٢٩‏/١‏/٢٠٠٦

خشخاش أو زهرة النسيان فيلم جديد لسلمى بكار

يشاهــده الاعلاميـــون غــــــدا فـــــي عـــــرض خـــاص

شريــط «خشخـــاش» لسلمــى بكّــار: فيلـم تونسـي آخــر بإمضاء امــرأة

تونس ـ الصباح

 

اذا كان البعض ينتظر ـ ربما ـ ان يكون فيلم «خشخاش» للمخرجة سلمى بكار ـ الذي سيشاهده غدا الاعلاميون لاول مرة في عرض خاص ـ بداية مرحلة جديدة ونوعية مختلفة في الخطاب السينمائي التونسي فان هذا البعض يكون في رأينا قد تفاءل

 

زيادة عن اللزوم..

 

فما يمكن ان يعد به هذا الشريط التونسي الجديد لن يكون اكثر من اضافة كمية جريئة وشجاعة في قائمة مجموعة انتاجات سينمائية تونسية يمكن  بالفعل ان نصفها ونقول عنها بانها مختلفة ـ فقط ـ لانها بامضاء مخرجات نساء..

 

والواقع ان شريط «خشخاش» الجديد  للمخرجة سلمى بكار ميزته الكبرى ـ في رأينا ـ انه جاء قبل كل شيء ليؤكد وجود «تيار» نسوي في السينما التونسية الجديدة «تتزعمه» وتنشيط في اطاره مخرجات سينمائيات تونسيات شابات ومخضرمات بعضهن يقمن بتونس وبعضهن يقمن بالخارج.. وهي «ظاهرة» نكاد نجزم بان الحركة السينمائية في تونس تنفرد بها، بل قل تتميز بها على نظيراتها في البلدان العربية بما فيها تلك التي تمتلك صناعة سينمائية مثل مصر..

 

فاذا كانت الحركة السينمائية المصرية ـ مثلا ـ على عراقتها  وزخمها لن تستطع ان تفرز سوى مجموعة اسماء لمخرجات ممن اشتهرن على الاقل ـ لم يتجاوز عددهن الثلاثة على اقصى تقدير (انعام محمد علي ـ ايناس الدغيدي ـ على سبيل الذكر) ـ فانه بالامكان بالمقابل تعداد خمسة اسماء على الاقل لمخرجات سينمائيات تونسيات قدمن افلاما شاهدها الجمهور التونسي والعربي والعالمي..

 

فالمخرجة مفيدة التلاتلي التي شاهد الجمهور التونسي وجماهير المهرجانات السينمائية الدولية فيلمها الشهير «صمت القصور» وكذلك فيلمها الثاني «موسم الرجال» تعد عميدة المخرجات التونسيات وهي التي «تقود» على ما يبدو ما اسميناه «التيار النسوي» في السينما التونسية والذي يضم في صفوفه ـ ايضا ـ كل من ناجية الفاني ورجاء العماري وكلثوم برناز (المقيمات بالخارج) وكذلك صاحبة احدث فيلم سينمائي نسوي تونسي ونعني بها المخرجة سلمى بكار..

 

«خشخاش» وسينما المرأة

 

اللافت ان جل الافلام التي جاءت بامضاء مجموعة المخرجات التونسيات المذكورات عالجت بدرجة اولى وبرؤى سينمائية مختلفة قضية الاضطهاد العاطفي والاجتماعي للمرأة في المجتمع.. فالمخرجة مفيدة التلاتلي فعلت ذلك في شريطها «صمت القصور» وكذلك في شريطها «موسم الرجال».. والمخرجة الشابة رجاء العماري فعلت ذلك ـ ايضا ـ في شريطها «الستار الاحمر».. اما المخرجة سلمى بكار ولئن كانت قد خالفتهما في ذلك في شريطها الاول الغنائي والملحمي «حبيبة مسيكة» فانها ومن خلال قصة شريطها الجديد «خشخاش» يبدو انها قررت ان تنضم لـ«نادي» السينمائيات المدافعات من خلال افلامهن عن قضايا المرأة وعن حقوقها الفطرية كانسانة سواء  داخل المجتمع او في اطار مؤسسة الزواج.

 

فشريط «خشخاش» يعرض خطابا سينمائيا عاطفيا ومثيرا لمجموعة مآس نفسية تحياها امرأة في اطار علاقتها الزوجية بسبب تقصير الشريك في اشباع حاجاتها العاطفية.. مما يضطرها الى الادمان على استنشاق نبتة الخشخاش المخدرة في محاولة منها للهروب ونسيان واقع الحرمان العاطفي والجنسي الذي تحياه..

 

في بداية هذه الورقة قلنا ان الذين يأملون في ان يمثل شريط «خشخاش» لسلمى بكار بداية مرحلة جديدة ونوعية ومختلفة في الخطاب السينمائي التونسي انما هم يظهرون في مظهر المتفائلين زيادة عن اللزوم لا على اعتبار ان هذا الشريط التونسي الجديد لا يمكنه ان يصنع «الحدث» السينمائي او ان ياتي راقيا فنيا وابداعيا وانما على اعتبار انه من حيث مضمونه لا نجده يشتغل سينمائيا على قضايا او ظواهر لم يقع تناولها.. فمسألة الاضطهاد العاطفي والاجتماعي والجنسي للمرأة داخل المجتمع «مسألة» اشتغل عليها عديد السينمائيين التونسيين قبلها بما فيهم الرجال من امثال نوري بوزيد في شريطه «بنت فاميليا» وكذلك في شريطه «عرائس الطين» وكذلك عبد اللطيف بن  عمار في شريطه «نغم الناعورة»..

 

ومع هذا فاننا واعتبارا لحرفية ونبوغ المخرجة سلمى بكار فاننا ننتظر ان يفي شريطها الجديد «خشخاش» بكامل وعوده الفنية والجمالية خاصة وان ادوار البطولة فيه يتقمصها ممثلون اكفاء من امثال رؤوف بن عمر وعلاء الدين ايوب وربيعة بن عبد الله.

 

محسن الزغلامي

 

(المصدر: جريدة الصباح الصادرة يوم 12 جانفي 2006)

ليست هناك تعليقات: