١٠‏/٣‏/٢٠٠٦

نسور قرطاج في المونديال


المنتخب التونسي يطمح إلى تقديم أداء قوي ومشرف في نهائيات كأس العالم 2006 ليؤكد المستوى العالي الذي حققته كرة القدم التونسية خلال السنوات الأخيرة. من المؤكد أن المنتخب سيُواجه مصاعب ليست هيّنة في سعيه لتخطي الدور الأولى.




صحيحٌ أن الفريق التونسي فشل في الاحتفاظ بلقب كأس الأمم الإفريقية الذي حققه في بطولة الأمم الإفريقية عام 2004 التي نُظمت في تونس، إلا أن العروض القوية التي قدّمها خلال التصفيات المؤهلة للمونديال عن القارة السمراء أظهرت أن كرة القدم التونسية بلغت مستوى مرموق يُذكّر بالإنجاز الذي حققه التونسيون في نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 1978 في الأرجنتين. استناداً إلى ذلك وإلى الانجاز الكبير والخبرة الواسعة التي يتمتع بها الفريق من خلال مشاركته في بطولة العالم لكرة القدم للمرة الرابعة في تاريخه والثالثة على التوالي، سيتوجه نسور قرطاج إلى ألمانيا بمعنويات عالية وثقة عالية بالنفس آملين في تحقيق النجاح وبلوغ الدور ثمن النهائي الذي عجزوا عن بلوغه في بطولات العالم الثلاث السابقة التي شاركوا فيها.



كيف تأهل نسور قرطاج للمونديال؟



كانت طريق الفريق التونسي إلى مونديال ألمانيا وعرة وصعبة، إذ لم يكُن تأهله للبطولة العالمية بالأمر السهل، لا سيما أن قُرعة التصفيات النهائية في القارة الإفريقية أوقعت المنتخب التونسي في مجموعة تضم منتخبات قوية وعريقة مثل المنتخبين المغربي والكيني إضافة إلى بوتسوانا ومالاوي. وكان من المتوقع أن يشتد التنافس على بطاقة التأهل لأكبر حدث كروي في العالم وينحصر بين المنتخبين العربيين المغربي والتونسي. وهذا بالفعل ما حدث، إذ ظلّت الإثارة قائمة وبطاقة التأهل معلقة بين الفريقين حتى الثواني الأخيرة من اللقاء الحاسم والأخير الذي جمع الفريقين العربيين في تونس والذي انتهى بالتعادل الإيجابي بهدفين لمثلهما، الأمر الذي صبّ في مصلحة الفريق التونسي الذي كان بحاجة إلى نقطة واحدة فقط، خلافاً للفريق المغربي المُضيف الذي كان يتحتم عليه الفوز، إذا ما أراد اللحاق بركب المتأهلين إلى المونديال.



كان التونسيون بدأوا التصفيات الإفريقية للمونديال بفوز كبير على منتخب بوتسوانا بأربعة أهداف لهدف واحد. لكن سُرعان ما مُني نسور قرطاج بهزيمتهم الأولى في مشوارهم الطويل إلى ألمانيا، وذلك ضد غينيا بهدفين مقابل هدف واحد، الأمر الذي نال من معنويات الفريق التونسي وأثار استياء عشاق كرة القدم التونسية الذين أعربوا عن عدم تفهمهم للمستوى الضعيف الذي قدّمه فريقهم بطل إفريقيا 2004 في غينيا. وسادت المنتخب التونسي أجواء حزينة وكئيبة بعد الهزيمة المفاجئة، لكن سُرعان ما عادت الفرحة لتُخيّم على الفريق، وعادت البسمة على وجوه الجمهور التونسي بعد نجاح التونسيين في انتزاع تعادل ثمين من غريمهم التقليدي الفريق المغربي حققوه بشق الأنفس في الدقيقة الأخيرة من المباراة عندما أدرك طلال القرقوري هدف التعادل للفريق الضيف الذي انتزع بذلك نقطة ثمينة كانت في نهاية المطاف حاسمة لبلوغ المونديال. لكن هذا التعادل الثمين على ما يبدو لم يكُن حافزاً قوياً للفريق لمواصلة المستوى المرموق الذي بلغه الفريق. ففي اللقاء الرابع وقع التونسيون في فخ التعادل أمام مالاوي بهدفين لمثلهما.


غير أن هذه المباراة التي أقيمت على أرض الخصم كانت بمثابة إنذار أخير للاعبين الذين أدركوا الأمر وتداركوا الأخطاء التي ارتكبوها وأعادوا إلى أذهانهم العروض القوية التي قدموها في بطولة أمم إفريقيا 2004، إذ استعاد الفريق توازنه ومستواه المعهود ليتمكن من تحقيق سلسلة انتصارات متتالية كان أكبرها الانتصار على مالاوي في لقاء الإياب في تونس بسبعة أهداف نظيفة. كما فاز نسور قرطاج على بوتسوانا بثلاثة أهداف لهدف واحد خارج أرضهم، ثم على كينيا ذهاباً وإياباً وعلى غينيا بثنائية نظيفة قبل اللقاء الحاسم الذي جمع الفريقين العربيين التونسي والمغربي في الـ 8 من تشرين أول/أكتوبر في تونس.



كان لقاء الفريقين بمثابة إعادة للمباراة النهائية لبطولة الأمم الإفريقية التي خسرها الفريق المغربي بهدفين لهدف واحد. هذا يعني أن أسود الأطلس كانوا يسعون إلى الثأر لهزيمتهم في نهائي كأس إفريقيا. لذا دخل الفريق المغربي المباراة رافعاً شعار "لا شيء سوى الفوز"، لا سيما أن المغاربة كانوا يحتاجون للفوز للتأهل إلى نهائيات كأس العالم، بينما يكفي نسور قرطاج التعادل لبلوغ المونديال. اتّسم هذا اللقاء الأخير والحاسم بالندية والإثارة والخشونة منذ صافرة البداية وحتى الثواني الأخيرة. وفي النهاية رجحت كفة التونسيين إثر تعادل الفريقين بهدفين لمثلهما، ما كان كافياً لبلوغ نسور قرطاج بطولة العالم لكرة القدم للمرة الرابعة في تاريخهم والثالثة على التوالي.



تفاؤل مشوب بالحذر بنتيجة قرعة كأس العالم


 


استقبل التونسيون نتيجة قرعة كأس العالم التي أجريت في الـ 9 من ديسمبر/كانون أول 2005 في مدينة لايبزغ الألمانية بتفاؤل حذر. إذ أسفرت القرعة عن وقوع الفريق الوتنسي في المجموعة الثامنة التي تتصدرها إسبانيا وتضم إلى جانب المنتخب الأوكراني المنتخب العربي السعودي. يستهل المنتخب التونسي منافسات الدور الأول في نهائيات كاس العالم بمواجهة الفريق الأخضر السعودي في الـ 14 من يونيو/حزيران على ملعب أليانس أرينا في مدينة ميونيخ. وفي لقائه الثاني يواجه الفريق التونسي نظيره الإسباني في الـ 19 من الشهر نفسه على ملعب مدينة شتوتغارت قبل أن يُقابل الفريق الأوكراني القوي بقيادة النجم الكبير تشيفشينكو في الـ 23 من يونيو على الملعب الأولمبي في برلين لتنتهي بذلك منافسات الدور الأول. وتعليقاً على نتيجة القُرعة قال حارس المنتخب التونسي علي بومنجيل إن فريقه كان محظاظاً نسبياً لأنه لم يقع في مجموعة أكثر صعوبة على غرار بقية الفرق الإفريقية. لذا يرى بومنجيل أن المنتخب التونسي يحظى بفُرص جيدة لتخطي الدور الأول وبلوغ الدور ثُمن النهائي.



أما المدرب الفرنسي روجي لومير فيرى أن القرعة جاءت لصالح الفرق الكبرى ولم تكن لصالح تونس التي عليها مواجهة فريقين عريقين في كرة القدم هما إسبانيا وأوكرانيا. على الرغم من ذلك أكد لومير أن المنتخب التونسي سيبذل كل ما بوسعه وسيحاول استغلال كل فُرصه لتخطي الدور الأول على الأقل.



علاء الدين موسى


ليست هناك تعليقات: