١٩‏/٦‏/٢٠٠٦

مجلة الملاحظ التونسية

ملفات
المثقفون وكرة القدم :عندما يندسّ الأنـف في ما يعني
 
هل أنّ المثقف هذه الأيّآم معني بالاهتمام بكرة القدم كحدث كوني ؟ هل أنّ هذا الاهتمام ظرفي ؟ هل ينازع السياسي في الرعاية والاستقطاب، أم أنّ كرة القدم ترف ولعب في الوقت الضائع ؟ أسئلة نطرحها على مثقفين عضويين ومهمّتهم بالأساس هي التفكير والاستنباط، والبحث عن معنى غير متداول في مبنى نصّي مفتوح. هذا المثقف قد يكون مثقفا كذلك وبذلك بقدر جهله بالكرة. وهو على حسب آدم فتحي الشاعر بالوجود وبالكرة يقيس مدى ثقافته بما تتركه الكرة في ذهنه من فراغ، فراغ مقصود ومتقصّد. الكرة قد توحّد المعارض بالموالي حسب رأي عبد الحفيظ المختومي.والمختومي مثل آدم فتحي وعبد الجبار العش وآخرين مع الفليسوف الشاب سليم دولة يدلون بدلوهم الذي لا ينضب في عدّة مسائل تقع في ألمانيا بيكنباور وكلينسمان لكنّها تهمّ كذلك المستهلكين للمتعة الكرويّة في العالم فماذا قال المثقفون عن الكرة المدوّرة ؟



عبد الحفيظ المختومي

لقاء المعارض بالحزبي




''كرة القدم'' في عصر العولمة دائما... جنون مطلق، وجنون الكرة ''هو ليغانس'' و''أمن وطني''، ومناخات وأعصاب ودوار... ودواخ.. وبكاء على الوطن... وعلى وطنيّة وطنيّة جدّا... أيعقل أن نفكّر لساعة ونصف وبعض نصف الساعة إن كان لنا حظّ الزمن الضائع بأحذية أحد عشر لاعبا لا يعرف أكبرهم وأوسطهم وأوسط أصغرهم همّي وهمّك وهمّ الوطن أصلا ؟ ومن العقل الضائع في عقلانيّته والتي أنهكته أسئلة العقل العاقل : أيمكن أن يوحّد فريق وطني -أي فريق وطني في العالم- بين النظام والمعارضة في تسامح رياضي جميل باسم ''الوطن'' و ''الفريق الوطني'' ؟ !

وأن تقول ''فريقا وطنيّا'' هو القول بأنّه فريق ينوب الوطن : من أفقره إلى أغناه، ومن صعلوكه إلى الساهر على المنضبط لإشارات السلطة والوعي المقموع.. أليس هذا من مفارقات الوطنيّة والرياضة و''الفريق الوطني'' و ''كرة القدم'' الوطنيّة أن ينسى الحزبي والمعارض ولو لحين أحقادهم الطبقيّة والسياسيّة ؟ في ''البوسنة'' أو ''دارفور'' أو ''هنولولو'' لتتصالح جميع الألوان والأديان والدماء والسماوات ؟ ؟ انسحابنا بتعلّق زائف لوطن مهموم.

- المثقف من حقّه أن يشاهد مقابلة بل مقابلات في كرة القدم .- المثقف من حقّه أن يستريح من ثقافته للحظة أو لزمن ليستردّ حقّ رؤيته الأشياء -ولو في الكرة- جماليّا، انفعاليّا، وطنيّا، صراخا، مرضا، هيستيريا... - المثقّف من حقّه أن يصرخ لكرة ضائعة كادت تكون هدفا لوطنه في شباك المنافس ولو كان شقيقا -وهل في عصر العولمة أشقّاء- ؟

لكن المثقف -سدادة الفراغات- عليه أن يعي مسألتين، لما له من الوعي ما لا يزيّف وعيه، وله من الوعي : أنّ كرة القدم كأيّ تزييف وعي آخر، هي وعي مقلوب لثقافة كان عليها ألاّ تكون هجينة. ولكي لا يصبح الوعي الواعي وعيا مقلوبا، عليه -المثقف- أن يدرك أنّ ''الكرة المدوّرة'' لن تدوّر وعيه.



عبد الجبّار العش

وسيلة للتناحر والاستثمار


يقال إنّ ''الرياضة هي مدرسة الحياة''، أعتقد أنّ هذا القول ينطبق على من كرّس حياته للرياضة، وللرياضة تحديدا. أمّا المثقّف... المبدع، فإنّ مدرسته هي الحياة ذاتها. والرياضة كنشاط حرّ... حيث يحتفل الجسد ويتحرر من كلّ قيد... فسحة لا مناص منها لجسد المبدع المنهك... يعود من خلالها إلى البدائيّ فيه، إلى متعة اللعب... في ملمحه الطفولي. إنّها شكل من أشكال استعادة الطفولة الهاربة.غير أنّ الرياضة في شكلها المقنن -أكاد أقول المعولم-، صارت في عديد النشاطات وسيلة للتناحر وللاستثمار الوحشيّ ولبيع الأوهام وهم الثروة مثلا. لقد صارت الرياضة مجالا للخداع : تعاطي المنشطات على سبيل الذكر، أو التزوير : بيع وشراء النتائج صارت سوقا للنخاسة الحديثة : صفقات النجوم وأحيانا، أفيونا.. ومسكّنا في البلدان المتخلّفة سياسيّا واقتصاديّا... فعن أيّة رياضة نتحدّث تحديدا ؟



من ماركيز إلى درويش :فتنة الكرة، غواية اللاعب

أكثر من رمز من رموز الأدب العالمي الذين شهد لهم القاصي والداني بسلامة اختياراتهم وإضافاتهم للمشهد الإبداعي الكوني دسّوا أنوفهم في لعبة الكرة وفتنهم سحر اللاعب وغوايته. ومن هؤلاء الأديب الكولمبي قابريال قارسيا ماركيز الذي انبهر بأبناء أمريكا اللاتينيّة وبعازفي الصمبا على إيقاع الكرة في البرازيل التي أنجبت ''الكيميائي'' كويلهو. أمّا محمود درويش فقد كان منبهرا بآداء دياغو مارادونا وحبّر لأجله مقالا تحدّث فيه عن سحر اللاعب وجمال اللعبة التي تستقطب الملايين التي لا يستقطبها الكاتب. فأيةّ علاقة بين اللاعب والكاتب ؟


 

ليست هناك تعليقات: