٩‏/٢‏/٢٠٠٧

مايك ويتني: تغطية المذبحة في النجف

مايك ويتني: تغطية المذبحة في النجف


ترجمة- كهلان القيسي


قل ما تريد قوله حول أجهزة الإعلام المدفوعة الثمن، فهم ما زالوا لم يفقدوا شهيتهم للمجازر.
حتى الآن، نحن نستطيع القول ان هناك مسألتين لاشكّ فيهما حول ذبح 250 عراقي قرب النجف يوم الإثنين. الأولى ، نعرف بأنّه ليس هناك أي دليل قاطع لدعم القصة الحكومية للأحداث. ، والثانية، نعرف بأنّ كلّ وسائل الإعلام في الولايات المتّحدة نشرت نسخة الحكومة بخنوع إلى قرّائها بدون التأكد من الحقيقة أو تقديم شهادة شاهد عيان.
وهذا يثبت بأنّ أولئك الذين يقدمون الحجج على ان الأخبار المهمة تغربل فإنه من المحزن القول بأنهم قد أخطأوا حين يدعون بأنه ليس هناك غربلة للأخبار بين الجيش وأجهزة الإعلام؛ وإنما هي قناة واحدة مباشرة. وفي الحقيقة، فإن كلّ العقبات التقليدية قد أزيلت عن محتواها، لذا فان القصص الخيالية التي تصنع في وزارة الدفاع الأمريكية تصل إلى الصفحات الأولى في أمريكا. ..
والأمثلة على ذلك: في قضية النجف أخبرتنا الوكالات الأمريكية بما يأتي: “ إن مئات من الرجال المسلّحين من طائفة شديدة الحماسية (جنود السماء) كانوا يخطّطون للتخفي كحجاج وقصدهم إن يقتلوا رجال الدين في أقدس يوم من التقويم الشيعي وقيل: نحن نعتقد بأنّهم وضعوا زوجاتهم وأطفالهم في خطّ النار لذا يمكنهم أن يخفوا نيتهم الحقيقية لمحاصرة المدينة. وهذا ما جاء في تقرير (أسوشيتد بريس)
فكم هو سخيف مثل هذا التبرير!! فكم هو عدد الرجال الراغبين باصطحاب عوائلهم بشكل طوعي الى المعركة؟ في الحقيقة، هؤلاء هم من القبائل نفسها التي كانت تأتي طواعية لزيارة النجف كلّ سنة لإبداء ولائهم إلى الإمام حسين وللاحتفال بعاشوراء. ولم يكن هناك شيء غير طبيعي في سلوكهم.
واستنادا إلى تقرير الأسوشيتد بريس: “ إن هدفهم كان قتل أكبر عدد ممكن من رجال الدين البارزين، وهم آيات الله الأربعة الرئيسيين، ومن ضمنهم آية الله العظمى علي السيستاني … وأشار مسؤولون حكوميون في النجف بأنّ الفدائيين تضمّنوا متطرّفون من الشيعة والسنّة، بالإضافة إلى مقاتلين أجانب. ”
هذا هراء غير مؤكّد أكثر من سابقه
الذي نعرفه الآن، بأنّه لم يكن هناك مقاتلون أجانب، لا يمنيون،ولا سعوديون، ولا أفغان، ولا أي عضو في القاعدة. (كما ذكر أصلا)، وكل ما في الأمر إنهم كانوا مجموعة شيعية من الوطنيين العراقيين الذي لا يتبعون آية الله الإيراني المولد علي السيستاني. وضاقوا ذرعا بهيمنة الحكيم ومليشيات الصدر، ومرتابون من التدخّل الإيراني المستشري في حكومة نوري المالكي.
وعلى ما يبدو، ان المعركة اندلعت في نقطة تفتيش بين القوّات الحكومية والمجموعة الشيعية ، حيث أنطلق الرصاص و تصاعد العنف فانهزمت القوّات العراقية بسرعة. لذلك استنجدوا بالدعم العسكري الأمريكي وقالوا للأمريكان : نحن نتعرض للهجوم من قبل القاعدة والمتمرّدين السنّة. وهو افتراء كامل؛ فقد كانت القوات الحكومية تعرف بشكل واضح مع من كانوا يتحاربون. لكن الجيش الأمريكي صدّقهم ، وأرسل طائرات أف -18 ومروحيات مسلّحة ودفن المجموعة القروية تحت سجادة من القنابل. ومن المتوقّع أنّ نساء وأطفالا قد قتلوا في القصف، وقد حصل.
في الحقيقة، إن الكثير من المشتغلين في أجهزة الإعلام احتفلوا بذبح الزوار العراقيون، كما لو أنهم كانوا يغطون مرة ثانية “ معركة سهول الفلاندرز في الحرب العالمية الثانية التي قتل فيها 19 ألف أمريكي في المثلث الفرنسي البلجيكي واللوكسمبرغ.
وهنا تغطية مثالية من الأسوشيتد بريس:
طائرات قاصفة أمريكية وبريطانية قصفت الفدائيين، وقالت القوة الجوية الأمريكية الإثنين. ان طائرات أمريكية إف -16 وA-10 أسقطت قنابل تزن 500 رطل على المواقع المتمرّدة.
وهذا يعني ! أن الكثير من لأبرياء قد ذبحهم!:::: قل ما تريد قوله حول أجهزة الإعلام المدفوعة الثمن، فهم ما زالوا لم يفقدوا شهيتهم للمجزرة.
وماذا أجاب الرئيس بوش القائد و مقرر الكوارث - عندما سأل عن الهجوم، أجاب , “ ردّ فعلي الأول على هذا التقرير من ساحة المعركة بأنّ العراقيين بدأوا يظهرون بعض التقدم”!!!
ما الذي " أظهره"العراقيون المعنيون لبوش ، هل اظهروا كم كان من السهل أن يخدعوا الجيش الأمريكي في تنفيذ أعمالهم الانتقامية الإبادية ضدّ القبائل المنافسة لهم . كما يفعل جيش المهدي والميليشيات الشيعية الأخرى بتخفيض مستوى تواجدهم ” بينما يقوم الجيش الأمريكي بتطهّر أحياء سنيّة عرقيا في كافة أنحاء بغداد، وأيضا، المتعاطفون الإيرانيون في الحكومة العراقية يستعملون القوّة النارية الأمريكية الآن لإزالة أعدائهم التقليديون. على ما يبدو، بوش سعيد بهذا الترتيب الجديد واسعد منه أمراء الحرب الشيعة الذين يحكمون البلاد الآن.
وقد قال ناطق من وزارة الدفاع العراقية بأنّ “200 إرهابيا قتلوا و60 جرحوا وهو بالطبع قد خفض التخمينات الأصلية. لكن الحقيقة لم يكن هناك إرهابيون كما وصفوهم؛ ولكن كانت عوائل المحبّين الإسلاميين جاءت إلى النجف وكربلاء لإنجاز إلتزاماتهم الدينية. وها هم قد ذبحوا بمجرّد الشكّ بأنهم قد يخطّطون لهجوم، لكن ليس هناك برهان لدعم ذلك الإدّعاء.
مهما كانت التفاصيل الدقيقة فان النسخة الرسمية هراء مطلق. لهذا منع الناجون من الهجوم من الكلام مع الصحافة. مثل حفلة الزفاف التي قصفتها الطائرات الأمريكية في محافظة الأنبار، أو فبركة قصة جيسيكا لنتش، ومع هذا فإن إنّ النسخة الرسمية تبقى سائدة دائما ” إلى أن تظهر الحقيقة على السطح في وقت ما في ما بعد.
في النهاية يستعمل الجيش الأمريكي الآن كمشعل للنزاعات العشائرية و القبيلية وهذا يجعل الأمر صعباً لواشنطن لكي تثبت بأنّها وسيطة صادقة وهي التي يمكنها المصالحة بين الفئات المتحاربة في كلّ عمل من أعمال العنف المتهوّر، والحقيقة ان الولايات المتّحدة توحّل نفسها أكثر في حرب "مستحيلة الفوز" إلا ان أجهزة الإعلام الأمريكية وحدها تعتقد بأن الانتصار ممكن ولهذا ما تزال تهتف لها.
http://www.informationclearinghouse.info/

ليست هناك تعليقات: