٩‏/٩‏/٢٠٠٦

شاعر فرنكفوني يدعو إلى تحديث اللغة العربية

2006/09/08

يكتب الشاعر اللبناني صلاح ستيتية، شأنه شأن العديد من المؤلفين في شمال إفريقيا، باللغة الفرنسية لاعتقاده بأن اللغة العربية ليست على مستوى العصر الحاضر. وفي مقابلة مع موقع قنطرة، دعا المثقفين العرب إلى القيام بدور فعال في تحديث اللغة العربية

أجرى هذا الحوار صالح دياب لموقع قنطرة

[موقع قنطرة] يقول صلاح ستيتي، اللغة العربية هي ببساطة ليست على مستوى العالم المعاصر.

كيف تنظر إلى علاقتك باللغة العربية. وما الذي يمنعك من أن تكتب بها؟

صلاح ستيتية : مع كامل احترامي للغة العربية، ولكن هي ليست على مستوى العالم الحاضر. لذلك أنا كشاعر: إما أن أخلق لغة داخل اللغة العربية، لكي أعبر عن تطور الإنسان العربي الذي أمثله، وإما أن ألتجئ إلى اللغة الأجنبية.

كتاب كثيرون فضلوا العربية، واضطروا إلى تغيير قاموسها بصورة موازية. نجيب محفوظ لغته مليئة بالأخطاء اذا ما فكرنا بسيبويه. وهو لو لم يفعل ذلك لما قرأ ولما ترجمت كتبه، وهو أحد الشواهد على تطور الحضارة العربية المعاصرة. كتاب آخرون ،اختاروا اللغة الأجنبية، وأنا منهم.

وقرر كتاب آخرون الكتابة بلغة أجنبية كما الحال بالنسبة لي.

السبب تاريخي لا أكثر ولا أقل، ويعود إلى الانتداب والاستعمار. كثير من الكتاب العرب تشربوا مضطرين لغة المنتدب أو المستعمر، وكتبوا بلغته، علما أنهم استعملوا لغة المستعمر والمنتدب ليحاربوه بلغته، وليظهروا أنهم أفضل منه، وهم على مستوى راق أدبيا. شئنا أم أبينا اليوم الحضارات منفتحة على بعضها البعض ونحن علينا أن نقبل بهذا الانفتاح.

هل تسمح لك اللغة الفرنسية، بأن تكون أكثر حرية، وتحررا من الكثير من القيود والموانع التي يلاقيها الكاتب باللغة العربية، ناحية المجتمع والسلطات الدينية والسياسية؟

ستيتية : الكاتب العربي الذي يكتب بلغة أجنبية ليس مضطرا إلى القيام بأشياء لا علاقة لها بالكتابة، كالإلتزام بنظم سياسية أو بمعايير دينية. يضاف إلى ذلك أن الكاتب العربي ليس عنده دخل مادي، كما لا تقدم إلى الناشرين أي مساعدات. لا يوجد قراء في العالم العربي. القارئ عندنا هو الأكثر جهلا مقارنة مع قراء العالم. القارئ الفرنسي والألماني يقرأ كتابا سنويا، أما العربي فيقرأ ربع عمود في جريدة، سنويا.

وإذا لم يكن هناك من قارئ، فليس هناك من كتاب. العالم الحديث معقد. وإذا ما أراد كاتب ان يكتب شيئا متحررا، ومطابقا للواقع المعقد، عليه أن يكتب بلغة الآخر التي تصبح لغته. عبر لغة الآخر وعبر الكتب العربية المترجمة إلى اللغات الأخرى يجد الكاتب العربي من يقرأه وينتقده فعلا.

ليس في العالم العربي نقاد. النقد الموجود هو على مستوى مفهوم الإنسان العربي. النقد العربي الذي يكتب في الصحف والكتب نقد وصفي فقط. لا توجد مجلات أدبية مهمة عربيا. الوضع العربي مأساوي حقا.

هل تعتبر الروائيين والشعراء العرب الذين يكتبون بلغات غير عربية كتابا عربا؟ وهل هم أيضا يقع عليهم بعض المساهمات غير المباشرة، ناحية اللغة العربية حتى وان لم يكتبوا بها؟

ستيتية : الكاتب العربي الذي يكتب بلغة كبيرة كالانكليزية أو الفرنسية والبرتغالية والاسبانية يمكنه أن يصل إلى القارئ بسرعة. الكاتب العربي يجب ان ينقل إلى اللغات الأخرى لكي يأخذ مساحة عالمية.

ثمة كتاب عرب كبار في كل اللغات ،الاسبانية والانكليزية والفرنسية والألمانية،يعبرون عما يختلج في ضمير الإنسان العربي ،وينقلون الصورة الحقيقية للأوطان العربية. إنهم سفراء اللغة العربية إلى العالم الخارجي. الكاتب الأصيل لا ينسى أصله ويعود إلى المشاكل الموجودة في عالم انطلاقته

هل ترى ضرورة تفكيك القداسة المسبوغة على اللغة العربية، وكيف يمكن أن يتم ذلك برأيك؟

ستيتية : سعى الشعراء على الخصوص إلى الوصول إلى لغة متحررة والخروج على قداسة اللغة. وهذا يعني ألا تأتي بمرادفات جديدة غير مقبولة قرآنيا وتقليديا، وألا تدخل على اللغة العربية وقواعدها استعمالات شاذة من شأنها أن تحطم مبناها الجليدي، وألا تدنسها بتعابير آتية من لغات أخرى، تخص حضارات خارجة عن دار الإسلام أو كافرة.

شعراء الحداثة العرب هجموا على المبنى الجليل للعربية وقالوا إنهم يريدون فتح الأبواب والنوافذ على العالم الجديد ،أفكارا وشعورا وإحساسا. لا بد أن يكون هناك شيء جديد بالمفردات يعبر عن كل هذه الشؤون الجديدة.

ضف إلى ذلك، عندما كان العرب خلاقين في ميادين الحداثة، أدخلوا الكثير من المفردات الفارسية واللاتينية على العربية، لا بل تبنوا جميع الفلاسفة والمفكرين غير العرب، وضموهم بصورة طبيعية إلى العالم العربي، لإيمانهم بأن هؤلاء الخلاقين، حتى وان كانوا أجانب، فإن نتاجاتهم تخص الإنسانية جمعاء. لنأخذ درسا من هؤلاء القدماء، فلسفيا وعلميا في الفكر العربي الإسلامي، ومن ثمّ في الفكر الإنساني بكامله.

نشر هذا الحوال على موقع قنطرة.

جميع الحقوق محفوظة قنطرة 2006

ليست هناك تعليقات: