١٨‏/٩‏/٢٠٠٦

فرناندو أربال
مقاطع من حجر الجنون
ترجمة: حكمت الحاج (كاتب عربي يعيش في تونس)

عندما أفكر فيها، ذاكرتي، الوزير الأسود والفيل الأسود يسهران فى آن واحد في زاوية غرفتي عندما أفكر فيه، خيالي، أرى "أسد كوبنهاجن " يمر من أمامي. عندما أفكر فيها، أحلامي، تتغطى الأرض بقبعات بدون زوائد. عندما أكتب " لا شيء " في ظلام طاولتي تحت ابهامي استطيع أن أقرأ بحروف فسفورية كلمة " لاشيء ". أيها السادة : استلمت رسالتكم الموقرة بالرقم 8763 ب م / ب والمؤرخة في السابع والعشرين من كانون الثاني الماضي. أرجو المعذرة على تأخري في الاجابة. ولكن أوجاعا عنيفة في رقبتي سببت لي الكثير من المعاناة في هذه الفترة وسمرتنى الى الأرض أياما طويلة. أنا في الحقيقة وضعت على واجهة بيتي بساطين كبيرين بنفسجيين وأرجو منكم أن تصدقوني عندما أقول لكم أنهما ضروريان جدا لهدوئي. وأخيرا جاء بعض الناس في زيارة إلى وعكروا سكينتي وبالتالي اضطررت الى استخدام هذه الطريقة لابعادهم. أنتم تفهمون جيدا أنني لا أستطيع أن أسهر الليل وأقضي النهار على شرفتي. العلامات الأخرى التي ثبتها على الجدار لها نفس الوظيفة بما في ذلك اللوحة التي كتبت عليها: "إبتعدوا عني أيها القذرون". الحل الذي تقترحونه على (أن أدع البساطين والعلامات الأخرى في ممر شقتي) لا ؟ يعود على بأية فائدة. إن الزوار يدخلون دائما من الشباك وأحيانا ينفذون عبر الجدار وهذا الأمر يجعلني أفكر بأنهم يأتون إلي طائرين في الهواء. اعملوا على تهدئة المواطنين وقولوا لهم ألا يروا في هذه الوسائل المتواضعة لحماية الذات شيئا يجرح شعورهم. أشكركم على لطفكم معي لحل مشاكلي الخاصة الحميمة. هذا وتقبلوا فائق احترامي.




كنا نحن الاثنين في السينما وبدلا من أن أشاهد الفيلم
كنت أنظر إليها. لمست ضفائرها ومسحت على حواجبها
ومن ثم قبلت ركبتيها ووضعت على بطنها دمية
من الورق عملتها من التذاكر. كانت تنظر الى الشاشة
وتضحك، حينذاك مسدت نهديها وفي كل مرة كنت
أضغط على أحد النهدين كاشا سمكة زرقاء تقفز منه.
***
التجأت الشجرة الى الورقة
والتجأ البيت الى الباب
والمدينة الى البيت إلتجأت
كنت أتمشى متأملا هذا العرض ورأيت مرة أخرى
أن الشجرة قد تحولت الى ورقة وأن البيت قد تحول الى باب
والمدينة الى بيت. وهذا هو السبب الذي
يجعلني أبذل قصارى جهدي لكي لا أخبيء نفسي في
يدي.
***
ضربت رأس الشيخ بالفأس ومن فتحة الجرح خرجت
هي
عارية تماما. تقدمت نحوي وأنا أعطيتها ضفدعة
وبدأت
هي ترضعها. أغلق الشيخ جمجمته المكسورة بيديه ومن
ثم انفجرت الشعلات تحت قدميه. هي اقتربت منه
وابتلعت
النار. دخلنا نحن الاثنين أنا واياها الى بيت لكن فورا
أدركنا
أنه ليس بيتا بل بيضة شفافة وتعانقنا أنا وهي وعندما
أردت
أن أبتعد عنها شعرت بأننا قد تحولنا الى جسد واحد ذي
رأسين. نفخ الشيخ على البيضة فطارت ذاهبة بنا أنا
وهي.
رجل يرتدي زي الأساقفة وفي يده سوط أمرني
بالدخول الى
الكنيسة. بدا لي أن البوابة مكونة من ردفي امرأة عملاقة
تركع. في زاوية أمامي امرأة كانت ترقص وهي مختفية
تماما وبصعوبة كنت أستطيع أن أحرز مفاتنها. أردت
أن أذهب
الى الزاوية ولكنني بقيت أنظر الى المرأة وهي ترقص.
اقتربت
منى وطلبت أن ألمس نهديها. كنت خائفا ألا يرانا أحد
ما.
ولكنني في الأخير أطعت. حينذاك رفعت أحد براقعها
.وبدلا من كنت خائفا ألم يرانا أحد. حاولت أن أتخلص ولكن بلا
جدوى
خلال الاحتدام نزعت واحدا من براقعها ورأيت أن
ذراعيها ليسا
سوى أغصان سميكة خالية من الورق ووجهها كان
شاحبا للغاية
ومجعدا جدا. بدأت تضحك بفم أدرد. سمعت صوت
الطفل يصيح.
هذا هو. التفت وأبصرت رأسه في يد الرجل الذي
يرتدي زي الأساقفة. كان يحدق في. أردت الفرار
ولكن أغصان المرأة
سجنتني مثل الكماشات.
***
وضعت الفرجال على بطنها وبدأت أرسم دوائر داخل
دوائر.
وكانت تقطع سرتها وركبتيها وقلبها ولكي لا أنسى
وجهها
تخيلتها ممتلئة بالأرقام ومن ثم بدأت تمطر. وركبت
عارية
على ظهر حصان وهى منتصبة كالفرسان وكنت أمسك
بالعنان.
كانت تتساقط من السماء أسماك وتمر من بين ساقيها
والأسماك
تضحك. أحيانا كفي اليمنى تنفصل عن ذراعي من
الرسغ وتنضم
الى يدي اليسرى. أنا أمسكها بقوة حتى لا تسقط
وأفقدها ودائما
على أن أكون في أقصى درجات الانتباه خصوصا في
ساعة
إعادة التركيب لئلا أضعها بالعكس حيث الكف
موجهة الى الخارج.
***
ولد فرناندو أرابال في مليلة اسبانيا. ومنذ نيسان 1955 عاش في باريس حيث شارك في الحركة السوريالية. وكروائي فقد نشر بالفرنسية، "بعل بابل" ودفن سردينيا" ولكنه اشتهر بمسرحياته. وشعر مثل مسرحه تسوده روح الدعابة السوداء. من أهم أعماله "حجر الجنون" وهو شرح لكوابيسه.

فرناندو أربال مقاطع من حجر الجنون ترجمة: حكمت الحاج (كاتب عربي يعيش في تونس) عندما أفكر فيها، ذاكرتي، الوزير الأسود والفيل الأسود يسهران فى آن واحد في زاوية غرفتي عندما أفكر .

ليست هناك تعليقات: