١٩‏/٤‏/٢٠٠٧

:: مركز القـــدس للدراسات السياسية - المقالات::

اختبارات السيدة رايس ولعبة تقطيع الوقت

الجريدةالدستور
تاريخ النشر19 - 04 - 2007
الدولإسرائيل,فلسطين



عريب الرنتاوي

ستعمد سيدة الدبلوماسية الأمريكية إلى توزيع المهام و"الاختبارات" على الفلسطينيين والإسرائيليين حين تلتقي قياداتهم بعد شهر في رام الله والقدس: الفلسطينيون سيخضعون لاختبارات أمنية تتصل بإصلاح الأجهزة وفاعلية الحرس الرئاسي ودوره، والإسرائيليون سيختبرون في مسألة الحواجز والسواتر الترابية ومستوى الحرية التي سيمنحونها للفلسطينيين في الحركة والتنقل داخل مدنهم وبين قراهم.
وكأي اختبارات أخرى، سيحتاج الاختبار الجديد إلى مهلة زمنية لمراقبة التنفيذ وقياس الأداء، تتسع وتضيق، على أن المهلة في الحالة الفلسطينية الراهنة، ستقاس بالأشهر وليس بالأسابيع، وقد ينتهي العام الحالي، وندخل عام الانتخابات المقبل والسيدة رايس مهجوسة بمعبر رفع وتدريب الحرس الرئاسي والخطوات الإجرائية الصغيرة التي لن تفضي إلى أي مطرح، ولن تعدم الأطراف، وبالأخص الطرف الإسرائيلي الحجج والذرائع لتبرير الاستنكاف وتسويق المماطلة في التنفيذ.
الحراك السياسي الأمريكي على المسار الفلسطيني، لم يفتح بعد أي من ملفات عملية السلام الرئيسة، وهو في جوهره نوع من العزف المنفرد على بعض التفاصيل والمسائل الإجرائية، والأرجح أنه يندرج في سياق لعبة تقطيع الوقت التي أتقنتها واشنطن تمام الإتقان، ووظفتها تل أبيب أفضل توظيف لخدمة "الأجندة الأحادية"، وسينتهي هذا الزخم الدبلوماسي المدفوع بالهاجس الإيراني وضرورات احتوائه، إلى المراوحة في المربع الأول، لا لشيء إلا لأن هذا الحراك في الأصل، ما كان له أن ينطلق لولا تنامي الإحساس بما يسمى خطر إيران وحلفائها، واشتداد الحاجة لاسترضاء المعتدلين، عربا وفلسطينيين، لضمان ابتعادهم عن طهران وانضوائهم تحت الراية الأمريكية.
ولهذا لم يكن غريبا أبدا، أن تعاود واشنطن الدخول إلى ميدان الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي من البوابة الأمنية، فالإدارة المحتضرة لا مشاريع سياسية لديها، وكل ما لديها لا يزيد عن مقاربة أمنية، تنطلق من تدعيم سلطة عباس وحرسه الرئاسي عدة وعتادا وعديدا، وخلق قوة فلسطينية منظمة ومدربة قادرة على قمع حماس واحتواء نفوذها الذي لم يتناقص برغم مرور أزيد من سنة على الانتخابات والعقوبات والحصارات.
والإدارة التي تمر في الهزيع الأخير من ولايتها، لم تعد تتقن فن التعلم، حتى من دروسها الخاصة القاسية في العراق وأفغانستان، حيث فشلت جميع المقاربات الأمنية في معالجة هذه الملفات، برغم الاحتلال الكامل لكلا البلدين وإعادة احتلالهما مرات ومرات خلال السنوات الأربع أو الخمس الفائتة، وحيث القبضة الأمريكية تتهاوى هنا وهناك لصالح قوى أصولية وحركات مذهبية وطائفية وقوى مقاومة وشعوب غاضبة، أما حلفاء واشنطن وفرسان الرهان الذين عقدت عليهم الرهانات وعلقت الآمال، فهم في وضع صعب: المالكي والطالباني والهاشمي يبحثون عن مخارج لدى خصوم الأمس من كبار البعثيين، وحامد قرضاي ينشد التوسط مع طالبان عند عبد السلام ضعيف ؟!.
حراك دبلوماسي يبدأ من تجريب المجرب، سينتهي لا محالة إلى الطريق المسدودة ذاتها...ألم يجرب الفلسطينيون والإسرائيليون الحلول المرحلية وعمليات بناء الثقة وسياسة الخطوة خطوة؟...حراك سياسي يبدأ بالأمن من دون أفق سياسي سينتهي إلى أفق مسدود، فالفلسطينيون الذين اكتووا بنار النهايات المفتوحة للمفاوضات يريدون معرفة خط النهاية هذه المرة.

:: مركز القـــدس للدراسات السياسية - المقالات::.

ليست هناك تعليقات: