٢‏/٩‏/٢٠٠٥

طارق رمضان: "لن يكون من السهل اسـتخدامي"


طارق رمضان: "لن يكون من السهل اسـتخدامي"

أكد الدكتور طارق رمضان، الذي سيلتحق قربيا بجامعة أوكسفورد البريطانية كأستاذ زائر لمدة عام، أن الرد الأمني على الإرهاب لا يكفي لمحاربته

وفي تصريحات لوسائل إعلام سويسرية، أعرب المفكر السويسري المصري الأصل عن اعتقاده بأن لندن أدركت أنه "لا يمكن تسوية مشكل التطرف الإسلامي دون الحوار مع المسلمين أنفسهم".

أعلنت حكومة بلير يوم الأربعاء 31 أغسطس المنصرم تشكيلة مجموعة العمل التي عينتها وزارة الداخلية البريطانية لتقديم النصح لحكومة لندن في إطار محاربتها للتطرف الإسلامي.

وتضم المجموعة 13 شخصية بريطانية وأجنبية من المفترض أن تقدم تقريرا لرئيس الوزراء طوني بلير ووزير الداخلية شارل كلارك في نهاية شهر سبتمبر الجاري.

وجاء تعيين مجموعة المستشارين التي تضم المفكر السويسري المصري الأصل الدكتور طارق رمضان، بعد أقل من شهرين من الهجمات الانتحارية التي استهدفت لندن يوم 7 يوليو الماضي مخلفة 56 قتيلا، من بينهم أربعة من منفذي الانفجار – مسلمون بريطانيون - و700 جريح.

"الرد الأمني على الإرهاب لا يكفي"

وفي تعليقه عن اختياره من قبل الحكومة البريطانية – حليفة واشنطن التي سحبت منه العام الماضي تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة بسبب ما وصفته بـ"دعمه للإرهاب" – أوضح الدكتور طارق رمضان في تصريح لـ"سويس انفو" أن تشكيل مجموعة الخبراء تثبت بأن الحكومة البريطانية وعت بضرورة التعامل مع مشكلة الإرهاب عبر الحوار. وقال في هذا السياق: "لا يمكن تسوية مشكل التطرف الإسلامي دون الحوار مع المسلمين أنفسهم".

كما أعرب عن اعتقاده أن لندن أدركت نوعية الشركاء الذين يجب أن تتحدث إليهم، "أولئك الذين يعملون في الاتجاه الصحيح" على حد تعبيره.

وعن عمله ضمن مجموعة المستشارين، أوضح المفكر الذي يدعو إلى إسلام أوروبي يندمج إيجابا مع خصوصيات المجتمع الأوروبي دون الانسلاخ من الهوية المسلمة أن "الرد الأمني على التهديد الإرهابي لا يكفي".

وقال عن طبيعة عمله "ستتمثل مساهمتي بالخصوص في تطوير إمكانية الرد السياسي على هذا المشكل". واستطرد قائلا "إن هذه المهمة القصيرة المدى ليست كافية. في مرحلة ثانية، سنـُدعى إلى تقديم اقتراحات على المدى البعيد".

واشنطن تتراجع عن موقفها؟

وفي التصريحات التي أدلى بها لصحيفة "لا تريبون دو جنيف" (نسخة 1 سبتمبر 2005)، وفي معرض رده على اختلاف تعامل السلطات الأمريكية والبريطانية معه رغم أنهما حليفتان، قال الدكتور طارق رمضان:

"لقد طلبت مني الحكومة الأمريكية تقديم طلب تأشيرة جديد! يبدو إذن أنها غيرت رأيها بشأني. وفيما يخص بريطانيا، فإن التركيبة الاجتماعية تختلف كثيرا مقارنة مع الولايات المتحدة. إذ لا يمكن مقارنة الحضور القوي للمسلمين في المجتمع البريطاني مع الوضع في القارة الأمريكية. لن يكون مناسبا ألا تأخذ الحكومة البريطانية هذا العنصر بعين الإعتبار".

"لن يكون من السهل استخدامي"

ولما سألته الصحيفة إن لم يكن يخشى أن تستغل الحكومة البريطانية وجوده كحجة تُنسي مواطنيها المسلمين دور لندن في الحرب على العراق، أجاب الدكتور طارق رمضان: "الخطر ليس ضعيفا بالفعل. وقد أخذته بعين الإعتبار قبل الموافقة على هذا التعيين. لكن مواقفي ضد التدخل (العسكري) في العراق معروفة جيدا لدى السلطات البريطانية. وبالتالي لن يكون من السهل استخدامي! بالإضافة إلى ذلك، ألاحظ أن حكومة لندن تجاوزت مواقفها السابقة التي كانت تعطي الأولوية للجانب الأمني وتضع التطرف تحت مسؤولية الجالية المسلمة فحسب."

وأضاف رمضان: "اليوم، تعتمد حكومة طوني بلير خطابا أكثر واقعية وتعلم جديا أن الرد على الإرهاب لا يمكن أن يقتصر على الجانب الأمني. وهذا أقنعني بوجود مكان لي كمستشار. والعنوان المضبوط للجنة التي سأنضم إليها هو برنامج في حد ذاته إذ تحمل اسم "لجنة التفكير في مسؤوليات الجالية المسلمة والحكومة في إطار محاربة الراديكالية والتطرف."

أخيرا قال طارق رمضان: "في اعتقادي، تتحمل الجالية المسلمة بالفعل جزء من المسؤولية في هذا التطرف وهذا ما شددت عليه مرارا. لكن الحكومة البريطانية أيضا مسؤولة عنه. يتعين على اللجنة تقديم تقرير لحكومة بلير في شهر سبتمبر. لكنها ستعمل أيضا على المدى البعيد، إذ ستقترح مثلا تغيير بعض الكتب الدراسية التي تقدم مسلمي بريطانيا كأجانب. سيتحول كل ما يساهم في إتاحة العيش معا بين مختلف مكونات الأمة البريطانية إلى موضوع لأعمالنا".

هل طارق رمضان في خطر؟

وعما إذا كان تعيينه ضمن اللجنة يضع أمنه الشخصي في خطر علما أن بعض المتطرفين الإسلاميين قد ينزعجون من تقديمه النصح لطوني بلير، أكد الدكتور رمضان في حديثه مع "لاتريبون دو جنيف": "لست بالضرورة أقل امانا في لندن مقارنة مع سويسرا. لقد توصلت بتهديدات كثيرة من بلدان غربية أو عربية مثل تونس ومصر. لكنها تظل لحد الآن مبهمة وغير مباشرة.

وجدير بالذكر أن المفكر رمضان دُعي أيضا كأستاذ زائر في سانت أونتونيز، إحدى الكليات العريقة في جامعة أوكسفورد البريطانية حيث سيلقي محاضرات على مدى السنة الجامعية 2005 –2006.

وحرصت الكلية في بيان أصدرته يوم الجمعة 26 أغسطس الماضي على التذكير بأن الدكتور طارق رمضان مفكر مشهور عالميا، وأنه صنف من طرف مجلة "تايمز" الأمريكية ضمن المبدعين المائة في القرن الحادي والعشرين لأعماله المنشورة حول الاندماج الإيجابي لمسلمي أوروبا.

وعن محاضراته كأستاذ جامعي زائر متعاون مع الأطر الأكاديمية في كلية سانت أونتونيز، أوضح الدكتور رمضان في تصريحاته لسويس انفو أن "الدروس التي ستـُلقى في "مركز الشرق الأوسط"، ستُجدد المقاربة الخاصة بأسس القانون والأحكام في الإسلام، بينما سيـُطور درسٌ ثاني في "مركز دراسات أوروبا" تفكيرا حول الإسلام الأوروبي".

يان هامل - سويس انفو وصحيفة "لاتريبون دو جنيف"

(نقلته للعربية: إصلاح بخات)

ليست هناك تعليقات: