٦‏/٢‏/٢٠٠٦

تجديد الكتابة المسرحية

تجديد الكتابة المسرحية
خالدة سعيد الحياة - 05/02/06//
عصام محفوظ رائد المسرح اللبناني الحديث على مستوى التأليف. كان، هو المتحرك بين الشعر والمسرح، اول الداعين الى الابتعاد عن اللغة الشعرية، ومن خطا اول خطوة كبرى في لبنان لفصل النوع المسرحي عن النوع الادبي. إنه كاتب اول مسرحية قابلة للعرض على الخشبة تتعامل مع القضايا والمواقف الانسانية والفكرية التي صدرت عنها الحركة الحديثة، من دون ان يجيء ذلك من خلال العبارة الادبية والتعبير المجرد، بل من خلال المشهد والموقف المسرحي وبناء الشخصية وعلاقات الشخصيات في ما بينها وبناء المشاهد. لذلك من الطبيعي ان يكون صاحب البيان المسرحي الحديث رقم واحد. انه البيان الذي نشره في مقدمة مسرحيته الاولى والرائدة الزنزلخت.
مشهد من «الزنزلخت» كما أخرجتها عبلة خوري في تسعينات القرن العشرين

يقول محفوظ في هذا البيان مشيراً الى الزنزلخت: «ولم تكن فقط تأييلاً وتركيزاً للتفتحات الشكلية الاخراجية في المسرح اللبناني، تأكيداً دعم هذه التفتحات واعطاها مداها اللبناني، بل كانت معركة ايضاً / ضد الاتفاق / ضد التقليدية / ضد التفاهة / ضد الكسل / ضد اللامسرح / معركة جعلت منها حداً فاصلاً بين النص الادبي والنص المسرحي (...) دافنة هكذا بحس مستقبلي كل النصوص اللبنانية المقبلة التي ستكون مربوطة بالتقليد السابق (...) انا ضد الشعر في المسرح. كشاعر أقول هذا، متحسساً الموقف الشعري في اصطدام اليومي بالمطلق / الحياة الصغيرة بالحياة الكبيرة».
لا شك في ان لغة هذا البيان تتميز بالتطرف الذي هو سمة البيانات اجمالاً. وسيوضح محفوظ في مناسبات لاحقة ما يقصده بقوله: «ضد الشعر وضد الفكر في المسرح»، لا سيما ان مسرحية الزنزلخت هي المحصلة الاخيرة مسرحية شعرية وفكرية. غير ان شعريتها لا تقوم على العبارة البلاغية الرنانة والحوار المنمق بل تنتمي الى الخشبة. ضد ذلك النوع الادبي الذي عرف بين العشرينات والخمسينات، وظهرت منه اعمال كبرى في المعيار الشعري. اما في قول محفوظ انه ضد الفكر فكان يشير الى الاعمال التي تتخذ المسرح وسيلة لعرض الافكار او تكتب بناء على اطروحة فكرية كمسرحيات كامو وسارتر.
كتب محفوظ مسرحياته باللغة المحكية، وباللهجة اللبنانية تحديداً. وكان من اوائل الداعين الى لغة مسرحية تشبه لغة الحياة اليومية بدل ان تشبه لغة الكتب. وقد دافع عن دعوته هذه في كل مناسبة، واعتبر اعتماد اللغة المحكية في المسرح جزءاً من فصل المسرح عن النوع الادبي، وشرطاً من شروط تكريسه كلغة مشهدية مستقلة مبنية على الموقف والعلاقة والحركة.
من كتاب «الحركة المسرحية في لبنان 1960 – 1975، تجارب وأبعاد (مهرجانات بعلبك الدولية)

دار الحياة.

ليست هناك تعليقات: