٩‏/٢‏/٢٠٠٦

شخصيات ألمانية بارزة | 06.02.2006


عمانوئيل كانط ـ فيلسوف المثالية والسلام الأبدي


كانط: إعمال العقل ضرورة حياتية


Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: كانط: إعمال العقل ضرورة حياتية



يعد الفيلسوف الألماني كانط من أهم آباء الفلسفة المعاصرة فهو أول من شدد على ضرورة التفريق الصارم بين الأخلاق كمنظومة قيمية تربوية وبين الدين. كما يعد كانط رائد السلام الأبدي الذي يهدف إلى تأسيس منظومة عالمية لحفظ السلام



يرتبط اسم الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط، الذي يعتبره البعض بمثابة أكبر فيلسوف عرفته أوروبا منذ قرنين على الأقل، ارتباطا وثيقاً بندائه الشهير الذي استهله بعبارة "اعملوا عقولكم أيها البشر."، التي يعد من أهم شعارات حركة التنوير الأوروبية التي أعادت الاعتبار إلى سلطة العقل وأوليته، علاوة على تأكيدها على ضرورة احترام فردية كل إنسان واستثمار تنوع المواهب البشرية بعيداً عن الإرث الجماعي التقليدي. وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الصيحة الكانطية عبرت بشكل واضح عن النقلة النوعية التي شهدتها أوروبا آنذاك في القرن الثامن عشر في عصر التنوير. وعلى هذا النحو ساهم كانط في تبديد غياهب ظلام العصور الوسطي المحيطة بالعقول.



طفولة متواضعة



صورة مرسومة لفيلسوف الأخلاق Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : صورة مرسومة لفيلسوف الأخلاقولد كانط في مدينة كونيغ سبيرغ في شمال ألمانيا التي تعد اليوم جزءاً من روسيا يوم 22 أبريل من عام 1724 في عائلة فقيرة. وتعرف على مكارم الأخلاق منذ نعومة أظفاره عن طريق والدته، الشيء الذي ترك تأثيراً كبيراً في كتاباته ورؤيته للعالم فيما بعد. وحصل هذا الفتي اليافع على شهادة الدكتوراه في الفلسفة ليصبح فيما بعد أستاذاً في الجامعة. ثم انخرط في مطالعات فكرية مكثفة شملت نيوتن وهيوم وبالأخص الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الذي وضعته أعماله على الطريق الصحيح، لأن روسو ركز على أولية الأخلاق ووضعها في مرتبة تفوق العلم والدين. ثم تدرج كانط في المناصب الجامعية حتى أصبح عميداً لجامعته بين عامي 1786 و 1788. وفي أثناء ذلك نشر أهم المؤلفات الفلسفية في عصره كنقد العقل الخالص، ونقد العقل العملي.




ماهية عصر التنوير



أطروحة السلام الأبدي لكانط لم تفقد من أهميتها حتى اليوم Bildunterschrift : Groكansicht des Bildes mit der Bildunterschrift : أطروحة السلام الأبدي لكانط لم تفقد من أهميتها حتى اليومأجاب عمانوئيل كانط عن السؤال الجوهري الذي يستكشف ماهية عصر التنوير بقوله:" إنه خروج الإنسان عن مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد." كما عرَّف القصور العقلي على أنه "التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو السلوك في الحياة أو اتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا." ومن هذا المنظور جاءت صرخته التنويرية لتقول: "اعملوا عقولكم أيها البشر! لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم! فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب. تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر. فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها. لكن كانط لم يفهم التنوير نقيضاً للإيمان أو للاعتقاد الديني، وإنما شدد على أن "حدود العقل تبتدئ حدود الإيمان". كما حذر من الطاعة العمياء للقادة أو لرجال الدين كما حصل في دولة بروسيا لاحقاً.



نحو السلام الأبدي



نصب تذكاري لكانط في مسقط رأسه، كاللينينغراد Bildunterschrift : نصب تذكاري لكانط في مسقط رأسه، كاللينينغراد بلور كانط مفهوما جديداً من نوعه لطبيعة العلاقات بين الدول على أرضية تقوم على القانون الدولي، كما سعى إلى إقامة السلام الدائم بين الشعوب عن طريق عدم اتخاذ الإنسان وسيلة وإنما دائماً غاية، وهو ما يعني إحترام الكرامة الإنسانية لدى الآخر بأي شكل كان. وانطلاقا من هذا المفهوم الذي يرى أن تحقيق السلام لن يتم إلا عبر تغيير الإنسان وتربيته أخلاقياً بهدف جعل الحرب أمراً مستحيلاً. يذكر أن هذه النظريات الفكرية المثالية أدت لاحقاً إلى تشكيل عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى من أجل حل الصراعات بين الدول على أساس القانون الدولي. وفي النهاية أدت أطروحاته التي لم تفقد أهميتها حتى الوقت الحاضر إلى تطوير عصبة الأمم لتتحول إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.




لؤي المدهون


ليست هناك تعليقات: