكوفة ميثم، وفي مرج عذرا يرقد حجر، وما زالت الشريعة تستباح، وما زال جزارهم يسن سكاكينه برقابنا باسم الشريعة فيا لله ويا للشريعة، مازالت اعراضنا تنتهك باسم الشريعة، مازال ابن تيمية وابن عبد الوهاب ائمتهم، وما زال امير المؤمنين علي عليه السلام ولي الله بالنص امامنا وعترته ائمتنا، ومازال قول الحق لم ينسخ: (يوم ندعوا كل اناس بامامهم) سورة الاسراء:71.


وجوه ووجوه
    للايمان لمسة تصبغ النفس والروح فتلوح اشراقاتها في وجه المؤمن فتراه يضيء كمشكاة معلقة في ضريح مقدس تنير الدرب، وتسر الناظرين، وللكفر لطخة سوداء تسحب البراءة من النفس والروح فتبدو وجوه الكافرين معتمة، تغطيها ظلمة فلا تظهر اشراقة نور عليها حتى لو حاول اصحابها طلاء وجوههم بالمساحيق البيضاء فالظلمة هي الظلمة، ومنذ البدء لم تخنّ  فراستي وقد بدأ يطالعنا بسدارته وراسه الراعشة، ومع اني لم احتج الى خبرتي التاريخية لمراجعة صفحاته البائسة، الا اني حذرت من البداية انه سيحاول استغلال انتصارنا نحن الشيعة ليجيره لحسابة، كما فعل الضاري، وكما يفعل الان المطلك وغيرهم ممن لم يتعودوا صنع التاريخ بل اكتفوا بالعيش على موائد الاخرين، وقال البعض من الاحبة لابأس فصحن العراق كبير ويسع الجميع، ولكن انى للغربان والضباع ان تكتفي وقد تعودت العيش على مخلفات الاخرين، فبعد ان قدمنا للوجوه المعتمة كل شيء ودعوناهم الى صدر الموائد تصرفوا كالضواري، ولم يكتفوا بما قدم لهم فنهشوا الكف ثم ارادوا الذراع كلها، انهم يقتلوننا ونحن مازلنا نتجول على حافة الجرح نفرش اوراقنا وخرائطنا لنجفف بها الدماء وكأن الجراح يداويها الحبر!! انهم يقتلوننا فلا مزيد من الجراح رجاء.    
          

ليست هناك تعليقات: